تتبع الرخص

تتبع الرخص: اصطلاحٌ أصوليٌ وهو أخذ المکلف للأحکام السهلة وترکه لـ العزائم والأحکام الشاقّة. ومثِّل لتتبُّع الرخص بتقليد المقلد الإمام أبا حنيفة في النية باعتباره يراها سنة.

أوّلاً: التعريف

وردت عدّة تعاريف لهذا الاصطلاح: منها: أن يأخذ المكلّف بما هو رخصة من قول هذا وبما هو رخصة من قول الآخر، ويترك العزائم وإن رجحت له. ومنها: رفع مشقّة التكليف باتّباع كلّ سهل. ومنها: أن يأخذ الشخص من كلّ مذهب ما هو أهون عليه وأيسر فيما يطرأ عليه من المسائل. ومثِّل لتتبُّع الرخص بتقليد الإمام أبي حنيفة في النية، باعتباره يراها سنة أو يقلّده في ترك سورة الحمد خلف الإمام ويقلّد الشافعي في مسح بعض الرأس، ومالك في طهارة الكلب، وذلك كلّه في صلاة واحدة.

ثانيا: الحكم

وردت عدّة آراء في تتبُّع الرخص:

الرأي الأوّل: الحرمة

واستدلّ عليه بأنَّه يفضي إلى المنكرات والمحرمات، بل ادّعي انتهاء تتبُّع الرخص إلى الزندقة والمروق عن الدين، كما نقل الإجماع على هذا الرأي. وجوّز البعض تتبُّع الرخص لمن ابتلي بالوسواس؛ لئلاّ يزداد الوسواس عنده.

الرأي الثاني: تتبُّع الرخص محبوب

واستدلَّ عليه باُمور: 1 ـ الحديث: «إنَّ اللّه‏ يحبّ أن تؤتى رخصة». 2 ـ بناءً على رأي المصوبة، فإنَّ كلَّ مجتهد مصيب، والمصيب واحد غير معيّن، والكلّ دين اللّه‏، والعلماء أجمعون دعاة إلى اللّه‏. 3 ـ ينقل عن بعض المتأخّرين استدلالهم بحديث عائشة: «ما خيّر رسول اللّه(ص) بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما»، ثمّ يدحض الاستدلال بأنَّ المراد من الأمرين هو اُمور الدنيا. 4 ـ كون الشريعة سمحة، لكن رُدَّ هذا بأنَّ المراد من السماحة هو التخفيف على مثل المريض بأن يتيمَّم ويصلّي مضطجعا وليس معناه التلفيق وتتبُّع الرخص.

الرأي الثالث: التفصيل

يعني ينظر إلى الفعل الذي فعله المكلّف فإن كان ممّا اشتهر تحريمه أثم المكلَّف وإلاَّ لم يأثم. نقل هذا الرأي الزركشي عن الشيخ عزّ الدين في أماليه.

هل متتبّع الرخص فاسق؟

لا شكَّ في كون متتبّع الرخص غير فاسق بناءً على الجواز، أمَّا على رأي القائلين بحرمة التتبُّع فهناك رأيان أحدهما يعدُّ متتبِّع الرخص فاسقا، وهناك رأي يفسّق العالم دون العامي.