الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مالك بن نبي»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٠: سطر ٣٠:
</div>
</div>
'''مالك بن نبي''' مفكّر إسلامي بارز، يعدّ أحد المفكّرين الإسلاميّين الذين قدّموا رؤاهم لنهضة بلادهم على هدي [[القرآن الکریم|القرآن الكريم]] للخروج من مأزق التخلّف والتبعية، فاهتمّ بالوقت باعتباره ممرّاً يدخل المجتمع من خلاله التاريخ أو يخرج منه، وبالفعّالية على أنّها فهم جوهر الإنسان، وبالتاريخ وعلاقتهما الواحد بالآخر، وبالحضارة على أنّها جملة العوامل المادّية والمعنوية التي تتيح للمجتمع أن يوفّر لكلّ فرد من أعضائه الضمانات الاجتماعية اللازمة لتقدّمه.
'''مالك بن نبي''' مفكّر إسلامي بارز، يعدّ أحد المفكّرين الإسلاميّين الذين قدّموا رؤاهم لنهضة بلادهم على هدي [[القرآن الکریم|القرآن الكريم]] للخروج من مأزق التخلّف والتبعية، فاهتمّ بالوقت باعتباره ممرّاً يدخل المجتمع من خلاله التاريخ أو يخرج منه، وبالفعّالية على أنّها فهم جوهر الإنسان، وبالتاريخ وعلاقتهما الواحد بالآخر، وبالحضارة على أنّها جملة العوامل المادّية والمعنوية التي تتيح للمجتمع أن يوفّر لكلّ فرد من أعضائه الضمانات الاجتماعية اللازمة لتقدّمه.
<br>ولد مالك بن نبي في «'''قسنطينة'''» بالجزائر عام 1905 م، ودرس القضاء بالمعهد الإسلامي المختلط، وفي عام 1928 م تعرّف على الشيخ [[عبدالحميد بن باديس]]، وعرف قيمته التربوية والإصلاحية، وانتقل إلى باريس، فنال شهادة الهندسة الكهربائية من المعهد العالي للهندسة سنة 1931 م، وتزوّج هناك من فرنسية أسلمت واتّخذت خديجة اسماً لها، فلم تنجب له، <br>
=الولادة=
ولد مالك بن نبي في «'''قسنطينة'''» بالجزائر عام 1905 م.
=الدراسة=
ودرس القضاء بالمعهد الإسلامي المختلط، وفي عام 1928 م تعرّف على الشيخ [[عبدالحميد بن باديس]]، وعرف قيمته التربوية والإصلاحية، وانتقل إلى باريس، فنال شهادة الهندسة الكهربائية من المعهد العالي للهندسة سنة 1931 م، وتزوّج هناك من فرنسية أسلمت واتّخذت خديجة اسماً لها، فلم تنجب له، <br>
فتزوّج من ثانية بعد وصوله إلى مصر سنة 1956 م، وفي باريس أصدر عدداً من كتبه المهمّة.
فتزوّج من ثانية بعد وصوله إلى مصر سنة 1956 م، وفي باريس أصدر عدداً من كتبه المهمّة.
<br>وقد أعطته ثقافته المنهجية قدرة على إبراز مشكلات العالم المتخلّف بوصفها قضية حضارية، فوضع كتبه كلّها تحت عنوان كلّي هو «مشكلات الحضارة».
=نشاطاته=
وقد أعطته ثقافته المنهجية قدرة على إبراز مشكلات العالم المتخلّف بوصفها قضية حضارية، فوضع كتبه كلّها تحت عنوان كلّي هو «مشكلات الحضارة».
<br>وفي عام 1956 م لجأ إلى القاهرة، فأقام بها، وأصدر فيها بعض كتبه، وكان غالب ما يكتب بالفرنسية والتي ترجمها إلى العربية المفكّر المصري الدكتور بعدالصبور شاهين.
<br>وفي عام 1956 م لجأ إلى القاهرة، فأقام بها، وأصدر فيها بعض كتبه، وكان غالب ما يكتب بالفرنسية والتي ترجمها إلى العربية المفكّر المصري الدكتور بعدالصبور شاهين.
<br>عاد إلى الجزائر بعد استقلالها سنة 1963 م، فعيّن مديراً عامّاً للتعليم العالي، واستقال من منصبه عام 1967 م متفرّغاً للعمل الفكري حتّى وفاته عام 1973 م في عاصمة الجزائر بعد زيارة للبنان سنة 1971 م أودع خلالها وصيته للمحامي عمر المسقاوي «نائب‏<br>ووزير»، والذي تولّى نقل أعماله مع آخرين إلى العربية ونشرها عام 2000 م.
<br>عاد إلى الجزائر بعد استقلالها سنة 1963 م، فعيّن مديراً عامّاً للتعليم العالي، واستقال من منصبه عام 1967 م متفرّغاً للعمل الفكري حتّى وفاته عام 1973 م في عاصمة الجزائر بعد زيارة للبنان سنة 1971 م أودع خلالها وصيته للمحامي عمر المسقاوي «نائب‏<br>ووزير»، والذي تولّى نقل أعماله مع آخرين إلى العربية ونشرها عام 2000 م.
<br>من مؤلّفاته: '''الظاهرة القرآنية، لبّيك، الفكرة الأفروآسيوية، فكرة كومنولث إسلامي، ميلاد مجتمع، إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي، دور المسلم ورسالته في القرن العشرين، شروط النهضة، وجهة العالم الإسلامي، مشكلة الثقافة، الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، مذكّرات شاهد القرن، المسلم في عالم الاقتصاد، بين الرشاد والتيه، مجالس دمشق، مجالس تفكير، دراسة حول النصرانية، آفاق جزائرية، من أجل التغيير، القضايا الكبرى، الإسلام والديمقراطية'''.
 
=مؤلفاته=
من مؤلّفاته: '''الظاهرة القرآنية، لبّيك، الفكرة الأفروآسيوية، فكرة كومنولث إسلامي، ميلاد مجتمع، إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي، دور المسلم ورسالته في القرن العشرين، شروط النهضة، وجهة العالم الإسلامي، مشكلة الثقافة، الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، مذكّرات شاهد القرن، المسلم في عالم الاقتصاد، بين الرشاد والتيه، مجالس دمشق، مجالس تفكير، دراسة حول النصرانية، آفاق جزائرية، من أجل التغيير، القضايا الكبرى، الإسلام والديمقراطية'''.
<br>إنّ العالم الاسلامي الذي عرف أوّل قطيعة داخلية إبّان معركة صفّين في 659 م قد توقّف عن التقدّم في نظر مالك بن نبي منذ نهاية دولة الموحّدين في 1269 م. <br>
<br>إنّ العالم الاسلامي الذي عرف أوّل قطيعة داخلية إبّان معركة صفّين في 659 م قد توقّف عن التقدّم في نظر مالك بن نبي منذ نهاية دولة الموحّدين في 1269 م. <br>
فمنذ ذلك التاريخ كفّت روح الاسلام الخلّاقة عن إحياء المسلمين، ففقد المسلمون روح المبادرة وعاشوا على الذكرايات والتغنّي بالماضي. كما أصبحوا علاوة على ذلك فريسة سهلة للاستعمار، وعاملتهم أوروبّا على هذا الأساس. ولئن زادت أوروبّا من حالة الفوضى التي آل إليها مصيرهم بلجوئها إلى استعمارهم، فقد أرغمتهم أيضاً بالمقابل على البحث عن طريقة عيش تتناسب وشروط حياتهم الجديدة. <br>
فمنذ ذلك التاريخ كفّت روح الاسلام الخلّاقة عن إحياء المسلمين، ففقد المسلمون روح المبادرة وعاشوا على الذكرايات والتغنّي بالماضي. كما أصبحوا علاوة على ذلك فريسة سهلة للاستعمار، وعاملتهم أوروبّا على هذا الأساس. ولئن زادت أوروبّا من حالة الفوضى التي آل إليها مصيرهم بلجوئها إلى استعمارهم، فقد أرغمتهم أيضاً بالمقابل على البحث عن طريقة عيش تتناسب وشروط حياتهم الجديدة. <br>
سطر ٦٤: سطر ٧٠:
<br>ويبدو أنّ مالكاً شعر بأنّ دوره في توجيه الحياة العربية الإسلامية لا ينبغي أن يقتصر على الكتابة، بل لا بدّ من أن يكون خطابه موجّهاً إلى الجماهير من المثقّفين، فبدأ يتحرّك نحو الشرق (لبنان وسورية)، وقد اهتمّ أصدقاؤه هنالك بتسجيل محاضراته ونشرها في كتيّبات، <br>
<br>ويبدو أنّ مالكاً شعر بأنّ دوره في توجيه الحياة العربية الإسلامية لا ينبغي أن يقتصر على الكتابة، بل لا بدّ من أن يكون خطابه موجّهاً إلى الجماهير من المثقّفين، فبدأ يتحرّك نحو الشرق (لبنان وسورية)، وقد اهتمّ أصدقاؤه هنالك بتسجيل محاضراته ونشرها في كتيّبات، <br>
تشكّل في مجموعها معالجة للواقع الإسلامي في تلك المجتمعات على ضوء الفكر الحضاري الذي كان معنياً بترديد مقولاته، وهي دائماً دائرة حول التقابل بين: الإسلام والضياع- الحضارة والتخلّف- الأشياء والأفكار- التكديس والبناء- العلم والضمير- الصناعة والأخلاق- المادّي والغيبي... وأكثر هذه الأفكار وارد في كتبه الأُولى التي أشرنا إلى ترجمتها، فقد أضاف إلى ترجمة «شروط النهضة» مقالة بعنوان: «من التكديس إلى‏<br>البناء»، وقابل في الظاهرة القرآنية بين «المذهب المادّي والمذهب الغيبي»، وهي لمحات تتّسم بالذكاء والتعمّق في أزمة الإنسان المسلم في عصر ما بعد الموحّدين، أي: حتّى عصرنا هذا الذي تتصارع فيه المذاهب والجدليات.
