الزيدية

من ویکي‌وحدت


الزيدية إحدى الفرق الشيعية المعروفة التي عارضت الدولتين الأموية والعباسية، وخرجت على حكامها، على الطريقة الحسينية، فشابه خروج الشهيد زيد خروج الحسين بن علي، وقد أفصح عن بواعثه للخروج، فقال: إني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه وإحياء السنن وإماتة البدع فإن تسمعوا يكن خيراً لكم ولي وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل، وبعد استشهاد زيد، قام ابنه الأكبر يحيى بن زيد، واتجه إلى خراسان، والتف حوله كثير من شيعة أبيه، غير أن الوليد بن يزيد أرسل الجيوش لملاحقته ومقاتلته، فلقي ربه شهيداً عام 125هـ، سارت الزيدية على نهج الخروج المسلح، فقام إبراهيم بن عبد الله بالبصرة، بعد مقتل أخيه محمد النفس الزكية، ليلقى مصير سابقيه، فيقوم بعده عيسى بن زيد، ثم الحسين بن علي الفخي، فيحيى بن عبد الله، إلى ابن طباطبا ومحمد بن زيد، مسترشدين بقوله عليه الصلاة والسلام: سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فنهاه فقتله.وهم القائلون بإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين عليهم السلام وكذا زيد بن علي بن الحسين وإمامة كل فاطمي دعا إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة وكانت بيعته على تجريد السيف للجهاد، وليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد، ولكن الإمام منا من جاهد في سبيل الله حق جهاده ودافع عن رعيته.ويعود ظهور الزيديّة الى بدايات القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي بعد أن انشقت من الجسد الشيعي الأم. وتشكّل الزيدية اليوم ما يقرب الـ 45 بالمئة من سكان اليمن.


معتقداتها

لم يكن الشهيد زيد صاحب منهج كلامي، ولا فقهيّ فلو كان يقول بالعدل والتوحيد، ويكافح الجبر والتشبيه، فلاَجل أنّه ورثهما عن أبيه وجده عن علي - عليهم السلام - وإن كان يفتي في مورد أو موارد فقد كان يصدر عن الحديث الذي يرويه عن الرسول الاَعظم عن طريق آبائه الطاهرين وهذا المقدار من الموَهلات لا يصيّر الاِنسان، من أصحاب المناهج في علمي الكلام والفقه.

نعم جاء بعد زيد، مفكرون وعاة، وهم بين دعاة للمذهب، أو بناة للدولة في اليمن وطبرستان، فساهموا في إرساء مذهب باسم المذهب الزيديّ، متفتحين في الاَُصول والعقائد مع المعتزلة، وفي الفقه وكيفية الاستنباط مع الحنفية، ولكن الصلة بين ما كان عليه زيد الشهيد في الاَُصول والفروع وما أرسوه هوَلاء في مجالي العقيدة والشريعة منقطعة إلاّ في القليل منهما. أين زيد ربيب البيت العلويّ، من القول بالاَُصول الخمسة التي تبناها واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، ومن جاء بعدهما من أعلام المعتزلة، حتي صارت مندسّة في مذهب الزيدية، بلا زيادة ونقيصة إلي يومنا هذا؟ أين زيد الذي انتهل من المعين العذب العلويّ الذي رفض العمل بالقياس والاستحسان، من القول بأنّهما من مصادر التشريع الاِسلامي كما عليه المذهب الفقهي للزيدية؟

