الفرق بين المراجعتين لصفحة: «اليمن»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
| سطر ١: | سطر ١: | ||
<br><div class="wikiInfo">[[ملف:Yemen.jpg |بديل=الخطوة الثانية للثورة|صورة مصغرة|الثورة الشعبية]]</div> | <br><div class="wikiInfo">[[ملف:Yemen.jpg |بديل=الخطوة الثانية للثورة|صورة مصغرة|الثورة الشعبية]]</div> | ||
<div class="wikiInfo">[[ملف: | <div class="wikiInfo">[[ملف:Yemen.png |بديل=الخطوة الثانية للثورة|صورة مصغرة|الثورة الشعبية]]</div> | ||
'''اليمن''' هو بلد يقع في جنوب غرب آسيا وشبه الجزيرة [[العربية]]، ويبلغ عدد سكانه حوالي 30 مليون نسمة، ومساحته أكثر من 500,000 كيلومتر مربع. اللغة الرسمية في اليمن هي العربية، والعملة المستخدمة هي الريال اليمني، وعاصمته صنعاء. ينقسم اليمن إداريًا إلى عشرين محافظة، ويتميز بساحلين رئيسيين: الساحل الغربي على البحر الأحمر والساحل الجنوبي على البحر العربي، بالإضافة إلى عدد من الجزر، وأهمها جزيرة سقطرى في البحر العربي<ref>سقطرى أو سوكوترا (Socotra) تقع عند مدخل مضيق عدن بين قارتين آسيا وأفريقيا، ويبلغ عدد سكانها بين 40 إلى 50 ألف نسمة. تشتهر هذه الجزيرة بتنوعها النباتي المدهش، خاصة الأشجار الغريبة التي تذكر بأفلام الخيال العلمي. حوالي ثلث النباتات في هذه الجزيرة، التي تتجاوز 900 نوع، لا توجد في أي مكان آخر في العالم، وهي مستوطنة في "سقطرى".</ref>. | '''اليمن''' هو بلد يقع في جنوب غرب آسيا وشبه الجزيرة [[العربية]]، ويبلغ عدد سكانه حوالي 30 مليون نسمة، ومساحته أكثر من 500,000 كيلومتر مربع. اللغة الرسمية في اليمن هي العربية، والعملة المستخدمة هي الريال اليمني، وعاصمته صنعاء. ينقسم اليمن إداريًا إلى عشرين محافظة، ويتميز بساحلين رئيسيين: الساحل الغربي على البحر الأحمر والساحل الجنوبي على البحر العربي، بالإضافة إلى عدد من الجزر، وأهمها جزيرة سقطرى في البحر العربي<ref>سقطرى أو سوكوترا (Socotra) تقع عند مدخل مضيق عدن بين قارتين آسيا وأفريقيا، ويبلغ عدد سكانها بين 40 إلى 50 ألف نسمة. تشتهر هذه الجزيرة بتنوعها النباتي المدهش، خاصة الأشجار الغريبة التي تذكر بأفلام الخيال العلمي. حوالي ثلث النباتات في هذه الجزيرة، التي تتجاوز 900 نوع، لا توجد في أي مكان آخر في العالم، وهي مستوطنة في "سقطرى".</ref>. | ||
المراجعة الحالية بتاريخ ١٣:٢٤، ١٤ يوليو ٢٠٢٥
اليمن هو بلد يقع في جنوب غرب آسيا وشبه الجزيرة العربية، ويبلغ عدد سكانه حوالي 30 مليون نسمة، ومساحته أكثر من 500,000 كيلومتر مربع. اللغة الرسمية في اليمن هي العربية، والعملة المستخدمة هي الريال اليمني، وعاصمته صنعاء. ينقسم اليمن إداريًا إلى عشرين محافظة، ويتميز بساحلين رئيسيين: الساحل الغربي على البحر الأحمر والساحل الجنوبي على البحر العربي، بالإضافة إلى عدد من الجزر، وأهمها جزيرة سقطرى في البحر العربي[١].
نظرًا لموقعه عند مدخل مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، يُعتبر اليمن واحدًا من أكثر خطوط النقل البحري نشاطًا واستراتيجية في العالم. يُعتبر هذا البلد واحدًا من أكثر المناطق خصوبة في شبه الجزيرة العربية، وبفضل موقعه الجغرافي الفريد وموانئه وجزره المهمة، كان دائمًا محط أنظار المستعمرين، وملأ تاريخ هذا البلد بالأحداث المتنوعة. اليمن هو نقطة استراتيجية حساسة تهم الشرق والغرب.
الوضع الجغرافي
تقع اليمن في جنوب غرب آسيا، في جنوب شبه الجزيرة العربية في منطقة الشرق الأوسط. عاصمتها مدينة صنعاء. عدد سكان اليمن يقارب 30 مليون نسمة، ومساحته تزيد عن 500 ألف كيلومتر مربع. اللغة الرسمية في هذا البلد هي العربية، وعملته الريال اليمني. تمتلك اليمن ساحلين رئيسيين، أحدهما ساحل غربي على البحر الأحمر، والآخر ساحل جنوبي على البحر العربي. كما تحتوي على أكثر من 100 جزيرة في البحر الأحمر والبحر العربي، والعديد منها يتمتع بجاذبية سياحية استثنائية. أهم هذه الجزر هو أرخبيل سقطرى في البحر العربي. نظرًا لوجودها عند مدخل مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، تُعتبر اليمن واحدة من أكثر خطوط النقل البحري نشاطًا واستراتيجية في العالم. يُعتبر مضيق باب المندب ثاني أهم مضيق في العالم بعد قناة السويس، حيث يمر عبره سنويًا أكثر من 20 ألف سفينة تحمل أنواعًا مختلفة من البضائع.
لطالما عُرفت اليمن بموقعها الجغرافي الخاص وجاذبيتها وثرواتها الطبيعية الوفيرة باسم "اليمن السعيد" أو "اليمن المبارك"، وأحيانًا "اليمن الأخضر"[٢]. ومع ذلك، فإن أكثر من نصف أراضي اليمن عبارة عن صحاري وكثبان رملية، بينما تقع المناطق الخضراء والجبيلة في غرب البلاد.
تنقسم اليمن إداريًا إلى عشرين محافظة: عدن، عمران، أبين، الضالع، البيضاء، الحديدة، الجوف، المهرة، المحويت، منطقة العاصمة صنعاء (الأمانة)، ذمار، حضرموت، حجة، إب، لحج، مأرب، ريمة، صعدة، محافظة صنعاء، شبوة، وتعز.
تُعتبر المدن الرئيسية في اليمن هي: صنعاء، عدن، المكلا، مأرب، والحديدة. وتُعد محافظات مأرب، حضرموت، وشبوة هي المناطق الرئيسية الغنية بالنفط في اليمن. حوالي 90% من صادرات اليمن هي من النفط[٣].
بين عامي 1962 و1990، كانت اليمن مقسمة إلى دولتين: الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) والجمهورية الديمقراطية اليمنية (اليمن الجنوبي)، حيث اتحدتا في عام 1990 لتشكيل الجمهورية اليمنية. في عام 1994، اندلعت حرب أهلية بين الانفصاليين الجنوبيين والحكومة المركزية، والتي انتهت بانتصار الشماليين واستمرار الاتحاد[٤].
الوضع السياسي
تُعتبر الحكومة في اليمن جمهورية، حيث يُعتبر الرئيس رئيس الحكومة، ويتم انتخابه من قبل الشعب لفترات مدتها 7 سنوات. يجب على الرئيس اختيار رئيس الدولة. يتكون مجلس الشيوخ في اليمن من 111 مقعدًا، ويُحدد أعضاؤه من قبل الرئيس. بينما يتكون مجلس النواب من حوالي 301 مقعد، ويتم انتخاب أعضائه من قبل الشعب لفترات مدتها 6 سنوات. لم يتغير الهيكل السياسي في اليمن حتى الآن بشكل مكتوب.
الهيكل الاجتماعي في اليمن قبلي، حيث تسيطر زعامات القبائل على القرى ومعظم المدن. يشكل ائتلاف زعماء القبائل مع الجماعات وأصحاب السلطة الهيكل السياسي في اليمن. تُعتبر قبيلتا "حاشد" و"بكيل" من أهم القبائل في اليمن، وتسيطران على باقي القبائل[٥].
تاريخ اليمن
قبل الإسلام، كانت اليمن تحت حكم ثلاث مجموعات رئيسية، وهي: قوم سبأ وحمير (الذين عاشوا في فترة ما قبل الميلاد)، ثم الأحباش، وأخيرًا الإيرانيون[٦]. في أواخر فترة حكم الأحباش، حدثت العديد من الثورات من قبل سكان هذه الأرض لتحرير اليمن من سيطرة الأحباش، لكن جميعها باءت بالفشل، حتى جاء الإيرانيون وطردوا الأحباش، ومنذ ذلك الحين تولى الحكام الساسانيون حكم اليمن، واستمر هذا الوضع حتى ظهور الإسلام. يُعتقد أن فتح اليمن على يد الإيرانيين حدث بين عامي 562 و572 ميلادي، وهو ما يتزامن مع فترة طفولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. مع ظهور الإسلام، اعتنق آخر حاكم إيراني لليمن (الذي يُدعى باذام) الإسلام، وتم الاعتراف بحكمه من قبل النبي محمد واستمر حكمه.
يعتقد الباحثون أن اليمن هو البلد العربي الوحيد الذي لم يتغير فيه أصل ولغة السكان. يعتبر العرب في اليمن، الذين يشكلون غالبية سكان البلاد، أنهم ينتمون إلى العرب القحطانيين، وبالتالي يعتبرون أنفسهم عربًا أصيلين. يتمتع سكان اليمن بمدنية وثقافة أعلى مقارنة ببقية العرب[٧].
لقد أدى وجود القبائل والحضارات القديمة إلى أن تكون أرض اليمن مليئة بالآثار التاريخية. من سمات الحضارة اليمنية إنشاء أراضٍ خصبة وزراعة متقدمة، مما جعلهم من أوائل العرب الذين اهتموا بالمدنية، العمارة، والزراعة[٨].
يُقال إن اليمن هو البلد الوحيد الذي اعتنق سكانه الإسلام دون حروب أو دماء. بعد أن أعلن النبي محمد دعوته، كتب رسائل إلى البلدان والقبائل المختلفة يدعوهم إلى الإسلام. أرسل أولاً خالد بن الوليد مع مجموعة إلى اليمن، لكنهم لم يتمكنوا من إسلام أي شخص خلال ستة أشهر من وجودهم. بعد ذلك، أرسل النبي محمد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى اليمن. عند وصوله إلى اليمن، تجمع حوله أفراد قبيلة حمدان، التي تُعتبر من أكبر قبائل اليمن، وقرأ لهم رسالة النبي. كان لحديث النبي تأثير عميق على قبيلة حمدان، فأسلم جميعهم في يوم واحد.
بعد إسلام قبيلة حمدان، بدأ بقية سكان اليمن أيضًا في اعتناق الإسلام تدريجيًا. يفتخر اليمنيون بأنهم اعتنقوا الإسلام على يد أمير المؤمنين (عليه السلام) دون إراقة دماء. بعد اعتناقهم الإسلام، لعبوا أدوارًا مهمة في مختلف مجالات الحياة الإسلامية، وشاركوا بنشاط في الفتوحات والأحداث الأخرى. أدى إسلام هؤلاء الناس على يد أمير المؤمنين إلى بروز المحبة والولاء لآل البيت في نفوس اليمنيين[٩].
الأديان والمذاهب
تقريبًا جميع سكان اليمن (حوالي 99%) مسلمون. وفقًا لما ورد في الموسوعة الحرة ويكيبيديا، حوالي 30% من سكان اليمن هم من الشيعة الزيدية، 50% من أهل السنة الشافعية، 10% وهابية وحنبلية، 5% مالكية، 4% شيعة اثنا عشرية وإسماعيلية، و1% غير مسلمين.
يعيش أهل السنة بشكل رئيسي في الجنوب والجنوب الشرقي في المناطق الساحلية، بينما يعيش الشيعة الزيدية بشكل رئيسي في الشمال والشمال الغربي في المناطق الجبلية حيث يتركز معظم سكان اليمن. يعيش الإسماعيليون بشكل رئيسي في المراكز الرئيسية مثل صنعاء ومأرب. على الرغم من الاختلافات المذهبية، لم يكن هناك أبدًا كراهية أو عداء بين الناس في اليمن.
الزيدية
أهم تيار فكري وعقائدي في اليمن الحالي هو "الزيدية". جزء كبير من تاريخ اليمن مرتبط بحكم الزيديين الذين كانوا في السلطة منذ العصر العباسي في هذه الأرض، حيث حكموا لمدة تقارب 1100 عام، من حوالي 900 إلى 1962 ميلادي.
تعود أصول الزيديين في اليمن إلى ترجمان الدين قاسم بن إبراهيم الرسي (170-244 هـ / 786-858 م) الذي كان فقيهًا، متكلمًا، باحثًا، مؤلفًا ومجاهدًا. يحظى بمكانة خاصة بين الزيديين، لأنه أولاً يعتبر جد الحكام والأئمة الزيديين في اليمن، وثانيًا لأن أفكاره وآرائه الفقهية كانت لها تأثير كبير على انتشار المذهب الزيدي في اليمن، ولهذا السبب يُطلق على الزيديين في اليمن أيضًا "القاسمية". ابنُه حسين الرسي كان أيضًا من الفقهاء والمحققين والمجاهدين من أسرة الطباطبائي، وقد قام خلال حياة والده بنشر المذهب الزيدي وآرائه الفقهية في اليمن. نتيجة لهذه الدعوات، نما المذهب الشيعي الزيدي في اليمن بجوار المذاهب الإسلامية الأخرى، وأصبح بعد فترة قصيرة المذهب الإسلامي الأكثر نفوذًا في تلك المنطقة. أدى انتشار المذهب الزيدي إلى ظهور دولة بني طباطبا[١٠].
