الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البرهان»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''البرهان:''' هو الدليل الواضح، وهذا اصطلاحٌ في المنطق لکنّ الأصوليون استخدموه في استدلالاتهم...')
(لا فرق)

مراجعة ٢٠:٠٢، ١ يونيو ٢٠٢١

البرهان: هو الدليل الواضح، وهذا اصطلاحٌ في المنطق لکنّ الأصوليون استخدموه في استدلالاتهم. ولا يخفی أنّ الأصوليين خصوصا القدماء منهم ذكروا البرهان في مقدّمات علم الأصول باعتباره أحد الآليات والوسائل المنطقية التي يمكن أن يتوصّل بها إلى استنباط بعض الأحكام الشرعية.

تعريف البرهان لغةً

البرهان: هو الحجّة الفاصلة البيّنة، يقال: برهن يبرهن إذا جاء بحجّة قاطعة للخصم، فهو مبرهن[١]، قال اللّه‏ تعالى «قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»[٢].

تعريف البرهان اصطلاحاً

جرى الأصوليون في تعريفهم للبرهان على اصطلاح أهل المنطق. وعرّفوه بعدّة تعريفات: هو عبارة عن أقاويل مخصوصة ألفت تأليفا مخصوصا فيتولّد بينها نتيجة[٣]. أو هو الذي يتوصّل به إلى العلوم التصديقية المطلوبة بالنظر[٤]. أو هو قول مؤلّف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر[٥]. أو هو المقياس المؤلّف من المقدّمات اليقينية الواجبة القبول[٦]. وكلّ هذهِ التعريفات تشير إلى معنى واحد. والأصوليون خصوصا القدماء منهم ذكروا البرهان في مقدّمات علم الأصول باعتباره أحد الآليات والوسائل المنطقية التي يمكن أن يتوصّل بها إلى استنباط بعض الأحكام الشرعية أو تعلّمنا كيفية التوصّل بالمقدّمات الشرعية إلى نتائج شرعية صحيحة، وبعبارة اُخرى: البرهان يعلّمنا كيفية تركيب وترتيب قياس منتج. ولذلك تجد الآمدي يعدُّ القياس المنطقي من أدوات الاستدلال، إذ الاستدلال عنده عبارة عن مجموعة من الأدوات التي يستخدمها الفقيه ليضبط بها اجتهاده في سبيل التوصّل إلى الأحكام الشرعية من أدلّتها ومقدّماتها الخاصّة. فالقياس المنطقي عبارة عن عملية ذهنية يقوم بها المجتهد من ترتيب المقدّمات حتّى تنتج نتائجها المرجوة منها إن توفرت شروط الإنتاج، وسلمت هذه العملية من المعوقات[٧]، مثال ذلك: أنّه يتوصّل إلى حرمة النبيذ بتشكيل برهان ذو مقدّمات معينة، وهي: كلّ مسكر حرام وكلّ نبيذ مسكر. فتكون النتيجة: كلّ نبيذ حرام، والذي يصطلح عليه بالحدّ الأوسط، ويصطلح عليه فقهيا بالعلّة وهو وصف الإسكار[٨].

أضرب البرهان

ذكر الأصوليون خمسةَ أضربٍ للبرهان.

الضرب الأوّل: ما كانت المقدّمات فيه يقينة

مثل قولنا: كلّ نبيذ مسكر وكلّ مسكر حرام. ونتيجة ذلك: أنّ كلّ نبيذ حرام، فجعل المسكر، صفة للنبيذ وحكم على الصفة بالتحريم. والمتكرر بين هاتين المقدّمتين هو ما يصطلح عليه في علم المنطق: «بالحدّ الأوسط»، وفي علم الاستنباط: بالعلّة فإنّه لو قيل: لِمَ حرّمت الخمر؟ يقال في جواب ذلك؛ لأنّه مسكر. ويسمّى ما جرى مجرى النبيذ محكوما عليه. وما جرى مجرى الحرام حكما. وشرط هذا الضرب أن تكون المقدّمة الأولى مثبتة، وأن تكون الثانية عامّة كليّة حتّى يدخل تحتها المحكوم عليه فلو قلنا: بعض المسكر حرام، لم يلزم حرمة النبيذ[٩].

