الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أحمد عيسى عاشور»
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ٤: | سطر ٤: | ||
=حياته= | =حياته= | ||
الشيخ أحمد عيسى عاشور (1899-1990) داعية إسلامي كانت الصحافة مجال اهتمامه المتأخر، ومع هذا فإنه كان رئيس تحرير المجلة الإسلامية الوحيدة التي استمرت طوال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وعهد الرئيس السادات إلا شهرا | الشيخ أحمد عيسى عاشور (1899-1990) داعية إسلامي كانت الصحافة مجال اهتمامه المتأخر، ومع هذا فإنه كان رئيس تحرير المجلة الإسلامية الوحيدة التي استمرت طوال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وعهد الرئيس السادات إلا شهرا | ||
==نشأته وتكوينه== | |||
ولد الشيخ أحمد عيسى عاشور في قرية الشنباب من أعمال مركز ومديرية الجيزة (محافظة الجيزة الآن) يوم السابع من مايو/أيار سنة 1899، في أسرة ريفية متدينة وكان والده الحاج عيسى عاشور أحد كبار تجار مديرية الجيزة ومزارعيها، وكان رجلا ورعا تقيا ومعروفا بين أهل بلدته بالصدق والأمانة. | |||
تلقى الشيخ أحمد عيسى عاشور تعليما دينيا بدأ في الكتّاب، وبعد أن أتم مرحلة التعلم في الكتاب عام 1914 اتجه إلى العمل بالنشاط الذي كان يعمل به والده، فعمل في مجالات الزراعة والتجارة لكنه في عام 1917 عاد ليكون طالبا للعلم بالأزهر الشريف في الـ18 من عمره واجتهد لنفسه في البحث عن أساتذته ودروسه، وأغناه وجود الشيخ أمين محمد خطاب السبكي (1884-1968) الذي كان يعرفه معرفة جيدة ويدرّسه علوم الحديث، وفي عام 1927 أسندت إليه وهو لا يزال طالبا في دراسته بالأزهر وظيفة المأوذنية في بلدته الشنباب، وظل يمارس هذه الوظيفة 23 عاما. | |||
=الدراسة= | |||
واصل الشيخ أحمد عيسى عاشور دراسته في الأزهر حتى حصل وهو في الـ32 من عمره على شهادة العالمية القديمة 1931، أي في العام السابق مباشرة على حصول العلماء الوزراء الثلاثة على هذه الشهادة (المشايخ عبد العزيز عيسى وأحمد حسن الباقوري وعبد الحليم محمود) وهم كما نعرف يصغرونه بنحو عقد من الزمان، واندمج الشيخ أحمد عيسى عاشور في الحياة العامة خطيبًا وواعظًا. | |||
=نشاطاته= | |||
==عمله بالإمامة والخطابة== | |||
عمل الشيخ أحمد عيسى عاشور في وزارة الأوقاف وتولى الإمامة والخطابة في عدد من المساجد كان آخرها مسجد محمد علي باشا بقلعة صلاح الدين بالقاهرة. | |||
==مكانته في الجمعية الشرعية== | |||
بدأ الشيخ أحمد عيسى عاشور عام 1930 تأثره المباشر بالإمام الشيخ محمود خطاب السبكي (1858-1933) مؤسس الجمعية الشرعية وبفكره الإسلامي السلفي، ثم كانت علاقته وثيقة بالإمام الثاني للجمعية الأستاذ أمين محمود خطاب (1884-1968) وبخاصة بعد أن أصدر مجلته الاعتصام في عام 1938، وكانت ثقة الشيخ أمين خطاب كبيرة جدا به حتى عندما وشى به بعضهم أنه ينشر في مجلته الاعتصام، وهي مجلة الجمعية الشرعية، ملخصا أسبوعيا لمحاضرات الإمام حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين، فإن الوشاية لم تجد صدى في وجدان الشيخ أمين خطاب السبكي. | |||
