معوّقات الخطاب الدعوي
معوّقات الخطاب الدعويما يقف حائلاً دون تحقيق الخطاب الدعوي الإسلامي تأثيره المناسب، بل ويمثّل حاجزاً دون تحقيق أهدافه ومقاصده، ومن تلك المعوّقات:
الخطاب الدعوي
1 - الاستبداد الفكري أو السياسي.
فالوثنية، والصنمية، والتقديسية، كلّها مفاهيم تلهب عقل الداعية، وتحاصر قناعته 77، وتحوله من الالتزام القائم على الاقتناع إلى الالتزام القائم على الخوف.
إنّ الداعية الإسلامي قد يصطدم بهذا في حقله التنظيمي، وقد يجده في منظومة
القوانين التي تحدّد عمله الوطني، وقد يواجه ذلك في شكل جماعات ذات قناعات معيّنة، أو نفوذ مالي وسياسي، وكلّ هذه النماذج غالباً ما تمثّل استبداداً عائقاً دون أداء الخطاب الدعوي الإسلامي لمهامّه على أكمل وجه، وهو ما ينعكس سلباً على ثقافتنا الإسلامية بطمس وجهها الناصع ومحو منهجها المقنع.
2 - الاتّباعية بدل الإبداعية.
إنّ استقلالية الداعية في فكر وما تأتيه من مواقف لا يخشى فيها إلّااللّٰه هي الضامن الحقيقي للأخذ بيد المدعوين لتحقيق استقلاليتهم أيضاً وإثبات وجودهم وشخصيتهم.
فمن الآفات المستبدّة بالمجتمعات المسلمة هذه التبعية بدل الإبداعية، وهي ما سمّاها أبو حامد الغزالي ب «ذهنية القطيع»، ذهنية القطيع هذه عندما تستبدّ بعقل ما تعيقه عن الإبداع وتجعل منه «إمّعة» تضع كلّ قناعاته ومنتوجات عقله في سلّة اللامعقول!
وبالموازاة مع هذه الاتّباعية هناك ما يسمّيه الداعية الإسلامي المغربي عبدالسلام ياسين «الغثائية»، فالغثائية هي هذا «الغاشي» بلهجة أهل الجزائر والذي لا جدوى منه؛ لأنّه فقد أهمّ خاصّية فيه، وهي الإرادة العقلية، فتوقّف عن تخطيط حياته، أو المساهمة في صنع مصيره، ومن هنا تبدأ مهمّة الداعية بتخليص هذه الفئة المسحوقة من هذه المعاناة العدمية كما يقول الفلاسفة، وتمكينها من تجاوز سطحيتها إلى البحث عمّا في أعماقها من كنوز.
3 - الغلوّ والتنطّع.
إنّ ممّا بات مسلّماً به أيضاً لدى بعض دعاة الخطاب الإسلامي شيوع ما يسمّيه المفكّر الجزائري مالك بن نبي بالأفكار «المميتة أو القاتلة».
وأخطر آفة من هذه الأفكار القاتلة الغلوّ الديني، والغلوّ الحزبي، والغلوّ الطائفي أو العقدي، وكلّها قنابل موقوتة توشك أن تقضي على كيان الأُمّة.
وما نصطدم به عند بعض الدعاة من الغلوّ استغلال منبر الدعوى لتخويف الناس وترهيبهم بمختلف الوسائل، وهو ما أدّى إلى الكوارث التي مازلنا نعاني تبعات محنتها.
إنّ مهمة الداعية الإسلامي بدعوته أن يأخذ بيد المدعو إلى شاطئ النجاة، وأن يزيل عن عقله غشاوة الأُميّة بجميع ألوانها والجهل بمختلف مستوياته، وتحصين الذات ضدّ كلّ ألوان «الفيروسات» المفقدة للمناعة الحضارية، وبذلك يتقوّى الطالب والمطلوب والداعية والمدعو، فيتحقّق هدف الخطاب الدعوي في أنبل وأسمى وأدقّ معانيه.