الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عوامل التمزّق والتفكّك»

من ویکي‌وحدت
(عوامل_التمزّق_والتفكّك ایجاد شد)
 
لا ملخص تعديل
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة نفس المستخدم غير معروضتين)
سطر ١: سطر ١:
العوامل الدخيلة على المجتمع الإسلامي والتي تستهدف تجزئته وتحطيم الأواصر، وبثّ الفرقة، وإثارة النزاعات والحروب ؛ لإضعاف هذا المجتمع والسيطرة عليه، أو تشويه الإسلام والحيولة دون انتشاره واتّساع رقعته.<br>وقد يستفيد المخطّطون لهذه الأهداف من العوامل الداخلية للتفرّق، ويعملون على تنميتها واستغلالها كأدوات فعّالة لخدمة مآربهم، وهي - أي : العوامل الداخلية - تشكّل أحياناً عوامل مستقلّة وإن كانت أيضاً بالنسبة للعوامل الخارجية تشكّل أرضية ملائمة لها وأدوات فعّالة لخدمتها.<br>وبالطبع فإنّ أعداء الإسلام الذين يتربّصون بنا الدوائر قد يستفيدون من الكثير من نقاط الضعف، وينفذون إلى مخطّطاتهم من خلال العديد من الثغرات، ويستخدمون من الأدوات ما يتيسّر لهم، وقد تختلف هذه الأدوات من زمان إلى زمان ومن مكان إلى آخر، وقد تصطبغ الأدوات أحياناً بصبغة دينية، وأُخرى بصبغة اقتصادية، وربّما استخدمت وسائل محلّية تخفى على الكثيرين ولا يدرك حقيقتها إلّاذوو البصائر.<br>وأشدّ الأدوات فتكاً تلك التي تعمل بوحي الأعداء دون أن تدري، بل ربّما تصوّرت نفسها تخدم الدين وتحرص على مصالح المسلمين.<br>كما أنّ هناك رؤية مفادها أنّ الخلافات الفكرية والمذهبية على مستوى المعتقد وعلى مستوى المنهج الفقهي والأُصولي تشكّل عاملاً أساسياً من عوامل التشتّت والافتراق وتطويرها، فتخلق الأرضية المناسبة لاستغلالها من قبل أعداء الإسلام، وهذه الظروف كما يلي :<br>1 - التأثّر بالأجواء الاجتماعية الموروثة أو الدخيلة على المجتمع الإسلامي والتي تطبع الفكر بطابع خاصّ وتجعله أسيراً لنهج فكري معيّن يقوده إلى الوقوع في انحرافات أو سلوك اتّجاه قد لا يصيب الحقيقة.<br>2 - التأثّر بذوي النفوذ السياسي أو المكانة الاجتماعية الذي يجرّ عادة إلى اتّباع منهجهم الفكري والابتعاد عن المناهج الأُخرى، ومن ثمّ يتحوّل ذلك إلى مذهب خاصّ له مؤيدّوه والمدافعون عنه.<br>3 - الميول والمصالح السياسية والاقتصادية التي لها تأثيرها الكبير في تبنّي نوع خاصّ من الرؤية بما يتناسب مع تلك الميول. وقد تدفع أحياناً إلى تشجيع الوضّاعين والدسّاسين الذين يتاجرون بالدين لمآرب شخصية، فيقومون بوضع الحديث، أو اختلاق تفسير وتأويل خاصّ يخدم تلك المصالح، فيؤدّي إلى اختلاط الحقّ على الناس، وينشأ عنه تعدّد في النظرات والآراء، وربّما أدّى إلى ولادة فرقة أو مذهب.