الفرق بين المراجعتين لصفحة: «آداب القضاء»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''آداب القضاء:''' وهو ما يجب أن يكون القاضي عليه من الأحوال. وينبغي أن لا يتعرض للقضاء أحدٌ حتى...')
(لا فرق)

مراجعة ١٨:٠٣، ١٧ يناير ٢٠٢٢

آداب القضاء: وهو ما يجب أن يكون القاضي عليه من الأحوال. وينبغي أن لا يتعرض للقضاء أحدٌ حتى يثق من نفسه بالقيام به. وليس يثق أحدٌ بذلك من نفسه حتى يكون عاقلا كاملا عالما بـ الکتاب، وعارفا بـ السنة النبوية. ففي هذا المجال نذكر بعضاً من آداب القضاء تطبیقاً علی الفقه الإمامية و الحنفية و الشافعية.

آداب القضاء

واعلم أنه ينبغي للحاكم أن يفرد الوقت الذي يجلس فيه للحكم له خاصة، ولا يشوبه بأمر آخر سواه، وأن لا يجلس وهو غضبان ولا جائع ولا عطشان ولا مشغول القلب بشئ من الأشياء، ويجلس مستدبر القبلة وعليه السكينة والوقار، وقال النؤوي الشافعي في الأدب الرابع من آداب القضاء: والمستحب أن يكون مستقبل القبلة. [١]
وينبغي أن يسوي بين الخصمين في المحل واللحظ والإشارة، ولا يبدأهما بخطاب إلا أن يطيلا الصمت، فحينئذ يقول لهما: إن كنتما حضرتما لأمر فاذكراه، فإن أمسكا أقامهما، وإن ادعى أحدهما على الآخر لم يسمع دعواه إلا أن تكون مستندة إلى علم مثل أن يقول: أستحق عليه، أو ما أفاد هذا المعنى، ولو قال: أدعي عليه كذا أو أتهمه بكذا، لم يصح للجهالة، وإذا صحت الدعوى أقبل الحاكم على الخصم فقال: ما تقول فيما ادعاه، فإن أقر به أو كان ممن يقبل إقراره للحرية والبلوغ وكمال العقل والإيثار للإقرار، ألزمه الخروج إلى خصمه منه، فإن أبى أمر بملازمته، فإن آثر صاحب الحق حبسه حبسه، وإن آثر إثبات اسمه في ديوان الحكم أثبته، إذا كان عارفا بعين المقر واسمه ونسبه، أو قامت البينة العادلة عنده بذلك، وإن أنكر ما ادعي عليه قال للمدعي: قد أنكر دعواك، فإن قال: لي بينة، أمر بإحضارها، فإن ادعى أنها غائبة ضرب له أجلا لإحضارها وفرق بينه وبين خصمه، وله أن يطلب كفيلا بإحضاره إذا أحضر بينته، ويبرأ الكفيل من الضمان إذا انقضت مدته[٢] ولم يحضرها، فإن أحضرها وكانت مرضية حكم بها، وإلا ردها.
وإذا أحضر شاهدا واحدا أو امرأتين قال له الحاكم: تحلف مع ذلك على دعواك، فإن حلف ألزم خصمه ما ادعاه، وإن أبى أقامهما، وإن لم يكن له بينة قال له: ما تريد، فإن أمسك أقامهما، وإن قال: أريد يمينه، قال أتحلف فإن قال: نعم خوفه بالله تعالى من عاقبة اليمين الفاجرة في الدنيا والآخرة.
فإن أقر بما ادعاه عليه ألزمه به، وإن أصر على اليمين عرض عليهما الصلح، فإن أجابا أمر ببعض أمنائه أن يتوسط ذلك بينهما، ولم يجز أن يلي هو ذلك بنفسه، لأنه منصوب لبت الحكم وإلزام الحق، ويستعمل الوسيط في الإصلاح ما يحرم على الحاكم فعله، وإن لم يجيبا إليه أعلم المدعي أن استحلاف خصمه يسقط حق دعواه، ويمنع من سماع بينته بها عليه. فإن نزل عن استحلافه أقامهما، فإن لم ينزل واستحلفه سقط حق دعواه، وإن نكل المدعي عليه عن اليمين ألزمه الخروج إلى خصمه بما ادعاه، وإن قال: يحلف ويأخذ ما ادعاه، قال له الحاكم أتحلف، فإن قال: لا، أقامهما، وإن قال: نعم، خوفه بالله تعالى، فإن رجع عن اليمين أقامهما، وإن حلف استحق ما ادعاه، والأكثر من هذا لا خلاف فيه، وما فيه منه الخلاف قد قدمنا ذكر المخالفين وأقوالهم فيما اختلفوا فيه، و الحجة عليهم، فلا نطول بذكره. [٣] وقال النؤوي في الأدب الرابع من آداب القضاء: يستحب أن يكون مجلس القضاء فسيحا بارزا نزها لا يؤذي فيه حر ولا برد وريح وغبار ودخان ، فيجلس في الصيف حيث يليق به ، وكذا في الشتاء وزمن الرياح ، واستحب أبو عبيد بن حربويه وغيره من الأصحاب أن يكون موضع جلوسه مرتفعا كدكة ونحوها ليسهل عليه النظر إلى الناس ، وعليهم المطالبة ، وحسن أن يوطأ له الفراش ، وموضع الوسادة ، ليعرفه الداخل ، ويكون أهيب عند الخصوم ، وأرفق بالقاضي لئلا يمل ، والمستحب أن يكون مستقبل القبلة، ولا يتكئ ، ويستحب أن لا يتخذ المسجد مجلسا للقضاء ، فإن اتخذ ، كره على الأصح ، لأنه ينزه عن رفع الأصوات ، وحضور الحيض ، والكفار والمجانين وغيرهم ممن يحضرون مجلس القضاء ، والثاني : لا يكره كما لا يكره الجلوس فيه لتعليم القرآن وسائر العلوم والافتاء ، وإذا أثبتنا الكراهة ، فهي في إقامة الحد أشد ، وكراهة اتخاذه مجلسا للقضاة كراهة تنزيه ، فإن ارتكبها لم يمكن الخصوم من الاجتماع فيه والمشاتمة ونحوها ، بل يقعدون خارجه ، وينصب من يدخل خصمين خصمين ، ولو اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره في المسجد لصلاة أو غيرها ، فلا بأس بفصلها ، وإذا جلس للقضاء ولا زحمة ، كره أن يتخذ حاجبا على الأصح ، ولا كراهة فيه في أوقات حلوته على الصحيح .