الزيدية هم أتباع إمامة زيد بن الإمام السجاد (عليه السلام). يعتقد الشيعة الزيدية مثل الشيعة الاثني عشرية أن الإمامة قائمة على نص النبي محمد، لكن الإمامية يرون أن النص النبوي يتعلق فقط بخلافة الأئمة الاثني عشر من عترته، بينما الزيدية يعتقدون أن النص النبوي يشمل جميع أبناء الحسن والحسين من السيدة فاطمة (سلام الله عليها).
تتفق جميع الفرق الإسلامية، بما في ذلك أهل السنة، والمعتزلة، والشيعة، على تفوق زيد في العلم والمعرفة. كان حجته في الفقه، وكان من أفضل العباد والزهاد في زمانه، ولم يكن له نظير في السلوك والأخلاق. قال زياد بن منذر: "كنت جالسًا عند الإمام الباقر (عليه السلام) عندما جاء زيد بن علي، فلما نظر الإمام إليه قال: هذا سيد في عائلته، ودمه هو الذي يطلب الثأر، ما أكرمك يا زيد، وما أكرم أمك التي أنجبتك"[١١]. أما أبو حنيفة نعمان بن ثابت فقال عنه: "لم أرَ في عصره فقيهًا أعلم، أو أبلغ، أو أقدر على الرد منه. بلا شك، كان لا نظير له"[١٢].
كان زيد يشترط شروطًا خاصة للإمامة؛ حيث اعتبر أن الإمام يجب أن يكون من نسل السيدة فاطمة (سلام الله عليها)، وأن يقوم بالسيف، ويدعو إلى كتاب الله وسنة النبي، وأن يكون عالمًا بأحكام الله، وأن يدعو الناس إلى إمامته. نظرًا لأن تفكير زيد كان يدور حول الثورة ضد الظلم، فقد قام بالفعل بثورة ضد هشام بن عبد الملك، وأخيرًا ضحى بحياته في هذا الطريق. بناءً على هذا الأساس، كان ينكر أصل التقية الذي يؤمن به الإمامية. كان يعتبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أفضل الصحابة للنبي، لكنه يعتقد أن خلافة أبي بكر وعمر أيضًا كانت صحيحة وواجب الطاعة. انضم العديد من أهل البيت وغيرهم إلى هذا المذهب، وقاموا بنشر مبادئه وأفكاره، وبالتالي تشكلت فرقة الزيدية. تستند تعاليم هذه الفرقة في الأصل إلى تعاليم وآراء زيد بن علي[١٣].
عقائد الزيدية
يعتبر المذهب الزيدي في الأصول العقائدية، بخلاف مسألة الإمامة، قريبًا من العدلية وفي الفقه يتبع المذهب الحنفي[١٤]. وقد قيل إن زيد بن علي، زعيم الزيدية، كان تلميذًا لواصل بن عطاء المعتزلي. بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، يعتبر الزيديون زيد الشهيد إمامًا، ويعتبرون الإمام زين العابدين (عليه السلام) هو فقط إمام العلم والمعرفة، وليس الإمام بمعنى القائد السياسي والزعيم الإسلامي، لأن أحد شروط الإمام من وجهة نظرهم هو القيام بالثورة المسلحة ضد الظالمين. معظم الكتاب الزيديين لا يعتبرون الإمام زين العابدين (عليه السلام) من أئمتهم، بل يعتبرون حسن المثنى، ابن الإمام حسن المجتبى (عليه السلام) هو الإمام[١٥].
وجهة نظر الزيدية في أصول الدين تشبه وجهة نظر الإمامية. بين الفرق الشيعية المختلفة، تمتلك الزيدية أقرب العقائد إلى وجهة نظر الإمامية. يؤمنون مع الاعتقاد بالحسن والقبح العقلي، مثل باقي الشيعة، بمبدأ التوحيد والعدل كأهم المبادئ العقائدية، وينكرون أي تشبيه وتجسيم لله. كما يرون الله عادلًا ويعتقدون أنه يحكم بناءً على المصالح والمفاسد، ويجازي ويعاقب. بالإضافة إلى ذلك، يعتبرون الإنسان مختارًا وينفون بشدة وجهة نظر الجبريين.
تعتبر الزيدية أن النبوة والإمامة من المبادئ الأساسية للدين، لكن وجهة نظرهم بشأن الإمامة تختلف عن وجهة نظر الإمامية. يقول السيد يحيى طالب الشريف، أحد المستبصرين الزيديين: "في رأيي، سيتلاشى الزيديون تدريجيًا في الشيعة الاثني عشرية. الزيديون لديهم روايات قليلة جدًا. كلمة إمام لا تحمل قدسية في نظر الزيديين. أي طالب علم يقرأ قليلاً يدعي الإمامة، وهذا هو السبب في حدوث النزاعات والمشاكل".[١٦].
تعتبر الزيدية أيضًا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مبادئ الدين[١٧]، ويعتبرون أن الهجرة من أرض يظهر فيها الناس المعصية إلى مكان لا توجد فيه معصية واجبة. [١٨] بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الزيديون، مثل المعتزلة، أن هناك منزلة بين المنزلتين، أي أنهم لا يعتبرون مرتكب الكبيرة مؤمنًا كما يرى المرجئة، ولا كافرًا كما يرى الخوارج، بل يعتبرونه فاسقًا فقط.[١٩]
فرق الزيدية
تنقسم الزيدية إلى عدة فرق فرعية، وأهمها ثلاث فرق: الجارودية، البترية، والجريرية.
الجارودية
هذه الفرقة أتباع أبو الجارود زياد بن منذر العبدي. كان أبو الجارود من أتباع الإمام الباقر والإمام الصادق، لكنه تركهم وانضم إلى الزيدية. كان يعتقد بوجود نص بشأن إمامة علي والحسنين من النبي، ولكن هذا النص كان وصفًا وليس تسمية، وقد انقطع بعد ذلك.[٢٠] على الرغم من أن الجارودية اعترفوا بإمامة زيد، إلا أنهم تجاوزوا آراءه واعتقدوا أن الناس باختيارهم لغير علي بن أبي طالب وعدم بيعتهم له قد ضلوا. الإمامة مستحقة فقط لأبناء الإمام الحسن والإمام الحسين، ومن يتخلف عن بيعة الإمام يعتبر كافرًا. وقد اعتبر البعض الجارودية رافضة بسبب طعنهم في الشيخين والصحابة.[٢١] يعتقد البعض أن الزيدية في الحقيقة جارودية، وأن جميع الأئمة وأتباعهم بعد زيد بن علي كانوا من هذه الفرقة. بناءً عليه، يمكن القول إن الزيدية اليوم تحمل نفس أفكار الجارودية التاريخية مع بعض التعديلات.[٢٢]
البترية (الصالحية)
سُميت بهذا الاسم لأنها من أتباع حسن بن صالح بن حي همداني (100-168 هـ) ومن أصحاب كثير النواي أبتر. كانت البترية تكفر الجارودية بسبب طعنهم في الشيخين والصحابة. في اعتقادهم، كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) أفضل الصحابة وأولى بالإمامة، لكن خلافة أبي بكر وعمر لم تكن خطأً، لأن أمير المؤمنين قد رضي بخلافتهم. كما كانوا يرون أن قيام إمامين في منطقتين مختلفتين جائز، وأن طاعة كليهما واجبة. انضم المعتزلة في بغداد إلى فرقة الصالحية، وكان الصالحية أيضًا في الأصول تابعين لمذهب الاعتزال.[٢٣]
الجريرية (السليمانية)
أتباع سليمان بن جرير الرقي، الذين يعتبرون علي بن أبي طالب (عليه السلام) أفضل الصحابة وأولى بالخلافة، لكنهم يرون أن النبي لم ينص على خلافته، رغم أنه كان يفضل أن يكون علي (عليه السلام) خليفة، لذا يعتبرون أن خطأ الصحابة كان خطأ اجتهاديًا وليس ذنبًا. هذه الطائفة تبرأت من عثمان، وتعتبر محاربي علي (عليه السلام) كفارًا، وكما هو الحال مع باقي فرق الزيدية، يعتبرون الإمامة حقًا حصريًا لأبناء فاطمة (سلام الله عليها).[٢٤] تعتقد الجريرية أن تعيين الإمام لا يكون إلا من خلال مجلس من الناس يتكون على الأقل من اثنين من مختاري الأمة. في اعتقادهم، الإمامة المفضولة مع وجود الأفضل جائزة، وأن علي (عليه السلام) هو الإمام، وأن بيعة أبي بكر وعمر كانت خطأ.[٢٥]
الزيدية في اليمن
بعد استشهاد زيد بن علي، قامت الزيدية بعدة ثورات في مناطق مختلفة مثل خراسان، المدينة، البصرة، الكوفة، طالقان، طبرستان، واليمن، وكان آخرها من أهم الثورات التي أدت إلى تشكيل حكم الزيديين في طبرستان واليمن.[٢٦] تم نقل المذهب الزيدي رسميًا إلى اليمن على يد يحيى بن حسين بن قاسم، من أحفاد الإمام حسن المجتبى (عليه السلام)، المعروف بالهادي إلى الحق، حيث بايعه أهل اليمن في عام 280 هـ. بعد يحيى بن حسين، تولى أبناؤه الإمامة والسلطة في اليمن واحدًا تلو الآخر، بحيث استمرت سلسلة الإمامة الزيدية بشكل رئيسي في أسرة يحيى، وشملت حوالي ستين إمامًا يُعرفون بالحسنيين.
استمر حكم الزيديين في اليمن حتى انقلاب 1960 م بقيادة عبدالرحمن الآرياني أو ثورة 1962 م، مع بعض التقلبات. خلال هذه الفترة الطويلة، احتفظ الزيديون دائمًا بالسيطرة على الأجزاء الشمالية من اليمن، على الرغم من أن نطاق نفوذهم كان أحيانًا يمتد إلى مناطق أخرى أيضًا.[٢٧] لكن، بخلاف فترة الهادي إلى الحق وبعض الأئمة الزيديين الآخرين، لم يتمكن الزيديون في اليمن من إنشاء حكومة قوية، حيث قام إمام واحد بين الحين والآخر بالثورة وحكم بعض المدن لفترة قصيرة، ثم فقدت هذه السلطة الصغيرة بسبب الحروب الأهلية. زادت هذه الفوضى منذ القرن الحادي عشر، حيث كان حكم الزيديين دائمًا مصحوبًا بالثورات والنزاعات. كانت الانقسامات الناتجة عن الهجمات المتكررة للأتراك العثمانيين، وادعاءات الإمامة المستمرة، وعدم الانسجام، ونظام القبائل السائد في اليمن من عوامل عدم الاستقرار السياسي القوي في اليمن.[٢٨]
تزامن نشر واسع للكتب وأفكار المعتزلة بين الزيدية في اليمن مع ظهور تيار المطرفية بينهم. كانت المطرفية مجموعة من الزيديين الذين اعتبروا أنفسهم أتباع الهادي يحيى بن حسين، وقدموا آراء خاصة في المسائل العقائدية تتعارض مع المعتقدات المعروفة للزيدية، ويعتقد البعض أنها تأثرت بمذهب أبو القاسم البلخي، أحد زعماء المعتزلة في البصرة. لجأ الأئمة والعلماء الزيديون لمواجهة هذا التيار إلى التراث الفكري والكلامي للمعتزلة الآخرين، مما أدى إلى نقل كتب المعتزلة والشخصيات المتأثرة بهم من العراق وإيران إلى اليمن في القرن السادس الهجري، وبالتالي ظهر تيار في الزيدية اليمنية في القرون اللاحقة تأثر بالمعتزلة وأفكارهم.
في مواجهة هذا التيار، مثل بعض العلماء الزيديين تيارًا مشابهًا لتوجه أهل الحديث، ومن جهة أخرى ابتعدوا عن التيار الزيدي الأصيل والشيعي. وبالتالي، وجد التيار الأصيل للزيدية نفسه بين تيارين متجهين نحو أفكار غير شيعية، لكنهما مختلفان، وهما تيار العقلانيين المتجه نحو المعتزلة، وتيار النقلانيين المتجه نحو أهل الحديث.[٢٩]
الزيدية في اليمن في العصر الحديث
مع سقوط الإمبراطورية العثمانية في عام 1337 هـ / 1918 م خلال الحرب العالمية الأولى، أتيحت الفرصة لحكم زيدي آخر يُدعى أحمد بن محمد بن يحيى، الذي كان في الواقع آخر حكام الزيدية، وتمكن من السيطرة على اليمن. انتهى حكم أحمد بن محمد في عام 1962 م مع انقلاب عبدالله سلال. ومنذ ذلك الحين، أُقيمت الحكومة الجمهورية في اليمن، وتم إبعاد سلسلة الزيدية عن سدة الحكم. حاليًا، تُدار اليمن كجمهورية ديمقراطية.[٣٠]
بالإضافة إلى التاريخ الطويل لحكم الزيدية في اليمن، يشكل الزيديون حاليًا عددًا كبيرًا من الشيعة في اليمن، حيث يُقدّر عددهم بحوالي 35% من سكان اليمن. يسكن الزيديون غالبًا في محافظات صعدة، تعز، الجوف، صنعاء، إب، ذمار، عمران، مأرب، حجة، مجويت، والحديدة. كما يوجد في جنوب المملكة العربية السعودية، وخاصة في منطقة نجران، عدد كبير من أتباع المذهب الزيدي. كانت هذه المنطقة، التي تقع بجوار اليمن، تُعتبر سابقًا جزءًا من أراضي اليمن، لكنها انفصلت عنها خلال النزاعات بين البلدين في القرن الماضي. القبيلتان الكبيرتان في اليمن، "حاشد" و"بكيل"، هما من الزيديين. هاتان القبيلتان من أهم قبائل اليمن وقد لعبتا دورًا مهمًا في التطورات السياسية في اليمن بعد تشكيل الحكومة الجمهورية.[٣١]
المنظمات
بعض من أهم الهيئات والمنظمات الزيدية النشطة في اليمن هي:[٣٢]
مؤسسة العلم الثقافية
تأسست هذه المؤسسة في عام 1991 على يد الشهيد السيد مرتضى المحطوري في صنعاء. من أهم أنشطة هذه المؤسسة تنظيم الدورات التعليمية، بالإضافة إلى أنها تقوم بأنشطة ثقافية وخيرية. تخرج من هذه المؤسسة العديد من المفكرين، وبعض الشخصيات البارزة في حركة أنصار الله في اليمن هم من خريجيها.
