الفرق بين المراجعتين لصفحة: «نظام الملك»

أُضيف ١٦ بايت ،  ١٦ أكتوبر ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٥٢: سطر ٥٢:
وكانت له فوق ذلك ميول صوفية ووقائع أحوال تدلّ على هذه النزعة.
وكانت له فوق ذلك ميول صوفية ووقائع أحوال تدلّ على هذه النزعة.
<br>وعرف العلماء والفقهاء رغبته في التقريب، وحبّه لطرح الخلاف ونبذ التعصّب، فجروا في مضماره، وتقرّبوا إليه بما يحبّ، وقد روى التاريخ لنا في ذلك حكاية طريفة، هي: أنّ عبد السلام بن محمّد بن يوسف القزويني شيخ المعتزلة دخل عليه يوماً، <br>
<br>وعرف العلماء والفقهاء رغبته في التقريب، وحبّه لطرح الخلاف ونبذ التعصّب، فجروا في مضماره، وتقرّبوا إليه بما يحبّ، وقد روى التاريخ لنا في ذلك حكاية طريفة، هي: أنّ عبد السلام بن محمّد بن يوسف القزويني شيخ المعتزلة دخل عليه يوماً، <br>
وكان عنده أبو محمّد التميمي ورجل آخر أشعري، فقاله له القزويني: «أيّها الصدر، لقد اجتمع عندك رؤوس أهل النار»، قال نظام الملك: «وكيف ذلك»؟ قال: «أنا معتزلي، وهذا مشبِّه- يعني:<br>التميمي- وذلك أشعري، وبعضنا يكفّر بعضاً»! فضحك النظام.
وكان عنده أبو محمّد التميمي ورجل آخر أشعري، فقاله له القزويني: «أيّها الصدر، لقد اجتمع عندك رؤوس أهل النار»، قال نظام الملك: «وكيف ذلك»؟ قال: «أنا [[معتزلي]]، وهذا مشبِّه- يعني:<br>التميمي- وذلك أشعري، وبعضنا يكفّر بعضاً»! فضحك النظام.
<br>والمغزى من هذه الواقعة أنّ العلماء وصلوا إلى حدّ التفكّه بأخبار الخلاف في مجلسه، وأخرجوا الأمر فيه مخرج المزح والدعابة، وشتّان بين هذا وما كان من قبل من عنف وحدّة وقطيعة.
<br>والمغزى من هذه الواقعة أنّ العلماء وصلوا إلى حدّ التفكّه بأخبار الخلاف في مجلسه، وأخرجوا الأمر فيه مخرج المزح والدعابة، وشتّان بين هذا وما كان من قبل من عنف وحدّة وقطيعة.
<br>وقد استعان نظام الملك على دعوته أيضاً بوسيلة نعتبرها حديثة في خدمة المبادئ والدعوة لها، هي إنشاء المدارس، وحشد العلماء لها؛ كي تكون مصدراً للإقناع والتعليم والدفاع... وهذا ما فعله نظام الملك، فقد أقام المدارس النظامية، وافتتح نظامية بغداد بنفسه، وأشرف على هذه المدارس وأولاها رعايته، وتوسّع في إنشائها، ووقف عليها الأموال التي تضمن استمرارها من بعده.
<br>وقد استعان نظام الملك على دعوته أيضاً بوسيلة نعتبرها حديثة في خدمة المبادئ والدعوة لها، هي إنشاء المدارس، وحشد العلماء لها؛ كي تكون مصدراً للإقناع والتعليم والدفاع... وهذا ما فعله نظام الملك، فقد أقام المدارس النظامية، وافتتح نظامية بغداد بنفسه، وأشرف على هذه المدارس وأولاها رعايته، وتوسّع في إنشائها، ووقف عليها الأموال التي تضمن استمرارها من بعده.
سطر ٦٠: سطر ٦٠:
وجلس في خزانة الكتب، وطالع بعض ما فيها، وسمع الناس عليه في المدرسة جزء حديث، وأملى جزءاً آخر.
وجلس في خزانة الكتب، وطالع بعض ما فيها، وسمع الناس عليه في المدرسة جزء حديث، وأملى جزءاً آخر.
<br>ولا شكّ أنّ هذا الصنيع من السلطان ووزيره نظام الملك فيه كثير من اللباقة والكياسة والتوجيه.
<br>ولا شكّ أنّ هذا الصنيع من السلطان ووزيره نظام الملك فيه كثير من اللباقة والكياسة والتوجيه.
<br>وقد كانت المدارس النظامية منبثّة في العراق وإيران وأفغانستان، وكان التعليم فيها يجري كأحسن ما يكون التعليم في عصرنا الحديث، <br>
<br>وقد كانت المدارس النظامية منبثّة في [[العراق]] و[[إيران]] و[[أفغانستان]]، وكان التعليم فيها يجري كأحسن ما يكون التعليم في عصرنا الحديث، <br>
وكان الأساتذة هم الصفوة المختارة من العلماء، وكان للطلبة بيوت يسكنونها ويرجعون إليها بعد الفراغ من الدرس، وكانت لهم أرزاق تجري عليهم ليفرغوا إلى العلم، وكان لهم زي يميّزهم، وكان يباح للجمهور أن يستمع إلى بعض الدروس، فأقبل الناس عليها، واستنارت العقول، ومن تعلم علّم غيره، وهكذا وجد الشعب الإسلامي طريقاً إلى نور المعرفة وإدراك حقيقة الدين، وهكذا ضربت الدولة في صدر العصبيات والتفرّق ويسّرت للركب العلمي سبيلًا سوياً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.
وكان الأساتذة هم الصفوة المختارة من العلماء، وكان للطلبة بيوت يسكنونها ويرجعون إليها بعد الفراغ من الدرس، وكانت لهم أرزاق تجري عليهم ليفرغوا إلى العلم، وكان لهم زي يميّزهم، وكان يباح للجمهور أن يستمع إلى بعض الدروس، فأقبل الناس عليها، واستنارت العقول، ومن تعلم علّم غيره، وهكذا وجد الشعب الإسلامي طريقاً إلى نور المعرفة وإدراك حقيقة الدين، وهكذا ضربت الدولة في صدر العصبيات والتفرّق ويسّرت للركب العلمي سبيلًا سوياً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.
<br>وأراد نظام الملك أن يوحِّد الخلافتين: العبّاسية، والفاطمية، فبذل في ذلك جهده، تارةً بالدعوة السلمية وتارةً بالجند. وهدفه الوحيد في كلّ هذا أن يتّحد أهل هذا الدين؛ لتقوى أُمّتهم، ويعود إليها ما لها من عزّة واستقامة ومنعة.
<br>وأراد نظام الملك أن يوحِّد الخلافتين: العبّاسية، والفاطمية، فبذل في ذلك جهده، تارةً بالدعوة السلمية وتارةً بالجند. وهدفه الوحيد في كلّ هذا أن يتّحد أهل هذا الدين؛ لتقوى أُمّتهم، ويعود إليها ما لها من عزّة واستقامة ومنعة.
Write، confirmed، steward، إداريون
٣٬٣٠٦

تعديل