انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب في العراق»

لا يوجد ملخص تحرير
(الوحدة والتقريب)
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
تتناول هذه المقالة مسألة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب في العراق ، ولخطورتها وأهميتها في واقع الأمة الإسلامية كلا سنفصل البحث فيها أكثر فأكثر .
تتناول هذه المقالة مسألة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب في العراق ، ولخطورتها وأهميتها في واقع الأمة الإسلامية كلا سنفصل البحث فيها أكثر فأكثر .


إنّ محاور هذا البحث الرئيسية  هي : تعريف الوحدة الإسلامية ـ أركان وأُسس وعناصر الوحدة ـ مقوّمات الوحدة ومقوّمات صيانتها ـ تحدّيات وموانع الوحدة ـ الحلول العلمية والسياسية لوحدة الأُمّة الإسلامية ـ مبرّرات أمل تحقّق الوحدة .
إنّ محاور هذا البحث الرئيسية  في موضوع الوحدة الإسلامية هي : تعريف الوحدة الإسلامية ـ أركان وأُسس وعناصر الوحدة ـ مقوّمات الوحدة ومقوّمات صيانتها ـ تحدّيات وموانع الوحدة ـ الحلول العلمية والسياسية لوحدة الأُمّة الإسلامية ـ مبرّرات أمل تحقّق الوحدة .


=تعريف الوحدة=
=تعريف الوحدة=
سطر ٤٦١: سطر ٤٦١:




'''وأمّا ما يتعلّق بالبحث الرابع ـ وهو التقريب بين المذاهب الإسلامية ـ فأقول :'''
وأمّا ما يتعلّق ببحث التقريب بين المذاهب الإسلامية فأقول :  


إنّ محاور هذا البحث الرئيسية هي : تعريف التقريب ـ آليات التقريب ـ أُسس التقريب وقواعده ـ عوائق وموانع التقريب وشبهاته ـ سبل ووسائل وعوامل نجاح التقريب ـ مجالات التقارب ـ أهداف التقريب ـ ضرورة التقريب وسبل مواجهة موانعه .
إنّ محاور هذا البحث الرئيسية هي : تعريف التقريب ـ آليات التقريب ـ أُسس التقريب وقواعده ـ عوائق وموانع التقريب وشبهاته ـ سبل ووسائل وعوامل نجاح التقريب ـ مجالات التقارب ـ أهداف التقريب ـ ضرورة التقريب وسبل مواجهة موانعه .


<nowiki>*</nowiki> أمّا تعريف التقريب : فالتقريب لغةً : ضدّ التباعد ونقيضه ، كما جاءت هذه اللفظة بمعنى التفاعل والامتلاء والإسراع ونحوها .
=تعريف التقريب=
 
أمّا تعريف التقريب : فالتقريب لغةً : ضدّ التباعد ونقيضه ، كما جاءت هذه اللفظة بمعنى التفاعل والامتلاء والإسراع ونحوها .


أمّا اصطلاحاً : فقد تعدّدت التعاريف المختارة لهذا الاصطلاح المهمّ جدّاً ، وأغلبها تصبّ في مصبّ واحد ، كما يلمسه القارئ حين يطّلع على التعاريف التي صيغت لهذا المصطلح . .
أمّا اصطلاحاً : فقد تعدّدت التعاريف المختارة لهذا الاصطلاح المهمّ جدّاً ، وأغلبها تصبّ في مصبّ واحد ، كما يلمسه القارئ حين يطّلع على التعاريف التي صيغت لهذا المصطلح . .


فقد عرّفه الشيخ محمّد علي التسخيري الأمين العامّ للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بأنّه : التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية بغية تعرّف بعضهم على البعض الآخر على طريق تحقيق التآلف والأُخوّة الدينية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتة والأكيدة .
فقد عرّفه الشيخ محمّد علي التسخيري الأمين العامّ السابق ىللمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بأنّه : التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية بغية تعرّف بعضهم على البعض الآخر على طريق تحقيق التآلف والأُخوّة الدينية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتة والأكيدة .


كما عرّفه أيضاً سماحة الشيخ التسخيري بأنّه : التمسّك بالمبادئ والأُصول الإسلامية المسلّم بها ، والتعاون في المساحات المشتركة بين المذاهب ، والسعي الحثيث لكشف هذه الميادين المتّفق عليها وتوسيعها ، ورجوع كلّ فرد إلى مذهبه الخاصّ في الأُمور التي تختلف فيها المذاهب ، وما أقلّها ! وتعذير الواحد منّا الآخر فيما نختلف فيه من اجتهادات ، وتنمية الآداب والأخلاق التقريبية ، كالتآلف وحسن الظنّ والرقي بمستوى التفاهم والإحساس بالأُخوّة والتكافل .
كما عرّفه أيضاً بأنّه : التمسّك بالمبادئ والأُصول الإسلامية المسلّم بها ، والتعاون في المساحات المشتركة بين المذاهب ، والسعي الحثيث لكشف هذه الميادين المتّفق عليها وتوسيعها ، ورجوع كلّ فرد إلى مذهبه الخاصّ في الأُمور التي تختلف فيها المذاهب ، وما أقلّها ! وتعذير الواحد منّا الآخر فيما نختلف فيه من اجتهادات ، وتنمية الآداب والأخلاق التقريبية ، كالتآلف وحسن الظنّ والرقي بمستوى التفاهم والإحساس بالأُخوّة والتكافل .


وعرّفه الشيخ محمّد واعظ زادة الخراساني الأمين العامّ السابق للمجمع بأنّه : بذل الجهود العلمية في سبيل إزالة الفوارق التي باعدت بين المذاهب الإسلامية وأئمّتها وأتباعها ، وتحسين العلاقة بين الأئمّة وعلماء المذاهب ، وتكوين الجوّ الهادئ ، والتعارف بينهم على أساس المشتركات بين المذاهب .
وعرّفه الشيخ محمّد واعظ زادة الخراساني الأمين العامّ السابق للمجمع بأنّه : بذل الجهود العلمية في سبيل إزالة الفوارق التي باعدت بين المذاهب الإسلامية وأئمّتها وأتباعها ، وتحسين العلاقة بين الأئمّة وعلماء المذاهب ، وتكوين الجوّ الهادئ ، والتعارف بينهم على أساس المشتركات بين المذاهب .
سطر ٤٧٨: سطر ٤٨٠:


وعرّفه الأُستاذ زكي الميلاد مدير تحرير مجلّة « الكلمة » التي تصدر في قم بأنّه : تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية التي تلتقي على الأُصول العامّة والثابتة في مجالات الفقه والأُصول والكلام وعلوم القرآن والحديث ، وإزالة سوء الفهم المتبادل ، والعمل على ما هو متّفق عليه ، وتجنّب ما هو مختلف فيه في إطار العلاقات العامّة .
وعرّفه الأُستاذ زكي الميلاد مدير تحرير مجلّة « الكلمة » التي تصدر في قم بأنّه : تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية التي تلتقي على الأُصول العامّة والثابتة في مجالات الفقه والأُصول والكلام وعلوم القرآن والحديث ، وإزالة سوء الفهم المتبادل ، والعمل على ما هو متّفق عليه ، وتجنّب ما هو مختلف فيه في إطار العلاقات العامّة .
وعرّفته الدكتورة مريم بنت حسن آل خليفة رئيسة جامعة البحرين بأنّه : الفعل الدالّ على عدم التباعد ، أو هو : كلّ الأفكار والأفعال والاجتهادات المؤدّية إلى التقارب بين المذاهب الإسلامية ، وذلك من أجل تحقيق هدف أساسي ، وهو الوصول إلى الأمن النفسي وتدعيم الثقة وتعزيز التعاون على البرّ والتقوى ، أو هو : الإقرار بالاختلاف مع الإقرار بضرورة عدم التباعد والتناحر ، والعمل على إزالة كلّ ما يشكّل طعناً للآخر .


كما عرّفه الدكتور عبدالسلام العبادي رئيس مجلس أُمناء جامعة آل البيت في الأردن بأنّه : إبراز الجوامع المشتركة ، واحترام الفروق في إطار التأكيد على وحدة الأُمّة .
كما عرّفه الدكتور عبدالسلام العبادي رئيس مجلس أُمناء جامعة آل البيت في الأردن بأنّه : إبراز الجوامع المشتركة ، واحترام الفروق في إطار التأكيد على وحدة الأُمّة .
سطر ٤٨٥: سطر ٤٨٥:
وعرّفه الشيخ الدكتور علاء الدين زعتري الأُستاذ بجامعة دمشق بأنّه : اتّحاد المسلمين على أُصول الإسلام ، وتعذير البعض للبعض الآخر في فهم النصوص مادامت تحتمل ذلك ، والدعوة إلى التعاون على البرّ والتقوى لإصلاح أحوال المسلمين ، فهو وسيلة لجمع الشمل ورأب الصدع وتبادل حسن الظنّ ومنح التقدير للآخر صيانةً لوحدة الأُمّة الإسلامية .
وعرّفه الشيخ الدكتور علاء الدين زعتري الأُستاذ بجامعة دمشق بأنّه : اتّحاد المسلمين على أُصول الإسلام ، وتعذير البعض للبعض الآخر في فهم النصوص مادامت تحتمل ذلك ، والدعوة إلى التعاون على البرّ والتقوى لإصلاح أحوال المسلمين ، فهو وسيلة لجمع الشمل ورأب الصدع وتبادل حسن الظنّ ومنح التقدير للآخر صيانةً لوحدة الأُمّة الإسلامية .


كما عرّفه الشيخ تاج الدين الهلالي المفتي العامّ لقارّة أُستراليا بأنّه : انفتاح علمي واستقراء فقهي للتعرّف على أدلّة أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة للوقوف على حجّتهم فيما اختلف فيه من أحكام فقهية ، والغاية منه اتّساع المدارك والأفهام ، ومعرفة أكثر من طريق وبرهان ودليل يصل إلى الغاية التعبّدية لتطبيق النصوص الشرعية .
كما عرّفه الشيخ تاج الدين الهلالي المفتي العامّ لقارّة أُستراليا سابقا بأنّه : انفتاح علمي واستقراء فقهي للتعرّف على أدلّة أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة للوقوف على حجّتهم فيما اختلف فيه من أحكام فقهية ، والغاية منه اتّساع المدارك والأفهام ، ومعرفة أكثر من طريق وبرهان ودليل يصل إلى الغاية التعبّدية لتطبيق النصوص الشرعية .


كما عرّفه الدكتور محمّد الدسوقي المصري أُستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة القطرية بأنّه : محاولة لكسر شوكة التعصّب ، وجمع كلمة الأُمّة على أُصول عقيدتها والمبادئ الأساسية لدينها .
كما عرّفه الدكتور محمّد الدسوقي المصري أُستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة القطرية بأنّه : محاولة لكسر شوكة التعصّب ، وجمع كلمة الأُمّة على أُصول عقيدتها والمبادئ الأساسية لدينها .
سطر ٤٩٣: سطر ٤٩٣:
ولا يخفى أنّ بعض هذه التعاريف ليس دقيقاً ، كتعريف التقريب بالتقريب ، أو تعريف التقريب بذكر هدفه دون ماهيته . ولسنا هنا في مقام مناقشة هذه التعاريف وأيّها الأقرب إلى واقع الحال وإلى الحقيقة ، فهذا له محلّ آخر .
ولا يخفى أنّ بعض هذه التعاريف ليس دقيقاً ، كتعريف التقريب بالتقريب ، أو تعريف التقريب بذكر هدفه دون ماهيته . ولسنا هنا في مقام مناقشة هذه التعاريف وأيّها الأقرب إلى واقع الحال وإلى الحقيقة ، فهذا له محلّ آخر .


<nowiki>*</nowiki> أمّا آليات التقريب : فهي الوسائل المتاحة للوصول إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ، وتضمّ :
=آليات التقريب=
 
أمّا آليات التقريب : فهي الوسائل المتاحة للوصول إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ، وتضمّ :


1 ـ الاعتراف بالمذاهب الإسلامية ، وبصحّة التعبّد بها ، وترك الهجوم من أتباع بعضها على بعضها الآخر .
1 ـ الاعتراف بالمذاهب الإسلامية ، وبصحّة التعبّد بها ، وترك الهجوم من أتباع بعضها على بعضها الآخر .
سطر ٥٠٥: سطر ٥٠٧:
5 ـ تشجيع مبدأ البحث العلمي الحرّ بعيداً عن الاضطهاد الفكري والإرهاب الثقافي ، ونشر البحوث العلمية في كلّ أقطار المسلمين وبمختلف لغاتهم ; كي يتسنّى لكلّ المسلمين الاطّلاع على نتائج هذه الأبحاث .
5 ـ تشجيع مبدأ البحث العلمي الحرّ بعيداً عن الاضطهاد الفكري والإرهاب الثقافي ، ونشر البحوث العلمية في كلّ أقطار المسلمين وبمختلف لغاتهم ; كي يتسنّى لكلّ المسلمين الاطّلاع على نتائج هذه الأبحاث .


