محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن

من ویکي‌وحدت
الاسم محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن عليه السلام [١]
تاريخ الولادة 100 هجري قمري
تاريخ الوفاة 145 هجري قمري
كنيته أبو عبد اللَّه، أبو القاسم [٢].
نسبه القرشي، الهاشمي، الحسني [٣].
لقبه المدني، المهدي، النفس الزكية، الأمير [٤].
طبقته السابعة [٥].

محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن لُقِّب أبوه بالمحض لأنّه هاشمي من ناحية الأب والأم معاً، فأبوه الحسن بن الحسن عليه السلام، وأُمّه فاطمة بنت الحسين عليه السلام [٦]. وكان يقال له: صريح قريش؛ لأنّه لم يقم عنه أُمّ ولد في جميع آبائه وأُمّهاته وجدّاته [٧]. وأُمّ محمد «هند» بنت أبي عُبَيدة بن عبداللَّه بن زَمْعَة، حيث تزوّجت عبداللَّه بن الحسن بعد عبداللَّه بن عبدالملك بن مروان [٨].

ترجمته

وكان لمحمد ثلاثة أبناء وبنتان، هم: عبداللَّه وعلي وحسن وفاطمة وزينب [٩]. وأعقب محمد من ابنه: أبي محمد عبداللَّه الأشتر الكابلي وحده، وكان قد هرب بعد قتل أبيه إلى‏ السند فقُتل بكابل، في جبل يقال له: «علج» وحمل رأسه إلى‏ المنصور [١٠]. وأمّا علي فقد مات في السجن، وقُتل الحسن يوم «فخ» [١١].

ولم يكن محمد يدّعي لنفسه أنّه «مهدي الأمة» إلّا أنّ الناس كانوا يلقّبونه بالمهدي استناداً لحديث النبي صلى الله عليه وآله حول اسم وعلامات المهدي [١٢]. وذهبت طائفة من الجارودية إلى‏ أنّه حيّ لم يُقتل، وأنّه لايموت حتّى‏ تُملأ الأرض عدلاً [١٣]. وعن عمير بن الفضل الخثعمي: «رأيت أبا جعفر المنصور يوماً وقد خرج محمد بن عبداللَّه بن الحسن من دار ابنه، وله فرس واقف على‏ الباب... فلمّا خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتّى‏ ركب، ثمّ سوّى‏ ثيابه على‏ السرج ومضى‏ محمد، فقلت: من هذا؟... قال: هذا محمد بن عبداللَّه بن الحسن بن الحسن، مهدينا أهل البيت»! [١٤]

وروى‏ علي بن محمد النوفلي، قال: «جاء المغيرة بن سعيد فاستأذن على‏ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، وقال له: أخبر الناس أنّي أعلم الغيب، وأنا اُطعمك العراق، فزجره زجراً شديداً، وأسمعه ما كره، فانصرف عنه، فأتى‏ أبا هاشم عبداللَّه بن محمدابن الحنفية رحمه الله، فقال له مثل ذلك... وضربه ضرباً شديداً... ثم أتى‏ محمد بن عبداللَّه بن الحسن بن الحسن فقال له كما قال للرجلين، فسكت محمد فلم يجبه، فخرج وقد طمع فيه بسكوته، وقال: أشهد أنّ هذا هو المهدي الذي بشّر به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وأ نّه قائم أهل البيت، وادّعى‏ أنّ علي بن الحسين ‏عليهما السلام أوصى‏ إلى‏ محمد بن عبداللَّه بن الحسن! ثمّ قدم المغيرة الكوفة، وكان مشعبذاً، فدعا الناس إلى‏ قوله، واستهواهم واستغواهم، فاتّبعه خلق كثير، وادّعى‏ على‏ محمد بن عبداللَّه أنّه أذن له في خلق الناس وإسقائهم السموم، وبثّ أصحابه في الأسفار يفعلون ذلك بالناس، فقال له بعض أصحابه: إنّا نخنق من لا نعرف، فقال: لا عليكم! إن كان من أصحابكم عجّلتموه إلى‏ الجنّة، وإن كان من عدوّكم عجّلتموه إلى‏ النار!» [١٥].

