الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عبد الرشيد إبراهيم»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ١: سطر ١:
<div class="wikiInfo">
<div class="wikiInfo">
[[ملف:عبد الرشيد إبراهيم.jpeg|تصغير|مركز]]
[[ملف:عبد الرشيد إبراهيم.jpeg|250px|تصغير|مركز|عبد الرشيد إبراهيم]]
{| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ |
{| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ |
!الاسم!! data-type="AuthorName" |عبد الرشيد إبراهيم‏
!الاسم!! data-type="AuthorName" |عبد الرشيد إبراهيم‏
سطر ٢٩: سطر ٢٩:
|}
|}
</div>
</div>
عبد الرشيد إبراهيم: داعية إسلامي، ومصلح مجاهد.
'''عبد الرشيد إبراهيم''': داعية إسلامي، ومصلح مجاهد.
<br>كان عبد الرشيد في جميع أدوار حياته مثال الدأب المتواصل والكفاح النشيط، يجاهد [[روسيا]] القيصرية بسلاح الإيمان والعزيمة، ويرحل إلى [[الحجاز]] ليتعمّق في دروس [[الشريعة]] واللغة، ويصل إلى [[تركيا]] ليوجّه جهود الخلفاء إلى نصرة المستضعفين من أبناء الإسلام، ويسافر إلى [[الهند]] و[[الصين]] و[[اليابان]] ليعلن كلمة اللَّه في ربوع نائية لا تكاد تعرف عن الإسلام غير النزر الضئيل، ثمّ يستطيع بعد ذلك أن يقنع الآلاف باعتناق الدين الإسلامي، لينهض بعد ذلك داعيةً غيوراً يشرح شعائر الوضوء والصلاة والزكاة، ويبني المساجد باذلًا الجهد في جمع التبرّعات من شتّى ربوع الإسلام، ليعلن كلمة اللَّه في بيوت أذِنَ اللَّه أن تُرفَع ويُذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال، ثمّ يزور [[مصر]] ليؤكّد صلاته بأقطاب الفكرة الإسلامية، ويشرح أحوال المسلمين في أقاصي آسيا من بلاد الصين واليابان ومنشوريا و[[كوريا]]، وكلّها قد كانت ميداناً لجولات الشيخ الدعوية ورحلاته الدينية!<br>فإذا ذهب مُصلٍّ إلى مسجد الإسلام ب[[طوكيو]] عجب حين يرى الرجل الأُسطورة في الخامسة والتسعين من عمره ينهض قبل شروق الفجر فيقيم صلاة التهجّد، ثمّ يؤمّ الناس في صلاة الصبح، ولا يكاد يفرغ من تسبيحه حتّى يتحلّق عليه جماعة من حواريّيه ليشرح لهم سور القرآن وأحاديث الرسول، فإذا أشرقت الشمس انتقل إلى حجرة الدراسة الملحقة بالمسجد ليجد نفراً من صبيان المسلمين يستقبلونه، فيقوم لهم بدور المعلّم، يكتب لهذا لوحه، ويسمع من ذلك سورته! ثمّ لا يستنكف أن يكون في هذه السنّ المتقدّمة وبعد هذا<br>الجهاد المتواصل معلّم صبيان تقرأ على يديه مبادئ اللغة العربية، ويُحفّظ الناشئة قصار السور من جزء عمّ، وبعض المأثور من حديث الرسول صلى الله عليه و آله، وهو من كبار زعماء الإسلام في ثلاثة أجيال ناهزت القرن!<br>وقد التقى عبد الرشيد مع [[جمال الدين الأفغاني]] في جهة وافترقا في أُخرى، فقد التقيا في ناحية الشعور الحادّ بوجوب نهضة الإسلام ويقظة بلاده ثمّ التنقّل في شتّى الأصقاع الإسلامية لإيقاظ الغافلين وتنبيه النائمين، وافترقا في مسلك الدعوة ومنحاها، فقد كان جمال الدين ثائراً مضطرماً يريد أن يغيّر معالم الدنيا في لحظة عين، فهو لا يهدأ له قرار؛ إذ يرى أمثلة مؤلمة من الخضوع والاستكانة والاحتلال، فيُشعِل الثورات مختاراً جنودها من تلاميذ بررة أمدّهم بروحه ونفث فيهم من حميّته. أمّا عبد الرشيد فقد آثر أن يكون جندياً يدعو إلى اللَّه بالحكمة والموعظة الحسنة، يؤلّف في صمت، ويعظ في هدوء، ويرحل في مثابرة، ويترك للأيّام أن تُنضج بذوره الطيّبة دون تعجّل، وقد أحسن اللَّه عاقبته، فعُمِّر في الإسلام حتّى شاهد نوره يمتدّ على يديه إلى مطارح نائية كانت تعمه في الظلمات، وما مات حتّى استطاع في سنة 1939 م أن يجبر البرلمان الياباني على الاعتراف بالإسلام واحداً من أديان الدولة الرسمية! وبهذا الاعتراف بنى الشيخ مسجدين لا مسجداً.
