الفرق بين المراجعتين لصفحة: «علي عبد الرازق»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ٣٣: سطر ٣٣:
<br>ولد علي عبد الرازق في قرية أبي جرج من أعمال محافظة المنيا ب[[مصر]] سنة 1888 م، وترعرع في بيت كبير من بيوت العلم والسياسة، إذ كان أبوه [[حسن عبد الرازق]] سياسياً مشهوراً، وهو في الوقت نفسه من [[علماء الأزهر]] يتزيّى‏ بزي العلماء، وكان صديقاً للأُستاذ الإمام [[محمّد عبده]]، والذي دأب على زيارة ندوة حسن عبد الرازق، وكان [[مصطفى عبد الرازق]] (شيخ الجامع الأزهر) وأخوه علي من طلّاب الأزهر، فرأيا في الإمام قدوة علمية وخلقية، وأخذا في السير على نهجه.
<br>ولد علي عبد الرازق في قرية أبي جرج من أعمال محافظة المنيا ب[[مصر]] سنة 1888 م، وترعرع في بيت كبير من بيوت العلم والسياسة، إذ كان أبوه [[حسن عبد الرازق]] سياسياً مشهوراً، وهو في الوقت نفسه من [[علماء الأزهر]] يتزيّى‏ بزي العلماء، وكان صديقاً للأُستاذ الإمام [[محمّد عبده]]، والذي دأب على زيارة ندوة حسن عبد الرازق، وكان [[مصطفى عبد الرازق]] (شيخ الجامع الأزهر) وأخوه علي من طلّاب الأزهر، فرأيا في الإمام قدوة علمية وخلقية، وأخذا في السير على نهجه.
=الدراسات=
=الدراسات=
<br>وأحاط بالعلوم الدينية واللغوية إحاطة جعلته يحرز شهادة العالمية بنجاح، وقد عُيّن مدرّساً بالأزهر، فآثر أن يدرّس الطلّاب علوم البلاغة على نهج جديد، إذ كانت «'''حواشي السعد'''» حينئذٍ هي المرجع الأوّل، مع ما أضافه الإمام محمّد عبده من تقرير كتاب «أسرار<br>البلاغة» و «دلائل الإعجاز» للإمام [[عبد القاهر الجرجاني]]، وقد قام بشرح فصول منهما، ولكن الوسط العلمي بالأزهر لم يُرحّب بهما على وجه مستنير؛ إذ كانت طريقة عبد القاهر تخالف منهج [[المدرسة السكّاكية]] في التعريف والتقعيد وإظهار الاعتراضات اللفظية والمنطقية، وأراد علي عبد الرازق أن يستعين بكتابي عبد القاهر في دروس جديدة يلقيها على الطلّاب، فكتب مؤلّفاً تحت عنوان «الأمالي، كان طليعة التأليف البلاغي المتحرّر بعض الشي‏ء من طريقة الحواشي، وبهذا الكتاب بزغ فجر جديد في التأليف [[البلاغي]] على يد علي عبد الرازق، على حدّ تعبير الدكتور محمّد رجب البيّومي.
<br>وأحاط بالعلوم الدينية واللغوية إحاطة جعلته يحرز شهادة العالمية بنجاح، وقد عُيّن مدرّساً بالأزهر، فآثر أن يدرّس الطلّاب علوم البلاغة على نهج جديد، إذ كانت «'''حواشي السعد'''» حينئذٍ هي المرجع الأوّل، مع ما أضافه الإمام محمّد عبده من تقرير كتاب «أسرار<br>البلاغة» و «دلائل الإعجاز» للإمام [[عبد القاهر الجرجاني]]، وقد قام بشرح فصول منهما، ولكن الوسط العلمي بالأزهر لم يُرحّب بهما على وجه مستنير؛ إ<br>
ذ كانت طريقة عبد القاهر تخالف منهج [[المدرسة السكّاكية]] في التعريف والتقعيد وإظهار الاعتراضات اللفظية والمنطقية، وأراد علي عبد الرازق أن يستعين بكتابي عبد القاهر في دروس جديدة يلقيها على الطلّاب، فكتب مؤلّفاً تحت عنوان «الأمالي، كان طليعة التأليف البلاغي المتحرّر بعض الشي‏ء من طريقة الحواشي، وبهذا الكتاب بزغ فجر جديد في التأليف [[البلاغي]] على يد علي عبد الرازق، على حدّ تعبير الدكتور محمّد رجب البيّومي.
=النشاطات=
=النشاطات=
<br>ثمّ سافر إلى [[إنجلترا]] سنة 1912 م، فالتحق بجامعة [[أُكسفورد]]، وأجاد الإنجليزية إجادة جعلته يقرأ كتب [[الاستشراق]] باهتمام، وحين قامت [[الحرب العالمية الأُولى]] سنة 1914 م رجع إلى مصر بعد عام من نشوبها، ليكون قاضياً بمحكمة [[الإسكندرية]] الشرعية، وليدرّس تطوّعاً لطلّاب المعهد الديني بالإسكندرية.
