الأخلاقية الإسلامية عند الاختلاف
الأخلاقية الإسلامية عند الاختلاف: هي المعايير التي من المفروض الالتزام بها عند مطبّات الاختلاف الذي يقع بين الأطراف المتحاورة، والتي حثّ عليها الدين الإسلامي ورغّب فيها. وتتناول هذه المقالة هذا الموضوع الحيوي.
إنّ الاختلاف هو: المغايرة والتفاوت في وجهات النظر وفي الفهم والإدراك، وهذا أمر من لوازم البشرية من جهات ثلاث: (اختلاف المصالح - اختلاف الأفهام - اختلاف العوامل المحيطة)، ولا يمكن رفعه ومنعه، ولا يشكّل خطراً على الأُمّة ووحدتها، فقد كان الناس يختلفون في الرأي مع اتّحاد كلمتهم وتوحيد صفوفهم، ذلك أنّ الخطر الذي يخشى منه إنّما يكمن في الخلاف لا الاختلاف، حيث إنّ الخلاف يكون عادة بقصد المخالفة والعصيان والامتناع عن تنفيذ الأوامر.
وقد اعتبر فقهاء الإسلام الاختلاف نعمة من اللّه تعالى على عباده، وأنّه نوع من النضج الفكري والنظر العقلي مادام يقوم على الدليل ويستند إلى الحجّة.
ومن أهمّ العوائق الفكرية والأخلاقية التي تقف عائقاً دون التقريب بين المذاهب الإسلامية الابتعاد عن الأساليب الإسلامية في التعامل عند الاختلاف، بحيث لا نجد الأخلاقية الإسلامية حاكمة في مقاربة الاختلاف الفكري أو المذهبي.
وهذه الأخلاقية تتمثّل بالالتزام بمجموعة من القيم، منها:
1 ـ التأسيس للقواعد المشتركة قبل التحرّك لمعالجة قضايا الاختلاف.
2 ـ الجدال بالتي هي أحسن.
3 ـ الحمل على الأحسن في فهم الآخر، والعذر عند الاختلاف، وعدم الحكم على أساس النيّة السيّئة أو تعميم الاختلاف، ناهيك بالتدقيق في النقل وفهم الآخر من مصادره الأصيلة، لا ممّا تسمع عنه.
4 ـ التحرّك من موقع المصلحة الإسلامية العليا عند التعاطي مع المستجدّات الخلافية.
5 ـ عدم اعتماد أساليب السباب والشتائم واللعن كأساس في الحوار أو التعامل عند الاختلاف، لا بل التأكيد على حرمة ذلك، وتفهّم رأي الآخر وفق قاعدة أنّ الأمر الواضح عندك ليس بالضرورة واضحاً عند الآخرين وبالصورة نفسها؛ لأنّ الزاوية التي تنظر منها إلى القضايا قد تختلف عن الزاوية التي ينظر منها الآخر.