اختير الشيخ أحمد عيسى عاشور بالإجماع وكيلا لمجلس إدارة الجمعية الشرعية فقام بمهام عمله على الوجه الأكمل وكلف رسميا بالقيام على شؤون الفتوى فيها، وفي عام 1945 اختاره مجلس إدارة الجمعية الشرعية بالإجماع ليكون رئيسا لبعثة الحج التي كانت الجمعية تبعثها كل عام. | |||
=بداياته الصحفية= | |||
مارس الشيخ أحمد عيسى عاشور نشاطه أيضا في الصحف والمجلات الإسلامية، وكانت بدايات ممارساته الصحفية في مجلة الفضيلة الإسلامية حين سعى رئيس تحريرها علي عبد الرحمن الحسيني إليه، ثم اجتذبت قلمه المجلة الشرعية ثم تفرغ لمجلته الاعتصام التي أصدرها بنفسه وكان لكتاباته دور إيجابي مبكر في زعزعة الفكرة الشيوعية والإلحادية في وجدان الشباب ومقاومة التغريب الفكري والانحلال الخلقي. | |||
==إنشاؤه مجلة الاعتصام== | |||
أنشأ الشيخ أحمد عيسى عاشور مجلة الاعتصام لتكون اللسان المعبر عن الجمعية الشرعية، وقد ظلت المجلة تصدر شهرية منذ 15 يوليو/تموز 1938 حتى أوقفت في سبتمبر/أيلول 1981 ثم عادت للظهور 1985. | |||
وكانت المجلة منذ صدورها تركز على المعاني والأهداف والمبادئ التي كانت الجمعية الشرعية تعنى بها، بما فيها معاني التعاون، والدعوة الإسلامية، والالتزام الخلقي، والاهتمام بالتعبد، ومحاربة البدع والخرافات والمفاسد الاجتماعية والسياسية، والدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في ميادين الحياة. | |||
وقد ذكر الشيخ أحمد عيسى عاشور نفسه أنه وجد في العمل الصحفي مجالا للدعوة إلى الخير "أؤدي من خلالها واجبي بحرية تامة واستقلال"، فقد كان خلال عمله بمجلات (الفضيلة) و(الشرعية) يعاني اختصار بعض مقالاته وأفكاره، وكان هذا الأمر يقلقه ولذلك فإنه لما وجد الفرصة المناسبة أصدر الاعتصام لتكون لسان حاله كداعية مصلح حر، وفتح بابها لكل رأي ينشد الإصلاح على المنهج السلفي الصالح فأقبل على الكتابة فيها في الفترة من ( 1940-1952) نخبة من أولئك المفكرين المصريين المشهود لهم بالفضل وبالنزاهة في الدعوة والحق. | |||
وبجهده في مجلته التي أصدرها عام 1938 أصبح الشيخ أحمد عيسى عاشور واحدا من الذين مهدوا لحركة البعث الإسلامي بثورة إصلاحية سلفية جامعا بين 3 خطوط: الإمام محمود خطاب السبكي والإمام عبد الحميد بن باديس والإمام حسن البنا، وقد عني مثلهم بالتربية الروحية والاجتماعية لشباب الأمة و تحرير الفكر الإسلامي من شوائب التقليد والبدع والخرافات. | |||
=روافد في تكوينه الفكري= | |||
جمع الشيخ أحمد عيسى عاشور بين البنوة الروحية للشيخ محمود خطاب السبكي مؤسس الجمعية الشرعية وصحبة الشيخ حسن البنا (1906-1949) المرشد العام للإخوان المسلمين وتدوينه لكل أحاديثه وآرائه وفكره الإسلامي العميق طوال أربعينيات القرن الـ20، كذلك التقى عبد الحميد بن باديس مؤسس جمعية العلماء الجزائريين المسلمين في عام 1939، أي قبل وفاته بعام واحد. | |||
علاقته بالإخوان المسلمين وتحقيقه لبعض أعمال الإمام الشهيد | |||
ومع أن الشيخ أحمد عيسى عاشور لم يكن إخوانيا بالمعنى التنظيمي والاصطلاحي والسياسي، فإنه في رأينا عمل أكثر على إقامة ومدّ كل الجسور بين الجمعية الشرعية التي كان وكيلا لها والإخوان. وهو الذي سجل أحاديث الثلاثاء للإمام الشهيد حسن البنا بقلمه (منذ 1938) حين لم تكن أجهزة التسجيل الصوتي قد عرفت بعد، ثم تولى بنفسه نشرها على الناس في مجلة الاعتصام، وظل على ذلك طوال حياة الإمام الشهيد وحتى قبيل استشهاده، فلما اقترح أحد المشرفين على تحرير مجلة الإخوان المسلمين آنذاك على الامام أن ينشر حديث الثلاثاء في مجلة الإخوان أسوة بالاعتصام، رفض الإمام الشهيد الاقتراح وقال " لقد جاء الاقتراح متأخرا". | |||
