مدرسة الرأي

من ویکي‌وحدت

مدرسة الرأي: وهم أصحاب الرأي، أي أهل الفكر والعلم في موضوع ما، مثل قولهم: أهل الإجماع.

مدرسة الرأي

استخدم اصطلاح مدرسة الرأي من قبل المتأخّرين، ويراد منه الاتجاه الذي تزعّمه أبو حنيفة في القرن الثاني من الهجرة، حيث ذهب إلى القول بالقياس و الاستحسان في المستحدثات التي لم يرد فيها نصّ، أي أنّها اعتمدت العقل كأساس لرؤيتها وسعت لفرض دور أساس له في عملية استنباط الأحكام، وأقحمته في الاستنباط تحت عناوين مثل القياس و الاستحسان.
ومركز هذه المدرسة الكوفة في قبال مدرسة الحديث التي كانت تشدّد على الالتزام بنصوص القرآن والحديث وعدم الخروج عنهما[١].
هناك دراسات وافرة أجريت على مجمل زوايا وأبعاد المدرسة، منها: سبب ذهاب أبي حنيفة إلى هذه الفكرة، ويقال في هذا المضمار: إنّ السبب هو شيوع فكرة نقص وعدم كفاية الشريعة المتمثلة بالقرآن والسنّة عن الشمول للمستحدثات وأنّ هناك حاجة للعقل لتغطية ذلك النقص[٢]. ويقال كذلك: إنّه لم يصحّ لدى أبي حنيفة من الأحاديث المنقولة عن الرسول(ص) إلاّ القليل، وقد قدّرت الأحاديث التي قبلها دون العشرين حديثا[٣]. أو سبعة عشر حديثا كما ورد عن ابن خلدون[٤].
ولا يبعد هذا، فإنّ الخطيب البغدادي نقل كثيرا من الأحاديث التي لم يقبلها أبو حنيفة وأطلق تجاهه ألفاظا قاسية، كما نقل أقوال بعض علماء ذلك الزمان في حقّه، وهي قاسية جدّا، معتبرين أخذه بالرأي باطلاً وضلالاً، مع توصيفات سلبية اُخرى[٥].
وفي التفريق بين مدرسة الحديث و مدرسة الرأي يُذكر فرقين:
أحدهما: أخذ مدرسة الرأي بالرأي وعدم التوقّف بما ورد في النصوص، وهو عكس ما عملت به مدرسة الحديث.
وثانيهما: تفريع المسائل في مدرسة الرأي وعدم الاكتفاء بالواقع من الحوادث بل يفترضون المسائل ويستنبطون لها الأحكام[٦].
أمّا سبب تبلور مدرسة الرأي في الكوفة والتوجّه نحو الحديث في المدينة فيعود إلى عدّة أسباب:
الأوّل: تأثّر فقهاء كلّ من المدرستين بشيوخهم. فقد تأثّر فقهاء المدينة بشيوخهم الصحابة المقلين من الأخذ بالرأي والساعين للوقوف عند النصوص.
الثاني: كثرة الأحاديث ووفرتها في المدينة لكثرة رواتها وقلّتها في الكوفة، متى خلق حاجة للأخذ بالرأي في الكوفة دون المدينة.
الثالث: طبيعة الحياة في البلدتين، فإنّ المدينة كانت تعيش حياة بسيطة خالية من المستجدات والتعقيدات، بينما الكوفة كانت تعيش معقدة تعود إلى تواجد حضارات قديمة وتقاليد وعادات وتيارات فكرية متنوّعة واقوام شتّى[٧].

المصادر

  1. . توضيح الرشاد الطهراني: 22 ـ 23، النص والاجتهاد (شرف الدين): 13 ـ 15.
  2. . المعالم الجديدة للأصول: 55 ـ 56.
  3. . علوم القرآن الحكيم: 234.
  4. . مقدّمة ابن خلدون: 444.
  5. . تاريخ بغداد 13: 385 ـ 426.
  6. . المدخل إلى الشريعة الإسلامية عبدالكريم زيدان: 136 - 138.
  7. . اُنظر: مقدّمة ابن خلدون: 445، نشأة الفقه الاجتهادي وأطواره السايس: 75، تاريخ المذاهب الإسلامية (أبو زهرة): 259، المدخل الفقهي العام (الزرقاء): 199 - 201.