الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حركة تحرير المرأة»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''حركة تحرير المرأة''': مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في [[العالم العربي]] و[[العالم الإسلامي]]. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيّار من حيث: تعريفه، وتأسيسه، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية، وأبرز شخصياته.
'''حركة تحرير المرأة''': مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في [[العالم العربي]] و[[العالم الإسلامي]]. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيّار من حيث: تعريفه، وتأسيسه، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية، وأبرز شخصياته.
 
[[ملف:حركة تحرير المراة.jpg|تصغير|صورة إرشيفية]]
=تمهيد=
=تمهيد=



مراجعة ٠٨:٢٣، ٢٦ أكتوبر ٢٠٢١

حركة تحرير المرأة: مذهب وتيّار فكري معاصر ترك تأثيره في العالم العربي والعالم الإسلامي. وتتناول هذه المقالة بالبحث والتمحيص هذا التيّار من حيث: تعريفه، وتأسيسه، وأفكاره ومعتقداته، وجذوره الفكرية، وأبرز شخصياته.

صورة إرشيفية

تمهيد

المذاهب جمع مذهب، وهو: ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به، سواء أكان ما يذهب إليه صواباً في نفس الأمر أم كان خطأً.. ومعنى هذا أنّ المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.

ويجب معرفة أنّه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع تمشياً مع سنّة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميّزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحبّ التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكّر عن غيره من سكّان هذه المعمورة.

وقيل لها: مذاهب فكرية، نسبةً إلى الفكر الذي تميّز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرّف بأّنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة، سواء أكان صواباً أم خطأً.

وقد نسبت المذاهب إلى الفكر؛ لأنّها جاءت من ذلك المصدر (وهو الفكر)، أي: أنّها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلاً أو استعانت به وبما توصّل إليه الفكر من نتائج جاءته إمّا عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر. وأمّا بالنسبة إلى استنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك، بل ربّما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسّسيها، فيقال: الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إمّاإلى شخصيات مؤسّسيها أو إلى بلدانهم أو إلى اتّجاهاتهم وغير ذلك.

ومن هنا يتّضح أنّه إذا أطلق لفظ الفكر فإنّ المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتّى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.

ومن هنا سمّيت مذاهب فكرية نسبةً إلى المذهب الذي تنسب إليه كلّ طائفة ونسبةً كذلك إلى أفكارها التي تعتنقها مبتكرة لها أو مقلّدة.

التعريف

حركة تحرير المرأة: حركة علمانية، نشأت بادئ الأمر في مصر، ثمّ انتشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية. تدعو إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصّة بها، مثل: الحجاب، وتقييد الطلاق، ومنع تعدّد الزوجات، والمساواة في الميراث، وتقليد المرأة الغربية في جلّ الأمور.. ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتّحادات النسائية في العالم الغربي.

التأسيس وأبرز الشخصيات

قبل أن تتبلور الحركة بشكل دعوة منظّمة لتحرير المرأة ضمن جمعية تسمّى: الاتّحاد النسائي، كان هناك تأسيس نظري فكري لها، ظهر من خلال كتب ثلاثة ومجلّة صدرت في مصر:

ـ كتاب (المرأة في الشرق)، تأليف مرقص فهمي المحامي، نصراني الديانة، دعا فيه إلى القضاء على الحجاب وإباحة الاختلاط، وتقييد الطلاق، ومنع الزواج بأكثر من واحدة، وإباحة الزواج بين النساء المسلمات والنصارى.

ـ كتاب (تحرير المرأة)، تأليف قاسم أمين، نشره عام 1899م بدعم من سعد زغلول وأحمد لطفي السيّد على ما قيل. زعم فيه أنّ حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام، وقال: إنّ الدعوة إلى السفور ليست خروجاً على الدين.

ـ كتاب (المرأة الجديدة)، تأليف قاسم أمين أيضاً، نشره عام 1900م، ويتضمّن نفس أفكار الكتاب سالف الذكر، ويستدلّ على أقواله وادّعاءاته بآراء الغربيّين.

ـ مجلّة (السفور)، صدرت أثناء الحرب العالمية الأولى من قبل أنصار سفور المرأة، وتركّز على السفور والاختلاط.

سبق سفور المرأة المصرية اشتراك النساء بقيادة هدى شعراوي (زوجة علي شعراوي) في ثورة سنة 1919م، فقد دخلن غمار الثورة بأنفسهنّ، وبدأت حركتهنّ السياسية بالمظاهرة التي قمن بها في صباح يوم 20 مارس سنة 1919م.