وقد توطدت الصلة بين الرجلين حتى إن الإمام حسن البنا كان يقدم أحمد عيسى عاشور ليصلي بالناس إماما في حضوره في دار الإخوان المسلمين "فكنت أمتنع حياء منه وإكبارا له.. فكان يقول لي: صلّ بالأمر فلا يسعني إلا امتثال الأمر نزولا على إرادته". | |||
=أداؤه الحج مع الإمام الشهيد عام 1945= | |||
تزامل الشيخ أحمد عيسى عاشور مع الإمام الشهيد حسن البنا خلال أداء مناسك الحج، واستمع إلى بعض محاضرات الإمام الشهيد التي كان يلقيها في فندق مصر بمكة المكرمة مع رؤساء الوفود الإسلامية ولمحاضراته في (منى) و(المدينة المنورة) بدار الحديث. | |||
وكانت وفود المسلمين تتقاطر على الإمام الشهيد من إندونيسيا وسيلان والهند وجاوة ومدغشقر ونيجيريا والكاميرون وإيران وأفغانستان، وهو يتحدث مع كل وفد منهم عن الأمور الإقليمية الخاصة التي هي مصدر اهتمامهم فضلا عن قضاياهم ومشكلاتهم فيبهرهم كأنه قادم من بلادهم وليسوا هم القادمين عليه، وقد كان الشيخ أحمد عيسى عاشور حريصا على تسجيل معظم هذه المحاضرات والندوات التي كان يلقيها ويعقدها الإمام الشهيد خلال رحلته إلى الديار المقدسة ثم تولى بنفسه نشرها على صفحات مجلته الاعتصام الإسلامية. | |||
=همزة الوصل بين الجمعية الشرعية والإخوان المسلمين= | |||
يمكن عدّ الشيخ أحمد عيسى عاشور همزة وصل للجسور بين الجماعتين العاملتين في حقل الدعوة والإصلاح من خلال مدرسته التي التفت حول مجلته الاعتصام الإسلامية، مؤسسا ما يمكن وصفه بأنه مدرسة عاشور السلفية التي ظلت قائمة إلى جانب الجمعية الشرعية تعملان معا. | |||
=تأسيسه مطبعة لمجلة الاعتصام= | |||
وقد أسس الشيخ أحمد عيسى عاشور مطبعة صغيرة تولت طبع المجلة وبعض مؤلفاته، وسرعان ما نمت المطبعة التي أسسها ونجحت في الإسهام في طباعة الكتب الإسلامية، وبخاصة الأعمال الفكرية المبسطة لصاحبها، وقد كان لنشأة أنجاله العديدين في رحاب هذا العمل التجاري الثقافي أثر كبير في اتجاههم في ما بعد إلى تأسيس مطابع خاصة ودور نشر خاصة نجحت نجاحا كبيرا. | |||
=مؤلفاته = | |||
وفي الستينيات في ظل التضييق على العمل الإسلامي اهتم الشيخ أحمد عيسى عاشور بتقديم بعض كتب التراث التي تعنى بجمع الطرائف والنوادر، في مجموعات حملت عنون «متفرقات»، كما عني بتقديم كتب الثقافة الدينية المبسطة. | |||
نمط المعارضة التي مارستها المجلة في عهد عبد الناصر | |||
ومع أن مجلة الاعتصام التزمت تماما تجنب الخوض في السياسة طوال عهد الرئيس عبد الناصر، فإنها قامت أكثر من مرة بأنماط منضبطة من حملات المعارضة المحسوبة لبعض سلوك القيادات الأزهرية والتربوية. | |||
وقد حاول الشيخ أحمد عيسى عاشور تجنيب المجلة الخوض في السياسة منذ عهد السادات لكن الإغراء كان أقوى بكثير وأعنف من أي التزام فكري أو شخصي، وكان أبناؤه يرحبون عن إيمان بإغراء الدعوة والانتماء والصحوة والسلطة والسطوة والتوزيع والنجاح، وبذلك أصبحت "الاعتصام" واحدة من المجلات الإسلامية المعارضة بشدة في نهاية عهد السادات، وذلك جعلها إحدى المجلات التي لحقتها إجراءات الإيقاف في سبتمبر/أيلول 1981. وبعد عودتها إلى الصدور واصلت مجلة الاعتصام الخط نفسه، وإن كانت الصحف المعارضة الأخرى اليومية والأسبوعية قد تفوقت عليها بحكم الزمن والتطور الطباعي والتوزيعي. | |||