<br>كان عبد الرشيد في جميع أدوار حياته مثال الدأب المتواصل والكفاح النشيط، يجاهد روسيا القيصرية بسلاح الإيمان والعزيمة، ويرحل إلى الحجاز ليتعمّق في دروس الشريعة واللغة، ويصل إلى [[تركيا]] ليوجّه جهود الخلفاء إلى نصرة المستضعفين من أبناء الإسلام، <br>
ويسافر إلى [[الهند]] و[[الصين]] و[[اليابان]] ليعلن كلمة اللَّه في ربوع نائية لا تكاد تعرف عن الإسلام غير النزر الضئيل، ثمّ يستطيع بعد ذلك أن يقنع الآلاف باعتناق الدين الإسلامي، لينهض بعد ذلك داعيةً غيوراً يشرح شعائر الوضوء والصلاة والزكاة، <br>
ويبني المساجد باذلًا الجهد في جمع التبرّعات من شتّى ربوع الإسلام، ليعلن كلمة اللَّه في بيوت أذِنَ اللَّه أن تُرفَع ويُذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال، ثمّ يزور [[مصر]] ليؤكّد صلاته بأقطاب الفكرة الإسلامية، ويشرح أحوال المسلمين في أقاصي آسيا من بلاد الصين واليابان ومنشوريا و[[كوريا]]، وكلّها قد كانت ميداناً لجولات الشيخ الدعوية ورحلاته الدينية!<br>فإذا ذهب مُصلٍّ إلى مسجد الإسلام ب[[طوكيو]] عجب حين يرى الرجل الأُسطورة في الخامسة والتسعين من عمره ينهض قبل شروق الفجر فيقيم صلاة التهجّد، ثمّ يؤمّ الناس في صلاة الصبح، ولا يكاد يفرغ من تسبيحه حتّى يتحلّق عليه جماعة من حواريّيه ليشرح لهم سور القرآن وأحاديث الرسول، فإذا أشرقت الشمس انتقل إلى حجرة الدراسة الملحقة بالمسجد ليجد نفراً من صبيان المسلمين يستقبلونه، فيقوم لهم بدور المعلّم، يكتب لهذا لوحه، ويسمع من ذلك سورته! ثمّ لا يستنكف أن يكون في هذه السنّ المتقدّمة وبعد هذا<br>الجهاد المتواصل معلّم صبيان تقرأ على يديه مبادئ اللغة العربية، ويُحفّظ الناشئة قصار السور من جزء عمّ، وبعض المأثور من حديث الرسول صلى الله عليه و آله، وهو من كبار زعماء الإسلام في ثلاثة أجيال ناهزت القرن!