محمد فريد وجدي
الاسم | محمّد فريد وجدي |
---|---|
الاسم الکامل | محمّد فريد بن مصطفى وجدي |
تاريخ الولادة | 1877م / 1295هـ |
محل الولادة | الإسکندرية / مصر |
تاريخ الوفاة | 1954م / 1373هـ |
المهنة | مفكّر إسلامي مصلح |
الأساتید | |
الآثار | الإسلام والمدنية |
المذهب | سنّی |
محمّد فريد بن مصطفى وجدي: مفكّر إسلامي مصلح.
وُلد في سنة 1295 ه (1877 م)، ونشأ بالإسكندرية، وتلقّى تعليمه الابتدائي بها، ثمّ التحق بمدرسة ثانوية بالقاهرة ولم يتمّ تعليمه بها؛ إذ رأى في كثرة المواد التي لا تهمّ الطالب المسلم ما زهّده فيها، فآثر الدراسة المستقلّة بعد أن أتقن الفرنسية إتقاناً جعله أحد المؤلّفين بها،
بل إنّه أصدر قبل أن يبلغ العشرين كتاباً يشرح مبادئ الإسلام بهذه اللغة! ونال من تقدير المنصفين ما قوّى عزيمته على التعمّق في الدين الإسلامي وشرح حقائقه لغير المسلمين؛ كي يخفّفوا من حملاتهم التبشيرية التي كانت تجد من الاحتلال الإنجليزي لمصر أقوى نصير.
وكتاب «الإسلام والمدنية» الذي ابتدأ به حياته الفكرية كان مثار إعجاب المنصفين شرقاً وغرباً، وقد جعله بعضهم في مرتبة «رسالة التوحيد» لإمام العصر الشيخ محمّد عبده، وهو الباكورة في تأليف الأُستاذ.
وتمثّلت العصامية العلمية في شخص الأُستاذ محمّد فريد وجدي تمثّلًا رائعاً، فقد اتّجه بنفسه إلى تحصيل معارف كثيرة تيسّرت له دون توجيه من أحد، وقد أصبح بما حصّله
من هذه المعارف الواسعة المحيطة علماً من أعلام الشرق والإسلام.
كان والده محافظاً لدمياط وله اهتمام بالمباحث الدينية، فجعل يعقد في منزله كلّ أُسبوع ندوة يحضرها علماء المعهد الديني بدمياط، حيث تكون مجالًا للبحث الهادئ في ما يدور في المجتمع من مشكلات فكرية، ودهش العلماء لما كان يبديه ولده الشاب الناهض من معارف واسعة،
فأُعجبوا به وشدّوا عزمه، ومنذ هذا الوقت والشاب المطّلع يغمر جرائد: «اللواء، والدستور، والمؤيّد، والأهرام» ببحوثه الدقيقة، فلفت الأنظار إليه، وعُدَّ من حملة الأقلام الذائدة عن الإسلام، يذكر اسمه بجوار: محمّد عبده، وعلي يوسف، وعبدالرحمان الكواكبي، وهم مَنْ هم!
وقد أراد أن يفهم القرآن فهماً دقيقاً، فرجع إلى كتب التفسير،
فوجدها لعهد تغرِق في مسائل النحو والبلاغة وغيرهما دون أن تعطي مضموناً شافياً للنصّ القرآني، فأخذ يقرأ ما يقرأ، ثمّ يكتب التفسير المراد بلغة سهلة تناسب القارئ المتطلّع، واجتمع له بما كتبه لنفسه شرح وجيز مشرق، فلمس حاجة المسلمين إليه، وأصدر تفسيره الميسّر، فتقبّله القرّاء، وتعدّدت طبعاته لسنوات طويلة. ومازال الكتاب بعد مرور أكثر من قرن يتجدّد طبعه؛ لأنّ ما ينفع الناس يمكث في الأرض.
