روح الله الخميني

من ویکي‌وحدت
روح الله الخميني
الاسم الإمام الخميني
الاسم الکامل روح اللَّه الموسوی الخميني‏
تاريخ الولادة 1902م/1320ق
محل الولادة خمين (ایران)
تاريخ الوفاة 1989م/1409ق
المهنة المرشد العام للثورة الإسلامية الإيرانية، فقیه، عارف، داعی تقریب
الأساتید شیخ عبدالکریم حائری یزدی، محمدعلی شاه آبادی،سید ابوالحسن رفیعی قزوینی،سید محمدتقی خوانساری،میرزا علی اکبر حکمی یزدی،سید علی یثربی کاشانی
الآثار : مصباح الهدایة، شرح دعای سحر، هامش على فصوص الحكم للقيصري، هامش على مفتاح الغيب، أسرار الصلاة أو معراج السالكين، رسالة في الطلب والإرادة، هامش على رسالة حديث ابن الجالوت قاضي سعيد وشرح مستقلّ لهذا الحديث، كشف الإسراء، شرح لحديث جنود العقل والجهل، آداب الصلاة، رسائل في أصول الفقه، تحرير الوسيلة، كتاب الطهارات، تهذيب الأُصول و ...
المذهب شیعه

السيّد روح اللَّه بن مصطفى‏ بن أحمد الموسوي الخميني: مفجّر الثورة الإسلامية في إيران، ومن أبرز رجال العلم والفكر والسياسة في العصر الحديث.
ولد الإمام الخميني عام 1321 ه (1900 م) في عائلة علمية نضالية، وصادف يوم مولده يوم ذكرى ميلاد سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، وكان والده المغفور له الشهيد آية اللَّه السيّد مصطفى‏ الموسوي قد أنهى دراسته الدينية في مدينتي النجف وسامرّاء بالعراق، ورجع إلى بلدته «خمين» في إيران- وهي مسقط رأس الإمام الخميني- فتولّى هناك القيادة الدينية، إلى أن استشهد في السابعة والأربعين من عمره بعدّة رصاصات غادرة، وذلك عقب اشتباك مسلّح مع الجناة، غير أنّه قد بقي ذكره عامراً بثلاثة أبناء وثلاث بنات خلفاً بعده.
يتمتّع الإمام الخميني بذكاء وكفاءات كبيرة، حيث إنّه بدأ الدراسة منذ السنوات الأُولى من طفولته، وكان الميرزا محمود هو أوّل من قام بتعليمه القراءة والكتابة في دار سماحته، ثمّ واصل دراسته عند أُستاذ آخر يدعى (ملّا قاسم)، كما تتلمذ بعد ذلك عند الشيخ جعفر والأُستاذ حمزة محلّاتي الذي تعلّم الخطّ عنده وتدرّب على أنواعه، بل إنّ سماحته فيما يذكر قد أنهى دراساته الفارسية قبل أن يكمل سنّ الخامسة عشرة.
ثمّ بعد ذلك شرع في تلقّي العلوم الإسلامية.
إذ درس في البدء عند أخيه الأكبر آية اللَّه «بسنديده»، حيث تعلّم لديه الصرف والنحو وأنهى المقدّمات، وتوجّه بعد ذلك إلى مدينة «آراك» للدراسة على أساتذتها الأجلّاء، «آراك» التي كانت فيها يومذاك حوزة علمية متألّقة جدّاً بزعامة آية اللَّه الحاجّ الشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي، والتي كانت تحتضن مجموعة من الأساتذة الكبار.
وحينما نقل آية اللَّه الحائري اليزدي الحوزة العلمية من هذه المدينة إلى مدينة قم المقدّسة غادر الإمام الخميني بدوره مدينة «آراك» متوجّهاً إلى قم المعصومة، وأقام في مدرستها (الفيضية) الدينية.
واستطاع بيُسر أن يواصل دراساته الفقهية والعلمية حتّى بلغ المستويات العالية. وأن يشترك في المحاضرات العلمية التي كان يلقيها آية اللَّه الحائري، كما استطاع أن يُنمّي بجدّ قدراته الفقهية والعلمية لينال درجة الاجتهاد، الأمر الذي- وبعد وفاة آية اللَّه الحائري- مكّن الإمام الخميني لأن يعدّ في زمرة المجتهدين والعبقريات العلمية المعاصرة له. فهو بالإضافة إلى ما يمتاز به من مستوى فقهي رفيع، فإنّ له إلماماً وخبرة تامّة بعلوم العرفان والحكمة والفلسفة والفلك وغيرها.
وفي الوقت الذي كان يقوم فيه بالدرس والبحث والتفقّه في العلوم الإسلامية، في الوقت نفسه ومنذ أوائل شبابه كان يسعى إلى تهذيب النفس، باحثاً عن المثل الكريمة والفضائل النبيلة والأخلاق السامية، حتّى إنّه كان منذ باكورة شبابه يقف في صفوف التقاة والصالحين، ويحظى‏ بسمعة ومكانة مرموقة بين شخصياتهم الحوزوية وبقية رجالات المجتمع في مدينة قم.
