|
|
سطر ١: |
سطر ١: |
| العناصر التي تجعل التقريب بين المذاهب ناجحاً على كافّة الأصعدة. فإذا أُريد للتقريب أن يكون مثمراً فلا بدّ من تبنّي الأفكار الآتية :<br>1 - جعل القرآن الكريم دستور الأُمّة، واعتباره العنصر الرئيس في أُسس أيّ لقاء، وجعله الحاكم في القضايا بين المسلمين.<br>2 - إقامة التقريب بين المذاهب على أساس علمي رصين بعيداً عن العواطف أور ردّات الفعل الآنية ؛ لأنّ ما يقوم على أُسس علمية يبقى ويستمرّ، وما يقوم على الظروف الزمانية يفنى ويضمحل.<br>3 - جعل التقريب قائماً على أساس التعاون الجماعي والاجتماعي بعيداً عن السياسات المتقلّبة، أو الانحياز إلى نظام سياسي معيّن هنا أو هناك، فالأنظمة السياسية لا تدوم، والعمل الجماعي يدوم.<br>4 - حسن النيّة وسلامة الطوية، وذلك بتبنّي المقاصد لتحقيق الأهداف.<br>5 - الاهتمام بإبراز النقاط المشتركة بين المذاهب، والحديث دائماً عن نقاط التلاقي، وبخاصّة مع العامّة، وتوجيههم إلى أهمية الوحدة الإسلامية كما أرادها القرآن الكريم : (هُوَ سَمّاكُمُ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (سورة الحجّ : 78)، وإشاعة ثقافة التقريب، وتضافر الجهود لذلك، وترك الجدل والمناظرات الفكرية والعقدية والفقهية للمختصّين في المستويات العليا.<br>6 - التأكيد على أنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية هو اختلاف خطأ وصواب، وليس اختلاف كفر وإيمان.<br>7 - عدم تضخيم مسائل الخلاف وتحويلها إلى منازعات تشاحنية وخصومات تنافرية، تنسي مقوّمات الوحدة وعوامل الوفاق، مع أنّ نقاط التلاقي والاتّفاق أكثر بكثير من نقاط الخصام والتفرّق.<br>8 - عدم الانشغال بمناظرات جانبية وجدالات داخلية، فالأهمّ هو الدعوة إلى الإسلام بعرض جوهره النقي وصفائه الروحي، وبيان رسالته الواضحة، وإبراز جمال الدين وشموله لكلّ مجالات الحياة، وأنّه يُصلح الإنسان والزمان والمكان.<br>فرسالة الإسلام جاءت لتجعل حياة الإنسان سعيدة، وقد وضّح الإسلام سبل النجاة والأمن والاطمئنان للبشر جميعاً، وللعيش فيما بينهم بسلام ومحبّة وإخاء، قال تعالى : (وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (سورة الأنبياء : 107)، وأهمّ العالمين المسلمون فيما بينهم ليكونوا رحماء برحمة رسول اللّه صلى الله عليه و آله.<br>9 - التخلّص من عقدة كمال الصحّة المطلقة، وعقدة الوصاية على الدين، فما تحمله حقّ وصواب يحتمل الخطأ، وما أحمله حقّ وصواب يحتمل الخطأ، قال تعالى : (وَ إِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سورة سبأ : 24)، وإذا كان هذا في الحوار مع غير المسلمين فهو مع المسلمين من باب أولى.<br>فالمجتهد مهما بلغ لا يستطيع الجزم بأنّ اجتهاده هو الحقّ المطلق، وأنّ اجتهاد غيره هو الخطأ المتيقّن ؛ فذلك لا يعلمه إلّااللّه ورسوله، ولا سبيل إلى ذلك العلم بعد انقطاع الوحي.<br>10 - تجنّب التعصّب المذموم ومحاربته، فإنّه يعمي ويصمّ القلوب والعقول والبصائر، ومنهج القرآن النهي عن التعصّب المقيت، ويدعو إلى التسامح الديني، ومن باب أولى التسامح المذهبي، ويدعو إلى التآخي البشري، فكيف بالتآخي الإيماني ؟ !<br>11 - الابتعاد عن مواجهة المسلم للمسلم بأشدّ الكلمات، وأغلظ العبارات، وأقسى الأساليب وتجنّب التجريح والتنقيص، وإحصاء الأخطاء والعثرات لدرجة قد تصل إلى الإهانة، فمثل هذا يولِّد مزيداً من الأحقاد والكراهية والبغضاء، وما أروع منهج القرآن : (وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (سورة آل عمران : 159) !<br>فما أجمل اللقاء إذا كان بألطف الكلام وأرهف العبارات ! وما أحسن الحوار إذا كان بأقوى الحجّة وأصدق الدليل !<br>12 - تقدير الرأي والرأي الآخر واحترامهما ؛ لضرورتهما وأهمّيتهما عند الحوار وحين تبادل الرأي.<br>13 - أن يكون الحوار الفكري قائماً على تبادل المعرفة، وقبول الحجّة المنطقية المدعمة بالدليل الشرعي الصحيح دون جمود أو تعصّب.<br>14 - أن يكون الجدال بالتي هي أحسن، فلا يتعدّى الإقناع بالدليل إلى إثارة الفرقة والخصام، ومحاولة التفريق بين المسلمين ؛ ليضعف أمرهم، ويتمكّن أعداؤهم منهم، فمنهج القرآن مع غير المسلمين رفق ولين، فهو مع المسلمين من باب أولى، قال تعالى : (اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (سورة النحل : 125).<br>15 - مراعاة الشعور والعواطف، واحترام تباين الآراء واختلاف الأفهام، فمثل هذا يولِّد المحبّة والصفاء، قال تعالى : (اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا اَلَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (سورة فصّلت : 34)، وحينها يتحوّل العدوّ إلى صديق، والمبغض إلى محبٍّ، والبعيد إلى قريب.<br>16 - عدم إثارة الطرف الآخر، فالإثارة تولّد الانفعال وتقطع الحبائل المقرّبة، فهذا منهج القرآن مع غير المسلمين : (وَ لا تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ فَيَسُبُّوا اَللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (سورة الأنعام : 108)، فالمسلم ليس بالسبّاب ولا اللعّان ولا الفحّاش ولا البذيء، فالكلمة الطيّبة أصل التلاقي، والحوار الهادئ أساس التفاهم.<br>17 - التجرّد عن الأحكام المسبقة المبنية على الظنّ لدى أطراف التقريب، فالعمل لا بدّ أن يكون قائماً على اليقين، وليس على الوهم والظنّ والشكّ.<br>فقد كان أهل السنّة يتصوّرون الشيعة من الغلاة والرافضة، مع أنّ الشيعة تكفِّر الغلاة وتعدّهم من النجاسات. وعند العامّة من أهل السنّة حكم مسبق أنّ الشيعة يعبدون الأحجار، وذلك بسجودهم على أقراص خاصّة، والحقّ أنّ السجود على جنس الأرض هو فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله، كما وصف ذلك الصحابة. وعند بعض العامّة من الشيعة أنّ أهل السنّة يبغضون آل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله، ولا يُظهرون مناقبهم وأخلاقهم، وواقع الحال أنّ محبّة آل البيت لا ينكرها مسلم، بدليل تسمية أبنائهم، تبرّكاً بأسماء آل البيت، ويكاد لا يخلو بيت من اسم أحد أفراده باسم أحد آل البيت،، كعلي وفاطمة والحسن والحسين ورقية وزينب، وما من قصيدة تمدح رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلّاذكرت مناقب آل بيته الكرام.<br>إنّنا مطالبون بالتعارف والتعاون ؛ لتحقيق المصالح المشتركة لشعوب الأُمّة الإسلامية، ونشر القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة بين شعوب الأرض قاطبة.<br> | | '''العولمة''' العولمة ({L Globalistation , Mondialisation L})أو النظام العالمي الجديد ({L Nouvel Mondial ordre L})تقال دلالياً على محاولة تجميع أو توحيد عناصر شتّىٰ في كلّ موحّد، كما تقال على طريقة تجميع هذه العناصر.<br> |
| | و'''العولمة''' : تعبير عن نزوع الشركات والمنشآت المتعدّدة الجنسية إلى وضع استراتيجيات على الصعيد العالمي (الدولي) تفضي إلى قيام سوق عالمية موحّدة.<br> |
| | كما أنّ العولمة : تعبير ثقافي - سياسي عن التواصل الإعلامي والمعلوماتي، بحيث تتجانس عادات العالم، مع تباين تقاليده وموروثاته، وبحيث تتفاعل لغات وآداب وفنون المجتمع الإنساني المقبل، لكنّ هذا الحراك العولمي كما تمارسه الولايات المتّحدة الأمريكية يؤسّس حالياً وظرفياً على الأقلّ لمرحلة من الفوضىٰ العالمية.<br> |
| | والعولمة كمذهب فلسفي - سياسي : عقيدة تهدف إلى تحقيق الوحدة السياسية للعالم |
| | الحالي باعتباره متّحداً إنسانياً واحداً.<br> |
| | وهي كأداء سياسي شمولي تعني : تناول القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها بمنظار عالمي، مثل قضايا البيئة.<br> |
