الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تمييع المذهب»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
(مراجعة متوسطة واحدة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
''' | '''تمييع المذهب''': هي من الشبه التي تدّعى في بعض المحافل العلمية والتي تقف عائقاً دون [[التقريب بين المذاهب الإسلامية]]، حيث قد يدّعى أنّ التقريب يؤدّي إلى تمييع مذهب المرء. ونستعرض في هذه المقالة هذا المبحث الحسّاس وباختصار مفيد. | ||
هناك ذهنيات قلقة وخائفة من التواصل، حيث تعتبر التواصل والدعوة إلى [[الوحدة]] مدخلاً إلى تمييع [[المذهب]] أو النهج الفكري الذي ينتمي إليه أصحاب هذه الذهنيات، فغالباً ما يتمّ الاصطدام بخطّ الوحدة تجنّباً لما يرونه من مخاطر تتمثّل في أُمور، أبرزها: | |||
1 ـ التنازل عن بعض مفردات المذهب وحتّى بعض العناصر الأساسية، ففي بعض الحسابات أنّ الوصول إلى أيّة وحدة بين طرفين مختلفين أو أيّ تواصل مع الآخر يقتضي تقديم التنازل من كلّ طرف، والذي تختلف نسبته بحسب موقع كلّ طرف، فالضعيف لا بدّ من أن يقدّم تنازلاً أكثر من القوي، والأقل عدداً لا بدّ من أن يقدّم تنازلاً للكثير عدداً. | |||
2 ـ اعتبار التنازل في أيّ جانب ـ حتّى لو كان بسيطاً ـ يحمل التنكّر والإساءة لكلّ جراحات التاريخ وآلامه، حين كان كلّ طرف يقدّم التضحيات على مذبح تأكيد مذهبه وحفظه وإبقائه حيّاً ومعافىً. | |||
3 ـ المصاعب الكبرى التي تعترض الوحدويّين من كلّ مذهب في ضبط قواعدهم، وخصوصاً في ظلّ قيام التقسيميّين بتشكيك القاعدة بأنّه بإخلاص الرموز الوحدوية أم بخطوات الوحدة التي تهدّد المذهب بحسب زعمهم، ما يهدّد بكسب هذه القواعد لمصلحة التقسيميّين الذين تتوافر لديهم كلّ الإمكانات والقدرات، الأمر الذي يؤدّي فعلاً إلى التنافس في ميادين [[التعصّب]] و[[الفرقة]]. | |||
وقد ترجع أصول هذه الشبهة إلى التشكيك في نوايا الداخلين في [[الحوار]]، فإنّه لا يحقّق الجوّ الهادئ المطلوب، ويدفع لنوع من التهرّب أو المماطلة أو تلمّس العثرات، ممّا يمنع من تحقّق النتيجة المطلوبة. | |||
وهذا ما شهدنا نظيره في عمليات الحوار بين أتباع الأديان نتيجة ما يحمله كلّ طرف من تراكمات ذهنية عن الآخر، فالطرف المسيحي مثلاً يحمل أحقاده الصليبية وإيحاءات المستشرقين بما يسمّونه بـ (الهرطقة الإسلامية)، وما يدور في نفسه من هواجس [[الصحوة الإسلامية]] التي تنافس مشروعه في السيطرة، في حين يحمل الطرف الإسلامي سوابق ذهنية كبيرة عن خدمة [[التبشير المسيحي]] للاستعمار على مدى قرون. | |||
ولكن العمل الجادّ والتوجّه للتعليمات الإسلامية الهادية والداعية لحسن الظنّ في الأخ المسلم يمنع من أن يلعب هذا العامل دوره في المنع من التقريب، خصوصاً إذا تمّ على مستوى العلماء العاملين الذين خبر بعضهم بعضاً في مجالات العلم والإخلاص والعمل في سبيل [[الأمّة]] بمجموعها. | |||
=المصدر= | |||
موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح 1: 82. | |||
موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح\تأليف : محمّد جاسم الساعدي\نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\الطبعة الأولى-2010 م. | |||
[[تصنيف: شبهات حول التقريب]] | |||
[[تصنيف: التقريب بين المذاهب الإسلامية]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٠٥:٤٣، ٢٣ أغسطس ٢٠٢١
تمييع المذهب: هي من الشبه التي تدّعى في بعض المحافل العلمية والتي تقف عائقاً دون التقريب بين المذاهب الإسلامية، حيث قد يدّعى أنّ التقريب يؤدّي إلى تمييع مذهب المرء. ونستعرض في هذه المقالة هذا المبحث الحسّاس وباختصار مفيد.