وكان الرأي العام قد توجّه إلى‏ محمد؛ لما يحظى‏ به من منزلةٍ اجتماعية. ولمّا حجّ المنصور سنة أربع وأربعين ومائة استعمل على‏ المدينة رياحاً المري، وقلق المنصور لتخلّف محمد وأخيه إبراهيم عن المجي‏ء إليه، لاسيّما وأنّ المنصور عندما حجّ قبل ذلك مع أخيه السفّاح سنة 136 ه ، كان فيما قال محمد بن عبداللَّه - حينما تشاور بنو هاشم بمكة في من يعقدون له بالخلافة حين اضطرب أمر بني أُمية -: «كان المنصور ممّن بايع لي» [١٦]. واشتد قلقه عندما حذّره حسن بن زيد بن حسن منه قائلاً: «لا آمن إن يخرج» [١٧].

وعن عبداللَّه بن أبي عُبَيدة قال: «استُخلف المنصور، فلم يكن له همّ إلّا طلب محمد والمسألة عنه، فدعا بني هاشم واحداً واحداً يخلو به ويسأله، فيقول: يا أمير المؤمنين! قد عرف أنّك قد عرفته بطلب هذا الشأن قبل اليوم، فهو يخافك، وهو الآن لايريد لك خلافاً» [١٨]. وذكر اليعقوبي «أنّ المنصور لمّا قدم المدينة طلب محمداً، فلم يظفر به، فأخذ جماعةً - منهم: عبداللَّه والد محمد - فأوثقهم في الحديد، وحملهم على‏ الإبل بغير وطاء، وقال لعبداللَّه: دلّني على‏ ابنك وإلّا - واللَّه - قتلتك» [١٩].

ولمّا نصب المنصور رياح بن عثمان والياً على‏ المدينة سنة 144 ه قام بحبس خمسة عشر رجلاً من أُسرة محمد، وبقوا في الحبس حتّى‏ ماتوا جميعاً، وفي تلك الأثناء نشر الخليفة رسائل على‏ لسان عيونه يذكر فيها حماية محمد ودعوته للثورة، حتّى‏ ثار محمد في أواخر شهر جمادى الآخرة سنة 145 ه ومعه 250 شخصاً في المدينة، ولقّب نفسه بخليفة المسلمين، كما وعيّن ولاة مكة واليمن والشام وأرسلهم إلى‏ ولاياتهم.

وبعد أن عرف المنصور أوضاع المدينة أرسل أربعة آلاف مقاتل بقيادة عيسى‏ بن موسى‏ إليها، وكتب رسالةً اعتبر محمداً فيها مفسداً في الأرض، ويجب قتله إلّا إذا سلّم نفسه، فكتب محمد في الجواب أنّه يعطي الأمان للخليفة، وسمّى‏ نفسه الخليفة.

وتوقّف عيسى‏ بن موسى‏ قبل المدينة في مكانٍ يُسمى‏ «فَنْد» [٢٠] وكتب رسالةً إلى‏ أهل المدينة يدعوهم فيها لترك محمد، وبعد وصول الرسالة تركوا محمداً، بل وخرج جمعٌ منهم لاستقبال الجيش، وأخيراً دخل الجيش المدينة، ولم تمض فترة حتّى‏ قُتل محمد واثنا عشر من أنصاره على‏ أيديهم. وقد استمرّت ثورته شهرين واثني عشر يوماً[٢١].

وقد اختلف العلماء بشأنه وثورته، فقال أبوالفرج الإصفهاني: «وكان أفضل أهل بيته، وأكبر أهل زمانه في زمانه، في علمه بكتاب اللَّه وحفظه له، وفقهه في الدين، وشجاعته وجوده وبأسه، وكلّ أمرٍ يجمل بمثله، حتّى‏ لم يشكّ أحدٌ أنّه المهدي» [٢٢].