تلقي الزيدية مع الإمامية

ولا أُغالي إذا قلت: إنّ المذهب الزيدي مذهب ممزوج ومنتزع من مذاهب مختلفة في مجالي العقيدة والشريعة ساقتهم إلي ذلك، الظروف السائدة عليهم وصار مطبوعاً بطابع مذهب زيد، و إن لم يكن له صلة بزيد إلاّ في القسم القليل. ومن ثم التقت الزيدية في العدل والتوحيد، مع شيعة أهل البيت جميعاً، إذ شعارهم في جميع الظروف والاَدوار، رفض الجبر، والتشبيه، والجميع في التديّن بذينك الاَصلين عيال علي الاِمام علي بن أبي طالب - عليه السلام، نعم كانت عناية مشايخ الزيدية في العصور الاَوّلية، بالنقل عن الصادقين والاَخذ بقولهما أكثر من الذين جاءوا بعدهم. وهذا أحمد بن عيسي بن زيد، موَلف الاَمالي فقد أكثر فيها النقل عنهما وعن غيرهما من أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ولكن أين هو من البحر الزخار لابن المرتضي (764 840ه) أو سبل السلام للاَمير محمد بن إسماعيل الاَمير اليمني الصنعاني (1059 1182ه) أو الروض النضير للسباعي، أو نيل الاَوطار في شرح منتقي الاَخبار للشوكاني (1173 1250ه) ، فإنهم لايصدرون في عامة المسائل إلاّ ما شذ، إلاّ عما يصدر عنه فقهاء أهل السنة، فالمصادر الحديثية هي الصحاح والمسانيد، والحجج الفقهية بعد الكتاب والسنّة، هي القياس والاستحسان، وكأنّه لم يكن هنا باقر ولا صادق، ولاكاظم ولا رضا - عليهم السلام - ونسوا وتناسوا مقاماتهم وعلومهم.

تلقي الزيدية مع المعتزلة

كما أنّهم التقوا في الاَُصول الثلاثة: 1 الوعد والوعيد. 2 المنزلة بين المنزلتين. 3 الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر. مع المعتزلة حيث أدخلوا هذه الاَُصول في مذهبهم، وحكموا بخلود مرتكب الكبيرة في النار إذا مات بلا توبة، وحرمانه من الشفاعة لاَنّها للعدول دون الفساق، فهي إذاً بمعني ترفيع الدرجة لا الحط من الذنوب كل ذلك أخذاً بالاَصل الاَوّل، كما جعلوا الفاسق، في منزلة بين المنزلتين فهو عندهم لا موَمن ولا كافر بل هو فاسق، أخذاً بالاَصل الثاني، ولكنّهم تخبّطوا في الاَصل الثالث وزعموا أنّه أصل مختص بالمعتزلة والزيدية، مع أنّ الاِمامية يشاركونهم في هذه الاَُصول عند اجتماع الشرائط، أي وجود دولة إسلامية يرأسها الاِمام المعصوم أو النائب عنه بإسم الفقيه العادل.[١].

تلقي الزيدية مع الحنفية

كما أنّ الزيدية التقت في القول بحجّية القياس والاستحسان والاِجماع بما هو هو، دون كونه كاشفاً عن قول المعصوم، وحجية قول الصحابي وفعله، مع أهل السنّة ولذلك صاروا أكثر فرق الشيعة اعتدالاً عند أهل السنّة وميلاً إلي التفتح معهم.[٢].

أهم اصول عقائدهم

نحن نأتي في هذه العجالة بأُصول عقائدهم مستندين إلي ما ألفه الاِمام المرتضي في مقدمة البحر الزخار، مقتصرين علي الروَوس دون الشعب المتفرقة منها. وفي هذه القائمة لعقائدهم يتجلي مدي انتمائهم، للمعتزلة أو للسنّة والشيعة، والنص لابن المرتضي بتلخيص منّا.

  • صفاته عين ذاته، ويستحق بها صفاته لذاته لا لمعان (زائدة) خلافاً للاَشعرية حيث يقول: «لمعان قديمة بذاته ليست إياه ولا بعضه ولا غيره» وقد أشار بذلك إلي المعاني الزائدة التي أثبتها الاَشعري وهي ثمانية مجموعة في قول بعضهم: حياة، وعلم، وقدرة، وإرادة * كلام وإبصار وسمع مع البقاء
  • لا يُري سبحانه، ولا يجوز عليه الروَية وإلاّ لرأيناه الآن لارتفاع الموانع الثمانية. ولا اختص بجهة يتصل بها الشعاع.
  • ليس بذي ماهية: وعليه المعتزلة والزيدية وأكثر الخوارج والمرجئة.
  • حسن الاَشياء وقبحها عقليان، وأكثر الزيدية علي أنّه يقبح الشيء لوقوعه علي وجه من كونه ظلماً أو كذباً أو مفسدة إذ متي علمناه كذلك، علمنا قبحه.
  • مريد بإرادة حادثة: هو سبحانه مريد بإرادة حادثة. خلافاً للكلابية والاَشعرية حيث قالوا بإرادة قديمة، وقالت النجارية بإرادة نفس ذاته، قلنا: إذاً للزم إيجاده جميع المرادات، إذ لا اختصاص لذاته ببعضها.6 متكلم بكلام: وكلام اللّه تعالي فعله الحروف والاَصوات.7 فعل العبد غير مخلوق فيه: وخالفت الجهمية وجعلت نسبته إلي العبد مجازاً كطال وقصر.وقالت النجارية والكلابية وضرار، وحفص: خلق للّه وكسب للعبد، لنا وقوعه بحسب دواعيه وانتفاوَه بحسب كراهيته مستمراً بذلك يعلم تأثير الموَثر (العبد) سلمنا لزوم سقوط حسن المدح والذم، وسبّه لنفسه، تعالي اللّه عن ذلك.8 تكليف ما لا يطاق قبيح: وكانت المجبرة لا تلتزمه حتي صرح الاَشعري بجوازه، لنا تكليف الضرير بنقط المصحف ومن لا جناح له بالطيران، معلوم قبحه ضرورة وقوله تعالي: "إلاّ وسعها" .
  • المعاصي ليس بقضاء اللّه.


