عائشة: أُمّ المؤمنين بنت أبي بكر ابن أبي قحافة، زوجة النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، تزوّجها (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) - في السنة الثانية بعد الهجرة.

عائشة بنت أبي بكر (... ــ 58ق)

أُمّ المؤمنين، زوج النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، تزوّجها (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) في السنة الثانية بعد الهجرة. [١] وفيها وفي حفصة نزل قوله تعالى: «إِنْ تَتُوبا إِلَى ا للهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْه ِ فَإِنَّ ا للهَ هُوَ مَوْلاه ُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ»[٢] ، [٣]

من روت عنهم ومن رووا عنها

روت عن النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أحاديث كثيرة، وروت عن: أبيها، وسعد، وعمر، وغيرهم.
روى عنها: ابنا أُختها عبد اللَّه وعروة ابنا الزبير بن العوّام، وزيد بن خالد الجهني، وعكرمة، و الحسن البصري، وأبو بردة بن أبي موسى الأشعري، و سعيد بن المسيب، وطائفة.
وكان لعائشة دور متميز في الحياة السياسية في زمن عثمان وما بعده، وكانت قطب الرحى في معركة الجمل. قال أصحاب السير والاخبار: إنّها أرجفت بعثمان، وأنكرت عليه كثيراً من أفعاله، وكانت تثير الناس عليه بإخراج شعر رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وثوبه[٤] وتحثّهم على مقته، ولم تعدل عن رأيها هذا حتى بعد الاجهاز عليه، ولكنّها غيّرت رأيها، لما انفلت الامر عن طلحة وكانت تحرص على تأميره وبويع أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي لم يكن لها معه هوى، فبكت على عثمان، وأظهرت الأسف على قتله، ورجعت إلى مكة بعد ما خرجت منها، ونهضت ثائرة تطلب بدمه، ولحق بها طلحة والزبير ومروان بن الحكم، وتوجهوا نحو البصرة.
قالوا: إنّ عائشة لما أرادت المضي إلى البصرة مرت بالحوأب فسمعت نباح الكلاب، فقالت: إنّا لله ما أراني إلَّا صاحبة القصة ؛ وكان رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) قد أنذرها وحذّرها عن خصوص واقعة الجمل.
فقد أخرج أحمد بن حنبل [٥] من طريق قيس قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلًا نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلَّا أنّي راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح اللَّه عزّ وجلّ ذات بينهم.
قالت: إنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) قال لها ذات يوم: كيف بإحداكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب[٦] ولما قدم طلحة والزبير وعائشة البصرة كتبت عائشة إلى زيد بن صوحان: من عائشة أُمّ المؤمنين، حبيبة رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان: أمّا بعد؛ فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم فانصرنا، فإن لم تفعل فخذّل الناس عن عليّ.
فكتب إليها: أمّا بعد فأنا ابنك الخالص لئن اعتزلت ورجعت إلى بيتك، وإلَّا فأنا أوّل من نابذك[٧] وقال زيد: رحم اللَّه أُمّ المؤمنين! أُمرت أن تلتزم بيتها وأُمرنا أن نقاتل، فتركت ما أُمرت به وأمرتنا به، وصنعت ما أُمرنا به ونهتنا عنه.
قال ابن خلكان: فتوجهوا إليها أي إلى البصرة فأخذوا عثمان بن حنيف عامل عليّ بها، فهمّوا بقتله، فناشدهم اللَّه وذكَّرهم صحبته لرسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، فأُشير بضربة أسواطاً، فضربوه ونتفوا لحيته ورأسه حتى حاجبيه وأشفار عينيه ثمّ حبسوه، وقتلوا خمسين رجلًا كانوا معه على بيت المال وغير ذلك من أعماله، فلما بلغ عليا مسيرهم خرج مبادراً إليهم واستنفر أهل الكوفة ثمّ سار بهم نحو البصرة.
ولما انتهت المعركة بمقتل طلحة والزبير وهزيمة أصحاب الجمل، جهز أمير المؤمنين (عليه السّلام) عائشة وأمر أخاها محمد بن أبي بكر وكان من أصحابه (عليه السّلام) بالخروج معها، فكان وجهها إلى مكة، فأقامت إلى الحج ثم رجعت إلى المدينة.