نعم. كان الإمام الخميني يهتمّ وبشكل مدروس منذ سنوات شبابه بأداء الواجبات الدينية والتمسّك بالتعاليم والأحكام الإسلامية، حيث عُرِف عن سماحته أنّه كان كثيراً ما يبقى‏ ساهراً حتّى منتصف الليل من أجل القيام بعبادة اللَّه تعالى.
إنّه كان يفرض على كلّ تصرّفاته وأعماله وحركاته انضباطاً خاصّاً، ولعلّه قليلًا ما يوجد شخص يستطيع مثل الإمام الخميني أن يؤطّر كلّ شؤون حياته من عبادية واجتماعية وسياسية بإطار نظام ملتزم وأُسلوب خاصّ، طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار ثقل البيئة التي‏ تربّى‏ وتعلّم فيها الإمام الخميني قدس سره، فسماحته قد ولد في عائلة علمية، وكلّ واحد من أبويه تربّى وترعرع في عائلة علمية، وعليه فقد تمكّن بما يتحلّى‏ به من ذكاء وفطنة أن يستفيد استفادة حسنة من بيئته العائلية النقية ومن علوم أساتذته الإسلامية.
ورحلته الجهادية والسياسية معروفة للجميع... في سنة 1962 م انتقل السيّد الخميني من نضاله السرّي إلى جهاده العلني، فوقف ضدّ «لائحة مجالس الأقاليم والمدن» التي شطبت شرط الإسلام للترشيح، وألغت القَسَم الدستورية بالقرآن،
ونتيجة لتحرّكه اضطرّ الشاه لإلغاء هذه اللائحة، فسجّل السيّد الخميني انتصاره السياسي الأوّل على نظام الشاه الذي كان يسعى لإسقاطه، إلّاأنّ نظام الشاه قام في 21/ 3/ 1963 م بمهاجمة المدرسة الفيضية في مدينة قم، فما كان من السيّد الخميني إلّا أن تصدّى لتلك «الفاجعة»، فألقى في 3/ 6/ 1963 م خطاباً سياسياً غاضباً، فضح فيه العلاقات السرّية القائمة بين نظام الشاه و «إسرائيل»، وندّد بمصالحهم المشتركة المعادية للعرب وللمسلمين كافّة، لكن سلطات النظام أقدمت مساء 4/ 6/ 1963 م على تطويق منزله واعتقاله ونقله إلى السجن في طهران، فكانت ردود الفعل الجماهيرية سريعة جدّاً صباح 5/ 6/ 1963 م، إذ سارعت إلى التظاهر والتحشّد في الشوارع دفاعاً عن السيّد الذي صار إماماً، أي: قائداً.
وكان أبرز التظاهرات الشعبية تظاهرة قم المقدّسة، حيث سقط عدد من المتظاهرين بين شهيد وجريح.
على الأثر أعلن النظام الأحكام العرفية في طهران، وتصاعدت وتيرة القمع للحركات الجماهيرية المعارضة، حيث سقط الأُلوف من القتلى والجرحى (مذابح الخامس من حزيران/ يونيو 1963 التي أخرجت الرأي العامّ العالمي من سباته حول ما يجري في إيران).
تحت الضغط الشعبي ووقوف المراجع الدينية إلى جانب الإمام الخميني اضطرّ النظام لإطلاقه بعد عشرة أشهر من اعتقاله.
بعد ذلك صادقت الحكومة الإيرانية على «لائحة الحصانة القضائية» الممنوحة للمستشارين السياسيّين والعسكريّين الأميركيّين، ممّا أثار الإمام الخميني بشدّة، وجعله يصف ما يحدث بأنّه «خيانة»، فأخذ يعبّئ الجمهور المليوني، ويعدّ العدّة لإلقاء خطاب سياسي وشيك.
في تاريخ 3/ 11/ 1964 م قامت قوّات النظام بمحاصرة منزل الإمام الخميني واعتقلته، ثمّ اقتادته مباشرة إلى مطار مهر آباد (طهران)، حيث جرى نفيه إلى أنقرة، ومنها إلى مدينة بروساي (تركيا)، وهناك تعاونت الأجهزة الأمنية التركية والإيرانية لمنع الإمام الخميني من القيام بأيّ نشاط سياسي.
أقام الإمام الخميني في تركيا أحد عشر شهراً فيما كان نظام الشاه يقضي على «بقايا المقاومة» في إيران. هناك في منفاه التركي وضع الإمام الخميني كتاب: «تحرير الوسيلة»، حيث تناول للمرّة الأُولى مسائل الأحكام المتعلّقة بالجهاد والدفاع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ضوء القضايا المعاصرة وبشكل فتاوى مرجعية.
في 5/ 10/ 1965 م نُقل الإمام مع ولده السيّد مصطفى من منفاه التركي إلى منفاه العراقي، حيث أقام في مدينة النجف الأشرف.
في حوزة النجف انكبّ الإمام على الخميني على التدريس الفقهي لمرحلة التخرّج (البحث الخارج)، وتناول الأُسس الفلسفية لنظام «الحكومة الإسلامية» المشهورة بمحاضراته عن «ولاية الفقيه»، وفي الوقت نفسه كان يتابع أحادث إيران والعالم الإسلامي، ويقيم قنوات اتّصال مع الداخل الإيراني، وأفتى بضرورة «تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لثورة الشعب الفلسطيني والبلدان التي تتعرّض للاعتداءات الصهيونية» واعتبار ذلك واجباً شرعياً.