تشكّل في مجموعها معالجة للواقع الإسلامي في تلك المجتمعات على ضوء الفكر الحضاري الذي كان معنياً بترديد مقولاته، وهي دائماً دائرة حول التقابل بين: الإسلام والضياع- الحضارة والتخلّف- الأشياء والأفكار- التكديس والبناء- العلم والضمير- الصناعة والأخلاق- المادّي والغيبي... وأكثر هذه الأفكار وارد في كتبه الأُولى التي أشرنا إلى ترجمتها، فقد أضاف إلى ترجمة «شروط النهضة» مقالة بعنوان: «من التكديس إلى‏<br>البناء»، وقابل في الظاهرة القرآنية بين «المذهب المادّي والمذهب الغيبي»، وهي لمحات تتّسم بالذكاء والتعمّق في أزمة الإنسان المسلم في عصر ما بعد الموحّدين، أي: حتّى عصرنا هذا الذي تتصارع فيه المذاهب والجدليات.
<br>وكان المبدأ الذي يعتمد عليه دائماً هو المبدأ القرآني: «إنّ اللَّه لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم».
=بعض آرائه=
وكان المبدأ الذي يعتمد عليه دائماً هو المبدأ القرآني: «إنّ اللَّه لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم».
<br>رحم اللَّه مالكاً رحمة تكافئ ما تميّز به من إيمان عميق بفكرته، وأمل عظيم في بعث هذه الأُمّة الإسلامية، وإحياء تراثها في واقعها، للتغلّب على مشكلات التخلّف الحضاري».
<br>رحم اللَّه مالكاً رحمة تكافئ ما تميّز به من إيمان عميق بفكرته، وأمل عظيم في بعث هذه الأُمّة الإسلامية، وإحياء تراثها في واقعها، للتغلّب على مشكلات التخلّف الحضاري».
<br>وقد كانت هناك خاصّة نفسية من لوازم الأُستاذ مالك، وقد أثّرت في شخصيته تأثيراً بالغاً، يكاد يصل إلى مستوى العقدة النفسية! ذلك أنّ الرجل كان يكره الاستعمار ويحاربه، وكان يوجّه انتقاده إلى المجتمعات الإسلامية لما أصابها من عقدة «القابلية للاستعمار».
<br>وقد كانت هناك خاصّة نفسية من لوازم الأُستاذ مالك، وقد أثّرت في شخصيته تأثيراً بالغاً، يكاد يصل إلى مستوى العقدة النفسية! ذلك أنّ الرجل كان يكره الاستعمار ويحاربه، وكان يوجّه انتقاده إلى المجتمعات الإسلامية لما أصابها من عقدة «القابلية للاستعمار».
سطر ٧٢: سطر ٧٩:
<br>إنّ حسّاسيته تجاه هذه العقيدة كانت تجسّد له وجود الاستعمار في كلّ مكان، ووراء كلّ باب، وفي ضمير كلّ من يتعامل معه، بل بلغ به الأمر إلى حدّ أن يشكّ في كثير ممّن يقتربون منه، وكأنّهم مرسلون من «الاستعمار» لإيقاع الأذى به، وقد كتب في مثل هذه المواقف رأيه عن «الاغتيال بوسائل العلم».
<br>إنّ حسّاسيته تجاه هذه العقيدة كانت تجسّد له وجود الاستعمار في كلّ مكان، ووراء كلّ باب، وفي ضمير كلّ من يتعامل معه، بل بلغ به الأمر إلى حدّ أن يشكّ في كثير ممّن يقتربون منه، وكأنّهم مرسلون من «الاستعمار» لإيقاع الأذى به، وقد كتب في مثل هذه المواقف رأيه عن «الاغتيال بوسائل العلم».


== المراجع ==
= المراجع =
(انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي 5: 226، موسوعة السياسة 5: 682- 683، ملحق موسوعة<br>السياسة: 221- 222، الموسوعة العربية العالمية 22: 121، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 3: 299- 313، نثر الجواهر والدرر 2: 997، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 883- 888، موسوعة الأعلام 1: 74 و 4: 110، المعجم الوسيط فيما يخص الوحدة والتقريب 2: 25- 26).
(انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي 5: 226، موسوعة السياسة 5: 682- 683، ملحق موسوعة<br>السياسة: 221- 222، الموسوعة العربية العالمية 22: 121، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 3: 299- 313، نثر الجواهر والدرر 2: 997، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 883- 888، موسوعة الأعلام 1: 74 و 4: 110، المعجم الوسيط فيما يخص الوحدة والتقريب 2: 25- 26).
<br>
<br>
٤٬٩٤١

تعديل