التفكير الناقد
التفكير الناقد ({L Critical thinking L})هو: التحكّم في تفكيرنا من خلال فحص المعلومات الفكرية والاختلافية لمعرفة الصواب والخطأ، وهو : حلّ المشكلات أو التحقّق من الشيء وتقييمه بالاستناد إلى معايير متّفق عليها مسبقاً.
أو أنّه: التمهّل في إعطاء الأحكام، وتعليقها لحين التحقّق من الأمر. (تعريف ديوي).
أو أنّه: نمط التفكير يجعل المفكّر يحسّن من نوعية تفكيره من خلال إتقان التحليل والتقويم. (تعريف ريتشارد بول وليندا إلدر).
فتبيّن من ذلك أنّ التفكير الناقد يتضمّن الأُمور التالية: الحاجة إلى الأدلّة والشواهد التي تدعم الفكرة قبل الحكم على صدقها - تحديد الأساليب المنطقية التي تساعد في تحديد موثوقية الأدلّة والشواهد - مهارة توظيف الأساليب والأدلّة والشواهد السابقة واستخدامها في تقويم الفكرة استخداماً منطقياً).
أمّا أهمّية التفكير الناقد: فحيث إنّ المطلوب التضامن الإسلامي ونشر ثقافة الأُخوّة الإسلامية والتقارب العقائدي والفقهي والأخلاقي والثقافي، فمن الضروري الاهتمام بالفرد وليس فقط بالفكر ؛ لأنّ الاختلاف الفكري وارد حدوثه في كلّ زمان ومكان، وهو أصل مفيد في إثراء الفكر الإسلامي والحضاري ضمن الدين الواحد أو بين الأديان السماوية أو الأرضية، لذا من المهمّ تركيز الاهتمام على إعداد الفرد المسلم المتمكّن من التعامل مع الآخر وإن كان مختلفاً معه في درجات متعدّدة، ولتحقيق ذلك يتمّ من خلال الاهتمام بأُسلوب تفكيره، حيث إنّ الفرد من ذوي النمط الجامد في التفكير الذي لا يتقبّل الآخر، أي: أنّ على المجتمع الإسلامي أهمّية بناء المنهج الدراسي، والذي يتكفّل ببناء الإنسان الصالح الذي يتمكّن من التعايش مع الآخر في هذه المعمورة بسلام في ضوء تقبّل الآخر، والذي أصبح من السهولة أن يصل فكره له من خلال العديد من الوسائل التقنية الحديثة. ولذا فللمنهج دور لبناء القدرات النفسية والعقلية للفرد ؛ لما لها من أثر وأهمّية في بناء الشخصية المسلمة القوية التي بدورها تساعد الطالب على حسن التعامل مع المعلومات الفقهية والعقائدية المختلفة عن فكره والمتدفّقة في عالم العولمة، وذلك من خلال تغليب قيمة العقل على العاطفة التي بدورها تساهم في بناء مساحة واسعة لتقبّل الآخرين من أبناء المجتمع المختلف معه في الرأي أو الفكر أو الاتّجاهات والميول.
إنّ المسلم المفكّر هو الذي يساهم بفاعلية في قضايا الأُمّة ويدافع عنها، ولا يبقى في حالة ضياع وإنهاك لأهمّ موارد تقدّم الأُمّة وشبابها، وبالتالي ضعف كيانها بأشكال المواجهة البينية التي تفقد معنى الحياة السليمة والمنتجة متمثّلة بعمارة الأرض.
إنّ عظم التحدّيات التي تواجه المسلمين من جهات مختلفة وأساليب متنوعة تستدعي من المسلمين توحيد صفوفهم وتأكيد حضورهم العلمي والفكري والاقتصادي والسياسي الفاعل لمواجهة مثل هذه التحدّيات والمحافظة على لحمة المسلمين الموحّدة ؛ وهذا يجعل مدعاة لميثاق وحدة إسلامية تستلزم حضور ومشاركة الجميع، في حين أنّ غياب الأُمّة عن كلّ الأحداث الاقتصادية والسياسية التي تمارس في الساحة الإسلامية، والانشغال بمحاربة مكوّنات ذات الأُمّة وقوّتها بأدوات التكفير والكره وفتاوى القتل، بجانب أمراض الانفتاح المعلوماتي والفكري والعولمة مجتمعة، تساهم بشكل كبير في فقد كلّ أُسس جودة الحياة للمسلم واستقرار كيان الأُمّة الإسلامية، وهي عملية خطيرة تؤثّر بشكل واسع على كافّة أصعدة العيش بكرامة، ممّا يجعل شعوب العالم الإسلامي تحت مستوى الفاعلية السياسية والاقتصادية العالمية من جهة وتحت مستوى الفقر والأُمّية والجهل والتبعية من جهة أُخرى.
هذا، كما تساهم تنمية قدرات التفكير الناقد في جعل الفرد المسلم قادراً على تحمّل المسؤولية لمعالجة قضايا الأُمّة معالجة صحيحة واتّخاذ القرارات المناسبة بعيداً عن الانشغال بالتطرّق والتكفير وطرد الآخر من حدود التعايش والمحبّة، وهو ما يخالف أمر اللّٰه تعالى.