في تاريخ 23/ 10/ 1977 م جرى اغتيال الابن البكر للإمام السيّد مصطفى الخميني، فأُقيمت له مراسم العزاء في إيران، وشكّلت «نقطة الانطلاق لانتفاضة الحوزات الدينية ثانية».
وفي تاريخ 9/ 1/ 1978 م اندلعت انتفاضة إيرانية ردّاً على موقف النظام من الإمام وفكره، فقُتل في مدينة قم بعض طلّاب العلوم الدينية الثائرين، ومن هناك انتشرت الانتفاضات في مختلف أنحاء إيران، ولذكراهم أُقيمت مجالس العزاء، فزادت من تعبئة الجماهير.
وهكذا أخذت دورات العنف الرسمي تؤجّج دورات التمرّد الشعبي على النظام، وكان الإمام يعتبر ما يحدث: «من الألطاف الإلهية الخفيّة».
انتشرت الانتفاضات الشعبية في مدن تبريز ويزد وجهرم وشيراز وإصفهان وطهران إلخ... ومعها انتشرت نداءات الإمام وخطبه المسجّلة على أشرطة.
في المقابل أعلن نظام الشاه الأحكام العرفية في إحدى عشرة مدينة، وبدّل رئيس الحكومة؛ للحؤول دون انتشار الانتفاضة وتحوّلها إلى ثورة.
في تاريخ 24/ 9/ 1978 م أقدم نظام بغداد على محاصرة منزل الإمام الخميني في النجف، وجرى إبلاغه بضرورة وقف نشاطه السياسي ضدّ النظام الإيراني، وإلّا تعرّض للنفي.
وحين أصرّ الإمام على مواصلة نضاله جرى نفيه إلى الكويت في 24/ 10/ 1978 م، غير أنّ الحكومة الكويتية منعته من دخول أراضيها، فقرّر الهجرة إلى باريس مع ابنه السيّد أحمد الخميني.
في تاريخ 6/ 10/ 1978 م وصل الإمام إلى باريس، وأقام لدى‏ أحد المهاجرين الإيرانيّين في «نيفل لشاتو» من ضواحي باريس. هناك أقام الإمام الخميني أربعة أشهر، وجعل من مقامه مركزاً للإعلام العالمي نظراً لما كان يحدث في إيران.
من منفاه أعلن الإمام «تشكيل مجلس قيادة الثورة».
في 16/ 1/ 1979 م غادر الشاه البلاد بداعي العلاج، ممّا أعطى إشارة البدء بإسقاط النظام.
وفي 1/ 2/ 1979 م عاد الإمام منتصراً إلى طهران.
في طهران أعلن الإمام الخميني تعيين رئيس حكومة مؤقّتة لإجراء استفتاء عامّ وانتخابات برلمانية عامّة.
وفي 11/ 2/ 1979 م سقطت المؤسّسات العسكرية والسياسية الموالية للنظام الإمبراطوري السابق.
وافق الشعب الإيراني رسمياً على قيام الجمهورية الإسلامية بنسبة 2/ 98%، ثمّ تلا الاستفتاء على النظام إجراء انتخابات نيابية (مجلس الشورى الإسلامي) وفقاً للدستور الجمهوري المصادق عليه.
شهدت إيران موجة اغتيالات أصابت «مجلس قيادة الثورة: العلّامة مرتضى مطهّري، والفريق قرني (رئيس هيئة الأركان)، والدكتور محمّد مفتّح، والحاجّ مهدي عراقي، وآية اللَّه القاضي الطباطبائي.
إثر ذلك جرى اقتحام السفارة الأمريكية في طهران، وإغلاق سفارة «إسرائيل»، واستبدالها بسفارة فلسطين.
وفي المقابل فرضت واشنطن الحصار على النظام الجديد اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، ومصادرة الأموال الإيرانية في الخارج، وعملية صحراء طبس، وصولًا إلى الحرب.
في 22/ 9/ 1980 م قام الجيش العراقي بهجوم واسع على امتداد 1280 كم من الحدود العراقية- الإيرانية، وجرى قصف مطار طهران وعدّة مدن أُخرى.
أصدر الإمام الخميني أمر المقاومة، واعتبر أميركا المسبّب الأساس لهذه الحرب والمحرّك للرئيس العراقي صدّام حسين والداعم له.
في 20/ 7/ 1988 م قبل الإمام الخميني قرار مجلس الأمن (رقم 598) القاضي بوقف الحرب العراقية- الإيرانية.
وفي 3/ 10/ 1988 م استتبّ السلام نسبياً بين البلدين.
وفي 1/ 1/ 1989 م بعث الإمام برسالة إلى غورباتشوف، طالباً منه «أن يؤمن باللَّه‏ وبالدين، بدلًا من عقد الآمال على التوجّهات المادّية للغرب».
في 14/ 2/ 1989 م أفتى الإمام الخميني بارتداد الكاتب البريطاني المسلم (سلمان رشدي) صاحب «الآيات الشيطانية»، وحكم عليه بالموت وعلى ناشري الكتاب كذلك.
إلى ذلك تميّزت مرحلة الإمام الخميني كمرشد للثورة وللجمهورية الإيرانية بظهور المؤسّسات «الثورية» والمراكز الحيوية:
- جهاد البناء.