  • لا يطلق علي اللّه أنّه يضل الخلق.
  • الوعد والوعيد: وهو أصل في كلام المعتزلة والزيدية وقد عقد ابن المرتضي باباً وفرع عليه فروعاً والغاية المتوخاة منها، الحكم بخلود المسلم الفاسق في النار، وإن شئت قلت: خلود مرتكب الكبيرة الذي مات بلا توبة فيها ولم أعثر علي نصّ في كلام ابن المرتضي، ولكن صرّح به غير واحد من علمائهم ونأتي بنص العالم المعاصر الزيدي في كتابه «الزيدية نظرية وتطبيق» قال:أمّا الزيدية وسائر العدلية فقالوا: من مات موَمناً فهو من أصحاب الجنّة خالداً فيها أبداً، ومن مات كافراً أو عاصياً لم يتب فهو من أصحاب السعير خالداً فيها أبداً لقوله تعالي: "ومَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيها أبَداً" [٣] وقوله: "وإنّ الفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ* يَصْلَوْنَها يَومَ الدِّينِ وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ" [٤] وقوله تعالي: "بَلي مَنْ كسَبَ سَيِّئَةً وأحاطَتْ بِهِ خَطِيئتُهُ فَأُوْلئِكَ أصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدونَ" [٥]
  • مرتكب الكبيرة لا موَمن ولا كافر: بل فاسق وفي منزلة بين المنزلتين وهذا أحد أُصول المعتزلة لكن الزيدية أدخلوه في الاَصل السابق الوعد والوعيد، قال ابن المرتضي:والفاسق (مرتكب الكبيرة) ليس بكافر، خلافاً للخوارج، ولا موَمن خلافاً للمرجئة إذ هو مدح والفسق ذم فلا يجتمعان
  • الاِمامة تجب شرعاً لا عقلاً وعليه إجماع الصحابة.
  • النص علي إمامة عليّ والحسنين: الاَشعرية: لم ينص - صلي الله عليه وآله وسلم - علي إمام بعده، وقالت الزيدية: بل نصّ علي عليّ والحسنين وقالت البكرية علي أبي بكر.
  • عقد الاِمامة: وتعقد الاِمامة بالدعوة مع الكمال ولا تنعقد بالغلبة خلاف الحشوية [٦].


