محمد بن جعفر بن محمد

من ویکي‌وحدت
الاسم محمد بن جعفر بن محمد عليهما السلام [١]
تاريخ الوفاة 203 هجري قمري
كنيته أبو جعفر [٢].
نسبه الهاشمي، العلوي، الحسيني [٣].
لقبه المدني، الديباج، المأمون [٤].
طبقته التاسعة [٥].

محمد بن جعفر بن محمد هو ابن الإمام الصادق‏ عليه السلام، وأخو الكاظم‏ عليه السلام وإسحاق وعلي بن جعفر، وأُمّه أُم ولد يقال لها: حميدة [٦]، ولقِّب بالديباج لحسن وجهه. وقد أعقب من ثلاثة رجال: علي الخارصي والقاسم والحسين [٧].

ترجمته

كان محمد شجاعاً، عاقلاً، فاضلاً [٨]، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً [٩]، وكان جواداً كريماً حتّى‏ قالت زوجته : « ما خرج من عندنا محمد قطّ في ثوبٍ فرجع حتّى‏ يكسوه»[١٠]. وقال الذهبي: «كان سيّداً مهيباً، عاقلاً فارساً شجاعاً، يصلح للإمامة» [١١].

وقال الشيخ المفيد: «أُتي إلى‏ محمد بن جعفر فقيل له: إنّ غلمان ذي الرئاستين قد ضربوا غلمانك على‏ حطبٍ اشتروه، فخرج مؤتزراً ببردتين معه هراوة... وتبعه الناس حتّى‏ ضرب غلمان ذي الرئاستين وأخذ الحطب منهم، فرفع الخبر إلى‏ المأمون، فبعث إلى‏ ذي الرئاستين فقال له: إئت محمد بن جعفر فاعتذر إليه، وحكِّمه في غلمانك. قال: فخرج ذو الرئاستين إلى‏ محمد بن جعفر... وجلس على‏ الأرض، فاعتذر إليه وحكّمه في غلمانه» [١٢].

وقال أيضاً: «كان يرى‏ رأي الزيدية في الخروج بالسيف» [١٣]. ويؤيّد هذا ما نقله أبو الفرج عن مؤمّل قال: «رأيت محمد بن جعفر يخرج إلى‏ الصلاة بمكة في سنةٍ بمائتي رجل من الجارودية، وعليهم ثياب الصوف وسيماء الخير» [١٤]. وكذلك فإنّ الزيدية الجارودية في مكّة اتّبعوه عندما خرج على‏ المأمون [١٥].

وقال النجاشي: «له نسخة يرويها عن أبيه» [١٦]. ويبدو من كلام الخطيب أنّه تصدّى‏ لنشر الحديث في مكّة، وسمع الكثير منه الحديث أو كتبوا عنه، يقول: «... ثم أخذ - أي: إسحاق بن موسى‏ - محمدَ بن جعفر فقال: قد كنتَ حدّثتَ الناس بروايات لتفسد عليهم دينهم، فقم فأكذِب نفسك، وأصعده المنبر وألبسه درعة سوداء، فصعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى‏ عليه، ثم قال: أيّها الناس، إنّي قد حدّثتكم بأحاديث زوّرتها! فشقّ الناس الكتب والسماع الذي كانوا سمعوه منه، ثم نزل عن المنبر» [١٧].

وقد واجه المأمون في السنوات الأولى‏ من حكمه ثورات واسعة متوالية للعلويّين في الكوفة والبصرة واليمن ومكّة، فقد سيطر حسين بن حسن العلوي على‏ مكّة سنة 200 ه ، إلّا أنّ الناس تضايقوا منه بسبب تصرّفات أنصاره وأعوانه، فلمّا اشتدّ عليه الأمر ذهب ومن معه إلى‏ محمد بن جعفر، وكان شيخاً وادعاً محبّباً في الناس، وكان يروي العلم عن أبيه جعفر بن محمد، وكان الناس يكتبون عنه، وكان يظهر سمتاً وزهداً، فقالوا له: قد تعلم حالك في الناس، فأبرز شخصك نبايع لك بالخلافة، فإنّك إن فعلت ذلك لم يختلف عليك رجلان، فأبى‏ ذلك عليهم، فلم يزل به ابنه علي بن محمد وحسين بن حسن الأفطس حتّى‏ غلبا الشيخ على‏ رأيه، فأجابهم!

