انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «انقلاب 19 أغسطس 1953»

من ویکي‌وحدت
 
سطر ٣: سطر ٣:


== مخطط الانقلاب بيد البريطانيين ==   
== مخطط الانقلاب بيد البريطانيين ==   
مع تأميم صناعة النفط الإيراني، خسرت الإمبراطورية البريطانية أكبر قاعدة ومصدر نفط لها. لذلك، سعوا لاستعادة موقعهم المفقود عبر إجراءات سرية شملت الحلول الدبلوماسية، الهجوم العسكري، الضغط الاقتصادي، وأخيرًا اللجوء إلى المحافل الدولية مثل محكمة لاهاي ومجلس الأمن لمواجهة حكومة مصدق، لكن دون تحقيق نتائج إيجابية. في كواليس هذه الحلول، دعم "آلان لمبتون"، الباحث البارز في شؤون إيران، وعدد من مستشاري وزارة الخارجية البريطانية فكرة مؤامرة للإطاحة بحكومة مصدق. في الخطوة الأولى، أُرسل "روبن زينر"، أستاذ اللغة الفارسية في جامعة أكسفورد، إلى [[طهران]] لتقريب صفوف المعارضة لمصدق. أول علامات نجاح هذه المؤامرة كانت تدخل المحافظين وقصر الشاه في انتخابات البرلمان السابع عشر وتعيين أحمد قوام رئيسًا للوزراء من قبل الشاه. لكن هذا المخطط فشل في 21 يوليو 1952 بقيادة [[آیت الله کاشانی]]، وأغلق دکتر حسین فاطمی، وزير الخارجية في حكومة مصدق، السفارة البريطانية في سبتمبر 1952 بسبب تورطها في المؤامرة. بعد هذه الانتكاسة، قرر قادة بريطانيا، خاصة تشرشل وأيدن وزير الخارجية، أن الحل الوحيد هو الانقلاب على مصدق. مع ذلك، لم تكن الولايات المتحدة مقتنعة بسقوط مصدق وكانت تفضل الحل الدبلوماسي، إذ كانت تعتبر مصدق آخر أمل لمنع انتشار الشيوعية في إيران والحفاظ على البلاد من الوقوع في قبضة الشرق. لذا، طالما كانت حكومة ترومان في السلطة، كان الديمقراطيون يسعون لمنع سقوط مصدق.
مع تأميم صناعة النفط الإيراني، خسرت الإمبراطورية البريطانية أكبر قاعدة ومصدر نفط لها. لذلك، سعوا لاستعادة موقعهم المفقود عبر إجراءات سرية شملت الحلول الدبلوماسية، الهجوم العسكري، الضغط الاقتصادي، وأخيرًا اللجوء إلى المحافل الدولية مثل محكمة لاهاي ومجلس الأمن لمواجهة حكومة مصدق، لكن دون تحقيق نتائج إيجابية. في كواليس هذه الحلول، دعم "آلان لمبتون"، الباحث البارز في شؤون إيران، وعدد من مستشاري وزارة الخارجية البريطانية فكرة مؤامرة للإطاحة بحكومة مصدق. في الخطوة الأولى، أُرسل "روبن زينر"، أستاذ اللغة الفارسية في جامعة أكسفورد، إلى [[طهران]] لتقريب صفوف المعارضة لمصدق. أول علامات نجاح هذه المؤامرة كانت تدخل المحافظين وقصر الشاه في انتخابات البرلمان السابع عشر وتعيين أحمد قوام رئيسًا للوزراء من قبل الشاه. لكن هذا المخطط فشل في 21 يوليو 1952 بقيادة [[السيد أبوالقاسم الکاشاني|آیت الله کاشانی]]، وأغلق دکتر حسین فاطمی، وزير الخارجية في حكومة مصدق، السفارة البريطانية في سبتمبر 1952 بسبب تورطها في المؤامرة. بعد هذه الانتكاسة، قرر قادة بريطانيا، خاصة تشرشل وأيدن وزير الخارجية، أن الحل الوحيد هو الانقلاب على مصدق. مع ذلك، لم تكن الولايات المتحدة مقتنعة بسقوط مصدق وكانت تفضل الحل الدبلوماسي، إذ كانت تعتبر مصدق آخر أمل لمنع انتشار الشيوعية في إيران والحفاظ على البلاد من الوقوع في قبضة الشرق. لذا، طالما كانت حكومة ترومان في السلطة، كان الديمقراطيون يسعون لمنع سقوط مصدق.