- لجنة الإمام الخميني للإغاثة.
- مؤسّسة 15 خرداد (حزيران).
- مؤسّسة الإسكان.
- مؤسّسة شهداء الثورة الإسلامية.
- مؤسّسة المستضعفين.
- نهضة محو الأُميّة.
- لجان الثورة الإسلامية.
- قوّات حرس الثورة الإسلامية.
- إعادة تنظيم الجيش بقيادته.
- تحوّلات الحوزات الدينية.
- إعادة النظر في مناهج المدارس والجامعات.... إلخ.
في عهده، وعلى مدى عشر سنوات، تعاقب على رئاسة الجمهورية: الدكتور أبو الحسن بني صدر (1980 م- 1981 م)، والسيّد علي خامنئي.
ختم حياته السياسية ب «الوصية السياسية الإلهية»، وأُقيم له مقام ضخم قرب طهران، صار من المزارات المعتمدة رسمياً.
إنّ بيانات وخطابات الإمام الخميني خلال السنوات الأخيرة من عمره تختلف عمّا كانت عليه في السابق، الأمر الذي يعبّر عن سعة أُفقه وعمق إحساسه بالمسؤولية عن الفترة التي ستلي فترة وجوده، فخلافاً لبياناته وأحاديثه في المراحل السابقة- والتي كانت تركّز أساساً على توجيه الجماهير والمسؤولين فيما يتعلّق بالأحداث الجارية والمواقف المناسبة أمام الابتلاءات التي تتعرّض لها البلاد والعالم الإسلامي- فإنّ بياناته في السنوات الأخيرة من عمره كانت عبارة عن تلخيص وجمع للأحداث السابقة والحالية، وترسيم أبعاد المستقبل، وبيان تكاليف عموم المسلمين في قبال المسؤوليّات المستقبلية وبنحوٍ أشدِّ وضوحاً من السابق.
وبعبارة أُخرى: فإنّ الإمام الخميني كان يشعر بقرب رحيله، فإنّه سعى في السنوات الأخيرة من عمره الشريف إلى التذكير بمجموعة القيم والأهداف التي شكّلت الأساس لانطلاق الثورة، وترسيم وتوضيح الأولويّات للنظام الجمهوري الإسلامي والثورة الإسلامية العالمية على أساس هذه القيم والأهداف.
لقد سعى الإمام الخميني من خلال هذه البيانات- وبطرح تقييمه عن مجمل العناصر الموجودة في المجتمع الإيراني والعالم الإسلامي وكذلك تحليلاته عن الأنظمة الحاكمة للعالم المعاصر- لتوضيح الطريق أمام انتخاب واختيار اللاحقين، وتبيين تكليف كلّ شريحة إزاء الظروف المستقبلية وفي حال عدم وجوده.
وقبل عدّة سنوات من رحيله وبتاريخ 15/ شباط/ 1983 م كتب الإمام الخميني وصيّته السياسية الإلهية مستنداً إلى هذا المبنى ومعتمداً على هذا الدافع، وهذه الوصية التي طبعت ونشرت إلى الآن بمختلف اللغات تعدُّ بمثابة بيان الإمام الخالد المتضمّن أُصول فكره وأهدافه وإرشاداته الخالدة لأنصاره ومحبّيه، وكتابة وصيته على هذا المستوى وبهذه الأبعاد عملٌ لم يسبق له مثيل بين فقهاء الشيعة ومراجع التقليد، ودليل على عمق اطّلاع الإمام على الحاجات الحالية والآتية للمجتمعات الإسلامية وعلى شدّة احساسه بالمسؤولية في هذا الإطار.
إنّ بيانات الإمام الخميني الأخيرة هي في الحقيقة شرح وتفسير منه للقيم التي دافع عنها في وصيّته والأُمور السياسية التي طرحها فيها.
من جملة الخصائص التي تميّزت بها بيانات الإمام في أواخر عمره: تأكيده على ضرورة التفات المسلمين إلى نوعين متضاربين من الفكر الديني والإسلامي، فهو- واستناداً للشواهد التاريخيّة العديدة- يعتقد بأنّ الإسلام وسائر الأديان الإلهية ومنذ سحيق الزمان وحتّى اليوم عرضت بصورتين متضادّتين تماماً، فمن جانبٍ كان الدين والإسلام المحرّف الذي استغلّه الظالمون والمستعمرون والذي ابتدعه المتحجّرون والقشريّون من رجال الدين الكاذبين،
ومن جانب آخر كان الدين والإسلام الحقيقي الذي حفظ وانتشل من أحضان الخرافات والشعبذات بدماء المجاهدين والمساعي الحثيثة لعلماء الدين الملتزمين طوال التاريخ، وبذا فإنّ أحد أسرار موفّقية الإمام الخميني في قدرته على تحريك الأُمّة الإسلامية إنّما يتمثّل في قدرته على بيان هذا التضادّ المستمرّ بين هذيين النوعين وخصائص كلّ واحدٍ منهما.
