الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تبعيض التقليد»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''تبعيض التقليد:''' بمعنی أخذ الفتاوی من المجتهدَين أو أکثر في المسألتين أو أکثر؛ وهو اصطلاحٌ...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ٠٤:٣٣، ٩ يونيو ٢٠٢١
تبعيض التقليد: بمعنی أخذ الفتاوی من المجتهدَين أو أکثر في المسألتين أو أکثر؛ وهو اصطلاحٌ رايج بين فقهاء الشيعة، و لـ أهل السنّة اصطلاح التلفيق دون فرق بينهما إلاَّ في أنَّ الشيعة ناقشوا القضيّة في إطار المذهب الواحد، وهو التشيّع، بينما ناقشه أهل السنّة في إطار المذاهب الأربعة.
أوّلاً: التعريف
تبعيض التقليد أو التبعيض في التقليد عبارة عن: الرجوع إلى أحد المجتهدين في مسألة وإلى آخر في مسألة اُخرى[١]. وهو اصطلاح ورد عن الشيعة، ويساوقه اصطلاح التلفيق الذي ورد عن أهل السنّة، دون فرق بينهما إلاَّ في أنَّ الشيعة ناقشوا القضيّة في إطار المذهب الواحد، وهو التشيّع، بينما ناقشه أهل السنّة في إطار المذاهب الأربعة.
ثانيا: الحكم
ناقش الفقهاء و الأصوليون التبعيض في حالتين:
الحالة الاولی: ما إذا تساوى المجتهدان المراد تقليدهما في العلمية
ففي هذه الحالة آراء:
القول الأول: جواز التبعيض في تقليدهما
حتّى في العمل الواحد. بحيث لو كان ـ مثلاً ـ فتوى أحدهما وجوب جلسة الاستراحة واستحباب التثليث في التسبيحات الأربع، وفتوى الآخر بالعكس، يجوز أن يقلّد الأوّل في استحباب التثليث، والثاني في استحباب الجلسة[٢]. واستدلَّ عليه باُمور: الأوّل: كون نصوص جواز التقليد مطلقة وشاملة لمورد التبعيض فيه. الثاني: كون التبعيض من مقتضيات جواز التخيير بين المجتهدين إذا تساوا، ومن صغريات المسألة. الثالث: السيرة العقلائية قائمة على مثل هذا التبعيض، ولا يبعد قيام سيرة المتشرّعة عليه كذلك، سيّما في المكروهات والمندوبات[٣]. وقد يستدلّ عليه بما استدلَّ بعض أهل السنّة[٤] على صحّة التلفيق من أنّ القول بعدم صحّة التبعيض يستلزم القول ببطلان أعمال أكثر عوام الناس، باعتبار عدم التزامهم الدقيق بتقليد مرجع خاصّ.
القول الثاني: عدم جواز التبعيض في تقليدهما
وذلك باعتبار عدم نهوض الإطلاقات لإثبات التخيير الذي يستلزم صحّة التبعيض، فمع اختلاف المجتهدين في الفتوى تسقط إطلاقات أدلّة الحجيّة عن المرجعية، وينحصر المرجع بالإجماع، فمشروعية التبعيض تتوقّف على عموم الإجماع على التخيير بينهما وشموله لصورة التبعيض، لكن لم يتّضح عموم الإجماع[٥]. أمّا الاستدلال بسيرة الشيعة في عصر الأئمة عليهمالسلام على التبعيض في التقليد، باعتبار أنَّه لم يعهد عنهم الالتزام بالرجوع إلى شخص واحد دون غيره، بل كانوا على مقتضى سيرة العقلاء في الرجوع إلى أهل الخبرة يرجعون لكلِّ من تهيّأ لهم سؤاله عند الابتلاء بالواقعة. فهذا الادّعاء مندفع باختصاص السيرة بصورة عدم العلم بالاختلاف[٦].
القول الثالث: جواز التبعيض في الأعمال
أي الأعمال المختلفة والمستقلّة وعدم جوازه في عمل مركَّب واحد. ذهب إليه جمع من الفقهاء[٧]. استدلَّ على صحّة التبعيض في الأعمال المختلفة بأنَّ فتوى كلّ مجتهد حجّة معتبرة، وللمكلَّف أن يستند في أعماله إلى أيِّهما شاء. واستدلَّ على عدم صحّة التبعيض في العمل الارتباطي الواحد باُمور: الأوَّل: إنَّ صحّة كلِّ جزء من الأجزاء الارتباطية مقيّدة بما إذا أتى بالجزء الآخر صحيحا، فمع بطلان جزء من الأجزاء الارتباطية تبطل الأجزاء بأسرها[٨]. الثاني: إنَّه يلزم العبث بأمر المولى، وهو ينافي معنى العبادة والطاعة. الثالث: بأنَّه يؤدّي إلى العلم الإجمالي بالمخالفة القطعية، إذ إنَّه أخذ بالرخصة عند المفتين، وهو مخالف لمذاق الشرع[٩]. ورفض بعض الفقهاء[١٠] التمييز بين الأعمال المستقلّة والأعمال المركّبة، باعتبار أنَّ التبعيض إذا جاز في الأعمال المستقلّة جاز في الأعمال المركّبة، ولا وجه للتفريق، لكن يبطل التبعيض فيما إذا أدّى إلى العلم التفصيلي ببطلان العمل على رأي كلا المجتهدين، كما لو كانت فتوى أحدهما قصر الصلاة والصوم عند السفر أربعة فراسخ ولم يرجع ليومه، وكانت فتوى الآخر إتمام الصلاة وصحّة الصوم في ذات الفرض، فالتبعيض هنا يستلزم انخرام الملازمة المنصوص عليها، حيث ورد: «إذا قصرت أفطرت، وإذا أفطرت قصّرت»[١١].