الضرب الثاني: ما كانت العلّة فيه حكما في المقدّمتين

كقولنا لا يقتل المسلم بالكافر؛ لأنّ الكافر غير مكافئ للمسلم وكلّ من يقتل به المسلم مكافئ. فهنا ثلاثة معان: (مكافٍ) (يقتل به) (الكافر). المكرر في هاتين المقدّمتين هو العلّة وهو المكافئ وهو الحكم في المقدّمة الأولى، وخاصّية هذا الضرب من الاستدلال أنّه لا ينتج إلاّ قضية نافية. وشرط إنتاج هذا الضرب في الاستدلال أن تختلف المقدّمتان بالنفي والاثبات. وأن تكون المقدّمة الثانية عامّة كلّية[١٠].

الضرب الثالث: أن تكون العلّة مبتدأ بها في مقدّمتي البرهان

ويسميه الفقهاء نقضا. كقولنا: كلّ بر مطعوم وكلّ بر ربوي، فينتج أنّ بعض المطعوم ربوي[١١].

الضرب الرابع: التلازم

كما في قولنا: إن كانت الصلاة صحيحة فالمصلّي متطهّر. فإذا ثبتت صحّة الصلاة ثبتت الطهارة أيضا[١٢].

الضرب الخامس: برهان السبر والتقسيم

كما في قولنا: العالم إمّا حادث أو قديم وناتج هذه المقدّمة أربع قضايا مسلمة وهي: العالم حادث فليس بقديم، لكنّه قديم فليس بحادث، لكنّه ليس بحادث فهو قديم، لكنّه ليس بقديم فهو حادث، وكلّ نقيض من تلك القضايا ينتج لنا إثبات أحدهما نفي الآخر ونفيه إثبات الآخر[١٣]. هذه هي الضروب الخمسة للبرهان، وكلّ دليل لا يمكن رده إلى واحد من تلك الضروب لا يكون منتجا.

الألفاظ ذات الصلة

أ ـ الدليل

وهو ما يمكن أن يتوصّل به بصحيح النظر إلى العلم بمطلوب جزئي[١٤]. والفرق بين البرهان والدليل، أنّ الدليل أعمّ من البرهان فهو يصدق على كلّ ما يستدلّ به سواء كان قطعيا أم ظنيا، وسواء كان ضروريا أم وجدانيا. أمّا البرهان فله صورة خاصّة من الاستدلال، فإنّ البرهان لا يسمّى برهانا إلاّ إذا كانت مقدّماته قطعية[١٥].

ب ـ القياس

تعريف القياس كـ تعريف البرهان إلاّ أنّ الفرق في المقدّمات، فإذا كانت المقدّمات مظنونة سمّي القياس قياسا فقهيا، وإذا كانت المقدّمات مسلّمة سمّي القياس قياسا جدليا[١٦].

أقسام البرهان

البرهان اللمّي

البرهان اللمّي هو ما كان واسطة في الإثبات والثبوت معا فهو موط‏ء اللمية مطلقا فسمّى به كقولهم: هذه الحديدة ارتفعت حرارتها، وكلّ حديدة ارتفعت حرارتها فهي متمددة، فينتج هذه الحديدة متمددة. فالاستدلال بارتفاع الحرارة على التمدد هو استدلال بالعلّة على المعلول. فكما أعطت الحكم بوجود التمدد في الذهن للحديدة، كذلك هي معطية في نفس الأمر والخارج وجود التمدد لها[١٧]، وعبّر الأصوليون على هذا الدليل بدليل الاعتلال[١٨] أو برهان دلالة[١٩].

البرهان الإنّي

وهو ما كان واسطة في الإثبات فقط ولم يكن واسطة في الثبوت، فيسمّى برهان إن أو البرهان الإنّي؛ لأنّه يعطي الإنّية، والإنّية مطلق الوجود[٢٠].

المصادر

  1. . لسان العرب 1: 282 مادة «برهن».
  2. . البقرة: 111.
  3. . المستصفى 1: 39.
  4. . روضة الناظر: 8.
  5. . نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 1: 84.
  6. . حاشية التفتازاني 1: 126.
  7. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 362.
  8. . المستصفى 1: 39 ـ 40.
  9. . المصدر السابق.
  10. . المستصفى 1: 48 ـ 50، روضة الناظر: 11.
  11. . روضة الناظر: 11.
  12. . المصدر السابق: 11 ـ 12.
  13. . المصدر السابق: 12.
  14. . اللمع: 33.
  15. . روضة الناظر: 10 ـ 11، المستصفى 1: 48.
  16. . المستصفى 1: 48، روضة الناظر: 11.
  17. . المنطق المظفر: 313، جامع العلوم 1: 236.
  18. . شفاء الغليل: 435.
  19. . المستصفى 1: 65، مقاصد الفلاسفة: 120 ـ 121، روضة الناظر: 15.
  20. . المنطق: 313.