عرض مصدر حکم الرأي

'''حکم الرأي:''' وهو مرادف للقياس و [[الاستحسان]]، فحکمه حکمهما. ولمزيد التوضيح نطالع هذا المقال فيما يلي.

=حكم الرأي=
يختلف حكم الرأي باختلاف معناه، فإذا كان بمعنى [[القياس]] و [[الاستحسان]] فحكمه حكمهما، وإذا كان بمعنى آخر فحكمه حكم ذلك الآخر.
<br>ومن المسلّم بين جميع الطوائف والمذاهب أنّ الرأي مقابل النصّ (سواء كان قرآنا أو سنّة مقطوعة النسبة إلى المعصوم) ليس حجّة، وهو ما يسمّى بالقياس مقابل النصّ<ref>. اُصول السرخسي 2: 66، فتح الباري 13: 240، تحفة الأحوذي 4: 213، عون المعبود 8: 5.</ref> أو الاجتهاد مقابل النصّ<ref>. بدائع الأفكار: 255، كشف اللثام 1: 172، الرسائل الفقهية الخاجوئي 1: 393، الحدائق الناضرة 11: 200.</ref>، والنقاش الدائر بين [[المذاهب الإسلامية]] في جواز إعمال الرأي يخصّ موضوعما لا نصّ فيه، أي الموارد التي لم يرد فيها نصّ من [[القرآن]] أو [[السنة]].
<br>وقد وردت الكثير من الروايات عن طرق [[أهل السنة]] تناولت الرأي وذمّته جلّها، وذمّت أصحابه والقائلين بها، وقد أوردها بعض الأصوليين مثل: الجصاص<ref>. الفصول في الاُصول 4: 60 ـ 63.</ref>، وابن  حزم<ref>. الإحكام ابن حزم 6: 213.</ref>، والغزالي<ref>. المستصفى 2: 119.</ref>، والرازي<ref>. المحصول 2: 274.</ref>. وهي من قبيل: روي: «إيّاكم و [[أصحاب الرأي]]، فإنّهم أعيتهم الأحاديث أن يخفضوها فقالوا بالرأي»<ref>. سنن الدارقطني 4: 146.</ref>.
<br>وعن مسروق قال: قال عبداللّه‏: «ليس عام إلاّ الذي بعده شرّ منه ولا عام خير من عام ولا أمة خير من أمة، ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ويحدث قوم يقيسون الاُمور برأيهم فينهدم الإسلام وينثلم»<ref>. المعجم الكبير الطبراني 9: 105.</ref>.
<br>كما ورد الكثير من الروايات الذامّة للرأي والقول به وأصحابه عن طرق [[الشيعة]] كذلك، مثل الروايات التالية:
<br>عن الرسول(ص): «إيّاكم و [[أصحاب الرأي]] فإنّهم أعيتهم السنن أن يحفضوها فقالوا في [[الحلال]] و [[الحرام]] برأيهم، فأحلّوا ما حرّم اللّه‏»<ref>. عوالي اللئالئ 4: 65.</ref>.
<br>وقول علي عليه‏السلام: «من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس، ومن دان اللّه‏ بالرأي لم يزل دهره في ارتماس»<ref>. الكافي 1: 58.</ref>.
<br>وعن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام: «إيّاك أن تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم»<ref>. الكافي 1: 42.</ref>.
<br>ويرى البعض أنّ الروايات التي تحمل هذا المضمون قد بلغت مستوى [[التواتر]] عن طرق [[الشيعة]]<ref>. هداية المسترشدين 3: 690.</ref>.
<br>والرأي في هذه الروايات محمول على مثل القياس والاستحسان<ref>. دروس في علم الاُصول 1: 59 ـ 60 و2: 310، مباحث الاُصول الحائري 1: 567 و2: 233.</ref>.
<br>لكن قد يستثنى من تلك الروايات مثل رواية معاذ التي يبدو منها تقرير الرسول(ص) الأخذ بالرأي من قبل المجتهد، وهي:
<br>قال لمّا بعثه النبي(ص) إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب اللّه‏. قال: فإن لم تجد في كتاب اللّه‏؟ قال: فبسنّة رسول اللّه‏. قال: فإن لم تجد في سنّة رسول اللّه‏ ولا في كتاب اللّه‏؟ قال: اجتهد رأيي، ولا آلو. قال: فضرب رسول اللّه‏(ص) صدره وقال: الحمد للّه‏ الذي وفق رسول اللّه‏ لما يرضاه رسول اللّه‏<ref>. نقل الحديث مع اختلافات في الألفاظ، اُنظر: سنن أبي داوود 3 ـ 4: 303 ح 3592، السنن الكبرى 10: 114.</ref>.
<br>إلاّ أنّ الرأي هنا ـ على فرض صحّة الرواية ـ محمول على مثل ما ذهب إليه [[ابن حزم]] من إرادة معنى (الحكم بالأصلح والأحوط والأحسن في العاقبة)<ref>. الإحكام ابن حزم 6: 208.</ref>.
<br>وهمّ بعض بتأويل الروايات التي تذهب إلى ذمّ الرأي وتحذّر من ممارسته وحملته على الرأي الباطل لا القياس<ref>. اُنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 312.</ref>. يقول الآمدي: «وأمّا ما ذكروه من [[السنة]] في ذمّ  الرأي فيجب حمله على الرأي الباطل، كما ذكرناه جمعابين الأدلّة»<ref>. الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 312.</ref>، أو على الرأي الذي صدر في موارد ورد فيها  نصّ من القرآن أو السنّة، أو تبريرات اُخرى<ref>. الفصول في الاُصول 4: 64 ـ 65، اُصول السرخسي 2: 133.</ref>.

=حجّية رأي المجتهد=
بناءً على المعنى الدارج حاليا للرأي، وهو الحکم، فقد وردت عدّة بحوث ونقاشات في هذا المضمار، منها: ما هي أدلّة حجّية ما يصدره [[الاجتهاد|المجتهد]] أو [[الاجتهاد|الفقيه]] أو [[الإفتاء|المفتي]] من رأي أو حكم أو فتوى بناءً على أدلّة شرعية؟ ومنها: ما حكم رأي المجتهد بعد موته، هل يبقى على حجّيته أو لا؟ ومنها: هل المجتهد مصيب دائما أو يخطأ أحيانا؟<ref>. مقالات الاُصول 2: 507 ـ 510، نهاية الأفكار ج 4، ق 2: 260 ـ 263، المستصفى 2: 213، الاُصول العامة للفقه المقارن: 595.</ref> وقد توزّعت  هذه البحوث في الفقه والأصول وأدرجت تحت عناوين مثل: [[الاجتهاد]] و [[التقليد]].

=المصادر=

[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]