الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تداخل الأسباب»

ط
استبدال النص - '====' ب'====='
(أنشأ الصفحة ب''''تداخل الأسباب:''' اصطلاحٌ أصوليٌ بمعنی کفاية الفعل الواحد عن الأسباب المتعددة، کالوضوء الوا...')
 
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
سطر ٢٤: سطر ٢٤:
وذكروا له عدة أدلّة، وهي:
وذكروا له عدة أدلّة، وهي:


====الدليل الأول: ما ذهب إليه فخر المحققين====
=====الدليل الأول: ما ذهب إليه فخر المحققين=====
ذهب فخر المحقّقين'''<ref>. إيضاح الفوائد 1: 145.</ref> إلی ابتناء القول بالتداخل وعدمه على كون الأسباب الشرعية معرّفات لا مؤثّرات، أي علل وأسباب حقيقية، فلا مانع من اجتماع معرفين أو أكثر للدلالة على معرّف واحد.
ذهب فخر المحقّقين'''<ref>. إيضاح الفوائد 1: 145.</ref> إلی ابتناء القول بالتداخل وعدمه على كون الأسباب الشرعية معرّفات لا مؤثّرات، أي علل وأسباب حقيقية، فلا مانع من اجتماع معرفين أو أكثر للدلالة على معرّف واحد.
وأورد عليه: بأنّ قضية كون الأسباب الشرعية معرفات أو علل وأسباب حقيقية ممّا لا محصل لها؛ لأنّه إن كان المراد من الأسباب الشرعية هي موضوعات التكاليف، فدعوى كونها مؤثّرة أو معرفة ممّا لاترجع إلى محصل؛ لأنّ موضوع التكليف ليس بمؤثّر ولا معرف إلاّ إذا كان المراد من المؤثّر عدم تخلّف الأثر عنه، فيستقيم؛ لأنّ الحكم لايختلف عن موضوعه، إلاّ أنّ إطلاق المؤثّر على هذا الوجه ممّا لايخلو من مسامحة.
وأورد عليه: بأنّ قضية كون الأسباب الشرعية معرفات أو علل وأسباب حقيقية ممّا لا محصل لها؛ لأنّه إن كان المراد من الأسباب الشرعية هي موضوعات التكاليف، فدعوى كونها مؤثّرة أو معرفة ممّا لاترجع إلى محصل؛ لأنّ موضوع التكليف ليس بمؤثّر ولا معرف إلاّ إذا كان المراد من المؤثّر عدم تخلّف الأثر عنه، فيستقيم؛ لأنّ الحكم لايختلف عن موضوعه، إلاّ أنّ إطلاق المؤثّر على هذا الوجه ممّا لايخلو من مسامحة.
وإن كان المراد من الأسباب المصالح والمفاسد، فهي مؤثّرة باعتبار (من حيث تبعية الأحكام لها) ومعرّفة باعتبار (من حيث إنّها لاتقتضي الإطراد والانعكاس) كما هو شأن الحكمة إن كان المراد من المعرّف هذا المعنى، أي عدم الاطّراد والانعكاس. وعلى كلّ حال، الكلام في المقام إنّما هو في الشروط الراجعة إلى موضوعات التكاليف، وإطلاق المعرّف على ذلك ممّا لا معنى له<ref>. فوائد الأصول 1 ـ 2: 492.</ref>.
وإن كان المراد من الأسباب المصالح والمفاسد، فهي مؤثّرة باعتبار (من حيث تبعية الأحكام لها) ومعرّفة باعتبار (من حيث إنّها لاتقتضي الإطراد والانعكاس) كما هو شأن الحكمة إن كان المراد من المعرّف هذا المعنى، أي عدم الاطّراد والانعكاس. وعلى كلّ حال، الكلام في المقام إنّما هو في الشروط الراجعة إلى موضوعات التكاليف، وإطلاق المعرّف على ذلك ممّا لا معنى له<ref>. فوائد الأصول 1 ـ 2: 492.</ref>.