والإمام الخميني يعتقد بأنّ عدم الالتفات والاطّلاع على هذه الحقيقة التاريخية هو الذي أدّى إلى نزول الاستعمار واستقراره في البلدان الإسلامية وابتعاد المسلمين عن عصور التحضّر والثقافة اللامعة التي كانوا عليها، وبالنتيجة إلى ظهور هذه الوضعية الحالية، حيث نرى- وللأسف- أنّ الحكومات الإسلامية التي رفع أسلافها شعار: «الإسلام يعلو، ولا يُعلى عليه»، وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (سورة النساء: 141)، تستجدي من أجل مواصلة حياتها والحفاظ على حدودها أعداء الإسلام من الكفّار والمشركين.
وقد عبّر سماحته عن تيّاري الفكر الديني والإسلامي المتضادّين بعبارتي «الإسلام الأصيل» و «الإسلام الأمريكي»، فهو يرى بأنّ الإسلام الذي تُهمل أحكامه القرآنية المسلّمة وسنّة نبيّه الأكرم صلى الله عليه و آله فيما يتعلّق بالمسؤوليات الاجتماعية، الإسلام الذي تترك منه أبواب الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعدالة الإسلامية والأحكام المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الإسلامي، الإسلام الذي يبعد المسلمين عن المشاركة في السياسة وفي تقرير مصيرهم ويرى أنّ الدين يتلخّص في‏ مجموعة من الأذكار والعبادات الفردية الخالية من الفلسفة والروح الحقيقية، هو إسلام من صنع وإبداع أمريكا ومن يدور في فلكها.
سماحة الإمام يستند في تحليله هذا على ظواهر تاريخية وشواهد دامغة مستلهمة من الوضع الذي كانت عليه البلدان الإسلامية، فهو يعتقد بأنّ الاستعمار الحديث هو نتاج لمساعي المستعمرين السابقين، فأُولئك سعوا لتغيير دين الجماهير المسلمة عن طريق المبشّرين المسيحيّين، ولمّا فشلوا في ذلك حوّلوا مساعيهم منذ ذلك الزمان وحتّى الآن لتنصبّ على إبطال مفعول الأحكام الإسلامية السامية وإفقاد الدين أثره من الداخل.
ونتيجة ذلك جلية للغاية، فأغلب البلدان الإسلامية اليوم تعتمد في أنظمتها وقوانينها الموضوعية وأساليبها في القضاء وفي هيكل النظام الحكومي والقوانين على الأساليب الملحدة للغرب، والتي تتعارض في ماهيّتها مع القوانين المستندة إلى الوحي.
إنّ الإسلام الأمريكي هو الذي يتيح للثقافة الغربية ومفاسدها وتحلّلها أن تنفذ إلى عمق المجتمعات الإسلامية ويهلك الحرث والنسل... الإسلام الأمريكي هو الذي فسح المجال للحكومات العملية للأجانب أن تمارس سلطانها على المسلمين وتقف وباسم الإسلام في مواجهة المسلمين الحقيقيّين، وتمدّ في الوقت ذاته يد الصلح والسلام والصداقة إلى اسرائيل وأمريكا أعداء الإسلام.
لقد أكّد الإمام الخميني من خلال بياناته الأخيرة على حقيقة أنّ الطريق الوحيد لإنقاذ البشر من مشكلاته الحالية هو العودة إلى عنصر الدين والاعتقاد الديني، وأنّ السبيل الأوحد لتحرير البلدان الإسلامية من وضعها الحالي المخزي هو عودتهم إلى الإسلام وإلى هويّتهم الإسلامية المستقلّة.
وبعد أن وصلنا في مقامنا هذا إلى الأيّام الأخيرة من عمر سماحة الإمام الخميني، لا يفوتنا أن نلقي نظرة عابرة على أهمّ جوانب فكره وأهدافه.
بديهي أنّ من اللازم- وذلك لتكوين صورة واضحة وكاملة عن مبادئ الإمام الخميني الاعتقادية وأهدافه- مطالعة جميع الآثار الخطّية وغير الخطّية التي أُثرت عن هذا الرجل‏ الكبير ودراسة سيرته العملية بدقّة، الأمر الذي لا يتيسّر في هذه العجالة.
الإمام الخميني شيعي المذهب، يعتقد بشدّة بوحدة الأُمّة الإسلامية (بغض النظر عن توجّهاتهم المذهبية) في مقابل المستعمرين وأعداء الإسلام، فالدعوة إلى الوحدة تمثّل جانباً مهمّاً من بياناته وخطاباته. وهو لا يجوّز أيّة حركة تؤدّي إلى زرع الفرقة في صفوف المسلمين وتمهّد الطريق أمام المستعمرين المستغلّين لتحقيق هيمنتهم. لقد وضّح ومن خلال دعمه لإعلان أُسبوع الوحدة بين المسلمين- وذلك في ذكرى ولادة النبي صلى الله عليه و آله- وإصدار البيانات المتواصلة الطرق العملية لتحقيق الوحدة بين الشيعة والسنّة، ومنها لزوم صلاة الجماعة في مواسم الحجّ حول الكعبة، فهي نقطة أساسية للوحدة. وقد أصرّ على مواجهة كلّ ما يؤدّي إلى التفرقة والجدال بين الشيعة والسنّة طوال مدّة زعامته.
كان سماحته يعتقد بأنّ الإيمان باللَّه الواحد، والاعتقاد برسالة خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله، وإيمان بالقرآن المجيد على أنّه صحيفة الهداية الأبدية، والاعتقاد بالضروريات والشعائر والأحكام الدينية كالصلاة والصوم والزكاة والحجّ والجهاد، تعتبر كلّها محاور عملية ثابتة تلتفّ حولها جميع المذاهب الإسلامية في مقابل المشركين وأعداء الدين.