كان من الضروري حل المشاكل الاقتصادية ومشكلة النفط لدى مصدق. بناءً عليه، فشلت محاولات بريطانيا لجعل سياسة الولايات المتحدة تتماشى مع مؤامرة الإطاحة. كان تشرشل يدرك جيدًا أن تنفيذ أي خطة مستحيل بدون دعم أمريكي، لذا استمر البريطانيون في محاولة كسب تأييد الأمريكيين. ففي نوفمبر وديسمبر 1952، عقد "كريستوفر وودهوس"، المخطط الأول للانقلاب، اجتماعات في واشنطن مع ممثلي قسم الشرق الأدنى وأفريقيا بوزارة الخارجية الأمريكية لمناقشة إسقاط حكومة مصدق. ركزت بريطانيا في جهودها السياسية على إثارة مخاوف الأمريكيين من النفوذ الشيوعي في إيران، وحاولت إزالة الخوف الأمريكي من أن سقوط مصدق سيؤدي إلى وصول الشيوعيين إلى السلطة، لكن هذه المفاوضات لم تثمر. في هذه الأثناء، جرت انتخابات الرئاسة الأمريكية وفاز [[دوايت آیزنهاور]]، مرشح الحزب الجمهوري، في ديسمبر 1952، ليخلف [[هری ترومن]].
كان من الضروري حل المشاكل الاقتصادية ومشكلة النفط لدى مصدق. بناءً عليه، فشلت محاولات بريطانيا لجعل سياسة الولايات المتحدة تتماشى مع مؤامرة الإطاحة. كان تشرشل يدرك جيدًا أن تنفيذ أي خطة مستحيل بدون دعم أمريكي، لذا استمر البريطانيون في محاولة كسب تأييد الأمريكيين. ففي نوفمبر وديسمبر 1952، عقد "كريستوفر وودهوس"، المخطط الأول للانقلاب، اجتماعات في واشنطن مع ممثلي قسم الشرق الأدنى وأفريقيا بوزارة الخارجية الأمريكية لمناقشة إسقاط حكومة مصدق. ركزت بريطانيا في جهودها السياسية على إثارة مخاوف الأمريكيين من النفوذ الشيوعي في إيران، وحاولت إزالة الخوف الأمريكي من أن سقوط مصدق سيؤدي إلى وصول الشيوعيين إلى السلطة، لكن هذه المفاوضات لم تثمر. في هذه الأثناء، جرت انتخابات الرئاسة الأمريكية وفاز [[دوايت آیزنهاور]]، مرشح الحزب الجمهوري، في ديسمبر 1952، ليخلف [[هری ترومن]].

المراجعة الحالية بتاريخ ١٤:١٧، ١٩ أغسطس ٢٠٢٥


الخطوة الثانية للثورة

انقلاب 19 أغسطس 1953 لم يكن مجرد تغيير في السلطة فقط، بل كان بداية لتحولات اجتماعية واقتصادية واسعة وتغيرات فكرية وثقافية في المجتمع الإيراني. وقد خططت بریطانیا ونفذت هذه الحركة لاستعادة مصالحها النفطية، بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من خطر الشيوعية وتسعى للحصول على نصيب من نفط إيران. هذا الانقلاب الأمريكي-البريطاني كان يهدف، من منظور شامل، إلى القضاء على الحركة الوطنية وتجذيرها في كل المجالات، أو على الأقل تشويهها وإعادة السلطة والسيطرة الاستعمارية المفقودة. في الفترة بين 1949 و1950، كانت شركة النفط الإيرانية-البريطانية تملك أكبر مصفاة نفط في العالم في إيران، وكانت ثاني أكبر مصدر للنفط الخام وثالث أكبر احتياطي نفطي عالميًا. وكانت هذه المصادر تغطي 85% من احتياجات البحرية البريطانية من الوقود، وتحقق 75% من أرباح الشركة السنوية. لكن هذا الوضع تغير في عام 1950 بعد أن أقر البرلمان الإيراني قانون تأميم صناعة النفط بعد خمسين عامًا من السيطرة الأجنبية. عقب ذلك، ومع تولي محمد مصدق رئاسة الوزراء وتنفيذ قانون التأميم، دخلت العلاقات الدبلوماسية بين إيران وبریطانیا في أزمة حادة. ومع تقليص بريطانيا من إيرادات النفط الضخمة، شرعت باتخاذ إجراءات لاستعادة جزء من الامتيازات المفقودة، وسعت لإشراك الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المسعى. في تلك الفترة، اتبعت الولايات المتحدة وبريطانيا سياسات موحدة ضد الحركة الوطنية بهدف السيطرة على الموارد النفطية الإيرانية. وانتهت هذه الصراعات في عام 1953 بانقلاب 19 أغسطس، الذي قضى على حركة تأميم النفط وفتح عهدًا جديدًا من الديكتاتورية والاستبداد في إيران، كما اعتُبر نقطة انطلاق لتوسيع النفوذ الأمريكي في البلاد.

