محمد بن مسلم بن عبيد الله

الاسم	محمد بن مسلم بن عبيد الله (الزهري)
تاريخ الولادة	52 هجري قمري
تاريخ الوفاة	124 هجري قمري
كنيته	أبو بكر .
نسبه	القُرَشي، الزُهري .
لقبه	المدني .
طبقته	الرابعة .

محمد بن مسلم بن عبيد الله هو ولد في المدينة ، ويُعرف أيضاً ب محمد بن شِهاب، و محمد بن مُسلم بن شِهاب؛ باعتبار اسم جدّه الثالث ، وينتهي نسبه - بستّ وسائط - إلى‏ زُهرة بن كِلاب بن مُرّة القُرَشي، ولهذا لقِّب بالزُهري أيضاً . وكان أبو جدّه عبداللَّه بن شِهاب شهد مع المشركين بدراً، وكان أحد النفر الذين تعاقدوا يوم أُحُد لئن رأوا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ليقتلنّه! ، وأُمّه عائشة بنت عبداللَّه الأكبر ابن شِهاب، أو هي بنت أُهْبان بن أَفْصى‏ .

ترجمته

وكان محمد قصيراً أعمش، له جُمّة وفصاحة ، حفظ القرآن في ثمانين ليلة ، وكان يحفظ الحديث إذا سمعه مرّةً واحدةً، ويكره تكراره حتّى‏ عندالتعلّم . كما كان من المحدّثين والقرّاء الذين يحبّون الكتّاب والكتابة، وكان محبّاً لنشر العلم والمعرفة، وكان يمنع من حبس الكتب .

وقد اشتدّت شهرته عندما رحل إلى‏ الشام لفقره، وخلال مدّة قصيرة أصبح محطّ أنظار عبدالملك بن مروان، ولمّا رأى‏ قدرته في الجواب عن أسئلة الناس في المسجد الجامع بدمشق دعاه إليه، وطرح عليه أسئلته، فأجاب عنها، فكرّمه الخليفة، ثم عاد بعد ذلك إلى‏ المدينة .

قال الذهبي: «كان رحمه اللَّه محتشماً جليلاً بزيّ الأجناد، له صورة كبيرة في دولة بني أُميّة» . ووصفه البعض قائلاً: «أحد الفقهاء والمحدّثين، والأعلام التابعين بالمدينة» . وقال الجزري: «أحد الائمة الكبار، وعالم الحجاز والأمصار» .

كان محمد يقرأ البسملة قبل سورة الحمد، وسورةً كاملةً بعدها . ونُقل عنه: أنّ عمرو بن سعيد بن العاص كان أول من قرأ بالبسملة إخفاتاً في الصلاة .

محمد وأهل البيت عليهم السلام

عاصر محمد الإمام السجاد والباقر والصادق عليهم السلام ، إلّا أنّنا لانعلم شيئاً عن علاقته بالإمام الباقرعليه السلام. وكان يعظّم الإمام السجّاد ويقول: «لم أر في أهل بيته أفضل منه» وكان كلّما ذكره بكى‏ وقال: «هو زين العابدين» .

ونقل أبو نعيم عنه قوله: «شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبدالملك بن مروان من المدينة إلى‏ الشام، فأثقله حديداً، ووكّل به حفّاظاً في عدّة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له فأذنوا لي، فدخلت عليه وهو في قبّة والأقياد في رجليه، والغلّ في يديه، فبكيت وقلت: وددت أنّي مكانك وأنت سالم»! وقد صار محمد من محبّي الإمام السجّادعليه السلام بعد أن التقاه في مكّة وتحدّث معه، وتلا هذه الآية: «اللَّه أعلم حَيث يجعل رسالته» وبعد هذا اللقاء حصل تغيّر كبير في حياته وأفكاره . وعندما زعم الوليد بن عبدالملك أنّ قوله تعالى‏: «وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ» نزل في علي بن أبي طالب، لم يسكت الزُهري عنه، وقال: «ليس كذا، أخبرني عروة عن عائشة أنّها نزلت في عبداللَّه بن أُبيّ بن سلول المنافق» .

ومن ناحيةٍ أخرى‏ فإنّ بعضاً عدّه ضمن من انحرف عن علي عليه السلام وأبنائه، كابن أبي الحديد، حيث نقل رواية عنه فيها كلام ضدّ علي عليه السلام . كما وعدّه الشيخ الطوسي و العلّامة الحلّي و السيد ابن طاوس والمامقاني من أعداء أهل البيت عليهم السلام . فيما عدّه الوحيد البهبهاني وأبوعلي الحائري وغيرهما شيعياً؛ استناداً إلى‏ بعض الروايات .