  • وأوضحه المحقّق في هامش الكتاب وقال مع عدم المنازع فيفوز بذلك أو بأن تحصل له البيعة من الاَكثرية مع وجود المنازع، وكل ذلك بعد سبق ترشيحه من ذوي الحل والعقد لمعرفة حصوله علي الشروط الموَهلة له.
  • معدن الاِمامة البطنان: الزيدية: علي أنّ معدن الاِمامة البطنان، للاِجماع علي صحتهما ولا دليل علي غيرهما، وقالت الاِمامية: بل أولاد الحسين وقالت الاَشعرية بل قريش.
  • الاِمامان في زمان واحد: أكثر الزيدية لا يصلح إمامان في زمان فقالت الكرامية والزيدية: يصح، لنا إجماع الصحابة بعد قول الاَنصار: منّا أمير ومنكم أمير وإذا عقد لاِثنين في وقت واحد بطلا ويستأنف كنكاح وليّين.
  • ومن اعتبر العقد: كفي بيعه واحد برضا أربعة من أهل الحل والعقد وقال أبو القاسم البلخي: يكفي واحد وإن لم يرض غيره، لنا لم يعقد عمر و أبو عبيدة لاَبي بكر إلاّ برضا سالم وبشير وأُسيد وبايع عبد الرحمن عثمان، برضا الباقين.
  • الاِمام بعد الرسول عليّ، ثم الحسن ثم الحسين - عليهم السلام - للاَخبار المشهورة.
  • القضاء في فدك صحيح خلافاً للاِمامية وبعض الزيدية. لنا: لو كان باطلاً لنقضه علي ولو كان ظلماً لاَنكره بنو هاشم والمسلمون.
  • خطأ المتقدمين علي عليّ في الخلافة قطعي، لمخالفتهم، ولا يقطع لفسقهم إذ لم يفعلوه تمرداً بل لشبهة فلا تمنع الترضية عليهم لتقدم القطع بإيمانهم فلا يبطل بالشك فيه.
  • خطأ طلحة والزبير وعائشة قطعي لبغيهم علي إمام الحقّ.
  • توبة الناكثين: الاَكثر أنّه قد صحت توبتهم، وقالت الاِمامية وبعض الزيدية: لا.
  • الاَكثر أنّ معاوية فاسق لبغيه، لم تثبت توبته فيجب التبرّي منه.
  • يجب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر: بالقول والسيف مع اجتماع الشروط قالت الحشوية: لا وقالت الاِمامية: بشرط وجود الاِمام لنا: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمّة" (آل عمران 104) "فَقاتِلُوا الَّتي تَبْغِي" (الحجرات 10) .
  • هذه روَوس عقائد الزيدية استخرجناها من كتاب القلائد في تصحيح الاعتقاد، المطبوع في مقدمة البحر الزخار ص 52 96 والموَلف ممن يشار إليه بين علماء الزيدية، وهو موَلف البحر الزخار، ومن أحد أئمة الفقه والاجتهاد في القرن التاسع.

[٧].


فرق الزيدية

قد انقَرَض مَذهَبُ الزَّيديَّةِ من أكثَرِ البلادِ إلَّا بعضَ بلادِ اليَمَنِ، فلا يزالُ المذهَبُ الزَّيديُّ منتَشِرًا في اليَمَنِ، لا سيَّما في صَعدةَ وحَجَّةَ وصَنعاءَ وذِمارٍ والجَوفِ ونذكر البعض منها:

===الجاروديَّةُ وهي نِسبةٌ إلى أبي الجارودِ زيادِ بنِ المنذِرِ الكوفيِّ، الهَمدانيِّ، وقيل: الثَّقَفيِّ، من أشهَرِ غُلاةِ الزَّيديَّةِ، تُوُفِّيَ سنةَ 150هـ، وقيل: سنة 160هـ، الإمام جَعفَرَ بنَ مُحمَّدِ بنِ عليٍّ قال عنه: (لعنه اللَّهُ؛ فإنَّه أعمى القَلبِ، أعمى البَصَرِ)، وقال فيه مُحمَّدُ بنُ سِنانٍ: (أبو الجارودِ لم يمُتْ حتى شَرِبَ المُسكِرَ، وتولَّى الكافِرين) .وقال عنه الذَّهبيُّ: (أحدُ المتروكين. قال النَّسائيُّ وغيرُه: متروكٌ، وقال الحَسَنُ بنُ موسى النُّوبَختيُّ في مقالاتِ الرَّافضةِ: والجاروديَّةُ هم أصحابُ أبي الجارودِ زِيادِ بنِ المُنذِرِ، يقولون: عَليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنه أفضَلُ الخَلقِ بعدَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَبرؤون من أبي بَكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما. قال يحيى بنُ مَعينٍ: هو كذَّابٌ خَبيثٌ) . ويُلَقَّبُ أبو الجاروِد بسُرْحوبٍ، لقَّبه بذلك الإمام الباقِرُ أبو جَعفَرٍ مُحمَّدُ بنُ عَليِّ بنِ الحُسَينِ، وفُسِّرَ معناه بأنَّه شيطانٌ أعمى .قال الزَّبيديُّ: (سُرْحوبٌ لَقَبُ أبي الجارودِ إمامِ الطَّائفةِ الجاروديَّةِ مِن غلاةِ الزَّيديَّةِ، يتجاهَرون بسَبِّ الشَّيخينِ وهم موجودون بصنعاءِ اليَمَنِ، لقَّبه به الإمامُ أبو عبدِ اللَّهِ محمَّدٍ الباقِرِ بنِ الإمامِ عليٍّ السَّجَّادِ ابنِ السِّبطِ الشَّهيدِ رِضوانُ اللَّهِ عليهم أجمعين).[٨].

