زينب بنت علي في سطور
السيدة زينب بنت علي سلام الله عليها السيدة العظيمة، وهي التي لقبت: بالصديقة الصغرى ، والعقيلة ، وعقيلة بني هاشم ، وعقيلة الطالبيين, والمؤثقة, والعارفة, والعالمة غير معلمة، حملت عليها السلام تدبير أمور أهل البيت, بل الهاشميين جميعا, بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام, فلذلك لقبت بعقيلة بني هاشم, وعقيلة الطالبين، وسُمّيت أم المصائب، لانها شاهدت مصيبة وفاة جدّها النبي ص، وشهادة أمّها الزهراء، وشهادة أبيها أمير المؤمنين، وشهادة أخيها الحسن، وأخيراً المصيبة العظمى ، وهي شهادة أخيها الحسين، في واقعة الطف مع باقي الشهداء، وشهدت يوم عاشوراء، وعاشته بكل تفاصيله الدامية، والذي فقدت فيه أخوتها وولديها وبني عمومتها وأهل بيتها، فلم تزعزعها كل هذه النكبات، ووقفت كالطود الأشم وهي تجمع بنات الوحي وربائب الرسالة وهنّ يبكينَ وينحنَ ويندبنَ ويلذنَ بها ممَّا دهاهنّ، وتجمّع حولها النساء والأطفال وهم يبكون ويتصارخون وقد أصبحوا الآن ثكالى وأرامل ويتامى، هي ثالث ريحانة للمصطفى تفوح في بيت علي، وأول حفيدة للنبي أنجبتها الزهراء، غمرت بيت الوحي الفرحة بمولدها، أنها كانت تعلّم النساء تفسير القرآن وذلك في فترة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة، ورافقت حياتها الدمعة حتى فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها، أشرق نورها في السنة الخامسة من هجرة جدها، وغابت شمسها في السنة الخامسة والستين، وما بينهما، كانت زينب...كانت السيدة زينب عليها السلام مثالا حيا من مثل أهلها, فكانت صوامة قوامة, قانتة لله تعالى تائبة اليه, تقضي أكثر لياليها متهجدة تالية للقرآن الكريم, ولم تترك كل ذلك حتى في أشد الليالي، كانت عليها السلام المثل الاعلى في القناعة والزهد والبعد عن متاع الدنيا ونعيمها, فأعرضت عن زهرة الحياة من المال الوفير لدى زوجها عبد الله بن جعفر, كما أعرضت عن الولد والحشم والخدم, فخرجت مع أخيها الامام أبي عبد الله الحسين عليه السلام, باذلة النفس والنفيس في سبيل الحق ونصرة الدين, ورغم علمها بما قد يجري عليهم من المصائب والاحداث, مؤثرة الآخرة على الدنيا,"والآخرة خير وأبقى".
مولدها ونسبها
ولدت السيدة زينب عليها السلام في المدينة المنورة في 5 جمادى الأولى، سنة 5 أو 6 من الهجرة النبوية، وتوفيت (ع) يوم الأحد 15 رجب سنة 62 هـ، وفي خبر آخر يوم 14 رجب، [١].سبط رسول الله(ص)، وابنة الإمام علي والسيّدة فاطمة الزهراء(عليهما السلام)، وأُخت الإمامينِ الحسن والحسين، وعمّة الإمام زين العابدين(عليهم السلام) [٢].