فتاواها وفقاهتها

عُدّت عائشة من المكثرين من الصحابة فيما رُوي عنها من الفتيا.
ونقل عنها الشيخ الطوسي في «الخلاف» خمساً وخمسين فتوى منها: من طلع الفجر عليه يوم الجمعة وهو مقيم لا يجوز له أن يسافر إلَّا بعد أن يصلَّي الجمعة.
وأخرج مالك بن أنس أنّ عائشة كانت تبعث بالرجال إلى أُختها أُمّ كلثوم وإلى بنات أخيها، فيرضعوا منهن.[٨] وبهذا تستبيح أُمّ المؤمنين بعد تلك الرضاعة مقابلتهم بدون حجاب، لَانّهم على رأيها أصبحوا من محارمها.

وفاتها

توفّيت بالمدينة سنة ثمان وخمسين وصلَّى عليها أبو هريرة.

الهوامش

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 2- 374، اختيار معرفة الرجال 57 و 67 و 70 و 91 و 141، المستدرك للحاكم 4- 3، حلية الاولياء 2- 43، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 40 برقم 1، الخلاف للطوسي 1- 609 طبع جامعة المدرسين. رجال الطوسي 32، الإستيعاب 4- 345، طبقات الفقهاء للشيرازي 47، أُسد الغابة 5- 501، وفيات الاعيان 3- 16، تهذيب الكمال 35- 227 برقم 7885، سير أعلام النبلاء 2- 135، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 41 60 ه (244، الاعلام بوفيات الاعلام 1- 38 برقم 137، البداية و النهاية 8- 95، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 4- 349، تهذيب التهذيب 12- 433، كنز العمال 13- 693، شذرات الذهب 1- 9 و 61.
  2. التحريم: 4.
  3. قال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى: (إِنْ تَتُوبٰا إِلَى اللّٰهِ): خطاب لعائشة و حفصة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما و التوبة من التعاون على رسول اللّه ص بالايذاء. (فقد صغت قلوبكما) أي عدلت و مالت عن الحق، و هو حق الرسول عليه الصلاة و السلام. و انظر تفسير الطبري في تفسير سورة التحريم.
  4. قال أبو الفدا في «تاريخه»: كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه و كانت تخرج قميص رسول اللّه ص و شعره و تقول: هذا قميصه لم يبل وقد بُلي دينه. نقلناه من «الغدير «: 9- 79، و انظر «الكامل» لابن الاثير: 3- 206 تجد المحاورة بينها و بين ابن أُمّ كلاب بشأن قتل عثمان، و قوله لها: و اللّه إنّ أوّل من أمال حرفه لَانت، و لقد كنتِ تقولين: اقتلوا نعثلًا فقد كفر.
  5. في « مسنده» ج6، صص97 - 52
  6. وأخرجه الحاكم في «مستدركه «: 3- 120.
  7. الكامل لابن الاثير: 3- 216. وزيد بن صوحان العبدي: من خواص عليّ من الصلحاء الاتقياء (شذرات الذهب: 1- 44). و هو أحد الشجعان الرؤَساء من أهل الكوفة، قُطعت شماله يوم نهاوند. و قاتل مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- يوم الجمل حتى استشهد، و هو أخو صعصعة بن صوحان الخطيب المشهور الذي وصفه أمير المؤمنين- عليه السّلام- بالخطيب الشحشح. و الشحشح: الماهر في خطبته، الماضي فيها.
  8. الموطأ «: 2- 605. و ذكر أنّ نساء النبي ص أنكرن عليها ذلك، كما روى في الباب نفسه عن عبد اللّه بن مسعود قوله: لا رضاعة إلّا ما كان في الحولين. و عن عبد اللّه بن عمر: لا رضاعة إلّا لمن أرضع في الصغر و لا رضاعة لكبير. و عن سعيد بن المسيب: لا رضاعة إلّا ما كان في المهد و إلّا ما أنبت اللحم و الدم.