البَتريَّةُ أو الصَّالحيَّةُ

أصحابُ كَثيرٍ النَّوَّاءِ الأبتَرِ الكوفيِّ، وقد اختُلِفَ في اسمِ أبيه، فقيل في نسَبِه: ابنُ نافعٍ، وقيل: ابنُ إسماعيلَ، وقيل: ابنُ قاروندَ، وهو من موالي بني تيمِ اللَّهِ، وروى عن الأخوَينِ مُحمَّدِ بنِ عليٍّ الباقرِ وزَيدِ بنِ عَليٍّ عليهم السلام، وتُدعى هذه الفِرْقةُ أيضًا بالصَّالحيَّةِ؛ نسبةً إلى الحَسَنِ بنِ صالحِ بنِ حَيٍّ الهَمدانيِّ الكوفيِّ، وهو أشهَرُ من كَثيرٍ النَّوَّاءِ؛ ولهذا نُسِبَت الفِرْقةُ البَتريَّةُ إليه؛ فقد كان محَدِّثًا ثِقةً حافِظًا مُتقِنًا لحديثِه، فقيهًا مجتَهِدًا، زاهِدًا وَرِعًا، وكان شِيعيًّا، يُفَضِّلُ عَليَّ بنَ أبي طالِبٍ على جميعِ الصَّحابةِ، وكان يرى الخروجَ على أئمَّةِ الجَورِ، ولا يرى صلاةَ الجُمُعةِ معهم، تُوُفِّيَ سنةَ 167 أو سنةَ 169هـ يقال: هذه الفِرْقةُ أقرَبُ فِرَقِ الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ إلى أهلِ السُّنَّةِ، فهم وإن كانوا يرونَ أنَّ عَليًّا رضي اللَّهُ عنه أفضَلُ النَّاسِ بَعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأولاهم بالإمامةِ، لكِنَّهم يرونَ أنَّ بيعةَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ ليست بخطَأٍ؛ لأنَّ عَليًّا ترك ذلك لهما، وسَلَّم لهما الأمرَ راضيًا، وفوَّض الأمرَ طائعًا، وتَرَك حَقَّه راغِبًا، ولا يَرَونَ لعَليٍّ إمامةً إلَّا حينَ بويعَ، ويتوَقَّفون في أمرِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ وحالِه وفي قتَلَتِه، ولا يُكَفِّرونَه، وإن كان قد حُكِيَ عن الحَسَنِ بن صالحٍ تبَرُّؤُه من عثمانَ بعد الأحداثِ التي نُقِمَت عليه [٩].

السُّلَيمانيَّةُ أو الجَريريَّةُ

نِسبةً إلى سُلَيمانَ بنِ جريرٍ الجَزريِّ، وهو من الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ.وكان من مَذهَبِ سُلَيمانَ بنِ جريرٍ وأتباعِه أنَّ الإمامةَ شورى، وأنَّها تصلُحُ بعقدِ رَجُلين من خيارِ المسلِمين، وأنَّها قد تصلُحُ في المفضولِ، وإن كان الفاضِلُ أفضَلَ في كُلِّ حالٍ، وأنَّ عَليًّا عليه الصلاة والسلام كان الإمامَ بعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولكِنَّهم أثبتوا بيعةَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ باختيارِ الأمَّةِ حقًّا اجتهاديًّا، غيرَ أنَّ الأمَّةَ أخطأت في البَيعةِ لهما خطَأً لا تستحِقُّ عليه اسمَ الكُفرِ، ولا اسمَ الفُسوقِ، وهي بذلك قد تركَت الأصلَحَ. وبَرِئَت هذه الفِرْقةُ من عثمانَ، وكَفَّروه، وكذلك كفَّروا عائشةَ والزُّبيرَ وطلحةَ بإقدامِهم على قتالِ عَليٍّ عليه الصلاة والسلام كما خالفوا الإمامية لقولِهم بالبَداءِ، والتَّقيَّةِ. [١٠].

