الفرق بين المراجعتين لصفحة: «سلبيات الواقع الإسلامي»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
الأُمور غير المثبتة في حاضر الإسلام وواقعه، وهي كالتالي : | '''سلبيات الواقع الإسلامي''' الأُمور غير المثبتة في حاضر الإسلام وواقعه، وهي كالتالي : | ||
==السلبية الأُولى :== | ==السلبية الأُولى :== | ||
لعلّ أكبر سلبيات الواقع الإسلامي المعاصر هي حالة التفرّق والتبعية التي تشكو منها الدول والشعوب الإسلامية. فنحن نواجه متفرّقين مشكلات الحاضر والمستقبل، وكلّ دولة إسلامية تبرّر تفرّدها في مواجهة هذه المشكلات بأنّ وضعها مختلف عن وضع أيّة دولة إسلامية أُخرى. وهو منطق يغري بالقبول. ولكن هذا المنطق يؤدّي في النهاية إلى تغليب المصالح الوطنية على مصالح الأُمّة، بل لعلّه يؤدّي إلى قيام حروب بين الدول الإسلامية، ولنا أكثر من شاهد على ذلك. إنّ هذا المنطق لا بدّ من تغييره على أساس تعزيز الثقة بين الدول الإسلامية، وتوثيق عرى التعاون بينها في شتّى الميادين، بل لعلّنا نطمح إلى قيام «ميثاق تضحية» - إن جاز التعبير - ينصر فيه القوي من الدول الإسلامية ضعيفها في شتّى المجالات. | لعلّ أكبر سلبيات الواقع الإسلامي المعاصر هي حالة التفرّق والتبعية التي تشكو منها الدول والشعوب الإسلامية. فنحن نواجه متفرّقين مشكلات الحاضر والمستقبل، وكلّ دولة إسلامية تبرّر تفرّدها في مواجهة هذه المشكلات بأنّ وضعها مختلف عن وضع أيّة دولة إسلامية أُخرى. وهو منطق يغري بالقبول. ولكن هذا المنطق يؤدّي في النهاية إلى تغليب المصالح الوطنية على مصالح الأُمّة، بل لعلّه يؤدّي إلى قيام حروب بين الدول الإسلامية، ولنا أكثر من شاهد على ذلك. إنّ هذا المنطق لا بدّ من تغييره على أساس تعزيز الثقة بين الدول الإسلامية، وتوثيق عرى التعاون بينها في شتّى الميادين، بل لعلّنا نطمح إلى قيام «ميثاق تضحية» - إن جاز التعبير - ينصر فيه القوي من الدول الإسلامية ضعيفها في شتّى المجالات. |
مراجعة ٠٥:٠٧، ٢٥ يناير ٢٠٢١
سلبيات الواقع الإسلامي الأُمور غير المثبتة في حاضر الإسلام وواقعه، وهي كالتالي :
السلبية الأُولى :
لعلّ أكبر سلبيات الواقع الإسلامي المعاصر هي حالة التفرّق والتبعية التي تشكو منها الدول والشعوب الإسلامية. فنحن نواجه متفرّقين مشكلات الحاضر والمستقبل، وكلّ دولة إسلامية تبرّر تفرّدها في مواجهة هذه المشكلات بأنّ وضعها مختلف عن وضع أيّة دولة إسلامية أُخرى. وهو منطق يغري بالقبول. ولكن هذا المنطق يؤدّي في النهاية إلى تغليب المصالح الوطنية على مصالح الأُمّة، بل لعلّه يؤدّي إلى قيام حروب بين الدول الإسلامية، ولنا أكثر من شاهد على ذلك. إنّ هذا المنطق لا بدّ من تغييره على أساس تعزيز الثقة بين الدول الإسلامية، وتوثيق عرى التعاون بينها في شتّى الميادين، بل لعلّنا نطمح إلى قيام «ميثاق تضحية» - إن جاز التعبير - ينصر فيه القوي من الدول الإسلامية ضعيفها في شتّى المجالات.
السلبية الثانية :
أنّ أقوياء العالم هم ضدّ المسلمين، إن لم نقل ضدّ الإسلام. وقد يحتدّ هذا العداء أو يخفّ حسب الظروف والمصالح، ولكنّه عداء قائم، ويبدو أنّه سيبقى قائماً في المستقبل المنظور، بل إنّ بعض الدول والشعوب المستضعفة هي أيضاً ضدّ الإسلام والمسلمين إمّا طمعاً في كسب رضى الأقوياء أو بتأثير صورة الإسلام المشوّهة التي تبثّها وسائل الإعلام المعادية للإسلام والمسلمين. في مثل هذه الحال فإنّ مستقبل الإسلام مع دول العالم يكمن في قدرة الدول الإسلامية على الاستفادة من عولمة الإعلام لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين. ولكن الدعاية والإعلام وحدهما لا يكفيان، بل إنّهما لا يصبحان ذا أثر فعّال إلّاعندما يعكسان الواقع. فأوّل متطلّبات نجاح أيّة حملة إعلامية أو دعائية هو الصدق. فنحن لا نستطيع أن ندّعي الديمقراطية والعدل والحرّية والانفتاح - وهي الركائز التي تبنى عليها أيّة حملة لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين - إن لم نكن فعلاً ديمقراطيّين في أنظمتنا، عادلين في تعاملنا مع الآخرين، أحراراً ونحترم الحرّيات، ومنفتحين على العالم دون حرج أو ادّعاء.