<nowiki>*</nowiki> أمّا أُسس التقريب وقواعده : فهي الأُصول والركائز التي يعتمد عليها التقريب بين المذاهب الإسلامية . . والتي يمكن إجمالها فيما يلي من أُمور :
=أسس وقواعد التقريب=
 
أمّا أُسس التقريب وقواعده : فهي الأُصول والركائز التي يعتمد عليها التقريب بين المذاهب الإسلامية . . والتي يمكن إجمالها فيما يلي من أُمور :
 
الأمر الأوّل : أنّ الأُمّة الإسلامية بجميع مذاهبها وأقوامها وشعوبها أُمّة واحدة ، وأنّ الوحدة هي ركن من أركان الإسلام . وما أجمل ما قاله الإمام كاشف الغطاء داعية الوحدة الإسلامية : « بني الإسلام على كلمتين : كلمة التوحيد ، وتوحيد الكلمة »! وأنّ المسلمين ما وصلوا ولن يصلوا إلى تحقيق أهداف الإسلام السامية إلاّ بالوحدة ، وأنّ عزّ المسلمين ومجدهم رهين وحدتهم ، وليس بعد اختلافهم وتنازعهم إلاّ ضعف الشوكة وحلول الوهن بهم .


'''الأمر الأوّل :''' أنّ الأُمّة الإسلامية بجميع مذاهبها وأقوامها وشعوبها أُمّة واحدة ، وأنّ الوحدة هي ركن من أركان الإسلام . وما أجمل ما قاله الإمام كاشف الغطاء داعية الوحدة الإسلامية : « بني الإسلام على كلمتين : كلمة التوحيد ، وتوحيد الكلمة »! وأنّ المسلمين ما وصلوا ولن يصلوا إلى تحقيق أهداف الإسلام السامية إلاّ بالوحدة ، وأنّ عزّ المسلمين ومجدهم رهين وحدتهم ، وليس بعد اختلافهم وتنازعهم إلاّ ضعف الشوكة وحلول الوهن بهم .
الأمر الثاني : أنّ الأُصول الأساسية للإسلام لا خلاف فيها بين المسلمين ، فكلّهم يعتقدون بتوحيد الربّ تعالى ، وبنبوّة نبيّنا محمّد والأنبياء قبله ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، وبالمعاد ، والجنّة والنار ، وبالصلاة والصوم والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأنّ كتابهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، إلى غير ذلك من أركان العقيدة والعمل . ولا يخفى أنّ هذه الأُصول المتّفق عليها والمشتركة بين المذاهب الإسلامية هي بالذات ملاك الأُخوّة الإسلامية ومعيار وحدة الأُمّة ، دون غيرها من المسائل المختلف فيها والآراء الخاصّة بكلّ مذهب ، والتي تدخل في معايير المذاهب نفسها دون أصل الإسلام .


'''الأمر الثاني :''' أنّ الأُصول الأساسية للإسلام لا خلاف فيها بين المسلمين ، فكلّهم يعتقدون بتوحيد الربّ تعالى ، وبنبوّة نبيّنا محمّد والأنبياء قبله ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، وبالمعاد ، والجنّة والنار ، وبالصلاة والصوم والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأنّ كتابهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، إلى غير ذلك من أركان العقيدة والعمل . ولا يخفى أنّ هذه الأُصول المتّفق عليها والمشتركة بين المذاهب الإسلامية هي بالذات ملاك الأُخوّة الإسلامية ومعيار وحدة الأُمّة ، دون غيرها من المسائل المختلف فيها والآراء الخاصّة بكلّ مذهب ، والتي تدخل في معايير المذاهب نفسها دون أصل الإسلام .
الأمر الثالث : أنّ دعوة الناس إلى وحدة الأُمّة لا يُعنى بها رفض المذاهب كلّها أو بعضها ، كما لايراد بها إدغام المذاهب والمساومة عليها ، وذلك بأخذ شيء من كلّ مذهب ورفض شيء بحيث تكون الحصيلة صفقة مرضية لأتباع المذاهب ، كما لا يُعنى بها تبديل مذهب أو إحداث مذهب جديد في الإسلام ، كما لا يُعنى به الاكتفاء بالمشتركات ورفض موارد الاختلاف والإعراض عنها تماماً . نعم ، لا يراد بالوحدة والتقريب شيئاً من هذه الوجوه المتصوّرة التي ربّما يوجد لكلِّ منها أنصار بين المسلمين الذين يدعون إلى وحدة الأُمّة ، بل يراد التأكيد والركون إلى المشتركات في حقل العقيدة والشريعة باعتبارها الأُصول الأساسية للإسلام ، وكونها معياراً للأُخوّة الإسلامية ووحدة الأُمّة . هذا مع الاحتفاظ بالمذاهب والاحترام المتقابل بين أتباعها فيما وراء هذه الأُصول من المسائل الجانبية الفرعية التي يسوغ الخلاف فيها في إطار الدليل والبرهان ، والتي تعتبر غير ضرورية ، ويكون باب الحوار والاجتهاد فيها مفتوحاً . إنّ الاختلاف في مثل هذه المسائل مقبول ولا ضير فيه ، بل لا مناص منه ، فلكلّ ذي رأي رأيه : ( '''وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ...''' )( سورة هود : 118 ـ 119 ) ، أي : للرحمة ، أو للاختلافات على الخلاف ، حسب تعبير الإمام كاشف الغطاء في إحدى مقالاته .


'''الأمر الثالث :''' أنّ دعوة الناس إلى وحدة الأُمّة لا يُعنى بها رفض المذاهب كلّها أو بعضها ، كما لايراد بها إدغام المذاهب والمساومة عليها ، وذلك بأخذ شيء من كلّ مذهب ورفض شيء بحيث تكون الحصيلة صفقة مرضية لأتباع المذاهب ، كما لا يُعنى بها تبديل مذهب أو إحداث مذهب جديد في الإسلام ، كما لا يُعنى به الاكتفاء بالمشتركات ورفض موارد الاختلاف والإعراض عنها تماماً . نعم ، لا يراد بالوحدة والتقريب شيئاً من هذه الوجوه المتصوّرة التي ربّما يوجد لكلِّ منها أنصار بين المسلمين الذين يدعون إلى وحدة الأُمّة ، بل يراد التأكيد والركون إلى المشتركات في حقل العقيدة والشريعة باعتبارها الأُصول الأساسية للإسلام ، وكونها معياراً للأُخوّة الإسلامية ووحدة الأُمّة . هذا مع الاحتفاظ بالمذاهب والاحترام المتقابل بين أتباعها فيما وراء هذه الأُصول من المسائل الجانبية الفرعية التي يسوغ الخلاف فيها في إطار الدليل والبرهان ، والتي تعتبر غير ضرورية ، ويكون باب الحوار والاجتهاد فيها مفتوحاً . إنّ الاختلاف في مثل هذه المسائل مقبول ولا ضير فيه ، بل لا مناص منه ، فلكلّ ذي رأي رأيه : ( '''وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ...''' )( سورة هود : 118 ـ 119 ) ، أي : للرحمة ، أو للاختلافات على الخلاف ، حسب تعبير الإمام كاشف الغطاء في إحدى مقالاته .
الأمر الرابع : قد تبيّن ممّا سبق أنّ المراد بالمذاهب الإسلامية هي المذاهب التي تؤمن بتلك الأُصول الأساسية العقائدية والعلمية التي يلتزم أتباعها بالعمل بها بحيث يمكن أن يدخلوا في إطار الأُمّة الإسلامية ويُعَدّوا مسلمين ، والذين ينكرون أصلاً من تلك الأُصول فنحن لا ندعوهم إلاّ إلى الأخذ بما أخذ به إخوانهم المسلمون ليدخلوا في زمرة الأُمّة الإسلامية .


'''الأمر الرابع :''' قد تبيّن ممّا سبق أنّ المراد بالمذاهب الإسلامية هي المذاهب التي تؤمن بتلك الأُصول الأساسية العقائدية والعلمية التي يلتزم أتباعها بالعمل بها بحيث يمكن أن يدخلوا في إطار الأُمّة الإسلامية ويُعَدّوا مسلمين ، والذين ينكرون أصلاً من تلك الأُصول فنحن لا ندعوهم إلاّ إلى الأخذ بما أخذ به إخوانهم المسلمون ليدخلوا في زمرة الأُمّة الإسلامية .
الأمر الخامس : لا بدّ من تعيين المشتركات والأُصول الأساسية للإسلام ـ  وإن كانت معلومةً إجمالاً  ـ  من قبل نُخبة من علماء المذاهب الإسلامية في مؤتمر عامّ ، وفي لجان تخصّصية مهمّتها تشخيص الأُصول المتّفق عليها ; لتكون معياراً للحكم على من لا يلتزم بها ، أو بشيء منها بأنّه خارج عن الأُمّة أو أنّه غير مسلم .


'''الأمر الخامس :''' لا بدّ من تعيين المشتركات والأُصول الأساسية للإسلام ـ  وإن كانت معلومةً إجمالاً  ـ  من قبل نُخبة من علماء المذاهب الإسلامية في مؤتمر عامّ ، وفي لجان تخصّصية مهمّتها تشخيص الأُصول المتّفق عليها ; لتكون معياراً للحكم على من لا يلتزم بها ، أو بشيء منها بأنّه خارج عن الأُمّة أو أنّه غير مسلم .
الأمر السادس : مادام لم يوضّح ويحدّد هذا المعيار ( الكفر والإيمان ) فليس لأحد رمي الآخرين بالكفر ، كما أنّه لايجوز المسارعة في الحكم به على أهل القبلة وعلى كلّ مَن التزم بالأُصول الإسلامية المتّفق عليها ، وحتّى لو شُكّ في التزامه بها ، بل ويجب الاجتناب بشكل قاطع عن تشكيل محكمة من قبلنا لتقسيم الجنّة والنار بين المسلمين ، ولكن وجب أن نوكل هذا الأمر إلى الله تعالى ، فإنّه الحكم العدل بين عباده : ( '''وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  فِيَما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ''' )( سورة النحل : 124 ) .


'''الأمر السادس :''' مادام لم يوضّح ويحدّد هذا المعيار ( الكفر والإيمان ) فليس لأحد رمي الآخرين بالكفر ، كما أنّه لايجوز المسارعة في الحكم به على أهل القبلة وعلى كلّ مَن التزم بالأُصول الإسلامية المتّفق عليها ، وحتّى لو شُكّ في التزامه بها ، بل ويجب الاجتناب بشكل قاطع عن تشكيل محكمة من قبلنا لتقسيم الجنّة والنار بين المسلمين ، ولكن وجب أن نوكل هذا الأمر إلى الله تعالى ، فإنّه الحكم العدل بين عباده : ( '''وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  فِيَما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ''' )( سورة النحل : 124 ) .
الأمر السابع : المسائل الخلافية يجب أن تُبيّن على يد علماء المذاهب واعتماداً على المصادر المعتبرة عندهم ، ولا يجوز الاستناد إلى الإشاعات والأقوال غير المسندة ، أو إلى ما يروّجه أعداء كلّ مذهب جهلاً وكذباً ضدّ الآخرين ، ولا الاستناد إلى أقوال وأفعال الجهّال من أتباع كلّ مذهب ممّا يرفضه علماء ذلك المذهب والخبراء بأسراره .


'''الأمر السابع :''' المسائل الخلافية يجب أن تُبيّن على يد علماء المذاهب واعتماداً على المصادر المعتبرة عندهم ، ولا يجوز الاستناد إلى الإشاعات والأقوال غير المسندة ، أو إلى ما يروّجه أعداء كلّ مذهب جهلاً وكذباً ضدّ الآخرين ، ولا الاستناد إلى أقوال وأفعال الجهّال من أتباع كلّ مذهب ممّا يرفضه علماء ذلك المذهب والخبراء بأسراره .
الأمر الثامن : ينبغي اتّخاذ منطوق أقوال المذاهب ملاكاً للحكم عليها ، ولا ينظر إلى مستلزمات تلك الأقوال ممّا يرفضها أصحاب المذاهب .


'''الأمر الثامن :''' ينبغي اتّخاذ منطوق أقوال المذاهب ملاكاً للحكم عليها ، ولا ينظر إلى مستلزمات تلك الأقوال ممّا يرفضها أصحاب المذاهب .
لأمر التاسع : أن لا نجعل المسائل الخلافية الجانبية في نفس درجة أهمّية المسائل الأُصولية المتّفق عليها ، ممّا قد يؤدّي إلى سيطرة الفروع على الأُصول في زحمة الاختلافات الفرعية ، بل يجب نسيانها مؤقّتاً إذا زاحمت المسائل الأساسية ; لئلاّ تصرفُنا عن الاهتمام بتلك الأُصول غافلين عنها ومشتغلين عن الأهمّ بغيره .


