مصطفى جمال الدين
الاسم | مصطفى جمال الدين |
---|---|
الاسم الکامل | الدكتور مصطفى بن جعفر بن عناية اللَّه بن حسين بن علي بن محمّد جمال الدين |
تاريخ الولادة | 1928م / 1347هـ |
محل الولادة | محافظة ذی قار / العراق |
تاريخ الوفاة | 1996م / 1417هـ |
المهنة | عالم، أديب، شاعر، داعية وحدة |
الأساتید | الشیخ محمدرضا العامري، الشيخ ابراهیم الکلباسي، السيد الخوئي |
الآثار | الاستحسان... معناه وحجّيته، الذكرى الخالدة، عيناك واللحن القديم، الانتفاع بالعين المرهونة، جميل بثينة |
المذهب | شیعی |
الدكتور مصطفى بن جعفر بن عناية اللَّه بن حسين بن علي بن محمّد جمال الدين:
عالم، أديب، شاعر، داعية وحدة.
ولد في (قرية المؤمنين) وهي إحدى قرى سوق الشيوخ (أحد أقضية محافظة
ذي قار) بالعراق بتاريخ 11/ 5/ 1928 م.
درس السيّد مصطفى في كتاتيب قرية المؤمنين ومن ثمّ الابتدائية في ناحية كَرمة بني سعيد، وما إن أكمل المرحلة الرابعة حتّى انتقل إلى النجف الأشرف، وعُرف عنه النبوغ المبكّر والذكاء الحادّ، فدرس العلوم الحوزوية، وأكمل مرحلة السطوح، وأخذ عن الشيخ محمّد رضا العامري وغيره، واتّصل بالشيخ محمّد أمين زين الدين، ودرس عند الشيخ إبراهيم الكلباسي، وانتقل إلى مرحلة الخارج في بحث السيّد الإمام الخوئي قدس سره، حيث كتب تقريراته في الأُصول والفقه.
عُيّن معيداً في كلّية الفقه؛ لاحتلاله المركز الأوّل بين طلبتها الناجحين، وذلك في عام 1962 م. وبعد أن أصبح مدرّساً في الكلّية قدّم كتابه «الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة» وأخذ يدرّسه.
سجّل في مرحلة الماجستير عام 1969 م بجامعة بغداد، وقدّم رسالته بعد سنوات ثلاث عن «القياس... حقيقته وحجّيته»، فمنح الشهادة بدرجة جيّد جدّاً، وطُبع كتابه في عام 1972 م، فعُيّن بعد حصوله على الماجستير مدرّساً في جامعة بغداد بكلّية الآداب.
ذاع صيته عربياً ودولياً، وأصبح علماً عراقياً بعد اشتراكه في المهرجان الكبير بمؤتمر الأُدباء الذي عُقد في بغداد عام 1965 م بقصيدة «بغداد»، حيث فاجأ الحاضرين بتلك القصيدة الرائعة.
بعد نكسة حزيران عام 1967 م كان صوته هادراً، حيث عُقد مؤتمر الأُدباء ببغداد عام 1969 م، حتّى أنّ الأُستاذ أنيس منصور قال عبارته: «خدعنا بمظهره»! كان يتوقّع من في القاعة أنّ هذا الشيخ رجل الدين يقول مرثية على أُسلوب الشيوخ والخطباء،
وإذا به يصدح ويتقدّم على جميع الشعراء المشتركين بقوله:
لملم جراحك واعصف أيّها الثار
ما بعد عار حزيران لنا عار
وخلّ عنك هدير الحقّ في إذن
ما عاد فيها سوى (النابال) هدّار
حصل على شهادة الدكتوراه بتقدير ممتاز عام 1974 م في قسم اللغة العربية عن
رسالته الموسومة ب «البحث النحوي عند الأُصوليّين».
