عرض مصدر أهل الفترة (فترة بين النبيين)

'''أهل الفترة:''' يطلق علی الزمن الذي خالٍ من النبي وهو الحدّ الفاصل من الرسولين.

=تعريف أهل الفترة=
الفترة: ما بين الرسولين من رسل اللّه‏ عزَّ وجلَّ<ref>. الصحاح 2: 777 مادة «فتر».</ref>.
الفترة: ما بين كلِّ نبييْن، وفي الصحاح: ما بين كلّ رسولين من رسل اللّه‏، من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة، وفي الحديث فترة ما بين عيسى ومحمد<ref>. لسان العرب 3: 2970، وأنظر: تاج العروس 7: 336 مادة «فتر».</ref>.
<br>والمراد من أهل الفترة الناس الذين عاشوا في المدَّة المزبورة، ولم تبلغهم دعوة أيٍّ من الرسل.
وبعض الأخباريين عرّف الفترة بما تشمل حتّى استتار المعصوم خوفا من شرار الناس، منذ آدم  عليه‏السلام وحتّى انقضاء الدنيا، الأمر الذي يؤدي إلى عدم بلوغ الدعوة إلى جمع من الناس؛ وذلك باعتبار تواتر الأخبار عن أئمة [[الشيعة]] بأنّه لابدّ في كلّ زمان من معصوم منصوب من قبله تعالى، ليكون حجة على الناس أجمعين<ref>. الفوائد المدنية: 452.</ref>.

=أحکام أهل الفترة=
دار النقاش بين الأصوليين في استحقاق أهل الفترة العقاب أم لا؟
<br>صرَّح النووي<ref>. صحيح مسلم بشرح النووي 3: 79 باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار...  .</ref> والفخر الرازي<ref>. التفسير الكبير 26: 43.</ref> بأنَّ من مات قبل البعثة مشركا فهو في النار... بخلاف من لم يشرك منهم ولم يوحِّد بل بقي عمره في غفلة من هذا كله، ففيهم خلاف<ref>. حاشية ردّ المحتار 3: 185.</ref>. والصحيح عند [[الشافعية]] من الأقوال أنَّ أهل الفترة ناجون<ref>. كشف الخفاء 1: 60.</ref>، وهو الدارج لدى غالب [[الشيعة]] ممَّن تعرض لهذا الموضوع، حيث قالوا بعدم تعلُّق تكليف بأهل الفترة<ref>. الفوائد المدنية: 452.</ref>، وأنَّهم وأشباههم معذورون، لغفلتهم عن ورود الشريعة<ref>. الفوائد المدنية: 347.</ref>، ويكون تكليفهم يوم الحشر<ref>. الوافية: 173، وفي بعض الروايات أنَّ الاختبار هناك هو الذي يحدّد مصيرهم، أنظر: الخصال: 283، الباب الخامس، ح31.</ref>، وادَّعى البعض<ref>. الفوائد المدنية: 320، فيض القدير 4: 102.</ref> تواتر الأخبار في ذلك<ref>. الكافي 3: 248، كتاب الجنائز، باب الأطفال ح1 و 6 و 7.</ref>، كما وردت أخبار في هذا المجال عن السنة كذلك<ref>. مسند إسحاق بن راهويه 1: 122 ح41، مسند أحمد 4: 602، ح15866 المعجم الكبير الطبراني 1: 287 ح841، كنز العمال 14: 370 ـ 371 ح38980.</ref>.
<br>والأمر يعود إلى قضية ما يستقلُّ بحكمه العقل، من قبيل حكمه بوجوب قضاء الدين ورد الوديعة وحرمة الظلم، وحجية هذه الاُمور متوقِّفة على ثبوت [[الحسن والقبح]] العقليين، لكن في إثبات الحكم الشرعي بهما (الحسن والقبح) نظر باعتبارات من قبيل الآية الكريمة: '''«ومَا كُنَّا مُعذِّبينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسولاً»'''<ref>. الاسراء: 15.</ref> والحديث: «إنَّ من قولنا أنَّ اللّه‏ يحتجُّ على العباد بما آتاهم وعرَّفهم ثمَّ أرسل إليهم رسولاً وأنزل عليهم الكتاب، فأمر فيه ونهى، أمر فيه بالصلاة والصيام...»<ref>. المحاسن 1: 236.</ref>. والدليل العقلي القائل بأنَّ ما يستقلُّ به العقل لطف، والعقاب بدون لطف قبيح، فلايجوز العقاب على ما لم يرد فيه من الشرع نصٌّ؛ لعدم اللطف فيه<ref>. الوافية: 171 ـ 174.</ref>.

==المفروض شرعا في زمان الفترة==
ناقش البعض في المفروض شرعا في زمان الفترة، فيذهب المرتضى<ref>. الذريعة 2: 809.</ref> أنَّ الأشياء زمن الفترة على الإباحة. ويقول السرخسي: في زمن الفترة الإباحة كانت ظاهرة في الناس<ref>. أصول السرخسي 2: 21.</ref>. وهذا حتَّى على فرض حكم العقل بالتكليف في الفترة؛ وذلك باعتبار أنَّ الكثير كالأشاعرة<ref>. انظر: الأصول العامة للفقه المقارن: 270.</ref>، والأخباريين وكذا البعض القليل من الأصوليين لايقولون بـ: [[الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع]]<ref>. أصول الفقه المظفر 1ـ2: 293.</ref>، لكنَّ يرى البعض أنَّ هكذا بحث لا طائل تحته<ref>. أجود التقريرات 3: 290.</ref>.

==ثمرة البحث==
ممَّا يمكن أن يذكر لهذا البحث من فائدة هو أنَّ معذورية أهل الفترة قد تدلُّ على عدم حجيَّة مدركات العقل.
لكن تردُّ هذه الدلالة بإمكانية قصور عقول أهل الفترة عن الاستقلال بإدراك شيء من الأحكام، واحتمال إدراكهم لبعض الأحكام لايكفي لتصحيح الاستدلال<ref>. الفصول الغروية: 343</ref>.

==إلحاق غيرهم بهم==
القسم المتعارف لأهل الفترة هم الذين لم تبلغهم الدعوة، لكن يلحق بهم كلّ من يحذو حذوهم ممَّن لم تصله دعوة الرسل، ولهذا عندما يُشار إلى حكم هؤلاء يضاف أحيانا عبارة ومن يحذو حذوهم<ref>. الفوائد المدنية: 452.</ref>، أو عبارة وأشباههم<ref>. الوافية: 173.</ref>.
<br>ويبدو أنَّ الحكم واحد بالنسبة لأهل الفترة والذين لم يصل خبر إليهم أو ماتوا قبل ثبوت الحق لديهم<ref>. الفصول الغروية: 246.</ref>، وقد أكَّدت ذلك الروايات<ref>. أنظر: مسند أحمد 4: 602 ح15866، الخصال: 283، الباب الخامس، ح31.</ref>.

=المصادر=
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]