دولة الزيدية في اليمن

دولة الزيدية في اليمن دولة عربية إسلامية شيعية زيدية » أسسها الإمام الهادى إلى الحق « يحبى بن الحسين » » الذى ينتسب إلى « الحسين بن على ابن ألى طالب»). أسسها فى بلاد اليمن سنة 284 ه ‏ 897 م . قامت هذه الدولة على أساس دينى ٠»‏ وهى الدولة الإسلامية العربية الوحيدة التى واصلت حكمها » وحافظت على كيانها أكثر من ألف سنة من وقت قيامها إلى الآن ؛ ولكنها كانت فى هذه المدة تارة يمتد نفوذها حتى يشمل جميع بلاد اليمن » وكل أجزاء القسم الحنوبى من الحزيرة العربية » وثارة ينحصر سلطانها فى قسم من من البلاد الحبلية اليمنية كمدينة صَعّدة » وما يحيط بها » وكمدينة ( شبارة ) أو مدينة صعده ) . وكل هذه مناطق جبلية حصينة : تعتير من حصون الزيدية باليمن ومعاقلها . ١‏ فصعدة ) كانت مقر الدولة الزيدية وعاصمتها عندما أسسها « الهادى إلى الحق ) © و(« حجة »كانت معتصم « الإمام أحمد ) الحالى بعد مقتل والده المغفور له الإمام يحبى ) » وعند قيام الثورة اليمنية الأخيرة.[١١].

الدول الزيدية خارج الجزيرة

• لم يستقر الخارجين من آل البيت في الجزيرة العربية، فمع اشتداد التنكيل بهم في ظل الدولة العباسية، آثر غالبيتهم الفرار بحثاً عن الأمان، فاتجه إدريس بن عبد الله إلى المغرب العربي، -وكان إدريس أحد أخوة محمد النفس الزكية- ولحق به أخوه سليمان، بينما اتجه أخاهم يحيى إلى الديلم.[١٢].

في المغرب

استجاب البربر، لدعوة إدريس، التي تقوم على العدل والتوحيد، والخروج على الحكام الظالمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولما قتل إدريس مسموماً، توجت البربر ابنه إدريس الثاني/ مولاي إدريس، الذي يعد من أعظم أولياء الله في مراكش.[١٣].

وفي مراكش

أسس إدريس الثاني مدينة فاس (192هـ)، لتغدو من أكبر مراكز الإسلام علمياً ودينياً وتجارياً وصناعياً. استمرت دولة الأدارسة إلى عام 323هـ، وعرف الأدارسة كرجال دولة أكثر مما عرفوا كرجال فكر، ما جعل حكامها أقرب إلى الملوك منهم إلى الأئمة.[١٤].

في طبرستان والديلم،

نشأت دولة زيدية أخرى، بعد ان استقر الحسن بن زيد بمدينة آمل عاصمة طبرستان( 250هـ)، وبايعه أهلها بالإجماع، بعد أن وجدوا في دعاة الزيدية نمطاً آخر من الرجال، حيث تضمنت دعوة الحسن بن زيد: العمل بكتاب الله وسنة نبيه وما صح من أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب في أصول الدين وفروعه. وبالرغم من مطاردة العباسيين لدعاة الزيدية، فقد نجح الحسن الأطروش في تثبيت الدولة الزيدية الناصرية في طبرستان والديلم، حيث قام بدعوته عام 284هـ، ولقب بالناصر لدين الله، واستجاب له أهلها لما وجدوا فيه خلقاً يباين تماماً ولاة العباسية، كان عالماً زاهداً يقول " ليس لي شبر أرض ولا يكون إن شاء الله" . وكان الناصر معاصراً للإمام الهادي الذي قام في اليمن، كما كان نظيره في الفكر والعلم وفي الجهاد والخروج، وكان بينهما مراسلات وصلة وثيقة، إذ استعان الهادي بجنود من طبرستان/ الطبريين، في تثبيت أركان دولته باليمن.[١٥].

