الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التكافل الاجتماعي في الأسرة»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ٣٩: سطر ٣٩:
ومن أهم فوائد التعاون أنه يؤلّف بين الأفراد ويزيل الضغينة من قلوبهم، كما يساعد على إنجاز الأعمال الكبيرة التي يصعب على الإنسان تنفيذها بمفرده؛ ويدفع الفرد والمجتمع إلى بذل كلّ ما لديهم من جهدٍ وقوّة، ويُجدّد طاقته وينشطه، كما يخلّصه من الأنانية وحُبّ النّفس.
ومن أهم فوائد التعاون أنه يؤلّف بين الأفراد ويزيل الضغينة من قلوبهم، كما يساعد على إنجاز الأعمال الكبيرة التي يصعب على الإنسان تنفيذها بمفرده؛ ويدفع الفرد والمجتمع إلى بذل كلّ ما لديهم من جهدٍ وقوّة، ويُجدّد طاقته وينشطه، كما يخلّصه من الأنانية وحُبّ النّفس.
ولهذا شجّع الإسلام التّضامنَ والتَّعاونَ بين أفراد المجتمع؛ لأنَّ هذا أساسُ كلِّ نجاحٍ وتقدُّمٍ، وبه يقوم دين الأفراد ودُنياهم، فكلمتهم لن تتوحّد، ومصالحهم الدنيويّة لن تتمّ وتترتّب، وعدوُّهم لن يخشى بأسهم، إلّا بالتّضامن الذي أوجبه الإسلام، وجعله من أهمّ الواجبات التي يجب فعلها لتحقيق صلاح المجتمع؛ فالمسلمون مثل البنيان المرصوص والجسد والواحد إن هُم تعاونوا.
ولهذا شجّع الإسلام التّضامنَ والتَّعاونَ بين أفراد المجتمع؛ لأنَّ هذا أساسُ كلِّ نجاحٍ وتقدُّمٍ، وبه يقوم دين الأفراد ودُنياهم، فكلمتهم لن تتوحّد، ومصالحهم الدنيويّة لن تتمّ وتترتّب، وعدوُّهم لن يخشى بأسهم، إلّا بالتّضامن الذي أوجبه الإسلام، وجعله من أهمّ الواجبات التي يجب فعلها لتحقيق صلاح المجتمع؛ فالمسلمون مثل البنيان المرصوص والجسد والواحد إن هُم تعاونوا.
[[تصنيف: الأسرة]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٦:٠٤، ١ فبراير ٢٠٢٢

عنوان مقاله التكافل الاجتماعي في الأسرة
زبان مقاله عربي
اطلاعات نشر ایران
نویسنده احمد شفیعی نیا

