انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستحسان»

أُضيف ١٤٬٧٧٣ بايت ،  ١٢ مارس ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٢٥: سطر ٢٥:
'''ومنها:''' القول بأقوى الدليلين.<ref> اللمع : 244، التبصرة : 494، المسوّدة : 404.</ref>
'''ومنها:''' القول بأقوى الدليلين.<ref> اللمع : 244، التبصرة : 494، المسوّدة : 404.</ref>
'''ومنها:''' إيثار ترك الدليل والترخيص بمخالفته؛ لمعارضة دليل آخر في بعض مقتضياته.<ref> أصول الفقه أبو زهرة : 245.</ref>
'''ومنها:''' إيثار ترك الدليل والترخيص بمخالفته؛ لمعارضة دليل آخر في بعض مقتضياته.<ref> أصول الفقه أبو زهرة : 245.</ref>
===الطائفة الرابعة من تعريف الاستحسان===
التعاريف التي أدرجته تحت المصالح المرسلة:
'''منها:''' عدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة الناس.<ref> أصول الفقه ابن مفلح 4 : 1465، القوانين المحكمة : 299، إرشاد الفحول 2 : 266.</ref>
'''ومنها:''' استعمال مصلحة جزئية في مقابل قياس كلّي.<ref> انظر : أصول الفقه أبو زهره : 245.</ref>
'''ومنها:''' الحكم بما رآه الحاكم أصلح في العاقبة وفي  الحال. <ref> الإحكام ابن حزم 5 ـ 8 : 192.</ref>
التعاريف تعكس مدى الاختلاف في تحديد ماهية الاستحسان، ورغم كثرتها لا تستطيع أن تعكس انطباعا جامعا ومانعا للاستحسان، ويبقى معناه يحتفُّ بابهامات غير قليلة، كما أنَّ هناك مناقشات ترد على كلٍّ منها.
ويرى بعض أنَّ هذه التعاريف ليس فيها ما يدعو إلى جعل الاستحسان دليلاً، له استقلاله الذاتي في مقابل بقية الأدلَّة، إذ إنَّ قسما منها يمكن إرجاعه إلى الكتاب والسنّة، وقسما منها إلى القياس، وثالثا إلى حكم العقل، ورابعا إلى المصالح المرسلة، فلا وجه، فيما يبدو، لعدِّه من الأدلة المستقلة وفي عرضها.<ref> الأصول العامة للفقه المقارن : 349.</ref>
وقد أرجع بعض الاختلاف في الاستحسان إلى نزاع لفظي؛ لأنَّه إن كان من قبيل ما استحسنه المجتهد بلا دليل فلا يقول به أحد، وإن كان من باب ترجيح أحد الدليلين أو تخصيص القياس لدليل، فلا يختلف فيه أحد.<ref> انظر : البحر المحيط 6 : 89 ـ 90.</ref>
بل يرى بعض أنَّ إفراد بحث مستقل للاستحسان ممَّا لا فائدة فيه؛ لأنَّه إن كان عائدا إلى الأدلَّة الأخرى فلا داعي للتكرار، وإن كان خارجا عنها فهو غير مشروع<ref> إرشاد الفحول 2 : 269.</ref>، بل قد يعدُّ بحثه ترفا فكريا لا داعي له، إلاَّ إذا كانت هناك ضرورة من قبيل بيان رأي المذهب في هذه الآلية الأصولية.
==سبب التسمية بالاستحسان==
يرى أبو الحسن البصري المعتزلي: أنَّه رغم إطلاق الاستحسان على الشهوة والاستخلاء، لكن قد يطلق على العلم بحسن الشيء، فيقال: فلان يستحسن القول بالتوحيد والعدل، وقد يطلق على الاعتقاد والظن بحسن الشيء. فإذا ظنَّ المجتهد الأمارة واقتضاه ذلك أن يعتقد حسن مدلولها جاز أن يقول: قد استحسنت هذا الحكم. فصحَّ فائدة هذه التسمية وجاز الاصطلاح منهم على التسمية.<ref> المعتمد 2 : 297.</ref>
والسرخسي بعد ما يؤكِّد على كون الاستحسان نوع قياس، لكنَّه خفي قوي الأثر، يشير إلى التسمية ويقول: فيسمى استحسانا، أي: قياسا مستحسنا.<ref> المبسوط السرخسي 10 : 145.</ref>
ويشير علاء الدين البخاري إلى سبب التسمية بالاستحسان رغم تصنيفه إيّاه ضمن القياس ويقول: ويسمَّى استحسانا لا قياسا للإشارة الى أنَّه الوجه الأولى في العمل به، وأنّ العمل بالآخر جائز كما جاز العمل بالطرد، وإن كان الأثر أولى منه.<ref> كشف الأسرار 4 : 7 ـ 10.</ref>
==الألفاظ ذات الصلة==
===القياس===
القياس هو إلحاق مسألة غير منصوص على حكمها الشرعي بمسألة منصوص على حكمها؛ للاشتراك بينهما في العلَّة<ref> نظرية الاستحسان: 42، وانظر: أثر المصلحة في التشريعات: 152.</ref>، وعلى العموم يدعى إلحاق جزئيات بقاعدة عامة قياسا. والاستحسان بمثابة الاستثناء لهذه القاعدة العامة وفقا لبعض تعاريفه<ref> وهي التعاريف التي اعتبرته قياسا خفيا، أو عدولاً عن دليل لآخر، أو تخصيصا لدليل بدليل غيره.</ref>، وشأنهما شأن العموم والإطلاق من جهة، والتخصيص والتقييد من جهة اُخرى، فالأخيران استثناء من الأولين.