وبالنظر إلى‏ الروايات المختلفة المنقولة عن الزُهري، وكذلك بالالتفات إلى‏ سيرته الذاتية والفقهية، وأسلوبه في التعامل مع السلطة والناس، ورسالة الإمام السجادعليه السلام التي حذّره فيها من بعض عقائده وتصوّراته، وعلاقته بالجهاز الأموي الحاكم ، يظهر أنّه لم يكن من الشيعة، ولكنّه كان من محبّي أهل البيت عليهم السلام، ولاسيّما الإمام السجادعليه السلام حيث كان الزُهري قد استفاد من علمه كثيراً.

موقف الرجاليّين منه

أدرك محمد عشرةً من الصحابة وروى‏ عنهم ، ومن التابعين خلقاً عظيماً، لذا كان يراه البعض عالماً منقطع النظير، قال مكحول: «ابن شهاب أعلم الناس» . وقال الشافعي:«لولا الزُهري لذهبت السنن من المدينة» . وبعد أن مجّده كلٌّ من ابن حبّان وابن سعد فقد وثّقاه . وقال الذهبي: «بعض من لايُعتدّ به لم يأخذ عن الزُهري؛ لكونه كان مداخلاً للخلفاء، ولئن فعل ذلك فهو الثبت الحجّة، وأين مثل الزُهري!» .

ومن بين رجاليّي الشيعة عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب ورواة الإمام السجادعليه السلام وعنونه باسم: «محمد بن شهاب» إلّا أنّه ذكره باسم «محمد بن مسلم» تحت عنوان أصحاب ورواة الإمام الصادق‏ عليه السلام، من دون أن يذكر له جرحاً أو تعديلاً، وذكر أسماء أسلافه .

وظاهر كلام الشيخ الطوسي التعدّد، إلّا أنّ - وكما ذكر بعض الرجاليّين - كِلَا العنوانين هما لشخصٍ واحدٍ، وفي جميع الكتب الرجالية ليس هناك شخص باسم «محمد بن شهاب» غيره . والنتيجة فإنّ كِلَا العنوانين اسم لرجلٍ واحدٍ اعتبره ابن داود مهملاً، والعلّامة الحلّي والمامقاني ضعيفاً .

وقال علي بن المديني: «له نحوٌ من ألفي حديث» . وقال النسائي: «أحسن أسانيد تروي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أربعة: الزُهري عن علي بن الحسين عليهما السلام عن أبيه عن جدّه، و...» .

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمامين السجاد والصادق عليهما السلام . وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: ابن عمر، سَهْل بن سَعد الساعدي، أنس، عبداللَّه بن ثَعْلَبة، عبداللَّه بن عامر بن ربيعة، عبداللَّه بن محمد ابن الحنفية، محمود بن الربيع، عُرْوَة ابن الزبير، عبدالملك بن مروان، محمد بن جُبَيْر بن مُطْعِم، علي بن عبداللَّه بن عباس، عمر بن عبدالعزيز، أبوه: مسلم بن عبداللَّه. وروى‏ عنه جماعة، منهم: عطاء بن أبي رَبَاح، عُمر بن عبدالعزيز وهو من شيوخه، عَمرو بن دينار، قَتادَة، أيّوب السْختياني، مالك، الليْث، ابن أخيه: محمد بن عبدالله بن مسلم، سفيان بن عُيَيْنَة. ووردت رواياته في المصادر المعتبرة لأهل السنّة والشيعة؛ كصحيح البخاري وصحيح مسلم والكافي وتهذيب الأحكام .

من رواياته

روى‏ الزُهري حديث غدير خُم بثلاث وسائط عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وعندما قيل له: لاتحدّث بهذا الحديث الناس في دمشق، وأنت تسمع سبّ علي! قال: واللَّه إنّ عندي‏من فصائل علي مالو تحدّثت بها لقُتلت . وروى‏ أيضاً عن أنس قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: «عنوان صحيفة المؤمن حبّ علي بن أبي طالب» .

وفاته

وفي سنة 124 ه قدم إلى‏ مزرعته في قريةٍ بين الحجاز وفلسطين فمرض بها وتوفّي هناك عن عمر 72 عاماً، وكان قد أوصى‏ أن يدُفن هناك إلى‏ جانب الطريق ليتذكّره العابرون ويستغفروا له .