كنيتها ولقبها
حملت السيدة زينب عليها السلام تدبير أمور أهل البيت, بل الهاشميين جميعا, بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام, فلذلك لقبت بعقيلة بني هاشم, وعقيلة الطالبين. وهي التي لقبت: بالصديقة الصغرى ، والعقيلة ، وعقيلة بني هاشم ، وعقيلة الطالبيين, والمؤثقة, والعارفة, والعالمة غير معلمة, والفاضلة, والكاملة, وعابدة آل عليّ، والسيدة وهو اللقب الذي اذا اطلق لا ينصرف الا عليها, وهي كريمة الدارين, جمعت بين جمال الطلعة وجمال الطوية, وكانت عند أهل العزم أم العزائم, وعند أهل الجود والكرم أم هاشم, وكثيرا ما كان يرجع اليها أبوها واخوتها في الرأي, فسميت صاحبة الشورى, كما كانت دارها مأوى لكل ضعيف ومحتاج, فلقبت بأم العواجز. كما لقبت بصاحبة الشورى، حيث كانت لها مكانة خاصة في البيت العلوي.وتكنى بأم كلثوم ، وأم الحسن وهي أول بنت ولدت لفاطمة صلوات الله عليها
جلالة قدرها
قال يحيى المازني: «كنت في جوار أمير المؤمنين(ع) في المدينة مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله(ص) تخرج ليلاً، والحسن عن يمينها، والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين(ع) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين(ع) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن(ع) مرّة عن ذلك، فقال(ع): أخشى أن ينظرَ أحدٌ إلى شخصِ أُختِكَ زينب»[٣]. وفي هذا قال الشيخ حسن سبتي(رحمه الله): «إنْ قَصَدَتْ تَزُورُ قَبرَ جَدِّها ** شَوقاً إليهِ إذ هُمُ بِيَثرِبا أخرجَها لَيلاً أميرُ المُؤمنينَ ** والحُسينُ والزَّكيُّ المُجتبى يَسبقُهُم أَبوهُمٌ فَيُطفِئُ ** الضَّوءَ الذي في القَبرِ قَدْ تَرتَّبا قِيلَ لهُ لِمْ ذَا فَقالَ إنَّني ** أَخشَى بِأنْ تَنظرَ عَينٌ زَينبا»[٤].«وجاء في بعض الأخبار أنّ الحسين(ع) كان إذا زارته زينب يقوم إجلالاً لها، وكان يُجلسها في مكانه»[٥]. «ويكفي في جلالة قدرها ونبالة شأنها ما ورد في بعض الأخبار من أنّها دخلت على الحسين(ع) وكان يقرأ القرآن، فوضع القرآن على الأرض وقام إجلالاً لها» وخاطبها الإمام زين العابدين(ع) بقوله: «وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللهِ عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ، وَفَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَة»[٦].
نبذة يسيرة من مصائبها العظيمة
وإليك نبذة يسيرة من مصائبها العظيمة وفوادحها الكبرى ، فإنها ( ع ) رأت من المصائب والنوائب ما لو نزلت على الجبال الراسيات لا نفسحت واندكت جوانبها ، لكنها في ذلك تصبر الصبر الجميل كما هو معلوم لكل من درس حياتها، وأول مصيبة دهمتها هو فقدها جدها النبي ( ص ) وما لاقى أهلها بعده من المكاره ، ثم فقدها أمها الكريمة بنت رسول الله بعد مرض شديد وكدر من العيش والاعتكاف في بيت الاحزان ، ثم فقدها أباها عليا وهو مضرج بدمه من سيف ابن ملجم المرادي ( لع ) ، ثم فقدها أخاها المجتبى المسموم تنظر إليه وهو يتقيأ كبده في الطشت قطعة قطعة ، وبعد موته ( ع ) ترشق جنازته بالسهام،
ثم رؤيتها أخاها الحسين ( ع ) تتقاذف به البلاد حتى نزل كربلاء وهناك دهمتها الكوارث العظام من قتله ( ع ) وقتل بقية إخوتها وأولادهم وأولاد عمومتها وخواص الامة من شيعة أبيها ( ع ) عطاشى ، ثم المحن التي لاقتها من هجوم أعداء الله على رحلها ، وما فعلوه من سلب وسبي ونهب وإهانة وضرب لكرائم النبوة وودائع الرسالة ، وتكفلها حالالنساء والاطفال في ذلة الاسر ، ثم سيرها معهم من بلد إلى بلد ومن منزل إلى منزل ومن مجلس إلى مجلس ، وغير ذلك من الرزايا التي يعجز عنها البيان ويكل اللسان ، وهي مع ذلك كله صابرة محتسبة ومفوضة أمرها إلى الله ، قائمة بوظائف شاقة من مداراة العيال ومراقبة الصغار واليتامى من أولاد إخوتها وأهل بيتها ، رابطة الجأش بإيمانها الثابت وعقيدتها الراسخة ، حتى أنها كانت تسلي إمام زمانها زين العابدين ( ع ) ، وأما ما كان يظهر منها بعض الاحيان من البكاء وغيره فذلك أيضا كان لطلب الثواب أو للرحمة التي أودعها الله عزوجل في المؤمنين ، أما طلب الثواب فلعلمها بما أعده الله عزوجل للبكائين على الحسين . وقد تجلي حزنها لما دخلت المدينة المنورة, وذلك عندما أخذت بعضادتي باب مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعيناها تسيل بالدموع باكية منتحبة وتنادي: يا جداه اني ناعية اليك أخي الحسين.وما ان استقر المقام بها بالمدينة المنورة, حتى أخذت تنتبر المنابر, تخطب الجماعات مظهرة عدوان يزيد بن معاوية وبغي عبيد الله بن زياد وطغيان أعوانهما على أهل البيت النبوي الكريم.[٧].