مؤسسة الرسالية
تأسست هذه المؤسسة في عام 2009. تترأسها الدكتورة "آمال عبد الخالق حجر". الجمهور المستهدف الرئيسي لهذه المؤسسة هو النساء، وتركز أنشطتها على الجانب الثقافي والاجتماعي والخيري.
رابطة علماء اليمن
تشكل هذه الرابطة من قبل علماء الدين في اليمن، والعضوية فيها متاحة لجميع الأفراد المؤهلين. تركز أنشطة هذه الرابطة بشكل أساسي على العلم. أعلنت هذه الهيئة عن وجودها في أواخر عام 2012.
حزب الحق
تأسس هذا الحزب السياسي في عام 1990، وأسندت رئاسته إلى "مجد الدين المؤيدي"، من كبار علماء اليمن. على الرغم من أن هذا الحزب يقدم نفسه كحزب مدافع عن حقوق الشيعة الزيدية، إلا أن بعض تصرفاته مثل نشر أعمال علماء الإمامية والتركيز الكبير على أخبار إيران قد أثارت شائعات حول إمامية بعض قادته.
تنظيم الشباب المؤمن
أنشأ هذه الهيئة الشباب الزيدي بهدف مواجهة الفكر السلفي والوهابي في عام 1990. كان أول أمين عام لها "محمد يحيى عذان"، ثم تم اختيار حسين الحوثي كأمين عام لها. وفقًا لبعض التقارير التاريخية، فإن المؤسس الأول لهذه الهيئة هو حسين الحوثي نفسه، الذي أسس تنظيم الشباب بعد انفصاله عن حزب الحق.
في بداية نشاطه، قام حسين الحوثي بتأسيس مدارس بدعم من الحكومة، وعلم أفكاره. على الرغم من أن أفكاره كانت قريبة إلى حد ما من الأفكار الإمامية، إلا أن أنشطته كانت محصورة في الأعمال الثقافية والفكرية. منذ عام 2002، دخل الحوثي الساحة السياسية وتحدث عن المسؤولية الدينية وخطر أمريكا، مشيرًا إلى أنه يجب القيام بشيء من أجل الإسلام، ويجب الابتعاد عن أمريكا والنظام الصهيوني.
تجمع أفراد التنظيم المذكور في عام 2003 عندما دخلت أمريكا الحرب في العراق أمام السفارة الأمريكية، وهتفوا ضد أمريكا وإسرائيل. ومنذ ذلك الحين، بدأت الحكومة اليمنية تشعر بالقلق تجاه تنظيم الشباب وبدأت في اتخاذ إجراءات لمواجهته. أدت هذه الإجراءات إلى سلسلة من الاشتباكات بين مؤيدي الحوثي والحكومة في عام 2004، حيث استشهد حسين الحوثي خلال هذه الأحداث. بعده، تولى بدر الدين الحوثي، والد حسين الحوثي، قيادة قوات الحوثي. واستؤنفت هذه الاشتباكات في أواخر عام 2005 تحت قيادة عبد الملك الحوثي، شقيق حسين الحوثي. حاليًا، تتمتع قوات الحوثي في اليمن بسلطة كبيرة على المستوى الحكومي.
الشخصيات المؤثرة في الزيدية
كان كبار الزيدية في البداية يركزون أكثر على فكرة الثورة والخروج لأداء فريضة الأمر بالمعروف، وكانوا أقل اهتمامًا بتوضيح عقائدهم. لكن منذ القرن الثالث الهجري، بدأت الأنشطة العلمية للزيدية، وما زالت مستمرة حتى الآن. في هذا القسم، سنشير إلى بعض من أهم الأئمة والعلماء الزيديين وآرائهم الفقهية والعقائدية.
قاسم الرسي
قاسم بن إبراهيم الرسي، من أحفاد الإمام حسن المجتبى (عليه السلام)، وُلد في عام 169 هـ في مدينة رس، إحدى المدن القريبة من المدينة المنورة، ومن ثم اشتهر بلقب "الرسي"، وقد انتقل هذا اللقب إلى أبنائه وأحفاده في اليمن ومصر والهند. نشأ وتعلم على يد والده وعلماء أسرته، حيث درس الفقه على يد علماء المذهب الحنفي والكلام على يد المعتزلة. تأثر بشكل كبير بالمعتزلة وساهم في قبول وجهات نظر المعتزلة من قبل الزيديين في اليمن.
كان قاسم الرسي يعتبر العقل هو الأساس والمصدر الرئيسي للمعرفة، ويعتقد أنه من خلال العقل يمكن معرفة الله ونفي التشبيه والتجسيم عنه. ويرى أن العقل مقدم على كتاب الله وسنة الرسول، لأن النبي الحقيقي يمكن تمييزه فقط بالعقل عن النبي الكاذب. كان يؤمن باختيار الإنسان في أفعاله، وكتب رسائل متعددة في رد الجبريين. ويرى أن ضلال الأفراد وغوايتهم تأتي من أنفسهم، والهداية هي توفيق إلهي. ويعتقد أن القضاء والقدر الإلهي لا يشمل المعاصي، لأن قضائه يتعلق فقط بالحق وأمره يتعلق فقط بالعدل. في باب الوعد والوعيد، يكتب: "أحد الأصول الخمسة هو أن الله صادق الوعد والوعيد، مثلاً، يُجزي على ذرة من الخير ويعاقب على ذرة من الشر"[٣٣]. يعتبر مرتكب الكبيرة لا مؤمنًا ولا كافرًا، بل يعتبره فاسقًا، ويعتقد أن العصاة مثل الكفار، إذا ماتوا دون توبة، سيبقون في جهنم إلى الأبد، لكن عذابهم سيكون أخف. يسمي هذه الرؤية "المنزلة بين المنزلتين". وفيما يتعلق بالأمر بالمعروف الذي كان من أهم مبادئ الزيدية عبر التاريخ، يكتب: "يجب على كل مؤمن أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر استطاعته، وإذا لزم الأمر، يجب أن يتم ذلك من خلال الثورة والسيف"[٣٤].
وجد قاسم أتباعًا كثيرين، لكن العديد منهم انفصلوا عنه بسبب وجهة نظره حول أبي بكر وعمر.[٣٥] أهمية آراء قاسم الرسي تكمن في أنه وفقًا لبعض الباحثين، فإن المذهب الكلامي للزيدية في اليمن حتى اليوم هو نفس مذهب قاسم الرسي أو القاسمية. إنهم يؤكدون على العقل المتأثر بالمعتزلة، ويتجنبون الفلسفة، حيث أن الأفكار اليونانية أقل دخولًا في تفكيرهم.[٣٦]
يحيى بن حسين
يعتبر يحيى، حفيد قاسم الرسي، المعروف بالهادي إلى الحق ومؤسس دولة الزيدية في اليمن، من الشخصيات المؤثرة في الزيدية. يعتقد أن الحواس والعقول عاجزة عن إدراك المعبود، وأننا نستطيع فقط التعرف على أفعال الله من خلال المخلوقات. ويرى أن الله يأمر بالطاعة وينهى عن المعصية، ولا يريد أبدًا الكفر لعباده. هو أعدل من أن يخلق الكفر والظلم. في نظر الهادي إلى الحق، فإن الإمامة ليست من خلال بيعة واختيار الناس، بل تنبع من الكمالات التي أوجدها الله في أولاد السيدة فاطمة (سلام الله عليها). لذلك، إذا قام أحد أبناء الإمام حسن والإمام حسين، وكان لديه الشروط الأخرى للإمامة، فإنه يجب على المسلمين أن يقبلوا بيعته ويساعدوه.[٣٧]
لديه وجهة نظر مشابهة لقاسم الرسي بشأن مرتكب الكبيرة، لكنه يكتب عن الصحابة: "لا أعيب على أي من الصحابة الصادقين والتابعين المستقيمين... من يسب مؤمنًا ويشتمه ويعتقد أن هذا العمل حلال، فقد كفر، ومن يسب مؤمنًا وهو يعلم أنه حرام، فهو فاسق وضال... أنا أدعو للمغفرة لأمهات المؤمنين (نساء النبي) اللواتي بالتأكيد توفين وهن دينيات".[٣٨]
الحاكم الجشمي
أبو سعد محسن بن محمد المعروف بابن كرامة الجشمي، وُلد في عام 413 هـ في جشم، من توابع نيشابور. درس في مكة على يد الزيديين ومال إليهم، وأصبح شخصًا معتزليًا-زيديًا. كان له رأي في التفسير وكان أستاذًا للزمخشري. يُعتبر من أبرز المؤرخين الزيديين. كان الجشمي ينتقد الفلاسفة تبعًا لكبار الزيدية، ويعتقد أنه لا توجد وسائط بين الله والعالم مثل العقول العشرة، بل إن الله يدبر العالم مباشرة ودون وساطة. تأثر بمذهب المعتزلة، حيث اعتبر أفعال الإنسان مخلوقة من نفسه، ولم يعتبر الله خالق أفعال الإنسان.[٣٩]
يحيى بن حمزة
يحيى بن حمزة بن علي، من أحفاد الإمام الجواد (عليه السلام)، المعروف بالمؤيد بالله، وُلد في عام 669 هـ في صنعاء. يُعتقد أن مجموع مؤلفاته يصل إلى حوالي مئة مجلد. على عكس معظم كبار الزيدية، لم يكن يكفر الأشاعرة، وفي هذا السياق يكتب: "يعتقد معظم الزيدية وجمهور المعتزلة بكفر الأشاعرة بسبب قولهم بالكسب، وقدم القرآن والجبر، لكننا لا نعتبرهم كفارًا. لأن الكفر يتعلق بالقضايا القطعية، وربما اعتقادهم بهذه القضايا لدى الأشاعرة بسبب ظهور الاحتمالات... هذه المسألة غير صحيحة، لأن اللعن من أعظم القربات إلى الله، لأن الشريعة لم تحدد التعبد باللعن، بل ورد أنه ليس مؤمنًا لعّانًا".[٤٠]
دافع يحيى عن جميع صحابة النبي، ويعتقد أن معارضتهم لخلافة علي (عليه السلام) لا تؤدي إلى كفرهم أو فسقهم أو خروجهم من الدين، بل يعتبر إسلام الصحابة صحيحًا، وهو ما يراه رأي كبار أهل البيت. في هذا الصدد، يشير إلى روايات مثل "أبو بكر وعمر سيدا كهول الجنة" ويعتبرها دليلًا على فضلهما. أحد أسباب يحيى في ضرورة موالاة الصحابة هو استنادًا إلى عمل زيد بن علي، الذي كان يحبهم كثيرًا وينهاهم عن سبهم. كما ينقل يحيى روايات عن بعض الأئمة الزيديين مثل قاسم الرسي، ناصر الأطروش، حسن بن زيد وبعض الروايات الأخرى حول عدم سب الصحابة. حتى أنه ينقل عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه كان يحب هذين الرجلين كثيرًا. من وجهة نظر الإمامية، تعتبر بعض هذه الروايات مزيفة، وبعضها صدر عن تقية، على سبيل المثال، كانت الأوضاع الثقافية في المدينة في زمن الإمام الصادق (عليه السلام) تميل بشدة نحو العثمانية، ولم يكن الإمام الصادق (عليه السلام) قادرًا على التصريح بهذا الشأن.
يكتب يحيى حول آراء كبار الزيدية تجاه الصحابة: "وجهة نظر قاسم الرسي والهادي إلى الحق وأبنائهم وإمام منصور بالله هي التوقف من الجانبين؛ حيث يتوقفون عن الرضا والرحمة تجاه الشيخين، ويتوقفون أيضًا عن تكفير وتفسيقهم، لأن هؤلاء الكبار يعتقدون بخطأ الخلفاء، لكنهم لا يعرفون ما إذا كانت هذه خطيئة كبيرة أم صغيرة؛ لذلك حكموا بالتوقف".[٤١]
ابن المرتضى
أحمد بن يحيى بن مرتضى، المعروف بالمهدى لدين الله، ولقب ابن المرتضى، وُلد في عام 763 هـ في جنوب صنعاء. بايعه العلماء الزيديون كإمام في عام 793 هـ، لكن السياسيين لم يقبلوا هذا الرأي وبايعوا شخصًا آخر. انتهى هذا الاختلاف بانتصار السياسيين، ودخل ابن المرتضى السجن، حيث قضى سبع سنوات في السجن. استغل هذه الفرصة وكتب كتبًا مهمة في الكلام والفقه الزيدي. يُعتبر كتابه الصغير "عيون الأزهار في فقه الأطهار" من أهم الكتب الفقهية الزيدية، حيث كُتبت عليه عشرات الشروح والحواشي.
