جامع الخلاف والوفاق (كتاب)

من ویکي‌وحدت

جامع الخلاف والوفاق: كتاب اسمه الكامل: «جامع الخلاف والوفاق بين الإمامية وبين أئمّة الحجاز والعراق»، من تأليف الشيخ علي بن محمّد بن محمّد القمّي السبزواري أحد أعلام الإمامية في القرن السابع الهجري. وهو شرح للقسم الثالث من کتاب «الغنية» لأبي المکارم سيد بن زهرة الحلبي المتوفی 585ق، لأن کتاب الغنية علی ثلاثة أقسام، القسم الأول في الکلام، والقسم الثاني في أصول الفقه، والفسم الثالث في فروع الفقه، وهذا شرح علی القسم الثالث وأضاف المصنف في هذا الشرح الوفاقيات من الآراء والأقوال من أهل السنة خصوصاً الشافعية والحنفية.
وهدف الكتاب أنّ الكتب المدوّنة في علم الخلاف عند الإمامية كانت تقتصر آنذاك على الخلاف دون الوفاق، فأراد هذا الكتاب أن يذكر موارد الخلاف والوفاق معاً إضافةً إلى الاستدلال على ترجيح الرأي المنتخب.
وقد اهتمّ الكتاب بذكر آراء مذهب الإمامية والشافعية والحنفية، ولم يتعرّض لغير هذه المذاهب الثلاثة إلا نادراً.
وترتيب الكتاب يخضع لأُسلوب ابن زهرة الحلبي المتوفّىٰ سنة 585 ه‍ الذي اقتفاه في كتابه «غنية النزوع» في باب فروع الفقه والأحكام الشرعية، كما يعتمد الكتاب بالدرجة الثانية على كتاب «الخلاف» للشيخ الطوسي المتوفّىٰ سنة 460 ه‍، وعلى بعض كتب الحنفية كالنافع ومختصر القدّوري والبداية، وعلى بعض كتب الشافعية كالهادي والوجيز والخلاصة.
وقد حَقّق هذا الكتاب سنة 1421 ه‍ الشيخ حسين الحسني البيرجندي، وطُبع في مدينة قم.

مقدمة المؤلف في هذا الکتاب

في الخلاف بين المذاهب فمن يطالعها (أي کتاب الغنية) يقف على الخلاف ولم يقف على الوفاق، وليس لهم كتاب يشتمل على هذا الوصف كما لغيرهم من الحنفية والشافعية، وقد تطاولت الأيام وتمادت الأعوام حتى بلغت من السنين سبعين وزيادة، ولم أقف على كتاب فيه هذه الفائدة، فشرعت في جمع هذا الكتاب مستعينا بالله الذي نطلب منه السداد والصواب، فكتبت هذا القسم من أوله إلى آخره كتابا بعد كتاب وفصلا بعد فصل ومسألة بعد مسألة، وذكرت عند كل مسألة من خالفها وخلافه،
وكان همي أن اقتصر على ذكر خلاف أبي حنيفة والشافعي...، إلا أني رأيت مسألة خالف فيها أبو حنيفة فقلت: خلافا له، وأخرى خالف فيها الشافعي فقلت: خلافا له، وأخرى كانا يوافقان فيها وخالف غيرهما فقلت: وفاقا لهما وخلافا له، وذكرت في أول الكتاب ! خلاف أحدهما وأهملت وفاق الآخر، اعتمادا على فهمه منه، وتغير همي من ذلك فتركزت خلافه ووفاق الآخر، وألحقت بكل فصل من فصوله من المسائل ما لم يذكره المصنف والحاجة ماسة إلى ذكرها، وكان مرجعي في تعيين المخالف إلى مسائل الخلاف للشيخ أبي جعفر قدس الله روحه، ولم اقتصر عليه بل راجعت إلى كتب الحنفية والشافعية فإن وافقها كتبت وإن خالفها قلت في النافع والقدوري أو البداية للحنفية كذا، وفي الهادي أو الوجيز أو الخلاصة للشافعية كذا،
وإن رأيت مسألة تخالف ما في الغنية قلت: وفي الخلاف للشيخ كذا، فصار هذا الكتاب كاملا في الفقه، حاويا لمذهب أهل البيت وأبي حنيفة والشافعي وغيرهما رضوان الله عليهم أجمعين، وشرحا للقسم الثالث من الكتاب المذكور، فمن طالعه عرف المذاهب الثلاثة وغيرها.
وسميته كتاب جامع الخلاف والوفاق بين الإمامية وبين أئمة الحجاز والعراق، وأعني بأئمة الحجاز الشافعي وأصحابه، وبأئمة العراق أبا حنيفة وأتباعه.