<br>وقد التقى عبد الرشيد مع [[جمال الدين الأفغاني]] في جهة وافترقا في أُخرى، فقد التقيا في ناحية الشعور الحادّ بوجوب نهضة الإسلام ويقظة بلاده ثمّ التنقّل في شتّى الأصقاع الإسلامية لإيقاظ الغافلين وتنبيه النائمين، وافترقا في مسلك الدعوة ومنحاها، فقد كان جمال الدين ثائراً مضطرماً يريد أن يغيّر معالم الدنيا في لحظة عين، فهو لا يهدأ له قرار؛ إذ يرى أمثلة مؤلمة من الخضوع والاستكانة والاحتلال، فيُشعِل الثورات مختاراً جنودها من تلاميذ بررة أمدّهم بروحه ونفث فيهم من حميّته. أمّا عبد الرشيد فقد آثر أن يكون جندياً يدعو إلى اللَّه بالحكمة والموعظة الحسنة، يؤلّف في صمت، ويعظ في هدوء، ويرحل في مثابرة، ويترك للأيّام أن تُنضج بذوره الطيّبة دون تعجّل، وقد أحسن اللَّه عاقبته، فعُمِّر في الإسلام حتّى شاهد نوره يمتدّ على يديه إلى مطارح نائية كانت تعمه في الظلمات، وما مات حتّى استطاع في سنة 1939 م أن يجبر البرلمان الياباني على الاعتراف بالإسلام واحداً من أديان الدولة الرسمية! وبهذا الاعتراف بنى الشيخ مسجدين لا مسجداً.
<br>يقول الدكتور [[محمّد رجب البيّومي]]: «ولقد كنّا نصلّي الجمعة ذات يوم في مسجد الأُستاذ الدكتور [[عبد الوهاب عزّام]] رحمه الله، فحدّث المصلّين عن دعاة الإسلام في العصر الحديث، وتطرّق إلى الشيخ عبد الرشيد، فكان ممّا قاله آنذاك: «إنّ من العجب العاجب أن يصدر الشيخ عبد الرشيد مؤلّفه: «عالم إسلام» فلا يذيع وينتشر ويترجم ويعمّ كلّ مكتبة إسلامية، مع أنّه يجمع مشاهداته للشخصية البصيرة في شتّى ربوع الإسلام: في [[آسيا]] و[[أوروبّا]] و[[أفريقيا]]! ويصف من أدواء المسلمين وعللهم ما لم يتيسّر الإلمام به لأحد إلّاأن يكون الأمير [[شكيب أرسلان]]! ونحن نرى الآن طبعات متكرّرة لرحلة ابن بطّوطة وأمثاله، فأيّ شي‏ء تكون رحلة ابن بطّوطة إذا قيست برحلة أكبر داعية في العصر الحديث؟! لقد كان [[ابن بطّوطة]] يرحل ليتزوّج ويرى ويتمتّع دون أن يكون له هدف غير تسطير الخرافات‏<br>والكرامات وتدوين ما يسمع من الأعاجيب، أمّا عبد الرشيد فقد ركب البرّ والبحر والجوّ ليدعو إلى اللَّه، وكم احتمل عنت ذوي الجهالة وسفاهة أُولي الضلالة، ثمّ أصدر الكتب النافعة ودوّن رحلاته الماتعة، فلم تجد من الذيوع ما وجدت رحلات الغرائب والخرافات!».
