الفرق بين المراجعتين لصفحة: «اليمن»
لا ملخص تعديل |
|||
| سطر ١٩١: | سطر ١٩١: | ||
أسس الشيعة الاثني عشرية في اليمن العديد من التنظيمات والمنظمات لتحقيق أهدافهم السياسية والثقافية، وكل منها له تأثير في تشكيل الأحداث في اليمن. من بين أهم هذه التنظيمات: | أسس الشيعة الاثني عشرية في اليمن العديد من التنظيمات والمنظمات لتحقيق أهدافهم السياسية والثقافية، وكل منها له تأثير في تشكيل الأحداث في اليمن. من بين أهم هذه التنظيمات: | ||
* رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن | |||
تُعتبر أهم تنظيم مذهبي جعفري في اليمن، وقد أسسها الشيخ أحمد عبدالله الزيدي، لكنه لم يتولى رئاستها، بل عهد بها إلى محمد ناصر قائد البخيتي. في عام 2006، قدمت هذه الرابطة هيئة أمناء تتكون من تسعة أعضاء. تأسست هذه المنظمة للدفاع عن حقوق الشيعة الاثني عشرية وتواصل نشاطاتها حتى الآن. | تُعتبر أهم تنظيم مذهبي جعفري في اليمن، وقد أسسها الشيخ أحمد عبدالله الزيدي، لكنه لم يتولى رئاستها، بل عهد بها إلى محمد ناصر قائد البخيتي. في عام 2006، قدمت هذه الرابطة هيئة أمناء تتكون من تسعة أعضاء. تأسست هذه المنظمة للدفاع عن حقوق الشيعة الاثني عشرية وتواصل نشاطاتها حتى الآن. | ||
* المجمع الإسلامي اليمني الشيعي | |||
تأسس هذا المركز في عام 2012 بجهود بعض المستبصرين اليمنيين في محافظة تعز. الأمين العام لهذا المجمع هو "إسماعيل المهيوبي" والقائد الروحي لهم هو "سيد حبيب الجنيد". تتركز أنشطة هذا التنظيم بشكل رئيسي على الأمور الثقافية. | تأسس هذا المركز في عام 2012 بجهود بعض المستبصرين اليمنيين في محافظة تعز. الأمين العام لهذا المجمع هو "إسماعيل المهيوبي" والقائد الروحي لهم هو "سيد حبيب الجنيد". تتركز أنشطة هذا التنظيم بشكل رئيسي على الأمور الثقافية. | ||
| سطر ٢٠٤: | سطر ٢٠٤: | ||
بعض من أبرز علماء الإماميه في اليمن هم: | بعض من أبرز علماء الإماميه في اليمن هم: | ||
1. | 1. الشيخ أحمد عبدالله الزيدي: مؤسس رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن، وقد أنشأ قبل تأسيس هذه الرابطة منظمة باسم "اتحاد القوى الإسلامية الثورية" في عام 1991، التي حُلّت لاحقًا لأسباب مختلفة. اعتُقل عدة مرات من قبل قوات الأمن المصرية في القاهرة. وفقًا لبعض التقارير، كان تابعًا للمذهب الزيدي ثم استبصر واعتنق المذهب الإمامي. استشهد الشيخ أحمد في الهجوم الجوي لقوات السعودية على اليمن في عام 1396 هجري. | ||
2. | 2. الشيخ أحمد علي المرقب | ||
3. | 3. الشيخ علي أحمد الأكوَع | ||
4. | 4. الشيخ عبدالولي يحيى العكيمي | ||
5. | 5. الأستاذ عبدالله علي الجبلي | ||
6. | 6. الأستاذ عارف محمد أنيس | ||
7. | 7. الأستاذ عدنان يحيى الجنيد | ||
8. | 8. الأستاذ محمد عبدالرحمن السقاف | ||
9. | 9. الشيخ محمد أحمد الردماني | ||
هؤلاء التسعة هم أعضاء هيئة أمناء رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن. | هؤلاء التسعة هم أعضاء هيئة أمناء رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن. | ||
10. | 10. علي بن علي فارع: كان رئيس رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن، واستشهد في عام 2013 على يد قوات القاعدة. | ||
11. | 11. مبخوت هادي كرشان: رئيس منظمة الشيعة الجعفرية في منطقة الجوف. | ||
12. | 12. سيد يحيى طالب الشريف: أصلاً من الجوف اليمني، ويعيش في قم. أدت مواقفه ضد حسين الحوثي إلى اعتراضات من اتحاد الطلاب اليمنيين المقيمين في قم. اعتنق سيد يحيى المذهب الإمامي بعد أن كان زيديًا. | ||
=== الإسماعيليه === | === الإسماعيليه === | ||
مراجعة ١١:٤٨، ١٤ يوليو ٢٠٢٥
اليمن هو بلد يقع في جنوب غرب آسيا وشبه الجزيرة العربية، ويبلغ عدد سكانه حوالي 30 مليون نسمة، ومساحته أكثر من 500,000 كيلومتر مربع. اللغة الرسمية فيه هي العربية، وعملة البلاد هي الريال اليمني، وعاصمته صنعاء. ينقسم هذا البلد إلى عشرين محافظة، ويتميز بساحلين رئيسيين: الساحل الغربي على البحر الأحمر والساحل الجنوبي على البحر العربي، بالإضافة إلى العديد من الجزر، وأهمها جزيرة سقطرى في البحر العربي.
تعتبر اليمن من أكثر المناطق خصوبة في شبه الجزيرة العربية، وبفضل موقعها الجغرافي الخاص وموانئها وجزرها المهمة، كانت محل اهتمام المستعمرين على مر التاريخ، وقد شهدت صفحات تاريخ هذا البلد أحداثًا متنوعة. اليمن هو نقطة استراتيجية حساسة تهم الشرق والغرب.
الوضع الجغرافي
تقع **اليمن** في جنوب غرب آسيا، في جنوب شبه الجزيرة العربية في الشرق الأوسط. عاصمتها مدينة صنعاء. عدد سكان اليمن يقارب 30 مليون نسمة ومساحته تزيد عن 500 ألف كيلومتر مربع. اللغة الرسمية في هذا البلد هي العربية وعملته الريال اليمني. تتمتع اليمن بساحلين رئيسيين: ساحل غربي على البحر الأحمر وساحل جنوبي على البحر العربي. كما تحتوي على أكثر من 100 جزيرة في البحر الأحمر والبحر العربي، والعديد منها يتمتع بجاذبية سياحية رائعة. أهمها أرخبيل سقطرى في البحر العربي.
تقع اليمن عند مدخل مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، مما يجعلها واحدة من أكثر خطوط النقل البحري نشاطًا واستراتيجية في العالم. يعتبر مضيق باب المندب ثاني أهم مضيق في العالم بعد قناة السويس، حيث يمر عبره سنويًا أكثر من 20 ألف سفينة تحمل أنواعًا مختلفة من البضائع.
لطالما عُرفت اليمن بموقعها الجغرافي الخاص وجاذبيتها وثرواتها الطبيعية الوفيرة بـ "اليمن السعيد" وأحيانًا "اليمن الخضراء". ومع ذلك، فإن أكثر من نصف أراضي اليمن عبارة عن صحاري وكثبان رملية، بينما تقع المناطق الخضراء والمزدهرة والجبال في غرب البلاد.
تنقسم اليمن من حيث التقسيمات الإدارية إلى عشرين محافظة: عدن، عمران، أبين، الضالع، البيضاء، الحديدة، الجوف، المهرة، المحويت، منطقة العاصمة صنعاء (الأمانة)، ذمار، حضرموت، حجة، إب، لحج، مأرب، ريمه، صعدة، محافظة صنعاء، شبوة، تعز.