<br>4 - من أسباب تعميق الخلاف الحركات السرّية للمنافقين (الطابور الخامس) واليهود الذين يهدفون إلى زعزعة أركان الدين الإسلامي وتشويه حقائقه، وذلك عبر أساليب كثيرة، كإثارة الشبهات والتشكيكات، وإدخال بعض الأفكار الغريبة بطريق وآخر، وربّما مارسوا عملية الوضع أيضاً بالاتّجاه الذي يخدم أهواءهم. وهذا النمط من العوامل أوجد هذه الكمّية من الإسرائيليّات التي ابتلي بها الحديث عندنا.<br>5 - الدور الذي يلعبه أعداء الإسلام، باستغلال هذه العوامل والاستفادة منها في إثارة النزاعات وبذر الشقاق وبثّ العداوات، وقد شهد القرن الأخير تصعيداً في هذا النشاط وحقّق المستعمرون أغراضهم ومآربهم عندما عمدوا إلى تقسيم العالم الإسلامي على أساس القوميات واختلاف اللغات والأقاليم، وأُثيرت الحروب بين المسلمين لأغراض لا تخدم إلّاالاستعمار، وقد هزم المسلمون يوم تناسوا المشتركات بينهم والمصالح العامّة، وتخلّوا عن أُسس وحدتهم وحبل اعتصامهم الذي يجمعهم ويؤلّف بينهم، وقدّموا الانتساب إلى القومية وإلى الإقليم وإلى اللغة على الانتساب إلى الدين، على خلاف تعاليم الكتاب العزيز وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه و آله.<br>ولقد استطاع المستعمرون أن يصنعوا من الوطن الإسلامي الكبير كيانات صغيرة متعدّدة فاقدة لمقوّمات القوّة والحياة والاستمرار، وحرصوا أشدّ الحرص على إضعافها وخلق المعضلات السياسية والاقتصادية لها ؛ لكي تبقى أسيرة الحاجة وفريسة الصراعات ؛ ليتسنّى لهم التحكّم بمصائر شعوبها والسيطرة على ثرواتها ومقدّراتها.<br>العالم الإسلامي اليوم وبسبب أُولئك المستعمرين بات يشكّل بؤرة الفقر والفاقة وميدان الصراعات المعقّدة، في حين تدار عجلة الصناعة في الغرب بوقوده وزيته، وتقوم الماكنة الاقتصادية على خيراته وكنوزه المودعة فيه، لم يعد أُولئك المستعمرون اليوم بحاجة لإرسال قوّاتهم والمخاطرة بجيوشهم لقمع حركات التحرّر، وتأديب من يفكّر بالتمرّد، أو يهدّد مصالحهم الخاصّة، فهم يمسكون بقياد الجيوش في أكثر البلاد الإسلامية، ويتحكّمون بالدفّة السياسية فيها، فعملاؤهم يكفونهم المؤونة ويؤدّون المطلوب على أفضل وجه.<br>
'''عوامل التمزّق والتفكّك''' الأسباب التي أدّت إلى شتات [[الأُمّة الإسلامية]] وتفرّقها. ويمكن في المقام ذكر نماذج منها :<br>
 