<br>يقول الدكتور [[محمّد رجب البيّومي]]: «ولقد كنّا نصلّي الجمعة ذات يوم في مسجد الأُستاذ الدكتور [[عبد الوهاب عزّام]] رحمه الله، فحدّث المصلّين عن دعاة الإسلام في العصر الحديث، وتطرّق إلى الشيخ عبد الرشيد، فكان ممّا قاله آنذاك: «إنّ من العجب العاجب أن يصدر الشيخ عبد الرشيد مؤلّفه: «عالم إسلام» فلا يذيع وينتشر ويترجم ويعمّ كلّ مكتبة إسلامية، مع أنّه يجمع مشاهداته للشخصية البصيرة في شتّى ربوع الإسلام: في [[آسيا]] و[[أوروبّا]] و[[أفريقيا]]! ويصف من أدواء المسلمين وعللهم ما لم يتيسّر الإلمام به لأحد إلّاأن يكون الأمير [[شكيب أرسلان]]! ونحن نرى الآن طبعات متكرّرة لرحلة ابن بطّوطة وأمثاله، فأيّ شي‏ء تكون رحلة ابن بطّوطة إذا قيست برحلة أكبر داعية في العصر الحديث؟! لقد كان [[ابن بطّوطة]] يرحل ليتزوّج ويرى ويتمتّع دون أن يكون له هدف غير تسطير الخرافات‏<br>والكرامات وتدوين ما يسمع من الأعاجيب، أمّا عبد الرشيد فقد ركب البرّ والبحر والجوّ ليدعو إلى اللَّه، وكم احتمل عنت ذوي الجهالة وسفاهة أُولي الضلالة، ثمّ أصدر الكتب النافعة ودوّن رحلاته الماتعة، فلم تجد من الذيوع ما وجدت رحلات الغرائب والخرافات!».
<br>هذا بعض ما يحضرني من حديث الدكتور عزّام رحمه الله، وقد كانت صلته وثيقة بالشيخ الكبير؛ إذ سارع إلى التعرّف عليه حين قدم إلى مصر، فأسعده بزيارة بيته بحلوان عدّة مرّات، ثمّ رثاه بكلمة متواضعة، نشرها بإمضاء مستعار ب[[مجلّة الثقافة|مجلّة «الثقافة»]] العدد (312)، جاء فيها بقلم عزّام: «وكان مجلسه يجمع المختلفين في المآرب والمذاهب على الإعجاب به والعجب منه، من مُصغٍ إلى شيخ [[رحّالة مسلم]] يتحدّث عن جماعات المسلمين ويصف أدواءهم وأدويتهم، ومن مُنصتٍ إلى عجائب الأسفار وغرائب الأوطان، ومن مُكبرٍ لهذا الشيخ الوقور لا تقعد به السنّ عن الأسفار البعيدة، بل رأيت الصبيان يتطلّعون إلى مجلسه ليروا الرحّالة التركي الهرم الذي جاب مشارق الأرض ومغاربها، ورأيتهم يسرعون إليه متعجّبين حين طلب ماءً ليشرب؛ إذ علموا أنّه لا يشرب الماء مجتزئاً عنه بالشاي، وكانت إحدى أمانيه أن يرى مسجداً في طوكيو، فاستجاب اللَّه له، فأراه في اليابان مسجدين».
<br>هذا بعض ما يحضرني من حديث الدكتور عزّام رحمه الله، وقد كانت صلته وثيقة بالشيخ الكبير؛ إذ سارع إلى التعرّف عليه حين قدم إلى مصر، فأسعده بزيارة بيته بحلوان عدّة مرّات، ثمّ رثاه بكلمة متواضعة، نشرها بإمضاء مستعار ب[[مجلّة الثقافة|مجلّة «الثقافة»]] العدد (312)، جاء فيها بقلم عزّام: «وكان مجلسه يجمع المختلفين في المآرب والمذاهب على الإعجاب به والعجب منه، من مُصغٍ إلى شيخ [[رحّالة مسلم]] يتحدّث عن جماعات المسلمين ويصف أدواءهم وأدويتهم، ومن مُنصتٍ إلى عجائب الأسفار وغرائب الأوطان، ومن مُكبرٍ لهذا الشيخ الوقور لا تقعد به السنّ عن الأسفار البعيدة، بل رأيت الصبيان يتطلّعون إلى مجلسه ليروا الرحّالة التركي الهرم الذي جاب مشارق الأرض ومغاربها، ورأيتهم يسرعون إليه متعجّبين حين طلب ماءً ليشرب؛ إذ علموا أنّه لا يشرب الماء مجتزئاً عنه بالشاي، وكانت إحدى أمانيه أن يرى مسجداً في طوكيو، فاستجاب اللَّه له، فأراه في اليابان مسجدين».
Write، confirmed، steward، إداريون
٣٬٣٠٦

تعديل