الحالة الثانية: ما إذا كان أحدهما أعلم من الآخر في قسم، والآخر أعلم في القسم الآخر
بأن كان أحدهما أعلم في العبادات، والآخر أعلم في المعاملات مثلاً، فهنا صرّح بعض الفقهاء بكون التبعيض واجبا، واعتبره آخر أقوى الآراء، وثالث اعتبره أحوط[١٢]. واستدلَّ على هذا الرأي بأنَّه مقتضى أدلّة وجوب تقليد الأعلم، مع أنَّه لا وجه لوحدة المرجعيّة وانحصارها في واحد، فيتعيَّن تقليد الأعلم في مورد أعلميته ومورد الخلاف بينه وبين غيره[١٣]. هذا فيما إذا كان تقليد الأعلم واجبا وإلاَّ فلا يجب التبعيض[١٤].
شرط التبعيض
اختلف الفقهاء هنا فيما إذا كان جواز التبعيض مشروطا بعدم أدائه إلى بطلان العمل على رأي كلا المجتهدين أم لا، فالسيّد اليزدي وأكثر محشّي العروة الوثقى قالوا بعدم اشتراط هذا،[١٥] بينما استثنى بعض حالة ما إذا استلزم التبعيض بطلان العمل وفق رأي المجتهدين كليهما[١٦]. وقد مثِّل لهذا بأن يقلد المجتهد في جواز ترك السورة مع أنّ الآخر يرى وجوبها، ويقلّد الآخر في جواز الاكتفاء بالمرّة في التسبيحات مع أنَّ الأوّل يرى وجوب الثلاث، فهذه الصلاة الفاقدة للسورة والواجدة للتسبيحة الواحدة باطلة برأي كلٍّ من المجتهدين[١٧]. وذلك من قبيل: أن يكون أحد المجتهدين أعلم في مسائل الصلاة والآخر أعلم في مسائل الصوم، وقلّد كلاً منهما فيما هو أعلم به، وكانت فتوى أحدهما قصر الصلاة والصوم فيما لو سافر أربعة فراسخ ولم يرجع ليومه، وكانت فتوى الآخر إتمام الصلاة وصحّة الصوم في الفرض المذكور ولازم التقليد بهذا النحو قصر الصلاة وإتمام الصيام في السفر المذكور، وهو مخالف لما دلَّ على الملازمة بين تقصير الصلاة وإفطار الصيام. ويحصل حينئذٍ علم تفصيلي بالبطلان من حيث التبعيض في التقليد[١٨]. ويستثنى من هذا النقاش ما إذا علم بتحقُّق المخالفة التفصيلية أو الإجمالية، عندئذٍ يسقط عمل المكلّف عن الحجيّة، وتعيّن تقليد أحدهما أو الاحتياط[١٩].
المصادر
- ↑ . الاجتهاد والتقليد رضا الصدر: 413.
- ↑ . العروة الوثقى 1: 55، مسألة 65.
- ↑ . مصباح المنهاج: 86، الاجتهاد والتقليد رضا الصدر: 413 و 482.
- ↑ . عمدة التحقيق: 187، أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1145 ـ 1146.
- ↑ . مستمسك العروة الوثقى 1: 62 و 1: 103، الاجتهاد والتقليد شمس الدين: 471.
- ↑ . المحكم في أصول الفقه 6: 374، مصباح المنهاج التقليد: 87.
- ↑ . رسالة الاجتهاد والتقليد الإصفهاني: 114 ـ 115 و 117 ـ 119، كتاب الاجتهاد والتقليد (الخوئي): 306، الاجتهاد والتقليد (شمس الدين): 474 ـ 475.
- ↑ . كتاب الاجتهاد والتقليد الخوئي: 306.
- ↑ . الاجتهاد والتقليد شمس الدين: 474 ـ 475، أنظر: رسالة الاجتهاد والتقليد (الإصفهاني): 114 ـ 115 و 117 ـ 119.
- ↑ . مسائل من الاجتهاد والتقليد الهمداني: 114 ـ 115.
- ↑ . من لا يحضره الفقيه 1: 280 باب 59 صلاة المسافر ح 5 .
- ↑ . العروة الوثقى 1: 38، منتهى الدراية 10: 495 ـ 496، الاجتهاد والتقليد شمس الدين: 475 ـ 476، البحث في رسالات عشر (محمد حسن القديري): 426، تعليقة على العروة الوثقى (السيستاني) 1: 20، أجوبة الاستفتاءات 1: 10، مسائل من الاجتهاد والتقليد (الهمداني): 110.
- ↑ . الاجتهاد والتقليد شمس الدين: 475 ـ 476، البحث في رسالات عشر (محمد حسن القديري): 426.
- ↑ . الاجتهاد والتقليد رضا الصدر: 445.
- ↑ . العروة الوثقى 1: 55، مسألة 65، مسائل من الاجتهاد والتقليد الهمداني: 112.
- ↑ . مسائل من الاجتهاد والتقليد الهمداني: 112، مصباح المنهاج: 86، الاجتهاد والتقليد (شمس الدين): 475 ـ 476.
- ↑ . البحث في رسالات عشر محمد حسن القديري: 426.
- ↑ . مسائل من الاجتهاد والتقليد (الهمداني): 114 ـ 115.
- ↑ . مسائل من الاجتهاد والتقليد الهمداني: 114، مصباح المنهاج: 86.