مخطط الانقلاب بيد البريطانيين

مع تأميم صناعة النفط الإيراني، خسرت الإمبراطورية البريطانية أكبر قاعدة ومصدر نفط لها. لذلك، سعوا لاستعادة موقعهم المفقود عبر إجراءات سرية شملت الحلول الدبلوماسية، الهجوم العسكري، الضغط الاقتصادي، وأخيرًا اللجوء إلى المحافل الدولية مثل محكمة لاهاي ومجلس الأمن لمواجهة حكومة مصدق، لكن دون تحقيق نتائج إيجابية. في كواليس هذه الحلول، دعم "آلان لمبتون"، الباحث البارز في شؤون إيران، وعدد من مستشاري وزارة الخارجية البريطانية فكرة مؤامرة للإطاحة بحكومة مصدق. في الخطوة الأولى، أُرسل "روبن زينر"، أستاذ اللغة الفارسية في جامعة أكسفورد، إلى طهران لتقريب صفوف المعارضة لمصدق. أول علامات نجاح هذه المؤامرة كانت تدخل المحافظين وقصر الشاه في انتخابات البرلمان السابع عشر وتعيين أحمد قوام رئيسًا للوزراء من قبل الشاه. لكن هذا المخطط فشل في 21 يوليو 1952 بقيادة آیت الله کاشانی، وأغلق دکتر حسین فاطمی، وزير الخارجية في حكومة مصدق، السفارة البريطانية في سبتمبر 1952 بسبب تورطها في المؤامرة. بعد هذه الانتكاسة، قرر قادة بريطانيا، خاصة تشرشل وأيدن وزير الخارجية، أن الحل الوحيد هو الانقلاب على مصدق. مع ذلك، لم تكن الولايات المتحدة مقتنعة بسقوط مصدق وكانت تفضل الحل الدبلوماسي، إذ كانت تعتبر مصدق آخر أمل لمنع انتشار الشيوعية في إيران والحفاظ على البلاد من الوقوع في قبضة الشرق. لذا، طالما كانت حكومة ترومان في السلطة، كان الديمقراطيون يسعون لمنع سقوط مصدق.

كان من الضروري حل المشاكل الاقتصادية ومشكلة النفط لدى مصدق. بناءً عليه، فشلت محاولات بريطانيا لجعل سياسة الولايات المتحدة تتماشى مع مؤامرة الإطاحة. كان تشرشل يدرك جيدًا أن تنفيذ أي خطة مستحيل بدون دعم أمريكي، لذا استمر البريطانيون في محاولة كسب تأييد الأمريكيين. ففي نوفمبر وديسمبر 1952، عقد "كريستوفر وودهوس"، المخطط الأول للانقلاب، اجتماعات في واشنطن مع ممثلي قسم الشرق الأدنى وأفريقيا بوزارة الخارجية الأمريكية لمناقشة إسقاط حكومة مصدق. ركزت بريطانيا في جهودها السياسية على إثارة مخاوف الأمريكيين من النفوذ الشيوعي في إيران، وحاولت إزالة الخوف الأمريكي من أن سقوط مصدق سيؤدي إلى وصول الشيوعيين إلى السلطة، لكن هذه المفاوضات لم تثمر. في هذه الأثناء، جرت انتخابات الرئاسة الأمريكية وفاز دوايت آیزنهاور، مرشح الحزب الجمهوري، في ديسمبر 1952، ليخلف هری ترومن.

مع تولي أيزنهاور، حدث تحول في سياسة أمريكا، حيث تحولت من سياسة "سد نفوذ ترومان" الداعمة لمصدق إلى سياسة أمنية عدائية وهجومية تحت شعار "الانتقام الشامل". ساعد هذا التحول في تبني سياسة نفطية ومواجهة الحكومة الوطنية لمصدق في إيران.

