الإلحاد
أولا: التعريف
الإلحاد هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى, فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق وأن المادة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة.
المراد بالإلحاد الذي نحن بصدد دراسته. كل فكر يتعلق بإنكار وجود خالق هذا الكون سبحانه وتعالى. سواء أكان عند المتقدمين من الدهرية أو عند من جاء بعدهم من الشيوعيين الماركسيين بمعنى أن وصف الإلحاد يشمل كل من لم يؤمن بالله تعالى ويزعم أن الكون وجد بذاته في الأزل نتيجة تفاعلات جاءت عن طريق الصدفة دون تحديد وقت لها واعتقاد أن ما وصل إليه الإنسان منذ أن وجد وعلى امتداد التاريخ من أحوال في كل شؤونه إنما وجد عن طريق التطور لا أن هناك قوة إلهية تدبره وتتصرف فيه. ولا ريب أن الإلحاد فكرة شيطانية باطلة لا يقبلها عقل ولا منطق غذاها اليهود لتحطيم حضارات وأديان العالم كلهم لإقامة حكمهم في الأرض كلها كما دونوه في كتبهم. وقد يسأل سائل فيقول وما مصلحة اليهود من وراء ظهور الإلحاد؟، والجواب هو إضافة إلى ما سبق فإن اليهود يبغضون ديانات العالم كله، والعالم يبغضون ديانة اليهود فإذا تمكن اليهود من إبعاد الناس عن حضاراتهم ودياناتهم واستبدلوا عن ذلك بالإلحاد فإنه سيسهل حينئذ أن يتقارب اليهود مع غيرهم وسيسهل قيادتهم أيضا إلى تحقيق المخططات اليهودية التي تنتظر التنفيذ. ولم يكن أحد من البشر منذ أن أوجدهم الله تعالى مستيقنا حقيقة إنكار وجود الله تعالى ولم يظهر في شكل مذهب أو دول. وإنما كان ظهوره في شكل نزعات لبعض الأشرار الشواذ إلى أن ظهرت الفلسفة الإلحادية الحديثة المنحرفة على يدي "ماركس" ورفاقه من اليهود الماسون الذين كانوا وراء إشعال هذه الفتنة الإلحادية لمآرب سياسية وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل:14]. وقد علا شأن الإلحاد في عهد "ماركس" وعهد من جاء بعده علوا كبيرا إلى عهد آخر رئيس لما كان يسمى بالإتحاد السوفيتي، وهو "ميخائيل جورباتشوف" فأراد الله عز وجل أن يظهر كذب الملاحدة فإذا بالشيوعية – التي تمثل قمة الإلحاد تموت في عقر دارها – وإذا بالشعوب المقهورة تعود إلى الاحتفال والإحتفاء بالأديان وتعلن ما كانت تخفيه من حب الله وأنبيائه ورسله ورجعوا إلى المساجد والكنائس وسائر المعابد معلنين رفضهم الفكر المادي الإلحادي و في بعض تلك الدول التي كانت تعلن الشيوعية والإلحاد شنقوا تماثيل بعض أقطاب الإلحاد الشيوعي تشفيا منهم. مما يدل دلالة صريحة على أن فكرة الإلحاد فكرة طارئة سخيفة لا مكان لها إلا في قلوب فئة من شواذ الناس ماتت نفوسهم وانحرفت فطرهم وكابروا عقولهم ومن الغريب أن يسند الملاحدة إلحادهم إلى العلم – وهو كذب مبين – كما سيتبين ذلك من خلال هذه الدراسة إن شاء الله تعالى.
ثانيا: أقسام الإلحاد
ينقسم الإلحاد إلى قسمين هما: الإلحاد القديم، والإلحاد الحديث. فما حقيقة كل منهما وما الفرق بينهما؟ عرفنا مما سبق أن الإلحاد كان له وجود في أكثر من مكان في الأرض بعد الانحراف الذي أصاب البشرية وينبغي أن ندرك أن بين الإلحاد القديم والإلحاد الحديث فرقا ظاهرا وذلك يتبين من خلال ما يأتي: 1- إن الإلحاد بمعنى إنكار وجود الله تعالى أصلا لم يكن ظاهرة منتشرة في القديم وإنما كان شائعا الشرك مع الله تعالى تحت حجج مختلفة مع اعترافهم بوجود الله تعالى وأنه الخالق المدبر وقد أثبت الله تعالى ذلك في كتابه فقال عن إقرارهم بخلق الله للكون وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [العنكبوت:61] وقال تعالى عن إقرارهم بإنزال المطر من عند الله: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [العنكبوت:63]. وقال تعالى عن إقرارهم بأن الرزق كله من الله، وأن أعضاء الإنسان هي من خلق الله، وأن الحياة والموت بيد الله، وأن التدبير كله لله قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31] قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون:84-89]، وهكذا يتبين من تلك الآيات البينات أن الإلحاد في الزمن القديم إنما كان في إشراكهم مع الله آلهة أخرى من صنعهم يتقربون بها إلى الله بزعمهم وهذا هو الشرك في توحيد الربوبية الذي لا يدخل الشخص به وحده في الإسلام والإيمان ما لم يضم إليه توحيد الألوهية. 2- وأما الذين أسندوا كل شيء إلى الدهر فهم قلة قليلة جدا بالنسبة لغيرهم ممن يؤمنون بالله تعالى وقد أخبر الله عنهم في كتابه الكريم. 3- أما الإلحاد المادي الحديث فقد قام على إنكار وجود الله أصلا وقد زعم أهله أنهم وصلوا إليه عن طريق العلم والبحث المحسوس وعن طريق التجربة والدراسة وزعموا أن الدين لا يوصل إلى ذلك وسنرد هذه الكذبة وسخافتها ونبين أنه لا تناقض بين العلم والدين وبين الإيمان بالله وأن العلم يدعو إلى الإيمان بوجود الله تعالى في أكمل صوره كما سيأتي دراسته في الشيوعية. وهكذا يتضح أنه مع القول بوجود عبادة المادة في كل زمان و في كل مكان إلا أن تلك المادة كانت سطحية بدائية وأن أوروبا حينما أخذت الإلحاد تميزت بتفصيل وتقنين وتنظيم ودراسة هذا الاتجاه المادي الملحد وأحلته محل الدين ومحل الإله بطريقة سافرة مقننة وهي نقلة لم تكن فيما مضى قبلهم.