العلم الإجمالي

من ویکي‌وحدت

العلم الإجمالي: أي العلم المقرون بالجهل وهو مقابل العلم التفصيلي الذي لا جهل فيه، فالمراد من العلم الإجمالي: هو العلم الذي يغطّي بعض جزئيات المعلوم. والأمر يختلف حسب صنف المعلومات المراد معرفتها، فبالنسبة إلى المسائل الشرعية فإنّ المراد معرفته من الماء المنظور ـ مثلاً ـ هو كون الماء المحدد طاهرا أو نجسا، فإذا تحدد الماء الذي في الوعاء الأوّل كونه نجسا كان هذا علما تفصيليا، وإذا كان علمنا يقتصر على معرفة كون أحد الإناءين (الأوّل أو الثاني) نجسا، كان علمنا حينئذٍ إجمالياً.

حقيقة العلم الإجمالي

ولا يبدو وجود نقاش بين الاُصوليين في حقيقة العلم التفصيلي، بل النقاش في حقيقة العلم الإجمالي، وقد ورد في هذا المجال ثلاثة اتّجاهات أو توجّهات.
الاتّجاه الأوّل: كون الإبهام في العلم الإجمالي يعود إلى المعلوم لا العلم نفسه، بمعنى سنخية العلم التفصيلي مع الإجمالي في الكشف عن الحقيقة، مع اختلاف في أنّ الإجمالي يستبطن ترددا في متعلّقه، والعلم التفصيلي لا يستبطن هذا. والإجمال والتفصيل وصفان للمتعلّق.
وفيه نظريتان:
النظرية الاُولى: تقوم على أساس أنّ متعلّق الواجب هو الجامع أو أحدهما لا بعينه، أو هو الفرد المردد، وهي لـ المحقّق الخراساني استفيدت من بحثه في الواجب التخييري[١].
لكن أورد عليه: بأنّ هذا يستلزم تعلّق صفة الوجوب بفرد متردّد، وهو غير ممكن عقلاً. وردّ هذا الإشكال بأنّ الوجوب أمر اعتباري فلا بأس بتعلّقه بالمردد[٢].
لكن قد يستشكل عليه أيضا: بأنّه لا وجود للفرد المردد في الخارج، بل وفي الذهن كذلك، ومن المفروض مساوقة الصورة الذهنية للمعلوم لما هو موجود في الذهن أو الخارج، ولا بدّ من تعيّن المعلوم[٣].
النظرية الثانية: للشيخ الإصفهاني، حيث يذهب إلى أنّ العلم الإجمالي علم تفصيلي بالجامع وشكّ في الخصوصيات، ومتعلّق العلم الإجمالي هو الجامع فقط، واستدلّ عليه بأنّ متعلّق العلم الإجمالي لا يخلو من أربعة شقوق هي:
1 ـ ألاّ يكون متعلقا بشيء أصلاً، وهو واضح البطلان، وخلف كون العلم من الصفات الحقيقية ذات الإضافة.


2 ـ أن يكون متعلّقا بالفرد بعنوانه التفصيلي، وبطلانه باعتبار تحوّل العلم الإجمالي إلى تفصيلي.
3 ـ أن يكون متعلّقا بالفرد المردد، وهو باطل؛ لأنّ الترديد إمّا أن يكون مفهوما أو وجودا. والترديد مفهوما باطل؛ لكون المفهوم بوجوده الذهني مشخص لا ترديد فيه، وكذلك إذا كان خارجا فإنّ الترديد والإبهام في الوجود الخارجي المتشخّص غير معقول.
4 ـ أن يكون متعلّقا بالجامع، وباعتبار بطلان الشقوق الثلاثة السابقة فيتعيّن هذا الشقّ[٤].
الاتّجاه الثاني: كون الفرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي في حقيقة وسنخ كلٍّ منهما لا في متعلّقهما، والإجمال والتفصيل وصفان للعلم نفسه.
ويوضّح الشيخ العراقي هذا التوجّه بالقول: بأنّ العلم الإجمالي بحدّ ذاته يختلف عن التفصيلي لا المعلوم، كما يذهب إليه أصحاب التوجّه الأوّل، وأنّ العلم الإجمالي علم يشوبه إجمال، بينما التفصيلي يخلو من هكذا إجمال، والفرق بينهما نظري كالفرق بين الإحساس الواضح والإحساس المشوب[٥].
وكلا النظريتين لا يخلوان من نقاشات وإشكالات[٦].
الاتّجاه الثالث: وهو لـ الشهيد الصدر، حيث جمع بين هذين الاتجاهين من خلال القول بأنّ متعلّق العلم الإجمالي هو مفهوم كلّي ملحوظ بنحو الإشارة إلى الخارج، ويرى أنّه من خلال القول بهذه الفكرة سيصحّ الاتّجاه الأوّل والثاني، ويجاب على جميع الإشكالات التي وردت على كلٍّ منهما [٧].

المصادر

  1. . كفاية الاُصول: 140 ـ 141.
  2. . بحوث في علم الاُصول الشاهرودي 4: 156، تحقيق الاُصول 3: 313 ـ 314.
  3. . بحوث في علم الاُصول الشاهرودي 4: 156.
  4. . المصدر السابق: 156 ـ 157.
  5. . بحوث في علم الاُصول الشاهرودي 4: 157.
  6. . القطع الحيدري: 461 ـ 462، بحوث في علم الاُصول (الشاهرودي) 4: 157 ـ 159.
  7. . بحوث في علم الاُصول الشاهرودي 4: 160 ـ 161.