==آثاره في الفقه الإسلامي== | |||
«حكم تارك الصيام وكيف تصوم»، دار الاعتصام، القاهرة، دار الإصلاح، الدمام، 1978. | |||
«حكم تارك الصلاة وكيف تصلي»، دار الاعتصام، القاهرة، 1976. | |||
«رسالة الحج والعمرة»، دار الاعتصام، القاهرة. | |||
«الفقه الميسر في العبادات والمعاملات»، مكتبة الاعتصام، القاهرة، 1979. | |||
«بر الوالدين وحقوق الأبناء والأرحام»، دار الاعتصام، القاهرة، 1977. | |||
«الدعاء الميسر»، مكتبة القرآن، القاهرة. | |||
==أدبيات== | |||
«متفرقات»، مطبعة الاعتصام، طبعات متعددة. | |||
«غرائب الأخبار ونوادر الحكم واللطائف والأسفار»، مكتبة القرآن، القاهرة، 1987. | |||
==جمع وتحقيق بعض أعمال حسن البنا== | |||
«حديث الثلاثاء»، ضمّ الأحاديث التي كان يلقيها الشهيد حسن البنا في أمسيات الثلاثاء الأسبوعية، مكتبة القرآن، 1985. | |||
«نظرات في كتاب الله»، نص محاضرات أحاديث الثلاثاء لحسن البنا، دار الاعتصام، القاهرة، 1978. | |||
«نظرات في إصلاح النفس والمجتمع» لحسن البنا، دار بو سلامة، تونس. | |||
«نظرات في السيرة» لحسن البنا، دار بو سلامة، تونس. | |||
=المدرسة الإعلامية التي أسسها= | |||
ومن الواجب أن نشير إلى المؤسسات التي خرجت من عباءة الشيخ أحمد عيسى عاشور على يد أبنائه الستة، فقد تولى ابنه الدكتور محمد عاشور رئاسة تحرير مجلة الاعتصام الإسلامية وكان الأستاذ حسن عاشور هو مدير تحريرها، أما الأستاذ حسين عاشور فكان مؤسس مجلة المختار الإسلامي الإسلامية الشهرية ودار المختار الإسلامي للطباعة والنشر وقد عرف أيضا كاتبا. وأسس الأستاذ طه عاشور دار الفضيلة للطباعة والنشر، وأسس المهندس مصطفى عاشور دار ابن سينا للطباعة والنشر، وأسس الأستاذ عبد اللطيف عاشور مكتبة القرآن الكريم بالقاهرة، وبالطبع فقد كان أحمد عيسى عاشور هو وأولاده عرضة للاضطهاد الذي بلغ سجن بعض أولاده وملاحقتهم ومحاصرتهم. | |||
=شهادة الشيخ محمود عبد الوهاب فايد= | |||
"لقد عرفت فيه من خصال الخير ما لا يعرفه أحد من الناس.. ويشهد له كل من خالطه بأنه كان تقيا صالحا ورعا لين الجانب كريم الخلق طيب النفس طاهر القلب نقي السريرة قوي الإيمان جوادا سخيا.. كانت الدنيا في يده وليست في قلبه… كان حسن المعاملة حتى مع خصومه لا يضمر لأحد سوءا ولا يكنّ لهم شرا يقابل أذاهم بعفوه ويرد إساءتهم بإحسان". | |||
=وفاته= | |||
توفي الشيخ أحمد عيسى عاشور في 15 يونيو/حزيران 1990 بعد مرض طويل طوال عقده الأخير. <ref>[https://www.aljazeera.net/blogs/2021/6/12/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B3%D8%B3 مأخوذ من قناة الجزيرة]</ref> | |||
[[تصنيف: الأعلام]] | [[تصنيف: الأعلام]] |
مراجعة ٠٨:١٦، ١٦ يناير ٢٠٢٢
أحمد عيسى عاشور الشيخ أحمد عيسى عاشور (1899-1990) داعية إسلامي كانت الصحافة مجال اهتمامه المتأخر، ومع هذا فإنه كان رئيس تحرير المجلة الإسلامية الوحيدة التي استمرت طوال عهد جمال عبد الناصر، وعهد السادات إلا شهرا.
حياته
الشيخ أحمد عيسى عاشور (1899-1990) داعية إسلامي كانت الصحافة مجال اهتمامه المتأخر، ومع هذا فإنه كان رئيس تحرير المجلة الإسلامية الوحيدة التي استمرت طوال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وعهد الرئيس السادات إلا شهرا
نشأته وتكوينه
ولد الشيخ أحمد عيسى عاشور في قرية الشنباب من أعمال مركز ومديرية الجيزة (محافظة الجيزة الآن) يوم السابع من مايو/أيار سنة 1899، في أسرة ريفية متدينة وكان والده الحاج عيسى عاشور أحد كبار تجار مديرية الجيزة ومزارعيها، وكان رجلا ورعا تقيا ومعروفا بين أهل بلدته بالصدق والأمانة.
تلقى الشيخ أحمد عيسى عاشور تعليما دينيا بدأ في الكتّاب، وبعد أن أتم مرحلة التعلم في الكتاب عام 1914 اتجه إلى العمل بالنشاط الذي كان يعمل به والده، فعمل في مجالات الزراعة والتجارة لكنه في عام 1917 عاد ليكون طالبا للعلم بالأزهر الشريف في الـ18 من عمره واجتهد لنفسه في البحث عن أساتذته ودروسه، وأغناه وجود الشيخ أمين محمد خطاب السبكي (1884-1968) الذي كان يعرفه معرفة جيدة ويدرّسه علوم الحديث، وفي عام 1927 أسندت إليه وهو لا يزال طالبا في دراسته بالأزهر وظيفة المأوذنية في بلدته الشنباب، وظل يمارس هذه الوظيفة 23 عاما.
الدراسة
واصل الشيخ أحمد عيسى عاشور دراسته في الأزهر حتى حصل وهو في الـ32 من عمره على شهادة العالمية القديمة 1931، أي في العام السابق مباشرة على حصول العلماء الوزراء الثلاثة على هذه الشهادة (المشايخ عبد العزيز عيسى وأحمد حسن الباقوري وعبد الحليم محمود) وهم كما نعرف يصغرونه بنحو عقد من الزمان، واندمج الشيخ أحمد عيسى عاشور في الحياة العامة خطيبًا وواعظًا.
نشاطاته
عمله بالإمامة والخطابة
عمل الشيخ أحمد عيسى عاشور في وزارة الأوقاف وتولى الإمامة والخطابة في عدد من المساجد كان آخرها مسجد محمد علي باشا بقلعة صلاح الدين بالقاهرة.
مكانته في الجمعية الشرعية
بدأ الشيخ أحمد عيسى عاشور عام 1930 تأثره المباشر بالإمام الشيخ محمود خطاب السبكي (1858-1933) مؤسس الجمعية الشرعية وبفكره الإسلامي السلفي، ثم كانت علاقته وثيقة بالإمام الثاني للجمعية الأستاذ أمين محمود خطاب (1884-1968) وبخاصة بعد أن أصدر مجلته الاعتصام في عام 1938، وكانت ثقة الشيخ أمين خطاب كبيرة جدا به حتى عندما وشى به بعضهم أنه ينشر في مجلته الاعتصام، وهي مجلة الجمعية الشرعية، ملخصا أسبوعيا لمحاضرات الإمام حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين، فإن الوشاية لم تجد صدى في وجدان الشيخ أمين خطاب السبكي.
اختير الشيخ أحمد عيسى عاشور بالإجماع وكيلا لمجلس إدارة الجمعية الشرعية فقام بمهام عمله على الوجه الأكمل وكلف رسميا بالقيام على شؤون الفتوى فيها، وفي عام 1945 اختاره مجلس إدارة الجمعية الشرعية بالإجماع ليكون رئيسا لبعثة الحج التي كانت الجمعية تبعثها كل عام.
بداياته الصحفية
مارس الشيخ أحمد عيسى عاشور نشاطه أيضا في الصحف والمجلات الإسلامية، وكانت بدايات ممارساته الصحفية في مجلة الفضيلة الإسلامية حين سعى رئيس تحريرها علي عبد الرحمن الحسيني إليه، ثم اجتذبت قلمه المجلة الشرعية ثم تفرغ لمجلته الاعتصام التي أصدرها بنفسه وكان لكتاباته دور إيجابي مبكر في زعزعة الفكرة الشيوعية والإلحادية في وجدان الشباب ومقاومة التغريب الفكري والانحلال الخلقي.
إنشاؤه مجلة الاعتصام
أنشأ الشيخ أحمد عيسى عاشور مجلة الاعتصام لتكون اللسان المعبر عن الجمعية الشرعية، وقد ظلت المجلة تصدر شهرية منذ 15 يوليو/تموز 1938 حتى أوقفت في سبتمبر/أيلول 1981 ثم عادت للظهور 1985.
وكانت المجلة منذ صدورها تركز على المعاني والأهداف والمبادئ التي كانت الجمعية الشرعية تعنى بها، بما فيها معاني التعاون، والدعوة الإسلامية، والالتزام الخلقي، والاهتمام بالتعبد، ومحاربة البدع والخرافات والمفاسد الاجتماعية والسياسية، والدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في ميادين الحياة.
وقد ذكر الشيخ أحمد عيسى عاشور نفسه أنه وجد في العمل الصحفي مجالا للدعوة إلى الخير "أؤدي من خلالها واجبي بحرية تامة واستقلال"، فقد كان خلال عمله بمجلات (الفضيلة) و(الشرعية) يعاني اختصار بعض مقالاته وأفكاره، وكان هذا الأمر يقلقه ولذلك فإنه لما وجد الفرصة المناسبة أصدر الاعتصام لتكون لسان حاله كداعية مصلح حر، وفتح بابها لكل رأي ينشد الإصلاح على المنهج السلفي الصالح فأقبل على الكتابة فيها في الفترة من ( 1940-1952) نخبة من أولئك المفكرين المصريين المشهود لهم بالفضل وبالنزاهة في الدعوة والحق.
وبجهده في مجلته التي أصدرها عام 1938 أصبح الشيخ أحمد عيسى عاشور واحدا من الذين مهدوا لحركة البعث الإسلامي بثورة إصلاحية سلفية جامعا بين 3 خطوط: الإمام محمود خطاب السبكي والإمام عبد الحميد بن باديس والإمام حسن البنا، وقد عني مثلهم بالتربية الروحية والاجتماعية لشباب الأمة و تحرير الفكر الإسلامي من شوائب التقليد والبدع والخرافات.
روافد في تكوينه الفكري
جمع الشيخ أحمد عيسى عاشور بين البنوة الروحية للشيخ محمود خطاب السبكي مؤسس الجمعية الشرعية وصحبة الشيخ حسن البنا (1906-1949) المرشد العام للإخوان المسلمين وتدوينه لكل أحاديثه وآرائه وفكره الإسلامي العميق طوال أربعينيات القرن الـ20، كذلك التقى عبد الحميد بن باديس مؤسس جمعية العلماء الجزائريين المسلمين في عام 1939، أي قبل وفاته بعام واحد. علاقته بالإخوان المسلمين وتحقيقه لبعض أعمال الإمام الشهيد ومع أن الشيخ أحمد عيسى عاشور لم يكن إخوانيا بالمعنى التنظيمي والاصطلاحي والسياسي، فإنه في رأينا عمل أكثر على إقامة ومدّ كل الجسور بين الجمعية الشرعية التي كان وكيلا لها والإخوان. وهو الذي سجل أحاديث الثلاثاء للإمام الشهيد حسن البنا بقلمه (منذ 1938) حين لم تكن أجهزة التسجيل الصوتي قد عرفت بعد، ثم تولى بنفسه نشرها على الناس في مجلة الاعتصام، وظل على ذلك طوال حياة الإمام الشهيد وحتى قبيل استشهاده، فلما اقترح أحد المشرفين على تحرير مجلة الإخوان المسلمين آنذاك على الامام أن ينشر حديث الثلاثاء في مجلة الإخوان أسوة بالاعتصام، رفض الإمام الشهيد الاقتراح وقال " لقد جاء الاقتراح متأخرا".
