الفرق بين المراجعتين لصفحة: «إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق:''' اصطلاحٌ أصوليٌ وهو التعدّي من غير المنصوص إلى المنصوص، وهذا ا...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ١٨:١٣، ٨ مايو ٢٠٢١
إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق: اصطلاحٌ أصوليٌ وهو التعدّي من غير المنصوص إلى المنصوص، وهذا الإلحاق قد يكون بطريق مفهوم الموافقة أو قياس الأولوية، وقد يكون بطريق تنقيح المناط أو الغاء الفارق. وجديرٌ بالذکر أن التعبير بـ «الحاق المسكوت بالمنطوق» يعم القياس وغيره، بل القياس قسم من أقسامه. وربما يمثّل له بقوله تعالى: «فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا»، حيث يدلّ على حرمة ما هو أولى بالمنع عنه، وهو الضرب والشتم، وقد يمثّل له بقول النبي(ص): «من أعتق شركا له في عبد قُوِّم عليه»، فألحقت الأمة بالعبد لكونها في معناه؛ لأنّه لافارق بين الأمة والعبد إلاّ في الذكورة والأنوثة.
أولاً: التعريف
لم يذكر الأصوليون تعريفا معينا له، لكن من خلال مراجعة كلماتهم يمكن استخلاص تعريفه بإنه إلحاق ما لم يُنص عليه بالمنصوص عليه في الدليل والتشريك بينهما في الحكم بطريق الأولوية أو تنقيح المناط، أو إلغاء الفارق أو النص على العلة أو الجمع بين الفرع والأصل أي القياس.
تكرر هذا التعبير كثيرا في كتب الأصوليين وليس هو دليلاً برأسه، بل هو عنوان لمجموعة من الأدلة التي يصار من خلالها إلى التعدّي من المنصوص إلى غير المنصوص ومن المنطوق إلى المسكوت عنه؛ لأن إلحاق المسكوت بالمنطوق قد يكون بطريق «مفهوم الموافقة»[١] أو «قياس الأولوية»[٢]، وقد يكون بطريق «تنقيح المناط»[٣] أو «إلغاء الفارق»[٤] أو «عموم المنزلة» أو «عموم المشابهة» أو «عموم البدلية»[٥]، وقد يكون بطريق «النص على العلة»[٦]، وقد يكون بطريق «الجمع بين الفرع والأصل»[٧] في ما يدّعى أنّه علة للحكم وهو الذي يصطلح عليه بـ «القياس».
والملاحظ أن التعبير بـ «الحاق المسكوت بالمنطوق» يعم القياس وغيره، بل القياس قسم من أقسامه.
ثانيا: الاقسام
يمكن أن يُقسم «إلحاق المسكوت بالمنطوق» إلى قسمين[٨] :
القسم الأول: الالحاق القطعي
ويمكن أن يتصور على أنواع ثلاثة:
النوع الأول: أن يكون المسكوت أولى بالحكم من المنطوق
وهو الذي يصطلح عليه بـ «فحوى الخطاب»[٩] و «لحن الخطاب»[١٠] و «مفهوم الموافقة»[١١] و «قياس الأولوية»[١٢] و «دلالة النصّ»[١٣].
ويمثل له بقوله تعالى : «فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا»[١٤]، حيث يدلّ على حرمة ما هو أولى بالمنع عنه، وهو الضرب والشتم. وقد وقع الخلاف في عدّ هذا النوع من القياس وعدمه، على أقوال :
القول الأوّل: إنّه قياس
وهو اختيار فخر الرازي[١٥]، و العلاّمة الحلّي[١٦]، والطوفي[١٧].
القول الثاني: إنّه ليس بقياس
وهو اختيار أبي يعلى[١٨]، و أبو حامد الغزالي[١٩]، والطباطبائي[٢٠]، والمظفر[٢١]، فقد ذهب هؤلاء إلى أنّ إلحاق المسكوت بالمنطوق فيه من باب دلالة اللفظ لا من باب القياس.
ونسبه الجويني[٢٢] إلى معظم الأصوليين.
وهو اختيار الأحناف ولذلك أسموه بـ «دلالة النصّ»[٢٣].
النوع الثاني: أن يكون المسكوت مساويا في الحكم للمنطوق
وهو شامل لما يصطلح عليه بـ «القياس في معنى الأصل»[٢٤] أو «إلغاء الفارق»[٢٥] أو «إلغاء الخصوصيّة»[٢٦] والجميع بمعنى واحد، وشامل لـ «تنقيح المناط»[٢٧].
ويمثل له بقوله(ص): «من أعتق شركا له في عبد قُوِّم عليه»[٢٨]، فألحقت الأمة بالعبد لكونها في معناه؛ لأنّه لافارق بين الأمة والعبد إلاّ في الذكورة والأنوثة، وهما في الأوصاف الطردية التي لا تأثير لها في ثبوت الحكم.
وقد وقع الخلاف في أنّ هذا النوع من الإلحاق هل يعدّ من القياس أم لا ؟[٢٩]
النوع الثالث : إلحاق المسكوت بطريق النصّ على العلّة.
وهو ما يصطلح عليه بـ «القياس المنصوص العلّة»[٣٠]. ويمثل له بقول الإمام الرضا عليهالسلام: «ماء البئر واسع لايفسده شيء... ؛ لأنّ له مادّة»[٣١]، فالقول المذكور نصّ على علّة عدم نجاسة ماء البئر، وهي وجود المادّة له، فيحكم بعدم النجاسة في كلّ مورد وجدت فيه تلك العلّة.
ووقع الخلاف في حجّيته بين الشيعة الإمامية إلاّ أنّ المشهور عندهم هو الحجّية[٣٢]، خلافا لـ السيّد المرتضى[٣٣].
كما وقع البحث في أنّ هذا الإلحاق هل هو من النوع القياس أم لا؟
فقد ذهب النظّام[٣٤] وابن فورك[٣٥] إلى أنّه ليس بقياس، بل الإلحاق فيه بواسطة الاستفادة من طريق عموم اللفظ.
وهو اختيار الأكثر عند الشيعة الإمامية[٣٦].
وفي المقابل ذهب العلاّمة الحلّي[٣٧] إلى أنّه نوع من القياس.
وقد عدّ الجويني[٣٨] هذه الأنواع الثلاثة من أنواع إلحاق المسكوت بالمنطوق، من الإلحاقات المعلومة القطعية.
القسم الثاني: الإلحاق الظنّي
ويمكن أن يتصوّر على أنواع ثلاثة:
النوع الأوّل: قياس العلّة أو المعنى
وهو أن يثبت حكم في أصل فيستنبط له المستنبط معنى، ويثبته بمسلك من مسالك العلّة، فيلحق كلّ مسكوت عنه وجد فيه ذلك المعنى بالمنصوص عليه[٣٩].
وهذا هو القياس بمعناه العام المصطلح.
وذكر فيه الجويني[٤٠] بأنّه الباب الأعظم في أقيسة الشرع وفيه نزاع القايسين وتعارض أقوالهم.
النوع الثاني: قياس الشبه
وهو الجمع بين الفرع والأصل بوصف مع الاعتراف بأنّ ذلك الوصف ليس علّة للحكم[٤١].
ويمثّل له باستدلال الحنفي على عدم استحباب تكرار مسح الرأس تشبيها له بمسح الخف والتيمم اللذين ينتفي التكرار فيهما[٤٢].
ويذكر الغزالي[٤٣] أنّ أمثلة هذا القياس كثيرة، ولعلّ جُلّ أقيسة الفقهاء ترجع إليه؛ لأنّه يعسر إظهار تأثير العلل بالنصّ و الإجماع والمناسبة المصلحية.
النوع الثالث: قياس الدلالة
وهو أن يكون الجامع وصفا لازما من لوازم العلة أو أثرا من آثارها أو حكما من أحكامها. سمّي بذلك لكون المذكور في الجميع دليل العلّة لا نفس العلّة، كقياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة الملازمة[٤٤].
وقد أنكر الجويني[٤٥] عدّه قسما برأسه مقابل قياس العلّة وقياس الشبه، بل أرجعه إليهما.
وهذه الأنواع الثلاثة من إلحاق المسكوت بالمنطوق قد عدّها الجويني[٤٦] من الإلحاقات المظنونة.
ثالثا: الحكم
لا خلاف في حجّية «إلحاق المسكوت بالمنطوق» في الجملة، ولذا ذكر الوحيد البهبهاني أنّ التعدّي من المنصوص إلى غير المنصوص، كما يحرم إذا كان بطريق القياس وغيره ممّا ورد النهي عنه شرعا، كذلك يجب إذا كان التعدّي بدليل شرعي «وأنّ بناء الفقه من أوّله إلى آخره على التعدّي عن مدلول النصّ الوارد فيه[٤٧]، وأنّ ذلك يدور مدار الدليل، فإذا وجد دليل يكون التعدّي واجبا وإلاّ كان التعدّي من مورد القياس المنهي عنه[٤٨]
ولابدّ للمجتهد من التمييز بين مورد التعدّي الواجب ومورد التعدّي الحرام، ولذا أكّد البهبهاني على ضرورة معرفة نوع التعدّي المفترض، وهل هو من نوع التعدّي الحرام أم من نوع التعدّي الواجب؟[٤٩] والإلحاق فيه له طرق متعددة كالإلحاق بطريق «مفهوم الموافقة» أو الإلحاق بطريق «تنقيح المناط» أو «اتّحاد طريق المسألتين» أو «عموم المنزلة» أو «عموم المشابهة» أو «عموم البدلية»[٥٠] أو الإلحاق بطريق «النصّ على العلّة»، لكن وقع الخلاف في الإلحاق بطريق «القياس» فأنكر الشيعة الإمامية[٥١] والظاهرية[٥٢] حجّيته، بل أنكر الظاهرية[٥٣] جميع أقسام الإلحاق حتّى ما كان منه بطريق «مفهوم الموافقة» أو «قياس الأولوية».
المصادر
- ↑ أنظر: المحصول 2: 302، روضة الناظر: 154، تمهيد القواعد: 108.
- ↑ أنظر: الفوائد الحائرية: 148، القوانين المحكمة: 296، مفاتيح الأصول: 667.
- ↑ أنظر: الإبهاج في شرح المنهاج 3: 80، إرشاد الفحول 2: 186.
- ↑ أنظر: الإبهاج في شرح المنهاج 3: 80، تشنيف المسامع 2: 99.
- ↑ راجع: الفوائد الحائرية: 150.
- ↑ أنظر: البرهان في أصول الفقه 2: 61، شرح مختصر الروضة 3: 346.
- ↑ أنظر: البرهان في أصول الفقه 2: 61.
- ↑ أنظر: المستصفى 2: 140، روضة الناظر: 154، شرح مختصر الروضة 3: 350، المدخل إلى مذهب الامام أحمد بن حنبل: 150.
- ↑ أنظر: البرهان في أصول الفقه 2: 61، شرح اللمع 1: 424، إحكام الفصول: 508 ـ 509.
- ↑ أنظر: إرشاد الفحول 2: 55.
- ↑ أنظر: روضة الناظر: 154، تمهيد القواعد: 108.
- ↑ أنظر: القوانين المحكمة: 296.
- ↑ أنظر: التلقيح: 160، كشف الأسرار النسفي 1: 383، كشف الأسرار (البخاري) 1: 184.
- ↑ الإسراء: 23.
- ↑ المحصول 2: 302.
- ↑ تهذيب الوصول: 248، 251.
- ↑ شرح مختصر الروضة 3: 350.
- ↑ العدّة في أصول الفقه 2: 311.
- ↑ المستصفى 2: 140.
- ↑ مفاتيح الاصول: 667.
- ↑ أصول الفقه 3 ـ 4: 204.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 2: 61.
- ↑ أنظر: كشف الأسرار البخاري 1: 184.
- ↑ أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 271، شرح مختصر الروضة 3: 353.
- ↑ أنظر: شرح مختصر الروضة 3: 353، تشنيف المسامع 2: 99، مناهج الأحكام والأصول: 251.
- ↑ أنظر: جواهر الكلام 1: 255، و8: 397، و9: 25، و13: 368، و16: 83، و18: 117، و25: 184.
- ↑ أنظر: معارج الأصول: 185، الإبهاج في شرح المنهاج 3: 80.
- ↑ الموطّأ 2: 773 كتاب العتق والولاء، باب 2 الشرط في العتق ح2.
- ↑ أنظر: شرح مختصر الروضة 3: 353، مناهج الأحكام والأصول: 251.
- ↑ أنظر: المستصفى 2: 136 ـ 137، شرح مختصر الروضة 3: 346، الفوائد الحائرية: 148، القوانين المحكمة: 291.
- ↑ وسائل الشيعة 1: 172 كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، باب 14 عدم نجاسة ماء البئر بمجرّد الملاقاة ح6،7.
- ↑ أنظر: تمهيد القواعد: 257، الفوائد الحائرية: 148، مصابيح الظلام 1: 37، مناهج الأحكام والأصول: 250.
- ↑ الذريعة 2: 684.
- ↑ أنظر: المستصفى 2: 135.
- ↑ أنظر: البرهان في أصول الفقه 2: 61.
- ↑ أنظر: الفوائد الحائرية: 148، مفاتيح الأصول: 677.
- ↑ تهذيب الوصول: 251.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 2: 62.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 2: 61 بتصرّف.
- ↑ المصدر السابق.
- ↑ المستصفى 2: 159.
- ↑ المصدر السابق: 160.
- ↑ المصدر نفسه.
- ↑ البحر المحيط 5: 49.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 2: 61.
- ↑ المصدر السابق: 61 ـ 62.
- ↑ مصابيح الظلام 1: 32.
- ↑ مصابيح الظلام 1: 33.
- ↑ المصدر السابق: 34.
- ↑ أنظر: الفوائد الحائرية: 149 ـ 150.
- ↑ أنظر: العدّة في أصول الفقه الطوسي 2: 665، معارج الأصول: 187، تهذيب الوصول: 247، زبدة الأصول (البهائي): 107.
- ↑ انظر: الاحكام ابن حزم 5 ـ 8: 487 وما بعدها.
- ↑ أنظر: المصدر السابق 5 ـ 8: 371.