<br>ثمّ سافر إلى [[إنجلترا]] سنة 1912 م، فالتحق بجامعةأُكسفورد، وأجاد الإنجليزية إجادة جعلته يقرأ كتب [[الاستشراق]] باهتمام، وحين قامت الحرب العالمية الأُولى سنة 1914 م رجع إلى مصر بعد عام من نشوبها، ليكون قاضياً بمحكمة [[الإسكندرية]] الشرعية، وليدرّس تطوّعاً لطلّاب المعهد الديني بالإسكندرية.
<br>وظلّ الأُستاذ قائماً بوظيفته في القضاء الشرعي حتّى سنة 1925 م حين أصدر كتابه «الإسلام وأُصول الحكم»، فأحدث ضجّة عاتية لا يزال صداها يتردّد إلى الآن، وقد فُصل من وظيفته إزاء ما أصرّ عليه من صحّة ما قال.
<br>وظلّ الأُستاذ قائماً بوظيفته في القضاء الشرعي حتّى سنة 1925 م حين أصدر كتابه «الإسلام وأُصول الحكم»، فأحدث ضجّة عاتية لا يزال صداها يتردّد إلى الآن، وقد فُصل من وظيفته إزاء ما أصرّ عليه من صحّة ما قال.
<br>يقول الدكتور [[محمّد رجب البيّومي]]: «ولكي نقول كلمة الحقّ في هذا الكتاب الذي أحدث من البلبلة ما كان موضع صراع بين الأحزاب السياسية، نعلن أنّ الأُستاذ قد اجتهد فأخطأ؛ لأنّه قرّر أُموراً غير صحيحة ردّها الذين تفرّغوا لنقده، ومنهم: الإمام [[محمّد الخضر الحسين]]، والشيخ [[محمّد بخيت المطيعي]]، والشيخ [[محمّد الطاهر ابن عاشور]]، وغيرهم، كما جاء ردّ هيئة كبار العلماء يثبت على الأُستاذ ما يلي:<br>1- القول بأنّ الشريعة الإسلامية شريعة روحية محضة لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في أُمور الدنيا.
<br>يقول الدكتور محمّد رجب البيّومي: «ولكي نقول كلمة الحقّ في هذا الكتاب الذي أحدث من البلبلة ما كان موضع صراع بين الأحزاب السياسية، نعلن أنّ الأُستاذ قد اجتهد فأخطأ؛ لأنّه قرّر أُموراً غير صحيحة ردّها الذين تفرّغوا لنقده، ومنهم: الإمام [[محمّد الخضر الحسين]]، والشيخ محمّد بخيت المطيعي، والشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور، وغيرهم، كما جاء ردّ هيئة كبار العلماء يثبت على الأُستاذ ما يلي:<br>1- القول بأنّ الشريعة الإسلامية شريعة روحية محضة لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في أُمور الدنيا.
<br>2- القول بأنّ الدين لا يمنع من أنّ جهاد النبي صلى الله عليه و آله كان في سبيل الملك لا في سبيل الدين.
<br>2- القول بأنّ الدين لا يمنع من أنّ جهاد النبي صلى الله عليه و آله كان في سبيل الملك لا في سبيل الدين.
<br>3- القول بأنّ نظام الحكم في عهد النبي صلى الله عليه و آله موضع غموض وإبهام واضطراب ونقص وموجباً للحيرة.
<br>3- القول بأنّ نظام الحكم في عهد النبي صلى الله عليه و آله موضع غموض وإبهام واضطراب ونقص وموجباً للحيرة.
سطر ٤٤: سطر ٤٥:
<br>6- إنكار أنّ القضاء وظيفة شرعية.
<br>6- إنكار أنّ القضاء وظيفة شرعية.
<br>7- القول بأنّ حكومة [[أبي بكر]] و[[الخلفاء الراشدين]] من بعده كانت حكومة لا دينية.
<br>7- القول بأنّ حكومة [[أبي بكر]] و[[الخلفاء الراشدين]] من بعده كانت حكومة لا دينية.
<br>هذه هي الآراء الخاطئة التي صادفت اعتراض أُولي العلم، وقامت بنقضها هيئة كبار العلماء في بيان أصدرته للناس، كما قام بتفنيدها كبار العلماء في كتب مستقلّة، وقد أشرنا إلى ذلك. وإذا كان الأُستاذ قد قرأ كتب الاستشراق قراءة غير ناقدة، فإنّه تأثّر بها في هذه الآراء بما باعده عن الصواب. ومن الجدير بالذكر أنّه رجع عن هذه الآراء رجوعاً صريحاً أصدره في مقال نشره بمجلّة «[[رسالة الإسلام]]» تحت عنوان «الاجتهاد في نظر الإسلام»، والمقال مدوّن بالعدد الصادر في رمضان سنة 1380 ه الموافق يوليو سنة 1951 م في صفحتي 246- 247، وقد أشرت إلى تاريخ الصدور ورقم الصفحات لأقول للّذين ينكرون هذا الرجوع الصريح: إنّ الحقّ حقّ ولا مراء فيه، والمجلّة بين أيدينا... قال الأُستاذ: «قرأت بحثاً قيّماً للأُستاذ [[أحمد أمين]] جاء في صدره أنّه كان يتجادل معي، فقلت أثناء الجدال: إنّ دواء ذلك أن ترجع إلى ما نشرته قديماً من أنّ رسالة الإسلام رسالة روحية فقط، ولنا الحقّ فيما عدا ذلك من مسائل ومشاكل، وقد وقفت أمام كلمة «رسالة روحانية» ولم تشأ أن تمرّ دون أن تثير ذكرى قضية قديمة لهذه الكلمة معي، فقد زعم الطاعنون أنّي في هذا البحث قد جعلت [[الشريعة الإسلامية]] شريعة روحانية محضة، ورتّبوا على ذلك ما طوّعته لهم أنفسهم أن يفعلوا، أمّا أنا فقد رددت عليهم: بأنّي لم أقل في هذا الكتاب ولا غيره، ولا قلت شيئاً يشبه هذا الرأي ولا يدانيه». هذا ما قاله الأُستاذ علي في مجال التراجع؛ لأنّ الكتاب بأيدينا وهو يقول فيه بصريح العبارة ص 69 من الطبعة الأُولى: «ولاية الرسول على قومه‏<br>ولاية روحية منشأها إيمان القلب، وولاية الحاكم ولاية مادّية تعتمد على إخضاع الجسم من غير أن يكون له بالقلوب اتّصال، تلك زعامة دينية وهذه زعامة سياسية، ويا بعد ما بين السياسة والدين؟!». وإذاً فالرجل قد تراجع صريحاً دون أن يقول: إنّه تراجع، بل بإنكار ما قال من قبل من أنّ رسالة محمّد صلى الله عليه و آله روحية فقط.
<br>هذه هي الآراء الخاطئة التي صادفت اعتراض أُولي العلم، وقامت بنقضها هيئة كبار العلماء في بيان أصدرته للناس، كما قام بتفنيدها كبار العلماء في كتب مستقلّة، وقد أشرنا إلى ذلك. وإذا كان الأُستاذ قد قرأ كتب الاستشراق قراءة غير ناقدة، فإنّه تأثّر بها في هذه الآراء بما باعده عن الصواب. ومن الجدير بالذكر أنّه رجع عن هذه الآراء رجوعاً صريحاً أصدره في مقال نشره بمجلّة «[[رسالة الإسلام]]» تحت عنوان «الاجتهاد في نظر الإسلام»، والمقال مدوّن بالعدد الصادر في رمضان سنة 1380 ه الموافق يوليو سنة 1951 م في صفحتي 246- 247، وقد أشرت إلى تاريخ الصدور ورقم الصفحات لأقول للّذين ينكرون هذا الرجوع الصريح: <br>
إنّ الحقّ حقّ ولا مراء فيه، والمجلّة بين أيدينا... قال الأُستاذ: «قرأت بحثاً قيّماً للأُستاذ [[أحمد أمين]] جاء في صدره أنّه كان يتجادل معي، فقلت أثناء الجدال: إنّ دواء ذلك أن ترجع إلى ما نشرته قديماً من أنّ رسالة الإسلام رسالة روحية فقط، ولنا الحقّ فيما عدا ذلك من مسائل ومشاكل، وقد وقفت أمام كلمة «رسالة روحانية» ولم تشأ أن تمرّ دون أن تثير ذكرى قضية قديمة لهذه الكلمة معي، فقد زعم الطاعنون أنّي في هذا البحث قد جعلت [[الشريعة الإسلامية]] شريعة روحانية محضة، ورتّبوا على ذلك ما طوّعته لهم أنفسهم أن يفعلوا، أمّا أنا فقد رددت عليهم: بأنّي لم أقل في هذا الكتاب ولا غيره، ولا قلت شيئاً يشبه هذا الرأي ولا يدانيه». هذا ما قاله الأُستاذ علي في مجال التراجع؛ لأنّ الكتاب بأيدينا وهو يقول فيه بصريح العبارة ص 69 من الطبعة الأُولى: «ولاية الرسول على قومه‏<br>ولاية روحية منشأها إيمان القلب، وولاية الحاكم ولاية مادّية تعتمد على إخضاع الجسم من غير أن يكون له بالقلوب اتّصال، تلك زعامة دينية وهذه زعامة سياسية، <br>
ويا بعد ما بين السياسة والدين؟!». وإذاً فالرجل قد تراجع صريحاً دون أن يقول: إنّه تراجع، بل بإنكار ما قال من قبل من أنّ رسالة محمّد صلى الله عليه و آله روحية فقط.
<br>وقد انتخب علي عبد الرازق عضواً بمجمع اللغة العربية، كما انتخب عضواً بمجلس النوّاب ومجلس الشيوخ، كما اختير وزيراً للأوقاف في نهاية الأربعينيات. وكانت آراؤه في المجالس الثلاثة ذات نقد وتوجيه.
<br>وقد انتخب علي عبد الرازق عضواً بمجمع اللغة العربية، كما انتخب عضواً بمجلس النوّاب ومجلس الشيوخ، كما اختير وزيراً للأوقاف في نهاية الأربعينيات. وكانت آراؤه في المجالس الثلاثة ذات نقد وتوجيه.
=الوفاة=
=الوفاة=
سطر ٥٦: سطر ٥٩:
<br>
<br>
[[تصنيف:روّاد التقريب]]
[[تصنيف:روّاد التقريب]]
[[تصنيف:علماء مصر]]
[[تصنيف: الشخصيات ]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٠:٤٦، ١٩ أكتوبر ٢٠٢١