وكان ابن عجلان فقيه المدينة و عبدالحميد بن جعفر من المقاتلين معه، وأفتى‏ مالك بن أنس بالخروج معه، وعندما قيل لمالك: نحن بايعنا المنصور قبل ذلك، فكيف ننقض البيعة؟ قال: «أنتم بايعتم مكرهين، ويجوز نقض مثل هذه البيعة» ولذلك غضب عليه المنصور [٢٣].

محمد وأهل البيت‏ عليهم السلام

عاصر محمد الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، إلّا أنّه لايوجد بين أيدينا ما يشير إلى‏ علاقته بالإمام الباقرعليه السلام، وذكر أبوالفرج الإصفهاني أنّه لم ينصره في ثورته من بني هاشم سوى‏: الحسن ويزيد وصالح أبناء معاوية بن عبدالله بن جعفر، وحسين وعيسى‏ ابني زيد بن علي عليه السلام. وأمّا الإمام الصادق عليه السلام فقد كان يحذّره وينصحه، وكان إذا رآه تغرغرت عيناه ثم يقول: «إنّ الناس ليقولون فيه إنّه المهدي، وإنّه لمقتول، ليس هذا في كتاب علي من خلفاء هذه الأمّة» [٢٤].

وقد منع الإمام الصادق‏ عليه السلام محمداً من الثورة، إلّا أنّه لم يستجب لذلك، يقول أبو الفرج:«إنّ جماعةً من بني هاشم اجتمعوا... وفيهم عبداللَّه بن الحسن وابنه محمد... فقال عبداللَّه: قد علمتم أنّ ابني هذا هو المهدي، فهلمّوا فلنبايعه!... فبايعوا جميعاً محمداً ومسحوا على‏ يده... وجاء جعفر بن محمد... فقال: لاتفعلوا، فإنّ هذا الأمر لم يأت بعدُ... وإن كنت إنّما تريد أن تخرجه غضباً للَّه، وليأمر بالمعروف وينهى‏ عن المنكر، فإنّا واللَّه لاندعك... فغضب عبداللَّه وقال: لقد علمتَ خلاف ما تقول... فقال‏ عليه السلام: إنّها واللَّه ما هي إليك ولا إلى‏ ابنيك... ثم قال: أرأيت صاحب الرداء الأصفر؟ يعني: أبا جعفر، قال: نعم، قال: فإنّا واللَّه نجده يقتله» [٢٥].

موقف الرجاليّين منه

أورده ابن سعد في عداد رواة الطبقة الخامسة في المدينة واعتبره قليل الرواية [٢٦]، إلّا أنّ ابن حجر عدّه من الطبقة السابعة حسب تصنيفه [٢٧].

واختلف رجاليو أهل السنّة بشأنه، فقد وثّقه النسائي، وأورد ابن حبّان اسمه في كتاب «الثقات»، إلّا أنّ البخاري قال: «لايتابع على‏ حديثه» [٢٨]. ومن بين رجاليي الشيعة أورده ابن داود في القسم الأول من كتابه ضمن المعتمدين [٢٩]، إلّا أنّ آيةاللَّه الخوئي ضعّفه وقال: «هذا غريب» [٣٠]. وبعد أن ذكر المامقاني عدداً من الروايات في ذمّه قبل بعضها وضعّفه [٣١].

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه [٣٢]

روى‏ عن جماعة، منهم: أبوه: عبداللَّه، عبدالله بن ذكوان، نافع مولى‏ ابن عمر. وروى‏ عنه جماعة، منهم: عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، ابن نافع، عبداللَّه بن جعفر المخرمي، زيد بن الحسن الأنماطي. وقد وردت رواياته في المصادر الحديثية لأهل السنّة والشيعة [٣٣].

وفاته

مرّبنا أنّه قُتل بعدما ثار ضدّ المنصور، يقول مسعود الرحّال: «شهدت قتل محمد بن عبداللَّه في «أحجار الزيت» [٣٤]، ورأيت عدداً من فرسان عيسى‏ بن موسى‏ ألقوه أرضاً، وأُصيب بسهمٍ في عينه، ثم قطعوا رأسه وأرسلوه إلى‏ المنصور، وطافوا به في مدن العراق. وكان قتله سنة 145 ه، وعمره 45 سنة، ودفن في البقيع [٣٥].