على عكس قاسم الرسي والهادي إلى الحق، اعتبر ابن المرتضى قضاء أبي بكر بشأن فدك صحيحًا، ويكتب: "إذا كان هذا القضاء باطلًا، لكان يجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) نقضه، وإذا كان ظلمًا، لكان يجب على بني هاشم إنكاره".[٤٢] [٤٣] لكن قاسم الرسي كان يعتقد أنه بما أن السيدة فاطمة (سلام الله عليها) كانت غاضبة بسبب غصب فدك من أبي بكر، فإننا أيضًا نغضب لغضب فاطمة.[٤٤] في العقائد، تأثر إلى حد كبير بمذهب المعتزلة، ومع مؤلفاته العديدة في مواضيع مختلفة، يُعتبر واحدًا من أكثر الأئمة تأثيرًا في الزيدية في اليمن منذ القرن التاسع، ويُشار إليه كمجدد للمذهب الزيدي في بداية القرن التاسع.[٤٥]
الشخصيات المعاصرة الزيدية
سيد حمود عباس المؤيد: من كبار علماء اليمن، توفي في عام 1396 شمسي.
سيد محمد بن محمد بن المنصور: عالم كبير آخر في اليمن، توفي في عام 1395 شمسي. أصدر المجمع العالمي لتقريب المذاهب الإسلامية بيانًا بعد وفاة هذا العالم اليمني.
سيد علي بن أحمد الشهاري (1332-1411)
سيد عبدالله بن يحيى الديلمي (1334-1425)
محمد بن عبدالله الهدار (1340-1418)
عباس أحمد محمد الخطيب (1352-1435)
عبدالرحمن حسين شایم (1358-1434)
مجد الدين المؤيدي (1332-1428)
حسين بن مجد الدين المؤيدي، الذي توفي في عام 1399 شمسي.
بدر الدين الحوثي
يُعتبر من كبار علماء اليمن في منطقة صعدة. بدأت انفصاله عن باقي العلماء الزيديين عندما أفتى مجموعة من العلماء الزيديين، وعلى رأسهم مجد الدين المؤيدي، بأن النسب الهاشمي ليس شرطًا للإمامة، وأن هذا الشرط كان موجودًا في الماضي بسبب الظروف التاريخية، لكنه لم يعد موجودًا الآن، ويمكن للناس اختيار أي شخص مؤهل للحكم، حتى وإن لم يكن من نسل الإمام الحسن والإمام الحسين.
عارض بدر الدين بشدة هذا الفتوى ودافع عن المذهب الإمامي، بل ألف كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن"، شرح فيه أوجه الشبه والقرب بين الزيدية والإمامية. جاء بدر الدين الحوثي إلى إيران في تسعينيات القرن الماضي وعاش عدة سنوات في طهران. بعد استشهاد ابنه حسين الحوثي في مقاومته ضد الحكومة، تولى قيادة هذه الحركة. توفي بدر الدين في عام 2010، وعلى الرغم من أنه زيدي المذهب، إلا أن نظرته إلى التشيع الجعفري كانت لها تأثير كبير في انتشار هذا المذهب في اليمن، وخاصة في صعدة.[٤٦]
يمكن اعتباره بحق من الشخصيات المؤمنة بوحدة المذاهب المختلفة والناشطة في هذا المجال. على سبيل المثال، في كتابه بعنوان "من هم الرافضة"، رد على الاتهام التاريخي للزيدية وغيرهم ضد الإمامية بأنهم رافضة، ويكتب: "لم يتصالح الشيعة أبدًا مع سلاطين بني أمية أو بني العباس، وكان الأئمة الشيعة دائمًا يمنعون أتباعهم من الاقتراب من الحكومات الظالمة. إن عدم رؤية الأئمة الشيعة للقيام بعد الإمام الحسين، لا يعني قبولهم للحكومات الظالمة أو الامتناع عن أي نوع من المقاومة ضدها. لهذا السبب، جميع الأئمة الشيعة عادة ما استشهدوا على يد الحكومات الظالمة بعد الإمام الحسين أيضًا".[٤٧]
كتابه الآخر بعنوان "التحذير من الفرقة" يتناول موضوع وحدة الطائفة الزيدية، الإسماعيلية، والاثني عشرية. في هذا الكتاب، يحذر الزيدية من سوء الظن تجاه المجموعات الشيعية الأخرى، ويكتب: "يُظهر الشيعة الاثني عشرية احترامًا كبيرًا للأئمة الزيديين، وخاصة زيد بن علي، والآن أصبحت قبور الإمام زاد الزيديين في إيران محترمة تمامًا وتُعتبر مكانًا للزيارة. لذلك، يعتبروننا من أنفسهم. وبالمقابل، نحن أيضًا نعتبر أنفسنا من أصل وجذر وفرع وثمرة واحدة معهم".[٤٨]
استمر بدر الدين الحوثي في اتباع نفس النهج في كتبه الأخرى مثل "من هم الثقلين"، "زيارة القبور"، وتفسير القرآن الكريم المكون من 13 مجلدًا، حيث اقترب من وجهات نظر الإمامية من خلال التخلي عن بعض المسلمات في المذهب الزيدي، وخاصة في مواجهة الأفكار الوهابية التي اجتاحت العديد من الزيديين في اليمن.
الإمامية
على الرغم من أن التشيع الاثني عشري كان موجودًا في اليمن بشكل محدود جدًا في الماضي، إلا أنه بعد الثورة الإسلامية الإيرانية وتأثيراتها على الدول الإسلامية الأخرى، بدأ تدريجيًا يدخل اليمن، وتعرف النخب، والأساتذة، والطلاب، والمثقفون في هذا البلد سواء كانوا زيديين أو إسماعيليين على الشيعة الاثني عشرية وتوجهوا نحوها. كان لحضور بعض الشخصيات البارزة الزيدية مثل العلامة بدر الدين الحوثي في إيران تأثير لا يمكن إنكاره على توجه الشباب اليمني نحو الفكر الإمامي.
تتمتع الشيعة الاثني عشرية بعلاقات وثيقة مع الشيعة الزيدية، وتغطي منظمة وحدة الشيعة في الجزيرة في اليمن أنشطة الشيعة الزيدية والاثني عشرية. يعيش الشيعة الإمامية بشكل متفرق في مدينتي عدن وصنعاء وكذلك في الجوف، ومأرب، وذمار، ورداع، وبعض النقاط الأخرى في اليمن، وتحت إشراف منظمة تُدعى "رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن". [٤٩] يتكون معظم الشيعة الاثني عشرية في اليمن من النخب، وأساتذة الجامعات، ورجال الدين، والأطباء.[٥٠]
أسس الشيعة الاثني عشرية في اليمن العديد من الهيئات والمنظمات لتحقيق أهدافهم السياسية والثقافية، وكل واحدة منها لها تأثير في تشكيل الأحداث والجوانب المختلفة في اليمن. من بين أهم هذه الهيئات:
رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن
تُعتبر أهم هيئة جعفرية في اليمن، وقد أسسها الشيخ أحمد عبدالله الزيدي، لكنه لم يتولى رئاستها بل أسندها إلى محمد ناصر قائد البخيتي. في عام 2006، قدمت هذه الهيئة هيئة أمناء مكونة من تسعة أعضاء. تم تأسيس هذه المنظمة للدفاع عن حقوق الشيعة الاثني عشرية، وما زالت تعمل حتى الآن.
المجمع الإسلامي اليمني الشيعي
تأسس هذا المركز في عام 2012 بجهود بعض المستبصرين اليمنيين في محافظة تعز. الأمين العام لهذا المجمع هو "إسماعيل المهيوب" و"سيد حبيب الجنيد" هو قائدهم الروحي. تتركز أنشطة هذه الهيئة بشكل رئيسي على الأمور الثقافية.
مدارس الجعفرية في عدن، ومؤسسة دار الزهراء للإعلام الثقافي، ودار أحباب أهل البيت هي من بين الهيئات الثقافية النشطة الأخرى في اليمن.[٥١]
علماء الإمامية
بعض من أبرز العلماء الإمامية في اليمن هم:
1. الشيخ أحمد عبدالله الزيدي: هو مؤسس رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن، وقبل تأسيس هذه الهيئة، أنشأ منظمة باسم "اتحاد القوى الإسلامية الثورية" في عام 1991، والتي تم حلها لاحقًا لأسباب متعددة. تم اعتقاله عدة مرات من قبل قوات الأمن المصرية في القاهرة. وفقًا لبعض التقارير، كان تابعًا للمذهب الزيدي ثم استبصر واعتنق المذهب الإمامي. استشهد الشيخ أحمد في الهجوم الجوي لقوات السعودية على اليمن في عام 1396 شمسي.
2. الشيخ أحمد علي المرقب
3. الشيخ علي أحمد الأكوَع
4. الشيخ عبدالولي يحيى العكيمي
5. الأستاذ عبدالله علي الجبلي
6. الأستاذ عارف محمد أنيس
7. الأستاذ عدنان يحيى الجنيد
8. الأستاذ محمد عبدالرحمن السقاف
9. الشيخ محمد أحمد الردماني
هؤلاء التسعة هم أعضاء هيئة أمناء رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن.
10. علي بن علي فارع: كان رئيس رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن، واستشهد في عام 2013 على يد قوات القاعدة.
11. مبخوت هادي كرشان: هو رئيس منظمة الشيعة الجعفرية في منطقة الجوف.
12. سيد يحيى طالب الشريف: هو أصلاً من الجوف في اليمن ويعيش في قم. أثارت مواقفه ضد حسين الحوثي اعتراضات من اتحاد الطلاب اليمنيين المقيمين في قم. تحول سيد يحيى من المذهب الزيدي إلى المذهب الإمامي.[٥٢]
الإسماعيلية
الإسماعيلية هي فرقة من الشيعة تؤمن بإمامة إسماعيل، ابن الإمام الصادق (عليه السلام) بعده. كان إسماعيل الابن الأكبر للإمام الصادق (عليه السلام) وقد تم طرحه كأحد المرشحين لقيادة الشيعة المتطرفين في عام 138 هـ، ولكن وفاته المفاجئة قبل عام 145 هـ أفسدت جميع خطط المتطرفين الشيعة. على الرغم من أن الإمام الصادق (عليه السلام) قد أحضر العديد من الشهود على جنازة إسماعيل، إلا أن مؤيديه الذين كانوا يعتقدون أن الإمام الصادق (عليه السلام) قد نص على إمامة إسماعيل واعتبروه حيًا ومهديًا موعودًا، قالوا إن الإمام الصادق (عليه السلام) قام بهذا الأمر تقية. بينما اعترف آخرون بوفاة إسماعيل واعتقدوا أن محمد، ابن إسماعيل، هو الإمام ولم يقبلوا بإمامة الإمام الكاظم (عليه السلام).[٥٣]
تمتلك الإسماعيلية مساجد ومراكز تعليمية خاصة في بعض المدن اليمنية. من بين مدارسهم، مدرسة "الدعوة" في مناخة، ومدرسة "بيت الدعوة" في حراز، ومدرسة "البهريه" في صنعاء. يبلغ عدد الإسماعيليين في اليمن حوالي 12000 شخص. ومن الأماكن المهمة للطائفة الإسماعيلية في اليمن ضريح حاتم الحضرات في حراز، حيث يسافر عدد من أتباع هذه الفرقة من مختلف أنحاء العالم لزيارته سنويًا. المركز الرئيسي للإسماعيلية في صنعاء يُعرف باسم "مقر الفيض الحاتمي".[٥٤]
عقائد الإسماعيلية
ترتبط النظام الفكري للإسماعيلية ببعض الجوانب بعقائد الغلاة. التفكير الباطني، روح الإباحة، وتأثير الأفكار الفلسفية النوافلاطونية هي من الخصائص الرئيسية للفكر الإسماعيلي.[٥٥]
1. معرفة الله
من وجهة نظر الإسماعيلية، فإن الله تعالى منزّه عن جميع الصفات، وغير قابل للإدراك والمعرفة. العقل عاجز عن فهم ووصف الله الذي هو أعلى من الوجود والعدم. هذا المفهوم عن الله مشابه جدًا لإله الفلسفة النوافلاطونية الذي يعتبر الله بعيدًا تمامًا عن متناول الفكر أو العقل أو اللغة.[٥٦]
2. العدل الإلهي
تستند أفكار الإسماعيلية حول الجبر والاختيار، والقضاء والقدر، ومسألة الشر مثل الإماميين على الحديث "لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين". وفقًا لهم، فإن الشر لا يمكن أن يُصنع أو يُخترع، بل يظهر بالعرض.[٥٧]
3. النبوة
يعتقد الإسماعيليون أن الهدف من خلق الإنسان هو الوصول إلى أعلى درجات الكمال والسعادة، وأن العقل وحده لا يمكنه تحقيق ذلك، لذا ينبغي على الله إرسال رسل ليقودوا الإنسان إلى الكمال. في نظر الإسماعيليين، يصل الإنسان إلى الكمال في سبع دورات، وتبدأ كل دورة بنبي أولي العزم. هؤلاء هم: آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد (صلى الله عليه وآله) ومحمد بن إسماعيل. في الدورة السابعة، تُكشف جميع الحقائق الباطنية ويصل الإنسان إلى الكمال النهائي. وفقًا لهم، فإن الوحي والمعجزة هما طريقتان لمعرفة الأنبياء. الأنبياء هم مجمع فضائل إنسانية ويتميزون بالعلم الغيبي والعصمة.[٥٨]
4. الإمامة
تؤمن الإسماعيلية بضرورة وجود إمام في كل عصر وزمان، مستندةً إلى روايات الأئمة الشيعة حتى الإمام الصادق (عليه السلام)، مثل الإماميين. أكبر اختلاف بين الإسماعيلية والإماميين هو في مصاديق وعدد الأئمة. تؤمن الإسماعيلية بنوعين من الأئمة: مستقر ومستودع. إذا استمرت الإمامة في نسل الإمام، يُطلق على الإمام اسم المستقر، وإذا لم يكن كذلك، يُطلق عليه اسم المستودع، أي الشخص الذي وُضعت فيه الإمامة كوديعة وهي مؤقتة. يتولى الإمام المستودع شؤون القيادة قبل وصول الإمام المنصوص إلى سن الرشد. وفقًا للإسماعيلية، فإن الإمام حسن المجتبى (عليه السلام) هو الإمام المستودع، وبقية الأئمة هم أئمة مستقرون. وفقًا لرأيهم، بعد الإمام الصادق (عليه السلام)، يكون إسماعيل هو الإمام، ثم يتولى محمد بن إسماعيل منصب الإمامة.[٥٩]
تاريخ اليمن المعاصر
حتى عام 1513، كانت اليمن دولة واحدة، وقد انفصلت عن الحكم الإسلامي في بغداد خلال عصر العباسيين وأقامت حكومة مستقلة بمذهب زيدي تحت إمامتهم. في عام 1513، هاجم البرتغاليون عدن وجنوب اليمن، ورغم أنهم لم يتمكنوا من احتلال اليمن، إلا أن هجومهم أدى إلى دخول العثمانيين إلى هذه المنطقة. استولى العثمانيون على اليمن في عام 1517، لكن الزيديين في جبال شمال اليمن دخلوا في حرب طويلة مع العثمانيين، والتي أدت في عام 1636 إلى طرد العثمانيين من اليمن واحتلال الحكومة الجديدة لجميع أراضي اليمن. ومع ذلك، بعد فترة، مع تراجع قوة الحكومة المركزية في اليمن، هاجم العثمانيون مرة أخرى في عام 1849 بعد هجوم إنجلترا على جنوب اليمن واحتلال عدن في عام 1839، واستولوا على جميع المناطق الشمالية لليمن باستثناء المناطق الجبلية الوعرة. كما أصبحت جنوب اليمن، وخاصة مدينة عدن، في عام 1881 قاعدة عسكرية لإنجلترا. بعد هزيمة العثمانيين في عام 1919 وخروجهم من اليمن، بقي شمال البلاد تحت حكم الأئمة الزيديين حتى عام 1962، بينما بقيت المنطقة الجنوبية تحت حكم بريطانيا حتى عام 1967.
