الفرق بين المراجعتين لصفحة: «جدوى البحوث التقريبية»
(أنشأ الصفحة ب'وسائل التقريب فهي : السبل الكفيلة بترتيب الأثر الملموس والنتائج المطلوبة لدفع عجلة التقريب ب...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ٠٥:٥١، ٢٣ أغسطس ٢٠٢١
وسائل التقريب فهي : السبل الكفيلة بترتيب الأثر الملموس والنتائج المطلوبة لدفع عجلة التقريب بين المذاهب الإسلامية نحو الأمام .
ومن جملة هذه الوسائل والسبل اتّخاذ الإجراءات العاجلة والجادّة لتنفيذ عملية إجراء البحوث العلمية والموضوعية عن واقع كلّ مذهب من المذاهب الإسلامية ، واستخراج حقائقه العقدية ومواقفه الفقهية من مصادر المذهب نفسه ومراجعه ، لا ممّا كتب عنه الآخرون ; لأنّ كلّ مذهب من المذاهب له خصوصياته التي لا تعرف إلاّ من مصادره المعتمدة لديه ، سواء كانت عقدية أو أُصولية أو من الفروع ، أو حتّى في حقل تفسير التاريخ وفهمه ، لاعتبار أنّ ما كان قد كتب أو روي عن بعض المذاهب من خارج بنيتها الحقيقية قد اختلط بنفثات نسبت إلى هذا المذهب أو ذاك اتّهامات ، أقلّ ما يقال عنها : إنّها ليست معترفاً بها في هذا المذهب ولا يقرّها ، أو ليست صحيحة عنده .
وانطلاقاً من أنّ عملية التقريب بين المذاهب لا بدّ أن يراعى فيها المصداقية والموضوعية ، فإنّ مثل تلك الصفات والحقائق لا يمكن أن تؤخذ أو تستقى إلاّ من لسان أصحاب المذهب نفسه ، أو من مصادره المعتمدة عند أهله وأتباعه ، لا من أقوال خارجية ، فربّما صاحبتها أباطيل ، ودسّت فيها دسائس ، أو زوّرت عنها أقاويل دون ثوابت ، حتّى انطوت على الشكّ فيها بصورة عامّة .
ويراعى عند تنفيذ بحوث التقريب وإجرائها ما يلي :
أ ـ التمييز بين الرأي السائد والرأي الشاذّ داخل كلّ مذهب ، وعلى الباحث الذي يسند رأياً إلى مذهب معيّن أن يأخذ بعين الاعتبار الرأي الشاذّ ، كما أنّ عليه أن ينسب الآراء الشاذّة إلى أصحابها فقط ، وليس إلى المذهب ذاته ، باعتبار أنّ المذاهب هي القواعد والأفكار ، وليست الأفراد .
ولتحقيق هذا الأمر فإنّ استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية تدعو المنظّمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، وبالتعاون مع مفكّري المذاهب الإسلامية وعلمائها وفقهائها ، إلى إعداد دراسة بحثية علمية لاعتمادها مرجعاً إسلامياً أساساً لكلّ دراسة تتمّ عن أيّ مذهب من المذاهب الإسلامية ، على أن تتاح لهم الاستعانة بميادين تنفيذ هذه الاستراتيجية .
ب ـ تقدير الرأي والرأي الآخر واحترامهما ; لضرورتهما وأهمّيتهما عند الحوار ، وحين تبادل الرأي ، على أن يسود الحوار العلمي المجرّد كلّ مواقف عمليات التقريب وإن أدّت إلى الاختلاف ، فالاختلاف طبيعي ، وليس بمستنكر في إطار قواعد الاختلاف وآدابه . كما أنّ الدفاع عن الرأي والاستدلال على صحّته حقّ لكلّ عالم ، والردّ المدعم بالدليل العلمي حقّ أيضاً ، وإذا كانت المسألة من المسلّمات في القضايا الجدلية والمنطقية فهي في القضايا والمسائل الفرعية ومجالات الأحكام الاجتهادية من باب الأولى والأحرى .
ج ـ الاتّفاق على المرجع المبدئي والثابت للتحكيم بين الآراء المتحاورة ، وهو الكتاب والسنّة النبويّة الصحيحة ، كما هو مرجع كلّ المذاهب ، والمسلمون متّفقون نظرياً على المرجعية الواحدة، لكنّهم مع التأثّر بالمغريات المادّية والوجاهة الدنيوية والدوافع الخارجية لا يلتزمون أحياناً بما تدعو إليه تلك المرجعية ، ومرجع التقريب على كلّ الأحوال هو الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الصحيحة التي ثبتت حجّيتها لدى المسلمين على اختلاف مذاهبهم .
د ـ الاهتمام بإبراز النقاط المشتركة بين المذاهب ; لأنّها الأهمّ والأكثر من نقاط الخلاف ، ولكونها العامل الجامع المشترك بين متعدّد المذاهب ، ويتحقّق هذا الأمر الأساس من خلال ميادين التأليف والنشر ، والبحث العلمي ، والاستعانة بكلّ وسائل الاتّصال المقروءة والمسموعة والمرئية.
هـ ـ إذا تغلّب الاختلاف على الأفكار والآراء فلا يجوز أن ينعكس كلّياً أو جزئياً على مواقف المسلمين من القضايا العالمية الكبرى ، فالاختلافات الفكرية والفقهية تبيّن بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّها كنز اشتهر به الفقه الإسلامي ، ولها تاريخ طويل ، كما أنّها من سنن الله تعالى في خلقه، نتج وينتج عنها تفاعل الحركة العلمية وتنوّع قواعد التشريع ، كما نجم عنها النموّ والغنى العلمي والفقهي الذي يباهي به التراث الإسلامي على المستوى الدولي ، لذلك لا عيب ولا خطر في الاختلافات الفقهية والفكرية ، وإنّما الخطر في استثمارها في فصم عُرى الإسلام ومخالفة ما جاء به التشريع السماوي ، والأخطر من ذلك على الأُمّة والوحدة الإسلامية هو الاختلاف في مصادر الإسلام الأساس ; لأنّ هذا النوع من الاختلاف ليس إلاّ الهوان والخسران ، كما يعني وبلا جدل الضعف والتمزّق وهيمنة الأعداء . لذلك فمن أهمّ أُسس التقريب وخطواته العملية الإسراع بتوحيد هويّة الأُمّة الإسلامية ، بتأكيد وحدة مصادرها ومرجعياتها ، والحفاظ على أمنها السياسي والاجتماعي والثقافي والعملي والاقتصادي ; حتّى لا يقوى الاختلاف ويزداد التمزّق ، فيسقط حقّ المسلم في حياة العزّة والمجد الذي هو نعمة من نعم الله على عباده المسلمين .
وبالنظر بموضوعية إلى القضايا الإسلامية ذات الأولويات الكبرى ، والتركيز عليها دون الدخول في جزئياتها ; حتّى لا يستفرغ الجهد في الهوامش والجزئيات ، ومن أهمّها بل ومن أولوياتها الكبرى مسألة التفريق بين المسلمين ، وضراوة التنكيل بشعوبهم ، وخطورة العمل على إخراجهم عن دينهم بأعمال التنصير والتهويد والتجهيل واستغلال حاجاتهم المادّية في هذا العمل الخطير .