وأوّل مرحلة للسفور كانت عندما دعا سعد زغلول النساء اللواتي يحضرن خطبه أن يزحن النقاب عن وجوههنّ. وهو الذي نزع الحجاب عن وجه نور الهدى محمّد سلطان التي اشتهرت باسم: هدى شعراوي، مكوّنة الاتّحاد النسائي المصري، وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفى. واتّبعتها النساء، فنزعن الحجاب بعد ذلك.

تأسّس الاتّحاد النسائي في نيسان 1924م بعد عودة مؤسّسته هدى شعراوي من مؤتمر الاتّحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما عام 1922م.. ونادى بجميع المبادئ التي نادى بها من قبل مرقص فهمي المحامي وقاسم أمين.

مهّد هذا الاتّحاد بعد عشرين عاماً لعقد مؤتمر الاتّحاد النسائي العربي عام 1944م، وحضرته مندوبات عن البلاد العربية. وقد رحّبت بريطانيا والولايات المتّحدة الأمريكية بانعقاد المؤتمر، حتّى أنّ حرم الرئيس الأمريكي روزفلت أبرقت مؤيّدة للمؤتمر.

أبرز شخصيات حركة تحرير المرأة

1. سعد زغلول، زعيم حزب الوفد المصري، الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجيعه في هذا المجال.

2. أحمد لطفي السيّد، الذي أطلق عليه لقب (أستاذ الجيل)، وظلّ يروّج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمّة المصري في عهده.

3. صفية زغلول، زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيّام.

4. هدى شعراوي، ابنة محمّد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنجليزي في زحفه على العاصمة، وزوجة علي شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمّة (حاليّاً الوفد) ومن أنصار السفور.

5. سيزا نبراوي (واسمها الأصلي: زينب محمّد مراد)، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمرات الدولية والداخلية. وهما أوّل من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتّحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923م.

6. درّية شفيق، من تلميذات أحمد لطفي السيّد، رحلت وحدها إلى فرنسا لتحصل على الدكتوراه، ثمّ إلى إنجلترا، وصوّرتها وسائل الإعلام الغربية بأنّها المرأة التي تدعو إلى التحرّر من أغلال الإسلام وتقاليده، مثل: الحجاب، والطلاق، وتعدّد الزوجات. لمّا عادت إلى مصر شكّلت حزب (بنت النيل) في عام 1949م بدعم من السفارة الإنجليزية والسفارة الأمريكية.. وهذا ما ثبت عندما استقالت إحدى عضوات الحزب، وكان هذا الدعم سبب استقالتها. وقد قادت درّية شفيق المظاهرات، وأشهرها مظاهرة في 19 فبراير 1951م و12 مارس 1954م بالتنسيق مع أجهزة جمال عبد الناصر، فقد أضربت النساء في نقابة الصحافيّين عن الطعام حتّى الموت إذا لم تستجب مطالبهنّ، وأجيبت مطالبهنّ ودخلت درّية شفيق الانتخابات ولم تنجح، وانتهى دورها. وحضرت المؤتمرات الدولية النسائية للمطالبة بحقوق المرأة على حدّ قولها.

7. سهير القلماوي، تربّت في الجامعة الأمريكية في مصر، وتخرّجت من معهد الأمريكان، وتنقّلت بين الجامعات الأمريكية والأوربّية، ثمّ عادت للتدريس في الجامعة المصرية.

8. أمينة السعيد، وهي من تلميذات طه حسين، الأديب المصري الذي دعا إلى تغريب مصر.. ترأسّت مجلّة (حوّاء). وقد هاجمت حجاب المرأة بجرأة، ومن أقوالها في عهد عبد الناصر: " كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصر الظلام ولدينا الميثاق ؟". تقصد ميثاق عبد الناصر الذي يدعو فيه إلى الاشتراكية، وسخّرت مجلّة (حوّاء) للهجوم على الآداب الإسلامية.

9. د. نوال السعداوي زعيمة الاتّحاد المصري حاليّاً، والتي توفيت في العام 2021م.

الأفكار والمعتقدات

تجمل أفكار ومعتقدات أنصار حركة تحرير المرأة فيما يلي:

1. تحرير المرأة من جلّ الآداب والشرائع الإسلامية، وذلك عن طريق:

أـ الدعوة إلى السفور والقضاء على الحجاب الإسلامي.

ب ـ الدعوة إلى اختلاط الرجال مع النساء في كلّ المجالات في المدارس والجامعات والمؤسّسات الحكومية والأسواق.

ج ـ تقييد الطلاق، والاكتفاء بزوجة واحدة.

د ـ المساواة في الميراث مع الرجل.

2. الدعوة العلمانية الغربية أو اللّادينية بحيث لا يتحكّم الدين في مجال الحياة الاجتماعية خاصّة.

3. المطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسية.