حولت إنجلترا المناطق الجنوبية إلى بيئة مناسبة لتركيز وتحرير معارضي حكومة شمال اليمن. كانت هذه المنطقة، وخاصة مدينة عدن، مصدرًا للعديد من الأفكار الغربية الجديدة، لكنها كانت تشكل خطرًا على نظام الحكم الزيدي، وفي النهاية، مع انتشار هذه الأفكار في جميع أنحاء البلاد، تم الإطاحة بحكومة الأئمة الزيديين بمساعدة جمال عبد الناصر، زعيم مصر، في عام 1962 خلال انقلاب، وتأسست حكومة جديدة باسم الجمهورية العربية اليمنية.
كانت الحكومة الجديدة في شمال اليمن، التي حكمت كجمهورية مع أيديولوجية القومية العربية، تحد من الأنشطة الدينية للزيديين وتضعهم تحت ضغط سياسي واقتصادي وثقافي لعدة عقود. على الرغم من أن الحكومة قدمت نفسها كدولة علمانية مع أيديولوجية قومية وجمهورية، إلا أنها كانت تدعم الجماعات الإسلامية السنية المعارضة للزيديين. استمرت هذه العلاقات الجيدة بين الحكومة الجديدة والجماعات الإسلامية السنية في الشمال حتى عام 1990، حيث تم توفير بيئة حرة لنشاطاتهم ذات التوجهات المختلفة (الإخوان المسلمون والسلفيون). على الرغم من أن مشاركة هذه الجماعات الإسلامية في هيكل السلطة كانت ضئيلة، إلا أنها لم تتجه نحو الانقسام أو العنف من أجل الحصول على السلطة السياسية.
في شمال اليمن، بعد الصراعات السياسية والحروب والانقلابات المتعددة، أسس الجنرال علي عبد الله صالح في عام 1982 المؤتمر الشعبي العام كحزب حاكم، والذي كان يتحكم فعليًا في نشاط الأحزاب السياسية الأخرى في هذا الجزء من اليمن. في الجنوب، بعد خروج إنجلترا في عام 1967 وإعلان استقلال هذا البلد، تأسس حزب الاشتراكي اليمني في عام 1978 على نمط الأحزاب الماركسية-اللينينية الموجودة في الاتحاد السوفيتي، واحتفظ بالسلطة المطلقة حتى عام 1990. كان هذا الحزب يمنع نشاط الأحزاب والجماعات الإسلامية، ويعترف بالعمل السياسي فقط ضمن نفسه.
مع إعلان الجمهورية اليمنية نتيجة اتحاد الشمال والجنوب في عام 1990، بقي علي عبد الله صالح رئيسًا للجمهورية وأمينًا عامًا لحزب المؤتمر الوطني اليمني، وتم تعيين علي سالم البيض، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي، نائبًا للرئيس. بين عامي 1990 و1993، وحد المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني قواتهما في الحكومة الانتقالية، ووافقا على قانونية نشاط الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات تنافسية.
أدى اتحاد اليمنين الشمالي والجنوبي، الذي نتج عن ائتلاف الحزب الحاكم وحزب الاشتراكي، إلى شعور الحركات الإسلامية بالخطر من هذا الاتجاه الجديد، وسعت للخروج من ظل الحزب الحاكم. في أوائل التسعينيات، استغلت الحركات الإسلامية الفرصة المتاحة لتعميق وتعزيز أنشطتها، وسعت لنشر أفكارها من خلال برامج ثقافية مثل طباعة ونشر الكتب، وتأسيس المدارس والمراكز العلمية.[٦٠]
الحركات الإسلامية في اليمن
يمكن تقسيم الحركات الإسلامية في اليمن من حيث تقاربها أو عدم تقاربها إلى فئتين: بعض هذه الحركات يمكن اعتبارها موافقة لوحدة المذاهب الإسلامية من حيث نوع وجهات نظرها وأدائها. حزب الحق وحركة أنصار الله يمكن اعتبارهما من أهم الحركات التقريبية. الفئة الثانية هي الحركات التي تعارض أي نوع من الاتحاد بين المذاهب والمجموعات الإسلامية المختلفة، أو على الأقل لا تدافع عنه؛ مثل الإخوان المسلمين والجماعات الوهابية والقاعدة، وبشكل عام السلفيين. من بين أهم الجماعات والأحزاب الإسلامية اليمنية التي لها حضور وتأثير في الفضاء الفكري والسياسي في هذا البلد:
1. حركة الإخوان المسلمين (التجمع اليمني للإصلاح)
تأسست منظمة الإخوان المسلمين في اليمن تحت تأثير جمعية الإخوان المسلمين في مصر. في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين، دعا التنظيم المركزي للإخوان المسلمين في مصر الطلاب اليمنيين الموجودين في القاهرة إلى نشاطات إيديولوجية ودعائية، وبعد ذلك مباشرة، نشطت الجمعيات والمجموعات الإسلامية في اليمن.[٦١]
بعد انهيار حكومة الأئمة الزيدية في اليمن عام 1962، تم تأسيس منظمة الإخوان المسلمين في اليمن رسميًا، ودخلت أنشطتها مرحلة جديدة، وخصوصًا في أوائل السبعينيات حيث بلغت ذروتها. قامت هذه الحركة بإنشاء جبهة نشطة لمواجهة أنشطة الأحزاب الاشتراكية والقومية في شمال وجنوب اليمن، وأعلنت هدفها النهائي بتشكيل حكومة إسلامية. اعتمد الإخوان على الدعم المالي من المملكة العربية السعودية وتمكنوا من التغلغل في النظام التعليمي والثقافي في اليمن، حيث قاموا بالترويج للمعتقدات الدينية في مواجهة التحركات المتزايدة للاشتراكيين، وببطء تمكنوا من السيطرة الكاملة على المراكز الدينية والثقافية لتحقيق أهدافهم. ومع ذلك، فإن هذه التعاون الثنائي مع المملكة العربية السعودية أعدّ تدريجيًا الأرضية لظهور توجهات سلفية بين الأعضاء، مما أدى تدريجيًا إلى انفصالهم عن تيار الإخوان المسلمين في مصر.[٦٢]
عندما تم طرح موضوع اتحاد شمال وجنوب اليمن، عارض الإخوان ذلك وانسحبوا من المؤتمر الوطني اليمني. بعد ذلك، في عام 1990، بدأوا جولة جديدة من أنشطتهم السياسية بتأسيس حزب باسم "جمعية الإصلاح اليمنية". في هذه الفترة، أصبح الإخوان واحدًا من أكثر الحركات والأحزاب الإسلامية تأثيرًا في اليمن. ويعتقد الخبراء أن قوتهم ونفوذهم ناتج عن تداخل الفكر الديني التنويري مع الروح القبلية، ويجب ألا نغفل دور التجار والشركات التجارية، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية، حيث تغطي احتياجات الإخوان المالية بشكل جيد.[٦٣]
تتكون حزب جمعية الإصلاح من خمسة أركان رئيسية، حيث يعد المؤتمر العام (المؤتمر العام) العمود الفقري له. القوانين التي يتم اعتمادها في هذا المؤتمر تكون ملزمة لبقية الأعضاء والأركان الأخرى للحزب. يُعقد المؤتمر كل أربع سنوات مرتين، ويقوم باختيار مجلس النخبة، والمجلس المركزي، والهيئة التنفيذية، والهيئة القضائية، وهي الأركان الأخرى لهذا الحزب.[٦٤]
يمتلك حزب جمعية الإصلاح قاعدة جماهيرية، ويعتبر من أكبر الأحزاب الإسلامية النشطة في اليمن. هذا الحزب، الذي يتعاون بشكل وثيق مع حكومة اليمن، لديه مؤسسات مالية وعلمية وجامعية كبيرة، ويقوم بالعديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية في المجتمع اليمني. من أكبر معارضي هذا الحزب يمكن الإشارة إلى الحركات الإسلامية الزيدية مثل أنصار الله والأحزاب الاشتراكية والقومية. يعتقد حركة أنصار الله أن حزب جمعية الإصلاح مدعوم من حكومة اليمن والمملكة العربية السعودية، ويهاجم الشيعة الزيدية من خلال الدعاية السنية.[٦٥]
مع خروج الإخوان من الحكم بعد إقصاء الحزب الاشتراكي من الحكومة، انقسمت الطيف السياسي في اليمن إلى ثلاثة أقسام: المؤتمر الوطني الشعبي (الحزب الحاكم)، حزب الإصلاح اليمني (الإخوان المسلمون)، والأحزاب العلمانية اليسارية. في الواقع، بدأت اليمن تدريجيًا في التحول إلى دولة ذات نظام شبه استبدادي بقيادة عبد الله صالح.[٦٦]
2. حزب الحق
يُعتبر حزب الحق من الأحزاب الزيدية الحديثة في اليمن، وقد تأسس بعد اتحاد اليمنين الجنوبي والشمالي في عام 1990، ويضم مؤسسون من بين بعض العلماء والقضاة البارزين من الزيدية. يعتبر هذا الحزب نفسه ذو هوية يمنية وأصالة إسلامية، ويعتبر تشكيل حكومة إسلامية من بين أهدافه في اليمن.
يعتبر الحزب اتجاه حركته إبطال الباطل وتحقيق الحق، ويرى حركة المؤمنين بأهداف الحزب تتماشى مع الآية الكريمة "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير...". يدين حزب الحق بشدة التحركات التفرقة بين المسلمين، ومع الاعتراف بحكومة الجمهورية اليمنية، يحدد الاتجاه العام لتشكيلاته في إطار الدستور اليمني، والمشاركة السلمية بعيدًا عن العنف. يُعتبر إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإسلامي، وتحقيق العدالة الشرعية في المجتمع، وكذلك السعي لتحقيق الوحدة الإسلامية من أولويات نشاطات حزب الحق.
من الأبعاد الأخرى لجهود حزب الحق الفكرية، يمكن الإشارة إلى نظرية الحزب حول دمج متطلبات الزمن مع الشريعة الإسلامية، ومن جهة أخرى البحث عن إجابة مناسبة من الإسلام في مواجهة الحضارة البشرية الجديدة التي تتجه بسرعة نحو العالمية. من وجهة نظر حزب الحق، يجب أن يكون علماء الدين هم مركز هذه الجهود الفكرية، وفقًا لحديث النبي الشريف "العلماء ورثة الأنبياء".
تتجلى مكانة حزب الحق في المشهد السياسي الحالي لليمن بشكل أكبر بسبب معارضته الشديدة لحركة الإخوان المسلمين وكذلك أنشطة الوهابية في هذا البلد. يعتبر الحزب هذه الأنشطة خطرًا كبيرًا على المستقبل الثقافي والسياسي لليمن، ويعلن التحذير من انتشارها.
في سياق نشاطاته، واجه حزب الحق موجتين من الانسحاب الواسع للعضوية. تشمل الموجة الأولى خروج بعض العلماء الزيديين الذين لم يروا فائدة في الاستمرار في المشاركة السياسية في هذا الإطار، بينما كانت الموجة الثانية انسحاب مجموعة من الشباب، مما أدى إلى تأسيس حركة الشباب المؤمن التي تُعرف اليوم باسم حركة أنصار الله، وتعتبر من أكبر وأهم الحركات الإسلامية في اليمن التي سنتناولها لاحقًا.[٦٧]
3. الحركة السلفية
أدى الهجوم السوفيتي على أفغانستان في أواخر السبعينيات إلى دفع العديد من القوى الدينية في اليمن للذهاب إلى أفغانستان بدافع الجهاد. بعد انتصار المجاهدين في هذه الحرب، عاد جزء كبير من القوى اليمنية التي تأثرت بالأفكار السلفية إلى البلاد، وحاولت تنفيذ معتقداتها من خلال تشكيلات مختلفة. يُعتبر عودتهم إلى اليمن بداية للحركات العنيفة في هذا البلد، ولكن الوجود الجاد للسلفيين في المجالات الثقافية والسياسية في اليمن بدأ منذ أوائل التسعينيات.