إنّ النهضة الإصلاحية للإمام الخميني وبياناته لم تتحدّد بالمجتمع الإيراني وسائر المجتمعات الإسلامية، فهو يعتقد بأنّ الفطرة البشرية لجميع الناس إنّما خلقت على أساس الدوران حول محور التوحيد والخير والبحث عن الحقيقة والعدالة، ولو أنّ المعرفة البشرية العامّة تنامت وتمّت السيطرة على شيطان النفس الأمّارة وتمّ تضعيف شياطين الخارج فإنّ آحاد المجتمع البشري سيتوجّهون نحو اللَّه والحياة في محيط ملي‏ء بالعدالة والسلام.
على هذا الأساس فإنّ الإمام الخميني دعا وفي أغلب بياناته المستضعفين والشعوب الأسيرة في بلدان العالم الثالث إلى القيام بوجه المستكبرين.
وقد دعا في الأيّام الأُولى من انتصار الثورة الإسلامية وبصراحة إلى فكرة إقامة حزب عالمي للمستضعفين، ودافع عن هذه الفكرة. كما أنّ أوّل المؤتمرات العالمية التي ضمّت الحركات التحريرية أُقيم لأوّل مرّة خلال عهد زعامة الإمام الخميني في إيران.
لقد أكّد الإمام الخميني مراراً على أنّ الثورة الإسلامية إنّما تعادي الأهداف التسلّطية لقادة وحكومات أمريكا والغرب والاتّحاد السوفيتي (السابق)، لا شعوب تلك البلدان التي وقعت هي بذاتها ضحية للاستعمار الجديد.
إنّ شعار الإمام الخميني هو مواجهة الظالم والدفاع عن المظلوم... يقول سماحته: «لا نظلم، ولا نرضخ لظلم الآخرين».
ولعلّ من الأفضل أن ننقل هنا أهمّ المباني الاعتقادية للإمام الخميني بالنصّ من خلال نقل جواب سماحته على سؤال ممثّل صحيفة «التايمز» البريطانية، يقول سماحته: «إنّ اعتقادي إنّا وجميع المسلمين إنّما يدور حول نفس تلك المسائل التي أوردها القرآن الكريم أو التي أوضحها نبي الإسلام صلى الله عليه و آله وأئمّة الحقّ من بعده، وأنّ أساس وأصل جميع تلك العقائد- والذي يعتبر أهمّ وأسمى‏ اعتقاداتنا- هو أصل التوحيد. واستناداً لهذا الأصل فإنّنا نعتقد بأنّ خالق العالم وجميع عوالم الوجود والإنسان هو اللَّه تبارك وتعالى المطّلع على جميع الحقائق والقادر على كلّ شي‏ء ومالك كلّ شي‏ء. وهذا الأصل يعلّمنا بأنّ على الإنسان أن يسلّم أمره فقط أمام ذات اللَّه المقدّسة، وأن لا يبدي الطاعة لأيّ إنسان آخر،
إلّاإذا كانت طاعته استمراراً لطاعة اللَّه. على هذا الأساس فلا يحقّ لأيّ إنسان أن يفرض على الآخرين التسليم له. ومن هذا الأصل الاعتقادي نتعلّم أصل حرّية البشر، وأن لا حقّ لأيّ إنسان أن يسلب إنساناً آخر أو مجتمعاً أو شعباً حقّهم بالحرّية، أو أن يضع لهم قانوناً يقوم بتنظيم سلوكهم وعلاقاتهم استناداً إلى رغباته وميوله. استناداً لهذا الأصل فإنّنا نعتقد أيضاً بأنّ وضع القوانين لتطوير الحياة هو من اختصاص الباري جلّ وعلا، كما أنّ قوانين الوجود والخلق من اختصاصه هو تعالى،
وأنّ سعادة الإنسان والمجتمعات وكمالها يكمن فقط في طاعة القوانين الإلهية التي تمّ إيصالها إلى البشر عن طريق الأنبياء، وأنّ الانحطاط والسقوط اللذين يعاني منهما البشر إنّما هو بسبب مصادرة الحرّيات والاستسلام أمام بعض الأفراد. وعليه فإنّ على الإنسان أن يثور على هذه القيود والسلاسل المقيّدة وعلى الآخرين الذين يدعونه للاستسلام للأسر، وأن يسعى لتحرير نفسه ومجتمعه ليكون الجميع عبيداً للَّه.
ومن هذا المبدأ تنشأ مقرّراتنا الاجتماعية ضدّ القوى المستبدّة والاستعمارية، ومن هذا الأصل الاعتقادي (التوحيد) فإنّنا نستلهم المساواة بين جميع بني البشر أمام اللَّه، فهو خالق الجميع، والجميع مخلوقون له وعبيده، الأصل تساوي البشر، وما يميّز فرداً عن فرد كقاعدة ومعيار إنّما هي التقوى والابتعاد عن الانحراف والخطأ، وعليه ينبغي الوقف بوجه كلّ ما يُراد به تخريب المساواة الاجتماعية وتحكيم الامتيازات المزيّفة والفارغة على المجتمع».