صبرها واستقامتها
كانت عليها السلام المثال الأوحد في الصبر والاستقامة، قابلت ما عانته من الكوارث المذهلة والخطوب السود بصبر يذهل كل كائن حي، حتى أنها حينما وقفت على جسد أخيها الحسين عليه السلام في تلك الظروف العصيبة والمواقف المؤلمة بسطت يديها تحت بدنه المقدس، ورفعته نحو السماء، وقالت: «إلهي تقبَّل منَّا هذا القربان».[٨]. وصمدت السيدة زينب (ع) أمام تلك العاصفة الهوجاء والمصيبة الكبرى رغم مظلوميتها وغربتها فكانت حقاً «الراضية بالقدر والقضاء».[٩].
وكان لها الدور البارز في نجاة الإمام السجّاد عليه السلام وتخليصه من الموت المحدق به في أكثر من مرّة، منها: لمّا هجم عسكر الكوفة على الإمام زين العابدين (ع)، وكان مريضاً قد أنهكته العلة، فأراد شمر بن ذي الجوشن قتله، إلاّ أنّ العقيلة سارعت نحوه، فتعلّقت به، وقالت: لا يقتل حتى اُقتل دونه.[١٠] وحينما ردّ الإمام السجّاد عليه السلام على ابن زياد في مجلسه استشاط غضباً، وقال: «ولك جرأة على جوابي وفيك بقية للرد عليّ؟! اذهبوا به، فاضربوا عنقه».فتعلقت به زينب عليها السلام، وقالت: «يا بن زياد! حسبك من دمائنا». واعتنقته، وقالت: «والله لا أفارقه، فإن قتلته فاقتلني معه».[١١].
خطبتها العظيمة في مجلس إبن زياد
خطبت السيدة زينب خطبتها الخالدة التي شابهت كلام أبيها سيد البلغاء والمتكلمين، فقرعت بخطبتها رؤوس أهل الكوفة بالتقريع واللوم على قتلهم سيد شباب أهل الجنة وخذلانه ورجوعهم إلى الجاهلية الأولى بنسختها الأموية. فانطلق صوت زينب ليدحض أكاذيب الأمويين وإعلامهم الضَّال المُضلّ ويؤكد للرأي العام على أن هذه الثورة هي تجسيد للإسلام المحمدي وامتداد لمنهج النبي (صلى الله عليه وآله) في كل المراحل التي مرت بها (عليها السلام) في رحلة الأسر. وأول صوت لها كان في الكوفة من خلال خطبتها العظيمة التي بيّنت فيها بشاعة الجريمة النكراء التي ارتكبها الأمويون بقتلهم سبط رسول الله وغدر أهل الكوفة به وفيها من التقريع لهم ما أجَّجَ في النفوس مشاعر السخط والغضب على يزيد وكان مما قالته في ذلك اليوم وقد أومأت الى الناس أن اسكتوا. فارتدت الأنفاس وسكنت الأصوات:
الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطيبين الاخيار، اما بعد يا اهل الكوفة يا اهل الختر والغدر.. أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم، ألا وهل فيكم إلا الصلف والنطف والكذب والشنف وملق الإماء وغمز الأعداء أو كمرعى على دمنة أو كقصة على ملحودة ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم، سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار محجتكم ومدرة سنتكم.[١٢].
