معوّقات الذات
معوّقات الذات ما يصدر عن فئات من المسلمين من أقوال أو تصرّفات أو ممارسات أو مواقف تتعارض كلّياً أو جزئياً مع الثوابت الإيمانية والأُصول والكلّيات الشرعية والمقاصد والغايات الإسلامية، ممّا من شأنه أن يضرّ بوحدة الأُمّة.
ويمكن حصر معوّقات الذات التي تحول دون وحدة الأُمّة الإسلامية فيما يلي:
1 - تضخيم الاختلافات المذهبية والنفخ في الروح العنصرية والنعرة الطائفية التي سمّاها الرسول صلى الله عليه و آله ب «الجاهلية»، ممّا يؤدّي إلى تفشّي ظاهرة تكفير أهل القبلة، وتأليب المسلمين بعضهم على بعض.
2 - استغلال الخلافات السياسية واتّخاذها ذريعة لتأجيج نار الفتنة وزرع بذور الشقاق والتفرقة، سواء داخل البلد الواحد، أو بين طائفتين من المؤمنين مختلفتي المذهب،
أو على صعيد دول العالم الإسلامي بعضها ببعض.
3 - استفحال الفهم الخاطئ للأحكام الشرعية وللتعاليم الدينية، وتراجع تأثير الثقافة الإسلامية الصحيحة المعتمدة على كتاب اللّٰه وسنّة رسوله الكريم أمام الثقافة المغشوشة التي تسري في جلّ المجتمعات الإسلامية سريان النار في الهشيم.
4 - إيثار لمصالح الضيّقة على المصالح العليا للأُمّة الإسلامية التي تتمثّل في تقوية الكيان الإسلامي، وتعزيز التضامن والتعاون بين المسلمين في كلّ مكان، والسعي من أجل النهوض باقتصاديات العالم الإسلامي، ودعم التنمية الشاملة المستدامة.
5 - الاستجابة للسياسات الغربية التي ترمي إلى قطع الأواصر بين الأُمّة الإسلامية
الواحدة، وإبقائها في حالة عجز وضعف أمام غطرسة القوى المهيمنة على مقاليد السياسة الدولية، والتحرّك في إطارها بعيداً عن التوجّهات الرئيسة للعمل الإسلامي المشترك وأهدافه الرامية إلى الحفاظ على استقلال سيادة الدول الأعضاء من خلال تعزيز التضامن الإسلامي.
6 - استشراء الفساد في الجسم الإسلامي، وهو فسادٌ عامٌّ يتّخذ أشكالاً متنوّعة، وله مستويات متعدّدة: فساد في إدارة الشؤون العامّة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وخلقياً،
وفساد في الأفكار والرؤى والتصوّرات للأوضاع القائمة وللمشاكل المتفاقمة وللتحدّيات التي تواجه الأُمّة في حاضرها وفي مستقبلها، وهو إلى ذلك فساد يجد من القوى الأجنبية الطامعة في مقدّرات الشعوب دعماً وتزكيةً وتشجيعاً.
وتوجد هناك معوقات أُخرى تنبع من الذات، سواء على مستوى الأفراد والجماعات، أو على مستوى الدول، ممّا يمكن تسميته ب «الأمراض النفسية» أو «العوامل الذاتية» الناتجة عن ضعف الوازع الديني من جهة، والوقوع تحت تأثير الدعاوى الباطلة والرؤى القاصرة والمعتقدات التي لا أساس لها من صحيح الدين من جهة ثانية. وهي «أمراض نفسية» تتطلّب العلاج بالتوجيه السديد وبالموعظة الحسنة وبالإرشاد الحكيم الذي ينير الأذهان، ويصحّح المفاهيم، ويفنّد الشبهات، ويدحض المفتريات التي تروّج في الأوساط العامّة التي تفتقد القدوة الحسنة والمثل الحي الذي تتجلّى فيه تعاليم الإسلام السمحة وحقائقه المشرقة الناصعة.
إنّ معوّقات الذات التي تتسبّب في إضعاف الكيان الإسلامي الكبير - والتي هي في الواقع «أمراض نفسية» تحتاج إلى العلاج - تندرج في فرع من علم النفس يعرف في المحافل العلمية بعلم النفس السياسي. وقد أثبتت الدراسات المتخصّصة في هذا الفرع العلمي أنّ الفعل السياسي يتأثّر إلى حدّ بعيد بالأمراض النفسية التي تنتاب الأفراد والجماعات، ومادامت وحدة الأُمّة الإسلامية من أحد جوانبها فعلاً سياسياً فإنّ الأمر يتطلّب معالجة علمية محكمة لمعوّقات الذات التي تؤخّر قيام وحدة الأُمّة الإسلامية.
ولا بدّ من التنويه هنا بأنّ هذا الاصطلاح من إبداعات الدكتور عبدالعزيز التويجري.