الزيدية في إيران

مع أنّ أئمة الزيدية الأوائل قاموا بأكثر من ثورة لم تكلل بالنجاح في إيران إلا أنّ المذهب الزيدي بقي بعيداً عن الساحة الإيرانية قرابة القرن على وفاة زيد بن علي سنة 122 هـ/ 740م.[١٦] وقد دخلت التعاليم الزيدية لأوّل مرّة إيران على يد أتباع القاسم بن إبراهيم الرسي الحسني المتوفى سنة 246 هـ/ 860م... حيث راجت الزيدية في طبرستان وكلار وجالوس التي تعدّ أولى قلاع الزيدية في إيران.[٤١] وقد تصدّى الداعي الزيدي العلوي الحسن بن علي الاطروش لإعادة تشكيل الحكومة الزيدية في طبرستان سنة 301 هـ ق/914م انطلاقا من الخلاف الفقهي بينه وبين سائر أئمة الزيدية واقترابه من فقه الشيعة الإثني عشرية حيث أسس فرقة عرفت بالناصرية تختلف مع القاسمية أتباع القاسم والهادي في رويان وشرق الديلم.[٤٢] وكانت للزيدية كلمتها ووصلت الى أوج عظمتها في الفترة البويهية.[١٧] مادلونغ، فرقه‌هاي اسلامي، ص۱۴۲.

من أبرز أئمة الزيدية وعلمائها في منطقة بحر الخزر بعد الناصر الأطروش الأخوين أحمد بن الحسين المؤيد بالله (المتوفى 411 هـ/ 1020م) وأبو طالب يحيى الناطق بالحق اللذين كانا على صلة بالوزير البويهي في الري الصاحب بن عباد، وكذا بقاضي القضاة المعتزلي عبد الجبار الهمداني. المركز الآخر لنشر الزيدية منطقة بيهق في ما وراء بحر قزوين، فقد كتب المؤرخ البيهقي المعروف بابن فندق أنّ الرئيس البيهقي أبا القاسم علي بن محمد بن حسين شيّد قبيل جمادى الأولى سنة 414ق/ 1023م أربع مدارس لاتباع المذهب الحنفي والشافعي والكرامي وسيدان، وللمعتزلة (العدلية) وللزيدية.[١٨] ثم أفل نجم الزيدية في كل من إيران والعراق بعد وفاة البيهقي هذا، وكان لتمدد الإسماعيلية الى تلك المنطقة الدور البارز في عزلة الزيدية وأفول نجمها عن سماء المنطقة الّا جماعات قليلة من أتباع الناصرية والمؤيدية التي بقيت محافظة على بعض السنن الزيدية حتى بزوغ نجم الدولة الصفوية في إيران، ومع تصدّي الشاه طهماسب للحكم حوالي سنة 933 هـ/ 1526م اعتنق من بقي من الزيدية المذهب الإمامي الاثني عشري. [١٩].

أعلام الزيدية

تعرض صاحب كتاب [٢٠] إلى الشخصيات المحورية والاحيائية للفكر الزيدي فكان في مقدمتهم:

  • زيد بن علي (الشهيد سنة 122 هـ)
  • القاسم الرسي (ت 246 هـ)
  • ناصر الدين حسن بن علي الملقب بالأطروش (ت 304 هـ) في القرن الرابع في منطقة الديلم وطبرستان
  • أحمد بن يحيى بن الحسين (ت 325 هـ) في بلاد اليمن
  • يوسف بن يحيى بن أحمد (ت 403 هـ) في اليمن
  • أحمد بن الحسين بن هارون (ت 411 هـ) في الديلم
  • يحيى بن حسين بن اسحاق الجرجاني (ت 499 هـ) في جرجان والري
  • يحيى بن أحمد بن أبي القاسم الملقب بأبي طالب الصغير (ت 520 هـ) في الديلم
  • أحمد بن سليمان بن محمد الشهير بالمتوكل (ت 566 هـ)
  • عبد الله بن حمزة بن سليمان المشهور بالمنصور بالله (ت 614 هـ)
  • محمد بن مطهر بن يحيى الملقب بالمهدي لدين الله (ت 729 هـ)
  • أحمد بن يحيى بن مرتضى (ت 840 هـ)
  • علي بن صلاح الدين (ت 965 هـ)
  • المنصور بالله قاسم بن محمد بن علي (ت 1029 هـ)
  • يوسف بن المتوكل (ت 1140 هـ)
  • محمد بن أحمد بن حسن (ت 1130 هـ)
  • علي بن عباس بن حسين (ت 1189 هـ)
  • إسماعيل بن أحمد بن عبد الله كبس (ت 1250 هـ)
  • ومحمد بن يحيى بن محمد (ت 1322 هـ)

الهوامش