الفرق بين المراجعتين لصفحة: «محمد بيرم التونسي»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٠: سطر ٣٠:
</div>
</div>
'''محمّد بيرم (الخامس) بن مصطفى بن محمّد بن بيرم (الثالث) من بني بَيْرَم''': من علماء تونس ووجهائها، ومن أكثر المسلمين تفانياً في نصرة الإسلام.
'''محمّد بيرم (الخامس) بن مصطفى بن محمّد بن بيرم (الثالث) من بني بَيْرَم''': من علماء تونس ووجهائها، ومن أكثر المسلمين تفانياً في نصرة الإسلام.
<br>ولد في تونس سنة 1256 ه/ 1840 م، ويتّصل نسبه ببيرم، أحد قوّاد الجند العثماني الذي جاء تونس بقيادة سنان باشا سنة 981 ه.
=الولادة=
<br>تفقّه في جامع الزيتونة، ونشأ حرّ الضمير يكره الاستبداد، فسرّه إنشاء مجلس الشورى في الحكومة التونسية على عهد الصادق باشا، وكان من أكبر نصرائه، وتولّى رئاسة المجلس الوزير خير الدين باشا.
ولد في تونس سنة 1256 ه/ 1840 م، ويتّصل نسبه ببيرم، أحد قوّاد الجند العثماني الذي جاء تونس بقيادة سنان باشا سنة 981 ه.
<br>وتعيّن بيرم سنة 1287 ه مدرّساً في الجامع المذكور، وبعد سنتين توفّي والده عن ثروة طائلة، وظهرت في أثناء ذلك فتنة عمومية في الإيالة التونسية على إثر انحلال مجلس الشورى، فشقّ ذلك عليه، وتمكّنت علائقه مع خير الدين باشا من ذلك الحين؛ لاتّفاقهما في النقمة على الحكومة.
=الدراسة=
تفقّه في جامع الزيتونة، ونشأ حرّ الضمير يكره الاستبداد، فسرّه إنشاء مجلس الشورى في الحكومة التونسية على عهد الصادق باشا، وكان من أكبر نصرائه، وتولّى رئاسة المجلس الوزير خير الدين باشا.
=النشاطات=
وتعيّن بيرم سنة 1287 ه مدرّساً في الجامع المذكور، وبعد سنتين توفّي والده عن ثروة طائلة، وظهرت في أثناء ذلك فتنة عمومية في الإيالة التونسية على إثر انحلال مجلس الشورى، فشقّ ذلك عليه، وتمكّنت علائقه مع خير الدين باشا من ذلك الحين؛ لاتّفاقهما في النقمة على الحكومة.
<br>وفي سنة 1290 ه عاد خير الدين باشا إلى الوزارة الكبرى في [[تونس]]، فجاهر بيرم بنصرته وصرّح بآرائه السياسية على صفحات الجرائد، وهو أوّل من تجاسر على ذلك هناك. وأُعجب الوزير بنشاطه وتعقّله، فعهد إليه إدارة الأوقاف سنة 1291 ه، فأحسن إدارتها ونظمها.
<br>وفي سنة 1290 ه عاد خير الدين باشا إلى الوزارة الكبرى في [[تونس]]، فجاهر بيرم بنصرته وصرّح بآرائه السياسية على صفحات الجرائد، وهو أوّل من تجاسر على ذلك هناك. وأُعجب الوزير بنشاطه وتعقّله، فعهد إليه إدارة الأوقاف سنة 1291 ه، فأحسن إدارتها ونظمها.
<br>وأُصيب في السنة التالية بانحراف حمله على السفر إلى أوروبّا للاستشفاء، ولقي في باريس المارشال مكماهون فأكرمه، وحضر المعرض العامّ، وشاهد كثيراً من ثمار قرائح‏<br>أهل هذا التمدّن، فلمّا عاد إلى تونس أخذ في تنظيم مستشفاها على نحو ما رآه في مستشفيات أوروبّا.
<br>وأُصيب في السنة التالية بانحراف حمله على السفر إلى أوروبّا للاستشفاء، ولقي في باريس المارشال مكماهون فأكرمه، وحضر المعرض العامّ، وشاهد كثيراً من ثمار قرائح‏<br>أهل هذا التمدّن، فلمّا عاد إلى تونس أخذ في تنظيم مستشفاها على نحو ما رآه في مستشفيات أوروبّا.
سطر ٤٣: سطر ٤٦:
<br>واشتغل الشيخ محمّد بيرم في أثناء إقامته في الآستانة بالكتابة والتحرير، وراعى صحّته فتحسّنت كثيراً وقلّ استعماله للمورفين، وكانت وجهته النظر في ما آل إليه حال البلاد الإسلامية من طمع الأجانب، ووصف الأدوية لملافاة ذلك، ولم يجد الكلام نفعاً.
