طاوس اليماني: كان من أبناء الفرس الذين جهّزهم كسرى‏ لأخذ اليمن، وسمِّي طاوساً لأنّه كان طاوس القرّاء، وكان طاوس من عُبّاد أهل اليمن، ومن فقهائهم، ومن سادات التابعين، ووصفه ابن كثير بأنّه «أحد الائمة الأعلام، قد جمع العبادة والزهادة، والعلم النافع، والعمل الصالح». وكان طاوس جريئاً وصريحاً في بيان الحقّ وله قصة مع هشام بن عبد الملك يأتي في المتن، واعتبره سفيان الثوري والطبري وابن قُتيبة والشهرستاني شيعياً، ومن التابعين الذين اعتبروا المتعة حلالاً. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، ووثّقه أكثر أصحاب التراجم والرجاليّين من أهل السنة، وعنونوه بالحجّة والثقة والأصدق لهجة. وقال الذهبي: «هو حجّة باتّفاق»، وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب ورواة الإمام السجاد عليه السلام.

طاوس بن كَيْسان = طاوس اليماني (... ــ 106ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو عبدالرحمان.[٢]
نسبه: الحِمْيري، الهَمْداني.[٣]
لقبه: الخَوَلاني، الجَنَدي، اليماني.[٤]
طبقته: الثالثة.[٥]
كان من أبناء الفرس الذين جهّزهم كسرى‏ لأخذ اليمن له.[٦] وهو مولى‏ بحير بن ريسان الحِمْيري، وروي: أنّ أباه من أهل فارس، وليس من الأبناء.[٧] وعن أبي عبداللَّه ابن طاوس قال: «نحن من فارس، ليس لأحد علينا عقد ولاء، إلّا أن كَيْسان نكح امرأةً لآل الحميري، فهي أُم طاوس».[٨]
ويقال له: الهَمْداني لولائه لهمْدان[٩]، ويقال له: الخَولاني والجَنَدي واليماني لأ نّه عاش في «خَولان»[١٠]، وكان ينزل «الجَنَد» من مدن اليمن.[١١] وعن ابن معين قال: «سمِّي طاوساً لأنّه كان طاوس القرّاء».[١٢]
كان طاوس من عُبّاد أهل اليمن، ومن فقهائهم، ومن سادات التابعين.[١٣] ووصفه ابن كثير بأنّه «أحد الائمة الأعلام، قد جمع العبادة والزهادة، والعلم النافع، والعمل الصالح».[١٤]
وقال الذهبي: «طاوس كان شيخ أهل اليمن وبركتهم ومفتيهم، له جلالة عظيمة، وكان كثير الحجّ، فاتّفق موته بمكّة قبل التروية بيوم».[١٥]
وعن عبد الرحمان المليكي قال: «رأيت طاوساً بين عينيه أثر السجود».[١٦] وكان لايترك التهجّد والمناجاة في السحر حتّى‏ في السفر.[١٧] وكان قد حجّ أربعين حجّة.[١٨] وقال أبو عبداللَّه الشامي: «استأذنت على‏ طاوس لأسأله عن مسألةٍ، فخرج عليّ شيخ كبير، فظننت أنّه طاوس، قلت: أنت طاوس؟ قال: لا، أنا ابنه، قلت: إن كنت ابنه، فقد خَرُفَ أبوك! قال: تقول ذلك؟ إنّ العالم لايخرف، قال: فاستأذنَ لي عليه، فدخلت، فقال لي طاوس: سل وأوجز، وإن شئت علّمتك في مجلسك هذا القرآن و التوراة و الإنجيل! قال: قلت: إن علّمتني القرآن والتوراة والإنجيل لا أسألك عن شي‏ء، قال: خف اللَّه مخافةً لايكون شي‏ء أخوف عندك منه، وارجه رجاءً هو أشدّ من خوفك إيّاه، وأحبّ للناس ما تحبّ لنفسك».[١٩]
وروي عنه في قوله تعالى‏: «خُلِقَ الإنسانُ ضَعِيفاً»، قال: في أمور النساء، ليس يكون في شي‏ء أضعف منه في النساء.[٢٠] وقال يوماً: «لا يتمّ نسك الشاب حتّى‏ يتزوّج».[٢١]
وقال سُفيان: «وحلف لنا إبراهيم بن ميسرة وهو مستقبل الكعبة: وربّ هذه البنية، ما رأيت أحداً، الشريف والوضيع عنده بمنزلةٍ إلّا طاوساً».[٢٢] وقال عمر بن عبدالعزيز يوماً لطاوس: ارفع حاجتك إلى‏ أمير المؤمنين - يعني سليمان بن عبدالملك - فقال طاوس: مالي إليه حاجة.[٢٣] وقال ابن عُيَينة: «مُتجنّبو السلطان ثلاثة: أبوذر الغفاري في زمانه، وطاوس في زمانه، و سفيان الثوري في زمانه».[٢٤]
وعن سفيان قال: «جاء ابنٌ لسليمان بن عبدالملك، فجلس إلى‏ جنب طاوس، فلم يلتفت إليه، فقيل له: جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه، قال: أردت أن يعلم أنّ للَّه عباداً يزهدون فيما في يديه».[٢٥] وعن النعمان بن الزبير: أنّه بعث أمير اليمن إلى‏ طاوس بخمسمائة دينار، فلم يقبلها.[٢٦]
وكان طاوس جريئاً وصريحاً في بيان الحقّ. حكي: أنّ هشام بن عبدالملك قدم حاجّاً إلى‏ بيت اللَّه الحرام، فلمّا دخل الحرم قال: إئتوني برجل من الصحابة، فقيل: يا أمير المؤمنين، قد تفانوا، قال: فمن التابعين، فأُتي بطاوس اليماني، فلمّا دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلّم بإمرة المؤمنين، ولم يكنّه، وجلس إلى‏ جانبه بغير إذنه، وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب من ذلك غضباً شديداً حتّى‏ همّ بقتله، فقيل: يا أمير المؤمنين، أنت في حرم اللَّه وحرم رسوله صلى الله عليه وآله، لايمكن ذلك. فقال له: يا طاوس، ما حملك على‏ ما صنعت؟ قال: وما صنعت؟ فاشتد غضبه له وغيظه، وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلّم عليَّ بإمرة المؤمنين، ولم تكنّني، وجلست بإزائي بغير إذني، وقلت: يا هشام كيف أنت؟ قال: أمّا خلع نعلي بحاشية بساطك فإنّي أخلعهما بين يدي ربّ العزّة كلّ يوم خمس مرات، فلايعاتبني ولايغضب عليَّ، وأمّا ما قلت: لم تسلّم عليّ بإمرة المؤمنين، فليس كلّ المؤمنين راضين بإمرتك، فخفتُ أن أكون كاذباً، وأمّا ماقلت: لم تكنّني، فإنّ اللَّه عزّوجلّ سمّى‏ أنبياءه، قال: يا داود، يا يحيى‏، يا عيسى‏، وكنّى‏ أعداءه فقال: «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ»، وأمّا قولك: جلست بإزائي، فإنّي سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى‏ رجلٍ من أهل النار فانظر إلى‏ رجلٍ جالس وحوله قوم قيام. فقال له: عظني. قال: إنّي سمعت أمير المؤمنين رضي اللَّه عنه يقول: «إنّ في جهنّم حيّات كالقلال، وعقارب كالبغال، تلدغ كلّ أميرٍ لايعدل في رعيته». ثم قام وخرج.[٢٧]
وعن ابن طاوس عن أبيه قال: «عجبت لإخوتنا من أهل العراق، يسمّون الحجّاج مؤمناً».[٢٨] ولمّا ولي عمر بن عبد العزيز كتب إليه طاوس: «إن أردت أن يكون عملك خيراً كلّه فاستعمل أهل الخير»، فقال عمر: كفى‏ بها موعظةً.[٢٩]
اعتبره سفيان الثوري والطبري وابن قُتيبة والشهرستاني شيعياً.[٣٠] وقال المامقاني: «إنّ الذي يظهر من تتبّع أخباره... أنّ الرجل من عبّاد العامّة وزهّادهم، وأنّه ليس بناصب العداوة لـ أهل البيت ‏عليهم السلام».[٣١] وقال التستري: «قال ابن قتيبة والطبري: طاوس شيعي. وقد عرفت في المقدّمة أنّه أعمّ من الإمامي».[٣٢]
وكان طاوس من التابعين الذين اعتبروا المتعة حلالاً.[٣٣]

موقف الرجاليّين منه

كان طاوس من التابعين المشهورين، قال ابن ميسرة عنه: «أدركت خمسين من الصحابة».[٣٤] وكانت أكثر روايته عن ابن عباس[٣٥]، ووثّقه أكثر أصحاب التراجم والرجاليّين من أهل السنة، منهم: ابن معين، أبو زرعة، ابن شهاب، ابن حبان، ابن حجر، وعنونوه بالحجّة والثقة، والأصدق لهجة.[٣٦] وقال الذهبي: «هو حجّة باتّفاق».[٣٧]
وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب ورواة الإمام السجاد عليه السلام.[٣٨] واعتبره المامقاني موثّقاً، حيث قال: «لايبعد إدراج خبره في الموثَّق، والاعتماد عليه إذا خلا عن معارض أقوى‏».[٣٩] هذا، واعتبره ابن داود مهملاً.[٤٠]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام السجاد عليه السلام.[٤١]
وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: ابن عباس، ابن عمر، ابن الزبير، عبداللَّه بن عمرو ابن العاص، جابر بن عبد الله الأنصاري، عائشة، زيد بن ثابت، زيد بن أرقم، معاذ بن جبل.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: ابنه عبداللَّه، وَهَب بن مُنبّه، سليمان بن طَرْخان التَيْمي، الزهري، حبيب بن أبي ثابت، الحَكَم بن عُتيبة، عمرو بن قتادة. وقد وردت رواياته - ومنها حديث الغدير - في المصادر الروائية لـ أهل السنة و الشيعة.[٤٢]

من رواياته

روى‏ عن ابن عباس قال: إنّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله عن الشهادة، فقال: هل ترى‏ الشمس؟ قال: نعم، قال: فعلى‏ مثلها فاشهد أو دع.[٤٣]
وقال طاوس: قلت لعلي بن الحسين بن علي: ما بال قريش لا تحبّ علياً؟ فقال: «أوردَ أوّلهم النار، وألزم آخرهم العار».[٤٤]

وفاته

توفّي سنة 106 هـ عندما كان منشغلاً بأداء مناسك الحجّ في المزدلفة أو منى‏، وكان قد حضر تشييعه عدد كبير من الناس، وصلّى‏ عليه هشام بن عبدالملك بين الركن والمقام.[٤٥]

المصادر

  1. سير أعلام النبلاء 5: 38، جامع الرواة 1: 420، النجوم الزاهرة 1: 260. وقيل: اسمه «ذكوان» وطاوس لقب. (تهذيب التهذيب 5: 9).
  2. غاية النهاية في طبقات القرّاء 1: 341، الجرح والتعديل 4: 500، معجم رجال الحديث 10: 169.
  3. كتاب الثقات 4: 391، تهذيب التهذيب 5: 8.
  4. تهذيب الكمال 13: 357، تذكرة الحفّاظ 1: 90، كتاب التاريخ الكبير 4: 365.
  5. تقريب التهذيب 1: 377.
  6. سير أعلام النبلاء 5: 38.
  7. الطبقات الكبرى‏ 5: 537.
  8. كتاب التاريخ الكبير 4: 365.
  9. سير أعلام النبلاء 5: 38.
  10. خَولان: مخلاف من مخاليف اليمن، فُتح سنة 13 أو 14 ه، في خلافة عمر. (معجم البلدان 2: 407).
  11. الجرح والتعديل 4: 500.
  12. تهذيب الكمال 13: 358.
  13. كتاب الثقات 4: 391.
  14. البداية والنهاية 9: 235.
  15. تذكرة الحفّاظ 1: 90. ويذكر أنّه لمّا مات العبادلة: عبد الله بن عمر، و عبد الله بن عباس، و عبد الله بن عمر، و عبد الله بن الزبير، صار الفقه في جميع البلدان إلى‏ الموالي، فكان فقيه أهل مكة عطاء بن ابي رباح، وفقيه أهل اليمن طاوس، وفقيه أهل اليمامة يحيى‏ بن أبي كثير، وفقيه أهل البصرة الحسن، وفقيه أهل الشام مكحول، وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني، إلّا المدينة فإنّ اللَّه تعالى‏ خصّها بقرشي، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع. (المنتظم 6: 319).
  16. الطبقات الكبرى‏ 5: 539.
  17. أنظر: سير أعلام النبلاء 5: 40، 42.
  18. كتاب الثقات 4: 391.
  19. تهذيب الكمال 13: 361.
  20. البداية والنهاية 9: 236. والآية: 28 من سورة النساء.
  21. تهذيب الكمال 13: 363.
  22. المصدر السابق: 372.
  23. سير أعلام النبلاء 5: 41.
  24. تهذيب التهذيب 5: 9. وانفرد من بين المؤرّخين ابن الجوزي حيث قال: قيل: إنّه ولي صنعاء والجند، ووليه بعده ابنه عبداللَّه أنظر: شذرات الذهب 1: 133.
  25. تهذيب الكمال 13: 372.
  26. تذكرة الحفّاظ 1: 90.
  27. وفيات الأعيان 2: 509 -510.
  28. سير أعلام النبلاء 5: 43، البداية والنهاية 9: 157.
  29. وفيات الأعيان 2: 509 - 510، شذرات الذهب 1: 133.
  30. المعارف: 624، تاريخ الإسلام 7: 118، الملل والنحل 1: 190، المراجعات: 70.
  31. تنقيح المقال 2: 107.
  32. قاموس الرجال 5: 552.
  33. مصنّفات الشيخ المفيد 3: 37، الغدير 3: 333.
  34. تهذيب الكمال 13: 359، تهذيب التهذيب 5: 9.
  35. البداية والنهاية 9: 236.
  36. سير أعلام النبلاء 5: 39، تهذيب التهذيب 5: 9، تقريب التهذيب 1: 377.
  37. سير أعلام النبلاء 5: 39.
  38. رجال الطوسي: 94.
  39. تنقيح المقال 2: 108.
  40. رجال ابن داود: 112.
  41. رجال صحيح البخاري 1: 376، رجال صحيح مسلم 1: 331، تهذيب الكمال 13: 358، الغدير 1: 66 .
  42. حلية الأولياء 4: 23، تهذيب التهذيب 5: 9، الغدير 1: 66.
  43. حلية الأولياء 4: 18.
  44. مختصر تاريخ دمشق 17: 373.
  45. رجال صحيح البخاري 1: 377، رجال صحيح مسلم 1: 331، تهذيب الكمال 13: 373 - 374.