== عوامل التمزّق والتفكّك ==
=== الخلافات السياسية والعصبية ===
فإنّها من الأسباب الرئيسية لتمزّق كيان المجتمع، واللّٰه تعالى يقول : (وَ لاٰ تَنٰازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (سورة الأنفال : 46)، ويقول : (وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اِخْتَلَفُوا) (سورة آل عمران : 105).<br>
=== انقسام المسلمين إلى شيع وأحزاب في مسائل العقيدة وفي فروع الدين ===
وتعصّب كلّ حزب لرأيه، ثمّ ما تلا ذلك من انحراف في سياسة الحكم، حيث تحوّل إلى ملك عضوض مستبدّ.<br>
=== الانغماس في ألوان الترف والملذّات وترك عماد من أعمدة الإسلام ===
ألا وهو الجهاد في سبيل اللّٰه لتكون كلمة اللّٰه هي العليا، وقد قال الرسول (عليه الصلاة والسلام) : «ما ترك قوم الجهاد إلّاذلّوا».<br>
=== اعتزاز الملوك والسلاطين بقوّتهم الزائفة ===
وانشغالهم عن التطوّرات العلمية التي حدثت من حولهم، وخاصّة بعد النهضة الأُوربية، وتخلّف المسلمين في كلّ مجالات الحياة، كما قال الشاعر :<br>
{Sألقاب مملكة في غير موضعها#كالهرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدS}<br>
=== فصل الدين عن السياسة عملياً ===
فقد استخدم الملوك والسلاطين علماء السوء يستصدرون منهم الفتاوىٰ التي تحقّق لهم مآربهم الشخصية ومصالحهم الذاتية.<br>
=== سريان النزعات الجاهلية والقومية في نفوس حكّام المسلمين ===
ولم يعد العمل للدين وبالدين إكباراً له وإجلالاً، وكما يقولون : الدين للّٰه‌والوطن للجميع ! بغضّ النظر عن الدين، ومنهم مَن يقول : كفر يوحّدنا خير من إيمان يفرّقنا !<br>
وشاعرهم يقول :<br>
{Sما دمت محترماً حقّي فأنت أخي#آمنت باللّٰه أو آمنت بالحجرS}<br>
=== الضلالات والبدع والخرافات ===
التي انتشرت في العالم الإسلامي وحجبت الناس عن التوحيد الصافي من منابعه الأصيلة من [[الكتاب]] و[[السنّة]]، وانشغل الناس بالابتداع في الدين عن الابتداع في الدنيا.<br>
=== جمود بعض الفقهاء المتأخّرين ===
على ما ألّفوه في الفقه الإسلامي من متون وشروح وحواش جعلت التشريع مفسدة للعقل والقلب معاً ومضيعة للوقت والزمن، حيث سدّوا باب الاجتهاد، وعطّلوا عقولهم، وعقّدوا مسائل الشريعة غير آبهين بما تجري به الدنيا من حولهم من المستجدّات العلمية.<br>
=== تأثير الثقافة الغربية والغزو الفكري ===
فقد علّق الغربيّون أسباب الرزق والوظائف في الدول الإسلامية على أبواب معاهدهم وجامعاتهم ومدارسهم، فكلّ من يتلقّىٰ العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات على النظام الأُوروبّي هو الذي يحقّ له أن يتولّىٰ الوظائف والقيادة في أُمّته<br>
فتولّى دفّة الحكم في البلاد الإسلامية قوم أجسادهم عندنا وقلوبهم وعقولهم في أُوروبّا، فنقلوا الحياة الغربية والعلوم الاجتماعية والإنسانية والعادات والتقاليد الغربية والفنون والآداب نقلاً حرفياً، فألبسونا ثوباً لم يفصّل على قدّنا ولم ينسج في بيئتنا<br>
فأفسدوا بذلك التربية والتعليم والثقافة والإعلام والصحافة، وأصبح الكتّاب الذين يكتبون في صحفنا ومجلّاتنا يكتبون بالعقلية الأُوربّية، فسمّموا بذلك عقول الشباب، وتخرّجت على أيديهم أجيال تستخفّ بالدين وتعاليمه وتستهزئ بشريعته وآدابه.<br>
=== في ميدان الأخلاق انحطّت أخلاق الأُمّة الإسلامية ===
ودبّ فيها الخبث والفساد والفسوق، وأصبح مصدر الإلزام الخلقي هو العقل الجمعي، فما يراه المجتمع حسناً فهو حسن، وما يراه قبيحاً فهو قبيح بغضّ النظر عن الإيمان باللّٰه واليوم الآخر والتخلّق بأخلاق الإسلام.<br>