هاجر من العراق عام 1981 م إلى الكويت، ومنها إلى لندن، ومن ثمّ إلى الكويت مرّة أُخرى، واعتقل في الكويت عام 1984 م، وأُودع السجن نتيجة لوقوف الكويت مع صدّام في حربه ضدّ الجارة المسلمة إيران، فخيّروه ومن معه بين قبرص وسوريا، فاختار شاعرنا سوريا.
وافاه الأجل بعد مرض عضال لم يؤثّر على همّته العالية حتّى آخر يوم، وهو يوم الأربعاء 23/ 10/ 1996 م، و حينما زاره مدير المشفى وسأله عن حاله، ورغم أنّ رأسه كان يضمّ كلّ أوجاع العالم إلّاأنّه أجاب المدير: «الحمد للَّه، إنّي بصحّة جيّدة»، ودفن في دمشق.
من مؤلّفاته: الاستحسان... معناه وحجّيته، الذكرى الخالدة، عيناك واللحن القديم، الانتفاع بالعين المرهونة، جميل بثينة.
وفي إحدى قصائده وفي التفاتة رائعة منه يدعو الأُمّة إلى العودة الحضارية بذهنية منفتحة غير مقيّدة بالمذهبية والطائفية. ومهما تعدّدت المذاهب فالمسير واحد،
واختلاف النظر يصقل العقول، بينما العقل المنفرد يصدأ. وتعدّد منائر الهداية ليس فيه خوف، بل الخوف أن يبني فريق بحطام آخر، أي: أن يبني نفسه على حساب هدم الفريق الآخر.
والخوف من مداهنة العدوّ، والخوف من استيقاظ العنصرية والطائفية. ويقف عند الطائفية واصفاً إيّاها بأنّها أسوأ ما سعى الأعداء فينا، وأنّ رمز الطائفية (وربّما يقصد بريطانيا) أصبح قبلة للطائفيّين، وأنّه راح يغمز في أحساب أتباع أهل البيت واصفاً إيّاهم بأنّهم من الفرس أو من الهند.
يقول:
عودي لأمسك تركبي طرق الهدى
فالأرض سهلٌ والركائبُ حُشَّد
وأمام عينك حاضر متقدّم
فيه من الرشد الوفيرُ الأجود
فتخيّري ما تشتهين وجدّدي
هِمَماً تكادُ من التغرّب تهمدُ
وتعدّدي طرقاً فلا توهي السُرى
سعة (المذاهب) والمدى متوحّد
فالرأي تصقله العقولُ تخالفت
نظراً وقد يُصديه عقلُ مُفرد
والخوف ليس بأن نكون منائراً
شتّى تضيء لنا السبيل وتُرشدُ
الخوفُ أن يبنى فريق مسلم
بحطام آخر مثلهُ يتبدَّد!
والخوفُ من لقيا عدوّك شاهراً
لأخيك صارمَ حقده فتمجد
والخوفُ أنّ (العنصرية) هوَّمت
زمناً فأيقظها الدمُ المتسورَدُ
والخوفُ أنّ (الطائفية) تبتني
أعشاشها بين العقول فنحمدُ
ونطيرُ أسراباً نرفرفُ حولها
ونعبّ فضل دمائنا ونغرّد
يا قوم حسبكم التفرّق في المدى
فاليلل طاغ والضياعُ معربدُ
والطائفية- وهي أسوء ما سعى
أعداؤكم فيه- تُصان وتُعضدُ
ويكاد (رمز الطائفية) وهو من
تدرون بغضاً للتديّن يُعبد
ما انفكّ يَلمز من ذُرى أحسابنا
حَنقاً، ف (يُعجمنا) لكم أو (يُهند)
وتثور في نفس الشاعر عزّة الانتماء العربي إلى موطنه، فدمه يتفصّد (يتفجّر) ممّا به من دم العرب الأصائل (دارم ومجاشع)، وروحه تغمرها حضارة الإسلام، وهو من أبناء الفتوح والمقاومة... من القادسية (الفتح الإسلامي لإيران) حتّى الشعيبة (مقارعة البريطانيّين).