علي عبد الرازق
الاسم علي عبد الرازق‏
الاسم الکامل علي حسن عبد الرازق
تاريخ الولادة 1888م/1305ق
محل الولادة مصر
تاريخ الوفاة 1966م/1386ق
المهنة اسلام پژوه، متفکر، قاضی
الأساتید
الآثار الاسلام و اصول الحکم (اسلام و مبانی حکومت)،الاجماع فی الشریعة الاسلامیة
المذهب سنی

علي حسن عبد الرازق: مفكّر مصري معروف.

الولادة


ولد علي عبد الرازق في قرية أبي جرج من أعمال محافظة المنيا بمصر سنة 1888 م، وترعرع في بيت كبير من بيوت العلم والسياسة، إذ كان أبوه حسن عبد الرازق سياسياً مشهوراً، وهو في الوقت نفسه من علماء الأزهر يتزيّى‏ بزي العلماء، وكان صديقاً للأُستاذ الإمام محمّد عبده، والذي دأب على زيارة ندوة حسن عبد الرازق، وكان مصطفى عبد الرازق (شيخ الجامع الأزهر) وأخوه علي من طلّاب الأزهر، فرأيا في الإمام قدوة علمية وخلقية، وأخذا في السير على نهجه.

الدراسات


وأحاط بالعلوم الدينية واللغوية إحاطة جعلته يحرز شهادة العالمية بنجاح، وقد عُيّن مدرّساً بالأزهر، فآثر أن يدرّس الطلّاب علوم البلاغة على نهج جديد، إذ كانت «حواشي السعد» حينئذٍ هي المرجع الأوّل، مع ما أضافه الإمام محمّد عبده من تقرير كتاب «أسرار
البلاغة» و «دلائل الإعجاز» للإمام عبد القاهر الجرجاني، وقد قام بشرح فصول منهما، ولكن الوسط العلمي بالأزهر لم يُرحّب بهما على وجه مستنير؛ إ
ذ كانت طريقة عبد القاهر تخالف منهج المدرسة السكّاكية في التعريف والتقعيد وإظهار الاعتراضات اللفظية والمنطقية، وأراد علي عبد الرازق أن يستعين بكتابي عبد القاهر في دروس جديدة يلقيها على الطلّاب، فكتب مؤلّفاً تحت عنوان «الأمالي، كان طليعة التأليف البلاغي المتحرّر بعض الشي‏ء من طريقة الحواشي، وبهذا الكتاب بزغ فجر جديد في التأليف البلاغي على يد علي عبد الرازق، على حدّ تعبير الدكتور محمّد رجب البيّومي.

النشاطات


ثمّ سافر إلى إنجلترا سنة 1912 م، فالتحق بجامعةأُكسفورد، وأجاد الإنجليزية إجادة جعلته يقرأ كتب الاستشراق باهتمام، وحين قامت الحرب العالمية الأُولى سنة 1914 م رجع إلى مصر بعد عام من نشوبها، ليكون قاضياً بمحكمة الإسكندرية الشرعية، وليدرّس تطوّعاً لطلّاب المعهد الديني بالإسكندرية.
وظلّ الأُستاذ قائماً بوظيفته في القضاء الشرعي حتّى سنة 1925 م حين أصدر كتابه «الإسلام وأُصول الحكم»، فأحدث ضجّة عاتية لا يزال صداها يتردّد إلى الآن، وقد فُصل من وظيفته إزاء ما أصرّ عليه من صحّة ما قال.
يقول الدكتور محمّد رجب البيّومي: «ولكي نقول كلمة الحقّ في هذا الكتاب الذي أحدث من البلبلة ما كان موضع صراع بين الأحزاب السياسية، نعلن أنّ الأُستاذ قد اجتهد فأخطأ؛ لأنّه قرّر أُموراً غير صحيحة ردّها الذين تفرّغوا لنقده، ومنهم: الإمام محمّد الخضر الحسين، والشيخ محمّد بخيت المطيعي، والشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور، وغيرهم، كما جاء ردّ هيئة كبار العلماء يثبت على الأُستاذ ما يلي:
1- القول بأنّ الشريعة الإسلامية شريعة روحية محضة لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ في أُمور الدنيا.
2- القول بأنّ الدين لا يمنع من أنّ جهاد النبي صلى الله عليه و آله كان في سبيل الملك لا في سبيل الدين.
3- القول بأنّ نظام الحكم في عهد النبي صلى الله عليه و آله موضع غموض وإبهام واضطراب ونقص وموجباً للحيرة.
4- القول بأنّ مهمّة النبي صلى الله عليه و آله كان بلاغاً للشريعة مجرّداً عن الحكم والتنفيذ.
5- إنكار إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام، وعلى‏ أنّه لا بدّ للأُمّة من إمام يقوم بأمرها في الدين والدنيا.
6- إنكار أنّ القضاء وظيفة شرعية.
7- القول بأنّ حكومة أبي بكر والخلفاء الراشدين من بعده كانت حكومة لا دينية.
هذه هي الآراء الخاطئة التي صادفت اعتراض أُولي العلم، وقامت بنقضها هيئة كبار العلماء في بيان أصدرته للناس، كما قام بتفنيدها كبار العلماء في كتب مستقلّة، وقد أشرنا إلى ذلك. وإذا كان الأُستاذ قد قرأ كتب الاستشراق قراءة غير ناقدة، فإنّه تأثّر بها في هذه الآراء بما باعده عن الصواب. ومن الجدير بالذكر أنّه رجع عن هذه الآراء رجوعاً صريحاً أصدره في مقال نشره بمجلّة «رسالة الإسلام» تحت عنوان «الاجتهاد في نظر الإسلام»، والمقال مدوّن بالعدد الصادر في رمضان سنة 1380 ه الموافق يوليو سنة 1951 م في صفحتي 246- 247، وقد أشرت إلى تاريخ الصدور ورقم الصفحات لأقول للّذين ينكرون هذا الرجوع الصريح:
إنّ الحقّ حقّ ولا مراء فيه، والمجلّة بين أيدينا... قال الأُستاذ: «قرأت بحثاً قيّماً للأُستاذ أحمد أمين جاء في صدره أنّه كان يتجادل معي، فقلت أثناء الجدال: إنّ دواء ذلك أن ترجع إلى ما نشرته قديماً من أنّ رسالة الإسلام رسالة روحية فقط، ولنا الحقّ فيما عدا ذلك من مسائل ومشاكل، وقد وقفت أمام كلمة «رسالة روحانية» ولم تشأ أن تمرّ دون أن تثير ذكرى قضية قديمة لهذه الكلمة معي، فقد زعم الطاعنون أنّي في هذا البحث قد جعلت الشريعة الإسلامية شريعة روحانية محضة، ورتّبوا على ذلك ما طوّعته لهم أنفسهم أن يفعلوا، أمّا أنا فقد رددت عليهم: بأنّي لم أقل في هذا الكتاب ولا غيره، ولا قلت شيئاً يشبه هذا الرأي ولا يدانيه». هذا ما قاله الأُستاذ علي في مجال التراجع؛ لأنّ الكتاب بأيدينا وهو يقول فيه بصريح العبارة ص 69 من الطبعة الأُولى: «ولاية الرسول على قومه‏
ولاية روحية منشأها إيمان القلب، وولاية الحاكم ولاية مادّية تعتمد على إخضاع الجسم من غير أن يكون له بالقلوب اتّصال، تلك زعامة دينية وهذه زعامة سياسية،
ويا بعد ما بين السياسة والدين؟!». وإذاً فالرجل قد تراجع صريحاً دون أن يقول: إنّه تراجع، بل بإنكار ما قال من قبل من أنّ رسالة محمّد صلى الله عليه و آله روحية فقط.
وقد انتخب علي عبد الرازق عضواً بمجمع اللغة العربية، كما انتخب عضواً بمجلس النوّاب ومجلس الشيوخ، كما اختير وزيراً للأوقاف في نهاية الأربعينيات. وكانت آراؤه في المجالس الثلاثة ذات نقد وتوجيه.

