طاهر الجزائري

من ویکي‌وحدت
ملف:Tahar-el-djazairi.jpg
طاهر الجزائري
الاسم طاهر الجزائري‏
الاسم الکامل طاهر بن محمّد صالح بن أحمد بن موهوب السمعوني الجزائري
تاريخ الولادة 1268ه/1852 م
محل الولادة دمشق/سوریه
تاريخ الوفاة 1338ه/1920 م
المهنة بحّاثة، لغوي، أديب، مصلح كبير
الأساتید
الآثار الجواهر الكلامية في العقائد الإسلامية
بديع التلخيص.التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن.توجيه النظر الي أصول الأثر.المنتقي من الذخيرة لابن بسام..تفسير القرآن الحكيم "مخطوط"الفوائد .الجسام في معرفة خواص الأجسام.كتاب في الحساب والمساحة
المذهب سنی مالکی

طاهر الجزائري هو طاهر بن محمّد صالح بن أحمد بن موهوب السمعوني الجزائري: بحّاثة، لغوي، أديب، مصلح كبير.

الولادة

ولد في دمشق سنة 1852 م، والتي هاجر والده إليها سنة 1847 م، وكان من قضاة المالكية في الجزائر، وعندما استقرّ في دمشق أصبح مفتياً للمالكية فيها.

الدراسة

درس الشيخ طاهر في مدارس دمشق، حيث دخل إلى المدرسة الجقمقية، وتخرّج على يد الشيخ عبد الرحمان البوشناقي، فأتقن مبادئ العلوم المختلفة.