يقول الإمام الخميني: «المعيار في الإسلام رضا اللَّه، لا رضا الأشخاص، ونحن إنّما نقيس الأشخاص على الحقّ، لا الحقّ على الأشخاص، المعيار هو الحقّ والحقيقة».
إنّ الإمام الخميني يعتقد بأنّ الفطرة الإنسانية مخمّرة في عشق الكمال المطلق المنحصر بالحقّ تعالى، وهو تعالى منشأ جميع الكمالات والقدرات.
كان الإمام الخميني يذكّر أنصاره دوماً بأنّ «العالم محضر اللَّه، فلا تعصوا اللَّه في محضره»، «لا تخشوا أيّ أحد إلّااللَّه، ولا تعقدوا الآمال على أيّ أحد سوى اللَّه».
إنّ الإمام الخميني يرى بأنّ الهدف من بعثة الأنبياء يتمثّل في هداية البشر نحو معرفة اللَّه، وتحويل طلب الكمال من القوّة إلى الفعل، وإزاحة الظلمات، واصلاح المجتمعات، وإيجاد القسط والعدالة... يقول سماحته: «إنّ بعثة الأنبياء إنّما تهدف إلى إنقاذ أخلاق الناس نفوسهم وأرواحهم وأجسامهم من الظلمات، وإزاحة الظلمات، واستبدالها بالنور». ويقول:
«لا نور سوى الحقّ تعالى، الجميع ظلمات».
الإمام الخميني يرى بأنّ الإسلام خاتم الأديان الإلهية، وأنّه يمثّل أسمى وأشمل العقائد الهادية... يقول سماحته مؤكّداً: «إنّ الإسلام على قمّة هرم الحضارة»، و «إنّ النظام الحقوقي في الإسلام أرقى وأكمل وأشمل الأنظمة الحقوقية»، «في الإسلام قانون واحد، وهو القانون الإلهي».
إنّه يرى بأنّ الإسلام دين العبادة والسياسة... يقول سماحته: «كان الإسلام من مؤسّسي الحضارة الكبرى في العالم».
كان سماحته يوصي أتباعه بالقول: «إيّاكم والخلط بين القرآن المقدّس وعقيدة الإسلام المنجية بالعقائد الخاطئة المنحرفة التي ابتدعها الفكر البشري». ويقول: «إنّ مشكلة المسلمين الكبرى‏ تكمن في تركهم القرآن الكريم وسعيهم للانطواء تحت مظلّة عقائد الآخرين»، ويقول: «إنّ التشيّع- وهو العقيدة الثورية والامتداد للإسلام المحمّدي الأصيل- كان كما هو الحال مع الشيعة هدفاً لحملات المستبدّين والمستعمرين الغادرة.
لقد أكّد سماحته مراراً حينما تحدّث عن هدفه من نهضته وعن الباعث عليها بالقول:
«إنّ أقصى ما نهدف إليه هو الإسلام».
فالإمام الخميني يرى بأنّ الثورة الإسلامية شعاع من الثورة الحسينية الخالدة التي انطلقت في عاشوراء لإنقاذ الدين من قبضة المجرمين الظالمين، فهو يعتقد «أنّ الإسلام لم ينزل من أجل قوم خاصّين، وليس لديه فرق بين الترك أو الفرس أو العرب أو العجم... الإسلام للجميع،
ولا قيمة أو امتياز في نظامه للجنس أو اللون أو القبيلة أو اللغة»، «الجميع إخوة متكافئون، فالكرامة فقط وفقط في إطار التقوى، والتمايز إنّما يتمّ على أساس الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة».
الإمام الخميني يسمّي الشهادة في سبيل اللَّه عزّاً أبدياً، وفخر الأولياء، ومفاتيح السعادة، ورمز النصر... ويرى أنّ الاندفاع نحو الشهادة إنّما ينتج عن عشق اللَّه.
لقد ألّف الإمام الخميني قدس سره كتباً عدّة في مختلف العلوم، علاوة على ما كان يحظى به من مرتبة رفيعة وفريدة أيضاً في ميادين التأليف العلمية والفقهية والفلسفية والشعرية، فقد ألّف كتاب «مصباح الهداية» عندما كان عمره لم يتجاوز السابعة والعشرين عامّاً فقط، ويعتبر هذا الكتاب فريداً من نوعه في مجال المعارف الإلهية، كما كتب شرحاً- وهو في التاسعة والعشرين من عمره- لواحد من الأدعية المهمّة من أدعية شهر رمضان المبارك (دعاء السحر)، الأمر الذي يدلّ على مدى‏ تضلّعه بالأُمور العبادية واللغوية وبقية المعارف الإسلامية.
وألّف بعد ذلك كتاب «الأربعون حديثاً»، يحوي 33 حديثاً أخلاقياً وسبعة أحاديث‏ أُخرى تتعلّق بالقضايا العقلية.