المراجع

  1. رجال الكشي: رقم (359)، (382)، المعارف: 213، 378، شذرات الذهب 1: 213.
  2. مقاتل الطالبيّين: 232، عمدة الطالب: 103، الجرح والتعديل 7: 295.
  3. تهذيب الكمال 25: 465، 466، تاريخ الإسلام 9: 271.
  4. عمدة الطالب: 103، سير أعلام النبلاء 6: 210، الوافي بالوفيات 3: 297، مجمع الرجال 5: 242.
  5. تقريب التهذيب 2: 176.
  6. عمدة الطالب: 101.
  7. مقاتل الطالبيّين: 233.
  8. المصدر السابق: 232، 235.
  9. سير أعلام النبلاء 6: 218.
  10. عمدة الطالب: 105.
  11. سرّ السلسلة العلوية: 8.
  12. مقاتل الطالبيّين: 205، 208، تهذيب الكمال 25: 468، الوافي بالوفيات 3: 299. إلّا أنّ أبا الفرج نقل أيضاً أنّه لم يزل محمد بن عبد اللَّه منذ كان صبياً يتوارى‏ ويراسل الناس بالدعوة إلى‏ نفسه، ويسمّى‏ بالمهدي. ونقل أيضاً أنّه قال على‏ المنبر: إنّكم لا تشكّون أنّي أنا المهدي، وأنا هو! (مقاتل الطالبيّين: 239، 240). وفي تهذيب الكمال 25: 468: قال عبد اللَّه: المهدي من وَلَد الحسن بن علي، فقيل له: يأبى‏ ذاك علماء أهل بيتِك، فقال له عبداللَّه: المهدي - واللَّه - من وَلَد الحسن بن علي، ثمّ من وَلَدي خاصّةً!
  13. تاريخ الإسلام 9: 272.
  14. مقاتل الطالبيّين: 239. وقد نسب ابن عنبة هذه الحادثة إلى‏ الإمام الصادق ‏عليه السلام وليس المنصور، وهو اشتباه. وانظر: عمدة الطالب: 104.
  15. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 8: 121.
  16. سير أعلام النبلاء 6: 210، وانظر: مقاتل الطالبيّين: 206.
  17. سير أعلام النبلاء 6: 211.
  18. المصدر السابق: 210.
  19. تاريخ اليعقوبي 2: 369 - 370.
  20. فَنْد: جبل بين مكة والمدينة، حول البحر الأحمر (معجم البلدان 4: 277).
  21. أنظر تفاصيل ثورته في مقاتل الطالبيّين: 6 وما بعدها، سير أعلام النبلاء 6: 210 وما بعدها، تاريخ الإسلام (سنة خمس وأربعين ومائة)، عمدة الطالب: 104 - 105، تاريخ اليعقوبي 2: 376، الكامل في التاريخ 5: 513 وما بعدها.
  22. مقاتل الطالبيّين: 233.
  23. سير أعلام النبلاء 6: 217، مقاتل الطالبيّين: 280، 281، 283.
  24. مقاتل الطالبيّين: 208، 278.
  25. المصدر السابق: 206 - 208.
  26. تهذيب التهذيب 9: 225.
  27. المصدر السابق 2: 176.
  28. المصدر نفسه 9: 225، ميزان الاعتدال 3: 591.
  29. رجال ابن داود: 175.
  30. معجم رجال الحديث 17: 250.
  31. تنقيح المقال 3: 142.
  32. تهذيب الكمال 25: 466.
  33. أنظر: سنن الترمذي 2: 73، سنن أبي داود 1: 841، مستدركات علم رجال الحديث 7: 171.
  34. مكان داخل المدينة، وهو محلّ إقامة صلاة الاستسقاء (معجم البلدان 1: 109).
  35. تاريخ خليفة: 341، المعارف: 378، كتاب الثقات 7: 363، جامع الرواة 2: 141.