النشاطات

اتّصل بالشيخ عبد الغني الميداني الذي كان له تأثير كبير على شخصية الشيخ طاهر، وقد أنشأه على الأُصول العلمية الصحيحة، ومحاربة الخرافات، والتسامح الديني. ويذكر أنّ الشيخ عبد الغني الميداني قد حال سنة 1860 م بدمشق دون تعدّي فتيان المسلمين على جيرانهم المسيحيّين، فأنقذ أُلوفاً من القتل في تلك الفتنة المشؤومة، وقد تأثّر الشيخ طاهر به، فكان يأخذ من أصل الشريعة باجتهاده الخاصّ، ولا يعادي أئمّة المذاهب المعروفة، وكان من عادته أن يصحب أصحاب الفِرق المختلفة مهما كانت طريقتهم.
تعلّم الشيخ طاهر الفرنسية والسريانية والعبرانية والحبشية والبربرية، بالإضافة إلى إتقانه العربية والفارسية والتركية. وتولّى التعليم لأوّل أمره في المدرسة الظاهرية الابتدائية، وألّف: «توجيه النظر إلى علوم الأثر»، و «التبيان»، وكان عضواً في «الجمعية الخيرية» التي أُسّست سنة 1877 م، والتي استحالت إلى (ديوان معارف) في عهد والي الشام مدحت باشا.
عيّن الشيخ طاهر مفتشاً عامّاً على المدارس الابتدائية في عام 1877 م، فألّف كتب‏
التدريس للصفوف الابتدائية في جميع الفروع، منها: مدخل الطلّاب إلى علم الحساب، ورسالة في النحو، ومنية الأذكياء في قصص الأنبياء، والفوائد الجسام في معرفة خواصّ الأجسام، وإرشاد الألبّاء إلى تعليم ألف باء، وغيرها. وعمل على افتتاح كثير من المدارس الابتدائية، حيث تمّ افتتاح تسع مدارس في مدينة دمشق، فجعله الوالي مفتشاً عامّاً للمعارف في ولاية سوريا آنذاك، فكان يعمل على توعية الناس، ونشر العلم، ومحاربة الخرافات، والاعتزاز بالإسلام.
أنشأ «المكتبة الظاهرية» و «المكتبة الخالدية» في القدس، وتحمّل في سبيل ذلك عداوة الكثيرين ممّن استحلّوا أكل الكتب والأوقاف.
وفي سنة 1898 م» عُيّن مفتشاً على دور الكتب العامّة، وظلّ في وظيفته تلك أربع سنوات، ولكنّه أثار حفيظة الأمن بسبب نشاطه وأفكاره التي كان يسعى لبثّها في عقول طلّابه ومريديه، حتّى هاجم الأمن بيته وعاثوا فيه فساداً، فاضطرّ إلى التواري عن الأنظار، وأخيراً قرّر الهجرة إلى مصر، فوصلها سنة 1907 م، وسكن في بيت صغير متواضع، واجتنب الناس إلّابعض العلماء الذين اتّصلوا به بغية الإفادة من علمه.
أُولع الشيخ طاهر باقتناء المخطوطات، وحافظ على هذه العادة الجيّدة، إلى أن ألجأته الظروف إلى بيع بعضها للإنفاق على نفسه رافضاً مبادرات ودّية قام بها بعض أصدقائه وطلّابه لمساعدته، حيث منعته من ذلك عزّة نفسه وعفّته... يذكر محبّ الدين الخطيب- وهو أحد تلاميذ الشيخ طاهر البارزين- أنّه حاول مساعدة الشيخ طاهر عندما ألجأت الحاجة هذا الشيخ إلى بيع مخطوطاته ليعيش بثمنها، فتوسّط له مع بعض معارفه لدى الخديوي لإجراء راتب للشيخ من الخزينة الخاصّة، فرفض هذا بإباء... وقال السيّد محبّ الدين معلّقاً على هذه الحادثة: «فظهر لي أنّني لا أزال أجهل تلك النفس الكبيرة رغم معرفتي بصاحبها منذ طفولتي، فقد غضب الشيخ طاهر من هذه الحادثة غضباً لم أعهده فيه من قبل».
وقد ذكرت وحوادث أُخرى عن زهد الشيخ، وهي تظهر لنا جانباً مهمّاً من شخصية
هذا العالم الفذّ، فبالإضافة لزهده فهي تدلّ على حرّيته وإبائه، فقد منعته عزّته وصدقه ورغبته بعدم مصانعة الحكّام عن قبول مثل هذه العطايا.
أمضى‏ أيّامه في القاهرة في التأليف والبحث العلمي، وكان له مراسلات مع المستشرقين من مختلف الجنسيات، وشارك في تحرير بعض الصحف.