====الدليل الثاني: امتناع أن يقع الشيء الواحد متعلّقا لوجوبين====
=====الدليل الثاني: امتناع أن يقع الشيء الواحد متعلّقا لوجوبين=====
إنّ القائلين بالتداخل يعترفون بظهور حدوث الجزاء عند حدوث الشرط إلاّ أنّهم يقولون: لايمكن الأخذ به؛ لأنّ متعلّق الوجوب في كلا الموردين شيء واحد، وهو طبيعة الوضوء، ومن المعلوم أنّه يمتنع أن يقع الشيء الواحد متعلّقا لوجوبين ومتعلّقا لحكمين متماثلين، والمفروض أنّ متعلّق الوجوب في كلّيهما طبيعة الوضوء لا طبيعة الوضوء في أحدهما والوضوء الآخر في الثاني حتّى يصحّ تعلّق الوجوبين بتعدد المتعلّق، فإطلاق الجزاء (متعلّق الوجوب) بمعنى أنّ الوضوء بما هو هو موضوع لا هو مع قيد، كلفظ «آخر»، يقتضي التداخل.
إنّ القائلين بالتداخل يعترفون بظهور حدوث الجزاء عند حدوث الشرط إلاّ أنّهم يقولون: لايمكن الأخذ به؛ لأنّ متعلّق الوجوب في كلا الموردين شيء واحد، وهو طبيعة الوضوء، ومن المعلوم أنّه يمتنع أن يقع الشيء الواحد متعلّقا لوجوبين ومتعلّقا لحكمين متماثلين، والمفروض أنّ متعلّق الوجوب في كلّيهما طبيعة الوضوء لا طبيعة الوضوء في أحدهما والوضوء الآخر في الثاني حتّى يصحّ تعلّق الوجوبين بتعدد المتعلّق، فإطلاق الجزاء (متعلّق الوجوب) بمعنى أنّ الوضوء بما هو هو موضوع لا هو مع قيد، كلفظ «آخر»، يقتضي التداخل.
واُجيب عنه: بأنّه لابدّ من رفع اليد عن الظهور الذي يتمسّك به القائلون بالتداخل، وهو التمسّك بوحدة المتعلّق وكون الموضوع للوجوبين هو نفس الطبيعة التي تقتضي وحدة الحكم ولاتقبل تعدده، بتقديم ظهور القضية الشرطية في حدوث الجزاء عند كلّ شرط على إطلاق الجزاء في وحدة المتعلّق، فتكون قرينة على تقدير لفظ مثل «فرد آخر» أو لفظ «مرة اُخرى» في متعلّق أحد الجزاءين، وعندئذٍ يكون المتعلّق للوجوب في إحدى القضيتين، هو الطبيعة كما يكون المتعلّق للوجوب في القضية الاُخرى الفرد الآخر<ref>. الوسيط في أصول الفقه 1: 179.</ref>.
واُجيب عنه: بأنّه لابدّ من رفع اليد عن الظهور الذي يتمسّك به القائلون بالتداخل، وهو التمسّك بوحدة المتعلّق وكون الموضوع للوجوبين هو نفس الطبيعة التي تقتضي وحدة الحكم ولاتقبل تعدده، بتقديم ظهور القضية الشرطية في حدوث الجزاء عند كلّ شرط على إطلاق الجزاء في وحدة المتعلّق، فتكون قرينة على تقدير لفظ مثل «فرد آخر» أو لفظ «مرة اُخرى» في متعلّق أحد الجزاءين، وعندئذٍ يكون المتعلّق للوجوب في إحدى القضيتين، هو الطبيعة كما يكون المتعلّق للوجوب في القضية الاُخرى الفرد الآخر<ref>. الوسيط في أصول الفقه 1: 179.</ref>.


====الدليل الثالث: أصالة التداخل====
=====الدليل الثالث: أصالة التداخل=====
إنّ الدليل الذي ذكروه لأصالة عدم التداخل وهو: إنّ كلّ سبب يقتضي مسببا، والأسباب المتعدّدة تقتضي مسببات متعدّدة، إنّما يصدق في الأسباب والمسببات العقلية لا الشرعية<ref>. أنظر: مشارق الشموس: 61.</ref>.
إنّ الدليل الذي ذكروه لأصالة عدم التداخل وهو: إنّ كلّ سبب يقتضي مسببا، والأسباب المتعدّدة تقتضي مسببات متعدّدة، إنّما يصدق في الأسباب والمسببات العقلية لا الشرعية<ref>. أنظر: مشارق الشموس: 61.</ref>.
ويمكن الجواب عليه: بأنّ الأسباب الشرعية كالعقلية في أنّ لها مسببات لايمكن أن تختلف عنها، وهذا ما يمكن استفادته من كلام الاُصوليين<ref>. فوائد الأصول 1: 412، مصباح الفقاهة 6: 186 ـ 187.</ref>.
ويمكن الجواب عليه: بأنّ الأسباب الشرعية كالعقلية في أنّ لها مسببات لايمكن أن تختلف عنها، وهذا ما يمكن استفادته من كلام الاُصوليين<ref>. فوائد الأصول 1: 412، مصباح الفقاهة 6: 186 ـ 187.</ref>.