الوفاة

توفّي سنة 1966 م، فأشادت الجرائد بحرّية فكره، واهتمامه في بحوثه بالجدّة والابتكار».

الآثار والمؤلّفات


وقد لابس المترجم له الحياة السياسية، ولكنّه في المجال العلمي لم يصدر غير الكتب الآتية: أمالي علي عبد الرازق في علم البيان وتاريخه، الإسلام وأُصول الحكم (بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام)، الإجماع في الشريعة الإسلامية (محاضرات ألقاها على طلّاب قسم الشريعة الإسلامية بكلّية الحقوق بالقاهرة)، وقد عارضه الإمام محمود شلتوت في بحوثه عن الإجماع دون أن يشير إلى الأُستاذ؛ ليكون الحديث موضوعياً لا ذاتياً، من آثار مصطفى عبد الرازق (وهو مجموعة لمقالات أخيه صدّرت بمقدّمة طويلة للأُستاذ علي عبد الرازق، تصلح أن تكون كتاباً مستقلّاً، وقد جمعت من أخبار الأدب والعلم والسياسة في هذا العصر ما تعدّ به مرجعاً مهمّاً)، مقالات متفرّقة نشرت بمجلّة «الهلال»، ومجلّة «الثقافة والسياسة» الأُسبوعية (ولو جمعت لكانت تراثاً حافلًا).
ولم يترك الأُستاذ علي عبد الرازق اهتمامه بتجديد البلاغة، حيث نشر فصولًا عن هذا التجديد بمجلّة «الهلال»، والذي يؤرّخون للتطوّر البلاغي في هذا العصر عليهم أن يرجعوا إلى ما كتب الأُستاذ في القديم والحديث.

المراجع

(انظر ترجمته في: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة 2: 1364، الأعلام للزركلي 4: 276، موسوعة السياسة 4: 188- 189، موسوعة ألف شخصية مصرية: 427، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي:
749- 752، موسوعة الأعلام 3: 63).