وظلّ في القاهرة إلى سنة 1918 م، حيث قرّر العودة إلى دمشق بعد قيام الدولة العربية، ولكن المرض أخّره، فعاد إلى دمشق سنة 1919 م، وعُيّن مديراً لدار الكتب الظاهرية التي أسّسها، وعضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق.
وبعد أربعة أشهر من عودته توفّي في الخامس من كانون الثاني سنة 1920 م، ودفن في سفح قاسيون تنفيذاً لوصيّته.
تمتّع الشيخ طاهر بصفات مميّزة وغريبة، جعلت منه شخصية مختلفة ملفتة للنظر، وقد ذكر معاصروه كثيراً منها، وهي تدلّ على علوّ مكانته وطرافته.
كان الشيخ طاهر واحداً من الإصلاحيّين الإسلاميّين، وقد شعر بمدى الانحطاط الذي تعاني منه الأُمّة، وأرجع سبب ذلك للاستبداد والفساد وسوء الإدارة العثمانية التي كان يديرها حزب «الاتّحاد والترقّي» الذي نشأ في حضن الماسونية في سالونيك وتربّى على أعين قادتها.
وكان يسعى للعمل على نهضة الأُمّة، وذلك بالأخذ بالعلم والمعرفة والأخلاق الفاضلة وأسباب الحضارة، دون التخلّي عن الدين الإسلامي، بل إنّه كان يؤمن بعظمة هذا الدين وصلاحه لكلّ زمان ومكان.
ومن سيرة حياته نجد أنّ الشيخ الجزائري كانت من أُولى اهتماماته:
1- الاهتمام بالعلم والتسلّح به.
كان الشيخ يمضي وقته كلّه في العلم والبحث، عاش حياته وحيداً ولم يتزوّج متفرّغاً لتحصيل العلوم وتعليمها. وكان يهتمّ بالناشئة ويشجّعهم على طلب العلم والبروز فيه، ويحاول التيسير عليهم وعدم تنفيرهم من طلب العلوم.
وممّا نُقل عنه أنّه كان يرشد تلاميذه قائلًا: «إن جاءكم من يريد تعلّم النحو في ثلاثة أيّام فلا تقولوا له: إنّ هذا مستحيل، بل علّموه، فلعلّ اشتغاله هذه الثلاثة الأيّام بالنحو تحبّبه إليه». ولا يخفى‏ ما لهذا الإرشاد من فائدة عظيمة في بثّ الثقة في النفوس وتشجيعها على طلب العلم.
كما أنّه اهتمّ بإصلاح التعليم، وافتتاح المدارس المتنوّعة، وخصوصاً الابتدائية منها رغبةً منه في نهضة الأُمّة ورقيها، حيث كان يؤمن إيماناً راسخاً بأنّ نهضة الأُمّة هي في العلم.
2- الاهتمام باللغة العربية والتاريخ الإسلامي.
يصف أحد تلاميذ الشيخ طاهر المقرّبين- وهو محبّ الدين الخطيب- أنّه أحبّ اللغة العربية والعرب من أُستاذه الشيخ طاهر... يقول محبّ الدين: «من هذا الشيخ الحكيم عرفت عروبتي وإسلامي، منه عرفت أنّ المعدن الصدأ الآن الذي برّأ اللَّه منه في الدهر الأوّل أُصول العروبة ثمّ تخيّرها ظئراً للإسلام إنّما هو معدن كريم، لم يبرّأ اللَّه أُمّة في الأرض تدانيه في أصالته».
وقد استطاع الشيخ طاهر إقناع والي دمشق بضرورة تعليم العلوم باللغة العربية... واهتمام الشيخ طاهر باللغة العربية والتاريخ الإسلامي هو اهتمام بالإسلام نفسه، وقناعة منه أنّ النهضة المرجوّة لا تعني بأيّ حال من الأحوال نبذ الهوية العربية والإسلامية.
3- الاهتمام بتعلّم العلوم العصرية واللغات الحيّة.
لأنّ ذلك أحد أدوات النهضة، فالتعرّف على تلك العلوم واللغات مهمّ جدّاً لمواكبة ركب الحضارة.
يقول محمّد كرد علي: «اتّسع صدر الشيخ لجماع علوم المدنية الحديثة إلّاالموسيقى والتمثيل، فلم يكن له حظّ فيهما، وكانت سياسة الشيخ في التعليم محصورة في تلقّف المسلمين أُصول دينهم، والاحتفاظ بمقدّساتهم وعاداتهم الطيّبة وأخلاقهم القديمة القويمة، وأن يفتحوا قلوبهم لعامّة علوم الأوائل والأواخر، من فلسفة وطبيعي‏ واجتماعي‏
على اختلاف ضروبها»، كما اهتمّ بالصحافة والأدب ونشر الكتب والمؤلّفات المفيدة.
4- الدعوة إلى إصلاح العادات ومحاربة الخرافات والخزعبلات.
كان يقف بشجاعة في وجه الجمود والتحجّر، ويدعو إلى بذل الجهد لنهضة الأُمّة قدر المستطاع، كما أنّه دعا إلى استخدام وسائل الاتّصال المتاحة في عصره لتوعية لناس ورّدهم إلى جادّة الصواب.