ألا ساء ما تزرون وبُعْداً لكم وسحقا، فلقد خاب السعي وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة وبؤتم بغضبٍ من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة، ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون أيَّ كبدٍ لرسول الله فريتم، وأيّ كريمة له أبرزتم، وأيَّ دم له سفكتم، وأيَّ حرمة له انتهكتم، ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء، سوداء، فقماء، خرقاء شوهاء كطلاع الأرض أو ملأ السماء، أفعجبتم إن أمطرت السماء دماً ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنظرون، فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يحفزه البدار، ولا يخاف قوت الثار وإن ربكم لبالمرصاد. كان لهذه الكلمات دويّ، وضجيج، واستفاقة، ووجوم، وغضب، وسخط على السلطة، وتأنيب للضمير، وتقريع للنفس، وجلد للذات: فارتفعت أصوات الناس من كل ناحية ويقول بعضهم لبعض هلكتم وما تعلمون !! ورغم الحالة المأساوية التي كانت عليها فقد استأنفت خطبتها. كما وقفت بتلك الشجاعة والصلابة أمام الطاغية ابن زياد وهي أسيرة فنظرت إليه وهو ينكث بالقضيب ثنايا أخيها تشفُّياً وانتقاماً فلم تمنعها شدة الحزن من التصدّي له والوقوف بوجهه، فعندما يسألها ابن زياد: ــ كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك ؟؟
تجيبه بكل شجاعة: ــ ما رأيت إلا جميلاً .. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتُحاجّ وتُخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة ! [١٣][١٤].
أوجدت ثورة الأفكار ضد يزيد بخطبتها في الشام
لم يمنعها (سلام الله عليها) أسرها وطول الرحلة الشاقة من أن تقف في مجلس يزيد وتصدع بالحق وتفضح الظالمين بتلك الخطبة المدوِّية التي زلزلت عروش الأمويين وبقيت اصداؤها تجوب في البلاد وأحدثت انقلاباً فكرياً في أذهان الناس ضد يزيد، وألبت الرأي العام ضده ... وقد استنكر جريمته البشعة حتى رُوّاد مجلسه وأتباعه. فعندما رأت يزيد وهو يضرب بعصاه ثنايا الحسين قالت: الحمد لله رب العالمين، و صلي الله علي محمد و آله اجمعين. صدق الله كذلك يقول: «ثم كان عاقبة الذين اساءا السوي ان كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزؤون» [١٥].
اظننت يا يزيد ـ حيث اخذت علينا اقطار الارض و آفاق السماء فاصبحنا نساق كما تساق الاماء ـ ان بناء علي الله هواناً و بك عليه كرامة!! و ان ربك لعظيم خطرك عنده!! فشمغت بانفك و نظرت في عطفك، جذلا مسرورا، حين رايت الدنيا لك مستوسقة، و الامور متسقة و حين صفالك ملكنا سلطاننا، فمهلا مهلا، انيست قول الله عزوجل: «و لا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين» [١٦]. امن العدل يابن الطلقاء تخديرك اماء ك و نساءك و سوقك بنات رسول الله سبايا؟! قد هتكت ستورهن، و ابديت وجوهَهُنَّ، تحدوبهن الاعداء من بلد الي بلد، و يستشرفهن اهل المنازل و المناهل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد، و الدني و الشريف، ليس معهن من رجالهن ولي، و لا من هماتهن حمي، و كيف ترتجي مراقبة من لفظ فوه اكباد الاذكياء، و نبت لحمد بدماء الشهداء؟! و كيف يستظل في ظللنا اهل البيت من نظر الينا بالشنف و الشنآن و الإحن و الاضغان؟! ثم تقول غير متاثم و لا مستعظم: فاهلوا استهلوا فرحا. ثم قالوا: يا يزيد لا تشل.