اسم الكتاب وهدفه

واسمه كما ذكره المؤلف في المقدمة: «جامع الخلاف والوفاق، بين الإمامية وبين أئمة الحجاز والعراق».
وأما هدفه فقد ذكر المؤلف أن الكتب المدونة في الخلاف عند الإمامية كانت تقتصر على الخلاف دون الوفاق فأراد بهذا الكتاب أن يذكر الخلاف والوفاق معا إضافة إلى الاستدلال على ترجيح ما انتخبه، واهتم بذكر آراء المذاهب الثلاثة: الإمامية والشافعية والحنفية، ولم يتعرض لغيرها إلا قليلا.

ترتيب الكتاب

أما ترتيب الكتاب فقد اقتفى أسلوب ابن زهرة في كتاب الغنية ونقل معظم عبارات الكتاب مع زيادة بيان وتوضيح واستدراك من سائر الكتب وخاصة مسائل الخلاف للشيخ الطوسي، لذلك ذكر في المقدمة والخاتمة عدم تعرض صاحب الغنية ذكر آراء المخالفين وأساميهم والموافقين من السنة، ثم قال: " فصار هذا الكتاب كاملا في الفقه، حاويا لمذهب أهل البيت وأبي حنيفة والشافعي وغيرهما، وشرحا للقسم الثالث من الكتاب المذكور - يقصد الغنية - فمن طالعه عرف المذاهب الثلاثة وغيرها ".
يشتمل كتاب الغنية لابن زهرة الحلبي ( قدس سره )، المتوفى سنة 585، على أقسام ثلاثة: الأول: علم الكلام، والثاني أصول الفقه، والثالث: فروع الفقه والأحكام الشرعية، فهذا الكتاب شرح للقسم الثالث، لذلك كتب بعض من كان بحوزته هذا الكتاب كتب على ظهر الكتاب: «شرح غنية ابن زهرة المسمى بجامع الخلاف والوفاق»، وذكر المصنف أيضا في نهاية الكتاب: «هذا آخر ما قصدناه من تأليف هذا الكتاب في إيراد أقوال المخالفين لنا وأسمائهم في كتاب فروع الفقه من غنية النزوع إلى علم الأصول والفروع وأهمل صاحبه... ذكر أساميهم وأقوالهم في مذاهبهم وقد احتج عليهم، وألحقنا بكل باب وفصل من كتبه وفصوله ما لم يذكره من المسائل التي تمس الحاجة بذكرها».
ثم اعتمد المصنف بالدرجة الثانية على كتاب مسائل الخلاف للشيخ الطوسي، ثم على كتب الحنفية مثل النافع والقدوري والبداية، أو كتب الشافعية، مثل الهادي والوجيز والخلاصة.
قال عنه الشيخ جعفر السبحاني في مقدمة كتاب الغنية: هو دورة فقهية كاملة استدلالية، يستدل بالكتاب والسنة النبوية وأحاديث العترة الطاهرة والإجماع، وهذا القسم ( أي القسم الثالث من الكتاب ) من محاسن الكتب وجلائلها، يستمد من الكتاب العزيز في مسائل كثيرة على وجه ليس له مثيل فيما بأيدينا من كتب القدماء، فقد استدل بقرابة مئتين وخمسين آية في موارد مختلفة، ويعتمد على أحاديث نبوية وافرة، أما استدلالا على المطلوب، أو احتجاجا على المخالف، وهو الغالب على أسلوب الكتاب فهي عنده أشبه بأصول موضوعية تلقاها المخالف بالقبول. ولأجل هذا الامتياز صار الكتاب فقها مقارنا سد به الفراغ الموجود في المكتبة الفقهية في عصره، ويعتمد على الإجماع في مسائل كثيرة تبلغ قرابة ستمائة وخمسين مسألة، ومراده من الإجماع هو الإجماع الكاشف عن قول المعصوم لا غير.
يسير على ضوء كتاب الإنتصار والناصريات للسيد المرتضى، وكتاب الخلاف والمبسوط للشيخ الطوسي.
وأما كتاب الخلاف لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي المتوفى سنة 460 فقد قال مؤلفه في مقدمة الخلاف:
«سألتم أيدكم الله إملاء مسائل الخلاف بيننا وبين من خالفنا من جميع الفقهاء من تقدم منهم ومن تأخر، وذكر مذهب كل مخالف على التعيين وبيان الصحيح منه وما ينبغي أن يعتقد، وأن أقرن كل مسألة بدليل نحتج به على من خالفنا، موجب للعلم، من ظاهر قرآن ، أو سنة مقطوع بها، أو إجماع، أو دليل خطاب، أو استصحاب حال...، وأن أذكر خبرا عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي يلزم المخالف العمل به والانقياد له، وأن أشفع ذلك بخبر من طريق الخاصة المروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة ( عليهم السلام )... وأن أعتمد في ذلك الإيجاز والاختصار».