ورأينا من يقول : إنّ مصدر الإلزام الخلقي هو المنفعة، <br>
فكلّ ما ينفع الإنسان فهو خلق حسن، فكلّ ما يترتّب عليه أمر عملي فهو من مكارم الأخلاق، فأهدروا بذلك القيم الخلقية الثابتة كالشهامة والمروءة وغيرها تأثّراً بالمذهب البراجماتي الذي يقول به «وليم جمس» و «جون ديوي» في أميركا. ورأينا من يقول : إنّ مصدر الإلزام الخلقي هو اللذّة !<br>
وهكذا ضاعت الأخلاق في هذا الخضم من الفلسفات الكافرة التي لا تؤمن باللّٰه ولا باليوم الآخر، وصدق أحمد شوقي في قوله :<br>
{Sوإذا أُصيب القوم في أخلاقهم#فأقم عليهم مأتماً وعويلاًS}<br>
ويقول الدكتور [[محمّد إقبال]] الفيلسوف المسلم فيما ترجمته :<br>
{Sإذا الإيمان ضاع فلا أمان#ولا دنيا لمن لم يحيي دينا# ومن رضي الحياة بغير دين#فقد جعل الفناء لها قرينا# وفي التوحيد للهمم اتّحاد#ولن تبنوا العلى متفرّقيناS}<br>
=== اللادينية التي تحكم البلاد بقوانين وضعية بشرية ===
ولا تؤمن باللّٰه ولا كتبه ولا اليوم الآخر، ولا تعترف بالدين نظاماً للحياة، ولم تحكم بما أنزل اللّٰه.<br>
=== القومية المجرّدة ===
التي تدعو إلى إحياء القوميات القديمة العنصرية وتمجّدها بغضّ النظر عن ارتباط هذه القوميات بالدين، وهي عصبية جاهلية عادت إلى الحياة في ثوب جديد.<br>
=== الديمقراطية ===
ويعرّفونها بأنّها : حكم الشعب للشعب، أو المشاركة الجماهيرية في الحكم، ومن المعلوم أنّ الرأي في النظام الديمقراطي للأغلبية البرلمانية حتّى لو كان فيه خروج عن الدين والمقدّسات.<br>
ومن المبادئ الخطيرة التي تعامل بها حكّام الإسلام مع شعوبهم أنّ الغاية تبرّر الوسيلة، فاستباحوا لأنفسهم الاستبداد والطغيان، فقتلوا وسجنوا وسلبوا الحرّيات بدعوىٰ أنّهم يريدون أن يحقّقوا الصالح العامّ وأنّ الغاية تبرّر الوسيلة كما يقول القسّيس الإيطالي «ميكافلّي» في كتابه : «الأمير» ! ومن المعلوم في الإسلام أنّه لا بدّ من شرف الغاية ونزاهة الوسيلة.<br>
=== التأثير الاقتصادي ===
ويتمثّل ذلك فيما يلي :<br>
أ - النظام الرأسمالي الذي أنشأ هوّة سحيقة بين الطبقات في المجتمعات الإسلامية، فرأينا الذين ينفقون ببذخ وسرف والذين لا ينفقون لفقر وبؤس.<br>
ب - النظام الشيوعي الذي جعل الفرد كمسمار في آلة كلّما أطلّ برأسه هوت عليه المطرقة لتعيده إلى مكانه، فالأوّلون دلّلوا الفرد على حساب المجتمع، والآخرون طحنوا الفرد من أجل المجتمع.<br>
ج - إباحة المكاسب الخبيثة وأكل السحت كالربا والقمار واليانصيب واحتكار السلع وبيعها في السوق السوداء، ممّا أدّىٰ إلى غلاء الأسعار والتضخّم النقدي.<br>
د - الاستدانة من البنوك الأجنبية جعلت الشعوب الإسلامية تدور في فلك النظام الغربي، وتضاعفت فوائد الديون حتّىٰ ساوت الديون أو كادت أن تتجاوزها، كما رأينا في البنك الدولي وتأثيراته في البلاد الإسلامية.<br>
=== التأثيرات القانونية ===
حيث شرّع المسلمون لأنفسهم قوانين وضعية وأنظمة بشرية بمعزل عن دين اللّٰه وهدفه ونظام حكمه، ومن المعلوم أنّ القوانين الوضعية تتّسم بالأوصاف الآتية :<br>
أ - الضعف والهوىٰ، وهذا في أحسن حالاتها.<br>
ب - الجهل والقصور البشري، فإنّ الذي يريد أن يضع تشريعاً للناس عليه أن يحيط علماً بخفايا النفس الإنسانية، وهذا مستحيل، وبالتجارب الإنسانية في الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا مستحيل كذلك.<br>
ج - خضوعها لأهواء الحكّام ومصالحهم الخاصّة.<br>
د - العلاجات الجزئية للمشكلات الإنسانية، ولذا نرىٰ القوانين تتغيّر حيناً بعد حين، فإذا ما حاولت علاج داء أنشأت بإزائه داءً جديداً، وهذا كلّه نتيجة للرؤية الناقصة وغير الشاملة، كما قال الشاعر العربي :<br>