وقد مثّلوا لذلك  بما إذا اختلف المتبايعان في مقدار الثمن قبل أن يقبض المشتري المبيع، فإنَّ موجب القياس الظاهر أنَّ الذي يجب عليه أن يقيم البيّنة هو البائع، وهو مدَّعي الزيادة، إذ هما اتفقا على مقدار، والاختلاف في الزيادة، فهو المدَّعي، والبيّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، وإذا لم تكن بيّنة حلف المشتري؛ لأ نّه المدّعى عليه، ولكن استحسن أن يحلف البائع والمشتري؛ لأنّ كليهما ينكر شيئا يدَّعيه الآخر، فالبائع يدَّعي الزيادة وينكر استحقاق المشتري للمبيع من غير أدائها، والمشتري يدَّعي استحقاقه للمبيع من غير هذه الزيادة، وينكر وجوبها.<ref> أصول الفقه أبو زهرة : 248.</ref>
وقد يعتبر بعض الاستحسان نفس القياس، والاختلاف في أن القياس يعتمد وصفا أو أثرا ظاهرا، بينما الاستحسان قد يعتمد وصفا أو أثرا خفيا أقوى، فيغلّب حكمه على حكم الأثر الظاهر الذي ترتَّب عليه القياس الأصل أو المستثنى منه، فيستثنى من القياس العام هذا المورد.<ref> المبسوط السرخسي 10 : 145.</ref>
ويذكر لهذا مثال كون بدن المرأة عورة وقد أبيح للطبيب النظر للحاجة، فالأثر الأظهر للمسألة هو كون بدنها عورة، والوصف الثاني هو ما قد يؤدي إلى عُسر ومشقة في بعض الأحوال، كالمرض وحاجة الطبيب إلى رؤية البدن للعلاج.<ref> أصول الفقه أبو زهرة : 247.</ref>
وأشار السرخسي إلى العلاقة الوثيقة بين الاستحسان والقياس باعتبار الاستحسان متكوّنا من قياسين: أحدهما جلي ضعيف الأثر يسمى قياسا، والآخر خفي قوي الأثر فيسمى استحسانا، أي قياسا مستحسنا، فالترجيح بالأثر لا بالخفاء والوضوح.
ثمّ يعتبر الهدف من تشريع الاستحسان هو التيسير وترك العسر لليسر، وهو أصل في الدين، قال تعالى: '''«يُرِيدُ اللّهُ بِكُم اليُسْرَ وَلايُرِيدُ بِكُم العُسْرَ»'''.<ref> البقرة: 185.</ref> وقال  صلىاللهعليهوآله: «خير دينكم اليسر».<ref> رسائل الشريف المرتضى 2 : 246، وفي بعض المصادر ورد بلفظ : «خير دينكم أيسره». انظر : مجمع الزوائد 1 : 60، 61.</ref>.<ref> المبسوط السرخسي 10 : 145.</ref>
كما يرى علاء الدين البخاري الاستحسان أحد القياسين، ويسمَّى استحسانا لا قياسا للإشارة الى أنَّه الوجه الأولى في العمل به، وأنّ العمل بالآخر جائز، كما جاز العمل بالطرد وإن كان الأثر أولى منه... <ref> كشف الأسرار 4 : 7 ـ 10.</ref> وهو بذلك يشير إلى أنّ الاستحسان نوع قياس مرجَّح على القياس الأصل أو العام لدليلٍ ما، وهو تعبير آخر عن التخصيص أو التقييد أو شيء من قبيل هذه المرجّحات، وبذلك تنكشَّف العلاقة بين القياس والاستحسان.
==أقسام الاستحسان==
باعتبار العلاقة بين القياس والاستحسان على بعض معانيه، والتي هي علاقة تعارض بين قياسين أو استثناء، أو علاقة تخصيص أو تقييد، ينقسم الاستحسان إلى الأقسام التالية التي هي في الحقيقة عبارة عن مناشئ الاستحسان، من نصٍّ أو إجماع أو ضرورة أو عرف أو مصلحة.<ref> انظر : اللمع : 244 ـ 245، أصول السرخسي 2 : 202، كشف الأسرار البخاري 4 : 10، المسوّدة : 405، أصول الفقه ابن مفلح 4 : 1465.</ref>
===1 ـ استحسان السنّة===
وهو أن يثبت من السنّة ما يوجب ردّ القياس في موضعها، من قبيل تصحيح الصيام عند الأكل والشرب نسيانا، فإنَّ القياس يستلزم بطلان الصوم لكن ورد في السنَّة ما يصحِّح هذا الصوم.<ref> أصول السرخسي 2 : 202، أصول الفقه أبو زهرة : 249.</ref>
ويدعى استحسان النصّ كذلك<ref> أصول الفقه البرديسي : 292.</ref>، باعتبار أنَّ النصَّ الذي يوجب ردّ القياس قد يكون من القرآن ولايختص بالسنّة، والتسمية بالسنّة باعتبار الغالب.