وقد توطدت الصلة بين الرجلين حتى إن الإمام حسن البنا كان يقدم أحمد عيسى عاشور ليصلي بالناس إماما في حضوره في دار الإخوان المسلمين "فكنت أمتنع حياء منه وإكبارا له.. فكان يقول لي: صلّ بالأمر فلا يسعني إلا امتثال الأمر نزولا على إرادته".
أداؤه الحج مع الإمام الشهيد عام 1945
تزامل الشيخ أحمد عيسى عاشور مع الإمام الشهيد حسن البنا خلال أداء مناسك الحج، واستمع إلى بعض محاضرات الإمام الشهيد التي كان يلقيها في فندق مصر بمكة المكرمة مع رؤساء الوفود الإسلامية ولمحاضراته في (منى) و(المدينة المنورة) بدار الحديث.
وكانت وفود المسلمين تتقاطر على الإمام الشهيد من إندونيسيا وسيلان والهند وجاوة ومدغشقر ونيجيريا والكاميرون وإيران وأفغانستان، وهو يتحدث مع كل وفد منهم عن الأمور الإقليمية الخاصة التي هي مصدر اهتمامهم فضلا عن قضاياهم ومشكلاتهم فيبهرهم كأنه قادم من بلادهم وليسوا هم القادمين عليه، وقد كان الشيخ أحمد عيسى عاشور حريصا على تسجيل معظم هذه المحاضرات والندوات التي كان يلقيها ويعقدها الإمام الشهيد خلال رحلته إلى الديار المقدسة ثم تولى بنفسه نشرها على صفحات مجلته الاعتصام الإسلامية.
همزة الوصل بين الجمعية الشرعية والإخوان المسلمين
يمكن عدّ الشيخ أحمد عيسى عاشور همزة وصل للجسور بين الجماعتين العاملتين في حقل الدعوة والإصلاح من خلال مدرسته التي التفت حول مجلته الاعتصام الإسلامية، مؤسسا ما يمكن وصفه بأنه مدرسة عاشور السلفية التي ظلت قائمة إلى جانب الجمعية الشرعية تعملان معا.
تأسيسه مطبعة لمجلة الاعتصام
وقد أسس الشيخ أحمد عيسى عاشور مطبعة صغيرة تولت طبع المجلة وبعض مؤلفاته، وسرعان ما نمت المطبعة التي أسسها ونجحت في الإسهام في طباعة الكتب الإسلامية، وبخاصة الأعمال الفكرية المبسطة لصاحبها، وقد كان لنشأة أنجاله العديدين في رحاب هذا العمل التجاري الثقافي أثر كبير في اتجاههم في ما بعد إلى تأسيس مطابع خاصة ودور نشر خاصة نجحت نجاحا كبيرا.
مؤلفاته
وفي الستينيات في ظل التضييق على العمل الإسلامي اهتم الشيخ أحمد عيسى عاشور بتقديم بعض كتب التراث التي تعنى بجمع الطرائف والنوادر، في مجموعات حملت عنون «متفرقات»، كما عني بتقديم كتب الثقافة الدينية المبسطة.
نمط المعارضة التي مارستها المجلة في عهد عبد الناصر ومع أن مجلة الاعتصام التزمت تماما تجنب الخوض في السياسة طوال عهد الرئيس عبد الناصر، فإنها قامت أكثر من مرة بأنماط منضبطة من حملات المعارضة المحسوبة لبعض سلوك القيادات الأزهرية والتربوية.