أما المدن الرئيسية في اليمن فهي: صنعاء، عدن، المكلا، مأرب، والحديدة. تعتبر ثلاث محافظات مأرب، حضرموت، وشبوة المناطق الرئيسية الغنية بالنفط في اليمن. حوالي 90% من صادرات اليمن هي النفط.
بين عامي 1962 و1990، كانت اليمن مقسمة إلى دولتين: الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) والجمهورية الديمقراطية اليمنية (اليمن الجنوبي)، والتي اتحدت في هذا العام لتشكل الجمهورية اليمنية. في عام 1994، اندلعت حرب أهلية بين الانفصاليين الجنوبيين والحكومة المركزية، والتي انتهت بانتصار الشماليين، مما حافظ على الاتحاد قائمًا.
الوضع السياسي
تتبع الحكومة في اليمن النظام الجمهوري، حيث يُعتبر الرئيس رئيس الحكومة، ويتم انتخابه من قبل الشعب لفترات مدتها 7 سنوات. يجب على الرئيس اختيار رئيس الدولة. رئيس الحكومة هو الوزير الأول، ويُحدد من قبل الرئيس. يتكون مجلس الشيوخ في هذا البلد من 111 مقعدًا، يتم تعيين أعضائه أيضًا من قبل الرئيس. يتكون مجلس النواب في اليمن من حوالي 301 مقعد، ويتم انتخاب أعضائه من قبل الشعب لفترات مدتها 6 سنوات. لم يطرأ أي تغيير على الهيكل السياسي في اليمن حتى الآن.
الهيكل الاجتماعي في اليمن قبلي، حيث تسيطر زعماء القبائل على القرى وغالبية المدن. يشكل ائتلاف زعماء القبائل مع الجماعات وأصحاب السلطة الهيكل السياسي في اليمن. من بين القبائل الأكثر أهمية في اليمن قبيلتي "حاشد" و"بكيل"، اللتين تسيطران على باقي القبائل.
تاريخ اليمن
قبل الإسلام، كانت اليمن تحت حكم ثلاث مجموعات، وهي: قوم سبأ وحمير (الذين عاشوا في العصور قبل الميلاد)، والحبشيون، وأخيرًا الإيرانيون.
في أواخر فترة حكم الحبشيين، حدثت عدة ثورات من قبل سكان هذه الأرض لتحرير اليمن من الحكم الحبشي، ولكن جميعها باءت بالفشل، حتى جاء الإيرانيون وطردوا الحبشيين، ومنذ ذلك الحين تولى الحكام الساسانيون الإيرانيون حكم اليمن، واستمر ذلك حتى ظهور الإسلام. تاريخ فتح اليمن على يد الإيرانيين كان بين عامي 562 و572 ميلادي، وهو يتزامن مع طفولة النبي محمد.
مع ظهور الإسلام، اعتنق آخر حاكم إيراني لليمن (المسمى باذام) الإسلام، وتم الاعتراف بحكمه في اليمن من قبل النبي محمد.
يعتقد الباحثون أن اليمن هو البلد الوحيد من أصل العرب الساميين الذي لم يتغير جذوره ولغته. يشكل العرب في اليمن، الذين يشكلون غالبية سكان البلاد، جزءًا من العرب القحطانيين، وبالتالي يعتبرون أنفسهم عربًا أصيلين. يُعتبر شعب اليمن أكثر حضارة وثقافة من غيرهم من العرب.
وجود الأمم والحضارات القديمة جعل أرض اليمن مليئة بالآثار التاريخية والأثرية. من ميزات الحضارة اليمنية يمكن الإشارة إلى إنشاء أرض خصبة وزراعة متقدمة، مما جعلهم من بين أول العرب الذين انخرطوا في الحضارة والعمارة والزراعة.
يقال إن اليمن هو البلد الوحيد الذي اعتنق أهله الإسلام بدون حرب أو دماء. بعد أن أعلن النبي محمد دعوته، كتب رسائل إلى البلدان والقبائل المختلفة يدعوهم إلى الإسلام. أرسل أولاً خالد بن الوليد مع مجموعة إلى اليمن، لكنهم لم يتمكنوا من إسلام أي شخص خلال ستة أشهر من إقامتهم هناك. بعد ذلك، أرسل النبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى اليمن. عند وصوله إلى اليمن، تجمع أفراد قبيلة حمدان، وهي واحدة من أكبر القبائل في اليمن، حوله، وقرأ عليهم رسالة النبي.
كانت عظمة كلام النبي مؤثرة للغاية على قبيلة حمدان، حتى أسلم جميعهم في يوم واحد. بعد أن علم النبي بذلك، حمد الله مرتين وقال: السلام على حمدان.
بعد إسلام حمدانيين، اعتنق بقية سكان اليمن الإسلام تدريجيًا. يفخر اليمنيون بأنهم اعتنقوا الإسلام بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبدون إراقة دماء. بعد إسلامهم، لعب اليمنيون أدوارًا مهمة في مختلف مجالات الحياة الإسلامية وشاركوا بنشاط في الفتوحات والأحداث الأخرى. أدى إسلام هؤلاء الناس على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى بروز حبهم وولائهم لأهل البيت في قلوب اليمنيين.
الأديان والمذاهب
يعتبر معظم سكان اليمن (حوالي 99%) مسلمون. وفقًا لموسوعة ويكيبيديا، حوالي 30٪ من سكان اليمن هم من الشيعة الزيدية، 50٪ من أهل السنة الشافعية، 10٪ وهابيون وحنبليون، 5٪ مالكيون، 4٪ من الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية، و1٪ غير مسلمين.
يعيش أهل السنة بشكل رئيسي في الجنوب والجنوب الشرقي في المناطق الساحلية، بينما يتركز الشيعة الزيدية بشكل رئيسي في الشمال والشمال الغربي في المناطق الجبلية حيث يتركز عدد كبير من سكان اليمن. على الرغم من الاختلافات المذهبية، لم يكن هناك أي كراهية أو عداء بين الناس في اليمن.
الزيدية
أهم تيار فكري وعقدي في اليمن الحالي هو "الزيدية". يُخصص جزء كبير من تاريخ اليمن لحكم الزيديين، الذين تولوا السلطة في هذه الأرض منذ العصور العباسية، واستمر حكمهم حوالي 1100 سنة، من حوالي 900 إلى 1962 ميلادي.
تعود أصول الزيدية في اليمن إلى ترجمان الدين قاسم بن إبراهيم الرسي (170-244 هـ/786-858 م)، الذي كان فقيهًا، متكلمًا، باحثًا، مؤلفًا ومجاهدًا. يتمتع بمكانة خاصة بين الزيديين، لأنه أولاً جد الحكام والأئمة الزيديين، وثانيًا كانت أفكاره وآراؤه الفقهية ذات تأثير كبير في انتشار المذهب الزيدي في اليمن. لهذا السبب، يُطلق على الزيديين في اليمن أيضًا اسم "القاسمية".
ابنه حسين الرسي كان أيضًا من الفقهاء والباحثين والمجاهدين من أسرة الطباطبائي، وقد قام خلال حياة والده بالترويج للمذهب الزيدي وآرائه الفقهية في اليمن. نتيجة لهذه الحملات، نما المذهب الشيعي الزيدي في اليمن إلى جانب المذاهب الإسلامية الأخرى، وأصبح بعد فترة من الزمن المذهب الأكثر نفوذًا في تلك المنطقة.
تشكل الزيدية قاعدة لنشوء دولة بني الطباطبا.