السلبية الثالثة :
هي في كون الحضارة المادّية والتكنولوجية في يد غيرنا. وجميع الدلائل تشير إلى أنّ هذه التكنولوجيا ستبقى في يد غيرنا إلى أمد بعيد، بل أنّ من المستبعد أن تحرز الدول الإسلامية السبق في هذا الميدان. لذلك لا بدّ لنا من أن نحرز السبق في ميدان حضاري آخر غير ميدان التكنولوجيا. وإنّنا نستطيع مثلاً - إذا استوحينا ديننا وحضارتنا - أن نكون سبّاقين في العدل والأمانة وحسن المعاملة، وهي ميادين لا تحتاج إلى تكنولوجيا، بل العكس هو الصحيح، أي : أنّ التكنولوجيا هي التي تحتاج إليها. إنّ من الممكن تجاوز تخلّفنا النسبي في الحضارة المادّية والتكنولوجية إذا أحرزنا سبقاً في ميدان القيم، ولكن هذا السبق يتطلّب تكويناً فكرياً وتربوياً مبنياً على تعليم القيم والإيمان بها قبل تعليم وسائل الإنتاج وتقنياته، ولكن دون إهمالها. ولذلك فإنّ مستقبل الإسلام والمسلمين رهن بقدرتنا على إيجاد نظرية تربوية متكاملة تتمثّل فيها قيم الإسلام السامية. والأهمّ من ذلك أن نتمكّن من نقل هذه النظرية إلى أجيالنا الناشئة، فيتفاعلون معها، بل يسهمون في بلورتها بحيث تصبح فعلاً ممثّلة لأسمى طموحاتهم، عندئذٍ تضيق الشقّة بين المثال والواقع، أي : بين الإسلام والمسلمين، وهذا هو الهدف الأسمى لكلّ حضارة في علاقتها مع المنتمين إليها.
السلبية الرابعة :
في واقعنا الحضاري، ولعلّها الأهمّ بين جميع السلبيات الآنفة الذكر، وهي سلبية نظرية لا ميدانية ولا عملية، عنيت فقدان الرؤية، فإن افتقدت الرؤية ضاع الجهد، فإذا اتّصل فقدان الرؤية بالحضارة كان ذلك نذير الفشل الأكبر. فنحن كمسلمين لم نكوّن لأنفسنا رؤية واضحة للشخصية الحضارية الإسلامية المعاصرة، ثمّ لن نكوّن بالتالي تصوّراً لتطوّر هذه الشخصية في المستقبل وسبل تقدّمها نحو الكمال، ولأنّ الشخصية الحضارية الإسلامية المعاصرة غير واضحة، فإنّ مواقفنا قلقة متردّدة بين الحداثة والتقليد، بين التغريب والتأصيل، بين العصرنة ورفضها...إنّ مواقفنا أشبه بفرس امرئ القيس «مقبلة مدبرة معاً كجلمود صخر حطّه السيل من عل»! يقول رضوان السيّد : «إنّه لم يصدر في الأربعين سنة الأخيرة إلّاثلاث محاولات جادّة باللغة العربية عن مفهوم الحضارة والعلاقات بين الحضارات، هي كتابات مالك بن نبي بين 1955 م و1962 م، ودراسة قسطنطين زريق عام 1964 م في معركة الحضارة، ودراسة للدكتور حسين مؤنس عام 1977 م بعنوان : الحضارة.. دراسة في أُصول وعوامل قيامها وتطوّرها». إن صحّ هذا القول فإنّ مسيرة تقدّم العالم العربي والإسلامي في القرن الواحد والعشرين لا يمكن أن تكون مسيرة واضحة أو حثيثة، وحري بنا ونحن نعدّ للمستقبل أن ننكبّ على دراسة رسالة الحضارة العربية والإسلامية، وعلاقتها بالشعوب والحضارات الأُخرى في هذا القرن، عسانا بذلك أن نتبيّن معالم لطريق نحو مستقبل يكون فيه الخير لنا وللناس كافّة.