فأقاموه يوم صلاة الجمعة بعد الصلاة لستٍّ خلون من ربيع الآخر، فبايعوه بالخلافة، وحشروا إليه الناس من أهل مكّة والمجاورين، فبايعوه طوعاً وكرهاً، وسمّوه بإمرة المؤمنين [١٨]، فأقام بذلك أشهراً، وليس له من الأمر إلّا اسمه، وبعد ذلك روي بعض الأعمال السيّئة عن ابنه علي وحسين بن حسن، فلمّا رأى‏ ذلك أهل مكّة ومن بها من المجاورين خرجوا فاجتمعوا في المسجد الحرام وغلّقت الدكاكين، ومال معهم أهل الطواف بالكعبة، حتّى‏ أتوا محمد بن جعفر بن محمد وهو نازل دار داود، فقالوا: واللَّه لنخلعنّك ولنقتلنّك... فلم يلبثوا إلّا يسيراً حتّى‏ أقبل إسحاق بن موسى‏ بن عيسى‏ العباسي مقبلاً من اليمن حتّى‏ نزل المشّاش، فاجتمع العلويون إلى‏ محمد بن جعفر بن محمد، فقالوا له: يا أمير المؤمنين، هذا إسحاق بن موسى‏ مقبلاً إلينا في الخيل والرجال، وقد رأينا أن نخندق خندقاً بأعلى‏ مكة وتبرز شخصك ليراك الناس ويحاربوا معك... فقاتلهم إسحاق أياماً.

ثم إنّ إسحاق كره القتال والحرب، وخرج يريد العراق، فلقيه ورقاء بن جميل في أصحابه ومن كان معه من أصحاب الجلودي، فقالوا: ارجع معنا إلى‏ مكة ونحن نكفيك القتال، فرجع معهم حتّى‏ أتوا مكة فنزلوا المشّاش... فقاتلهم ببئر ميمون، فوقعت بينهم قتلى‏ وجراحات، ثم رجع إسحاق وورقاء إلى‏ معسكرهم، ثم عاودهم بعد ذلك بيوم فقاتلهم، فكانت الهزيمة على‏ محمد بن جعفر وأصحابه، فلمّا رأى‏ ذلك محمد بعث رجالاً من قريش فيهم قاضي مكّة يسألون لهم الأمان، حتّى‏ يخرجوا من مكّة ويذهبوا حيث شاءوا، فأجابهم إسحاق وورقاء بن جميل إلى‏ ذلك، وأجلوهم ثلاثة أيام، فلّما كان في اليوم الثالث دخل إسحاق وورقاء إلى‏ مكة في جمادى الآخرة.

وأمّا محمد بن جعفر فأخذ ناحية جدّة، ثم خرج يريد الجحفة... وأتى‏ بعد ذلك بلاد جُهَيْنة على‏ الساحل، فلم يزل مقيماً هناك حتّى‏ انقضى‏ الموسم وهو في ذلك يجمع الجموع، وقد وقع بينه وبين هارون بن المسيّب والي المدينة وقعات عند الشجرة وغيرها... وهزم محمد بن جعفر وفُقئت عينه بنشابة، وقُتل من أصحابه بشر كثير، فرجع حتّى‏ أقام بموضعه الذي كان فيه ينتظر مايكون من آخر الموسم، فلم يأته من كان وعده، فلمّا رأى‏ ذلك وانقضى‏ الموسم طلب الأمان من الجلودي ومن رجاء ابن عم الفضل بن سهل، وضمن له رجاء على‏ المأمون و على‏ الفضل بن سهل ألّا يُهاج، وأن يوفى‏ له بالأمان، فقبل ذلك ورضيه، ودخل به مكة يوم الأحد بعد النفر الأخير بثمانية أيام لعشرٍ بقين من ذي الحجّة، فأمر عيسى‏ بن يزيد الجلودي ورجاء بن أبي الضحّاك ابن عم الفضل بن سهل بالمنبر، فوضع بين الركن والمقام حيث كان محمد ابن جعفر بويع له فيه، وقد جمع الناس من القريشيين وغيرهم، فصعد الجلودي رأس المنبر، وقام محمد بن جعفر تحته بدرجة وعليه قباء أسود، وقلنسوة سوداء، وليس عليه سيف، ليخلع نفسه، ثم خطب خطبةً منها: إنّه كانت فتنة غشيت عامة الأرض منّا ومن غيرنا، وكان نُمي إليَّ خبر أنّ عبداللَّه المأمون أميرالمؤمنين كان توفّي، فدعاني ذلك إلى‏ أن بايعوا لي بإمرة المؤمنين، واستحللت قبول ذلك لما كان عليَّ من العهود والمواثيق في بيعتي لعبداللَّه الإمام المأمون، فبايعتموني - أو من فعل منكم - ألا وقد بلغني وصحّ عندي أنّه حيّ سويّ، ألا وإنّي استغفراللَّه ممّا دعوتكم إليه من البيعة... وخرج عيسى‏ ومحمد بن جعفر حتّى‏ سلّمه إلى‏ الحسن بن سهل، فبعث به الحسن بن سهل إلى‏ المأمون بمرو مع رجاء بن أبي الضحّاك [١٩].