الزيدية هم الذين يؤمنون بإمامة زيد بن علي، ابن الإمام السجاد (عليه السلام). يعتقد الشيعة الزيدية، مثل الشيعة الاثني عشرية، أن الإمامة تستند إلى نص من النبي محمد، لكن الشيعة الاثني عشرية يرون أن نص النبي يتعلق فقط بخلافة اثني عشر إمامًا من عترته، بينما يعتقد الزيدية أن نص النبي يشمل بشكل عام جميع أبناء الحسن والحسين من السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها).
تتفق جميع الفرق الإسلامية، بما في ذلك أهل السنة، والمعتزلة، والشيعة، على تفوق زيد في العلم والمعرفة. كان حجته في الفقه، وأفضل العباد والزهاد في زمانه، ولم يكن له نظير في السلوك والأخلاق. قال زياد بن منذر: "كنت جالسًا عند الإمام الباقر (عليه السلام) عندما جاء زيد بن علي، فلما وقع نظر الإمام عليه قال: هذا سيد في عائلته، ودمه ثأر لهم، ما أكرم أمًا أنجبته يا زيد".
قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت عنه: "لم أرَ فقيهًا، أعلم، أبلغ، وأسرع جوابًا من زيد بن علي".
كان زيد يعتقد أن الإمام يجب أن يكون من نسل السيدة فاطمة (سلام الله علیها)، وأن يقوم بالثورة بالسيف، ويدعو إلى كتاب الله وسنة النبي، وأن يكون عالمًا بأحكام الله، ويدعو الناس إلى إمامته. نظرًا لأن جوهر تفكير زيد كان الثورة ضد الظلم والطغيان، فقد قاد ثورة ضد هشام بن عبد الملك، وأخيرًا ضحى بحياته في هذا الطريق.
بناءً على هذا المبدأ، كان ينكر أصل التقية الذي كان يؤمن به الشيعة الاثنا عشرية. كان يعتبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أفضل صحابة رسول الله، لكنه كان يعتقد أن خلافة أبي بكر وعمر أيضًا حق وواجب الطاعة. اعتنق العديد من أهل البيت وغيرهم هذا المذهب، ونشروا مبادئه وأصوله، وهكذا تشكلت فرقة الزيدية. تعاليم هذه الفرقة مستمدة من تعاليم وآراء زيد بن علي.
عقائد الزيدية
مذهب الزيدية في الأصول العقائدية، بخلاف مسألة الإمامة، قريب من العدلية وفي الفقه يتبع المذهب الحنفي. يُقال إن زيد بن علي، زعيم الزيدية، كان تلميذًا لوَاصل بن عطاء المعتزلي. بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، يعتبرون زيد الشهيد إمامًا، ويعدون الإمام زين العابدين (عليه السلام) فقط قائدًا علميًا ومعرفيًا، وليس إمامًا بالمعنى السياسي والزعيم الإسلامي، لأن أحد شروط الإمام من وجهة نظرهم هو القيام بالسلاح ضد الظالمين. معظم كتّاب الزيدية لا يعتبرون الإمام زين العابدين (عليه السلام) من أئمتهم، ويعتبرون حسن المثنى، ابن الإمام حسن المجتبى (عليه السلام)، إمامًا بدلاً عنه.
وجهة نظر الزيدية في أصول الدين تشبه وجهة نظر الإمامية. بين الفرق المختلفة من الشيعة، عقائد الزيدية أقرب ما تكون إلى وجهة نظر الإمامية. يؤمنون مع الاعتقاد بالحسن والقبح العقلي، مثل بقية الشيعة، بأصل التوحيد والعدل كأهم الأصول العقائدية، وينفون أي تشبيه وتجسيم عن الله. كما يرون الله عدلاً، ويعتقدون أنه يحكم بناءً على المصلحة والمفسدة، ويجزي ويعاقب. بالإضافة إلى ذلك، يعتبرون الإنسان مختارًا وينفون بشدة وجهة نظر الجبريين.
تعتبر الزيدية أيضًا أن النبوة والإمامة من الأصول الأساسية للدين، لكن وجهة نظرهم بشأن الإمامة تختلف عن وجهة نظر الإمامية. يقول السيد يحيى طالب الشريف، أحد المستبصرين الزيدية: "أعتقد أن الشيعة الزيدية ستذوب تدريجياً في الشيعة الاثني عشرية". الزيديون لديهم روايات قليلة جدًا. كلمة إمام لا تحمل قدسية عند الزيديين. أي طالب علم يقرأ قليلاً يدعي الإمامة، ومن ثم يحدث القتال والنزاع بسبب ذلك. لقد ذكروا صفات لأهل البيت (عليهم السلام) لا تشمل أئمتهم.
يعتبر الزيديون أيضًا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الدين، ويعتقدون أنه يجب الهجرة من الأراضي التي يتظاهر سكانها بالمعصية إلى أماكن لا توجد فيها معصية. بالإضافة إلى ذلك، مثل المعتزلة، يؤمن الزيديون بمبدأ المنزلة بين المنزلتين، أي أنهم لا يعتبرون مرتكب الكبيرة مؤمنًا كما يراها المرجئة، ولا كافرًا كما يراها الخوارج، بل يعتقدون أن هذا الشخص فاسق فقط.
فرق الزيدية
تنقسم الزيدية إلى عدة فرق فرعية، وأهمها ثلاث فرق: الجارودية، البترية، والجريرية.
الجارودية
هذه الفرقة تتبع أبا الجارود زيد بن منذر العبدي. كان أبو الجارود من أتباع الإمام الباقر والإمام الصادق لكنه تركهم وانضم إلى الزيدية. كان يعتقد أن هناك نصًا عن إمامة الإمام علي والحسنين من قبل النبي، لكن هذا النص وصف وليس تسمية، وقد انقطع بعد ذلك. على الرغم من أن الجارودية قبلت زيدًا بالإمامة، إلا أنهم تجاوزوا آراءه واعتقدوا أن الناس انحرفوا باختيارهم آخر غير علي بن أبي طالب وعدم بيعتهم له. الإمامة فقط تستحق أبناء الإمام حسن والإمام حسين، ومن يخالف بيعة الإمام كافر. اعتبر بعضهم الجارودية رافضية بسبب طعنهم في الشيخين والصحابة.
البترية (الصالحية)
سُمِّيَت بهذا الاسم لأنها من أصحاب حسن بن صالح بن حي الهمداني (100-168 هـ) ومن أصحاب كثير النواي أبتر. كانت البترية تكفر الجارودية بسبب طعنهم في الشيخين والصحابة. من وجهة نظرهم، كان الإمام علي (عليه السلام) أفضل الصحابة وأحق بالإمامة، لكن خلافة أبي بكر وعمر لم تكن خطأ، لأن الإمام أمير المؤمنين قد رضي بخلافتهم. كما كانوا يرون أن قيام إمامين في منطقتين مختلفتين جائز، وطاعة كل منهما واجبة. انضم المعتزلة من بغداد إلى فرقة الصالحية، وكانت الصالحية تتبع مذهب الاعتزال في الأصول.
الجريرية (السليمانية)
أتباع سليمان بن جرير الرقي، الذين كانوا يرون أن الإمام علي (عليه السلام) هو أفضل الصحابة وأحق بالخلافة، لكنهم اعتقدوا أنه بما أن النبي لم يُصرح بخلافته، رغم أنه كان يحب أن يكون علي (عليه السلام) خليفة، فإن خطأ الصحابة كان خطأ اجتهاديًا وليس ذنبًا. هذه الطائفة تبرأت من عثمان واعتبرت محاربي علي (عليه السلام) كفارًا، ومثل بقية فرق الزيدية اعتبروا الإمامة حقًا خاصًا بأولاد فاطمة (سلام الله علیها). كانت الجريرية ترى أن تعيين الإمام ممكن فقط من خلال مجلس من الناس يتكون على الأقل من اثنين من اختيارات الأمة. من وجهة نظرهم، الإمامة المفضولة مع وجود الأفضل جائزة، وأن الإمام علي (عليه السلام) هو الإمام وبيعة أبي بكر وعمر كانت خطأ.
الزيدية في اليمن
بعد استشهاد زيد بن علي، قام الزيديون بعدة ثورات في مناطق مختلفة مثل خراسان، المدينة، البصرة، الكوفة، طالقان، طبرستان واليمن، وكان من أهم هذه الثورات تشكيل الحكومة الزيدية في طبرستان واليمن. تم نقل المذهب الزيدي رسميًا إلى اليمن على يد يحيى بن حسين بن قاسم، من أحفاد الإمام حسن المجتبى (عليه السلام) المعروف بالهادي إلى الحق، حيث بايعه أهل اليمن في عام 280 هـ. بعد يحيى بن حسين، تولى أبناؤه الإمامة والسلطة في اليمن واحدًا تلو الآخر، بحيث استمرت سلسلة الإمامة الزيدية في الغالب في عائلة يحيى وشملت حوالي ستين إمامًا يُطلق عليهم الحسنين.
استمرت حكومة الزيديين في اليمن حتى انقلاب 1962م بقيادة عبدالرحمن الأرياني أو ثورة 1962م، مع بعض التقلبات. خلال هذه الفترة الطويلة، كان الزيديون دائمًا يسيطرون على الأجزاء الشمالية من اليمن، مع أن نفوذهم كان أحيانًا يمتد إلى مناطق أخرى. لكن، بخلاف زمن الهادي إلى الحق وبعض الأئمة الزيديين الآخرين، لم يتمكن الزيديون في اليمن من إقامة حكومة قوية، وغالبًا ما كان يظهر إمام للقيام ببعض المدن لفترة قصيرة ثم تفقد تلك السلطة بسبب الحروب الداخلية. زادت هذه الفوضى منذ القرن الحادي عشر، وكانت حكومة الزيديين دائمًا مصاحبة للثورات والنزاعات. كانت الانقسامات الناتجة عن الهجمات المتكررة من الأتراك العثمانيين، وادعاءات الإمامة المتكررة، وعدم الانسجام والنظام القبلي السائد في اليمن من عوامل عدم الاستقرار السياسي في اليمن.
انتشار واسع للكتب والأفكار المعتزلية بين الزيديين في اليمن تزامن مع ظهور حركة المطرفية بينهم. كانت المطرفية مجموعة من الزيديين الذين اعتبروا أنفسهم أتباع الهادي يحيى بن حسين، وطرحوا آراء خاصة في القضايا العقائدية تتعارض مع العقيدة المعروفة عن الزيدية، ووفقًا لبعض الآراء، تأثرت بمذهب أبو القاسم البلخي، أحد قادة المعتزلة في البصرة. لجأ الأئمة والعلماء الزيديون لمواجهة هذه الحركة إلى التراث الفكري والكلامي للمعتزلة الآخرين، مما أدى إلى نقل كتب المعتزلة وشخصيات متأثرة بهم من العراق وإيران إلى اليمن، وبالتالي في القرون اللاحقة ظهر تيار في الزيدية اليمنية تأثر بالمعتزلة وأفكارهم. في هذا المذهب، تم ربط أصول مذهب الزيدية بالعقلانية المفرطة، وانتشرت بعض الآراء الكلامية غير الشيعية بينهم.
في المقابل، انتقد بعض العلماء الزيديين العقلانية المفرطة للمعتزلة، ويمثلون توجهًا مشابهًا لتوجه أهل الحديث، ومن جهة أخرى ابتعدوا عن التيار الأصلي للزيدية والشيعة. وهكذا، وُضعت الخط الزيدي الأصلي بين تيارين مائلين إلى أفكار غير شيعية ولكن مختلفين، وهما التيار العقلاني المائل إلى أفكار المعتزلة والتيار النقلي المائل إلى أهل الحديث.
الزيدية في اليمن في العصر الحاضر
مع سقوط **الإمبراطورية العثمانية** عام 1337 هـ / 1918 م خلال الحرب العالمية الأولى، تهيأت الظروف لحكم زيدي آخر يُدعى أحمد بن محمد بن يحيى، الذي كان في الواقع آخر حكومة من سلالة الزيديين، وتمكن من السيطرة على اليمن. انتهت حكومة أحمد بن محمد في عام 1962م مع انقلاب **عبدالله سلال**. ومنذ ذلك الحين، أُقيمت الحكومة الجمهورية في اليمن وتم إبعاد سلالة الزيدية عن السلطة. حاليًا، تُدار اليمن كجمهورية ديمقراطية.
بالإضافة إلى التاريخ الطويل لحكومة الزيدية في اليمن، يشكل الزيديون حاليًا عددًا كبيرًا من الشيعة في اليمن، حيث يُقدّر عددهم بحوالي 35% من سكان اليمن. يعيش الزيديون بشكل رئيسي في محافظات صعدة، تعز، الجوف، صنعاء، إب، ذمار، عمران، مأرب، حجة، مجويت، والحديدة. كما يوجد عدد كبير من أتباع المذهب الزيدي في جنوب المملكة العربية السعودية، وخاصة في منطقة نجران. كانت هذه المنطقة، التي تقع بجوار اليمن، تُعتبر سابقًا جزءًا من أراضي اليمن التي انفصلت في النزاعات بين البلدين في القرن الماضي. القبيلتان الكبيرتان في اليمن، وهما "حاشد" و"بكيل"، هما زيديتان. تُعتبر هاتان القبيلتان من أهم قبائل اليمن ولها دور كبير في التحولات السياسية في اليمن بعد تشكيل الحكومة الجمهورية.
المنظمات
بعض من أهم التشكيلات والمنظمات النشطة للزيدية في اليمن تشمل:
- المؤسسة العلمية الثقافية
تأسست هذه المؤسسة في عام 1991 على يد الشهيد السيد مرتضى المحطوري في صنعاء. أهم أنشطة هذه المؤسسة هي تنظيم الدورات التعليمية، لكنها تشارك أيضًا في الأنشطة الثقافية والخيرية. تخرج عدد كبير من المفكرين من هذه المؤسسة؛ بعض الشخصيات البارزة في حركة أنصار الله في اليمن هم من خريجي هذه المؤسسة.
- المؤسسة الرسالية
تأسست هذه المؤسسة في عام 2009. ترأسها الدكتورة "أمال عبدالخالق حجر". الجمهور الرئيسي لهذه المؤسسة هو النساء، ومحور أنشطتها ثقافي واجتماعي وخيري.
- رابطة علماء اليمن
تتكون هذه الرابطة من علماء الدين في اليمن، وتسمح بالعضوية لكل الأفراد المؤهلين. تركز أنشطة هذه الرابطة بشكل أساسي على الجانب العلمي. أعلنت هذه الرابطة عن وجودها في أواخر عام 2012.
- حزب الحق
تأسس هذا الحزب السياسي في عام 1990، ورئاسة الحزب مُنحت لـ "مجد الدين المؤيدي"، أحد كبار العلماء في اليمن. على الرغم من أن هذا الحزب يقدم نفسه كحزب مدافع عن حقوق الشيعة الزيدية، إلا أن بعض تصرفاته، مثل نشر أعمال علماء الإمامية والتركيز على أخبار إيران، أثارت شائعات حول إمامية بعض قادته.
- تنظيم الشباب المؤمن
تأسس هذا التنظيم من قبل الشباب الزيديين لمواجهة الفكر السلفي والوهابي في عام 1990. كان أول أمين عام له "محمد يحيى عذان"، وبعد ذلك تم انتخاب حسين الحوثي أمينًا عامًا له. وفقًا لبعض التقارير التاريخية، يُعتقد أن مؤسس هذا التنظيم هو حسين الحوثي، الذي أسس تنظيم الشباب بعد انفصاله عن حزب الحق.
في بداية نشاطه، أنشأ حسين الحوثي مدارس بدعم من الحكومة، وعلم أفكاره. على الرغم من أن أفكاره كانت قريبة من أفكار الإمامية، إلا أن نشاطاته كانت محصورة في الأعمال الثقافية والفكرية. منذ عام 2002، بدأ الحوثي في إدخال نشاطاته إلى المجال السياسي، وتحدث عن المسؤولية الدينية وخطر أمريكا، مؤكدًا ضرورة العمل من أجل الإسلام والابتعاد عن أمريكا والكيان الصهيوني.
تجمع أفراد هذا التنظيم في عام 2003 عندما دخلت أمريكا في حرب العراق، أمام السفارة الأمريكية، ورفعوا شعارات ضد أمريكا وإسرائيل. منذ ذلك الحين، شعرت الحكومة اليمنية بالخطر من هذا التنظيم وبدأت اتخاذ إجراءات لمواجهته. أدت هذه الإجراءات إلى سلسلة من النزاعات بين أنصار الحوثي والحكومة في عام 2004، حيث استشهد حسين الحوثي. بعده، تولى بدر الدين الحوثي، والد حسين، قيادة قوات الحوثي. استؤنفت هذه النزاعات في أواخر عام 2005 بقيادة عبد الملك الحوثي، شقيق حسين الحوثي. حاليًا، تتمتع قوات الحوثي في اليمن بسلطة كبيرة على المستوى الحكومي.
الشخصيات المؤثرة في الزيدية
كان كبار الزيدية في البداية أكثر اهتمامًا بالقيام والثورة لأداء فريضة الأمر بالمعروف، وأقل اهتمامًا بتوضيح عقائدهم. لكن منذ القرن الثالث الهجري بدأت الأنشطة العلمية للزيدية واستمرت حتى الآن. في هذا القسم، نشير إلى بعض من أهم الأئمة والعلماء الزيديين وآرائهم الفقهية والعقدية.
- قاسم الرسي
قاسم بن إبراهيم الرسي من أحفاد الإمام حسن المجتبى (عليه السلام) وُلِد في عام 169 هـ في "رس"، إحدى المدن القريبة من المدينة، ومن هنا اشتهر بلقب "الرسي"، وقد انتقل هذا اللقب إلى أبناءه وأحفاده في اليمن ومصر والهند. تربى على يد والده وعلماء عائلته وتعلم. أخذ الفقه عن علماء المذهب الحنفي والكلام عن المعتزلة. تأثر قاسم إلى حد كبير بالمعتزلة وكان له دور في قبول وجهات نظر المعتزلة من قبل الزيديين في اليمن.
كان قاسم الرسي يعتبر أن العقل هو الأساس والمصدر الرئيسي للمعرفة، واعتقد أنه من خلال العقل يمكن معرفة الله ونفي التشبيه والتجسيم عنه. من وجهة نظره، فإن العقل مقدم على كتاب الله وسنة الرسول، لأن النبي الحقيقي لا يمكن تمييزه عن النبي الكاذب إلا بالعقل. كان يؤمن باختيار الإنسان في أفعاله وكتب رسائل متعددة في رد الجبريين. من رأيه أن الضلالة والضياع تأتي من أنفسهم وأن الهداية هي توفيق إلهي. يعتقد قاسم أن القضاء والقدر الإلهي لا يشمل الذنوب، لأن قضائه يتعلق بالحق وأمره يتعلق بالعدل. في موضوع الوعد والوعيد، يكتب: "أحد الأصول الخمسة هو أن الله صادق الوعد والوعيد، فمثلاً يُجازي على ذرة من الخير ويعاقب على ذرة من الشر".
لا يعتبر قاسم مرتكب الكبيرة مؤمنًا ولا كافرًا، بل يعتبره فاسقًا، ويعتقد أن العصاة مثل الكفار، إذا ماتوا دون توبة، سيظلون في جهنم إلى الأبد، لكنهم سيعانون من عذاب أخف. يسمي هذا الرأي "المنزلة بين المنزلتين". في موضوع الأمر بالمعروف، الذي كان من أهم مبادئ الزيدية عبر التاريخ، يكتب: "يجب على كل مؤمن بقدر استطاعته أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإذا لزم الأمر فإن هذا العمل يجب أن يتم بالقيام والسيف".
وجد قاسم أتباعًا كثيرين، لكن العديد منهم انفصلوا عنه بسبب رأيه حول أبي بكر وعمر. أهمية آراء قاسم الرسي تكمن في أنه، وفقًا لبعض الباحثين، فإن المذهب الكلامي للزيدية في اليمن حتى اليوم هو نفس مذهب قاسم الرسي أو القاسمية. يؤكدون على العقل وتأثرهم بالمعتزلة، وهم بعيدون عن الفلسفة وأفكار اليونانيين في تفكيرهم.
- يحيى بن حسين
يحيى، حفيد قاسم الرسي، المعروف بالهادي إلى الحق ومؤسس الدولة الزيدية في اليمن، هو أحد الشخصيات المؤثرة في الزيدية. يعتقد أن الحواس والعقول عاجزة عن إدراك المعبود، وأننا لا نستطيع معرفة أفعال الله إلا من خلال المخلوقات. ويعتقد أن الله قد أمر بالطاعة وترك المعصية، وأنه لا يريد الكفر لعباده. هو أعدل من أن يخلق الكفر والجور. في نظر الهادي إلى الحق، فإن الإمامة ليست نتيجة بيعة واختيار الناس، بل هي ناتجة عن الكمالات التي أوجدها الله في أولاد السيدة فاطمة (سلام الله علیها). لذلك، إذا قام فرد من أبناء الإمام حسن والإمام حسين وكان لديه شروط الإمامة الأخرى، فإنه يجب على المسلمين قبول بيعتهم ومساعدتهم.
لديه رؤية مشابهة لقاسم الرسي بشأن مرتكب الكبيرة، لكنه في موضوع الصحابة يكتب: "لا أوجه اللوم إلى أي من الصحابة الصادقين والتابعين الصالحين... أي شخص يسب مؤمنًا ويظن أن هذا العمل حلال، فقد كفر، وأي شخص يسب مؤمنًا وهو يعلم أنه حرام، فهو فاسق وضال... أطلب المغفرة لأمهات المؤمنين (زوجات النبي) اللاتي توفين وهن مؤمنات".
- الحاكم الجشمي
أبو سعد محسن بن محمد المعروف بابن كرامة جشمي والحاكم الجشمي وُلِد في عام 413 هـ في جشم من توابع نيشابور. درس في مكة عند الزيديين ومال إليهم، وأصبح شخصًا معتزليًا-زيديًا. كان له باع في التفسير وكان أستاذًا للزمخشري. يُعد من أبرز المؤرخين الزيديين. كان الجشمي ينتقد الفلاسفة تبعًا لكبار الزيدية، ويعتقد أنه لا توجد وسائط بين الله والعالم مثل العقول العشرة، بل إن الله يدبر العالم مباشرة وبدون واسطة. تأثر بأفكار المعتزلة، ويرى أن أفعال الإنسان مخلوقة من قبلهم ولا يعتبر الله خالق أفعالهم.