في 7 مارس 1953، أصدر وزير الخارجية الأمريكي جان فوستر دالاس ووزير الخارجية البريطاني آنتونی ایدن بيانًا مشتركًا قدموا فيه عرضًا جديدًا لصناعة النفط في إيران، لكنه قوبل برفض مصدق. فتح رفض هذا العرض الطريق لتعاون الولايات المتحدة مع بريطانيا في تنفيذ الانقلاب. في 17 مارس 1953، أبلغت الولايات المتحدة وزارة الخارجية البريطانية استعدادها لمناقشة تفاصيل تكتيك الإطاحة بمصدق. تبع ذلك عدة اجتماعات بين أجهزة المخابرات ووزارتي خارجية البلدين. في أواخر مارس، زار أيدن واشنطن وناقش مع كبار المسؤولين موضوع إيران واقترح تنفيذ الانقلاب. في نهاية مارس 1953، وافق كل من تشرشل وأيدن، وكذلك أيزنهاور ودالاس على خطة الانقلاب. في 25 يونيو 1953، عقد الاجتماع النهائي في مكتب وزير الخارجية الأمريكي للمصادقة على خطة التنفيذ. تضمنت الخطة: 1. شن حملة سياسية ودعائية واسعة لتصوير مصدق كشيوعي غامض، 2. تشجيع المعارضة على إثارة الفوضى والشغب، 3. الضغط على الشاه لعزل مصدق وتعيين زاهدی بدلاً منه، 4. كسب دعم ضباط الجيش لخلافة زاهدي لمصدق.

بعد المصادقة على الخطة، تولت وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) مسؤولية تنفيذها. عين البريطانيون وودهوس، رئيس عمليات جهاز الاستخبارات البريطانية (MI6) في طهران، مسؤولًا عن القسم الإيراني في العملية التي أطلقوا عليها اسم "تشكمه". أطلق الأمريكيون على الانقلاب اسم "عملية تي بي أجاكس"، وسافر كريميت روزفلت إلى إيران لتنفيذ الخطة. في 2 أغسطس 1953، التقى روزفلت، قائد الانقلاب، بالشاه وطرح عليه الخطة وحصل على موافقته النهائية لعزل مصدق وتعيين زاهدي. في 5 أغسطس، أكد أيزنهاور في خطاب له أن "أمريكا مصممة على إيقاف تقدم الشيوعية في إيران والدول الآسيوية الأخرى. كان انتصار رئيس الوزراء على الأقلية المعارضة في البرلمان وحله ثمرة تعاون مصدق وحزب توده." بتنسيق من الولايات المتحدة وبريطانيا، تصاعدت الحملات الدعائية ضد مصدق وحكومته، وصوروه كشخص فاسد، مؤيد للشيوعية، عدو للإسلام، ومدمر لروح وجاهزية القوات المسلحة. من أهم العوامل التي ركز عليها مخططو الحرب النفسية قبل الانقلاب كانت الحالة الاقتصادية المتدهورة في البلاد بسبب الحصار النفطي. أعلن أيزنهاور أنه حتى حل النزاع بين مصدق وبريطانيا، لن تشتري أمريكا نفط إيران أو تقدم مساعدات اقتصادية. في ذلك الوقت، لم تقتصر محاولات زعزعة استقرار الحكومة على الدعاية فقط، بل شكلت مجموعة مسلحة من الضباط المتقاعدين الموالين لزاهدي وبقائي اختطفت الجنرال محمد أفشار طوس، رئيس شرطة مصدق، ووجد جثته بعد أيام قرب طهران. كان هذا العمل ضربة قوية لحكومة مصدق وإنذارًا واضحًا بوجود حالة عدم استقرار.

العوامل الداخلية لتنفيذ الانقلاب

كان لدى البريطانيين في الانقلاب عناصر مجربة مثل لايمن بيمان، مسؤول ملف إيران في وزارة الخارجية البريطانية، نورمان داربي شاير من عملاء MI6 القدامى، روبن زينر الصحفي، وودهوس رئيس عمليات MI6 في طهران. أما الأمريكيون فقد ساهموا بأهم مواردهم وهي مبنى السفارة الأمريكية، التي كان يعمل بها 59 شخصًا يحملون حصانة دبلوماسية، يتظاهرون بأنهم ملحقون ثقافيون وصحفيون ومسؤولون تجاريون. ومع ذلك، لم يكن نجاح الانقلاب ممكنًا بدون دعم عوامل داخلية. غالبًا ما كانت المعارضة لمصدق تتألف من عناصر محافظة بلا شعبية، مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالسفارة البريطانية. بعضهم كان انتهازيًا، وبعضهم الآخر كان يرى مصالحه الخاصة مهددة من قبل مصدق، على غرار البريطانيين.