4. أوروبّا والغرب عامّة هم القدوة في كلّ الأمور التي تتعلّق بالحياة الاجتماعية للمرأة: كالعمل، والحرّية الجنسية، ومجالات الأنشطة الرياضية والثقافية.

الجذور الفكرية والعقائدية

بعد تبلور حركة تحرير المرأة على شكل الاتّحادات النسائية في البلاد العربية خاصّة والدولية عامّة، أصبحت اللّادينية أو ما يسمّونه (العلمانية) الغربية هي الأساس الفكري والعقدي لحركة تحرير المرأة. وهي موجّهة -وبشكل خاصّ- في البلاد العربية والإسلامية إلى المرأة المسلمة؛ لإخراجها من دينها، ثمّ إفسادها خلقيّاً واجتماعيّاً.. وبفسادها يفسد المجتمع الإسلامي وتنتهي موجة حماسة العزّة الإسلامية التي تقف في وجه الغرب وجميع أعداء الإسلام، وبهذا الشكل تسهل السيطرة عليه.

قيل: ومن الأدلّة على أنّ جذور حركة تحرير المرأة تمتدّ نحو العلمانية الغربية ما يلي:

ـ في عام 1894م ظهر كتاب للكاتب الفرنسي (الكونت داركور)، حمل فيه على نساء مصر، وهاجم الحجاب الإسلامي، وهاجم المثقّفين على سكوتهم.

ـ في عام 1899م ألّف قاسم أمين كتابه (تحرير المرأة)، أيّد فيه آراء (داركور).

ـ وفي نفس العام هاجم الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل (زعيم الحزب الوطني) كتاب (تحرير المرأة)، وربط أفكاره بالاستعمار الإنجليزي.

ـ ألّف الاقتصادي المصري الشهير محمّد طلعت حرب كتاب (تربية المرأة والحجاب) في الردّ على قاسم أمين، وممّا قاله: " إنّ رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمنّاها أوروبّا".

ـ ترجم الإنجليز ـ وذلك أثناء وجودهم في مصر ـ كتاب (تحرير المرأة) إلى الإنجليزية، ونشروه في الهند والمستعمرات الإسلامية.

ـ الدكتورة (ريد) رئيسة الاتّحاد النسائي الدولي التي حضرت بنفسها إلى مصر لتدرس عن كثب تطوّر الحركة النسائية.

ـ اغتباط الدوائر الغربية بحركة تحرير المرأة العربية وبنشاط الاتّحاد النسائي في الشرق، وتمثّلت ببرقية حرم رئيس الولايات المتّحدة الأمريكية للمؤتمر النسائي العربي عام 1944م.

ـ صلة حزب (بنت النيل) بالسفارة الإنجليزية، والدعم المالي الذي يتلقّاه منهما.

ـ ترحيب الصحف البريطانية بدرّية شفيق زعيمة حزب (بنت النيل)، وتصويرها بصورة الداعية الكبرى إلى تحرير المرأة المصرية من أغلال الإسلام وتقاليده.

ـ برقية جمعية (سان جيمس) الإنجليزية إلى زعيمة حزب (بنت النيل) تهنّئها على اتّجاهها الجديد في القيام بمظاهرات للمطالبة بحقوق المرأة.

ـ مشاركة الزعيمة نفسها في مؤتمر نسائي دولي في أثينا عام 1951م، ظهر من قرارته التي وافقت عليها أنّها تخدم الاستعمار أكثر من خدمتها لبلادها.

ـ إعلان (كاميلا يفي) الهندية أنّ الاتّحاد النسائي الدولي واقع تحت ريادة الدول الغربية والاستعمارية، واستقالتها منه.

ـ إعلان الدكتورة نوال السعداوي رئيسة الاتّحاد النسائي المصري عام 1987م أثناء المؤتمر أنّ الدول الغربية هي التي هيّأت المال اللازم لعقد مؤتمر الاتّحاد النسائي، والدول العربية لم تساهم في ذلك.

هذه بعض الوقائع التي تدلّ على صلة حركة تحرير المرأة بالقوى الاستعمارية الغربية.

الخلاصة

إنّ حركة تحرير المرأة هي حركة علمانية، نشأت في مصر، ومنها نُشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية، وهدفها هو قطع صلة المرأة بالآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصّة بها، كالحجاب وتقييد الطلاق ومنع تعدّد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كلّ شيء تقريباً. ويعتبر كتاب (المرأة في الشرق) لمرقص فهمي المحامي، و(تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة) لقاسم أمين من أهمّ الكتب التي تدعو إلى السفور، وتمتدّ أهداف هذه الحركة لتصل إلى جعل العلمانية واللّادينية أساس حركة المرأة والمجتمع.

المصدر

المقالة مقتبسة مع تعديلات من الموقع التالي:

www.dorar.net