وقد كانت مصر في مطلع القرن العشرين في حاجة ماسّة إلى ذخيرة من المعارف الإنسانية في شتّى العلوم المختلفة، وليس بها من المؤلّفات العصرية ما يسدّ هذا الفراغ،
فصمّم على أن يصدر وحده «دائرة معارف القرن العشرين» في عشرة مجلّدات، فكانت جامعة ثقافية لقرّاء اللغة العربية، وقرّرتها نظارة المعارف في مكتبات المدارس، وتعدّدت طبعاتها، ويعتبر جهد الأُستاذ في هذا النطاق جهداً بطولياً يقرب من الإعجاز؛ إذ كيف يقوم فرد واحد بما تقوم به عدّة لجان من مختلف التخصّصات! وقد انتقل الأُستاذ إلى رحمة اللَّه سنة 1954 م، فكتب عنه الكثيرون من عارفي فضله،
وقال الأُستاذ عبّاس محمود العقّاد في مقال ضافٍ: «إنّه فريد عصره، وما وجد اسم في هذا العصر يوافق صفته غير اسم فريد».
وقد قدّر له أن يكون المدافع الأوّل والناقد الجهير لكلّ ما يكتب عن الإسلام ويتضمّن
ما يجب أن يصحّح من الأخطاء، فامتلأت الجرائد لعهده بمناقشات علمية للكتب المغرضة والمقالات المهاجمة يكتبها الأُستاذ بقلم عفّ نزيه، وله في هذا المجال كتابه الشهير عن «المرأة المسلمة» ردّاً على قاسم أمين، وكتاب «نقد كتاب الشعر الجاهلي» ردّاً على الدكتور طه حسين، وكتابه «على أطلال المذهب المادّي» في أربعة أجزاء ردّاً على أنصار نظرية دارون، وكتابه «ليس من هنا نبدأ» ردّاً على الأُستاذ محمّد خالد محمّد، وكتابه «الأدلّة العلمية على جواز ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأجنبية» ردّاً على الأُستاذ محمّد سليمان، ولو جُمعت مقالاته المنشورة بالجرائد والمجلّات على مدى نصف قرن لكانت مكتبة حافلة، وقد جمعت بعضها في كتاب نشرته المؤسّسة اللبنانية- المصرية تحت عنوان «مناقشات وردود».
كما أصدر مجلّات علمية، مثل «الحياة» التي عنيت بالمعارف الحديثة، ومثل جريدة «الدستور» اليومية التي حاربت الاحتلال، وكانت تنطق باسم الحزب الوطني،
ثمّ استقلت لاختلاف في وجهات النظر، كما رأس تحرير مجلّة «الأزهر» ثمانية عشر عاماً، فارتفع بمستواها العلمي، حيث نشرت فصولًا لكتّاب الغرب تحمل الشبهات المغرضة، ثمّ أعقبتها بردود قاطعة كتبها الأُستاذ فريد وجدي، ومع هذا الجهد فقد كانت المجلّات الرفيعة تدعوه للإسهام في تحريرها ك «الرسالة، والهلال، والمعرفة، والمقتطف، والحديث»، فكان يلبّي ما يطلب منه، فتحتلّ مقالاته الصدارة في هذه المجلّات. وقد تستكتبه صحف إقليمية متواضعة، فيلبّي باهتمام.
وممّا يذكر له أنّه مع اطّلاعه الشامل على التيّارات الفكرية المعاصرة لم يخرج في كتاباته عمّا يخصّ الإسلام من البحوث؛ لأنّه كان يقف في خطّ الدفاع الأوّل، ويرى من حقّه أن يحصر جهده في هذا الموطن النبيل، فهو مجاهد صاحب رسالة.
وقد اتّجه الأُستاذ وجدي إلى الأبحاث الروحية، فأصدر مجلّة خاصّة بها، وأفرد لها أجزاء متتابعة من مؤلّفاته، وقد جعل من هذه البحوث الخاصّة باستحضار الأرواح والتنويم المغناطيسي حجّة قوية تقف في وجوه من ينكرون عالم الغيب من الماديّين ويجحدون
فاطر السماوات والأرض، وقد ساعدته الاكتشافات الأوروبّية الحديثة مساعدة تامّة، فأخذ يفسّر الظواهر العلمية في ضوء الحقيقة الكبرى التي جاءت بها الأديان السماوية، فأتاحت له ثقافته المتشعّبة في علوم النفس والاجتماع والفلسفة فيضاً زاخراً من الحجج العلمية، أكسبت بحوثه قوّة تجذب الأنظار،
وكان أُسلوبه الجدلي وطريقته النقدية موضع الارتياح من معارضيه، فكانوا يسجّلون ذلك في ردودهم مغتبطين.