ومن مؤلّفاته الأُخرى ما يلي: هامش على فصوص الحكم للقيصري، هامش على مفتاح الغيب، أسرار الصلاة أو معراج السالكين، رسالة في الطلب والإرادة، هامش على رسالة حديث ابن الجالوت قاضي سعيد وشرح مستقلّ لهذا الحديث، كشف الإسراء، شرح لحديث جنود العقل والجهل، آداب الصلاة، رسائل في مجلّدين، وتضمّ: قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) و (الاستصحاب) و (التعادل والتراجيح) و (الاجتهاد والتقليد) و (التقية)، تحرير الوسيلة (رسالة عربية) لسماحته، وهي تمثّل رسالته العملية في مختلف الفروع الفقهية، كتاب الطهارات، تهذيب الأُصول، وتمثّل تقريرات في دروس أُصول الفقه التي كتبها آية اللَّه الحاجّ الشيخ جعفر السبحاني عند حضوره بحث الخارج للإمام الخميني، وقد طبعت في ثلاثة مجلّدات، نيل الأوطار في بيان قاعدة لا ضرر ولا ضرار (تقرير لدرس البحث الخارج)، توضيح المسائل (فارسية) لسماحته، وهي تمثّل رسالته العملية في مختلف الفروع الفقهية، الحكومة الإسلامية أو ولاية الفقيه، وهي مجموعة خطب الإمام الخميني حول طبيعة الحكم الإسلامي التي كان يرسلها من منفاه في العراق إلى الشعب الإيراني، كفاح النفس أو الجهاد الأكبر، وهي مجموعة خطب الإمام حول الأخلاق، المكاسب المحرّمة، رسالة تشتمل على فوائد لبعض القضايا المعقّدة، ديوان شعر (فارسي)، وكثير من الخطب والبيانات التي طبعت على شكل دورة شاملة باسم (صحيفة نور) (فارسية).
توفّي عام 1989 م، فكان لوفاته صدى‏ كبير في العالم الإسلامي.
وله في مجال التقريب والوحدة أبحاث ومحاضرات هادفة، نذكر سطوراً منها:
- «على جميع الأُخوة الشيعة والسنّة أن يتجنّبوا أيّ خلاف بينهم».
- «يجب أن نعي الحقيقة التالية: إنّنا مسلمون جميعاً، وإنّنا أتباع القرآن والتوحيد».
- «إنّ اختلافنا اليوم يعود بالفائدة على أُولئك الذين لا يعتقدون بمذهب الشيعة ولا بمذهب السنّة ولا بأيّ مذهب آخر، بل يعملون على محو هؤلاء وأُولئك معاً».
- «نحن جميعاً أتباع القرآن والرسول الأكرم، إننّا جميعاً أُخوة، لنا وجهة واحدة واتّجاه واحد، دين واحد وقرآن واحد».
- «إنّي لآمل أن تتجاوزوا عوامل التفرقة بقوّتكم وبالمدد الإلهي».
- «إنّي لأرجو أن يتآخى‏ المسلمون وكلّ الشعوب الإسلامية اتّباعاً لأوامر الإسلام والقرآن المجيد، وأن يتعاملوا مع أعداء الإنسانية بالشدّة ومع الأقطار الإسلامية بمبدأ الأُخوّة، وهذا لا يتحقّق إلّابرفع اليد عن الخلافات الجزئية القائمة بين الحكومات، ويعيشوا كما يعيش الأُخوة».
- «لا يعرف الإسلام شيئاً اسمه (العنصر)، وليس فيه عربي وعجمي وغير ذلك».
- «يجب أن ينضوي المسلمون والحكومات الإسلامية ويجتمعوا تحت لواء الإسلام والقرآن».
ومن رسالة الإمام الخميني قدس سره إلى الحجيج:
- «ليست الأيدي الملوّثة التي توجد الخلاف بين الشيعة والسنّة في الأقطار الإسلامية بأيد شيعية أو سنّية، وإنّما هي أيدي استعمارية تعمل على أن تسلبنا أقطارنا الإسلامية هذه».
- «لقد صببت جلّ اهتمامي ليكون المسلمون جميعاً يداً واحدة على الأعداء اتّباعاً لما يأمر به الإسلام وجماعة واحدة تحقّق ما يرمي إليه الإسلام».
- «إننّا نمدّ يد الأُخوّة إلى جميع الشعوب الإسلامية، ونطلب منها العون والتعاضد لتحقيق الأهداف الإسلامية».
- «آمل أن تنهض الشعوب الإسلامية وتتّحد بعد أن مزّقتها دعايات الأجانب، فإذا البعض منها يقف في قبال البعض الآخر»! فإذا اتّحدت عملت على تشكيل الدولة الإسلامية العظمى تحت لواء (لا إله إلّااللَّه)، وانتصرت هذه الدولة على جميع قوى الأرض».
- «إنّني أمدّ يد الأُخوّة إلى جميع المسلمين الملتزمين في العالم، وأطلب منهم أن‏ ينظروا إلى الشيعة باعتبارهم إخوة أعزّاء لهم، وبذلك نشترك جميعاً في إحباط هذه المخطّطات المشؤومة».

المراجع

(انظر ترجمته في: موسوعة السياسة 2: 631، ملحق موسوعة السياسة: 362- 365، موسوعة المورد 6: 51، مع علماء النجف الأشرف 2: 529- 530، تتمّة الأعلام 3: 166، إتمام الأعلام: 153- 154، كفاح علماء الإسلام: 387- 502، شخصيات من التاريخ: 120- 125، خمسون شخصية أساسية في الإسلام: 322- 329، موسوعة الأعلام 2: 167- 168، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 1: 266- 270).