ومثِّل لذلك بقوله تعالى: '''«من بعد وصيَّة يوصي بها أو دين»'''<ref> النساء : 11.</ref>، فإنَّه يردُّ القياس القاضي هنا بعدم جواز الوصية وعدم شرعيتها؛ لكونها تمليكا مضافا إلى زمن ينقطع فيه سلطان التملك وهو ما بعد الموت.<ref> نظرية الاستحسان : 32.</ref>
===2 ـ استحسان الإجماع===
وهو عبارة عن تخصيص القياس بداعي انعقاد [[الإجماع]] على ما يخصّصه في الموضع المجمع عليه، كانعقاد [[إجماع المسلمين]] على صحَّة [[عقد الاستصناع]]<ref> الاستصناع : هو أن يطلب شخص من صاحب حرفة أو مهنة أو من شركة صناعة سلعة بكذا كمية، ويبرم الطرفان عقدا بناءً على هذا الطلب، والإشكال المحتمل في هذا العقد ناشئ عن عدم وجود السلعة المبيع حين العقد.</ref> وإن كان [[القياس]] يستوجب بطلانه.<ref> أصول السرخسي 2 : 203، أصول الفقه أبو زهرة : 249.</ref>
===3 ـ استحسان الضرورة===
أن تكون هناك ضرورة تدعو [[المجتهد]] لرفع اليد عن القياس، من قبيل الحكم بطهارة الآبار والحياض بعد تنجُّسها، فإنَّ القياس يستوجب الحكم بنجاستها، لكن الحرج الذي يتبع ذلك يفرض على المجتهد الحكم بالطهارة<ref> أصول السرخسي 2 : 203، أصول الفقه ابو زهرة : 249.</ref>، وفي توضيح الضرورة هنا يقول علاء الدين البخاري: فإنَّ القياس نافي طهارة هذه الأشياء بعد تنجُّسها؛ لأنَّه لايمكن صبّ الماء على الحوض أو البئر ليتطهَّر، وكذا الماء الداخل في الحوض أو الذي ينبع من البئر تتنجس بـ : [[ملاقاة النَّجس]]، والدلو تتنجَّس أيضا بملاقاة الماء، فلا تزال تعود وهي نجسة.<ref> كشف الأسرار 4 : 11.</ref>
===4 ـ الاستحسان بالمصلحة===
وهو عبارة عن الأخذ بمصلحة هي أقرب إلى مورد الشرع، فيها تحقيق مصلحة أو درء مفسدة، من قبيل تجويز أبي حنيفة الزكاة لبني هاشم رعايةً لمصالحهم وحفظا لهم من الضياع<ref> على أنّ رأي الشيعة في باب الخمس هو عدم الاختصاص بغنائم الحرب، وعليه يكون الخمس متوافرا حتَّى في عصرنا الحاضر، ولاينقطع سبيل الإحسان إلى الهاشميين على مرِّ العصور.</ref>، رغم أنَّ القياس يقضي بحرمته لهم. <ref> أصول الفقه البرديسي : 301، نظرية الاستحسان : 38 ـ 39.</ref>
هذا بناءً على التفريق بين الاستحسان والمصالح المرسلة، كما تذهب إليه جُلّ التعاريف، وأنَّ الفرق الدقيق بينهما في أنَّ الاستحسان استثناء من القواعد، بينما المصالح المرسلة دليل بحدِّ ذاتها حيث لا دليل. <ref> انظر : أصول الفقه أبو زهرة : 246 ـ 247.</ref>
5 ـ الاستحسان بالعرف
وهو عبارة عن تقديم العمل بالعرف ورفع اليد عن القياس، إذا نتج عن تطبيق القياس غلو أو ضرر كبير، من قبيل صحَّة إجارة الحمَّام بأجرة معيَّنة دون تحديد مقدار الماء المستعمل ومدَّة البقاء فيه، رغم أنَّ القياس يقتضي عدم الجواز إلاَّ بعد التحديد؛ وذلك لأنَّ العرف السائد بين الناس يقتضي التساهل في الأشياء الصغيرة، وعدم التساهل هنا يستلزم ضررا كبيرا وإخلالاً في مورد من موارد النظم الاجتماعي. <ref> نظرية الاستحسان : 39 ـ 40.</ref>. وكذلك من حلف أن لا يأكل لحما فأكل سمكا، لا يُعدُّ حانثا للحلف؛ لأنَّ العرف لايعدُّ السمك لحما، رغم أنَّ القياس يقضي بكونه حنثا. <ref> أصول الفقه البرديسي : 299.</ref>


==المصادر==
==المصادر==


[[تصنيف: حجية الاستحسان]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم الأصول]]
[[تصنيف: حجية الاستحسان]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم الأصول]][[تصنيف: القیاس]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل