الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الوسطية»
(الوسطية ایجاد شد) |
(لا فرق)
|
مراجعة ٠٦:٣٠، ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠
السبل الكفيلة لتحقيق وحدة الأُمّة الإسلامية. ويمكن بيانها فيما يلي:
أوّلاً: التعليم الموجّه.
لا شكّ أنّ المؤسّسات التعليمية من أهمّ الوسائل الموجّهة في المجتمع.. إذن يجب التخطيط لنشر الإسلام كمذهب عقائدي متميّز تتفرّع عنه أنظمته الاجتماعية والخلقية في جميع موادّ التعليم، وخاصّة في العلوم النظرية كالفلسفة والاجتماع والتربية وعلم النفس والحقوق والآداب وفي جميع مستويات التعليم، وتأسيس مراكز بحث خاصّة للتخطيط. ولا بدّ من إعادة صياغة المناهج في مدارس المسلمين وجامعاتهم، بحيث يراعى في وضعها تلك الأُسس التي تمثّل قاعدة الوحدة الإسلامية، فتشتمل المناهج على بيان العقيدة والغاية والقيادة والمنهج. ولا بدّ كذلك من صياغة العقائد والمبادئ الإسلامية صياغة قوية مركّزة مستمدّة من الكتاب والسنّة تتناسب في طريقتها وأُسلوبها مع البيئة الفكرية المعاصرة دون أيّ تغيير في المحتوى والمضمون؛ لتقف هذه الصياغة أمام المذاهب العقائدية الحديثة.
ويجب عدم الاكتفاء مطلقاً بكتب أُلّفت لغير هذا العصر. كما يجب عدم إثارة معارك جانبية وجزئية بين المسلمين المثقّفين على أُصول الإسلام وعقائده، والعناية بالكلّيات من
العقائد والأنظمة أكثر من الجزئيات، كما يجب عدم إثارة تعصّبات مذهبية، والتي منشأها الجهل وعدم المعرفة الصحيحة بكتاب اللّه تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه و آله.
ويجب تعميق هذه المعاني في نفوس أبناء الأُمّة، ويبيّن لهم أنّ هذه الأُسس هي التي يكون الإنسان بها مسلماً، ويكون بها المجتمع جزءاً من الأُمّة الإسلامية، وبهذا تتهيّأ للمسلمين أسباب الوحدة والاجتماع والقوّة أمام أعدائهم أجمعين.
وإلى جانب هذا البناء الإيماني للفرد المسلم يبيّن كذلك فساد المذاهب البشرية التي تسود كثيراً من المجتمعات البشرية اليوم، وأنّها مذاهب ضالّة باطلة لا حقّ لها في الوجود ولا في البقاء.
كما يبيّن كذلك انتهاء دور الديانات السماوية الأُخرى التي كانت قبل الإسلام وأنّها قد نسخت بالإسلام، كما أنّها قد تعرّضت للفساد والتحريف.. فهي لا تمثّل الدين الذي أنزله اللّه تعالى. وهذا البيان هو بمثابة الصيانة والحماية لتلك الأُسس الإسلامية.
ثانياً: الإعلام الملتزم.
لقد أصبح للإعلام في العصر الحاضر بكلّ وسائله المسموعة والمرئية والمقروءة دور خطير في الحياة الإنسانية، فهو يقتحم كلّ بيت، ويصل إلى كلّ إنسان.
فلذا يجب اتّخاذ جميع وسائل الإعلام المعروفة وسيلة تنفّذ هذ التخطيط والتبشير به والدعوة إليه، واعتبار وزارات ودوائر الإعلام مراكز عقائدية أساسية لا يدخل فيها إلّاكلّ من تحقّق فيه الإيمان الكامل العميق بالمبدأ الإسلامي والوعي العميق والثقافة المناسبة لذلك.
