الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التخطئة والتصویب»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
سطر ٣٧: سطر ٣٧:


=المصادر=
=المصادر=
{{الهوامش}}
<references />
</div>
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]

مراجعة ١٢:٠١، ١٦ مايو ٢٠٢١


التخطئة والتصويب: اصطلاحان أصوليان مشهوران، والمراد بالتخطئة هو أن المجتهد حينما يفتي يمکن أن يکون فتواه لايصيب إلی الواقع وکان خطأً، ويقال لهذا المسلک مسلک التخطئة. وأما مسلک التصويب يقول أن الواقع خالية عن الحکم وأن فتوی المجتهد أیّاً ما کان هو الحکم الواقعي. وأساس هذا البحث يرجع إلی کيفية جعل الأمارة وأنّه هل ذلك على وجه الطريقية أو السببية؟ وهناک توضيحات أکثر سيتضح في هذا المقال.

معنی التخطئة والتصويب

معنى التخطئة: إنّ للّه‏ تبارك وتعالى في كلّ مسألة حكم يؤدي إليه الاجتهاد تارةً وإلى غيره أخرى[١]، وهو مذهب الإمامية، واستدلوا عليه بمقتضى أدلة الأمارات والأصول.[٢] معنى التصويب: إنّ للّه‏ أحكاما بعدد آراء المجتهدين فما يؤدي إليه الاجتهاد هو حكمه تعالى. [٣] والتصويب قسمان: الأول: التصويب الأشعري، وهو المذكور في التعريف، ونسبه الغزالي إلى محقّقي المصوّبة. الثاني: التصويب المعتزلي، ويراد به إنّ للّه‏ في كلّ واقعة حكما معيّنا يتوجه إليه الطلب، لكن لم يكلّف المجتهد إصابته. [٤]

مذهب التخطئة والتصويب

يبحث الأصوليون ضمن البحث عن امكان التعبّد بالظنّ، عن كيفية جعل الأمارة، وأنّه هل ذلك على وجه الطريقية أو السببية؟ وإليک توضيح وجه السببية والطريقية.

الأول: مسلك السببية

ذكروا لسببية الأمارة التي قد يعبّر عنها بالموضوعية[٥] أقسام ثلاثة:

أ ـ السببية الأشعرية

إنّ قيام الأمارة سبب لحدوث مصلحة موجبة لجعل الحكم على طبقها وليس في الواقع حكم أصلاً، مع قطع النظر عن قيام الأمارة حتّى كون التعبّد بالأمارة موجبا لفواته على المكلّف، فتكون الأحكام الواقعية مختصّة في الواقع بالعالمين بها، وأمّا الجاهل الذي لم تقم عنده أمارة فلا حكم له أو محكوم بما يعلم اللّه‏ أنّ الأمارة تؤدّي إليه، وقد يطلق على ذلك بالتصويب الأشعري؛ لأنّ المكلّف العامل بالأمارة يصيب الواقع دائما وهو ما أدّت إليه الأمارة، فلايفرض تخطئتها أصلاً[٦]، ولكن التصويب وعدم اشتراك الأحكام بين الجاهل والعالم، باطل عند الإمامية[٧].

ب ـ السببية المعتزلية

ذهب المعتزلة إلى أنّ الحكم الواقعي متحقّق في ظرفه لولا قيام الأمارة على خلافه، بحيث يكون قيام الأمارة المخالفة مانعا عن فعلية ذلك الحكم وتتبدل الأحكام إلى ما يوافق الأمارة، فيكون قيامها من قبيل طروّ العناوين الثانوية كالحرج والضرر موجبة لحدوث مصلحة في المؤدّى أقوى من مصلحة الواقع، فلا يكون التعبّد بالأمارة موجبا لفوات المصلحة والإلقاء في المفسدة[٨].
وهذا باطل أيضا بإجماع الإمامية نظرا إلى تغير الواقع عمّا هو عليه بسبب قيام الأمارة وغيرها من الإشكالات[٩].

ج ـ السببية الإمامية

قد نسب إلى مشهور القدماء من الإمامية القول بالسببية في باب الطرق والأمارات، بمعنى أنّ قيام الأمارة يوجب حدوث مصلحة في المؤدّى فتغلب على ما كان عليه من الملاك عند مخالفتها للواقع[١٠].
ولكن بعد ما عرفت من الإشكال عليه، أبدع الشيخ الأعظم الأنصاري[١١] مسلكا آخر وذهب إلى نوع من السببية السالمة من الإشكالات الواردة على ما تقدّم من السببية الأشعرية والمعتزلية، وشيّد أركانها المحقّق النائيني[١٢]، وهي أنّ الأحكام الواقعية باقية على حالها حتّى في صورة قيام الأمارة على خلافها ولاتؤثّر الأمارة في الحكم الواقعي وتبديلها، فإنّها في الحقيقة في طول الواقع لا في عرضه[١٣]، ولكن في تطبيق العمل على الأمارة والسلوك على طبقها، مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها للواقع، وهذا ما يعبّر عنه بالمصلحة السلوكية.
وقد ورد على هذه النظرية أيضا عدّة نقاشات[١٤].

الثاني: مسلك الطريقية

ذهب مشهور الأصوليين من الإمامية إلى أنّ الأمارة طريق محض إلى الواقع وليس فيها إلاّ مصلحة الإيصال إلى الواقع، حيث إنّ الحكم الموجود هنا ليس إلاّ حكم واحد وهو الحكم الواقعي، والأمارة طريق للتوصّل إليه[١٥]، وهي قد تصيب الواقع وقد تخطئ.

ثمرة المسالك

إنّ لهذه المسالك ثمراتٍ وأهمّها مضافا إلى تأثيرها في مسألة التصويب والتخطئة في الاجتهاد، تأثيرها في مبحث الأمر الظاهري عن الواقعي، وقد اختلفت آراء الأصوليين فيما إذا عمل المكلّف على طبق الأمارة، ثُمّ انكشف الخلاف في الوقت أو خارجه وقد تبنى بعضهم المسألة على الطريقية فلايجزي، وعلى غيرها فيجزي[١٦]، حيث إنّه لو فرض الإجزاء على القول بالطريقية، فلا إشكال في ثبوته على السببية لنفس ذلك البيان؛ ولو فرض عدم الإجزاء والرجوع إلى إطلاق الأدلّة الدالّة على لزوم الإعادة والقضاء، فيبحث في الإجزاء بناء على السببية.
وبناء على السببية الأشعرية هو الإجزاء، بل لا موضوع للإجزاء أو عدمه؛ لأنّه لا واقع هنا غير ما أدّت إليه الأمارة لكي يقال: إنّه مجز عنه.
وبناء على السببية المعتزلية الراجعة إلى انقلاب الواقع عمّا عليه أوّلاً هو عدم الإجزاء؛ إذ غاية ما يقرب الإجزاء هو أنّ المورد على هذا القول يكون كموارد الأوامر الاضطرارية.
هذا ولكن بيان الإجزاء في الأوامر الاضطرارية ـ الراجع إلى أنّ أدلّة الأوامر الاضطرارية يقتضي تصنيف المكلّفين ـ لايجري هنا؛ إذ لا يقتضي دليل الحجّية ولا نفس الأمارة تصنيف المكلّفين، كما أنّ الوجه الآخر الراجع إلى تكفل دليل الأمر الاضطراري لتحقّق الشرط كتحقّق الطهارة بالتيمم، لايجري هنا.
وبناءً على المصلحة السلوكية التي بنى عليها الشيخ الأنصاري هو التفصيل بين الالتزام بتبعية القضاء للأداء وكون التوقيت بنحو تعدد المطلوب فلا وجه للإجزاء من حيث القضاء؛ إذ لم تفت إلاّ مصلحة الوقت، ومصلحة الفعل قابلة للتدارك؛ وبين الالتزام بعدم التبعية، وأنّ ذلك صادر بأمر جديد، وأنّ التوقيت بنحو وحدة المطلوب، فيلتزم بالإجزاء، لفوات مصلحة الواجب السابق، فلابدّ من تداركه من جانب الشارع، ومع تداركه لايصدق الفوات الذي هو موضوع القضاء[١٧].

المصادر

  1. كفاية الأصول : 368.
  2. الأصول العامة للفقه المقارن : 600 ـ 601.
  3. كفاية الأصول : 368 ـ 369، وانظر : المستصفى 2 : 213، والأصول العامة للفقه المقارن : 595.
  4. انظر : المستصفى 2 : 213، الأصول العامة للفقه المقارن : 595.
  5. انظر: فرائد الأصول 1: 113، نهاية الأفكار 3: 72، نهاية الدراية 3: 131، منتقى الأصول 4: 173.
  6. أنظر الفصول في الأصول الجصاص 4: 310 ـ 311، المستصفى 2: 211 ـ 212، المحصول 2: 512.
  7. فرائد الأصول 1: 113، مصباح الأصول 2: 95.
  8. أنظر المحصول الرازي 2: 504 ـ 505، فرائد الأصول 1: 114، درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2: 95.
  9. فرائد الاصول 1: 114، 116، فوائد الاصول 3: 95، مصباح الاصول 2: 96.
  10. فوائد الأصول 3: 420.
  11. المصدر السابق 1: 114 ـ 115.
  12. المصدر نفسه 3: 95 ـ 97.
  13. أنظر: المصدر نفسه 4: 759.
  14. مصباح الاصول 2: 97، بحوث في علم الاصول الهاشمي 4: 217 ـ 219، منتقى الاصول 4: 171 ـ 172.
  15. فرائد الأصول 1: 109، 112، تنقيح الأصول العراقي: 29، مقالات الأصول 2: 49.
  16. محاضرات في اصول الفقه 2: 292.
  17. منتقى الأصول 2: 91.