<br>واشتغل الشيخ محمّد بيرم في أثناء إقامته في الآستانة بالكتابة والتحرير، وراعى صحّته فتحسّنت كثيراً وقلّ استعماله للمورفين، وكانت وجهته النظر في ما آل إليه حال البلاد الإسلامية من طمع الأجانب، ووصف الأدوية لملافاة ذلك، ولم يجد الكلام نفعاً.
<br>ولمّا تحقّق رسوخ قدم فرنسا بتونس يئس من العودة إليها، فأراد أن يكون قريباً من أهله، فانتقل إلى مصر بعد الحوادث العرابية سنة 1884 م، وقد باع أملاكه في تونس ونقل عائلته منها، وأنشأ في مصر جريدة سياسية اسمها «الأعلام» تصدر ثلاث مرّات في الأُسبوع، ثمّ صارت أُسبوعية، وكانت خطّتها محاسنة الإنجليز والاستفادة منهم، فانتقد بعضهم عليه هذه الخطّة؛ لأنّها تخالف ما كان عليه في تونس، وأنّه إنّما هجرها فراراً من الحكم الأجنبي، فكيف يكلّف المصريّين عكس ذلك؟ ولكن الذين يرون رأيه كانوا يعتذرون بأنّه إنّما حثّ على محاسنة الإنجليز والاستفادة منهم؛ لأنّ معاكستهم- وأمر البلاد في أيديهم- لا يجدي نفعاً، وأنّ مجافاة الفرنسيّين أوجدت أسباباً ساعدتهم على ضمّ تونس إلى بلادهم. وقد ألجأه إلى انتهاج هذا المسلك أيضاً ما قاساه من ظلم الحكم الاستبدادي في تونس، وما آنسه من العوامل المحرّكة في مصر بإغراء بعض الأجانب الذين يغرون صدور الناس على حكّامهم ممّا يعود بالضرر.
<br>ولمّا تحقّق رسوخ قدم فرنسا بتونس يئس من العودة إليها، فأراد أن يكون قريباً من أهله، فانتقل إلى مصر بعد الحوادث العرابية سنة 1884 م، وقد باع أملاكه في تونس ونقل عائلته منها، وأنشأ في مصر جريدة سياسية اسمها «الأعلام» تصدر ثلاث مرّات في الأُسبوع، ثمّ صارت أُسبوعية، وكانت خطّتها محاسنة الإنجليز والاستفادة منهم، فانتقد بعضهم عليه هذه الخطّة؛ لأنّها تخالف ما كان عليه في تونس، وأنّه إنّما هجرها فراراً من الحكم الأجنبي، فكيف يكلّف المصريّين عكس ذلك؟ ولكن الذين يرون رأيه كانوا يعتذرون بأنّه إنّما حثّ على محاسنة الإنجليز والاستفادة منهم؛ لأنّ معاكستهم- وأمر البلاد في أيديهم- لا يجدي نفعاً، وأنّ مجافاة الفرنسيّين أوجدت أسباباً ساعدتهم على ضمّ تونس إلى بلادهم. وقد ألجأه إلى انتهاج هذا المسلك أيضاً ما قاساه من ظلم الحكم الاستبدادي في تونس، وما آنسه من العوامل المحرّكة في مصر بإغراء بعض الأجانب الذين يغرون صدور الناس على حكّامهم ممّا يعود بالضرر.
<br>واضطرّ بعد إقامته سنتين بمصر أن يعود إلى أوروبّا، فتمّم سياحاته فيها، وعاد إلى‏<br>مصر، فعيّنته الحكومة سنة 1889 م قاضياً في محكمة مصر الابتدائية، وكثيراً ما كلّفته الوزارة كتابة ملاحظاته على القضاء الشرعي؛ لأنّه كان واسع الاطّلاع فيه، وما زال عاملًا مجتهداً رغم ما يعتوره من المرض حتّى توفّي سنة 1307 ه/ 1889 م.
<br>واضطرّ بعد إقامته سنتين بمصر أن يعود إلى أوروبّا، فتمّم سياحاته فيها، وعاد إلى‏<br>مصر، فعيّنته الحكومة سنة 1889 م قاضياً في محكمة مصر الابتدائية، وكثيراً ما كلّفته الوزارة كتابة ملاحظاته على القضاء الشرعي؛ لأنّه كان واسع الاطّلاع فيه.