منذ فترة طويلة، أنشأت بريطانيا شبكة ضخمة من الجواسيس والعملاء السريين في إيران تحت قيادة وودهوس، رئيس قاعدة التجسس البريطانية في إيران في بداية خمسينيات القرن العشرين، الذين اكتسبوا مهارات من الرشوة إلى إشعال الفتن. عند تهيئة الظروف، كلفت هذه الشبكات باستخدام المؤيدين المحليين وشبكات التجسس المحلية بمحاولة إضعاف واستقرار حكومة مصدق. في تقييم شامل، أدرك البريطانيون أن القوة الحقيقية في إيران تكمن في الرأي العام، ولإسقاط مصدق كان يجب السيطرة على الرأي العام وكسب دعم الجماهير، أو على الأقل شراء جماهير الشوارع. وفقًا لخطة الانقلاب، توقع البريطانيون وجود قوتين منفصلتين تسيطران على طهران وتعتقلان مصدق ووزرائه: 1- القوات الحضرية التي تضم ضباط الجيش والشرطة رفيعي المستوى، أعضاء البرلمان، التجار، رؤساء تحرير الصحف، السياسيين المخضرمين وزعماء المتظاهرين بقيادة إخوة رشيدي (سيف الله، قدرت الله، وأسد الله)، 2- رؤساء القبائل مثل رؤساء قبائل البختياري، بوير أحمدي، ذو الفقاري، خمسه، مقدم، والقبائل العربية والقشقائية، الذين كان من المفترض أن يبرزوا في المدن الكبرى الجنوبية، وإذا قاوم حزب توده، كانوا سيستولون على مدن رئيسية مثل أصفهان وأبادان.

إلى جانب هؤلاء، كانت هناك شبكة سرية أخرى بقيادة شاپور ریپورتر - أسدالله علم، نشطة في إيران، مسؤولة عن قيادة العمليات والتواصل مع وكالة الاستخبارات المركزية وMI6. أُطلق على هذه العملية المشتركة اسم "عملية بيدامن". تضمنت محورين: عمليات تسلل سياسية وحملات دعائية وثقافية. عناصر تابعة للاستخبارات البريطانية ومسؤولو الحرب النفسية البريطانيون سلموا هؤلاء إلى CIA. في تلك الفترة، كان يُدفع للأتباع لإشعال هجمات مزيفة ضد القادة الدينيين، وعلى رأسهم آية الله كاشاني، لتظهر وكأنها بأمر من مصدق أو أنصاره.

