أبو الدرداء

أبو الدرداء: من أصحاب رسول الله (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، وكان من آخر الأنصار إسلاماً، آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين سلمان الفارسي. شهد أبو الدرداء ما بعد أُحد من المشاهد، واختُلف في شهوده أُحداً. وهو معدود فيمن تلا على النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، ومعدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول اللّه(ص). وقد ولي القضاء بدمشق في أيام عثمان بن عفان.

أبو الدرداء (... ــ 32ق)

وهو عويمر بن مالك بن قيس الأنصاري الخزرجي، ويقال: عويمر بن زيد، ويقال: عويمر بن عامر، وقيل: اسمه عامر، وعويمر لقبه، وقيل غير ذلك. وهو مشهور بكنيته. تأخّر إسلامه، وكان من آخر الأنصار إسلاماً. آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين سلمان الفارسي. [١]
قال علي بن برهان الدين الحلبي في «السيرة الحلبية»: ولعل هذه المؤاخاة بين سلمان وأبي الدرداء كانت قبل عتق سلمان لَانّه تأخّر عتقه عن أُحد، لَانّ أوّل مشاهده الخندق. [٢]
أقول: ولا مانع من وقوع المؤاخاة بعد عتق سلمان وذلك لتأخّر إسلام أبي الدرداء كما تقدم.
شهد أبو الدرداء ما بعد أُحد من المشاهد، واختُلف في شهوده أُحداً.
قال الذهبي: وهو معدود فيمن تلا على النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، وهو معدود فيمن جمع القرآن في حياة رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم).

من روی عنهم ومن رووا عنه

روى عن رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عدة أحاديث.
روى عنه: أنس بن مالك، و فضالة بن عبيد، وزوجته أُمّ الدرداء، وابنه بلال ابن أبي الدرداء، وجماعة. وقد ولي القضاء بدمشق في أيام عثمان بن عفان.
روي عن يحيى بن سعيد، قال: كان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثمّ أدبرا عنه نظر إليهما فقال: ارجعا إليّ، أعيدا عليّ قضيتكما.

فتاواه وفقاهته

عُدّ من الفقهاء، وهو من المقلَّين من الصحابة فيما روي عنهم من الفتيا.
ونقل عنه الشيخ الطوسي في كتابه «الخلاف» إحدى عشرة فتوى. وهو ممّن روي عنه الرُّخصة في التطوّع بعد العصر[٣]

كلمات مأثورة من أبي الدرداء

ولأبي الدرداء كلمات مأثورة منها: ما لي أرى علماءكم يذهبون وجهّالكم لا يتعلمون، تعلَّموا فانّ العالم والمتعلَّم شريكان في الاجر.
وقال: من أكثر ذكر الموت قلّ فرحه، وقلّ حسده.
وقال: لولا ثلاث لم أُبالِ متى متُّ، لولا أن أظمأ بالهواجر، ولولا أن أعفِّر وجهي بالتراب، ولولا أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.
وقال في وصف الدنيا: الدنيا دار كَدَر، لا ينجو منها إلَّا أهل الحذر، ولله فيها علامات يسمعها الجاهلون، ويعتبر بها العالمون، ومن علاماته فيها أن حفّها بالشهوات، فارتطم فيها أهل الشهوات، ثم أعقبها بالآفات، فانتفع بذلك أهل العظات.

وفاته

توفّي أبو الدرداء بالشام سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين.
قال ابن عبد البر: وقالت طائفة من أهل الأخبار إنّه مات بعد صفين سنة ثمان أو تسع وثلاثين. [٤]

الهوامش

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 7- 391، التأريخ الكبير 7- 76، المعارف 153، الجرح و التعديل 7- 26، مشاهير علماء الامصار 84 برقم 322، الثقات لابن حبّان 3- 285، المستدرك للحاكم 3 337- 336، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 85 برقم 80، جمهرة أنساب العرب 362، الخلاف للطوسي 1- 380، الإستيعاب 4- 59 هامش الاصابة، طبقات الفقهاء للشيرازي 47، المنتظم 5- 18، صفة الصفوة 1- 627، تهذيب الاسماء و اللغات، أُسد الغابة 5- 185، تهذيب الكمال 22- 469 برقم 4558، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 32 ه (398، العبر للذهبي 1- 33، تذكرة الحفّاظ 1- 240، سير أعلام النبلاء 2- 335، الجواهر المضيئة 2- 415، مرآة الجنان 1- 88، غاية النهاية 1- 606، النجوم الزاهرة 1- 88، الاصابة 4- 60 و 3- 46، تهذيب التهذيب 8- 175، تقريب التهذيب 2- 91، كنز العمال 13- 550، شذرات الذهب 1- 39، تنقيح المقال 3- 16) فصل الكنى).
  2. السيرة الحلبية، ص293.
  3. الغدير للعلّامة الاميني: 6- 186. أخرج أحمد بن حنبل في مسنده: 4- 115 عن زيد بن خالد أنّه رآه ابن الخطاب و هو خليفة ركع بعد العصر ركعتين فمشى إليه فضربه بالدرّة و هو يصلّي، فلما انصرف قال زيد: يا أمير المؤمنين فو اللّه لا أدعهما أبداً بعد أن رأيت رسول اللّه ص يصليهما، قال: فجلس إليه عمر، و قال: يا زيد بن خالد لو لا أنّي أخشى أن يتخذها الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما.
  4. رُوي أنّ معاوية بعث أبا الدرداء و أبا هريرة رسولين إلى الامام علي- عليه السّلام-، وقد عاتبهما عبد الرحمن بن غنم على ذلك. و جاء في رواية أُخرى أنّ أبا أمامة الباهلي و أبا الدرداء كانا رسولي معاوية إلى أمير المؤمنين- عليه السّلام- في صفّين، انظر «الإستيعاب- ترجمة عبد الرحمن بن غنم» لابن عبد البر، و الترجمة نفسها من كتابنا هذا- قسم التابعين.