'''الأمر التاسع :''' أن لا نجعل المسائل الخلافية الجانبية في نفس درجة أهمّية المسائل الأُصولية المتّفق عليها ، ممّا قد يؤدّي إلى سيطرة الفروع على الأُصول في زحمة الاختلافات الفرعية ، بل يجب نسيانها مؤقّتاً إذا زاحمت المسائل الأساسية ; لئلاّ تصرفُنا عن الاهتمام بتلك الأُصول غافلين عنها ومشتغلين عن الأهمّ بغيره .
الأمر العاشر : السعي لفتح باب الاجتهاد في كلّ المذاهب الإسلامية ، وفي كلّ الأبعاد ، أي : بالنسبة إلى المسائل الخلافية غير الضرورية ; لكي تكون أبواب البحث فيها مفتوحةً على أساس الالتزام بالحقّ والاحتجاج بالدليل ، وتكون القلوب مفتوحةً ومستعدّةً لقبول ما انتهى إليه البحث حسب الدليل ، مع رعاية جانب الإنصاف وأدب الجدال بالتي هي أحسن ، ومع النظر إلى تلك المسائل الخلافية من منظار التقريب والتحبيب سعياً إلى الوفاق مهما أمكن ، لا من منظار الخلاف والخصام  سعياً إلى الشقاق .  


'''الأمر العاشر :''' السعي لفتح باب الاجتهاد في كلّ المذاهب الإسلامية ، وفي كلّ الأبعاد ، أي : بالنسبة إلى المسائل الخلافية غير الضرورية ; لكي تكون أبواب البحث فيها مفتوحةً على أساس الالتزام بالحقّ والاحتجاج بالدليل ، وتكون القلوب مفتوحةً ومستعدّةً لقبول ما انتهى إليه البحث حسب الدليل ، مع رعاية جانب الإنصاف وأدب الجدال بالتي هي أحسن ، ومع النظر إلى تلك المسائل الخلافية من منظار التقريب والتحبيب سعياً إلى الوفاق مهما أمكن ، لا من منظار الخلاف والخصام  سعياً إلى الشقاق .  
هذه الأُسس كلّها من إفادات الشيخ محمّد واعظ زادة الخراساني .  


هذه الأُسس كلّها من إفادات الشيخ محمّد واعظ زادة الخراساني . أمّا الشيخ أحمد كفتارو المفتي الأسبق للديار السورية فقد أجمل أُسس التقريب في أُسس فكرية وأُخرى أخلاقية . .
أمّا الشيخ أحمد كفتارو المفتي الأسبق للديار السورية فقد أجمل أُسس التقريب في أُسس فكرية وأُخرى أخلاقية . .


أمّا الأُسس الفكرية فهي كالتالي :
أمّا الأُسس الفكرية فهي كالتالي :
سطر ٥٤٣: سطر ٥٤٩:
والأُسس الأخلاقية كالتالي :
والأُسس الأخلاقية كالتالي :


1 ـ  الإخلاص والتجرّد من الأهواء .
1 ـ الإخلاص والتجرّد من الأهواء .


2 ـ  التحرّر من التعصّب .
2 ـ  التحرّر من التعصّب .
سطر ٥٧٧: سطر ٥٨٣:
9 ـ ضرورة التلاحم في وقت الشدّة والعسرة والمحنة ، والوقوف صفّاً واحداً حال ذلك .
9 ـ ضرورة التلاحم في وقت الشدّة والعسرة والمحنة ، والوقوف صفّاً واحداً حال ذلك .


<nowiki>*</nowiki> أمّا عوائق التقريب وموانعه وشبهاته : فهناك شبهات أُثيرت حول جدوى التقريب بين المذاهب الإسلامية . . والتي منها :
=عوائق وموانع التقريب=
 
أمّا عوائق التقريب وموانعه وشبهاته : فهناك شبهات أُثيرت حول جدوى التقريب بين المذاهب الإسلامية . . والتي منها :


1 ـ إنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية إنّما هو في الأُصول .
1 ـ إنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية إنّما هو في الأُصول .
سطر ٥٩٩: سطر ٦٠٧:
10 ـ تصوّر أنّ التقريب حركة ذات مصلحة سياسية بعيدة عن جوهر الدين .
10 ـ تصوّر أنّ التقريب حركة ذات مصلحة سياسية بعيدة عن جوهر الدين .


غير أنّه توجد ـ وذلك كما قال سماحة الشيخ التسخيري ـ الحقائق التالية :
غير أنّه توجد ـ وذلك كما قال الشيخ التسخيري ـ الحقائق التالية :


'''أوّلاً :''' أنّنا لاحظنا مسألة اهتمام القرآن بالحوار حتّى مع المشركين وأهل الكتاب ، فكيف نتصوّر منعه للتفاهم بين المسلمين ؟ !
أوّلاً : أنّنا لاحظنا مسألة اهتمام القرآن بالحوار حتّى مع المشركين وأهل الكتاب ، فكيف نتصوّر منعه للتفاهم بين المسلمين ؟ !


'''ثانياً :''' أنّ هناك بحثاً قرآنياً وحديثياً واسعاً حول ( المداراة ) كصفة رائعة للمسلم يتعامل بها مع الآخرين ، ولا مجال للتفصيل هنا .
ثانياً : أنّ هناك بحثاً قرآنياً وحديثياً واسعاً حول ( المداراة ) كصفة رائعة للمسلم يتعامل بها مع الآخرين ، ولا مجال للتفصيل هنا .


'''ثالثاً :''' أنّ الأئمّة كانوا يعيشيون معاً ، ويدرس بعضهم على بعض ، حتّى ليتباهى بعضهم بفترة دراسته هذه ، كما لم يكونوا ليحتكروا العلم بالحقيقة ، في حين نجد بعض أتباعهم يبتعدون حتّى عن التفاهم .
ثالثاً : أنّ الأئمّة كانوا يعيشيون معاً ، ويدرس بعضهم على بعض ، حتّى ليتباهى بعضهم بفترة دراسته هذه ، كما لم يكونوا ليحتكروا العلم بالحقيقة ، في حين نجد بعض أتباعهم يبتعدون حتّى عن التفاهم .


'''رابعاً :''' لقد شهدنا حركة تقريبية في الأزهر الشريف في الخميسينات شارك فيها الأعلام والعلماء ، ومنهم : الشيخ المراغي ، والشيخ مصطفى عبدالرزّاق ، والشيخ عبدالمجيد سليم ، والشيخ محمود شلتوت ، والشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء ، والسيّد شرف الدين الموسوي ، والسيّد البروجردي ، والسيّد هبة الدين الشهرستاني ، والشيخ محمّد تقي القمّي . وهم علماء كبار سنّة وشيعة ، قاموا بحمل لواء التقريب ، فهل خفيت عليهم هذه الشبهات وبعضها يتّصل بالأُصول ؟ ! وقد استبشر المرحوم الشيخ محمّد محمّد المدني بخطوة رائعة اتّخذها الأزهر بتدريس المذهب الشيعي الإمامي والزيدي في أكبر كلّية من كلّياته ، وأُخرى اتّخذتها إيران ( آنذاك ) بإدخال فقه السنّة في كلّية المعقول والمنقول .
رابعاً : لقد شهدنا حركة تقريبية في الأزهر الشريف في الخميسينات شارك فيها الأعلام والعلماء ، ومنهم : الشيخ المراغي ، والشيخ مصطفى عبدالرزّاق ، والشيخ عبدالمجيد سليم ، والشيخ محمود شلتوت ، والشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء ، والسيّد شرف الدين الموسوي ، والسيّد البروجردي ، والسيّد هبة الدين الشهرستاني ، والشيخ محمّد تقي القمّي . وهم علماء كبار سنّة وشيعة ، قاموا بحمل لواء التقريب ، فهل خفيت عليهم هذه الشبهات وبعضها يتّصل بالأُصول ؟ ! وقد استبشر المرحوم الشيخ محمّد محمّد المدني بخطوة رائعة اتّخذها الأزهر بتدريس المذهب الشيعي الإمامي والزيدي في أكبر كلّية من كلّياته ، وأُخرى اتّخذتها إيران ( آنذاك ) بإدخال فقه السنّة في كلّية المعقول والمنقول .


'''خامساً :''' قد شهدت حركة التقريب تقدّماً واسعاً وقبولاً عامّاً اليوم . وأروع مثال على ذلك قيام أكبر مجمع فقهي ـ هو مجمع الفقه الإسلامي بجدّة ـ بإيجاد شعبة متخصّصة باسم « شعبة التقريب بين المذاهب الإسلامية » ، وحصول روح توافقية عامّة حرّة في اجتماعاته العامّة ، ممّا يكشف عن وحدة المنابع والرؤى وانفتاح للعالم الإسلامي بعضه على بعض . وقد أُسس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية « المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية » ، وهو يضمّ في مجلسه الأعلى علماء من المذاهب الإسلامية المتنوّعة ، وقد قام هذا المجمع بدوره بتأسيس « جامعة المذاهب الإسلامية » . هذا ، وقد اعتمدت « الإيسيسكو » ( المنظّمة العالمية الإسلامية للتربية والعلوم ) التقريب هدفاً ، وعقدت له مؤتمرات في شتّى أنحاء العالم . كما قامت المراكز العلمية الدينية في البلدان الإسلامية كالمغرب ومصر والجزائر والأردن وسورية ولبنان وإيران وباكستان والسودان وماليزيا وأندونيسيا وغيرها بعقد الندوات والمؤتمرات العالمية لتركيز هذه الحقيقة .
خامساً : قد شهدت حركة التقريب تقدّماً واسعاً وقبولاً عامّاً اليوم . وأروع مثال على ذلك قيام أكبر مجمع فقهي ـ هو مجمع الفقه الإسلامي بجدّة ـ بإيجاد شعبة متخصّصة باسم « شعبة التقريب بين المذاهب الإسلامية » ، وحصول روح توافقية عامّة حرّة في اجتماعاته العامّة ، ممّا يكشف عن وحدة المنابع والرؤى وانفتاح للعالم الإسلامي بعضه على بعض . وقد أُسس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية « المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية » ، وهو يضمّ في مجلسه الأعلى علماء من المذاهب الإسلامية المتنوّعة ، وقد قام هذا المجمع بدوره بتأسيس « جامعة المذاهب الإسلامية » . هذا ، وقد اعتمدت « الإيسيسكو » ( المنظّمة العالمية الإسلامية للتربية والعلوم ) التقريب هدفاً ، وعقدت له مؤتمرات في شتّى أنحاء العالم . كما قامت المراكز العلمية الدينية في البلدان الإسلامية كالمغرب ومصر والجزائر والأردن وسورية ولبنان وإيران وباكستان والسودان وماليزيا وأندونيسيا وغيرها بعقد الندوات والمؤتمرات العالمية لتركيز هذه الحقيقة .