منتحياً علي ثنايا ابي عبدالله ـ عليه السّلام ـ سيد شباب اهل الجنة تنكتها بمخصرتك. و كيف لا تقول ذلك، و قد نكات القرحة، و استاصلت الشافة، باداقتك دماء ذرية محمد ـ صلي الله عليه و آله ـ و نجوم الارض من آل عبدالمطلب؟! و تهتفُّ باشياخك، زعمت انك تناديهم! فلترون و شيكاً موردهم، و لتودن انك شللت و بكمت و لم تكن قلت ما قلت و فعلت ما فعلت. اللهم خذ بحقناه و انتقم ممن ظلمنا، و احلل غضبك بمن سفك دماءنا و قتل حماتنا. فوالله مافريت الاجلدك و لا حززت الا لحمك، و لتردن علي رسول الله ـ صلي الله عليه و آله ـ بما تحملت من سفك دماء ذريتة و انتهكت من حرمته في عترته و لحمته و حيث يجمع الله شملهم ويلم شعشهم و ياخذ بحقهم «و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون» و حسبك بالله حاكماً، و بمحمد خصيماً و بجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سول لك و مكنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلا و ايكم شر مكاناً و اضغف جنداً. و لئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر و قدرك، و استعظم تقريعك و اسثتكثر توبيخك، لكن العيون عبري، و الصدور حري. الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الايدي تنصح من دمائنا، و الافواه تتحلب من لحومنا، و تلك الجثث الطواهر الزواكي تتاهبها العواسل و تعفوها امهات الفواعل، و لئن اتخذتنا مغنماً لبقدنا و شيكا مغرما، حين لا تجد الا ما قدمت يداك، و ماربك بظلام للعبيد، فالي الله المشتكي. و عليه المعول فكذكيدك، واسع سعيك، و ناصب جهدك فوالله لا تمعون ذكرنا، و لا تميت وحينا، و لا تددك امرنا، و لا ترحض عنك عارها، و هل رايك الافندا و ايامك الاعددا، و جمعك الا بددا، يوم ينادي المناد، الا لعنة الله علي الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لاولنا بالسعادة و المغفرة، و الاخرنا بالشهادة و الرحمة. و نسال اللدان يكمل لهم الثواب و يوجب لهم المزيد، و يحسن علينا الخلافة، انه رحيم و دود. و حسبنا الله و نعم الوكيل.»[١٧].
وفاتها
هناك عدة اراء في مدفنها وسنة وفاتها، لكن هناك اجماع على يوم وفاتها ،وقيل مدفنها في دمشق، والمدينة المنورة ومصر، وايضا في شمال العراق، ورجح بعض المحققين ان يكون المدفن في دمشق قيل: إنها أُرغمت على الخروج فذهبت إلى الشام، ومرّت بشجرة عُلّق عليها رأس الإمام الحسين عليه السّلام، فتذكرت أيّام الأسر وعادت إليها لواعج الأسى والحزن، فحُمّت وتُوفّيت بالقرب من دمشق في قرية تُّسمى ( راوية )، في الخامس عشر من شهر رجب عام 62 هـ ( وقيل 65هـ) ، أي بعد شهادة أخيها الحسين عليه السّلام بعام ونصف تقريباً. فسلام على مَن ناصرت الحسين في جهاده، ولم تضعف عزيمتها بعد استشهاده، سلامٌ على من تضافرت عليها المصائب والكروب، وذاقت من النوائب ما تذوب منها القلوب، سلام على من شاطرت أمَّها الزهراء، في ضروب المِحَن والأرزاء، ودارت عليها رحى الكوارث والبلاء، يوم كربلاء[١٨].
الهوامش
- ↑ القرشي، السيدة زينب بطلة التاريخ...، ص 298.
- ↑ مقتبس من موقع الشيعة
- ↑ وفيات الأئمّة: 435.
- ↑ وفيات الأئمّة: 436.
- ↑ وفيات الأئمّة: 437.
- ↑ الطبرسي، الاحتجاج 2/ 31
- ↑ مقتبس من موقع الاستاذ انصاريان
- ↑ سيد علي نقي فيض الاسلام، خاتون دوسرا، ص 185.
- ↑ سيد نورالدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 24.
- ↑ المقرم، مقتل الحسين(ع)، ص 316.
- ↑ محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 117.
- ↑ مقتبس من موقع العتبة الحسينة المقدسة
- ↑ احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي، ص 246.
- ↑ مقتبس من موقع العتبة الحسينة المقدسة
- ↑ سورة روم، آية 10
- ↑ سوره آل عمران، آية 178.
- ↑ ابن طاووس، علی بن موسی بن جعفر، الملهوف علی قتلی الطفوف،، ص 215.
- ↑ مقتبس من موقع الاستاذ انصاريان