استفاد حزب المؤتمر الوطني خلال هذه الحرب من القوات الجهادية اليمنية التي اكتسبت خبرات قتالية كبيرة في أفغانستان، وكانت لديها دافع قوي لمحاربة الماركسيين الملحدين والزيديين. كانت الحكومة اليمنية تعتبر التحالف مع السلفيين مفيدًا ومتعدد الأوجه؛ حيث كان يُعتبر الدعاية الدينية للسلفيين سدًا منيعًا ضد الاتجاهات الاشتراكية والحركات الزيدية.
بعد الانتصار النهائي في الحرب ضد الانفصاليين في الجنوب، بدأت الخلافات بين الإسلاميين المتشددين وحكومة اليمن. كانوا يعتقدون أن الحكومة اليمنية قد قصرت في الوفاء بوعودها بشأن توظيفهم في القوات المسلحة والهياكل السياسية والثقافية الأخرى.
أدت هذه الخلافات مع الحكومة إلى انقسام السلفيين إلى مجموعتين: مجموعة تعاونت مع الحكومة وأخذت امتيازات مثل المشاركة في التعليم، وإنشاء مراكز دينية ودعاية واسعة للوهابية في المجتمع اليمني، بينما استمرت المجموعة الأخرى في النضال المسلح ضد الحكومة لتحقيق أهدافها.
واجهت توقعات السلفيين المتزايدة من الحكومة وعنف هذه المجموعات ردود فعل صارمة من الحكومة وقمعًا شديدًا. وقعت أولى الاشتباكات بين السلفيين المعارضين والحكومة في عام 1999.
كانت أهم المطالب السياسية للسلفيين وراء أنشطتهم المسلحة عدم الاعتراف بحكومة اليمن، وعدم قبول نشاط الأحزاب العلمانية والزيديين في المجتمع، وردود فعلهم الشديدة على هجوم أمريكا على العراق وأفغانستان، الذي اعتبروه بداية للحروب الصليبية الجديدة ضد الإسلام.
بالطبع، ليست جميع الجماعات السلفية والإسلامية المتشددة تسعى للاستيلاء على السلطة السياسية ومعارضة الحكومة، بل إن بعضهم يعتبر التركيز على الجوانب الثقافية للمجتمع مثل الترويج لمعتقداتهم الدينية أهم من الانشغال بالسياسة. تُعتبر "القاعدة في اليمن" و"الجیش الاسلامی فی الیمن" من أهم الجماعات السلفية المسلحة، بينما تُعتبر جماعة "الشيخ مقبل الوادعي" و"جمعية الحكمة اليمنية" من أهم التشكيلات الثقافية المذكورة.
تعتبر الجماعات الثقافية السلفية أن القيام بأنشطة خيرية، والسعي للعودة إلى ثقافة السلف الصالح، ومكافحة البدع التي يُزعم أنها من الشيعة والصوفية من النقاط المشتركة في أنشطتهم. يدعون الناس إلى اتباع أوامر ولي أمر المسلمين، الذي يعتبرونه الحكومة الحاكمة، ويشجعون الناس على المشاركة في الانتخابات وغيرها من العمليات الحكومية وفقًا لسياسات الحزب الحاكم.
في السنوات الأخيرة، أصبح التصدي لحركة أنصار الله الإسلامية الزيدية (الحوثيين) التي يعتبرها السلفيون خائنين لليمن وبدعة في الدين وموالية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، هو أكبر نقطة مشتركة بينهم وبين الحكومة اليمنية.[٦٨]
4. أنصار الله (الحوثيون)
تأسست هذه الحركة على يد "حسين الحوثي" وتُقود الآن بواسطة "عبد الملك الحوثي" (شقيقه). كلاهما من أبناء "بدر الدين الحوثي"، العالم الزيدي المعروف في اليمن. كان حسين ناشطًا في الأنشطة الاجتماعية والسياسية والفكرية منذ شبابه. لعب دورًا مؤثرًا في تنظيم الشباب المؤمن و"حزب الحق". في عام 1993، تم انتخابه كعضو في البرلمان اليمني واستمر في هذا المنصب حتى عام 1997. بعد ذلك، أسس مراكز علمية واستمر في الأنشطة الاجتماعية، مما ساهم بشكل كبير في تربية وتعليم القوى الزيدية وغير الزيدية. كما لعب دورًا مهمًا في مقاومة انتشار نفوذ الوهابية والحركات المتزايدة للقاعدة في اليمن.
مرت حركة "الحوثي" بالعديد من التقلبات. في عام 1986، تم تشكيل تنظيم بعنوان "اتحاد الشباب" لتعليم الشباب الشيعة الزيدية تحت إشراف علماء دين زيديين، بما في ذلك بدر الدين الحوثي. بعد اتحاد اليمن (الشمالي والجنوبي) في عام 1990، تم دمج هذا التنظيم في حزب "الحق".
منذ عام 2002، اكتسبت أنشطة حزب الحق طابعًا مناهضًا لأمريكا، حيث تم طرح شعارات "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، لعنة على اليهود، والإسلام منتصر" في المساجد والمناسبات وبعد كل صلاة جماعة.
استمرت هذه الحركة في العمل السياسي العلني حتى عام 2004، حيث بدأت الحكومة اليمنية في مواجهة هذه الحركة في صراعات جدية، ووقعت حتى الآن 6 مراحل من الحرب بينهما. وقعت الحرب الأولى في عام 2004، حيث استشهد حسين الحوثي. كان حسين في معظم خطبه التي ألقاها أمام الشباب يذكر الإمام والثورة الإيرانية، وكان لديه اهتمام شديد بتوجهات شيعية مثل حزب الله اللبناني والشخص سيد حسن نصر الله.
كانت احتجاجات حسين الحوثي في عام 2003 بعد النفوذ الأمريكي في اليمن تحت ذريعة تنشيط قوات القاعدة في هذه المنطقة. وكانت أهم احتجاجاته تتعلق بالسماح للقوات العسكرية الأمريكية بالتمركز في اليمن، مما يهدد استقلاله وسيادته السياسية.
كان تحمل مثل هذه الحركة الجريئة والصريحة أمرًا صعبًا على الحكومة المركزية اليمنية التي كانت لها علاقة وثيقة مع أمريكا، ورأت الحوثيين خطرًا على حكمها. قامت الحكومة اليمنية بتنفيذ أنشطة متنوعة مثل الإغراء، وتحفيز أهل السنة، وحتى خلق شكوك لدى الزيديين تجاه الحوثيين، لكنها لم تتمكن من قمع الحوثيين، واضطرت للدخول في مرحلة عسكرية. في النهاية، أرسلت الحكومة اليمنية 18 فرقة عسكرية للقبض على الحوثي، وحاصرت حسين الحوثي وأتباعه. بعد 90 يومًا من المقاومة الشجاعة في الجبال، استشهدوا.[٦٩]
تعتبر حركة أنصار الله، التي تُعتبر حركة زيدية، بالإضافة إلى التزامها بالمبادئ العقائدية للزيدية، غنية فكريًا بفضل مجموعة من خطب الشهيد حسين الحوثي، المعروفة بين اليمنيين باسم "الملازم". في الواقع، "الملازم"، الذي يتكون تقريبًا من مئة خطاب، يُعتبر الميثاق العقائدي السياسي لحركة أنصار الله.[٧٠]
بعد استشهاد حسين الحوثي في عام 2005، تولى شقيقه الأصغر عبد الملك الحوثي قيادة الشيعة في صعدة خلال الحرب الثالثة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وتمكن من إعادة تنظيمهم سياسيًا وعسكريًا.[٧١]
الشخصيات البارزة (الدينية، السياسية)
هادي يحيى بن حسين (280-298 هـ)
أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (245-298 هـ) المعروف بـ "الهادي إلى الحق"، إمام ومجتهد زيدي، مؤسس مذهب الهادوية، وُلِد في عام 245 هـ في المدينة المنورة.
الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي هو من العلماء البارزين في فرقة الزيدية، بالإضافة إلى علمه في المعقول والمنقول، تولى إمامة وزعامة سياسية للفرقة الزيدية. وُلِد في عام 967 هـ وتوفي في عام 1006 هـ بعد أن فقد الأمل في خروج الإمام الناصر الحسن بن علي، وخرج في عام 1029 هـ عن عمر يناهز 62 عامًا.
تولى القاسم بن محمد الزعامة بعد خروج الأتراك من اليمن، وتولى أبناؤه أيضًا منصب الإمامة والزعامة السياسية لهذه الفرقة بعده. هناك العديد من الأسئلة والشكوك حول أصله، سواء كان عربيًا أو إيرانيًا، وإذا كان عربيًا، هل هو من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) أم لا. ومع ذلك، فإن شخصيته مقبولة بين الزيدية، ويُنسب إليه العديد من المعجزات والكرامات، بما في ذلك ما ذكره يحيى بن حسين المؤرخ: "كان أهل صنعاء يسمعون صوت مؤذن يبشر بقدوم القاسم بن محمد لمدة شهرين متتابعين".
توجد له أعمال عديدة في مجالات المعقول والمنقول، من بينها: الاعتصام، الأساس، المرقة، الإرشاد، والتحذير وغيرها.
أحمد بن سليمان
أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهر بن علي بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (عليه السلام) هو من أئمة الزيدية وُلِد في عام 500 هـ في عائلة علويّة. بدأ دعوته في سن 31 في بلاد "الجوف"، ثم انتقل إلى جبل "برط"، حيث بايعه بعض أهالي تلك المنطقة، وبعد ذلك إلى "أملح"، ثم في أول محرم من عام 533 هـ إلى "نجران"، حيث بايعه الناس هناك.
بعد "نجران"، ذهب إلى "صعدة" وأرسل سفراءه وعماله إلى مدن وادعة، سنحان، وخولان الشام. من صعدة، انتقل إلى "صنعاء"، حيث انتشر صيته، ووقف الشيخ نشوان بن سعيد الحميري مؤلف "شمس العلوم" إلى جانبه، وكان يحثه على التحرك نحو البلاد الجنوبية؛ أي "اليمن".
أعلن دعوته باسم نفسه في اليمن، وبايعه أهل الحل والعقد كإمام. من المعارك التي خاضها ضد المعارضين يمكن الإشارة إلى واقعة شرزه في عام 552 هـ، ومعركة غيل جلاجل في عام 549 هـ، ومعركة زبيد في عام 553 هـ.
من بعض مشايخه: الإمام حسن بن محمد من ذرية المرتضى، والعلامة عباس بن علي بن محمد، والحافظ إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث، والقاضي عبد الله بن علي العنسي. من أعماله كتاب "أصول الأحكام في الحلال والحرام"، و"حقائق المعرفة".
سائر الشخصيات البارزة
- المرتضى لدين الله (298-310 هـ)
- ناصر لدين الله (310-315 هـ)
حتى أواخر القرن الرابع، كانت الزيدية تعاني من الانقسام والنزاع الداخلي والصراع مع الإسماعيليين، ولم يكن هناك حاكم بارز.
- المنصور بالله قاسم بن علي (توفي: 393 هـ)
- المهدي لدين الله حسين بن قاسم (393-404 هـ)
لقد وجد أتباع خاصون له اعتقدوا في غيبته ومهدويته، واشتهروا باسم الحسينية. في هذا الوقت، انقسمت الزيدية إلى فئتين: المطرفية والمخترعة.
- ناصر لدين الله أبو الفتح الديلمي (توفي: 444 هـ)
قُتل على يد الإسماعيليين في اليمن، ومع مقتله، انتهت المرحلة الأولى من حكم الزيدية في اليمن.
- المتوكل على الله أحمد بن سليمان (532-566 هـ)
واجه مقاومة جدية بتفكير المطرفية.
- المنصور بالله عبد الله بن حمزة (566-614 هـ)
يُعتبر مجدد الزيدية في القرن السادس.
- المهدي لدين الله أحمد بن حسين (توفي: 656 هـ)
اعتقد بعض الزيدية في مهدويته.
- المنصور بالله حسن بن بدر الدين محمد (توفي: 670 هـ)
يُعتبر من أبرز أئمة الزيدية بتوجه زيدي أصيل في العصور الوسطى.
- المتوكل على الله مطهر بن يحيى، المعروف بالمظلل بالغمام (توفي: 697 هـ)
- المهدي لدين الله محمد (توفي: 728 هـ)
هو ووالده المتوكل على الله هما مجددان للزيدية في بداية القرن الثامن.
- المؤيد بالله يحيى بن حمزة (729-749 هـ)
كان لديه مؤلفات مهمة وكثيرة.
- المهدي لدين الله أحمد بن يحيى، المعروف بابن المرتضى (توفي: 840 هـ)
يُعتبر مجدد مذهب الزيدية في بداية القرن التاسع.
- الهادي إلى الحق عز الدين بن حسن (توفي: 900 هـ)
يُعتبر من كبار المفكرين الزيدية.
- المتوكل على الله يحيى شرف الدين (965 هـ)
بعده، ظلت اليمن تقريبًا خالية من حكام الزيدية لمدة نصف قرن، وانتقلت السلطة إلى الأتراك العثمانيين.
- المنصور بالله قاسم بن محمد بن علي (1006-1029 هـ)
كان لديه مؤلفات مهمة وطلاب مؤثرين، ويُعتبر مجدد مذهب الزيدية في هذا القرن.
- المؤيد بالله محمد (1029-1054 هـ)
- المتوكل على الله إسماعيل (1054-1087 هـ)
بعد هذين، عانت الزيدية من نزاع داخلي لمدة قرنين تقريبًا، مما أدى إلى استعادة الأتراك العثمانيين للسلطة.
- المنصور بالله محمد بن يحيى حميد الدين (توفي: 1322 هـ)
- المتوكل على الله يحيى (توفي: 1367 هـ)
الجهود التي بدأت في عهد المنصور ضد الحكم العثماني أثمرت في عهده، حيث خرجت اليمن من سيطرة العثمانيين.