روح الفريق والمبادرات الذاتية

يشكِّل الأفراد العنصر الأول في بناء كل أمة، وتوفر الصلات بين هؤلاء الأفراد الشرط الأول لقيام هذه الأمة برسالتها وتقديمها لعطائها الحضاري. فروح الفريق هي الدَّعامة الأساسية في حمل رسالة الأمة، والعمل الجماعي من أهمِّ ضمانات النجاح وتحقيق الأهداف؛ ذلك أنَّ العمل الجماعي يضيف كل فرد في الأمة إلى غيره إضافة كيفية لا كمية، وروح الفريق توحِّد الأفكار والممارسات العملية من أجل تحقيق رسالة الأمة. ومن هنا كانت الأمة التي تسير خطوات أفرادها بروح الفريق ويسود أعمالهم التعاون والتكامل، هي الأمة الجديرة بالريادة البشرية. ولقد ربَّى النبي (صلَّى الله عليه وآله) الرَّعيل الأول من المسلمين على روح الجماعة وذكرهم بالمسؤولية الجماعية عن أمر هذا الدين، فكان وصفه (صلَّى الله عليه وآله) للإسلام بالسفينة السائرة في البحر، يحاول المفسدون خرقها وإغراق أهلها، وكانت وصيته للمسلمين جميعاً بأنَّ طريق نجاتهم إنما هو الأخذ على أيدي المفسدين كما قال (صلَّى الله عليه وآله): > مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ، وَالْوَاقِعِ فِيهَا، الْمُدَّهِنِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ رَكِبُوا سَفِينَةً، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، وَأَوْعَرَهَا، وَشَرَّهَا، وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا الْمَاءَ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَآذَوْهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، فَاسْتَقَيْنَا مِنْهُ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَأَمْرَهُمْ، هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ، نَجَوْا جَمِيعًا<. وإذن فالمسؤولية عن هذا الدين هي مسؤولية أمة المسلمين في مواجهة. وكان للإمام زين العابدين (عليه السلام) دور عظيم في خلق التكافل الإجتماعي والأسري؛ حيث كان يقود ثورة فكرية وأخلاقية كبرى، هدفها إصلاح المجتمع وتثبيت العقائد الإسلامية والأخلاق بالقول والفعل، وتسوية الإختلال في ميزان القوى، بين كفتي نوازع الجسد، ومراقي الروح.
وكانت الخطة الإصلاحية له (عليه السلام) برغم الصُّعوبات أنْ ينشر الحياة في جسد الأمة الذي دبَّتْ فيه أمارات الموت، بسبب إبتعاد الناس والسلطة، عن قيم الإسلام، والاستسلام لسياسة التجهيل والتضليل الحاكمة لشلِّ حركة المجتمع الإسلامي، وتعطيل تفكيره، والإخلاد إلى الراحة وطلب العافية. فأرجع الأمَّة إلى حالة الوسطية والإعتدال، والتوازن بين متطلبات الروح، ومتطلبات الجسد، وهي: جانب إنساني تطبيقي. ويتمثل في اتجاهين: 1. كثرة البر والإحسان للمحتاجين، وخصوصا طبقة العبيد، فقد كان (عليه السلام) يشفق عليهم، ويصلهم بمعروفه وبرِّه، وحرصه على تحريرهم من الرق والعبودية، حتى عدَّ ذلك ظاهرة بارزة في حياته (عليه السلام). 2. إحيائه (عليه السلام) للتكافل الاجتماعي في المجتمع الإسلامي، والتي حثَّتْ عليها الشريعة المقدسة، لامجرد مساعدة الفقراء والمحتاجين أو إعتاق العبيد، كفالتهم بمعنى الرعاية والتَّعهُّد، وقضاء ما يحتاج إليه الإنسان مراعياً شأنه. خلافا للسياسات الحاكمة القائمة على الظلم، والساعية إلى الاستئثار بالحكم، التي أدَّتْ إلى مشاكل تكوَّنتْ في المجتمع الإسلامي طبقة من المحتاجين،
لا يجدون لسدِّ رمقهم سبيلا. يقول الشيخ الصدوق >ولقد كان يعول مائة أهل بيت من فقراء المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضراء والزمني والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده ومن كان له منهم عيال حمله إلى عياله من طعامه وكان لا يأكل طعاما حتى يبدأ فيتصدق بمثله<.

إهتمام الإسلام بالتكافل الإجتماعي

الشورى

قال سبحانه وتعالى: {وَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. فالشورى أقر بها الإسلام وأقر الله نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) بها، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله) يستشير أصحابه في كثير من الأمور مهما كانت اهميتها كالحروب التي وقعت بينهم والأعداء و كانت لها من المكانة ما يساوي الهدم والبقاء للاسلام والمسلمين. فمن أهمِّ إهتمامات الشريعة هو منع المسلمين عن الإستبداد بالرأي فيما يرتبط بالمجتمع الإسلامي حاضرها ومستقبلها، والشورى بينهم في المهمات الإسلامية. إقتداء بالأسي؛ لأنَّ ههنا اُسًی قيمةً من الأنبياء وأتباعهم، إذا أتبعناهم أوصلونا إلی شاطيء النجاة والسيادة. وکان بإمکان المسلمين الآباء والأمهات والمعلمين، أن يدرّبوا أبناء الإسلام علی القومية الإسلامية کما يدرّبوهم بتلقينهم التوحيد والنبوة وبقية الإعتقادات.
ومن آثار هذا الإقتداء أن يشکّلوا جميعا أمة إسلامية واحدة يعتزون بها فوق إعتزازهم بأسرتهم، وقومهم، وشعبهم، ووطنهم، ومذهبهم من العلاقات الفارقة بينهم. والإحساس بأنَّهم أمة إسلامية واحدة لما أنَّه مبتنٍ علی إعتقاداتهم، فإحساسٌ طيبٌ عالٍ يبقی في نفوسهم حيّاً‌ طريّاً، جيلاً بعد جيلٍ.

