التابعي

من ویکي‌وحدت

التابعي: وهو من لقی الصحابي ولم یلقَ النبي(ص)، والبحث الأصولي عن التابعي حول حجية قول التابعي وأنّه هل يجوز للفقيه أن يتمسک بقول التابعي في استنباط الأحکام أو لا؟

تعريف التابعي لغةً

تبع الشيء تبعا وتباعا في الأفعال. وتبعت الشيء تبوعا: سرت في أثره، وأتبّعه وأتبَعَه وتتبّعه قفاه وتطلبهُ متبعا له[١].

تعريف التابعي اصطلاحاً

ذكرت عدّة تعاريف للتابعي:
منها: من لقي الصحابي[٢]. وأضاف البعض:
ولم يلق النبي(ص)[٣].
ومنها: من لقي الصحابي مؤمنا بالنبي(ص) ومات على الإيمان وإن تخللت ردته بين كونه مؤمنا وبين موته مسلما[٤].
ومنها: مَن صحب صحابيا[٥].

شروط تحقّق عنوان التابعي

ذكر البعض شروطا لتحقّق عنوان التابعي:

الشرط الأول: الصحبة

أي لا تكفي الرؤية ولا اللقاء ولابدّ من صحبة التابعي للصحابي، ولذلك عرفوه من صحب صحابيا[٦]. و الصحابي كلّ مسلم رأى رسول اللّه‏(ص)[٧].
وقال آخر: إنّه من لقي النبي(ص) مؤمنا به ومات على الإيمان والإسلام وإن تخللت ردّته بين كونه مؤمنا وبين موته مسلما على الأظهر[٨]. فالصحابي رأى الرسول أو لقاه بينما التابعي لقى الصحابي أو رآه ولم يلق الرسول ولم يره.
لكن البعض اكتفى بلقائه الصحابي[٩].

الشرط الثاني: الإدراک

أي إدراك عصر الصحابة، واكتفى البعض بالإدراك لتحقّق التابعي[١٠].
بينما اكتفى بعضهم باللقاء كما هو ما عليه في الصحابة في الاكتفاء برؤية الرسول[١١].

الشرط الثالث: التمييز

أي كونه في سنّ ممّن يحفظ عن الصحابة، فلو كان صغيرا لم يحفظ فلا عبرة برؤيته[١٢].
منها: المشافهة أو السماع، أي كونه ممّن شافه أصحاب الرسول(ص) وحفظ عنهم الدين والسنن[١٣]، أو سمع عنهم[١٤].

الشرط الرابع: الإيمان

حيث ذكر المامقاني في (مقباس الهداية) التابعي من لقي الصحابي مؤمنا بالنبي(ص) ومات على الإيمان وإن تخللت ردته بين كونه وبين موته مسلما[١٥].
وبعضهم استثنى قيد الإيمان[١٦].

الألفاظ ذات الصلة

صحابي

وهو مَن صاحَبَ الرسولَ، مع اختلاف في الشروط.

حجية قول التابعي

ذهب العلماء إلى عدم حجّية قول التابعي بما هو تابعي؛ لأنّ كلامه ليس من السنّة[١٧].
وروي عن أبي حنيفة قوله: التابعي رجل وأنا رجل[١٨].
وقوله كذلك: ما جاءنا من التابعين زاحمناهم[١٩]. لكن اختلف في موارد من أقواله:
منها: لو قال التابعي العدل: بأنَّ فلانا صحابي. فهنا قولان:
الأوّل: لم يقبل منه؛ لأنّ ذلك مرسل وكونها قضية لم يحضرها[٢٠].
الثاني: الظاهر قبول قوله؛ لأنّه لا يقول ذلك إلاّ بعد العلم به سواء كان اضطرارا أو اكتسابا؛ لأنّ الصحبة تثبت إمّا بطريق قطعي وهو الخبر المتواتر، بأنّ فلانا صحابي أو بطريق ظنّي وهو خبر الثقة[٢١].
ومنها: لو قال التابعي: أنا أَدركتُ الصحابة. فهل يقبل كلامه؟ فالظاهر أنَّ كلامه مقبول كالصحابي في قوله: أنا صحابي؛ لأنّه ثقة عدل مقبول القول، ولكن ليس كلّ تابعي ثقة[٢٢].
ويبدو أنّ الاتفاق على عدم حجّية قوله خاصّ بالأحكام، والاختلاف هو في الموضوعات كما هو واضح من موارد الاختلاف.

تقليد التابعي العالم للصحابي

اختلفت كلمات الأعلام في جواز تقليد المجتهد التابعي للصحابي.
جوّز البعض ذلك إن جاز تقليد العالم للعالم، وإن لم يجز ذلك فقد اختلف قول الشافعي في جواز تقليد العالم من التابعين للعالم الصحابي فمنع ذلك في رأيه الجديد، وجوّزه في رأيه القديم غير أنّه اشترط في جواز ذلك بكون مذهب الصحابي منتشرا. وتارةً لم يشترط ذلك[٢٣].
لكن مختار الآمدي امتناع ذلك[٢٤].

التابعي المجتهد هل يعتبر قوله في إجماع الصحابة إذا أدرك عصرهم؟

إذا أدرك التابعي عصر الصحابة وهو من أهل الاجتهاد وخالف إجماعهم هل يؤخذ به أو لا؟
هنالك أقوال في المسألة:

القول الأوّل: إنّه لا ينعقد الإجماع مع مخالفته

واستدلّ على ذلك:
أ ـ إنّه مجتهد من الاُمة فلا ينهض الدليل بدونه. ب ـ إنّ الصحابة سوغوا اجتهادات التابعين وفتواهم في زمن الصحابة.
وأصحاب هذا القول اختلفوا في اشتراط انقراض العصر وعدمه. فمن لم يشترط انقراض العصر، قال: إن كان من أهل الاجتهاد قبل انعقاد إجماع الصحابة فلايُعتد بإجماعهم مع مخالفته، وإن بلغ رتبة الاجتهاد بعد انعقاد إجماع الصحابة لايعتد بخلافه. وهذا مذهب الشافعي وأكثر المتكلّمين. ومن شرط انقراض العصر قال: لاينعقد إجماع الصحابة مع مخالفته سواء كان من أهل الاجتهاد حال إجماعهم أو صار مجتهدا بعد إجماعهم، لكن في عصرهم[٢٥].

القول الثاني: إنّه لايعتدّ بخلافه

استدلّ على ذلك باُمور:
أ ـ لخصوصية الصحابة، حيث قال رسول اللّه‏(ص)أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم.
ب ـ إنكار عائشة على أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (الذي هو من التابعين) مجاراته للصحابة وكلامه معهم وزجرته عن ذلك، وقالت: «فرّوج يصيح بين الديكة»[٢٦].

القول الثالث: وهو التفصيل

هنالك فرق بين أن يكون من أهل الاجتهاد وقت حدوث تلك النازلة فيعتدُّ بخلافه وإلاّ فلا. فهنا العبرة بالاجتهاد وقت [[الإجماع[[ وعدمه. هذا كلّه حسب رأي غير الإمامية من فقهاء المسلمين.
أمّا رأي الإمامية: في مخالفة التابعي لإجماع الصحابة، فإنّه لايعتد بخلافه؛ لأنّ من بين الصحابة المعصوم فيكون قوله حجّة حتّى وإن خالف التابعي، وعليه فالإجماع باقي حتّى مع مخالفة التابعي[٢٧].

المصادر

  1. . لسان العرب 1: 415، كتاب العين 2: 78، الصحاح 3: 1190، تاج العروس 11: 36 مادة «تبع».
  2. . صحيح مسلم بشرح الإمام النووي 1: 36، نخبة الفكر: 66، مقباس الهداية 3: 311، رجال الخاقاني: 109.
  3. . نهاية الدراية السيّد الصدر: 341، رسائل في دراية الحديث (البابلي) 2: 46.
  4. . الرعاية لحال البداية في علم الدراية: 163، مقباس الهداية 3: 311، دراسات في علم الدراية علي أكبر غفاري: 202، معجم مصطلحات الرجال والدراية (محمد رضا جديدي نژاد): 37.
  5. . رسائل في دراية الحديث البابلي 2: 199، تدريب الراوي 1 ـ 2: 440، كتاب الكفاية في علم الرواية: 22.
  6. . كتاب الكفاية في علم الرواية: 22، التحبير شرح التحرير 4: 2006 فتح المغيث: 365 ـ 366.
  7. . تدريب الراوي 1 ـ 2: 421.
  8. . مقباس الهداية 3: 300 ـ 301.
  9. . صحيح مسلم بشرح الإمام النووي 1: 36، فتح المغيث: 366.
  10. . فائق المقال في الحديث والرجال: 43.
  11. . تدريب الراوي 1 ـ 2: 440، علم الحديث ابن الصلاح: 302.
  12. . تدريب الراوي: 440.
  13. . معرفة علوم الحديث: 42.
  14. . تدريب الراوي 1 ـ 2: 440.
  15. . المصدر السابق 3: 311.
  16. . رسائل في دراية الحديث بابلي 1: 271، الفوائد الرجالية: 228.
  17. . فقه الصادق عليه‏السلام: 16: 288، منهاج الفقاهة 5: 66، أصول السرخسي 2: 114، الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4: 390.
  18. . خلاصة عبقات الأنوار 3: 251، المسودة: 303.
  19. . أصول السرخسي 1: 313 و2: 114.
  20. . التحبير شرح التحرير 4: 2009.
  21. . البحر المحيط 4: 306 ـ 307.
  22. . التحبير شرح التحرير 4: 2010.
  23. . المستصفى: 1: 252 ـ 253، المحصول الرازي 2: 534 ـ 535.
  24. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 390.
  25. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 390، البحر المحيط 4: 480، المسودة: 298 ـ 299، روضة الناظر: 70 ـ 71، المنهاج الواضح 2: 124.
  26. . الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4: 390، العدة في أصول الفقه (أبو يعلى) 2: 224، المحصول (الرازي) 2: 84.
  27. . نهاية الوصول إلى علم الأصول 3: 239.