| | وتعدّ العولمة إحدىٰ التحدّيات التي تواجه العالم الإسلامي اليوم وبلا شكّ.<br> |
| | وقد عُقد المؤتمر الدولي السادس عشر للوحدة الإسلامية في طهران تحت عنوان «عالمية الإسلام والعولمة»، لمناقشة هذه الظاهرة وتأثيرها على العالم الإسلامي.<br> |
| | لقد وضح للعالم جميعاً الآثار السلبية التي تركتها هذه الفكرة المخرّبة، ولذلك وصفت العولمة بكثير من الأوصاف، منها : العولمة المتوحّشة، أو العولمة المجنونة، أو العولمة الفخّ، أو وصفت بأنّها إمّا أن تأكل أو تؤكل، وقد ذكرت الدراسات المتنوّعة هذه الآثار السلبية التي يمكن الإشارة إلى بعضها :<br> |
| | 1 - سيطرة القوى الكبرى على حركة الاقتصاد العالمي والمصادر الإنتاجية والتبادل المالي والتجارة، حتّى قيل : إنّ هناك 500 شركة تسيطر على 70% من حجم التجارة العالمية، وإنّ هناك 20% فقط يعيشون في اكتفاء ذاتي، في حين يقبع 80% في عالم التبرّعات.<br> |
| | 2 - سيطرة أميركا على وسائط نقل المعرفة.<br> |
| | 3 - كسر هيبة الدول الصغيرة وقدرتها على النمو.<br> |
| | 4 - التدخّل في التقنين الداخلي لباقي الشعوب كما هو الحال في مؤتمرات الأُسرة وغيرها.<br> |
| | 5 - الغزو الثقافي لكلّ المناطق، ومحاولة استئصال الثقافات الأُخرى.<br> |
| | 6 - التقليل من شأن المحافل الدولية واستغلالها لصالح هيمنة القوى الكبرى، كاستغلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما من المنظّمات لتنفيذ السياسات المصلحية.<br> |
| | 7 - تلويث البيئة نتيجة الجشع الذي ابتليت به القوى الكبرى.<br> |
| | 8 - تغيير الخارطة السياسية في بعض المناطق، من قبيل : منطقة الخليج، ومنطقة شمال أفريقيا، وروسيا، وتايوان.<br> |
| | أمّا موقف الأُمّة والخطوات العملية التي يجب أن تتّخذها اتّجاه العولمة فيجب أن نقوم بوضع استراتيجية عملية وواضحة وشاملة، ويتعاون الجميع على وضعها أوّلاً، وعلى تنفيذها ثانياً، كما يجب علينا أن نقوم بفضح النظريات التي مهدّت لمثل هذه النظرة التخريبية.<br> |
| | وبالنسبة للاستراتيجية يمكن طرح بعض الخطوات في هذا المجال :<br> |
| | 1 - تعرية الجانب الأيديولوجي للهيمنة الأميركية ومقولات هذا الجانب : (القرية الصغيرة، حرّية السوق، حرّية التدخّل وفتح الحدود، وأمثال ذلك).<br> |
| | 2 - حذف هيمنة السوق على الجانب السياسي.<br> |
| | 3 - تعميق قيم الإنسان الفطرية، مع عرض نظرية الفطرة الإسلامية.<br> |
| | 4 - توسيع لغة [[الحوار]] بين الأديان.<br> |
| | 5 - التأكيد على الهويات الإقليمية وهويات الشعوب، وتوعية الشعوب للاحتفاظ بهوياتها وثقافاتها.<br> |
| | 6 - الارتقاء بالقدرة العلمية والتنموية للشعوب.<br> |
| | 7 - العمل على إعطاء الحرّيات والحقوق الأصلية للشعوب.<br> |
| | 8 - تقوية المؤسّسات الدولية وتعميق استقلالها.<br> |
| | 9 - تعميق الثروة الثقافية المتنوّعة.<br> |
| | وفي الإطار الإسلامي يجب علينا بالإضافة لما سبق :<br> |
| | 1 - أن نعمّق [[الحوار]] بين المذاهب اتّجاهاً لتكوين الوحدة في الموقف الإسلامي.<br> |
| | 2 - يجب العمل على تقوية المؤسّسات الشمولية الإسلامية وتفعيلها في الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي.<br> |
| | 3 - يجب أن نطوّر دراساتنا الإقليمية والعالمية مع الانفتاح على التاريخ.<br> |
| | 4 - علينا أن نقوّي كلّ عوامل الصمود والتعاون والوحدة، كمسألة اللغة العربية وتعميق هذه اللغة.<br> |
| | 5 - علينا أن نجمع بين الأصالة والمعاصرة في الدراسات الدينية، ونروّج للاجتهاد الجماعي، وغير ذلك، ممّا يؤدّي للوقوف أمام هذا الهجوم العالمي الكبير، على حدّ تعبير سماحة الشيخ [[التسخيري]].<br> |
| | |
| | |
| | [[تصنيف: المفاهيم التقريبية]] |