'''سادساً :''' أنّنا يجب أن نحدّد ماذا نعني بالأُصول ; حتّى يتّضح لنا ماذا نقصد من قولنا عدم وجود الاختلاف فيها ، وإذا لخّصنا البحوث المفصّلة حول الحدود التي تفصل بين الإسلام واللاإسلام استناداً للآيات الكريمة والروايات الشريفة فإنّها جميعاً تركّز على الحدود التالية : الإيمان بالتوحيد الإلهي إجمالاً ، والإيمان بنبوّة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ولزوم طاعته في كلّ ما يصدر عنه ، والإيمان بالقرآن الكريم والعمل بكلّ أوامره ونواهيه وقبول كلّ تصورّاته وتعاليمه ، والإيمان بالمعاد إجمالاً ، والإيمان بتشريع الإسلام لمجموعة من الأحكام التي تنظّم السلوك الفردي والاجتماعي ولزوم تنفيذها . ولا نجد أيّ خلاف على هذه الأُصول مطلقاً . نعم ، هناك خلافات حول التفصيلات ، مثلاً : في الصفات الإلهية وعلاقتها بالذات ، وفي المسائل العقائدية الفرعية كالجبر والاختيار والقضاء والقدر والشفاعة وغير ذلك ، وفي إثبات بعض الروايات وردّها سنداً أو دلالةً ويترتّب عليه اختلافات أُخرى ، وفي مسائل الخلافة والإمامة ، وفي بعض الأحكام التشريعية ، وغير ذلك . إلاّ أنّهم متّفقون جميعاً على أنّه إذا ثبت شيء بالقرآن الكريم أو السنّة الشريفة فإنّه يجب الإذعان له دونما تردّد . وينبغي التنبيه على أنّ البعض يحاول إلجاء الطرف المخالف للخروج من الحدود الإسلامية من خلال ذكر لوازم قوله مثلاً بهذا الرأي . وهذا الأُسلوب مرفوض في هذا المجال مادام الطرف الآخر لا يعتقد بهذا اللزوم ; إذ لو كان يعترف به كان عليه التراجع بعد أن نفترض إيمانه بالأُصول المذكورة . فلا يمكن أن نخرج فرداً عن الإسلام لأنّ من لوازم قوله في نظرنا نفي الأُصول الأُولى ، وبهذا تُحلّ مسألة الاتّهام بالابتداع والشرك .
سادساً : أنّنا يجب أن نحدّد ماذا نعني بالأُصول ; حتّى يتّضح لنا ماذا نقصد من قولنا عدم وجود الاختلاف فيها ، وإذا لخّصنا البحوث المفصّلة حول الحدود التي تفصل بين الإسلام واللاإسلام استناداً للآيات الكريمة والروايات الشريفة فإنّها جميعاً تركّز على الحدود التالية : الإيمان بالتوحيد الإلهي إجمالاً ، والإيمان بنبوّة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ولزوم طاعته في كلّ ما يصدر عنه ، والإيمان بالقرآن الكريم والعمل بكلّ أوامره ونواهيه وقبول كلّ تصورّاته وتعاليمه ، والإيمان بالمعاد إجمالاً ، والإيمان بتشريع الإسلام لمجموعة من الأحكام التي تنظّم السلوك الفردي والاجتماعي ولزوم تنفيذها . ولا نجد أيّ خلاف على هذه الأُصول مطلقاً . نعم ، هناك خلافات حول التفصيلات ، مثلاً : في الصفات الإلهية وعلاقتها بالذات ، وفي المسائل العقائدية الفرعية كالجبر والاختيار والقضاء والقدر والشفاعة وغير ذلك ، وفي إثبات بعض الروايات وردّها سنداً أو دلالةً ويترتّب عليه اختلافات أُخرى ، وفي مسائل الخلافة والإمامة ، وفي بعض الأحكام التشريعية ، وغير ذلك . إلاّ أنّهم متّفقون جميعاً على أنّه إذا ثبت شيء بالقرآن الكريم أو السنّة الشريفة فإنّه يجب الإذعان له دونما تردّد . وينبغي التنبيه على أنّ البعض يحاول إلجاء الطرف المخالف للخروج من الحدود الإسلامية من خلال ذكر لوازم قوله مثلاً بهذا الرأي . وهذا الأُسلوب مرفوض في هذا المجال مادام الطرف الآخر لا يعتقد بهذا اللزوم ; إذ لو كان يعترف به كان عليه التراجع بعد أن نفترض إيمانه بالأُصول المذكورة . فلا يمكن أن نخرج فرداً عن الإسلام لأنّ من لوازم قوله في نظرنا نفي الأُصول الأُولى ، وبهذا تُحلّ مسألة الاتّهام بالابتداع والشرك .


'''سابعاً :''' من الواضح أنّ مصادر التشريع لدى كلّ المسلمين هي الكتاب والسنّة ، ولا يتنافى هذا مع الاختلاف مثلاً في علاقة الكتاب بالسنّة ، وهل لها أن تخصّص العامّ الكتابي مثلاً أم لا ، ولا مع الاختلاف أحياناً في الطرق الموصلة إلى السنّة ، ولا مع الاختلاف مثلاً في دلالة التقرير النبوي ، ولا مع الاختلاف في وجه صدور الأمر النبوي وهل هو باعتباره حاكماً أو باعتباره رسولاً .
سابعاً : من الواضح أنّ مصادر التشريع لدى كلّ المسلمين هي الكتاب والسنّة ، ولا يتنافى هذا مع الاختلاف مثلاً في علاقة الكتاب بالسنّة ، وهل لها أن تخصّص العامّ الكتابي مثلاً أم لا ، ولا مع الاختلاف أحياناً في الطرق الموصلة إلى السنّة ، ولا مع الاختلاف مثلاً في دلالة التقرير النبوي ، ولا مع الاختلاف في وجه صدور الأمر النبوي وهل هو باعتباره حاكماً أو باعتباره رسولاً .


'''ثامناً :''' أنّ منطق الاتّهام والتشكيك نحن منهيّون عنه .
ثامناً : أنّ منطق الاتّهام والتشكيك نحن منهيّون عنه .


'''تاسعاً :''' أنّ حركة التقريب كما هو واضح لا تستهدف التذويب مطلقاً ، وهي تؤمن بأنّ المذاهب كلّها ثروة لهذه الأُمّة والحضارة ، كما تؤمن بأنّ فكرة المذهب الواحد خيال محض .
تاسعاً : أنّ حركة التقريب كما هو واضح لا تستهدف التذويب مطلقاً ، وهي تؤمن بأنّ المذاهب كلّها ثروة لهذه الأُمّة والحضارة ، كما تؤمن بأنّ فكرة المذهب الواحد خيال محض .


ومن موانع التقريب :
ومن موانع التقريب :


'''أوّلاً : العامل الخارجي .'''
أوّلاً : العامل الخارجي .


فمن الواضح تماماً أنّ أعداء هذه الأُمّة يخلقون كلّ الظروف التي تؤدّي لتمزيق هذه الأُمّة ، ويقفون في وجه كلّ ما يعمل لتوحيدها . وقد لاحظنا أنّ الاستعمار الغربي عمل خلال فترة احتلاله للعالم الإسلامي ، وخصوصاً في الفترة التي احتلّ فيها العالم الإسلامي كلّه تقريباً ، وقضى على آخر دولة إسلامية شمولية في الربع الأوّل من القرن الميلادي العشرين ، لاحظنا أنّه اعتمد سياسة ثلاثية تستهدف :
فمن الواضح تماماً أنّ أعداء هذه الأُمّة يخلقون كلّ الظروف التي تؤدّي لتمزيق هذه الأُمّة ، ويقفون في وجه كلّ ما يعمل لتوحيدها . وقد لاحظنا أنّ الاستعمار الغربي عمل خلال فترة احتلاله للعالم الإسلامي ، وخصوصاً في الفترة التي احتلّ فيها العالم الإسلامي كلّه تقريباً ، وقضى على آخر دولة إسلامية شمولية في الربع الأوّل من القرن الميلادي العشرين ، لاحظنا أنّه اعتمد سياسة ثلاثية تستهدف :
سطر ٦٣٣: سطر ٦٤١:
وها نحن نشهد دور اليد الأجنبية الممتدّة لتحرّك النزاعات الطائفية في باكستان والعراق وأفغانستان ولبنان وسائر البلاد التي يتعايش فيها أتباع المذاهب ، وربّما استخدمت وسائل الإعلام والأقلام والألسنة المأجورة لتحقيق الهدف .
وها نحن نشهد دور اليد الأجنبية الممتدّة لتحرّك النزاعات الطائفية في باكستان والعراق وأفغانستان ولبنان وسائر البلاد التي يتعايش فيها أتباع المذاهب ، وربّما استخدمت وسائل الإعلام والأقلام والألسنة المأجورة لتحقيق الهدف .


'''ثانياً : المصالح الشخصية لبعض الزعماء والحكّام .'''
ثانياً : المصالح الشخصية لبعض الزعماء والحكّام .


وهو أمر شهدناه في عصور الظلام الماضية ، ونشهده اليوم أيضاً ، حيث يستغلّ البعض نفوذه ليثير العامّة ، بل ربّما بعض المنتسبين لأهل العلم لتحريك الإحَن والنزاعات الطائفية .
وهو أمر شهدناه في عصور الظلام الماضية ، ونشهده اليوم أيضاً ، حيث يستغلّ البعض نفوذه ليثير العامّة ، بل ربّما بعض المنتسبين لأهل العلم لتحريك الإحَن والنزاعات الطائفية .
سطر ٦٤١: سطر ٦٤٩:
ويستمرّ في الحديث عن دور حكومات الطوائف في تحريك الفتن في مصر ، وعن الاقتتال الطائفي بعد قيام حركة الزنج في سواد جنوب العراق ، وامتداد النزاع إلى المدينة المنوّرة وإلى طبرستان ، وتواصلت إلى شمال أفريقيا ، وهكذا .
ويستمرّ في الحديث عن دور حكومات الطوائف في تحريك الفتن في مصر ، وعن الاقتتال الطائفي بعد قيام حركة الزنج في سواد جنوب العراق ، وامتداد النزاع إلى المدينة المنوّرة وإلى طبرستان ، وتواصلت إلى شمال أفريقيا ، وهكذا .


'''ثالثاً : التكفير .'''
ثالثاً : التكفير .


وتعدّ هذه الظاهرة من أهمّ العقبات بوجه التقريب ، ورغم أنّ الإسلام وضّح تماماً الحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان وحدّدها بدقّة ، فإنّ هذه الحالة الغريبة حدثت بقوّة .
وتعدّ هذه الظاهرة من أهمّ العقبات بوجه التقريب ، ورغم أنّ الإسلام وضّح تماماً الحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان وحدّدها بدقّة ، فإنّ هذه الحالة الغريبة حدثت بقوّة .
سطر ٦٤٧: سطر ٦٥٥:
وقد ربّى القرآن العظيم الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وأتباعه على التعامل العقلاني والحوار المنطقي والقبول بالتعدّدية الاجتهادية إذا كانت على أُسس شرعية منضبطة ، إلاّ أنّ هذه الظاهرة حدثت في ظلّ ظروف عصبية في مطلع الأمر كما في قضية الخوارج . وزاد الجهل والتعصّب الطين بلّة حيث يدخل في عملية الفتوى من ليس أهلاً لها ، فيفتي بغير ما أنزل الله . وهذا ما شهدناه بكلّ وضوح في الحركات التكفيرية في عصرنا ، ممّا أدّى إلى سفك الدماء البريئة على نطاق واسع باسم الدفاع عن الدين والأُمّة ! وهما من هذه الحالة براء .
وقد ربّى القرآن العظيم الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وأتباعه على التعامل العقلاني والحوار المنطقي والقبول بالتعدّدية الاجتهادية إذا كانت على أُسس شرعية منضبطة ، إلاّ أنّ هذه الظاهرة حدثت في ظلّ ظروف عصبية في مطلع الأمر كما في قضية الخوارج . وزاد الجهل والتعصّب الطين بلّة حيث يدخل في عملية الفتوى من ليس أهلاً لها ، فيفتي بغير ما أنزل الله . وهذا ما شهدناه بكلّ وضوح في الحركات التكفيرية في عصرنا ، ممّا أدّى إلى سفك الدماء البريئة على نطاق واسع باسم الدفاع عن الدين والأُمّة ! وهما من هذه الحالة براء .


'''رابعاً : التشكيك في نوايا الداخلين في الحوار .'''
رابعاً : التشكيك في نوايا الداخلين في الحوار .


فإنّه لا يحقّق الجوّ الهادئ المطلوب ، ويدفع لنوع من التهرّب أو المماطلة أو تلمّس العثرات ، ممّا يمنع من تحقّق النتيجة المطلوبة . وهذا ما شهدنا نظيره في عمليات الحوار بين أتباع الأديان نتيجة ما يحمله كلّ طرف من تراكمات ذهنية عن الآخر ، فالطرف المسيحي مثلاً يحمل أحقاده الصليبية وإيحاءات المستشرقين بما يسمّونه بـ ( الهرطقة الإسلامية ) ، وما يدور في نفسه من هواجس الصحوة الإسلامية التي تنافس مشروعه في السيطرة ، في حين يحمل الطرف الإسلامي سوابق ذهنية كبيرة عن خدمة التبشير المسيحي للاستعمار على مدى قرون .
فإنّه لا يحقّق الجوّ الهادئ المطلوب ، ويدفع لنوع من التهرّب أو المماطلة أو تلمّس العثرات ، ممّا يمنع من تحقّق النتيجة المطلوبة . وهذا ما شهدنا نظيره في عمليات الحوار بين أتباع الأديان نتيجة ما يحمله كلّ طرف من تراكمات ذهنية عن الآخر ، فالطرف المسيحي مثلاً يحمل أحقاده الصليبية وإيحاءات المستشرقين بما يسمّونه بـ ( الهرطقة الإسلامية ) ، وما يدور في نفسه من هواجس الصحوة الإسلامية التي تنافس مشروعه في السيطرة ، في حين يحمل الطرف الإسلامي سوابق ذهنية كبيرة عن خدمة التبشير المسيحي للاستعمار على مدى قرون .
سطر ٦٥٣: سطر ٦٦١:
ولكن العمل الجادّ والتوجّه للتعليمات الإسلامية الهادية والداعية لحسن الظنّ في الأخ المسلم يمنع من أن يلعب هذا العامل دوره في المنع من التقريب ، خصوصاً إذا تمّ على مستوى العلماء العاملين الذين خبر بعضهم بعضاً في مجالات العلم والإخلاص والعمل في سبيل الأُمّة بمجموها .
ولكن العمل الجادّ والتوجّه للتعليمات الإسلامية الهادية والداعية لحسن الظنّ في الأخ المسلم يمنع من أن يلعب هذا العامل دوره في المنع من التقريب ، خصوصاً إذا تمّ على مستوى العلماء العاملين الذين خبر بعضهم بعضاً في مجالات العلم والإخلاص والعمل في سبيل الأُمّة بمجموها .


'''خامساً : التهويل والتضخيم واستحضار الماضي والتهجّم على المقدّسات وعدم احترام الآخر .'''
خامساً : التهويل والتضخيم واستحضار الماضي والتهجّم على المقدّسات وعدم احترام الآخر .