- يحيى بن حمزة
يحيى بن حمزة بن علي من أحفاد الإمام الجواد (عليه السلام) المعروف بالمؤيد بالله وُلِد في عام 669 هـ في صنعاء. يُعتقد أن مجموع مؤلفاته يبلغ حوالي مئة مجلد. على عكس معظم كبار الزيدية، لم يُكفِّر الأشاعرة، ويكتب في هذا المجال: "يعتقد معظم الزيدية وجمهور المعتزلة بكفر الأشاعرة بسبب قولهم بالكسب، وقدم القرآن والجبر، لكننا لا نعتقد بكفرهم. لأن الكفر في المسائل القطعية، وقد يكون اعتقادهم بهذه المسائل بسبب ظهور الاحتمالات...".
يدافع يحيى عن جميع صحابة النبي ويعتقد أن معارضتهم لخلافة الإمام علي (عليه السلام) لا تؤدي إلى كفرهم أو فسقهم أو خروجهم من الدين، بل يعتبر إسلام الصحابة صحيحًا. ويشير إلى روايات مثل "أبو بكر وعمر سيدَا كهول الجنة" كدليل على فضلهم. يستند يحيى أيضًا إلى عمل زيد بن علي الذي كان يحبهم كثيرًا وينهاهم عن سبهم. ينقل يحيى روايات من بعض الأئمة الزيديين مثل قاسم الرسي، ناصر الأطروش، حسن بن زيد وغيرهم حول عدم سب الصحابة. حتى ينقل عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه كان يحبهم كثيرًا. من وجهة نظر الإمامية، بعض هذه الروايات مزورة وبعضها قد صدرت عن تقية.
يكتب يحيى حول رأي كبار الزيدية تجاه الصحابة: "رأي قاسم الرسي والهادي إلى الحق وأبناؤه والإمام منصور بالله هو التوقف من الطرفين؛ هم يتوقفون عن الترخيص والترحم تجاه الشيخين، ويمنعون تكفيرهم وتفسيقهم، لأن هؤلاء الكبار لديهم يقين بخطأ الخلفاء، لكنهم لا يعرفون ما إذا كانت هذه كبيرة أو صغيرة؛ لذلك حكموا بالتوقف".
- ابن المرتضى
أحمد بن يحيى بن مرتضى المعروف بالمهدى لدين الله ولقب ابن المرتضى وُلِد في عام 763 هـ في جنوب صنعاء. بايعه العلماء الزيديون في عام 793 هـ كإمام، لكن السياسيين لم يقبلوا هذا الرأي وبايعوا شخصًا آخر. انتهى هذا الخلاف بانتصار السياسيين، وتم سجن ابن المرتضى حيث قضى سبع سنوات في السجن. استغل هذه الفرصة وكتب كتبًا مهمة في الكلام والفقه الزيدي. يُعتبر كتابه الصغير "عيون الأزهار في فقه الأطهار" من أهم الكتب الفقهية الزيدية التي كُتبت عليها عشرات الشروح والحواشي.
على عكس قاسم الرسي والهادي إلى الحق، اعتبر ابن المرتضى حكم أبي بكر بشأن فدك صحيحًا، ويكتب: "إذا كان هذا الحكم باطلًا، كان يجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن ينقضه، وإذا كان ظلمًا، كان يجب على بني هاشم أن ينكروه". لكن قاسم الرسي كان يعتقد أنه بسبب غضب السيدة فاطمة (سلام الله علیها) من أبي بكر بسبب غصب فدك، نحن أيضًا نغضب من غضب فاطمة. في الاعتقادات، كان إلى حد كبير متأثرًا بمذهب المعتزلة، ومع تأليفه الكثير في مواضيع مختلفة، يُعتبر أحد أكثر الأئمة تأثيرًا في الزيدية في اليمن منذ القرن التاسع حتى الآن، ويُشار إليه كمجدد لمذهب الزيدية في أوائل القرن التاسع.
الشخصيات المعاصرة الزيدية
- السيد حمود عباس المؤيد: من كبار علماء اليمن، توفي في عام 1396 هـ.
- السيد محمد بن محمد بن المنصور: أحد كبار علماء اليمن، توفي في عام 1395 هـ. أصدر مجمع تقريب المذاهب الإسلامية بيانًا بعد وفاته.
- السيد علي بن أحمد الشهاري (1332-1411 هـ)
- السيد عبدالله بن يحيى الدیلمی (1334-1425 هـ)
- محمد بن عبدالله الهدار (1340-1418 هـ)
- عباس أحمد محمد الخطيب (1352-1435 هـ)
- عبدالرحمن حسين شایم (1358-1434 هـ)
- مجدالدین المؤيدي (1332-1428 هـ)
- حسين بن مجدالدین المؤيدي الذي توفي في عام 1399 هـ.
- بدرالدين الحوثي: من كبار علماء اليمن في منطقة صعدة. بدأ انفصاله عن بقية العلماء الزيديين عندما أفتى مجموعة من العلماء الزيديين، برئاسة مجدالدين المؤيدي، بأن النسب الهاشمي ليس شرطًا للإمامة، وأن هذا الشرط كان موجودًا بسبب الظروف التاريخية، ولكن لم يعد موجودًا الآن، ويمكن للناس اختيار أي شخص يستحق الحكم، حتى لو لم يكن من نسل الإمام حسن والإمام حسين.
عارض بدرالدين بشدة هذا الفتوى ودافع عن مذهب الإمامية، حتى أنه كتب كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن" حيث شرح أوجه التشابه والقرب بين الزيدية والإمامية. جاء بدرالدين الحوثي إلى إيران في التسعينيات وعاش عدة سنوات في طهران. بعد استشهاد ابنه حسين الحوثي في النضال ضد الحكومة، تولى قيادة هذه الحركة. توفي بدرالدين في عام 2010، ورغم كونه زيدي المذهب، إلا أن نظرته إلى التشيع الجعفري كانت لها تأثير كبير في انتشار هذا المذهب في اليمن، وخاصة في صعدة.
يمكن اعتباره بحق من الشخصيات التي تؤمن بوحدة المذاهب المختلفة وتعمل في هذا المجال. على سبيل المثال، في كتابه "من هم الرافضة"، رد على الاتهام التاريخي للزيدية وآخرين ضد الإمامية بأنهم رافضة، ويكتب: "لم يتصالح الشيعة مع سلاطين بني أمية أو بني عباس، وكان الأئمة الشيعة دائمًا يمنعون أتباعهم من الاقتراب من الحكومات الظالمة. إن الأئمة الشيعة لم يروا الظروف ملائمة للقيام بعد الإمام حسين ولم يلجأوا إلى النضال المسلح ضدهم، وهذا لا يعني قبول الحكومات الظالمة أو التوقف عن أي نوع من النضال ضدها. لذلك، جميع الأئمة الشيعة عمومًا قد استشهدوا على يد الحكومات الظالمة بعد الإمام حسين".
كتابه الآخر بعنوان "التحذير من الفرقة" يتناول موضوع وحدة الطائفة الزيدية والإسماعيلية والاثني عشرية. في هذا الكتاب، يحذر الزيدية من سوء الظن تجاه بقية الجماعات الشيعية، ويكتب: "يولي الشيعة الاثنا عشرية احترامًا كبيرًا لأئمة الزيدية، وخاصة زيد بن علي، والآن قبور الإمام زاد الزيديين في إيران محترمة تمامًا وتعتبر مكانًا للزيارة. لذلك، يعتبروننا من أنفسهم. بالمقابل، نحن أيضًا نعتبر أنفسنا من أصل وجذر وفروع وثمارهم".
استمر بدرالدين الحوثي في اتباع نفس النهج في كتبه الأخرى مثل "من هم الثقلين"، و"زيارة القبور"، وتفسير القرآن الكريم المكون من 13 مجلدًا، حيث اقترب من وجهات نظر الإمامية من خلال التخلي عن بعض المسلمات في مذهب الزيدية، وخاصة في مواجهة الأفكار الوهابية التي انتشرت بين العديد من الزيديين في اليمن.