هناك ذهنيات قلقة وخائفة من التواصل، حيث تعتبر التواصل والدعوة إلى الوحدة مدخلاً إلى تمييع المذهب أو النهج الفكري الذي ينتمي إليه أصحاب هذه الذهنيات، فغالباً ما يتمّ الاصطدام بخطّ الوحدة تجنّباً لما يرونه من مخاطر تتمثّل في أُمور، أبرزها:
1 ـ التنازل عن بعض مفردات المذهب وحتّى بعض العناصر الأساسية، ففي بعض الحسابات أنّ الوصول إلى أيّة وحدة بين طرفين مختلفين أو أيّ تواصل مع الآخر يقتضي تقديم التنازل من كلّ طرف، والذي تختلف نسبته بحسب موقع كلّ طرف، فالضعيف لا بدّ من أن يقدّم تنازلاً أكثر من القوي، والأقل عدداً لا بدّ من أن يقدّم تنازلاً للكثير عدداً.
2 ـ اعتبار التنازل في أيّ جانب ـ حتّى لو كان بسيطاً ـ يحمل التنكّر والإساءة لكلّ جراحات التاريخ وآلامه، حين كان كلّ طرف يقدّم التضحيات على مذبح تأكيد مذهبه وحفظه وإبقائه حيّاً ومعافىً.
3 ـ المصاعب الكبرى التي تعترض الوحدويّين من كلّ مذهب في ضبط قواعدهم، وخصوصاً في ظلّ قيام التقسيميّين بتشكيك القاعدة بأنّه بإخلاص الرموز الوحدوية أم بخطوات الوحدة التي تهدّد المذهب بحسب زعمهم، ما يهدّد بكسب هذه القواعد لمصلحة التقسيميّين الذين تتوافر لديهم كلّ الإمكانات والقدرات، الأمر الذي يؤدّي فعلاً إلى التنافس في ميادين التعصّب والفرقة.
وقد ترجع أصول هذه الشبهة إلى التشكيك في نوايا الداخلين في الحوار، فإنّه لا يحقّق الجوّ الهادئ المطلوب، ويدفع لنوع من التهرّب أو المماطلة أو تلمّس العثرات، ممّا يمنع من تحقّق النتيجة المطلوبة.
وهذا ما شهدنا نظيره في عمليات الحوار بين أتباع الأديان نتيجة ما يحمله كلّ طرف من تراكمات ذهنية عن الآخر، فالطرف المسيحي مثلاً يحمل أحقاده الصليبية وإيحاءات المستشرقين بما يسمّونه بـ (الهرطقة الإسلامية)، وما يدور في نفسه من هواجس الصحوة الإسلامية التي تنافس مشروعه في السيطرة، في حين يحمل الطرف الإسلامي سوابق ذهنية كبيرة عن خدمة التبشير المسيحي للاستعمار على مدى قرون.
ولكن العمل الجادّ والتوجّه للتعليمات الإسلامية الهادية والداعية لحسن الظنّ في الأخ المسلم يمنع من أن يلعب هذا العامل دوره في المنع من التقريب، خصوصاً إذا تمّ على مستوى العلماء العاملين الذين خبر بعضهم بعضاً في مجالات العلم والإخلاص والعمل في سبيل الأمّة بمجموعها.
المصدر
موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح 1: 82.
موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح\تأليف : محمّد جاسم الساعدي\نشر : المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية-طهران\الطبعة الأولى-2010 م.