- محمد بدر (1962 ميلادي)
تم الإطاحة به في انقلاب عسكري، ومع سقوطه، انتهت فترة حكم الأئمة الزيديين في اليمن. ومع ذلك، حارب لمدة ثماني سنوات ضد حكومة اليمن ولكنه لم يحقق نتيجة. توفي في ضواحي لندن.
السكان
يبلغ عدد سكان اليمن أكثر من 30 مليون نسمة.
الثقافة واللغة
اللغة الرسمية في هذا البلد هي اللغة العربية.
الاقتصاد
بلغ الناتج المحلي الإجمالي (GDP PPP) لليمن في عام 2013 أكثر من 61 مليار دولار، وكان الدخل الفردي حوالي 2500 دولار. تُعتبر الخدمات أهم قطاع اقتصادي، حيث تشكل 61% من الناتج المحلي الإجمالي، تليها الصناعة بنسبة 31% والزراعة بنسبة 7.7%. تشكل الإنتاجات النفطية 63% من إيرادات الحكومة. كانت الزراعة في الماضي أكثر أهمية، حيث كانت تشمل 18% إلى 27% من إنتاج البلاد. تشمل المنتجات الزراعية في البلاد الحبوب، والفواكه، والخضروات، والقات، والقهوة، والقطن، ومنتجات الألبان، والأسماك، والماشية (الأغنام، والماعز، والأبقار، والجمال) والدواجن.
يُعتبر السورغوم (الذرة) المحصول الرئيسي في البلاد، والمانجو هو أهم فاكهة في البلاد. من المشاكل التي تواجه البلاد زراعة القات، وهو نبات مخدر له تأثير منشط. يُخصص حوالي 40% من إجمالي مياه حوض صنعاء لزراعة هذا النبات، مما يؤدي إلى جفاف المزارع وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
تشمل صناعة البلاد أيضًا إنتاج وتكرير النفط، والصناعات الغذائية، والحرف اليدوية، وورش العمل الصغيرة للنسيج والجلد، وإنتاج الألمنيوم، وصيانة السفن، وإنتاج الغاز الطبيعي. بلغ معدل البطالة في عام 2013 حوالي 35%.
تربية الماشية
نوع الماشية | العدد في عام 2018
- الأغنام | 9,661,000
- الماعز | 9,497,000
- الأبقار | 1,792,000
- الجمال | 471,000
- الخيول | 1,940
الدين
الدين الرسمي في اليمن هو الإسلام.
المذهب
تتوزع التركيبة السكانية لليمن من حيث الانتماء المذهبي كالتالي: بين 35% إلى 40% من الزيدية، حوالي 55% شافعية، حوالي 10% حنبلية، 4% من الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية، ونصف في المئة من المسيحيين واليهود والبهائيين ومذاهب أخرى. يُعتبر معظم السنة شافعية، بينما يُعتبر معظم الشيعة في اليمن زيديين، ولكن هناك أيضًا أقليات من الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية بينهم. يعيش السنة بشكل رئيسي في الجنوب وجنوب شرق البلاد، بينما يعيش الزيديون بشكل رئيسي في الشمال والشمال الغربي، والإسماعيلية تعيش أكثر في المراكز الرئيسية مثل صنعاء ومأرب.
السياسة والجغرافيا
تقع اليمن في جنوب غرب آسيا، في أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية، بين عمان والمملكة العربية السعودية. تقع اليمن عند مدخل مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي (عبر خليج عدن)، وهو واحد من أكثر خطوط النقل البحري نشاطًا واستراتيجية في العالم. تبلغ مساحة اليمن، بالإضافة إلى جزيرة بريم في أقصى جنوب البحر الأحمر وسقطرى عند مدخل خليج عدن، 527,970 كيلومتر مربع.
يمكن تقسيم الجمهورية اليمنية إلى خمس مناطق كما يلي:
1. المناطق الجبلية: تغطي الجزء الشمالي والشمالي الغربي وجزءًا من جنوب اليمن، وتشكّل تقريبًا خُمس مساحة شمال اليمن. 2. المنطقة السهلية: تقع شرق وشمال المرتفعات الجبلية وتمتد أكثر نحو صحراء "ربع الخالي"، وتشمل مناطق "صعدة"، محافظة "الجوف"، محافظة "شبوة"، محافظة حضرموت ومقاطعة "المهرة". 3. المنطقة الساحلية: تشمل المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي، حيث تشكل هذه المناطق شريطًا ساحليًا يمتد من حدود عمان إلى جنوب باب المندب، ويستمر شمالًا نحو حدود المملكة العربية السعودية.
4. منطقة ربع الخالي: تُعتبر منطقة صحراوية في اليمن. تاريخيًا، كانت هذه الصحراء تُعرف بأسماء متعددة مثل صحراء اليمن الكبرى وصحراء الأحقاف. 5. جزر اليمن: المنتشرة بشكل أكبر في البحر الأحمر.
تقسيمات سكان اليمن
تمتلك اليمن العديد من المدن التاريخية والمهمة، من بينها:
1. صنعاء: تُعتبر مدينة صنعاء مركزًا إداريًا بنفس الاسم وهي واحدة من أقدم العواصم في العالم. تُعد هذه المدينة مركز السياسة والتجارة في الجمهورية اليمنية. تُعرف صنعاء في الأخبار باسم "سام" وفي الشعر باسم "أزال". مركزها هو صنعاء القديمة التي تحتوي على آثار معمارية أصيلة وأماكن تاريخية.
هذه المدينة ليست فقط عاصمة الدولة الموحدة، بل تُعتبر جوهرة نالتها الشعب اليمني بعد سنوات من النضال وتقديم الآلاف من الشهداء والمعاقين. أظهر سكان هذه المدينة مقاومة وصمودًا كبيرًا خلال الحروب الأهلية في 1968 بين الملكيين والجمهوريين، حيث كانوا محاصرين لمدة 70 يومًا.
2. مأرب: تُعتبر مأرب أشهر مدينة يمنية قديمة تقع شرق صنعاء، وكانت عاصمة ممالك "سبأ" وملكة سبأ "بلقيس"، وقد ذُكرت هذه الأرض في العديد من الآيات في القرآن الكريم.
3. صعدة: تُعتبر هذه المدينة مركز محافظة صعدة، وقد لعبت دورًا مهمًا في التاريخ الإسلامي. كانت أيضًا محطة توقف للحجاج والتجار المتجهين إلى مكة. المدينة القديمة في هذه المنطقة محاطة بسور، وكانت مركز حكم الإمام الهادي (أول إمام زيدي في اليمن) ويقع فيها مسجد بنفس الاسم شمال صنعاء، ويحتوي على مبانٍ بُنيت من الطين منذ زمن بعيد وما زالت قائمة.
4. شبوة: تُعتبر مدينة أخرى في اليمن.
5. ذمار: تشتهر هذه المدينة بمعمارها الخاص ومدارسها الإسلامية. يُعتقد أن اسم المدينة مأخوذ من أحد ملوك سبأ، وهو ذمر علي. تحتوي هذه المدينة على المدرسة الإسلامية الشهيرة "الشمسية".
6. الحوطة: تُعتبر هذه المدينة مركز محافظة لحج، وهي واحدة من المناطق السياحية في اليمن وتحتوي على حدائق معروفة باسم الحسيني.
7. عدن: تُعتبر عدن مركز محافظة عدن، وتُعتبر المركز الاقتصادي والتجاري لليمن. تُعتبر عدن مدينة قديمة، وكانت تُعتبر مركزًا استراتيجيًا في اليمن، وهي الآن أهم ممر طبيعي للبحر العربي والمحيط الهندي، وممر مهم للبحر الأحمر.
الصحوة الإسلامية في اليمن
موجة الصحوة الإسلامية في اليمن
أدت الصحوة الإسلامية في اليمن عام 2011 م إلى طرح "مبادرة مجلس التعاون الخليجي" بقيادة "المملكة العربية السعودية". كانت هذه المبادرة تهدف إلى إجراء حوارات وطنية بين جميع الأحزاب والتيارات اليمنية للتوصل إلى اتفاق شامل لوضع دستور جديد وحكومة جديدة في السنوات 2011 م حتى 2013 م. أسفرت هذه الحوارات عن نتائج، من بينها تقسيم اليمن إلى عدة أقاليم. لكن هذا التقسيم تحول فعليًا إلى ستة أقاليم، وهو ما لم يكن مقبولًا من قبل حركة أنصار الله وبعض الجماعات في اليمن.
إن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن صياغة الدستور، واستمرار الفساد الحكومي، وفشل الحكومة في تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب، وعدم تحقيق خطة مجلس التعاون الخليجي، كان كلها عوامل ساعدت على ظهور الموجة الثانية من الصحوة الإسلامية في اليمن.
الموجة الثانية من الصحوة الإسلامية في اليمن
مع عدم نجاح "مبادرة مجلس التعاون الخليجي" في التوصل إلى اتفاق شامل لصياغة الدستور وحكومة جديدة في اليمن، بدأت الموجة الثانية من الصحوة الإسلامية، حيث قامت حركة أنصار الله بتوسيع ثورتها بمساعدة العديد من القبائل وكبار الزيديين، وبدأت نشاطاتها بقيادة سيد عبد الملك الحوثي تحت ثلاثة شعارات: إسقاط الحكومة الفاسدة، إزالة الضغوط الاقتصادية والركود الثقافي عن الشعب، وتقليل الفساد الحكومي الواسع، وتنفيذ إنجازات خطة الحوارات الوطنية التي تجاهلتها حكومة اليمن حتى ذلك الحين.
أولاً، سيطرت الحركة على صعدة، ثم بدأت تحركها نحو صنعاء، العاصمة اليمنية، وفي هذه المسيرة، استولت أولاً على مدينة دماج، التي تُعتبر واحدة من المراكز الرئيسية للسلفية والوهابية في اليمن وشبه الجزيرة. دخل الحوثيون هذه المدينة في يناير 2014 م، ثم استولوا على محافظة عمران في يوليو 2014، ودخلوا مركز هذه المحافظة، وبعد ذلك دخلوا صنعاء، وبعد فترة من الاشتباكات مع حكومة اليمن، في 30 سبتمبر 2014 (21 سبتمبر 2014)، تمكنوا من السيطرة على معظم الأجزاء المهمة من العاصمة اليمنية (صنعاء)، بما في ذلك المراكز الحكومية ومبنى الإذاعة والتلفزيون، وأجبروا محمد سالم باسندوة، رئيس الوزراء اليمني في ذلك الوقت، على الاستقالة، مما أسفر عن اتفاق لتشكيل حكومة جديدة. كما اختار رئيس الجمهورية اليمنية اثنين من قادة الحوثيين كمستشارين له. لم يُرضِ هذا الإجراء الثوار، حيث أعلنوا أنهم لن يكتفوا بالنجاح في صنعاء، وسيستمرون في احتجاجاتهم حتى تحقيق جميع مطالبهم وتشكيل حكومة وفاق وطني حقيقية تضم جميع الفئات السياسية في البلاد.
استقالة رئيس الجمهورية
أدى عدم رضا حركة أنصار الله والتيارات المتوافقة معها إلى استقالة خالد بحاح، رئيس وزراء حكومة منصور هادي. بعد هذه الخطوة، أعلن منصور هادي أيضًا استقالته في 21 يناير 2015 وقدمها إلى مجلس النواب.
كان من المقرر أن تُناقش استقالة رئيس الجمهورية في جلسة بمجلس النواب. ومع عدم انعقاد جلسة مناقشة استقالة رئيس الجمهورية، واجهت اليمن أزمة فراغ سياسي. أعطت حركة أنصار الله مهلة ثلاثة أيام للأحزاب السياسية لحل الأزمة السياسية من خلال عقد مؤتمر وطني في اليمن.
في اليوم التالي لانتهاء المهلة الثلاثة وعدم توافق الأحزاب السياسية على حل الأزمة في اليمن، أعلنت أنصار الله في بيانها إقالة منصور هادي، وبعد ذلك تم تشكيل مجلس وطني انتقالي يتكون من 551 شخصًا ليحل محل مجلس النواب. كما تقرر أن يدير مجلس مكون من ستة أشخاص رئاسة الجمهورية في اليمن خلال الفترة الانتقالية.
تشكيل مجلس ائتلاف للهجوم على اليمن
بعد هذه الخطوة، هرب منصور هادي إلى عدن، وأعلن عن سحب استقالته، وبدأ بتشكيل حكومة مؤقتة في عدن. بالتزامن مع هذه الخطوة، بدأ ائتلاف من دول المنطقة بقيادة "المملكة العربية السعودية" في 26 مارس 2015 م، شن هجمات جوية وبحرية على اليمن لدعم منصور هادي، مما أدى إلى تدمير العديد من البنية التحتية والمراكز العسكرية والمدنية في اليمن. وفقًا لبعض الإحصاءات، حتى 11 يوليو 1394 شمسي، قُتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص وأصيب أكثر من سبعة آلاف.
كما بدأت أنصار الله ولجانها الشعبية بعد الهجمات الجوية للائتلاف في السيطرة على مناطق مختلفة من اليمن لمواجهة القاعدة والقوات المتحالفة مع الائتلاف. لكن بعد حوالي شهرين من العدوان الذي قادته المملكة العربية السعودية، نفذت حركة أنصار الله واللجان الشعبية مع الجيش اليمني عمليات متعددة ضد السعودية ردًا على العدوان. مع اتساع الهجمات من قبل الائتلاف، استخدمت أنصار الله صواريخ باليستية ضد السعودية.[٧٢]
المفاوضات من أجل الاتفاق
لإنهاء الحرب في اليمن، جرت مفاوضات بين الأطراف المتصارعة في أبريل 2022، ومارس 2023، وأبريل 2024.