الإماميه
تشيع الاثني عشرية، على الرغم من وجوده بشكل محدود في اليمن في الماضي، إلا أنه بعد الثورة الإسلامية في إيران وتأثيراتها في البلدان الإسلامية الأخرى، بدأ تدريجيًا يدخل اليمن، حيث تعرّف النخب والأساتذة والطلاب والمثقفون في هذا البلد، سواء كانوا زيديين أو إسماعيليين، على الشيعة الاثني عشرية وجذبوا إليها. كان لحضور بعض الشخصيات البارزة الزيدية مثل العلامة بدرالدين الحوثي في إيران تأثير لا يمكن إنكاره على الميل نحو الفكر الإمامي بين الشباب اليمني.
لدى الشيعة الاثني عشرية علاقة وثيقة مع الشيعة الزيدية، وتنظم "رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن" الأنشطة الخاصة بالشيعة الزيدية والاثني عشرية. يعيش الشيعة الإمامية بشكل متفرق في مدينتي عدن وصنعاء، وكذلك في الجوف ومأرب وذمار ورداع وبعض النقاط الأخرى في اليمن، وتُشرف أنشطتهم على منظمة تُدعى "رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن". يشكل معظم الشيعة الاثني عشرية في اليمن النخب، وأساتذة الجامعات، ورجال الدين، والأطباء.
أسس الشيعة الاثني عشرية في اليمن العديد من التنظيمات والمنظمات لتحقيق أهدافهم السياسية والثقافية، وكل منها له تأثير في تشكيل الأحداث في اليمن. من بين أهم هذه التنظيمات:
- رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن
تُعتبر أهم تنظيم مذهبي جعفري في اليمن، وقد أسسها الشيخ أحمد عبدالله الزيدي، لكنه لم يتولى رئاستها، بل عهد بها إلى محمد ناصر قائد البخيتي. في عام 2006، قدمت هذه الرابطة هيئة أمناء تتكون من تسعة أعضاء. تأسست هذه المنظمة للدفاع عن حقوق الشيعة الاثني عشرية وتواصل نشاطاتها حتى الآن.
- المجمع الإسلامي اليمني الشيعي
تأسس هذا المركز في عام 2012 بجهود بعض المستبصرين اليمنيين في محافظة تعز. الأمين العام لهذا المجمع هو "إسماعيل المهيوبي" والقائد الروحي لهم هو "سيد حبيب الجنيد". تتركز أنشطة هذا التنظيم بشكل رئيسي على الأمور الثقافية.
تشمل المدارس الجعفرية في عدن، ومؤسسة دار الزهراء للإعلام الثقافي، ودار أحباب أهل البيت من بين التنظيمات الثقافية النشطة الأخرى في اليمن.
علماء الإماميه
بعض من أبرز علماء الإماميه في اليمن هم:
1. الشيخ أحمد عبدالله الزيدي: مؤسس رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن، وقد أنشأ قبل تأسيس هذه الرابطة منظمة باسم "اتحاد القوى الإسلامية الثورية" في عام 1991، التي حُلّت لاحقًا لأسباب مختلفة. اعتُقل عدة مرات من قبل قوات الأمن المصرية في القاهرة. وفقًا لبعض التقارير، كان تابعًا للمذهب الزيدي ثم استبصر واعتنق المذهب الإمامي. استشهد الشيخ أحمد في الهجوم الجوي لقوات السعودية على اليمن في عام 1396 هجري.
2. الشيخ أحمد علي المرقب
3. الشيخ علي أحمد الأكوَع
4. الشيخ عبدالولي يحيى العكيمي
5. الأستاذ عبدالله علي الجبلي
6. الأستاذ عارف محمد أنيس
7. الأستاذ عدنان يحيى الجنيد
8. الأستاذ محمد عبدالرحمن السقاف
9. الشيخ محمد أحمد الردماني
هؤلاء التسعة هم أعضاء هيئة أمناء رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن.
10. علي بن علي فارع: كان رئيس رابطة الشيعة الجعفرية في اليمن، واستشهد في عام 2013 على يد قوات القاعدة.
11. مبخوت هادي كرشان: رئيس منظمة الشيعة الجعفرية في منطقة الجوف.
12. سيد يحيى طالب الشريف: أصلاً من الجوف اليمني، ويعيش في قم. أدت مواقفه ضد حسين الحوثي إلى اعتراضات من اتحاد الطلاب اليمنيين المقيمين في قم. اعتنق سيد يحيى المذهب الإمامي بعد أن كان زيديًا.
الإسماعيليه
الإسماعيليون فرقة من الشيعة يؤمنون بإمامة إسماعيل، ابن الإمام الصادق (عليه السلام)، بعده. كان إسماعيل الابن الأكبر للإمام الصادق (عليه السلام) وبرز كأحد المرشحين لقيادة الشيعة المتطرفين في عام 138 هـ، ولكن وفاته المفاجئة قبل عام 145 هـ أفسدت جميع خطط الشيعة المتطرفين. على الرغم من أن الإمام الصادق (عليه السلام) جعل العديد من الشهود حاضرين على جنازة إسماعيل، إلا أن مؤيديه الذين كانوا يعتقدون أن الإمام الصادق (عليه السلام) قد صرح بإمامة إسماعيل، اعتبروا أنه لا يزال حيًا وأنه المهدي المنتظر، وادعوا أن الإمام الصادق (عليه السلام) قد قام بذلك تقية. بينما اعترف آخرون بوفاة إسماعيل، واعتقدوا أن محمد، ابن إسماعيل، هو الإمام ولم يقبلوا بإمامة الإمام الكاظم (عليه السلام).
تمتلك الإسماعيليون مساجد ومراكز تعليمية خاصة في بعض المدن اليمنية، مثل مدرسة "الدعوة" في مناخة، ومدرسة "بيت الدعوة" في حراز، ومدرسة "البهريه" في صنعاء. يُقدّر عدد الإسماعيليين في اليمن بحوالي 12000 شخص. من المواقع الهامة لطائفة الإسماعيليين في اليمن ضريح حاتم الحضرات في حراز، حيث يسافر عدد من أتباع هذه الفرقة من مختلف أنحاء العالم لزيارته سنويًا. المركز الرئيسي للإسماعيليين في صنعاء يُعرف باسم "مقر الفيض الحاتمي".
عقائد الإسماعيليه
النظام الفكري للإسماعيليين له صلة وثيقة ببعض جوانب عقائد الغلاة. التفكير الباطني، الروح الإباحي، وتأثير الأفكار الفلسفية النوافلاطونية هي من الخصائص الرئيسية للفكر الإسماعيلي.
1. اللهشناسی
من وجهة نظر الإسماعيليين، الله تعالى منزّه عن جميع الصفات، لا يُدرك ولا يُعرف. العقل عاجز عن إدراك ووصف الله الذي هو فوق الوجود والعدم. هذا المفهوم عن الله يشبه إلى حد كبير مفهوم الإله الذي لا يمكن وصفه في فلسفة النوافلاطونية، الذي يعتبر الله خارج نطاق الفكر والعقل واللغة.
2. العدل الإلهي
تستند أفكار الإسماعيليين حول الجبر والاختيار، والقضاء والقدر، ومسألة الشر إلى الحديث "لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين". يعتقدون أن الشر لا يمكن أن يُخلق أو يُبدع، بل يظهر بالعرض.