<br>وقد خلّف آثاراً كتابية، أكبرها كتاب «صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار»، طبع بمصر في خمسة أجزاء، وهو عبارة عن رحلة عامّة في أوروبّا ومصر والشام والحجاز وغيرها، وذكر فيها كثيراً من الحقائق التاريخية والاجتماعية عن بلاد العرب وتونس والجزائر لا تجدها في كتاب آخر، وأكثرها شاهده بنفسه أو كان داخلًا فيه ولا سيّما تاريخ تونس والجزائر.
=تأليفاته=
وقد خلّف آثاراً كتابية، أكبرها كتاب «صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار»، طبع بمصر في خمسة أجزاء، وهو عبارة عن رحلة عامّة في أوروبّا ومصر والشام والحجاز وغيرها، وذكر فيها كثيراً من الحقائق التاريخية والاجتماعية عن بلاد العرب وتونس والجزائر لا تجدها في كتاب آخر، وأكثرها شاهده بنفسه أو كان داخلًا فيه ولا سيّما تاريخ تونس والجزائر.
<br>وله ما خلا ذلك: رسالة «تحفة الخواصّ في حلّ صيد بندق الرصاص»، «مختصر في فنّ العروض»، رسالة في «التحقيق في شأن الرقيق»، بحث فيها عن كيفية معاملة الرقّ عند المسيحية، وأنّ منع الحكومات الإسلامية لتجارة الرقيق شرعي، كتاب '''«تجريد الأسنان للردّ على الخطيب رينان»'''، ردّ فيه على ما كتبه رينان في الإسلام والعلم، رسالة في جواز ابتياع أوراق الديون التي تصدرها الممالك الإسلامية، حتّى تبقى أموال المسلمين في بلادهم ولا يحجبهم عنها اشتباه الربا، وهو لا ينطبق في هذه الحالة عليها. وألّف كتاباً مسهباً في شأن التعليم بمصر، ذهب فيه إلى وجوب انتشاره باللغة العربية؛ لسهولة تناوله وتعميمه بين طبقات الناس.
<br>وله ما خلا ذلك: رسالة «تحفة الخواصّ في حلّ صيد بندق الرصاص»، «مختصر في فنّ العروض»، رسالة في «التحقيق في شأن الرقيق»، بحث فيها عن كيفية معاملة الرقّ عند المسيحية، وأنّ منع الحكومات الإسلامية لتجارة الرقيق شرعي، كتاب '''«تجريد الأسنان للردّ على الخطيب رينان»'''، ردّ فيه على ما كتبه رينان في الإسلام والعلم، رسالة في جواز ابتياع أوراق الديون التي تصدرها الممالك الإسلامية، حتّى تبقى أموال المسلمين في بلادهم ولا يحجبهم عنها اشتباه الربا، وهو لا ينطبق في هذه الحالة عليها. وألّف كتاباً مسهباً في شأن التعليم بمصر، ذهب فيه إلى وجوب انتشاره باللغة العربية؛ لسهولة تناوله وتعميمه بين طبقات الناس.
<br>يقول الأُستاذ يوسف المرعشلي: «وله كتابات أُخرى لم نقف على أسمائها، ويؤخذ من مجملها أنّ صاحب الترجمة كان من محبّي الإصلاح وتقريب المسلمين إلى عوامل التمدّن الحديث وإزالة ما قد يعترضهم من أشباه الموانع الدينية، على نحو ما كان يفعله الشيخ محمّد عبده».
<br>يقول الأُستاذ يوسف المرعشلي: «وله كتابات أُخرى لم نقف على أسمائها، ويؤخذ من مجملها أنّ صاحب الترجمة كان من محبّي الإصلاح وتقريب المسلمين إلى عوامل التمدّن الحديث وإزالة ما قد يعترضهم من أشباه الموانع الدينية، على نحو ما كان يفعله الشيخ محمّد عبده».
 
=الوفاة=
== المراجع ==
وما زال عاملًا مجتهداً رغم ما يعتوره من المرض حتّى توفّي سنة 1307 ه/ 1889 م.
= المراجع =
(انظر ترجمته في: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة 1: 613- 614، اكتفاء القنوع: 414، الأعلام للزركلي 7: 101، الأعلام الشرقية 2: 499، معجم المؤلّفين 12: 35- 36، موسوعة طبقات الفقهاء 14: 590- 591، نثر الجواهر والدرر 2: 1100- 1102، موسوعة الأعلام 2: 45).
(انظر ترجمته في: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة 1: 613- 614، اكتفاء القنوع: 414، الأعلام للزركلي 7: 101، الأعلام الشرقية 2: 499، معجم المؤلّفين 12: 35- 36، موسوعة طبقات الفقهاء 14: 590- 591، نثر الجواهر والدرر 2: 1100- 1102، موسوعة الأعلام 2: 45).
<br>
<br>
٤٬٩٤١

تعديل