وفي رسالة بعثها لتلميذه محمّد كرد علي تظهر نظرته لخطّة الإصلاح، حيث يقول:
«وممّا يهمّ الأمر فيه إصلاح العادات، فإنّ في الشرق كثيراً من العادات التي ينبغي إبطالها، كما أنّ فيه كثيراً من العادات التي ينبغي المحافظة عليها. غير أنّه لا ينبغي أن يستعمل التنكيت في ذلك، بل يستعمل مجرّد البيان الدالّ على حسن الشي‏ء أو قبحه».
5- مقاومة الحكم الاستبدادي ومعارضته.
عادى الشيخ الحكم الاستبدادي، ودعا الحكومة العثمانية التي كان يقودها رجال «تركيا الفتاة» إلى الإصلاح والعدل والشورى وحرّية التعليم وحرّية الصحافة، ممّا جعل الحكومة التركية تلاحقه وتضيّق عليه، حتّى اضطرّ إلى التوجّه صوب مصر.
وعندما تمّ الانقلاب على السلطان سنة 1908 م فرح به الناس وهلّلوا له، ولكن الشيخ لم يفرح به ولم يثق بمن قاموا به، وكان يقول: «وما هذا الانقلاب الخلّاب إلّاانتقال من نير استبداد الفرد إلى نير استبداد الجماعات». وبالفعل فقد صدقت رؤية الشيخ طاهر، وكان الانقلابيّون أكثر استبداداً من السلطان نفسه، وهذا كان من الأسباب القويّة لقيام الثورة العربية الكبرى، والتي فرح بها الشيخ وشجّعها كثيراً؛ لأنّه كان يعتبرها خطوة ضرورية لنهضة الأُمّة، وساند الحكم في دمشق، وكان يدعو الناس إلى الدفاع عن هذا الاستقلال.
عاش الشيخ طاهر في فترة مظلمة من تاريخ بلاد الشام خاصّة والعالم الإسلامي عامّة، وكان يعرف الفرق الشائع بين موات الأُمّة الإسلامية وبين الحضارة الغربية. لذلك فقد سعى إلى العمل قدر استطاعته من أجل نهضة هذه الأُمّة التي كان يؤمن بعزّتها وبخصائصها العظيمة.
وقد وصفه محبّ الدين الخطيب بأنّه: «كان يعرف مواطن الداء في الدولة العثمانية وفي الأُمّة التي أوقعها سوء الحظّ تحت سلطانها، فكان بسبب ذلك يقدّر صعوبة موقفه وما يمكن أن يتهدّد حياته من خطر لو جاهر بكلّ ما يعرف، لذلك نصّب نفسه ميزاناً للحقّ».
ورغم كلّ ما كان يلمسه الشيخ طاهر من تدهور في حال الأُمّة، إلّاأنّه لم يكن قانطاً من التحرّر أو يائساً من الإصلاح، وإنّما كانت ثقته قويّة بمستقبل الأُمّة واستعدادها للنهوض من عثرتها متى أخذت بأسباب العلم وعوامل الحضارة.
كان الشيخ طاهر يرى أنّ الدولة العثمانية موشكة على الانهيار، فيدعو العرب إلى التأهّب بالعلم والأخلاق والتجدّد والتحفّز لنيل استقلالهم وصون بلادهم من أن تبتلعها حيتان الاستعمار، حتّى تقوّضت دعائمها، وتداعت عليها الأُمم لاكتسابها واقتسام بلادها، وراح يبثّ هذه الأفكار بين طلّابه ومريديه، وكان إخلاصه وثقافته العالية قد جعلا كلّ من يميل إلى الثقافة والعلم والتحرّر يتقرّب منه وينهل من علمه. ولم يكن الشيخ طاهر يفرّق بين أحد من هؤلاء، لا بسبب الدين ولا المذهب ولا غير ذلك، ممّا جعل له شهرة كبيرة في بلاد الشام.
هذا، وقد كتب في سيرته محمّد سعيد الباني الدمشقي كتابه «تنوير البصائر بسيرة الشيخ طاهر».

المراجع

(انظر ترجمته في: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة 1: 688- 691، هدية العارفين 1: 432، المعاصرون: 268- 278، اكتفاء القنوع: 261 و 464، الأعلام للزركلي 3: 221- 222، معجم المؤلّفين 5: 35- 37، معجم المفسّرين 1: 241، أعلام التراث: 35- 37، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 545، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 3: 184- 195، نثر الجواهر والدرر 2: 1256- 1257، موسوعة الأعلام 2: 82).