موقف الرجاليّين منه

لم يتصدَّ علماء الرجال من الشيعة وأهل السنّة لنقده وجرحه وتعديله سوى‏ القليل. قال البخاري: «قال لي إبراهيم بن المنذر: كان إسحاق أخوه أوثق منه، وأقدم سنّاً» [٢٠]. وهذا يشير إلى‏ توثيقه بشكل غير مباشر. بينما ذكره ابن عدي في الضعفاء [٢١]، وقال الذهبي: «تُكلِّم فيه» [٢٢]. هذا وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق ‏عليه السلام [٢٣].

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه [٢٤]

روى‏ عن الإمام الصادق ‏عليه السلام، وروى‏ أيضاً عن هشام بن عُروَة. وروى‏ عنه جماعة، منهم: إبراهيم بن المنذر، أحمد بن محمد بن الوليد بن برد الأنطاكي، إسحاق بن موسى‏ الأنصاري، عتيق بن يعقوب، يعقوب بن حميد بن كاسب. وقال أبو الفرج: «روى‏ الحديث، وأكثر الرواية عن أبيه» [٢٥].

محمد وأهل البيت عليهم السلام

يبدو أنّ علاقته مع ائمة أهل البيت ‏عليهم السلام بعد أبيه الصادق‏ عليه السلام لم تكن متوترة جداً، فقد روى‏ الصدوق أنّه دخل على‏ هارون الرشيد فسلّم عليه بالخلافة، ثم قال له: ماظننت أنّ في الأرض خليفتين حتّى‏ رأيت أخي موسى‏ بن جعفر عليه السلام يسلّم عليه بالخلافة [٢٦]. وروى‏ أيضاً عن إسحاق بن موسى‏، قال: لمّا خرج عمي محمد بن جعفر بمكّة ودعا إلى‏ نفسه، ودُعي بأمير المؤمنين، وبويع له بالخلافة، دخل عليه الرضا عليه السلام وأنا معه، فقال له: «يا عم، لاتكذّب أباك وأخاك، فإنّ هذا الأمر لايتمّ» [٢٧].

ويروى‏ أنّه في يومٍ مرض مرضاً شديداً فحضره الموت، فأبطأ عليه ابن أخيه الإمام الرضا عليه السلام، ثم جاء، فلم يلبث أن قام وكأنّه نشط من عقال [٢٨].

وفاته

توفّي محمد سنة 203 ه [٢٩]، في سنّ السبعين، في جرجان ودفن هناك [٣٠].