ولماذا يعامل أتباع أهل البيت هذه المعاملة الطائفية؟ لقد قامت الدنيا ولم تقعد بسبب زعم محرقة اليهود، فلماذا السكوت أمام هدم مثوى أئمّة أهلالبيت؟ ولماذا تركتم إسرائيل تعيث في الأرض فساداً، واتّجهتم إلى كربلاء والنجف لتدميرهما؟!
يقول:
نحن العراق شموخُهُ وإباؤهُ
وكريم ما أعطى بنوهُ وأنجدوا
عُرُبُ تكاد عروقُنا ممّا بها
من (دارمٍ) و (مجاشعٍ) تتفصَّدُ
وجرى بنا الإسلامُ سَيلَ حضارةٍ
وتمدّنٍ يُرغي هُداه ويُزبدُ
وامتدَّ وهجُ (القادسيّة) من دما
آبائنا حتّى (الشُعيبة) يشهد
أتكونُ محنتنا؛ لأنّ قلوبنا
من نبع آل محمّد تتزوّد؟!
ويكون عذر بني أبينا أنّهم
خدعوا ببارق ما يقول فأرعدوا؟
هبكم صدقتم ما تنطع فيه من
حرق اليهود منافقُ متهوّد
أفتسكتون وقد أحال خرائباً
مثوى الأئمّة جيشه المستأسد
حتّى كانّ بكربلاء (حائط المبكى)
وفي النجف (الكنيستُ) يُعقَدُ!
وفي القصيدة استحضار للماضي للانطلاق منه إلى المستقبل، حيث ترى ما تحقّق في الماضي من ازدهار حضاري كان بسبب ما في الشريعة (قرآن وسنّة) من عناصر نهوض حضاري، وهذه العناصر هي قائمة بين ظهراني المسلمين، ويمكن استئناف مسيرة الحضارة على أساس من ذلك الماضي التليد، واستلهاماً من القرآن والسنّة.
وهي تستنهض شعور الأُمة وتعقد الأمل على مستقبل وضيء، وهي تحمل هموم العراق وهموم الأُمّة الإسلامية.
إنّ دالية جمال الدين ترى أنّ تعدّد المذاهب لا خوف منه، بل الخوف من الذاتيات والأنانيات التي تتمترس خلف هذا المذهب أو ذاك لتخاصم مَنْ سواها، الخوف من التعصّب العنصري والطائفي، وهي نظرة حضارية للتعدّدية المذهبية.
وهي تؤكّد ما وراء الفتن الطائفية من يد معادية تحاول الانتقام من أتباع أهل البيت.
ومنها نستنتج أنّ العامل الأساس في إثارة الفتنة الطائفية في العراق هم البريطانيّون، سعوا إلى ذلك قبل احتلالهم العراق، ومارسوا ذلك إبّان احتلالهم بقوّة، وحين واجهوا مقاومة النجف اضطرّوا إلى الانسحاب من العراق، ولكن بنيّة الانتقام، فوضعوا للحكم الملكي خطّة تكرّس الطائفية في الحكم، وتواصل هذا التكريس على مرّ الأعوام التالية. وإذا زال هذا الاحتكار الطائفي بعد سقوط نظام صدّام فإنّ التفرقة الطائفية لاتزال تمارس بقوّة على يد المحتلّين وبمساندة قوى إقليمية، لكن صوت النجف يبقى صوتاً يدعو إلى
الوحدة والوئام ونبذ الطائفية سواء على مستوى المرجعية أم على صعيد المفكّرين والأُدباء والمثقّفين.
المراجع
(انظر ترجمته في: شعراء الغري 11: 345- 364، معجم المؤلّفين العراقيّين 3: 303، معجم رجال الفكر والأدب 1: 362، المنتخب من أعلام الفكر والأدب: 657، إتمام الأعلام: 438، معجم الشعراء للجبوري 5: 387- 388).