الرِّفق

ركَّز الإسلام على جانب يعد من أهم جوانب التنظيم والإدارة للمجتمع وهي الأخلاق العامة، قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. فهو سبحانه بيَّن أنَّ استخدام العنف والفظاظة والكلمة القاسية تنفي القلوب وتباعد بينها، وتجعل العلاقات متوترة؛ وأوضح أن الرفق واللين والكلمة الطيبة أسرع وصولاً إلى القلب وقبولاً لها، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. ومن أخلاق النبي الأعظم وأتباعه، والذي أكد عليه القرآن هو رفق المسلمين بعضهم البعض، وإظهار عدائهم للكفار: {محُّمَّدٌ رَّسُولُ الله وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلىَ الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنهَمْ}.
وهو من التعاليم الأساسية التي يريد الإسلام تحقيقها في المجتمع الإسلامي، تحقيقا للمدينة الفاضلة النبوية. وممّا يجدر بالذكر هو عدم منافاة هذه الفكرة مع المبدء الإسلامي القائل بحسن التعامل مع الناس جميعا؛ لأنَّ هذه الغلظة هي الشِّدَّةُ قَبلَ الحَربِ أو حِينَها أو بَعدَها أو فِي جَمِيعِ الأحوال.

التَّعاون

التعاون مبدأ دينيٌّ وإنساني، ولا يمكن أن تستقيم الحياة بدونه؛ ولذلك أمر الله سبحانه المؤمنين بالتعاون، فقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. من خلال التعاون يشترك الجميع في صنع القرارات، وتبنّيها، وتحويلها إلى تطبيق عملي على أرض الواقع؛ فالمؤمن قويٌّ بأخيه، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. فعندما يجتمع العمل بروح الفريق، ومحاولة تحرِّي الصواب مع تقوى الله تعالى والإخلاص، يتحقق للعاملين التوفيق في أعمالهم، والنجاح في تحقيق أهدافهم. كما قال تعالى: {وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. فالفرد الذي يعمل بمفرده لايستطيع أن ينقل الخير إلى غيره، بل لابد أن يكون عمله خالصا لله وسوف يرى نشاطاً مشتركاً ويتحرك بتوازن دقيق بين الروح الفردية والروح الجماعية فيكون عمله في إطار الجماعية ويستفيد منها المجتمع.
وبما يعود أصل مفردة التَّعاون إلى الفعل أعان، ومعناه تعاون الأفراد بعضهم بعضاً، فهذا يعني المشاركة مع الآخرين ضمن مجموعة لتحقيق المصلحة للجميع، ويكون التعاون في السراء والضراء، كما يكون على البرّ والتقوى. يظهر أثر التَّعاون في المجتمع بعدّة جوانب، وهي تحقيق التّكافل بين الأفراد ممّا يؤدي إلى تماسك المجتمع وزياد قوَّته، ونشر المحبّة بين أفراده، وتحقيق الأهداف والغايات السامية، ويؤدي ذلك إلى نجاح المجتمع وتطوّره. وقد يكون التّعاون إجتماعياً للخروج من مشكلة ما، أو اقتصادياً لتبادل السلع، أو عسكرياً في الحروب والتصدي للعدوان، أو ثقافياً لتبادل المعرفة.
فالتَّعاون ضرورة من ضرورات الحياة، والإنسان مدنيّ بطبعه فهو لايستطيع العيش وحده ويلبي متطلباته من دون التّعاون؛ حيث يعود عليه بالكثير من المنافع؛ فالله تعالى خلق الإنسان ووضع فيه حاجته إلى الغذاء والبقاء، ولا يمكن للفرد أن يُلبي هذه الحاجات، ويواجه الأخطار المحيطة به إلّا من خلال تعاونه مع غيره من الأفراد.
ومن أهم فوائد التعاون أنه يؤلّف بين الأفراد ويزيل الضغينة من قلوبهم، كما يساعد على إنجاز الأعمال الكبيرة التي يصعب على الإنسان تنفيذها بمفرده؛ ويدفع الفرد والمجتمع إلى بذل كلّ ما لديهم من جهدٍ وقوّة، ويُجدّد طاقته وينشطه، كما يخلّصه من الأنانية وحُبّ النّفس. ولهذا شجّع الإسلام التّضامنَ والتَّعاونَ بين أفراد المجتمع؛ لأنَّ هذا أساسُ كلِّ نجاحٍ وتقدُّمٍ، وبه يقوم دين الأفراد ودُنياهم، فكلمتهم لن تتوحّد، ومصالحهم الدنيويّة لن تتمّ وتترتّب، وعدوُّهم لن يخشى بأسهم، إلّا بالتّضامن الذي أوجبه الإسلام، وجعله من أهمّ الواجبات التي يجب فعلها لتحقيق صلاح المجتمع؛ فالمسلمون مثل البنيان المرصوص والجسد والواحد إن هُم تعاونوا.