آداب الحلف واليمين

الأيمان تغلظ عندنا بالمكان والزمان، وهو مشروع، بدلالة إجماع الإمامية، وروايتهم: أنه لا يحلف عند قبر النبي (عليه السلام) أحد على أقل مما يجب فيه القطع، ولقوله تعالى: {من بعد الصلاة فيقسمان بالله} [٤]، وقال أهل التفسير: يعني بعد صلاة العصر. وروي عن النبي (عليه السلام): ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل بايع إمامه، فإن أعطاه وفي له، وإن لم يعطه خانه، ورجل حلف بعد العصر يمينا فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم، وهذا مذهب الشافعي أيضا. وقال أبو حنيفة: لا تغلظ بالمكان بحال، وهو بدعة. [٥]
لا تغلظ بأقل مما يجب فيه القطع، ولا يراعى النصاب الذي يجب فيه الزكاة، وبه قال مالك. وقال الشافعي: لا تغلظ بأقل مما تجب فيه الزكاة إذا كانت يمينا في مال أو المقصود منه المال، وإن كانت يمينا غير ذلك غلظ بكل حال، وقال ابن جرير: يغلظ بالقليل والكثير. [٦]
الحالف إذا حلف على فعل نفسه، حلف على القطع والبتات نفيا كان أو إثباتا. وإن كان على فعل غيره، فإن كانت على الإثبات كانت على القطع، وإن كانت على النفي، كانت على نفي العلم، لأنه لا يمكن إحاطة العلم بنفي فعل الغير فقد يمكن أن يفعل وهو لا يعلم، وبه قال الشافعي.
وقال الشعبي والنخعي: كلها على العلم. وقال ابن أبي ليلى: كلها على البت. وروي أن النبي (عليه السلام) حلف رجلا، فقال: «قل والله ماله عليك حق» فلما كان على نفسه استحلفه على البت. [٧]

المصادر

  1. شرف الدين النؤوي، روضة الطالبين، ج8ص123
  2. وفي النسخة: بإحضاره إذا أحضر بينته برئ الكفيل من الضمان ويبرأ إذا انقضت مدته والمثبت من الغنية ص 445.
  3. الغنية: 444 - 446.
  4. المائدة: 105.
  5. الخلاف: 6 / 285 مسألة 31.
  6. الخلاف: 6 / 286 مسألة 32.
  7. الخلاف: 6 / 287 مسألة 34.