وكلّ واحد من هذه الأُمور يمكن أن يشكّل بنفسه مانعاً من تحقّق الحوار المطلوب ، وبالتالي الوصول إلى التقريب . وقد وجدنا النصوص الإسلامية تتظافر في المنع من هذه الأُمور .
وكلّ واحد من هذه الأُمور يمكن أن يشكّل بنفسه مانعاً من تحقّق الحوار المطلوب ، وبالتالي الوصول إلى التقريب . وقد وجدنا النصوص الإسلامية تتظافر في المنع من هذه الأُمور .


'''سادساً : اختلاف مناهج الاستدلال وطرق الاستنباط .'''
سادساً : اختلاف مناهج الاستدلال وطرق الاستنباط .


فإنّه يمنع من التقارب في النتائج ، وعليه ينبغي السعي إلى ما يأتي :
فإنّه يمنع من التقارب في النتائج ، وعليه ينبغي السعي إلى ما يأتي :
سطر ٦٦٧: سطر ٦٧٥:
ج ـ تحقيق محلّ الحوار بدقّة ; لئلاّ ينظر كلّ طرف إلى قضية ومفهوم لا ينظر إليه الطرف الآخر .
ج ـ تحقيق محلّ الحوار بدقّة ; لئلاّ ينظر كلّ طرف إلى قضية ومفهوم لا ينظر إليه الطرف الآخر .


'''سابعاً : اعتبار القول الشاذّ علامةً على المذهب كلّه ، وأخذ تصوّرات المذهب من أقوال خصومه .'''
سابعاً : اعتبار القول الشاذّ علامةً على المذهب كلّه ، وأخذ تصوّرات المذهب من أقوال خصومه .


'''ثامناً : دخول من ليس أهلاً في عملية الحوار ، واتّباع الأساليب الملتوية للظفر بالآخر .'''
ثامناً : دخول من ليس أهلاً في عملية الحوار ، واتّباع الأساليب الملتوية للظفر بالآخر .


'''تاسعاً : عدم التصارح بين المسلمين .'''
تاسعاً : عدم التصارح بين المسلمين .


فمن المشاكل الأساسية أنّنا غالباً لا نتصارح فيما بيننا عندما نختلف ، بحيث لا يُظهر أحدنا ما يجول في عقله وقلبه للآخر .
فمن المشاكل الأساسية أنّنا غالباً لا نتصارح فيما بيننا عندما نختلف ، بحيث لا يُظهر أحدنا ما يجول في عقله وقلبه للآخر .
سطر ٦٧٧: سطر ٦٨٥:
فالذي يحكم الواقع الإسلامي في كثير من لقاءاته سواء أكانت على المستوى الرسمي أو العلمائي أو في الدوائر الثقافية هو أُسلوب المجاملة ، بحيث يؤكّد للآخر على التزام الإسلام كقاعدة مشتركة وعلى أهمّية التنوّع في داخل الفكر الإسلامي والفقه والتشريع وفي بعض مفردات العقيدة وفهم القرآن ، ويتمّ التأكيد على أهمّية الوحدة بين المسلمين وأنّها سبيل لقوّتهم ، ولكن في الوقت نفسه تبقى لكلّ فئة أحكامها المسبقة عن الآخر ، والتي غالباً ما يلفّها الغموض أو التشويه ، لذا لا تأتي اللقاءات إلاّ بمجاملات يطلقها الحريصون على الوحدة ، أو بشواهد إضافية تكرّس للمتعصّبين مواقفهم الحادّة والرافضة للمذهب الآخر ، والتي تأخذ في نهاية المطاف عنوان التكفير .
فالذي يحكم الواقع الإسلامي في كثير من لقاءاته سواء أكانت على المستوى الرسمي أو العلمائي أو في الدوائر الثقافية هو أُسلوب المجاملة ، بحيث يؤكّد للآخر على التزام الإسلام كقاعدة مشتركة وعلى أهمّية التنوّع في داخل الفكر الإسلامي والفقه والتشريع وفي بعض مفردات العقيدة وفهم القرآن ، ويتمّ التأكيد على أهمّية الوحدة بين المسلمين وأنّها سبيل لقوّتهم ، ولكن في الوقت نفسه تبقى لكلّ فئة أحكامها المسبقة عن الآخر ، والتي غالباً ما يلفّها الغموض أو التشويه ، لذا لا تأتي اللقاءات إلاّ بمجاملات يطلقها الحريصون على الوحدة ، أو بشواهد إضافية تكرّس للمتعصّبين مواقفهم الحادّة والرافضة للمذهب الآخر ، والتي تأخذ في نهاية المطاف عنوان التكفير .


'''عاشراً : الذهنيات القلقة والخائفة من التواصل .'''
عاشراً : الذهنيات القلقة والخائفة من التواصل .


لعلّ من أبرز العوائق وجود الذهنية التي تعتبر التواصل والدعوة إلى الوحدة مدخلاً إلى تمييع المذهب أو النهج الفكري الذي ينتمي إليه أصحاب هذه الذهنيات ، فغالباً ما يتمّ الاصطدام بخطّ الوحدة تجنّباً لما يرونه من مخاطر تتمثّل في أُمور ، أبرزها :
لعلّ من أبرز العوائق وجود الذهنية التي تعتبر التواصل والدعوة إلى الوحدة مدخلاً إلى تمييع المذهب أو النهج الفكري الذي ينتمي إليه أصحاب هذه الذهنيات ، فغالباً ما يتمّ الاصطدام بخطّ الوحدة تجنّباً لما يرونه من مخاطر تتمثّل في أُمور ، أبرزها :
سطر ٦٨٧: سطر ٦٩٥:
ج ـ المصاعب الكبرى التي تعترض الوحدويّين من كلّ مذهب في ضبط قواعدهم ، وخصوصاً في ظلّ قيام التقسيميّين بتشكيك القاعدة بأنّه بإخلاص الرموز الوحدوية أم بخطوات الوحدة التي تهدّد المذهب بحسب زعمهم ، ما يهدّد بكسب هذه القواعد لمصلحة التقسيميّين الذين تتوافر لديهم كلّ الإمكانات والقدرات ، الأمر الذي يؤدّي فعلاً إلى التنافس في ميادين التعصّب والفرقة .
ج ـ المصاعب الكبرى التي تعترض الوحدويّين من كلّ مذهب في ضبط قواعدهم ، وخصوصاً في ظلّ قيام التقسيميّين بتشكيك القاعدة بأنّه بإخلاص الرموز الوحدوية أم بخطوات الوحدة التي تهدّد المذهب بحسب زعمهم ، ما يهدّد بكسب هذه القواعد لمصلحة التقسيميّين الذين تتوافر لديهم كلّ الإمكانات والقدرات ، الأمر الذي يؤدّي فعلاً إلى التنافس في ميادين التعصّب والفرقة .


'''حادي عشر : وجود عوائق فكرية وأخلاقية .'''
حادي عشر : وجود عوائق فكرية وأخلاقية .


ففضلاً عن مخاطر هذه الذهنية التي يجب أن تواجه بحكمة وموضوعية ، فإنّ ثمّة أفهاماً وممارسات لا تقلّ خطراً عنها ، منها :
ففضلاً عن مخاطر هذه الذهنية التي يجب أن تواجه بحكمة وموضوعية ، فإنّ ثمّة أفهاماً وممارسات لا تقلّ خطراً عنها ، منها :
سطر ٧١٣: سطر ٧٢١:
5 ـ عدم الجدّية في الأخذ بالوحدة الإسلامية ، وحملها كشعار لا يحمل أيّ مضمون ، لا سيّما إذا جرت مقاربتها إمّا من حيث هي وسيلة ليتنصّل من خلالها البعض من الاتّهام بالمذهبية واتّهام الطرف الآخر بها ، أو ستاراً يخفي السعي للنفاذ إلى المجتمع الآخر ، أو ديكوراً للفئات السياسية كي تبدو منفتحة في حضورها وغير منغلقة على ذاتها أو منحرفة في دائرتها المذهبية .
5 ـ عدم الجدّية في الأخذ بالوحدة الإسلامية ، وحملها كشعار لا يحمل أيّ مضمون ، لا سيّما إذا جرت مقاربتها إمّا من حيث هي وسيلة ليتنصّل من خلالها البعض من الاتّهام بالمذهبية واتّهام الطرف الآخر بها ، أو ستاراً يخفي السعي للنفاذ إلى المجتمع الآخر ، أو ديكوراً للفئات السياسية كي تبدو منفتحة في حضورها وغير منغلقة على ذاتها أو منحرفة في دائرتها المذهبية .


'''ثاني عشر : عدم المعرفة .'''
ثاني عشر : عدم المعرفة .


فحينما لا يعرف الفرد المسلم الوجوب الشرعي لمشروع التقريب وضرورات الوحدة ، ويجهل الأهمّية الحضارية لحضور أُمّته على الصعيد الدولي مرفوعة الرأس والراية ، وحينما لا يشعر بخطورة التحدّيات الميحطة به وبقضاياه الإسلامية والمصيرية ، فإنّه لا يتحرّك نحو العمل بمقتضيات المشروع التقريبي ومقوّمات الوحدة ، بل قد يتورّط في هدم ذلك من حيث يشعر أو لا يشعر .
فحينما لا يعرف الفرد المسلم الوجوب الشرعي لمشروع التقريب وضرورات الوحدة ، ويجهل الأهمّية الحضارية لحضور أُمّته على الصعيد الدولي مرفوعة الرأس والراية ، وحينما لا يشعر بخطورة التحدّيات الميحطة به وبقضاياه الإسلامية والمصيرية ، فإنّه لا يتحرّك نحو العمل بمقتضيات المشروع التقريبي ومقوّمات الوحدة ، بل قد يتورّط في هدم ذلك من حيث يشعر أو لا يشعر .


'''ثالث عشر : غياب التربية الصالحة .'''
ثالث عشر : غياب التربية الصالحة .


فلا يكفي العلم وحده لإزالة موانع التقريب والوحدة ما لم تعضده نزاهة التزكية وباطن الخشية من الله الملك الحقّ المبين ، فالذي يزوي عن نفسه التهذيب المعنوي يهوي إلى مستنقع الكراهية ، ويمارس العدوانية ، ولا ينفعه علمه ، بل والعلم في هذه الحالة يسهّل طريقه في الصدّ عن التقريب والوحدة .
فلا يكفي العلم وحده لإزالة موانع التقريب والوحدة ما لم تعضده نزاهة التزكية وباطن الخشية من الله الملك الحقّ المبين ، فالذي يزوي عن نفسه التهذيب المعنوي يهوي إلى مستنقع الكراهية ، ويمارس العدوانية ، ولا ينفعه علمه ، بل والعلم في هذه الحالة يسهّل طريقه في الصدّ عن التقريب والوحدة .


'''رابع عشر : علماء السوء .'''
رابع عشر : علماء السوء .


حيث يلعب هؤلاء بفتاواهم والأفكار المصلحية التي يتبنّونها لعبةً أساسيةً في تشتيت الجهود وبعثرة الطاقات وعدم السماح للمشاريع الوحدوية أن تسلك في الأُمّة بسلام وقوّة ونجاح .
حيث يلعب هؤلاء بفتاواهم والأفكار المصلحية التي يتبنّونها لعبةً أساسيةً في تشتيت الجهود وبعثرة الطاقات وعدم السماح للمشاريع الوحدوية أن تسلك في الأُمّة بسلام وقوّة ونجاح .


'''خامس عشر : العصبية والنزعة الأُحادية .'''
خامس عشر : العصبية والنزعة الأُحادية .


فهي غريزة يمتلكها كلّ فرد ، كباقي الغرائز التي تميل بصاحبها على جهة السقوط ما لم تعتدل بكوابح الورع ونبل القيم ، فمن لم يخرج من سيطرة هذه الغريزة بحبّ الخير للآخرين فسوف يتحوّل إلى سكّينة في خاصرة الفعّاليات الإصلاحية أو يُصبح كالرمح في صدر المساعي التقريبية بين المسلمين .
فهي غريزة يمتلكها كلّ فرد ، كباقي الغرائز التي تميل بصاحبها على جهة السقوط ما لم تعتدل بكوابح الورع ونبل القيم ، فمن لم يخرج من سيطرة هذه الغريزة بحبّ الخير للآخرين فسوف يتحوّل إلى سكّينة في خاصرة الفعّاليات الإصلاحية أو يُصبح كالرمح في صدر المساعي التقريبية بين المسلمين .


'''سادس عشر : حبّ الدنيا والمصالح الماليّة .'''
سادس عشر : حبّ الدنيا والمصالح الماليّة .


فحبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة ، مقولة صادقة بتأييد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والتجربة المشهودة على الأرض خير شاهد . ويلعب المال في خطيئات الدنيا لعبته الخطيرة لما تحتكره الأيادي وتوظّفه لمصالحها الذاتية ، ثمّ من أجل الحفاظ عليها والتوسّع فيها يخضع أصحابها لكلّ مخطّط شيطاني ومشروع تمزيقي ، فقد يدخلون في تحالفات مع الدول الكبرى أو الصغرى أو مَن يجدون لديه المصلحة المالية والتنمية التجارية لثرواتهم ، فتمنعهم هذه المصالح من قبول أيّ مشروع تقريبي في الأُمّة يرونه هادماً لتلك المصالح .
فحبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة ، مقولة صادقة بتأييد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والتجربة المشهودة على الأرض خير شاهد . ويلعب المال في خطيئات الدنيا لعبته الخطيرة لما تحتكره الأيادي وتوظّفه لمصالحها الذاتية ، ثمّ من أجل الحفاظ عليها والتوسّع فيها يخضع أصحابها لكلّ مخطّط شيطاني ومشروع تمزيقي ، فقد يدخلون في تحالفات مع الدول الكبرى أو الصغرى أو مَن يجدون لديه المصلحة المالية والتنمية التجارية لثرواتهم ، فتمنعهم هذه المصالح من قبول أيّ مشروع تقريبي في الأُمّة يرونه هادماً لتلك المصالح .


'''سابع عشر : شلل الإرادات .'''
سابع عشر : شلل الإرادات .


فإنّ الضربات تتراكم  على إرادات المصلحين بهدف إحداث شرخ في عزائمهم وخور وخواء في قراراتهم وشلل في قواهم ، حتّى لا يجدو أمامهم سبيلاً للتقدّم وطريقاً للإنقاذ جرّاء الغبار الذي يرتفع في وجوههم بنفس الأسباب المذكورة . فما أكثر الإرادات التي قد تلاشت والهمم التي قد اندثرت والجهود التي قد تهدّمت نتيجة الجهل والأنانية والعصبية والمؤامرات الخلفية .
فإنّ الضربات تتراكم  على إرادات المصلحين بهدف إحداث شرخ في عزائمهم وخور وخواء في قراراتهم وشلل في قواهم ، حتّى لا يجدو أمامهم سبيلاً للتقدّم وطريقاً للإنقاذ جرّاء الغبار الذي يرتفع في وجوههم بنفس الأسباب المذكورة . فما أكثر الإرادات التي قد تلاشت والهمم التي قد اندثرت والجهود التي قد تهدّمت نتيجة الجهل والأنانية والعصبية والمؤامرات الخلفية .


<nowiki>*</nowiki> أمّا سبل التقريب : فهي طرق إقرار ثقافة التقريب والوحدة بين الأوساط العامّة . . ويتمّ ذلك من خلال :
=سبل التقريب وعوامل نجاحه=
 
أمّا سبل التقريب : فهي طرق إقرار ثقافة التقريب والوحدة بين الأوساط العامّة . . ويتمّ ذلك من خلال :


1 ـ نشر ثقافة الوحدة بين أهل الذكر من العلماء والحكّام ، وذلك بعقد المؤتمرات في كلّ عامّ أو عامين ; ليجتمع فيها عقلاء المسلمين وعلماؤهم من جميع الأقطار الإسلامية ; ليتعارفوا أوّلاً ، وليتداولوا في شؤون الإسلام ثانياً ، وأوجب من هذا عقد المؤتمرات والمعاهدات بين قادة الشعوب الإسلامية ; ليكونوا يداً واحدة ، أو كيدين لجسد واحد تدفعان عنه الأخطار المحدقة به من كلّ جانب .
1 ـ نشر ثقافة الوحدة بين أهل الذكر من العلماء والحكّام ، وذلك بعقد المؤتمرات في كلّ عامّ أو عامين ; ليجتمع فيها عقلاء المسلمين وعلماؤهم من جميع الأقطار الإسلامية ; ليتعارفوا أوّلاً ، وليتداولوا في شؤون الإسلام ثانياً ، وأوجب من هذا عقد المؤتمرات والمعاهدات بين قادة الشعوب الإسلامية ; ليكونوا يداً واحدة ، أو كيدين لجسد واحد تدفعان عنه الأخطار المحدقة به من كلّ جانب .
سطر ٧٨١: سطر ٧٩١:
4 ـ حسن النيّة وسلامة الطوية ، وذلك بتبنّي المقاصد لتحقيق الأهداف .
4 ـ حسن النيّة وسلامة الطوية ، وذلك بتبنّي المقاصد لتحقيق الأهداف .


5 ـ الاهتمام بإبراز النقاط المشتركة بين المذاهب ، والحديث دائماً عن نقاط التلاقي ، وبخاصّة مع العامّة ، وتوجيههم إلى أهمية الوحدة الإسلامية كما أرادها القرآن الكريم : ( '''هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ''' ) ( سورة الحجّ : 78 ) ، وإشاعة ثقافة التقريب ، وتضافر الجهود لذلك ، وترك الجدل والمناظرات الفكرية والعقدية والفقهية للمختصّين في المستويات العليا .
5 ـ الاهتمام بإبراز النقاط المشتركة بين المذاهب ، والحديث دائماً عن نقاط التلاقي ، وبخاصّة مع العامّة ، وتوجيههم إلى أهمية الوحدة الإسلامية كما أرادها القرآن الكريم : ( ''' هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ''' ) ( سورة الحجّ : 78 ) ، وإشاعة ثقافة التقريب ، وتضافر الجهود لذلك ، وترك الجدل والمناظرات الفكرية والعقدية والفقهية للمختصّين في المستويات العليا .


6 ـ التأكيد على أنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية هو اختلاف خطأ وصواب ، وليس اختلاف كفر وإيمان .
6 ـ التأكيد على أنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية هو اختلاف خطأ وصواب ، وليس اختلاف كفر وإيمان .
سطر ٨١٦: سطر ٨٢٦:


إنّنا مطالبون بالتعارف والتعاون ; لتحقيق المصالح المشتركة لشعوب الأُمّة الإسلامية ، ونشر القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة بين شعوب الأرض قاطبة .
إنّنا مطالبون بالتعارف والتعاون ; لتحقيق المصالح المشتركة لشعوب الأُمّة الإسلامية ، ونشر القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة بين شعوب الأرض قاطبة .
=وسائل التقريب=


أمّا وسائل التقريب فهي : السبل الكفيلة بترتيب الأثر الملموس والنتائج المطلوبة لدفع عجلة التقريب بين المذاهب الإسلامية نحو الأمام .
أمّا وسائل التقريب فهي : السبل الكفيلة بترتيب الأثر الملموس والنتائج المطلوبة لدفع عجلة التقريب بين المذاهب الإسلامية نحو الأمام .
سطر ٨٧٣: سطر ٨٨٥:
7 ـ إيلاء دور الأئمّة وخطباء المساجد والوعّاظ ورجال الدعوة الإسلامية والصحافيّين والإعلاميّين اهتماماً خاصّاً ، والعمل على تشجيعهم على حمل رسالة التقريب ، وتوحيد رؤيتهم الإسلامية نحو المذاهب ، ودعوتهم للحدّ من تناول المسائل الخلافية وإثارة النقاش حولها ، إلاّ بما يجعل منها منطلقاً للغنى الفكري والتوسّع المعرفي ، وبما يخدم مقاصد التشريع ، ويؤكّد الوحدة الإسلامية .
7 ـ إيلاء دور الأئمّة وخطباء المساجد والوعّاظ ورجال الدعوة الإسلامية والصحافيّين والإعلاميّين اهتماماً خاصّاً ، والعمل على تشجيعهم على حمل رسالة التقريب ، وتوحيد رؤيتهم الإسلامية نحو المذاهب ، ودعوتهم للحدّ من تناول المسائل الخلافية وإثارة النقاش حولها ، إلاّ بما يجعل منها منطلقاً للغنى الفكري والتوسّع المعرفي ، وبما يخدم مقاصد التشريع ، ويؤكّد الوحدة الإسلامية .


<nowiki>*</nowiki> أمّا مجالات التقارب : فهي المحاور التي يدور التقارب حولها . . والتي :
=مجالات التقريب=
 
أمّا مجالات التقارب : فهي المحاور التي يدور التقارب حولها . . والتي :


'''( منها ) :''' محور العقائد ، فللمذاهب الإسلامية كافّة رؤية مشتركة واحدة تقريباً حول الأُصول العقائدية والأركان الإسلامية ، والخلاف في فروعها لا يخلّ بأصل الإسلام والأُخوّة الإسلامية .
( منها ) : محور العقائد ، فللمذاهب الإسلامية كافّة رؤية مشتركة واحدة تقريباً حول الأُصول العقائدية والأركان الإسلامية ، والخلاف في فروعها لا يخلّ بأصل الإسلام والأُخوّة الإسلامية .


و'''( منها ) :''' محور الفقه وقواعده ، فوفقاً لوجهة نظر محقّقي فقهاء المذاهب ، فإنّ الأبواب الفقهية تتضمّن نسبة عالية من النقاط المشتركة ، والاختلاف في بعض المسائل الفقهية أمر طبيعي مردّه إلى فهم الفقهاء واجتهاداتهم .  
و( منها ) : محور الفقه وقواعده ، فوفقاً لوجهة نظر محقّقي فقهاء المذاهب ، فإنّ الأبواب الفقهية تتضمّن نسبة عالية من النقاط المشتركة ، والاختلاف في بعض المسائل الفقهية أمر طبيعي مردّه إلى فهم الفقهاء واجتهاداتهم .  


و'''( منها ) :''' محور الأخلاق والثقافة الإسلامية ، فليس للمذاهب الإسلامية خلاف في الأُصول الأخلاقية والثقافة الإسلامية على الصعيد الفردي والجماعي ، والرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) هو أُسوة الأخلاق لدى كافّة المسلمين .
و( منها ) : محور الأخلاق والثقافة الإسلامية ، فليس للمذاهب الإسلامية خلاف في الأُصول الأخلاقية والثقافة الإسلامية على الصعيد الفردي والجماعي ، والرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) هو أُسوة الأخلاق لدى كافّة المسلمين .


و'''( منها ) :'''محور التاريخ ، فلا ريب في أنّ المسلمين يتّفقون على وحدة المسيرة التاريخية في مفاصلها الرئيسة ، والاختلافات التفصيلية والفرعية يمكن طرحها في جوّ هادئ ، فيتمّ الوصول إلى موارد كثيرة للاتّفاق .
و( منها ) : محور التاريخ ، فلا ريب في أنّ المسلمين يتّفقون على وحدة المسيرة التاريخية في مفاصلها الرئيسة ، والاختلافات التفصيلية والفرعية يمكن طرحها في جوّ هادئ ، فيتمّ الوصول إلى موارد كثيرة للاتّفاق .


وعلى أىّ حال ، يجب أن لا تترك الخلافات آثارها السلبية على المسيرة الحاضرة للأُمّة الإسلامية .
وعلى أىّ حال ، يجب أن لا تترك الخلافات آثارها السلبية على المسيرة الحاضرة للأُمّة الإسلامية .


<nowiki>*</nowiki> أمّا أهداف التقريب : فهي الثمار المرجوّة من ظاهرة التقريب بين المذاهب الإسلامية . ومن تلك الثمار :
=أهداف التقريب=
 
أمّا أهداف التقريب : فهي الثمار المرجوّة من ظاهرة التقريب بين المذاهب الإسلامية . ومن تلك الثمار :


'''1ـ الممانعة من الاضمحلال الداخلي .'''
1ـ الممانعة من الاضمحلال الداخلي .