{Sإذا استشفيت من داءٍ بداء#فاقتل ما أعلّك ما شفاكاS}<br>
ه‍ - إهمالها للمبادئ الخلقية، فالقوانين لا تعترف بالأخلاق ولو في حدود ضيّقة، فجريمة الزنىٰ مثلاً إذا وقعت بالتراضي بين الطرفين فلا حدّ عليها ولا عقاب.<br>
=== في العادات والتقاليد ونظام الاجتماع ===
وقعت الأُمّة الإسلامية فيما حذّرها منه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حيث قال : «لتتبعنّ سُنن مَن كان قبلكم شبراً بشبر حتّىٰ لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه» قالوا : يا رسول اللّٰه، اليهود والنصارىٰ ؟ قال : «فمن» ؟، ولهذه التأثيرات في العادات والتقاليد مظاهر :<br>
أ - القول بأنّ الدين هو ما ينتج عن العقل الجمعي للمجتمع، وليس موحىٰ به من السماء.<br>
ب - انحطاط الشباب وتقليدهم للغرب في عاداتهم وزيّهم وأقوالهم وأفعالهم، كما قال محمّد مصطفىٰ حمام :<br>
{Sيوم سنّ الفرنج كذبة إبريل#غدا كلّ عمرنا إبريلا# قد أخذنا الخبيث منهم ولم#نقبس من الطيّبات إلّاالقليلا# نشروا الرجس مجمّلاً فنشرناه#كتاباً مفصّلاً تفصيلاS}<br>
=== في الولاء للأعداء ===
حيث أصبحنا نوالي أعداءنا من اليهود والنصارىٰ والملاحده، وأصبح المسلم يخجل من الانتماء إلى الإسلام وأداء شعائره ! ولذلك نتائجه، والتي منها :<br>
أ - إذا تكلّم الكتّاب والأُدباء في محاضرة أو حديث فلا يبدأون (ببسم اللّٰه الرحمٰن الرحيم)، وكذلك في كتابة الشكاوىٰ والعرائض وطلبات التوظيف وأوامر العمل لا يكتبون (اسم اللّٰه).<br>
ب - أصبحنا نمجّد عاداتهم وتقاليدهم وطبعائهم ومفاسدهم في مجال السينما والمسرح والتلفاز والبثّ المباشر، فضاعت بذلك تقاليد المسلمين ومسخت شخصيتهم، حتّى كأنّها صورة طبق الأصل لشخصية الأُوروبي وطباعه وأخلاقه، وأصبح الإسلام إسلامياً اسمياً بشهادة الميلاد وتسمية الوالدين.<br>
ج - خرجت المرأة عن حيائها وأدبها الذي أدّبها اللّٰه به، فأصبحت النساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، فزاولن العمل وزاحمن الرجال بالمناكب في المكاتب في أكثر بلاد الإسلام.<br>
د - تزعزعت القيم والموازين، فأصبح الصغير لا يحترم الكبير ولا يوقّر العالم ولا يبرّ والديه، وقطعوا أرحامهم وعرى المودّة فيما بينهم، وأصبحوا يفتخرون بالأحساب والأنساب كأنّ الجاهلية أطلّت بقرونها مرّة ثانية.<br>
ه‍ - أصبحت القيم المعتبرة بين الناس هم القيم المادّية، <br>
وأثّر ذلك على نظام الأُسرة والمجتمع، وعقّد تكاليف الزواج، وارتفعت المهور ارتفاعاً رهيباً، وجنح الشباب إلى الرذيلة نتيجة لضغط الغريزة الجنسية والعقبات التي وضعت في طريق الزواج.<br>
و - أصبحوا يستحسنون كلّ الواردات التي تأتي من الغرب، ويشكّون فيما لديهم من تراث زاخر بالعلم والحضارة والعمران والإنتاج الجيّد.<br>
=== التعبئة العسكرية للمعسكرات المختلفة ===
فإذا كان ولاء المسلمين للغرب كانت الأنظمة العسكرية والأسلحة والعتاد الحربي نظاماً غربياً خالصاً، وإذا كان الولاء للمعسكر الشرقي والدول الشيوعية كان العتاد والأسلحة ونظام الجيش نظاماً شيوعياً، ولم تعتبر الأُمّة بقول اللّٰه تعالى : (وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبٰاطِ اَلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اَللّٰهِ وَ عَدُوَّكُمْ) (سورة الأنفال : 60)، وكان المرجو من هذه الأُمّة أن تأكل ممّا تزرع وتلبس ممّا تنسج وتتسلّح ممّا تصنع.<br>
[[تصنيف: المفاهيم التقريبية]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٥:٠٧، ١٩ أكتوبر ٢٠٢١

عوامل التمزّق والتفكّك الأسباب التي أدّت إلى شتات الأُمّة الإسلامية وتفرّقها. ويمكن في المقام ذكر نماذج منها :

عوامل التمزّق والتفكّك

الخلافات السياسية والعصبية

فإنّها من الأسباب الرئيسية لتمزّق كيان المجتمع، واللّٰه تعالى يقول : (وَ لاٰ تَنٰازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (سورة الأنفال : 46)، ويقول : (وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اِخْتَلَفُوا) (سورة آل عمران : 105).

انقسام المسلمين إلى شيع وأحزاب في مسائل العقيدة وفي فروع الدين

وتعصّب كلّ حزب لرأيه، ثمّ ما تلا ذلك من انحراف في سياسة الحكم، حيث تحوّل إلى ملك عضوض مستبدّ.

الانغماس في ألوان الترف والملذّات وترك عماد من أعمدة الإسلام

ألا وهو الجهاد في سبيل اللّٰه لتكون كلمة اللّٰه هي العليا، وقد قال الرسول (عليه الصلاة والسلام) : «ما ترك قوم الجهاد إلّاذلّوا».

اعتزاز الملوك والسلاطين بقوّتهم الزائفة

وانشغالهم عن التطوّرات العلمية التي حدثت من حولهم، وخاصّة بعد النهضة الأُوربية، وتخلّف المسلمين في كلّ مجالات الحياة، كما قال الشاعر :
{Sألقاب مملكة في غير موضعها#كالهرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدS}

فصل الدين عن السياسة عملياً

فقد استخدم الملوك والسلاطين علماء السوء يستصدرون منهم الفتاوىٰ التي تحقّق لهم مآربهم الشخصية ومصالحهم الذاتية.

سريان النزعات الجاهلية والقومية في نفوس حكّام المسلمين

ولم يعد العمل للدين وبالدين إكباراً له وإجلالاً، وكما يقولون : الدين للّٰه‌والوطن للجميع ! بغضّ النظر عن الدين، ومنهم مَن يقول : كفر يوحّدنا خير من إيمان يفرّقنا !
وشاعرهم يقول :
{Sما دمت محترماً حقّي فأنت أخي#آمنت باللّٰه أو آمنت بالحجرS}

الضلالات والبدع والخرافات

التي انتشرت في العالم الإسلامي وحجبت الناس عن التوحيد الصافي من منابعه الأصيلة من الكتاب والسنّة، وانشغل الناس بالابتداع في الدين عن الابتداع في الدنيا.

جمود بعض الفقهاء المتأخّرين

على ما ألّفوه في الفقه الإسلامي من متون وشروح وحواش جعلت التشريع مفسدة للعقل والقلب معاً ومضيعة للوقت والزمن، حيث سدّوا باب الاجتهاد، وعطّلوا عقولهم، وعقّدوا مسائل الشريعة غير آبهين بما تجري به الدنيا من حولهم من المستجدّات العلمية.

تأثير الثقافة الغربية والغزو الفكري

فقد علّق الغربيّون أسباب الرزق والوظائف في الدول الإسلامية على أبواب معاهدهم وجامعاتهم ومدارسهم، فكلّ من يتلقّىٰ العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات على النظام الأُوروبّي هو الذي يحقّ له أن يتولّىٰ الوظائف والقيادة في أُمّته
فتولّى دفّة الحكم في البلاد الإسلامية قوم أجسادهم عندنا وقلوبهم وعقولهم في أُوروبّا، فنقلوا الحياة الغربية والعلوم الاجتماعية والإنسانية والعادات والتقاليد الغربية والفنون والآداب نقلاً حرفياً، فألبسونا ثوباً لم يفصّل على قدّنا ولم ينسج في بيئتنا
فأفسدوا بذلك التربية والتعليم والثقافة والإعلام والصحافة، وأصبح الكتّاب الذين يكتبون في صحفنا ومجلّاتنا يكتبون بالعقلية الأُوربّية، فسمّموا بذلك عقول الشباب، وتخرّجت على أيديهم أجيال تستخفّ بالدين وتعاليمه وتستهزئ بشريعته وآدابه.

في ميدان الأخلاق انحطّت أخلاق الأُمّة الإسلامية

ودبّ فيها الخبث والفساد والفسوق، وأصبح مصدر الإلزام الخلقي هو العقل الجمعي، فما يراه المجتمع حسناً فهو حسن، وما يراه قبيحاً فهو قبيح بغضّ النظر عن الإيمان باللّٰه واليوم الآخر والتخلّق بأخلاق الإسلام.
ورأينا من يقول : إنّ مصدر الإلزام الخلقي هو المنفعة،
فكلّ ما ينفع الإنسان فهو خلق حسن، فكلّ ما يترتّب عليه أمر عملي فهو من مكارم الأخلاق، فأهدروا بذلك القيم الخلقية الثابتة كالشهامة والمروءة وغيرها تأثّراً بالمذهب البراجماتي الذي يقول به «وليم جمس» و «جون ديوي» في أميركا. ورأينا من يقول : إنّ مصدر الإلزام الخلقي هو اللذّة !
وهكذا ضاعت الأخلاق في هذا الخضم من الفلسفات الكافرة التي لا تؤمن باللّٰه ولا باليوم الآخر، وصدق أحمد شوقي في قوله :
{Sوإذا أُصيب القوم في أخلاقهم#فأقم عليهم مأتماً وعويلاًS}
ويقول الدكتور محمّد إقبال الفيلسوف المسلم فيما ترجمته :
{Sإذا الإيمان ضاع فلا أمان#ولا دنيا لمن لم يحيي دينا# ومن رضي الحياة بغير دين#فقد جعل الفناء لها قرينا# وفي التوحيد للهمم اتّحاد#ولن تبنوا العلى متفرّقيناS}

اللادينية التي تحكم البلاد بقوانين وضعية بشرية

ولا تؤمن باللّٰه ولا كتبه ولا اليوم الآخر، ولا تعترف بالدين نظاماً للحياة، ولم تحكم بما أنزل اللّٰه.

القومية المجرّدة

التي تدعو إلى إحياء القوميات القديمة العنصرية وتمجّدها بغضّ النظر عن ارتباط هذه القوميات بالدين، وهي عصبية جاهلية عادت إلى الحياة في ثوب جديد.

الديمقراطية

ويعرّفونها بأنّها : حكم الشعب للشعب، أو المشاركة الجماهيرية في الحكم، ومن المعلوم أنّ الرأي في النظام الديمقراطي للأغلبية البرلمانية حتّى لو كان فيه خروج عن الدين والمقدّسات.
ومن المبادئ الخطيرة التي تعامل بها حكّام الإسلام مع شعوبهم أنّ الغاية تبرّر الوسيلة، فاستباحوا لأنفسهم الاستبداد والطغيان، فقتلوا وسجنوا وسلبوا الحرّيات بدعوىٰ أنّهم يريدون أن يحقّقوا الصالح العامّ وأنّ الغاية تبرّر الوسيلة كما يقول القسّيس الإيطالي «ميكافلّي» في كتابه : «الأمير» ! ومن المعلوم في الإسلام أنّه لا بدّ من شرف الغاية ونزاهة الوسيلة.

التأثير الاقتصادي

ويتمثّل ذلك فيما يلي :
أ - النظام الرأسمالي الذي أنشأ هوّة سحيقة بين الطبقات في المجتمعات الإسلامية، فرأينا الذين ينفقون ببذخ وسرف والذين لا ينفقون لفقر وبؤس.
ب - النظام الشيوعي الذي جعل الفرد كمسمار في آلة كلّما أطلّ برأسه هوت عليه المطرقة لتعيده إلى مكانه، فالأوّلون دلّلوا الفرد على حساب المجتمع، والآخرون طحنوا الفرد من أجل المجتمع.
ج - إباحة المكاسب الخبيثة وأكل السحت كالربا والقمار واليانصيب واحتكار السلع وبيعها في السوق السوداء، ممّا أدّىٰ إلى غلاء الأسعار والتضخّم النقدي.
د - الاستدانة من البنوك الأجنبية جعلت الشعوب الإسلامية تدور في فلك النظام الغربي، وتضاعفت فوائد الديون حتّىٰ ساوت الديون أو كادت أن تتجاوزها، كما رأينا في البنك الدولي وتأثيراته في البلاد الإسلامية.

التأثيرات القانونية

حيث شرّع المسلمون لأنفسهم قوانين وضعية وأنظمة بشرية بمعزل عن دين اللّٰه وهدفه ونظام حكمه، ومن المعلوم أنّ القوانين الوضعية تتّسم بالأوصاف الآتية :
أ - الضعف والهوىٰ، وهذا في أحسن حالاتها.
ب - الجهل والقصور البشري، فإنّ الذي يريد أن يضع تشريعاً للناس عليه أن يحيط علماً بخفايا النفس الإنسانية، وهذا مستحيل، وبالتجارب الإنسانية في الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا مستحيل كذلك.
ج - خضوعها لأهواء الحكّام ومصالحهم الخاصّة.
د - العلاجات الجزئية للمشكلات الإنسانية، ولذا نرىٰ القوانين تتغيّر حيناً بعد حين، فإذا ما حاولت علاج داء أنشأت بإزائه داءً جديداً، وهذا كلّه نتيجة للرؤية الناقصة وغير الشاملة، كما قال الشاعر العربي :
{Sإذا استشفيت من داءٍ بداء#فاقتل ما أعلّك ما شفاكاS}
ه‍ - إهمالها للمبادئ الخلقية، فالقوانين لا تعترف بالأخلاق ولو في حدود ضيّقة، فجريمة الزنىٰ مثلاً إذا وقعت بالتراضي بين الطرفين فلا حدّ عليها ولا عقاب.

في العادات والتقاليد ونظام الاجتماع

وقعت الأُمّة الإسلامية فيما حذّرها منه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حيث قال : «لتتبعنّ سُنن مَن كان قبلكم شبراً بشبر حتّىٰ لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه» قالوا : يا رسول اللّٰه، اليهود والنصارىٰ ؟ قال : «فمن» ؟، ولهذه التأثيرات في العادات والتقاليد مظاهر :
أ - القول بأنّ الدين هو ما ينتج عن العقل الجمعي للمجتمع، وليس موحىٰ به من السماء.
ب - انحطاط الشباب وتقليدهم للغرب في عاداتهم وزيّهم وأقوالهم وأفعالهم، كما قال محمّد مصطفىٰ حمام :
{Sيوم سنّ الفرنج كذبة إبريل#غدا كلّ عمرنا إبريلا# قد أخذنا الخبيث منهم ولم#نقبس من الطيّبات إلّاالقليلا# نشروا الرجس مجمّلاً فنشرناه#كتاباً مفصّلاً تفصيلاS}

في الولاء للأعداء

حيث أصبحنا نوالي أعداءنا من اليهود والنصارىٰ والملاحده، وأصبح المسلم يخجل من الانتماء إلى الإسلام وأداء شعائره ! ولذلك نتائجه، والتي منها :
أ - إذا تكلّم الكتّاب والأُدباء في محاضرة أو حديث فلا يبدأون (ببسم اللّٰه الرحمٰن الرحيم)، وكذلك في كتابة الشكاوىٰ والعرائض وطلبات التوظيف وأوامر العمل لا يكتبون (اسم اللّٰه).
ب - أصبحنا نمجّد عاداتهم وتقاليدهم وطبعائهم ومفاسدهم في مجال السينما والمسرح والتلفاز والبثّ المباشر، فضاعت بذلك تقاليد المسلمين ومسخت شخصيتهم، حتّى كأنّها صورة طبق الأصل لشخصية الأُوروبي وطباعه وأخلاقه، وأصبح الإسلام إسلامياً اسمياً بشهادة الميلاد وتسمية الوالدين.
ج - خرجت المرأة عن حيائها وأدبها الذي أدّبها اللّٰه به، فأصبحت النساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، فزاولن العمل وزاحمن الرجال بالمناكب في المكاتب في أكثر بلاد الإسلام.
د - تزعزعت القيم والموازين، فأصبح الصغير لا يحترم الكبير ولا يوقّر العالم ولا يبرّ والديه، وقطعوا أرحامهم وعرى المودّة فيما بينهم، وأصبحوا يفتخرون بالأحساب والأنساب كأنّ الجاهلية أطلّت بقرونها مرّة ثانية.
ه‍ - أصبحت القيم المعتبرة بين الناس هم القيم المادّية،
وأثّر ذلك على نظام الأُسرة والمجتمع، وعقّد تكاليف الزواج، وارتفعت المهور ارتفاعاً رهيباً، وجنح الشباب إلى الرذيلة نتيجة لضغط الغريزة الجنسية والعقبات التي وضعت في طريق الزواج.
و - أصبحوا يستحسنون كلّ الواردات التي تأتي من الغرب، ويشكّون فيما لديهم من تراث زاخر بالعلم والحضارة والعمران والإنتاج الجيّد.

التعبئة العسكرية للمعسكرات المختلفة

فإذا كان ولاء المسلمين للغرب كانت الأنظمة العسكرية والأسلحة والعتاد الحربي نظاماً غربياً خالصاً، وإذا كان الولاء للمعسكر الشرقي والدول الشيوعية كان العتاد والأسلحة ونظام الجيش نظاماً شيوعياً، ولم تعتبر الأُمّة بقول اللّٰه تعالى : (وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبٰاطِ اَلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اَللّٰهِ وَ عَدُوَّكُمْ) (سورة الأنفال : 60)، وكان المرجو من هذه الأُمّة أن تأكل ممّا تزرع وتلبس ممّا تنسج وتتسلّح ممّا تصنع.