تنفيذ مخطط الانقلاب

بتنسيق مع أفراد العائلة المالكة، عمل الأمريكيون والبريطانيون على جذب عملائهم لتنفيذ الانقلاب. كانت مسؤولية التخطيط والتنفيذ والإشراف على العملية الرئيسية بيد كريميت روزفلت الأمريكي. في 12 أغسطس 1953، أصدر الشاه أمرًا بعزل مصدق وتعيين اللواء زاهدي، ثم توجه إلى رامسر لانتظار النتائج. كُلّف العقيد نعمت الله نصيري، قائد حرس الشاه، بتنفيذ الانقلاب. في ليلة 15 أغسطس، بدأت المرحلة الأولى من الانقلاب بمشهد مسرحي عسكري، وسلم نصيري أمر عزل مصدق إليه. لكن مصدق، الذي كان على علم بالمؤامرة عبر بعض عملاء حزب توده في الجيش، اعتبر الأمر مزورًا وأصدر أمرًا باعتقال نصيري. فقام العقيد ممتاز، قائد حرس منزل رئيس الوزراء، باعتقال نصيري ومرافقيه. فور اعتقاله، بدأ مقاومة الانقلاب، وتم تطويق وتسليح وحدات الانقلاب واعتقال قادتهم. في النهاية، فشل الانقلاب بفضل حكمة رباط جأش مصدق، ومبادرة وتضحيات العقيد ممتاز والنقيب فشاركي وحراس منزل رئيس الوزراء. في 16 أغسطس، بث هذا الخبر وأثار حماسًا في المجتمع. اختفى منفذو الانقلاب، منهم زاهدي. بعد خروج الشاه، انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد. في تجمع كبير بساحة بهارستان، طالب وزير الخارجية حسين فاطمي بإلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية. أعلن مصدق فوزه في الاستفتاء وحل البرلمان. استمرت التظاهرات في 17 و18 أغسطس واشتبك الناس مع الشرطة، وهاجموا مراكز الاستخبارات الأمريكية في طهران والمحافظات. في 18 أغسطس، شعر مصدق بالخطر وأمر الجيش بمنع التجمعات والاحتجاجات، وطلب من الناس العودة إلى منازلهم. لكن في تلك الأيام، لم يكن المخططون والمنفذون العسكريون والسياسيون للانقلاب ساكنين، إذ نشروا أمر تعيين زاهدي رئيسًا للوزراء وحافظوا عليه في مخابئ CIA، ووزعوا الدولارات الأمريكية لتحضير تظاهرات مؤيدة للشاه من قبل الأوباش وبعض شرائح المجتمع المتخوفة من المتطرفين. كما تواصلوا مع بعض قادة الجيش في المحافظات للهجوم على العاصمة. جهزوا مجموعات لمهاجمة الشعارات المناهضة للوطن والدين لإثارة القلق والرعب بين الناس. بناءً على هذه الإجراءات، دخل الانقلاب مرحلته التنفيذية في صباح 19 أغسطس. وفقًا لتخطيط العقيد حسن أخوي، المنفذ الرئيسي للانقلاب، كان من المفترض استخدام الناس والفئات الهامشية ضد مصدق وحكومته، خاصة وأن حكومة مصدق كانت قد أمرت أنصاره بمغادرة الشوارع، مما وفر فرصة مثالية للانقلاب. في صباح 19 أغسطس، جلب عملاء CIA حشودًا كبيرة من الفقراء والرياضيين التقليديين بقيادة شعبان جعفري ومزارعي الأملاك الملكية إلى الشوارع، واحتلوا شوارع طهران ومكاتب الصحف والأحزاب التابعة للجبهة الوطنية دون اعتراض. انضم العسكريون إلى المتظاهرين وهتفوا "الموت لمصدق" و"عاشت الملكية" متجهين نحو منزل رئيس الوزراء والإذاعة. استولى المتظاهرون على محطة الإذاعة بعد الظهر، ولم يعد هناك أمل لمصدق. رغم مقاومة العقيد ممتاز وأفراد حراسته، احتل المهاجمون منزل رئيس الوزراء وأشعلوا فيه النار. في ذلك اليوم، صوت البرلمان على عزل مصدق بقرار شبه قانوني. في نهاية المطاف، أنهى تعاون العسكريين مع الأوباش مساء 19 أغسطس حكم مصدق. لكن في ذلك اليوم، كان فقط أعضاء حزب توده في الشوارع، وقد تعرضوا لقمع شديد وأصدرت الحكومة العسكرية لمصدق قرارًا يمنعهم من التظاهر. علمت حكومة مصدق بعمق الأزمة متأخرة جدًا، فصدمت وكان همهم الوحيد النجاة بأنفسهم.

ترسيخ أجواء الرعب والخوف

أصبح انقلاب 19 أغسطس نقطة انطلاق لعهد من القمع السياسي في البلاد. فور وقوع الانقلاب، أنشأ الانقلابيون جهاز الحاكم العسكري بدعم من حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا لتثبيت موقفهم، وخلق أجواء من الرعب والخوف في جميع أنحاء البلاد. اعتُقل محمد مصدق، ومعظم وزرائه وزملائه في الحكومة الوطنية، وعدد من أعضاء البرلمان، وواجه بعضهم المحاكمة والملاحقة القضائية. حُظر نشاط حزب توده والأحزاب التابعة للجبهة الوطنية، وسُجن بعض قادتها. توقفت الصحف الوطنية والمستقلة عن الصدور، وواجه أصحابها ومديروها قيودًا شديدة. مع استعادة الاستبداد، انتهى عصر ازدهار الحريات المدنية، وتغيرت مسارات تطورات إيران. تخلت حكومة مصدق عن سياسة الاقتصاد الوطني القائم على الاقتصاد الخالي من النفط، وأصبحت إيران تعتمد كليًا على الخارج، وخاصة الولايات المتحدة. مع ذلك، لم يستطع انقلاب 19 أغسطس استرجاع إنجازات الحركة الوطنية من الشعب الإيراني، بل على العكس، ساهم في تطوير ونضج النضال المناهض للاستعمار إلى نضال ضد الاستبداد، وأدى إلى تحول نوعي في مسيرة الحركة الوطنية في إيران. وفي النهاية، عندما زال الاستبداد الداخلي، انهارت السيطرة الخارجية تلقائيًا.

روابط ذات صلة

المصادر