في أبريل 2022، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة شهرين بين الرياض وصنعاء بوساطة الأمم المتحدة، وتم تمديد هذا الهدنة مرتين لمدة إجمالية بلغت أربعة أشهر.
على الرغم من انتهاء فترة وقف إطلاق النار المتفق عليها من قبل الأمم المتحدة في أكتوبر 2023، إلا أنه استمر إلى حد ما، وانخفض العنف بشكل كبير. في مارس 2023، كان هناك اتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية لإحياء العلاقات الثنائية بعد سبع سنوات، وكان لذلك تأثير مباشر على الحرب في اليمن. في أبريل 2024، زار وفد سعودي صنعاء، عاصمة اليمن، للتفاوض المباشر مع أنصار الله. خلال زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء، التقى مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي اليمني، ومحمد الجابر، السفير السعودي في اليمن. كانت هذه أول زيارة للوفد السعودي إلى صنعاء بعد ثماني سنوات من الحرب. كما زار وفد الحكومة في صنعاء الرياض والتقى مع المسؤولين السعوديين.
محاور المفاوضات
طرح اليمنيون خلال المفاوضات مع السعوديين خمسة مطالب رئيسية:
- دفع رواتب الموظفين اليمنيين؛
- خروج جميع الأجانب من اليمن؛
- تبادل جميع الأسرى والمعتقلين والمرضى؛
- فتح الطرق لإيصال المساعدات الإنسانية إلى صنعاء ورفع الحصار الشامل عن اليمن؛
- تعويض الأضرار الناتجة عن الحرب.
بعد مرور عام على الاتفاق بين إيران والسعودية، يذكر اليمنيون أنه لم يتحقق أي تقدم في مفاوضات صنعاء والرياض، باستثناء تبادل الأسرى (الذي لم يكتمل أيضًا). وافقت السعودية على دفع رواتب الموظفين اليمنيين، لكنها طرحت شرطًا لم تقبله حكومة صنعاء. في هذا السياق، صرح مهدي المشاط، رئيس المجلس الأعلى السياسي في اليمن، أن السعوديين يريدون دفع رواتب الموظفين اليمنيين مقابل تحويل عائدات النفط والغاز اليمني إلى البنك الوطني السعودي، مما يُعتبر نهبًا لعائدات النفط اليمني وتقديم صدقة لليمنيين من أموالهم.
فيما يتعلق برفع الحصار، لم يحدث أي شيء، لكن وفقًا لأحدث التصريحات، تم تحقيق بعض التقدم. قال محمد عبد السلام، رئيس وفد المفاوضات في صنعاء، في فبراير 2024: "عقد وفد صنعاء وقيادات سعودية اجتماعًا وتجاوزوا أهم العقبات التي تواجه خطة أزمة اليمن. أكد وفد صنعاء على ضرورة حل قضية تعويض الأضرار، ولم تقدم السعودية ضمانات لليمنيين. قدم السعوديون مبادرة وطرحوا فكرة صندوق، وكان الهدف هو تقديم المساعدات. لكن اليمنيين قالوا إنهم لا يقبلون المساعدات، ورفضوا أساسًا فكرة الصندوق، مؤكدين أن السعوديين فرضوا علينا ثماني سنوات من الحرب ودمروا جميع بنيتنا التحتية، ويجب عليهم تعويض جميع الأضرار التي تسببوا بها.
إنجازات المفاوضات
على الرغم من أن المطالب اليمنية في المفاوضات مع السعودية لم تتحقق بعد، إلا أن هذه المفاوضات حققت إنجازات مهمة لحكومة صنعاء. من أهم الإنجازات السياسية هو اعتراف السعودية بأنصار الله كطرف مستقل وعقلاني في الساحة السياسية اليمنية.
إحدى الإنجازات المهمة الأخرى هي أن أنصار الله أصبحت لاعبًا "مطالبًا" من السعودية. كما أن إحدى الإنجازات المهمة هي أن الهدنة وفرت فرصة لصنعاء لترتيب أوضاعها العسكرية، وقد تجلى ذلك بوضوح في العرض العسكري للقوات المسلحة اليمنية في 21 سبتمبر 2023 م.[٧٣]
الاستقلال أم الوكالة؟
تُعتبر العلاقة بين أنصار الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية من القضايا المهمة. بينما تسعى القوى الغربية وحلفاؤها إلى تقديم هذه الحركة كقوة وكيلة لإيران، تُظهر الأدلة المتعددة أن أنصار الله تتمتع باستقلال استراتيجي ووطني. كما أكد مقام معظم القيادة في بياناته الأخيرة:
"إيران ليست لديها قوات وكيلة في اليمن، ولا في لبنان، ولا في فلسطين؛ ما دفع هذه الجماعات هو الإيمان والعقيدة".
تؤكد هذه التصريحات على الاستقلال الفكري والعملي لقوات المقاومة في المنطقة، بما في ذلك أنصار الله.
الدعم لجبهة المقاومة
مع اندلاع الحرب في غزة، قامت حركة أنصار الله اليمنية بتنفيذ إجراءات فعالة لدعم جبهة المقاومة. تشمل هذه الإجراءات:
العمليات البحرية
تمكنت قوات أنصار الله خلال الثلاثة عشر شهرًا الماضية من توجيه ضربات كبيرة للأسطول البحري لأعدائها. وفقًا للتقارير، منذ نوفمبر 2023 م، استهدفت هذه القوات 216 سفينة مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر والمحيط الهندي. كانت أول عملية هي الهجوم الناجح على السفينة "Galaxy Leader"، مما شكل بداية لموجة من الإجراءات الاستراتيجية في البحار. لم تؤدي هذه الهجمات فقط إلى تعطيل مسارات التجارة الإسرائيلية، بل أدت أيضًا إلى ضغط اقتصادي ونفسي واسع على إسرائيل.
الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار
حققت أنصار الله أيضًا إنجازات كبيرة في الجبهة الصاروخية. في ليلتين متتاليتين في عام 2024، أصابت صواريخ باليستية من نوع "فلسطين 2" تل أبيب. واعترفت وسائل الإعلام العبرية بأن هذه الهجمات أسفرت عن إصابة ما لا يقل عن 30 شخصًا، وفشلت منظومة الدفاع الإسرائيلية في التعرف على هذه الصواريخ. تُظهر التقدم التسليحي لأنصار الله قدرة هذه الحركة على تطوير التكنولوجيا العسكرية المحلية.
مواجهة التحالف الأمريكي والبريطاني
ردًا على الغارات الجوية التي شنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، نظمت أنصار الله عملية استهدفت فيها حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" ومدمراتها. شملت هذه العملية إطلاق 8 صواريخ باليستية واستخدام 17 طائرة بدون طيار، مما أدى إلى إسقاط طائرة مقاتلة من طراز F-18 أمريكية. عكس هذا الإجراء القدرة العسكرية والاستراتيجية لأنصار الله في مواجهة أحدث المعدات العسكرية.
حصار الموانئ الإسرائيلية
يُعتبر حصار ميناء إيلات من جهة البحر الأحمر من بين الإجراءات الاستراتيجية الأخرى لأنصار الله. أدى هذا الحصار إلى توقف الأنشطة التجارية في هذا الميناء وتقليل القدرة الاقتصادية لإسرائيل. تُظهر المعلومات المنشورة أن العديد من شركات الشحن الإسرائيلية اضطرت إلى تغيير ملكية سفنها لتجنب استهداف قوات أنصار الله.[٧٤]
الهوامش
- ↑ سقطرى أو سوكوترا (Socotra) تقع عند مدخل مضيق عدن بين قارتين آسيا وأفريقيا، ويبلغ عدد سكانها بين 40 إلى 50 ألف نسمة. تشتهر هذه الجزيرة بتنوعها النباتي المدهش، خاصة الأشجار الغريبة التي تذكر بأفلام الخيال العلمي. حوالي ثلث النباتات في هذه الجزيرة، التي تتجاوز 900 نوع، لا توجد في أي مكان آخر في العالم، وهي مستوطنة في "سقطرى".
- ↑ المقتطف من تاريخ اليمن، ص15
- ↑ روایتی از دوران معاصر یمن، ص10
- ↑ نگاهی به ساختار یمن و تحولات آن، ص8
- ↑ روایتی از دوران معاصر یمن، ص10 و 28
- ↑ المقتطف من تاريخ اليمن، ص39
- ↑ روایتی از دوران معاصر یمن، ص26
- ↑ روایتی از دوران معاصر یمن، ص27
- ↑ روایتی از دوران معاصر یمن، ص36-38
- ↑ الموسوعة الإسلامية الكبرى، ج2، ص432
- ↑ الأمالي للصدوق: 335، الحديث 11
- ↑ نقل من دولة الزيدية في اليمن، ص86
- ↑ دولة الزيدية في اليمن، ص86-88
- ↑ دولة الزيدية في اليمن، ص98
- ↑ روایتی از دوران معاصر یمن، ص47
- ↑ https://fa.abna24.com/cultural/archive/2009/06/16/159105/story.html
- ↑ تاريخ و عقائد الزيدية، ص139
- ↑ تاريخ الفرق الإسلامية، 2/86
- ↑ تاريخ الفرق الإسلامية، 2/84
- ↑ الزيدية «تاريخ و عقائد»، ص49
- ↑ طبقات الزيدية، نقل من دولة الزيدية في اليمن، ص90
- ↑ الزيدية «تاريخ و عقائد»، ص49
- ↑ دولة الزيدية في اليمن، ص90 و الزيدية «تاريخ و عقائد»، ص50-51
- ↑ الزيدية «تاريخ و عقائد»، ص52
- ↑ دولة الزيدية في اليمن، ص90
- ↑ تاريخ الفرق الإسلامية، 2، ص68
- ↑ تاريخ الفرق الإسلامية، 2، ص75-77
- ↑ الزيدية «تاريخ و عقائد»، ص89-90 و التعرف على فرق الشيعة، ص95-100
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص99
- ↑ الزيدية «تاريخ و عقائد»، ص90
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص101 و رواية من العصر الحديث لليمن، ص57
- ↑ في تنظيم هذا القسم، تم الاستفادة من المصدر أدناه: رواية من العصر الحديث في اليمن، ص 61-69
- ↑ قاسم الرسي، رسائل العدل والتوحيد، 1/120، نقل من الزيدية، تاريخ وعقائد، ص 99
- ↑ قاسم الرسي، رسائل العدل والتوحيد، 1/130، نقل من الزيدية، تاريخ وعقائد، ص 100
- ↑ دولة الزيدية في اليمن، ص 91
- ↑ الزيدية «تاريخ وعقائد»، ص 100
- ↑ الزيدية «تاريخ وعقائد»، ص 102
- ↑ مجموعة رسائل الإمام الهادي إلى الحق، ص 97. نقل من الزيدية، تاريخ وعقائد، ص 102
- ↑ الزيدية «تاريخ وعقائد»، ص 109-110
- ↑ يحيى بن حمزة، الشامل لحقائق الأدلة العقلية وأصول المسائل الدينية، ج2، ص 172-180. نقل من الزيدية، تاريخ وعقائد، ص 114
- ↑ يحيى بن حمزة، الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين، ص 40-41. نقل من الزيدية، تاريخ وعقائد، ص 117
- ↑ القلائد في تصحيح العقائد، ص144.
- ↑ نقل من الزيدية، تاريخ وعقائد، ص 112
- ↑ الزيدية «تاريخ وعقائد»، ص 111-112
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص 98
- ↑ رواية من العصر الحديث في اليمن، ص 60
- ↑ نقل من: ميراحمدي، منصور، "هوية وأسس فكر حركة أنصار الله في اليمن"، في فصلية الفكر السياسي في الإسلام، العدد 2 و3، شتاء 93 وربيع 94، ص 156.
- ↑ نفسه
- ↑ رواية من العصر الحديث في اليمن، ص 48-49
- ↑ فوزي، أسباب تشكيل وطبيعة الحركات السياسية في الشرق الأوسط، 1390
- ↑ نفس المصدر، ص 53-56
- ↑ رواية من العصر الحديث في اليمن، ص 49-52
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص 113
- ↑ رواية من العصر الحديث في اليمن، ص 78-79
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص 127
- ↑ تاريخ فرق الإسلام، ج2، ص 147
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص 128
- ↑ نفس المصدر
- ↑ التعرف على فرق الشيعة، ص 129 وتاريخ فرق الإسلام، ج2، ص 152
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في "دائرة المعارف للحركات الإسلامية"، ج5، ص 317-319
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في «دائرة المعارف للحركات الإسلامية»، ج5، ص 321
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في «دائرة المعارف للحركات الإسلامية»، ج5، ص 322
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في «دائرة المعارف للحركات الإسلامية»، ج5، ص 323
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في «دائرة المعارف للحركات الإسلامية»، ج5، ص 324
- ↑ نفس المصدر
- ↑ فوزي، أسباب تشكيل وطبيعة الحركات السياسية في الشرق الأوسط، 1390
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في «دائرة المعارف للحركات الإسلامية»، ج5، ص 327-329
- ↑ راجح، عبدالرحمن، الحركات الإسلامية في اليمن، في «دائرة المعارف للحركات الإسلامية»، ج5، ص 330-332
- ↑ كريمي، محمود، "اليمن، صعدة والحوثيون"، https://rasekhoon.net/article/show/ (19 دی 1388).
- ↑ فكر أنصار الله، مختار شيخ حسيني، في "حركة أنصار الله في اليمن"، ص 272
- ↑ بهرامي، محمد، الحروب الستة للحكومة بقيادة علي عبد الله صالح ضد الحوثيين، في "حركة أنصار الله في اليمن"، ص 161
- ↑ في موضوع أنصار الله اليمن، موقع تابناک.
- ↑ مفاوضات اليمن والسعودية؛ الإنجازات والإخفاقات، موقع وكالة مهر.
- ↑ أنصار الله اليمن، قوة وكيلة أم مستقلة؟، وكالة إيسنا.