وقد حاول الشيخ أحمد عيسى عاشور تجنيب المجلة الخوض في السياسة منذ عهد السادات لكن الإغراء كان أقوى بكثير وأعنف من أي التزام فكري أو شخصي، وكان أبناؤه يرحبون عن إيمان بإغراء الدعوة والانتماء والصحوة والسلطة والسطوة والتوزيع والنجاح، وبذلك أصبحت "الاعتصام" واحدة من المجلات الإسلامية المعارضة بشدة في نهاية عهد السادات، وذلك جعلها إحدى المجلات التي لحقتها إجراءات الإيقاف في سبتمبر/أيلول 1981. وبعد عودتها إلى الصدور واصلت مجلة الاعتصام الخط نفسه، وإن كانت الصحف المعارضة الأخرى اليومية والأسبوعية قد تفوقت عليها بحكم الزمن والتطور الطباعي والتوزيعي.
آثاره في الفقه الإسلامي
«حكم تارك الصيام وكيف تصوم»، دار الاعتصام، القاهرة، دار الإصلاح، الدمام، 1978. «حكم تارك الصلاة وكيف تصلي»، دار الاعتصام، القاهرة، 1976. «رسالة الحج والعمرة»، دار الاعتصام، القاهرة. «الفقه الميسر في العبادات والمعاملات»، مكتبة الاعتصام، القاهرة، 1979. «بر الوالدين وحقوق الأبناء والأرحام»، دار الاعتصام، القاهرة، 1977. «الدعاء الميسر»، مكتبة القرآن، القاهرة.
أدبيات
«متفرقات»، مطبعة الاعتصام، طبعات متعددة. «غرائب الأخبار ونوادر الحكم واللطائف والأسفار»، مكتبة القرآن، القاهرة، 1987.
جمع وتحقيق بعض أعمال حسن البنا
«حديث الثلاثاء»، ضمّ الأحاديث التي كان يلقيها الشهيد حسن البنا في أمسيات الثلاثاء الأسبوعية، مكتبة القرآن، 1985. «نظرات في كتاب الله»، نص محاضرات أحاديث الثلاثاء لحسن البنا، دار الاعتصام، القاهرة، 1978. «نظرات في إصلاح النفس والمجتمع» لحسن البنا، دار بو سلامة، تونس. «نظرات في السيرة» لحسن البنا، دار بو سلامة، تونس.
المدرسة الإعلامية التي أسسها
ومن الواجب أن نشير إلى المؤسسات التي خرجت من عباءة الشيخ أحمد عيسى عاشور على يد أبنائه الستة، فقد تولى ابنه الدكتور محمد عاشور رئاسة تحرير مجلة الاعتصام الإسلامية وكان الأستاذ حسن عاشور هو مدير تحريرها، أما الأستاذ حسين عاشور فكان مؤسس مجلة المختار الإسلامي الإسلامية الشهرية ودار المختار الإسلامي للطباعة والنشر وقد عرف أيضا كاتبا. وأسس الأستاذ طه عاشور دار الفضيلة للطباعة والنشر، وأسس المهندس مصطفى عاشور دار ابن سينا للطباعة والنشر، وأسس الأستاذ عبد اللطيف عاشور مكتبة القرآن الكريم بالقاهرة، وبالطبع فقد كان أحمد عيسى عاشور هو وأولاده عرضة للاضطهاد الذي بلغ سجن بعض أولاده وملاحقتهم ومحاصرتهم.
شهادة الشيخ محمود عبد الوهاب فايد
"لقد عرفت فيه من خصال الخير ما لا يعرفه أحد من الناس.. ويشهد له كل من خالطه بأنه كان تقيا صالحا ورعا لين الجانب كريم الخلق طيب النفس طاهر القلب نقي السريرة قوي الإيمان جوادا سخيا.. كانت الدنيا في يده وليست في قلبه… كان حسن المعاملة حتى مع خصومه لا يضمر لأحد سوءا ولا يكنّ لهم شرا يقابل أذاهم بعفوه ويرد إساءتهم بإحسان".
وفاته
توفي الشيخ أحمد عيسى عاشور في 15 يونيو/حزيران 1990 بعد مرض طويل طوال عقده الأخير. [١]