3. النبوة
يعتقد الإسماعيليون أن الهدف من خلق الإنسان هو الوصول إلى أعلى درجات الكمال والسعادة، ولأن العقل وحده لا يستطيع تحقيق ذلك، فمن الضروري أن يرسل الله أنبياء ليقودوا الإنسان إلى الكمال. في نظر الإسماعيليين، يصل الإنسان إلى الكمال في سبع دورات، وتبدأ كل دورة بنبي أولي العزم. هؤلاء هم: آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد (صلى الله عليه وآله) ومحمد بن إسماعيل. في الدورة السابعة، تُكشف جميع الحقائق الباطنية، ويصل الإنسان إلى الكمال النهائي. يعتقدون أن الوحي والمعجزة هما طريقتان لمعرفة الأنبياء. الأنبياء هم مجمع فضائل إنسانية ويتميزون بالعلم الغيبي والعصمة.
4. الإمامة
يؤمن الإسماعيليون، مستندين إلى روايات الأئمة الشيعة حتى الإمام الصادق (عليه السلام)، بضرورة وجود إمام في كل عصر وزمان. أكبر اختلاف بين الإسماعيليين والإمامية هو في مصداقيات وعدد الأئمة. يؤمن الإسماعيليون بنوعين من الأئمة: المستقر والمستودع. إذا استمرت الإمامة في نسل الإمام، يُسمى الإمام مستقرًا، وإذا لم يكن كذلك، يُسمى مستودعًا، أي الشخص الذي وُدعت فيه الإمامة بشكل مؤقت. الإمام المستودع يتولى الأمور القيادية قبل وصول الإمام المنصوص إلى سن الرشد. يعتقد الإسماعيليون أن الإمام حسن المجتبى (عليه السلام) هو الإمام المستودع، بينما بقية الأئمة هم أئمة مستقرون. وفقًا لرأيهم، بعد الإمام الصادق (عليه السلام)، يكون إسماعيل هو الإمام، ثم يتولى محمد بن إسماعيل منصب الإمامة.
تاريخ اليمن المعاصر
كانت اليمن حتى عام 1513 دولة واحدة، وقد انفصلت عن الحكم الإسلامي في بغداد في عصر العباسيين وشكلت حكومة مستقلة بمذهب زيدي تحت إمامتهم. في عام 1513، هاجم البرتغاليون عدن وجنوب اليمن، وعلى الرغم من أنهم لم ينجحوا في احتلال اليمن، إلا أن هجومهم أدى إلى دخول العثمانيين إلى هذه المنطقة. استولى العثمانيون على اليمن في عام 1517، لكن اليمنيين الزيديين دخلوا في حرب طويلة مع العثمانيين في جبال شمال اليمن، مما أدى إلى طرد العثمانيين من اليمن في عام 1636، واستعادة السيطرة على جميع أراضي اليمن. لكن بعد فترة، مع تراجع قوة الحكومة المركزية في اليمن، هاجم العثمانيون مرة أخرى في عام 1849 بعد هجوم إنجلترا على جنوب اليمن واحتلال عدن في عام 1839، واحتلوا جميع المناطق الشمالية من اليمن باستثناء المناطق الجبلية الوعرة. كما تحولت جنوب اليمن، وخاصة مدينة عدن، إلى قاعدة عسكرية لإنجلترا في عام 1881. بعد هزيمة العثمانيين في عام 1919 وخروجهم من اليمن، ظلت شمال البلاد تحت حكم الأئمة الزيديين حتى عام 1962، بينما كانت الجزء الجنوبي تحت حكم بريطانيا حتى عام 1967.
عندما سيطرت إنجلترا على المناطق الجنوبية، حولتها إلى بيئة ملائمة لتركيز وتحرك معارضي الحكومة الشمالية. كانت هذه المنطقة، وخاصة مدينة عدن، مهدًا للعديد من الأفكار الغربية الجديدة، التي كانت تشكل تهديدًا لنظام الحكم الزيدي، مما أدى في النهاية، مع انتشار هذه الأفكار في جميع أنحاء البلاد، إلى الإطاحة بحكومة الأئمة الزيديين بمساعدة جمال عبد الناصر، زعيم مصر، في عام 1962، وتشكيل حكومة جديدة تُعرف بالجمهورية العربية اليمنية.
كانت الحكومة الجديدة في شمال اليمن تُعرف كجمهورية وتعمل بأيديولوجية القومية العربية، وقد قامت بتقييد الأنشطة والحركات الدينية للزيديين، وضغطت عليهم سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا لعدة عقود. على الرغم من أنها قدمت نفسها كدولة علمانية وأيديولوجية قومية وجمهورية، إلا أنها كانت تدعم كثيرًا الجماعات الإسلامية السنية المعارضة للزيديين. كانت هذه العلاقات الجيدة بين الحكومة الجديدة والجماعات الإسلامية السنية في الشمال جيدة حتى عام 1990، حيث وفرت بيئة حرة لنشاطاتهم بتوجهات مختلفة (الإخوان المسلمون والسلفيون). على الرغم من أن مشاركة هذه الجماعات الإسلامية في هيكل السلطة كانت ضئيلة، إلا أنها لم تتجه أبدًا نحو الاختلاف أو العنف من أجل الحصول على السلطة السياسية.
في شمال اليمن، بعد النزاعات السياسية والحروب والانقلابات المتعددة، أسس الجنرال علي عبدالله صالح في عام 1982 المؤتمر الشعبي العام كحزب حاكم، الذي كان يتحكم فعليًا في نشاطات الأحزاب السياسية الأخرى في هذه المنطقة من اليمن. في اليمن الجنوبي، بعد خروج إنجلترا في عام 1967 وإعلان استقلال البلاد، تأسس حزب الاشتراكي اليمني على غرار الأحزاب الماركسية-اللينينية الموجودة في الاتحاد السوفيتي في عام 1978، واستمر في السلطة المطلقة حتى عام 1990. كان هذا الحزب يمنع نشاطات الأحزاب والجماعات الإسلامية، ويعترف فقط بالنشاط السياسي داخل نفسه.
مع إعلان الجمهورية اليمنية نتيجة اتحاد الشمال والجنوب في عام 1990، ظل علي عبدالله صالح رئيسًا للجمهورية وأمينًا عامًا لحزب المؤتمر الشعبي العام، بينما تم تعيين علي سالم البيض، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي، نائبًا للرئيس. بين عامي 1990 و1993، وحد المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني قواهما في الحكومة الانتقالية، ووافقوا على قانونية نشاطات الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات تنافسية.
أدى اتحاد الشمال والجنوب إلى ائتلاف حزب المؤتمر الحاكم والحزب الاشتراكي، مما جعل الحركات الإسلامية تشعر بالخطر من هذا التطور الجديد، وبدأت في الابتعاد عن ظل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال. في أوائل التسعينيات، استخدمت الحركات الإسلامية الفرصة المتاحة لتعميق نشاطاتها، وسعت لنشر أفكارها من خلال برامج ثقافية مثل طباعة ونشر الكتب، وتأسيس المدارس والمراكز العلمية.
الحركات الإسلامية في اليمن
يمكن تقسيم الحركات الإسلامية في اليمن إلى فئتين بناءً على قربها أو بعدها عن التقريب: بعض هذه الحركات يمكن اعتبارها متوافقة مع اتحاد المذاهب الإسلامية، مثل حزب الحق وحركة أنصار الله، التي تُعتبر أهم الحركات التقريبية. بينما الفئة الثانية من الحركات هي تلك التي تعارض أي اتحاد بين المذاهب والمجموعات الإسلامية المختلفة، أو على الأقل لا تدافع عنه؛ مثل الإخوان المسلمين والجماعات الوهابية، والقاعدة، والسلفيين بشكل عام.
أهم الجماعات والأحزاب الإسلامية اليمنية التي لها حضور وتأثير في الساحة الفكرية والسياسية في هذا البلد تشمل: