الفرق بين المراجعتين لصفحة: «اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل»

(أنشأ الصفحة ب''''اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل:''' يعني اشتراک العالم والجاهل في الأحکام الشرعية ولا تخت...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ١٧: سطر ١٧:
واستدلّ لاشتراك الأحكام بعدّة وجوه:
واستدلّ لاشتراك الأحكام بعدّة وجوه:
دعوى [[الإجماع]] والضرورة على [[اشتراك الأحكام]] بين العالمين والجاهلين بها. <ref> أنظر: فوائد الأصول 3: 12، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 34.</ref>
دعوى [[الإجماع]] والضرورة على [[اشتراك الأحكام]] بين العالمين والجاهلين بها. <ref> أنظر: فوائد الأصول 3: 12، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 34.</ref>
===الدليل الثاني علی ثبوت الاشتراک بين العالم والجاهل===
الأخبار والتي اُدّعي تواترها على أنّ أحكامه تعالى تعمّ العالمين والجاهلين بها. <ref> أنظر: أنيس المجتهدين 2: 952، الفصول الغروية: 306 ـ 307، فرائد الأصول 1: 113، فوائد الأصول 3: 12.</ref>. وهذه الأخبار وإن لم تدل على الاشتراك صراحة، لكنها تدلّ عليه بالإيحاء، من قبيل الأخبار التي تدلّ على أنّ لكلّ واقعة حكما أنزله اللّه‏ تعالى في كتابه أوبيَّنه في سنة نبيّه، كقوله  عليه‏السلام: «ما من شيء إلاّ وفيه كتاب وسنة»<ref> الكافي 1: 59 كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة ح4.</ref>، وقوله  عليه‏السلام: «ما خلق اللّه‏ حلالاً ولا حراما إلاّ وله حدّ كحدّ الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار، حتّى أرش الخدش فما سواه والجلدة ونصف الجلدة»<ref> المصدر السابق ح3.</ref>، وقوله  عليه‏السلام: «بل كلّ شيء في كتاب اللّه‏ وسنة نبيه»<ref> المصدر نفسه: 62 كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة ح 10 .</ref>، وقوله  عليه‏السلام: «وما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصل في كتاب اللّه‏ عزّ وجلّ، ولكن لاتبلغه عقول الرجال»<ref> المصدر نفسه: 60 كتاب فضل العلم، باب الرد إلى الكتاب والسنة ح 6.</ref>. وغير ذلك من الأحاديث الدالّة على أنّ للّه‏ أحكاما في واقع الأمر جعلها في عهدة المكلّفين سواء علموا بها وأصابوها أم لم يعلموا بها ولم يصيبوها.
===الدليل الثالث علی ثبوت الاشتراک بين العالم والجاهل===
إنّ القول باختصاص الأحكام بالعالمين بها معناه أنّ العلم مأخوذ قيدا فيها وهو محال؛ بيان ذلك: أنّ الحكم لايتّصف بكونه حكما إلاّ إذا علم به المكلّف؛ لأ نّه  مأخوذ قيدا فيه، وما لم يوجد القيد وهو العلم به  لايتّصف بكونه حكما، فقبل العلم لا حكم أصلاً حتّى يعلم به المكلّف، والذي يجب أن يعلم به المكلّف هو ما يتّصف بكونه معلوما وهو خلف، وإذا استحال تقييد الأحكام بالعالمين بها لزم من ذلك إطلاقها وشمولها للجاهلين بها. <ref> أنظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 36، دروس في علم الأصول 1 :  333.</ref>
واُشكل على هذا الوجه أ نّه إذا استحال التقييد بالعالمين استحال الإطلاق أيضا؛ لأن التقابل بينهما من قبيل التقابل بين العدم والملكة، فالإطلاق لايكون في مورد إلاّ إذا أمكن فيه التقييد، فإذا استحال التقييد استحال الإطلاق أيضا فلا يمكن استفادة التعميم ببيان استحالة التقييد في المقام. <ref> أنظر: أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 37.</ref>
ورجّح الشيخ المظفر في المقام أن يكون التقابل بين الإطلاق والتقييد من قبيل السلب والإيجاب، وإذا ثبت امتناع التقييد ثبت الإطلاق بالضرورة، فإذا ثبت امتناع تقييد الأحكام بالعالمين بها ثبت إطلاقها للجاهلين بها؛ لأ نّه إذا امتنع السلب ثبت الإيجاب بالضرورة. <ref> أصول الفقه 3 ـ 4: 38.</ref>
===الدليل الرابع علی ثبوت الاشتراک بين العالم والجاهل===
ما ذكره [[المحقق النائيني]] من أنّ استفادة الاشتراك بين العالمين والجاهلين في الأحكام الشرعية إنّما تكون بواسطة متمم الجعل الذي ينتج نتيجة الإطلاق بعد استحالة نفس الإطلاق لاستحالة التقييد فيها وكون التقابل بينهما من قبيل التقابل بين الملكة والعدم، فلابدّ من استفادة الإطلاق وشمول الأحكام للعالمين والجاهلين بها من دليل آخر غير أدلّة نفس الأحكام، وهذا الدليل هو الإجماع أو الضرورة أو الروايات المتقدّمة الدالّة على اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين بها. <ref> فوائد الأصول 3: 12.</ref>
==القول الثاني==
ما ذهب إليه إليه بعض [[المصوّبة]] كـ [[الأشعري]] والقاضي و [[الغزالي]] إلى «أنّه ليس في الواقعة التي لا نصّ فيها حكم معين يطلب بالظنّ، بل الحكم يتبع الظنّ، وحكم اللّه‏ على كلّ مجتهد ما غلب على ظنّه»<ref> المستصفى 2: 213.</ref>. فلا يوجد للّه‏ حكم في الواقع، بل الحكم ما توصّلت إليه استنباطات المجتهدين وإن كانت متناقضة في نفسها، فيجعل اللّه‏ تعالى حكمه على ضوء ما توصّل إليه كلّ مجتهد بظنّه واستنباطاته ولايوجد حكم في الواقع يقاس عليه الأمر بالإصابة وعدم الإصابة، بل المجتهد دائما مصيب؛ لأنّ حكم اللّه‏ تعالى في حقّهما ما غلب عليه ظنّه، وإذا لم يكن للّه‏ تعالى حكم في الواقع، لا معنى لاشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين بها عندهم.
==القول الثالث==
ما ذهب إليه [[الأخباريون]] من التفصيل بين الأحكام الكلّية وبين الأحكام الجزئية والموضوعات الخارجية، فذهبوا إلى [[الاشتراك في الأحكام]] الكلية وإلى اختصاص الأحكام بالعالمين بها في الأحكام الجزئية، بحيث إنَّ واقع تلك الأحكام لاتثبت إلاّ في صورة العلم بها ولاتثبت في حالة الجهل. <ref> أنظر: محاضرات في أصول الفقه 2: 286.</ref>
قال المحقّق البحراني: «إنّ الشارع لم يجعل الحكم بالطهارة والنجاسة أمرا منوطا بالواقع ونفس الأمر وإنّما رتَّبها على الظاهر في نظر المكلّف، فأوجب عليه الصلاة في الثوب الطاهر، أي ما لايعلم بملاقاة النجاسة له وإن لاقته واقعا لا ما لم تلاقه النجاسة، ولا نقول: إنّه طاهر ظاهرا نجس واقعا، فإنّ النجس هو ما علم المكلّف بملاقاة النجاسة له لا ما لاقته النجاسة مطلقا».<ref> الدرر النجفية 1: 151.</ref>
وقال المحدّث الجزائري: «الذي يظهر من أخبار الأئمة الهادين  عليهم‏السلام التسامح في أمر الطهارات، وأنّ الطاهر والنجس هو ما حكم الشارع بطهارته ونجاسته لا ما باشرته النجاسة والطهارة، فالطاهر ليس هو الواقع في نفس الأمر، بل هو ما حكم الشارع بطهارته وكذا النجس».<ref> الدرر النجفية 1: 152 نقلاً عنه.</ref>
=آثار الاشتراك في الأحكام=
من آثار الاشتراك وشمول الأحكام للعالمين والجاهلين بها، استحقاق [[الجاهل المقصّر]] للعقاب، باعتبار أنّ الحكم ثابت في حقّه وجهله تقصيرا لايمنع من ثبوت العقاب في حقّه.
ومن آثاره أيضا: «إنّه يجب على كلّ مكلّف تعلّم ما يجب عليه ويحرم عليه من الأحكام المتعلّقة بالعبادات والمعاملات بشرط التمكُّن، فلو لم يتمكَّن كالمستضعف وأمثاله ممَّن يستحيل عادة أن يفهمها ومع ذلك بذل مجهوده فهو معذور، وكذا الحكم في من لم يتمكَّن من الوصول إلى العلماء، ولو تمكَّن من أخذ بعضها يجب عليه أخذه دون البعض الآخر»<ref> أنيس المجتهدين 1: 180.</ref>؛ لأنّ الأحكام ثابتة في حقّ الجاهل أيضا فهي فعلية في حقّه بمقدار وجوب الفحص عنها وعدم جواز الاعتذار عن ذلك بالجهل بها أو عدم وصولها إليه.
=وجوه تقييد بعض الأحكام بالعلم بها=
هناك بعض [[الأحكام الشرعية]] ذكر [[الفقهاء]] أ نّها مختصّة بالعالمين بها من قبيل [[الجهر والإخفات]] و [[القصر والتمام]]، ممّا يعني أنّ واقع هذه الأحكام لاتشمل غير العالمين بها، فكيف يتلاءم هذا مع القول باستحالة تقييد الأحكام بالعالمين بها؟
وقد ذكر في توجيه ذلك بيانان:
==الوجه الأول==
استفادة التقييد بواسطة [[متمّم الجعل]]؛ لأنّه لما كان تقييد الأحكام بالعالمين بها مستحيلاً، لابدّ من استفادة التقييد من دليل آخر غير نفس تلك الأدلّة الدالّة على وجوب الجهر والإخفات والقصر والتمام، فتقييد تلك الأحكام بصورة العلم بها يأخذ العلم فيها شرطا في ثبوت الحكم واقعا. <ref> فوائد الأصول 3: 12 ـ 13.</ref>
==الوجه الثاني==
ما ذكره الشيخ المظفر من الالتزام باشتراك وعموم الأحكام المذكورة حتّى للجاهلين بها واقعا، فتكون ثابتة في حقّهم أيضا كالعالمين بها، غاية الأمر أنّ [[الشارع]] أسقط تبعة تلك الأحكام عن الجاهلين بها، واستدلّ لذلك برواية وردت عن أبي جعفر  عليه‏السلام تخصّ المقام عبّر فيها الإمام بسقوط الإعادة فيمن صلى في السفر أربعا حيث قال: «إن كان قرئت عليه [[آية التقصير]] وفسّرت له فصلّى أربعا أعاد وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة»<ref> من لايحضره الفقيه 1: 279 كتاب الصلاة، باب 59 الصلاة في السفر ح1266.</ref>، فظاهر الرواية أنّ الحكم المذكور شامل للجاهل، غاية الأمر أنّ الشارع أسقط عنه تبعة هذا الحكم إرفاقا ومنّة عليه. <ref> أصول الفقه 3 ـ 4: 39 ـ 40.</ref>
ثُمّ إنّه هناك معنى آخر لاشتراك الأحكام، وهو اشتراك الأحكام بين المسلم والكافر، والرجل والمرأة، و [[المشافهين بالخطاب]] وغير المشافهين به، والموجودين حال الخطاب والمعدومين أثناءه، وقد وقع البحث في أنّ الكافر أو المرأة أو غير المشافهين بالخطاب أو المعدومين حال الخطاب هل يشملهم الخطاب الثابت في حقّ المسلم والرجل والمشافهين به والموجودين حاله أم لا؟
=المصادر=
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: اشتراک الأحکام]]