المراجع

  1. تنقيح المقال 2: 94، مجمع الرجال 5: 176، تاريخ الإسلام 14: 347، العبر في خبر من غبر 1: 267، جامع الرواة 2: 86.
  2. تاريخ بغداد 2: 113، مقاتل الطالبيين: 537.
  3. ميزان الاعتدال 3: 500، سير أعلام النبلاء 10: 104.
  4. كتاب التاريخ الكبير 1 : 57 ، شذرات الذهب 2 : 7 ، عمدة الطالب : 195 ، 245 ، العبر في خبر من غبر 1: 267، قاموس الرجال 9: 171.
  5. أنظر: تقريب التهذيب 1: 6 حيث قال: ومن كان من التاسعة الى‏ آخر الطبقات فهو بعد المائتين.
  6. عمدة الطالب: 245، تاريخ بغداد 2: 113.
  7. الفخري: 27، عمدة الطالب: 245، 246.
  8. تاريخ بغداد 2: 113.
  9. إرشاد المفيد 2: 211، تاريخ بغداد 2: 113.
  10. المصدران السابقان.
  11. سير أعلام النبلاء 10: 105.
  12. إرشاد المفيد 2: 212 - 213.
  13. المصدر السابق: 211.
  14. مقاتل الطالبيّين: 538.
  15. إرشاد المفيد 2: 212.
  16. رجال النجاشي: 367.
  17. تاريخ بغداد 2: 115.
  18. وقال المسعودي: «ليس في آل محمد ممّن ظهر لإقامة الحقّ ممّن سلف وخلف قبله وبعده من تسّمى‏ بأمير المؤمنين غيره» (أنظر: مروج الذهب 3: 439). وقال ابن عنبة: كان محمد بن جعفر قد خرج داعياً الى‏ محمد بن إبراهيم بن طباطبا الحسني، فلمّا مات محمد بن إبراهيم دعا محمد الديباج الى‏ نفسه، وبويع له بمكة (عمدة الطالب: 245).
  19. ويقول أبو الفرج: «كان رجل قد كتب كتاباً في أيام أبي السرايا يسبّ فاطمة بنت رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وجميع أهل البيت، وكان محمد بن جعفر معتزلاً تلك الأُمور لم يدخل في شي‏ءٍ منها، فجاءه الطالبيّون فقرأوه عليه، فلم يرد عليهم جواباً حتّى‏ دخل بيته، فخرج عليهم وقد لبس الدرع وتقلّد السيف ودعا إلى‏ نفسه وتسمّى‏ بالخلافة» (مقاتل الطالبيّين: 538).
  20. وورد أيضاً في كتاب تاريخ خليفة: أنّه وثب بالبصرة سنة 199 ه فصارت إليه بغير قتال. إلّا أنّ هذا خطأ، إمّا من خليفة أو النسّاخ، وذلك لأنّه، كما ذكر المسعودي (مروج الذهب 3: 439) وغيره، فإنّ علي ابن محمد هو الذي و ثب بالبصرة وليس المترجم. والجدير بالذكر أنّ المسعودي ذكر نسب علي بن محمد - الذي هو من أحفاد الإمام الحسين ‏عليه السلام - هكذا: علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي. ويبدو أنّ هذا اشتباه، وذلك لأنّه علاوة على‏ كثرة التصحيف في (حسن) و (حسين) والاشتباه بينهما، فإنّ الإمام الحسن ‏عليه السلام ليس له ولد باسم علي! (أنظر: تاريخ خليفة 385).
  21. تاريخ الطبري 8: 536 - 540.
  22. كتاب التاريخ الكبير 1: 57.
  23. الكامل في ضعفاء الرجال 6: 2232.
  24. ميزان الاعتدال 3: 500.
  25. رجال الطوسي: 279. والغريب أنّ ابن داود عدّه ضمن من لم يرو عن أئمة الشيعة (رجال ابن داود: 168) واعتبر الميرزا الاسترآبادي هذا سهواً (منهج المقال: 289). ويبدو أنّ ابن داود خلط بينه وبين محمد بن جعفر ابن محمد بن جعفر من أحفاد الإمام المجتبى‏ الذي ذكره الشيخ الطوسي ضمن من لم يرو عن الائمة (رجال الطوسي: 500).
  26. أنظر: عيون أخبار الرضا 1: 45، أمالي المفيد: 274، 316، سير أعلام النبلاء10: 104 - 105، الجرح والتعديل 7: 220، مقاتل الطالبيين: 538، تاريخ بغداد 2: 113، تاريخ الإسلام 14: 348.
  27. مقاتل الطالبيين: 538.
  28. عيون أخبار الرضا 7 1: 73.
  29. هذا الكلام يشير إلى‏ حديث «اللوح» الذي يذكر الائمة الاثني عشر، وأنّ محمداً ليس واحداً منهم. راجع: عيون أخبار الرضاعليه السلام 1: 45، كمال الدين: 305.
  30. اعتبر المحقّق الخوئي هذا العمل من الإمام الرضاعليه السلام دليلاً على‏ أنّه لم يكن مرضياً عنده، ثم أورد الروايات التي تذمّه. أنظر: معجم رجال الحديث 5: 89 - 90، 16: 173.