منذ بداية البعثة النبوية ظهر الحقد والعداء ضدّ هذا الدين الجديد بأنماط مختلفة ; فالمشركون لم يخفوا حقدهم وغضبهم نتيجة نسخ دينهم السالف ، والاستهزاء به لما يحمل من أفكار خرافية ، وإلاّ لم تكن بينهم وبين صاحب الرسالة وأتباعه أيّة نزاعات شخصية من قبل ، فكانوا على استعداد للمصالحة والاتّفاق بكلّ ما يرغب صاحب الدعوة الجديدة في ثروة أو مكانة اجتماعية شريطة التخلّي عن دعوته الجديدة ودينه . فسعى المشركون للإطاحة بهذا الدين العظيم والوقوف أمامه بكلّ ما أُوتوا من قوّة وثروات ومناصب ، واستخدموا كلّ السبل المؤدّية إلى تحقيق غرضهم الواهي من التطميع والتهديد والتعذيب والحصار الاقتصادي والحرب النفسية والهجوم العسكري ، ولكن لم يوفّقوا في ذلك .
منذ بداية البعثة النبوية ظهر الحقد والعداء ضدّ هذا الدين الجديد بأنماط مختلفة ; فالمشركون لم يخفوا حقدهم وغضبهم نتيجة نسخ دينهم السالف ، والاستهزاء به لما يحمل من أفكار خرافية ، وإلاّ لم تكن بينهم وبين صاحب الرسالة وأتباعه أيّة نزاعات شخصية من قبل ، فكانوا على استعداد للمصالحة والاتّفاق بكلّ ما يرغب صاحب الدعوة الجديدة في ثروة أو مكانة اجتماعية شريطة التخلّي عن دعوته الجديدة ودينه . فسعى المشركون للإطاحة بهذا الدين العظيم والوقوف أمامه بكلّ ما أُوتوا من قوّة وثروات ومناصب ، واستخدموا كلّ السبل المؤدّية إلى تحقيق غرضهم الواهي من التطميع والتهديد والتعذيب والحصار الاقتصادي والحرب النفسية والهجوم العسكري ، ولكن لم يوفّقوا في ذلك .
سطر ٩٠٣: سطر ٩١٩:
إنّ خطر الإسلام على الاستكبار العالمي لا يقلّ عن خطر الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) ضدّ المشركين . فالعالم الإسلامي بما يمتلك من الثروات ومصادر القوّة وعدد النفوس مهدّد من قبل القوى العظمى ; لمعرفتهم بمنهجية الإسلام المعارضة للظلم والاضطهاد والداعية للعدل والوسطية . فالطريق الوحيد هو التماسك والوحدة واتّباع السبل المؤدّية إلى عدم النزاع والسقوط من الداخل ، والتقريب يحقّق الهدف المنشود لمواجهة التفرقة ومؤامرات أعداء الاسلام القديمة والجديدة .
إنّ خطر الإسلام على الاستكبار العالمي لا يقلّ عن خطر الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) ضدّ المشركين . فالعالم الإسلامي بما يمتلك من الثروات ومصادر القوّة وعدد النفوس مهدّد من قبل القوى العظمى ; لمعرفتهم بمنهجية الإسلام المعارضة للظلم والاضطهاد والداعية للعدل والوسطية . فالطريق الوحيد هو التماسك والوحدة واتّباع السبل المؤدّية إلى عدم النزاع والسقوط من الداخل ، والتقريب يحقّق الهدف المنشود لمواجهة التفرقة ومؤامرات أعداء الاسلام القديمة والجديدة .


'''2ـ الحفاظ على كيان المسلمين .'''
2ـ الحفاظ على كيان المسلمين .


مع أنّ عدد نفوس المسلمين يبلغ ربع العالم ويتجاوز المليار إنسان ، لكنّهم مع الأسف غير قادرين على حماية فلسطين في مواجهة قلّة قليلة من الصهاينة ، وهذا يدلّل على ضعف المسلمين نتيجة الاختلافات الواهية ، وابتعادهم عن أُسس العزّة والعظمة ، فهل استطاع المسلمون أن يرصدوا الطعن والردّ المتقابل على منابر المسلمين وفي كتبهم وبياناتهم ؟ ! وكم أثمرت هذه الجهود لتحقيق عظمة الاسلام وشوكته ؟ ! فهل توجد أوضح من هذه القضية بأنّ التفرّق والتشتّت وانفصال أعضاء الجمع الواحد يعطي الفرصة المناسبة للعدوّ لإسقاط شوكتهم والسيطرة على جمعهم ؟ وهل من الجائز أن يتعاطف المسلمون مع أعدائهم في ضرب شوكة المسلمين ، وتمزيق الجسد الواحد ، وتفكيك المجتمع الإسلامي الموحّد ؟ !
مع أنّ عدد نفوس المسلمين يبلغ ربع العالم ويتجاوز المليار إنسان ، لكنّهم مع الأسف غير قادرين على حماية فلسطين في مواجهة قلّة قليلة من الصهاينة ، وهذا يدلّل على ضعف المسلمين نتيجة الاختلافات الواهية ، وابتعادهم عن أُسس العزّة والعظمة ، فهل استطاع المسلمون أن يرصدوا الطعن والردّ المتقابل على منابر المسلمين وفي كتبهم وبياناتهم ؟ ! وكم أثمرت هذه الجهود لتحقيق عظمة الاسلام وشوكته ؟ ! فهل توجد أوضح من هذه القضية بأنّ التفرّق والتشتّت وانفصال أعضاء الجمع الواحد يعطي الفرصة المناسبة للعدوّ لإسقاط شوكتهم والسيطرة على جمعهم ؟ وهل من الجائز أن يتعاطف المسلمون مع أعدائهم في ضرب شوكة المسلمين ، وتمزيق الجسد الواحد ، وتفكيك المجتمع الإسلامي الموحّد ؟ !
سطر ٩٠٩: سطر ٩٢٥:
إنّ التقريب يحافظ على عظمة المسلمين ووحدتهم ، ويوجد الرهبة في القلوب المريضة التي تفكّر في التعرّض والعداء للإسلام . فالمجتمع الذي يحمل شعار الإسلام وعنوانه الذي يغطّي الفجوات لا يمكن للعدوّ أن يرسخ فيه ويشقّ الصفّ ويتّخذ من الانشقاق مأمناً لتوجيه ضرباته المتتالية .
إنّ التقريب يحافظ على عظمة المسلمين ووحدتهم ، ويوجد الرهبة في القلوب المريضة التي تفكّر في التعرّض والعداء للإسلام . فالمجتمع الذي يحمل شعار الإسلام وعنوانه الذي يغطّي الفجوات لا يمكن للعدوّ أن يرسخ فيه ويشقّ الصفّ ويتّخذ من الانشقاق مأمناً لتوجيه ضرباته المتتالية .


'''3ـ بتر الأطماع .'''
3ـ بتر الأطماع .


لو تصفّحنا كتاب تاريخ الإسلام المليء بالحوادث لشاهدنا آثار أنياب الذئاب الضارية التي افترست جسد أتباع الدولة المحمّدية ، يقول الإمام محمّد الحسين آل كاشف الغطاء : « وقد عرف اليوم الأبكم والأصمّ من المسلمين أنّ لكلّ قطر من الأقطار الإسلامية حوتاً من حيتان الغرب وإفعى من أفاعي الاستعمار فاغراً فاه لالتهام ذلك القطر وما فيه ، أفلا يكفي هذا جامعاً للمسلمين ومؤجّجاً لنار الغيرة والحماس في عزائمهم ؟ ! أفلا تكون شدّة هذه الآلام وآلام تلك الشدّة باعثة لهم على الاتّحاد وإماتة ما بينهم من الأضغان والأحقاد ؟ ! وقد قيل : عند الشدائد تذهب الأحقاد » .
لو تصفّحنا كتاب تاريخ الإسلام المليء بالحوادث لشاهدنا آثار أنياب الذئاب الضارية التي افترست جسد أتباع الدولة المحمّدية ، يقول الإمام محمّد الحسين آل كاشف الغطاء : « وقد عرف اليوم الأبكم والأصمّ من المسلمين أنّ لكلّ قطر من الأقطار الإسلامية حوتاً من حيتان الغرب وإفعى من أفاعي الاستعمار فاغراً فاه لالتهام ذلك القطر وما فيه ، أفلا يكفي هذا جامعاً للمسلمين ومؤجّجاً لنار الغيرة والحماس في عزائمهم ؟ ! أفلا تكون شدّة هذه الآلام وآلام تلك الشدّة باعثة لهم على الاتّحاد وإماتة ما بينهم من الأضغان والأحقاد ؟ ! وقد قيل : عند الشدائد تذهب الأحقاد » .
سطر ٩١٧: سطر ٩٣٣:
فالاتّحاد عنصر مهمّ ومؤثّر في فضح المؤامرات وإطفاء نارها وإبطال مفعولها . أليس من العجب انتصار المسلمين الأوائل بالعدد والعدّة القليلة على أكبر إمبراطوريتين آنذاك بما لهما من قدرات وإمكانات ؟ ! واليوم تنتهك حرمات المسلمين وتغصب ثرواتهم وأراضيهم الواحدة تلو الأُخرى ، وهم على عدد وعدّة كثيرة !
فالاتّحاد عنصر مهمّ ومؤثّر في فضح المؤامرات وإطفاء نارها وإبطال مفعولها . أليس من العجب انتصار المسلمين الأوائل بالعدد والعدّة القليلة على أكبر إمبراطوريتين آنذاك بما لهما من قدرات وإمكانات ؟ ! واليوم تنتهك حرمات المسلمين وتغصب ثرواتهم وأراضيهم الواحدة تلو الأُخرى ، وهم على عدد وعدّة كثيرة !


'''4ـ تحقّق هدف الرسالة المحمّدية .'''
4ـ تحقّق هدف الرسالة المحمّدية .


ممّا لا ينبغي الشكّ فيه أنّ حبّ المسلمين لنبي الإسلام يفوق حبّهم لأولادهم وأعراضهم وكلّ شيء لديهم ، فهو أبو الأُمّة ونبي الرحمة وصاحب الخلق العظيم . فالاختلاف في العائلة أو القبيلة الواحدة يؤذي كبيرها ، ويلقي غبار الأسى على قلبه ، أما حان وقت الاتّحاد والتكاتف لإفراح قلب رسول الرحمة ، والذي سعى جاهداً لإعلاء كلمة الله وعزّ المجتمع الإسلامي ؟ ! فالنبي (صلى الله عليه وآله) لا يرضى لنا العداوة والشقاق ، فهما من عمل الشيطان :( '''إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ''' ) (سورة المائدة : 91 ) ، فالشيطان هو المنتصر عن طريق الشقاق والنفاق والنزاع والعداوة ، والذي أمرنا به رسول الله (صلى الله عليه وآله) كراراً هو الاتّفاق : ( '''واعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقوا''' ) ( سورة آل عمران : 103 ) ، ( '''وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ''' ) ( سورة الأنفال : 46 ) ، ( '''وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِمَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولئِكَ  لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ''' ) ( سورة آل عمران : 105 ) .
ممّا لا ينبغي الشكّ فيه أنّ حبّ المسلمين لنبي الإسلام يفوق حبّهم لأولادهم وأعراضهم وكلّ شيء لديهم ، فهو أبو الأُمّة ونبي الرحمة وصاحب الخلق العظيم . فالاختلاف في العائلة أو القبيلة الواحدة يؤذي كبيرها ، ويلقي غبار الأسى على قلبه ، أما حان وقت الاتّحاد والتكاتف لإفراح قلب رسول الرحمة ، والذي سعى جاهداً لإعلاء كلمة الله وعزّ المجتمع الإسلامي ؟ ! فالنبي (صلى الله عليه وآله) لا يرضى لنا العداوة والشقاق ، فهما من عمل الشيطان :( '''إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ''' ) (سورة المائدة : 91 ) ، فالشيطان هو المنتصر عن طريق الشقاق والنفاق والنزاع والعداوة ، والذي أمرنا به رسول الله (صلى الله عليه وآله) كراراً هو الاتّفاق : ( '''واعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقوا''' ) ( سورة آل عمران : 103 ) ، ( '''وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ''' ) ( سورة الأنفال : 46 ) ، ( '''وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِمَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولئِكَ  لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ''' ) ( سورة آل عمران : 105 ) .
سطر ٩٢٣: سطر ٩٣٩:
فليس من الإنصاف أن نقابل بالاختلاف جهود النبي (صلى الله عليه وآله) على مدى 23 سنة خدمة للأُمّة وتوحيدها ، بل العكس هو الصحيح ، بأن نتجنّب الخلافات والنزاعات المقيتة ونعيد البسمة لشفاه النبي ، والاتّحاد هو أقلّ الواجب على كلّ مسلم في المجتمع الإسلامي . يقول الدكتور محمّد الدسوقي : « الوحدة الإسلامية بحكم الفقه واجب شرعي ، وليس مجرّد عمل ترغيبي تبرّعي ، فهو عمل واجب على كلّ مسلم معتقد بوحدانية الله ونبوّة خاتم الأنبياء » .
فليس من الإنصاف أن نقابل بالاختلاف جهود النبي (صلى الله عليه وآله) على مدى 23 سنة خدمة للأُمّة وتوحيدها ، بل العكس هو الصحيح ، بأن نتجنّب الخلافات والنزاعات المقيتة ونعيد البسمة لشفاه النبي ، والاتّحاد هو أقلّ الواجب على كلّ مسلم في المجتمع الإسلامي . يقول الدكتور محمّد الدسوقي : « الوحدة الإسلامية بحكم الفقه واجب شرعي ، وليس مجرّد عمل ترغيبي تبرّعي ، فهو عمل واجب على كلّ مسلم معتقد بوحدانية الله ونبوّة خاتم الأنبياء » .


'''5ـ السعي لتضييق الخلاف بين المدارس الاجتهادية .'''
5ـ السعي لتضييق الخلاف بين المدارس الاجتهادية .
 
6ـ إثبات أنّ الخلاف ليس جوهرياً ، بل هو خلاف اجتهادات .


'''6ـ إثبات أنّ الخلاف ليس جوهرياً ، بل هو خلاف اجتهادات .'''
7ـ التعريف بحقيقة التقريب ; كي يصبح أكثر عملية .


'''7ـ التعريف بحقيقة التقريب ; كي يصبح أكثر عملية .'''
8ـ التنويه بأنّ المساحة الخلافية لا ينفرد بها مذهب واحد .


'''8ـ التنويه بأنّ المساحة الخلافية لا ينفرد بها مذهب واحد .'''
9ـ تحقيق التأليف والانسجام بين قلوب أتباع المدارس .


'''9ـ تحقيق التأليف والانسجام بين قلوب أتباع المدارس .'''
10ـ التأكيد على أنّ المساحة المشتركة أكبر بكثير من المساحة المختلف فيها .


'''10ـ التأكيد على أنّ المساحة المشتركة أكبر بكثير من المساحة المختلف فيها .'''
11ـ الوقوف علمياً على أساس الاختلاف لمعرفة الكوامن وليسهل إخماد البراكين .


'''11ـ الوقوف علمياً على أساس الاختلاف لمعرفة الكوامن وليسهل إخماد البراكين .'''
12ـ انصهار مصالح الجماعة الكبيرة في مصالح الجماعات الصغيرة واتّحادها ، وهذا لا يلغي إحساس الانتماء أو يكون على حسابه بل يصبّ في صالحه تماماً .


'''12ـ انصهار مصالح الجماعة الكبيرة في مصالح الجماعات الصغيرة واتّحادها ، وهذا لا يلغي إحساس الانتماء أو يكون على حسابه بل يصبّ في صالحه تماماً .'''
=ضرورة التقريب=


<nowiki>*</nowiki> أمّا ضرورة التقريب : فهي الحاجة الماسّة إلى التقريب والداعية إليه . . ويمكن إجمال أهمّية وأسباب ضرورة نجاح الجهود التقريبية فيما يلي :
أمّا ضرورة التقريب : فهي الحاجة الماسّة إلى التقريب والداعية إليه . . ويمكن إجمال أهمّية وأسباب ضرورة نجاح الجهود التقريبية فيما يلي :


1 ـ إنّ الأُمّة الإسلامية قد وصلت إلى حاله مؤلمة من الضعف والهوان بسبب التمزّق والاختلاف الذي يؤدّي إلى الشقاق والنزاع الذي نهى عنه الإسلام وحذّر منه ، وتحتاج إلى التجمّع والتوحّد تحت راية الإسلام .
1 ـ إنّ الأُمّة الإسلامية قد وصلت إلى حاله مؤلمة من الضعف والهوان بسبب التمزّق والاختلاف الذي يؤدّي إلى الشقاق والنزاع الذي نهى عنه الإسلام وحذّر منه ، وتحتاج إلى التجمّع والتوحّد تحت راية الإسلام .
سطر ٩٥٣: سطر ٩٧١:
6 ـ إنّنا كأُمّة إسلامية واحدة نحتاج إلى تطبيق آداب الخلاف فيما بيننا مبتعدين عن منهج التكفير أو التسفيه الذي يعطي لأعداء الإسلام الذخيرة الحيّة التي يضربون بها مبادئ الإسلام التي تقوم على احترام الآخر وعلى الحجّة والبرهان وحسن الظنّ بالمخالف وتغليب جانب الأُخوّة في الله على كلّ اعتبار عملاً بمبدأ « الوقاية خير من العلاج » . ولنتذكّر أنّ الأُمم التي حلّقت عالياً في آفاق التقدّم هي الأُمم التي أقرّت التعدّدية واحترمت الخلاف وقبلت بالرأي الآخر في كلّ المجالات ، وإذا كانت التعدّدية في إطار الوحدة أصلاً في بناء الأُمّة الإسلامية فنحن بحاجة ملحّة إلى العودة لهذا الأصل .
6 ـ إنّنا كأُمّة إسلامية واحدة نحتاج إلى تطبيق آداب الخلاف فيما بيننا مبتعدين عن منهج التكفير أو التسفيه الذي يعطي لأعداء الإسلام الذخيرة الحيّة التي يضربون بها مبادئ الإسلام التي تقوم على احترام الآخر وعلى الحجّة والبرهان وحسن الظنّ بالمخالف وتغليب جانب الأُخوّة في الله على كلّ اعتبار عملاً بمبدأ « الوقاية خير من العلاج » . ولنتذكّر أنّ الأُمم التي حلّقت عالياً في آفاق التقدّم هي الأُمم التي أقرّت التعدّدية واحترمت الخلاف وقبلت بالرأي الآخر في كلّ المجالات ، وإذا كانت التعدّدية في إطار الوحدة أصلاً في بناء الأُمّة الإسلامية فنحن بحاجة ملحّة إلى العودة لهذا الأصل .


وأمّا سبل مواجهة التقريب : فهي طرق مجابهة العوائق والعقبات التي تعترض حركة التقريب ، وذلك بوضع سياسات وبرامج استراتيجية ومرحلية مفيدة . ويمكن تلخيص ذلك بالنقاط التالية :
=سبل مواجهة عوائق التقريب=
 
وأمّا سبل عوائق مواجهة التقريب : فهي طرق مجابهة العوائق والعقبات التي تعترض حركة التقريب ، وذلك بوضع سياسات وبرامج استراتيجية ومرحلية مفيدة . ويمكن تلخيص ذلك بالنقاط التالية :


1 ـ إنّ من واجب كلّ الأطراف الإسلامية الحريصة على الوحدة ، والتي تعي بقوّة وشفّافية معالم خطر الحروب المذهبية التي يصنعها ساسة الغرب بفعل سياساتهم اليومية وتواطؤ فئات من كلّ الاتّجاهات والمذاهب ـ وذلك سواء عن وعي أم غير وعي ـ مع هذه السياسات ، إنّ من واجب هذه الأطراف أن تكشف بوضوح لكلّ القوى الرسمية والسياسية والشعبية النتائج التدميرية للفتنة المذهبية ، وأنّ تتحرّك بقوّة نحو كلّ القوى المعنية بالشأن الإسلامي ; لعمل كلّ ما من شأنه أن يلجم الفتنة ويمنع تداعياتها التي لن ينجو منها أحد ، وحثّها على الأقلّ لعدم التوسّل بالعنوان المذهبي لخدمة سياسات ومصالح لا تخدم مصالح الوطن والأُمّة . أمّا حالة التكفير فلا بدّ من إدانتها وفضحها بكلّ صراحة ، ومن الإقلاع عن التغطية عليها لحسابات ضيّقة ; لأنّ حسابات الأُمّة في وجودها ومصيرها وسلمها ومستقبلها أكبر من أيّة حسابات أُخرى ، هذا عدا عن أيّة صورة مسيئة وخطيرة قدّمها منطق التكفير للإسلام في العالم .
1 ـ إنّ من واجب كلّ الأطراف الإسلامية الحريصة على الوحدة ، والتي تعي بقوّة وشفّافية معالم خطر الحروب المذهبية التي يصنعها ساسة الغرب بفعل سياساتهم اليومية وتواطؤ فئات من كلّ الاتّجاهات والمذاهب ـ وذلك سواء عن وعي أم غير وعي ـ مع هذه السياسات ، إنّ من واجب هذه الأطراف أن تكشف بوضوح لكلّ القوى الرسمية والسياسية والشعبية النتائج التدميرية للفتنة المذهبية ، وأنّ تتحرّك بقوّة نحو كلّ القوى المعنية بالشأن الإسلامي ; لعمل كلّ ما من شأنه أن يلجم الفتنة ويمنع تداعياتها التي لن ينجو منها أحد ، وحثّها على الأقلّ لعدم التوسّل بالعنوان المذهبي لخدمة سياسات ومصالح لا تخدم مصالح الوطن والأُمّة . أمّا حالة التكفير فلا بدّ من إدانتها وفضحها بكلّ صراحة ، ومن الإقلاع عن التغطية عليها لحسابات ضيّقة ; لأنّ حسابات الأُمّة في وجودها ومصيرها وسلمها ومستقبلها أكبر من أيّة حسابات أُخرى ، هذا عدا عن أيّة صورة مسيئة وخطيرة قدّمها منطق التكفير للإسلام في العالم .
سطر ٩٩٧: سطر ١٬٠١٧:
الإجابة على هذه الأسئلة هي التي تحدّد مسار التقريب والوحدة أو مغارات التفريق والفتنة .
الإجابة على هذه الأسئلة هي التي تحدّد مسار التقريب والوحدة أو مغارات التفريق والفتنة .


ويستمدّ بحث الولاية والإمامة والخلافة أهمّيته من أهمّية الإجابة على هذه الأسئلة المتقدّمة . وبالتالي فإنّ الإمامة الإبراهيمية تُمهّد للوحدة الإسلامية وتُمسك بزمام الأُمّة على طريق التعاون والتناصح والتعاضد لتحقيق العبادة التوحيدية لله الواحد الأحد
ويستمدّ بحث الولاية والإمامة والخلافة أهمّيته من أهمّية الإجابة على هذه الأسئلة المتقدّمة . وبالتالي فإنّ الإمامة الإبراهيمية تُمهّد للوحدة الإسلامية وتُمسك بزمام الأُمّة على طريق التعاون والتناصح والتعاضد لتحقيق العبادة التوحيدية لله الواحد الأحد الفرد الصمد .
 
الفرد الصمد .


وفي دراسة موضوعية تعتمد منهجيّة الحياد والإنصاف يمكن استنتاج النتيجة التالية : إنّ الحاكم بمقدار صلاحه وحكمته وعدله يبني صرح الوحدة ويشيّد بنيان الأُخوّة ، وهو بمقدار فساده وحُمقه وظلمه يهدم ويفرّق ويزرع بذور العداوة والبغضاء بين الناس .
وفي دراسة موضوعية تعتمد منهجيّة الحياد والإنصاف يمكن استنتاج النتيجة التالية : إنّ الحاكم بمقدار صلاحه وحكمته وعدله يبني صرح الوحدة ويشيّد بنيان الأُخوّة ، وهو بمقدار فساده وحُمقه وظلمه يهدم ويفرّق ويزرع بذور العداوة والبغضاء بين الناس .
سطر ١٬٠٢٥: سطر ١٬٠٤٣:
عند هذه الشروط تستعيد الوحدة روحها ومصداقيتها ، حتّى يستسلم الاستعمار ويقرّ للأُمّة حقوقها ، فيعلن الخروج من الباب على أن لا يعود من الشبّاك !
عند هذه الشروط تستعيد الوحدة روحها ومصداقيتها ، حتّى يستسلم الاستعمار ويقرّ للأُمّة حقوقها ، فيعلن الخروج من الباب على أن لا يعود من الشبّاك !


فليست الأطماع الاقتصادية ، ولا الإملاءات السياسية ، ولا التواجد العسكري للدول الاستعمارية الكبرى في بلادنا اليوم وبشكلها السافر ، إلاّ لأنّنا نفتقد شروط الاستقلال والحرّية ومعاني الأُخوّة وما تحتاجه الوحدة من مسلتزمات حقيقية خارجة عن نطاق المجاملات والشعارات<sup>([[الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب في العراق#%20ftn1|<sup>[1]</sup>]])</sup> .
فليست الأطماع الاقتصادية ، ولا الإملاءات السياسية ، ولا التواجد العسكري للدول الاستعمارية الكبرى في بلادنا اليوم وبشكلها السافر ، إلاّ لأنّنا نفتقد شروط الاستقلال والحرّية ومعاني الأُخوّة وما تحتاجه الوحدة من مسلتزمات حقيقية خارجة عن نطاق المجاملات والشعارات.
----([1]) للاستزادة من معلومات محاور البحثين الثالث والرابع راجع كتابنا « المعجم الوسيط » 1 : 19 ، 63 ـ 64 ، 76 ـ 79 ، 83 ـ 84 ، 112 ـ 116 ، 154 ـ 155 ، 172 ـ 174 ، 279 ـ 281 ، 284 ـ 290 ، 304 ـ 307 ، 332 ـ 333 ، 405 ـ 410 ، 438 ـ 441 ، و2 : 10 ـ 11 ، 36 ـ 37 ، 39 ، 177 ـ 178 ، 180 ـ 182 ، 191 ـ 194 ، 198 ـ 203 ، 229 ـ 240 ، 290 ـ 299 ، 396 ـ 398 ، 409 ـ 415 ، وغيرها من الصفحات .
 
=شخصيات الوحدة والتقريب في العراق=
 
=المصدر=
 
للاستزادة راجع كتابنا « المعجم الوسيط فيما يخص الوحد والتقريب » 1 : 19 ، 63 ـ 64 ، 76 ـ 79 ، 83 ـ 84 ، 112 ـ 116 ، 154 ـ 155 ، 172 ـ 174 ، 279 ـ 281 ، 284 ـ 290 ، 304 ـ 307 ، 332 ـ 333 ، 405 ـ 410 ، 438 ـ 441 ، و2 : 10 ـ 11 ، 36 ـ 37 ، 39 ، 177 ـ 178 ، 180 ـ 182 ، 191 ـ 194 ، 198 ـ 203 ، 229 ـ 240 ، 290 ـ 299 ، 396 ـ 398 ، 409 ـ 415 ، وغيرها من الصفحات .
٢٬٧٩٦

تعديل