ومعلوم أنّ وسائل الإعلام اليوم في كثير من البلدان الإسلامية غير ملتزمة بالمنهج الإسلامي الذي يبثّ الخير وينشر الفضيلة ويحذّر من الشرّ والأخلاق الرذيلة، بل إنّ بعض تلك الوسائل تحارب الإسلام وتسيء إلى أهله بما تنشره من البرامج السيّئة والحلقات المنحرفة.
وهذا كلّه مضار لدين الأُمّة ومفرّقة لجمعها وهادم لأُسس الوحدة التي تقوم عليها.
فلا بدّ إذاً من إعادة البناء الإعلامي بناءً صحيحاً بحيث يكون قادراً على توجيه الأُمّة وتعميق العقيدة في نفوسها وتذكيراً بخاصّيتها في هذه الحياة والمنهج الذي اختاره اللّه عزّ وجلّ لها، كما تبيّن إلى جانب ذلك وحدة القيادة للأُمّة الإسلامية وأنّه لم يعد هناك مجال لظهور قيادات أُخرى تنازع القيادة المحمّدية أو تزاحمها.
فإذا استطاع الإعلام في البلدان الإسلامية أن يبثّ هذه القضايا الأساسية في نفوس الأُمّة عندئذٍ يكون قد أدّى دوره الصحيح في المجتمع وساهم في وحدة الأُمّة.
ثالثاً: الاقتصاد المستقلّ.
إنّ التشابك المعقّد في العلاقات الدولية اليوم واختلاف الأنظمة الاقتصادية في العالم - والذي انعكس أثره على على أكثر المجتمعات الإسلامية فتعدّدت فيها الأنظمة الاقتصادية تبعاً للاتّجاه الذي يغلب على كلّ بلد - له آثاره السلبية على وحدة الأُمّة الإسلامية.
ومحاولة عودة الأُمّة إلى الوحدة والتضامن يلزم منه التحرّر من تلك الأنظمة الدخيلة على الأُمّة الإسلامية بالعودة إلى النظام الاقتصادي الإسلامي الذي هو جزء من ذلك المنهج الشامل الكامل، والذي هو جزء من دين الأُمّة، لا يتمّ بل لا يوجد بدونه، والذي هو أحد الأُسس التي تلتقي عليها الأُمّة.
ولا بدّ من إيجاد اقتصاد إسلامي مستقلّ ليس مرتبطاً بأيّ نظام آخر؛ لئلّا يبقى بين أفراد الأُمّة فجوات تحول دون وحدتهم.
ويتمّ ذلك بإيجاد أسواق مشتركة وعملة موحّدة وهيئة اقتصادية مشتركة تشرف على ذلك الاقتصاد الإسلامي المستقلّ. وبهذا تستقلّ عن التبعية الاقتصادية الضارّة، وتقيم لها وحدة اقتصادية قوية على أُسس إسلامية.
والاقتصاد في الحقيقة هو حلقة ضمن المنهج الإسلامي الذي يعتبر أحد الأُسس للوحدة الإسلامية، والمقصود هنا هو التعاون العامّ وتوحيد الأسواق والعملات، ممّا يعطي للأُمّة شخصيتها المستقلّة ويمهّد السبيل للوحدة والاتّفاق.
رابعاً: إيجاد مراكز علمية.
لمّا كانت هذه الوسائل المتقدّم ذكرها لا بدّ لها من إعداد وتخطيط بحيث تظهر الصورة
الصحيحة، كان لا بدّ من مراكز علمية مختلفة تكون مهمّتها التخطيط الدقيق لتلك الجوانب إلى جوانب أُخرى تتعلّق بحياة الأُمّة.
فتلك المراكز متعدّدة الأغراض تمثّل الهيئة الاستشارية والمخطّطة لتوحيد الأُمّة وتكاملها ونموّها في جميع الجوانب، بحيث تتّحد الأُمّة في كلّ المظاهر إلى جانب وحدتها في القواعد.