وحين كتب الأساتذة الكبار من أمثال: عبّاس العقّاد وطه حسين ومحمّد حسين هيكل وتوفيق الحكيم كتباً مستقلّة عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لاقت قبول الناقدين،
وحازت شهرة مستفيضة، أخذ الأُستاذ فريد وجدي ينقدها في دقّة وأمانة مع الترحيب كلّ الترحيب باتّجاها، ثمّ رأى أن يصدر كتاباً خاصّاً بالسيرة المحمّدية تحت ضوء العلم والفلسفة، فكان موضع التقدير إذ تحدّث عن الوحي السماوي حديثاً يقنع أصحاب الاتّجاه العلمي، وأيّد كلامه بنقول مستفيضة تثبت صدق الوحي، كما ردّ على الشبهات التي حبكت عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله جهلًا أو سفهاً، فوضع الحقّ في نصابه، وكتابه في السيرة المحمّدية درّة غالية في عقد هذه الدراسات الخاصّة بنبي الإسلام، وقد نشره متفرّقاً، وقام الدكتور محمّد رجب البيّومي بجمعه، وأصدرته المؤسّسة اللبنانية- المصرية.
كما قد نقل كتابه «المرأة المسلمة» مترجماً إلى اللغات الإسلامية، كالتركية والفارسية والأُردية، وصادف ارتياح الكثيرين؛ إذ كشف هذا الكتاب عن عمق المؤلّف في دراساته الاجتماعية، وبصره باختلاف المنازع البشرية من الشرق والغرب، وإلماله بما تخوّف منه كثير من أساطين التشريع في أُوربّا حين رأوا المرأة تتبرّج وتغشى المواقف المريبة دون استنكار، وحين تمتهن في المعامل حاملة الأثقال، وواقفة أمام النيران المشتعلة في الأفران، وملطّخة بسواد الفحم في المناجم! وكلّ ذلك ممّا يخالف طبيعتها دون إنكار، مع الائتناس بآراء أئمّة الاجتماع في العصر الحديث.
وبالإضافة إلى ما ذكرنا من مؤلّفاته فإنّ له: مهمّة الإسلام في العالم، الإسلام دين عامّ خالد، معالم الإسلام، فصول من السيرة، الإسلام في عصر العلم، الوجديات، الحديقة الفكرية.
وقد توّج هذا كلّه كتاب «دائرة معارف القرن العشرين» في عشرة مجلّدات كبار، وقد طُبعت أخيراً في لبنان وتداوله القرّاء، حيث لم تذهب جدّتها العلمية بتوالي السنين، على حدّ تعبير الدكتور محمّد رجب البيّومي.
كان وجدي مترفّعاً عن غشيان المجالس العامّة، قلّما يرى في حفل أو مجتمع، وقلّ أن يزور أحداً أو يجيب دعوة.
توفّي بالقاهرة سنة 1954 م.
كانت له اهتمامات وحدوية، وقد نشرت له مجلّة «رسالة الإسلام» القاهرية مقالًا سنة 1949 م تحت عنوان «لا خلاف في الدين الحقّ»، جاء فيه: «قد شدّد اللَّه في الزجر عن الخلاف في الدين؛ لأنّ تفرّق الكلمة فيه يؤدّي إلى شرّ ضروب الانقسام بين الجماعات، ويلد أنكأ الضغائن بينها.... من العجب العاجب أن يقع خلاف بين المسلمين، لا لأنّ اللَّه سبحانه وتعالى نهى عنه وشدّد في النهي فحسب،
ولكن لأنّ أُصول الإسلام جلية بيّنة لا تقبل التشكيكات، وقواعده قاطعة مانعة لا مجال معها لتعدّد الاحتمالات.... وإنّ ديناً هذا شأنه كان يجب أن لا توجد فيه فرق يخالف بعضها بعضاً، ولكن الطبيعة البشرية تتغلّب على جميع الحوائل الأدبية والمادّية، وتظهر وجودها قوية متشدّدة، ولكن لا يغيبنّ عنك أنّها في الإسلام لم تستطع أن تتغلّب على الحقائق الرئيسية، وهي ميزة لهذا الدين صان اللَّه بها كيانه سليماً من آثار التقلّبات إلى اليوم».
المراجع
(انظر ترجمته في: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة 2: 1451، الأعلام للزركلي 6: 329، موسوعة السياسة 7: 259، موسوعة المورد 10: 114، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 1: 91- 106، الموسوعة العربية العالمية 17: 357، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 990- 993، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 2: 141- 142).